مجلة أهل البيت عليهم السلام العدد 12
كربلاء عاصمة الثورة
لم تحدث الثورات العربية من فراغ، ولم تخرج من رحم المجهول بل هي تضرب بجذورها إلى تاريخ الأمة المجيد، وتاخذ حرارتها من أمجاد المسلمين وتستلم جذوتها من مواقف الرجال العظام الذين قارعوا الظلم والقهر وبذلوا دمائهم رخيصة على طريق الحرية، ويأتي على رأس هؤلاء الرجال الامام الحسين بن علي عليه السلام الذي مرت ذكرى شهادته قبل أيام.
فالحسين عليه السلام أصبح امثولة ونموذجاً حياً لكل الثائرين على مدى التاريخ حتى مِن غير المسلمين كغاندي وجيفارا، كان الحسين في وجدانهم يستلهمون منه العزيمة والقوة في نضالهم ضد قوى الظلم والاستبداد.
ولاشك فإن أدبيات الثورة الحسينية وجدت طريقها في الثورات العربية التي كان شعارها هيهات منا الذلة وهي الكلمة الرائعة التي أطلقها الامام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء: "وأن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة فهيهات منا الذلة".والتي تحولت إلى شرارة تؤجج روح الثورة في الشعوب المظلومة المغلوب على أمرها.
من هنا كان الحسين عليه السلام ملهماً للثوار معبداً لهم طريق الثورة وأساليب التحدي وواضعاً بين أيديهم المنهج المؤدي إلى النصر وهو منهج غلبة منطق الدم على منطق السيف.
فالدم الذي اريق في كربلاء في اليوم العاشر من محرم من عام 61 للهجرة هو الذي زلزل عرش الطاغية يزيد و من جاء من بعده ولو بعد بضع سنوات، وامتد هذا الدم ليمدّ في عضد الأمة الروح الثورية التي رأيناها في تونس و مصر و.. والتي استطاعت أن تنتصر على الظالمين.
وكان شعار الثوار هو انتصار الدم على المدفع والبندقية.
ومن هنا أيضاً أصبحت كربلاء محجة للثوار على مدى التاريخ فعلى رباها مرّ كل ثائر وأخذ من ترابها سلاحاً لثورته.
وقد شاهدنا قبل أيام وفود الملايين الذين جاءوا لزيارة الأربعين من كل فج عميق ليشهدوا دراما انتصار الدم على السيف وليؤكدوا من جديد أن كربلاء ليست مدينة عادية بل هي عاصمة الثورات. التي اندلعت والتي لازالت في الطريق...