تصنیف البحث: الأدب العربي
من صفحة: 130
إلى صفحة: 146
النص الكامل للبحث: PDF icon 180420-221158.pdf
خلاصة البحث:

من الظواهر النحوية البارزة في أسلوب الجواهري الشعري كثرة استعماله لحروف الجر واعتمادها في كثير من بنائه الشعري وتوظيفها من الناحية الجمالية. إنَّ حرف الجر حاجة معنوية ولكنه في الشعر ليسَ كذلك وإنمّا هو حاجة لفظية قبل كل شيء، وهذا ما يؤكد عليه هذا البحث.

الجواهري شاعر مولع باستعمال حروف الجر إلى حدٍّ غريب فهو يستعمل الحرف مرة أو مرتين أو ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا في البيت الواحد.

إنَّ هذا البحث يدرس هذه الظاهرة مع كل ما يترتب عليها من آثار في البيئة الإيقاعية، وبالتالي علّنا نستطيع أن نتوصّل إلى سرّ روعة الجملة العربية عند هذا الشاعر المبدع.

البحث:

المقدمــة

لا ينكر أنَّ حروف الجر كثيرة في لغتنا العربية كما لا ينكر تشعب معاني هذه الحروف وكثرة تداخل هذه المعاني بعضها في بعض وهذه المعاني تمد ظلالها الشعرية من خلال البيت الواحد أو المقطع أو القصيدة بأفياء شعرية وارفة. وهي بلا شك تتعلق بمتعلقاتها فترتبط بها في الجملة ارتباطًا وثيقًا فضلاً عن أنها تستعمل هي ومجروراتها في أحد رُكني الجملة، فترد شبه جملة مع المبتدأ في الجملة الاسمية، كما ترد شبه جملة هذه حالاً أو نعتاً أو صلة للموصول إلى غير ذلك من المسائل النحوية الأُخرى. فالجار والمجرور يشكلان في الجملة العربية رُكناً أساسياً حيناً وفضله ربما لا يستغني عنها الكاتب أو الشاعر في تعبيرهما حيناً آخر. ولعلَّ بالشاعر حاجة إلى توظيفها معاً في الجملة الشعرية أكثر مما بغيره إليهما وذلك لما يؤديان من معانٍ كثيرة وما يقدمان من فنون بلاغية وما يسدان من ثغرات كبيرة أو صغيرة في البناء الشعري.

غير أن الجواهري يستعمل حروف الجر استعمالاً واسعاً يلفت إليه قارئ شعره إذا ما أمعنَ النظر فيه، وهذا الاستعمال يؤكد أن الشاعر كان يعطي الناحية اللفظية في شعره أهمية تكاد تكون أكثر مما يُعطيه للناحية المعنوية ولذلك فهو أحيانًا يُضحي باستقامة المعنى ووضوحه من أجل تركيبة معينة تتفق ومزاجه الموسيقي فيصيب أحيانًا وربما لا يُصيب. ومن هنا كان واحداً من هذه الاهتمامات إكثاره من استعمال حروف الجر في البيت الواحد يسدّ بها كثيراً من الفجوات والفراغات لتقوية بنائه الشعري.

ولقد تتبعت كل بيت في ديوانه ووقفت على كل حرف جر استعمله الشاعر فوجدت أن ولعه يصل أحياناً إلى استعمال خمسة أحرف في البيت الواحد([1]). لقد ادرك الجواهري أداركا واعيا خطورة الايقاع المتحرك وقدرته على السمو بفن الشعر الى ارفع الذرى، فأهتم به اهتماما بالغا،(وقد اعلن ذلك صراحة وسجله ببيان واضح، فمما يدل على ولعه الكبير بالايقاع وحرصه المتزايد على ان يكون شعره ذا فضائل ايقاعيه اكثر من أي شيء آخر، قوله)([2])

أعيذ القوافي زاهيات المطالع
لطـافا بأفواه الرواة نوافذا
 

 

مزامير عزاف اغاريد ساجع([3])
الى القلب يجري سحرها في المسامع
 

 

وهو في نص آخر يتباهى بأمتلاكه زمام ادوات الايقاع حتى انها تقاد له مطيعة كيفما شاء.

انا لي من طبيعتي قِثيار
 

 

بالذي شئت تنطق الاوتار([4])
 

 

وفي نص آخر يشير الى احكام صنعته الإيقاعية وتمكنه منها، يقول:

وهل لك والدنيا تغني بمولد
وهل لك عذر والقوافي نجبلها
 

 

لـ تموز الا ان تغني فتطربا
متى شئت قيثارا ونايا مشببا([5])
 

 

واذا اراد الجواهري ان يقدم رؤيته وفهمه للشعر، ركز على الجانب الايقاعي فيه، فهو هدهدة للسمع، وفي ذلك يقول :

يا دجلة الخير : إن الشعر هدهدةُ
 

 

للسمع ما بين ترخيم وتنوين([6])
 

 

كل هذا يظهر اهمية الايقاع عند الجواهري، بيد ان شعر الجواهري لم ينل قسطه الوافي من الدراسة الايقاعية، اذ لا يقع الباحث الا على حديث غير منفصل عن ايقاع الشعر في سياق عمل الاستاذ مقداد محمد شكر الموسوم بـ  (البنية الايقاعية في شعرالجواهري)حيث ركز الباحث على دراسة حروف المباني دون حروف المعاني وعمل د. علي عباس علوان الموسوم بـ(تطور الشعر العربي الحديث في العراق) وحديث آخر مختصر عند د. سليمان جبران في كتابه(مجمع الاضداد)دراسة في سيرة الجواهري وشعره، والبحث الموسوم بـ(الحكمة في شعر الجواهري) دراسة ادبية للدكتور علي محمد حسين الخالدي، وكتاب(لغة الشعر عند الجواهري) للباحث علي ناصر غالب ومقالة كتبها الاديب غزاي درع الطائي ونُشرت في جريدة الزمان تحت عنوان  (اطلالة على مطولة الجواهري) والدكتورة خيال الجواهري في كتابها الموسوم(مسيرة قرن) حيث جمعت العشرات من مقالات النقاد والكتاب ولا يفوتنا ان نذكر الاستاذ عبد الكريم الدجيلي  والاستاذ جبرا والاستاذ حسن العلوي والدكتور عبد الحسين شعبان والدكتور زهدي والدكتور وسام الخالدي. اذ ان معظم هذه الدراسات، لم تفرد لها دراسة مستقلة لذاتها، بل كانت تعالجها بشكل متصل مع شعر الشاعر. في هذه المعاني يكمن الدافع الذي وجهني لاختيار الموضوع ودراسته وقد يُضاف الى ذلك مما يعد دافع آخر وان الدراسة الايقاعية ذات اهمية كبيرة وضمن مستويات الدراسة النقدية،(وذلك لان الايقاع أهم ادوات التذوق الادبي التي يسعى الباحث الى الامساك بها)([7]).

وقد حاولت هذه الدراسة ان تحيل النظر في جوانب استعمال حروف المعاني واثرها في البنية الايقاعية، واستقام لها ذلك من خلال ثلاثة مباحث، كان الاول منها مخصص لمتابعة الموازنات الصوتية في حين اختار المبحث الثاني ايقاع التكرار عبر تأسيسات  التكرار العمودي والافقي، اما المبحث الثالث فكان ضروبٌ اخرى من توظيف حروف المعاني. ثم خُُتمت الدراسة بخلاصة لأهم النتائج مع قائمة المصادر مفهرسة.

المبحث الاول: الموزنات الصوتية

إنَّ أول ما يُطالعنا في ديوانه، قصيدته(الثورة العراقية)التي تقع في أربعة وسبعين بيتًا، أستعمل فيها الجواهري حرف الجر واحداً وثمانين مرة لثمانية حروف أبرزها :(من) (13 مرة)، و(في) (10 مرات)و(الياء)(9مرات)، و(على) (6 مرات). ونستمر على سبيل المثال في قصيدته(الشاعر السليب)التي تقع في تسعة عشر بيتًا، أستعمل فيها الجواهري حرف الجر خمسًا وعشرين مرة لستة حروف أَبرزها :(من)(8مرات)، و(اللام)(5مرات)، و(الياء)(3مرات).

وقصيدته(شكوى وآمال)التي تقع في ثمانية عشر بيتًا استعمل فيها حرف الجر ثلاثة وعشرين مرة لستة حروف أبرزها :(في)(8مرات)، و(من)(4مرات)، و(الياء)(4مرات)، و(اللام)(مرتان)، وقصيدته(ذكرى الوئام)التي تقع في ثلاثة وعشرين بيتًا استعمل فيها حرف الجر ثمانية وثلاثين مرة لسبعة حروف أبرزها :(في)(8مرات)، و(عن) (4مرات)، و(من) (4مرات)و(الياء) (4مرات)، و(على) (3مرات)، و(إلى)(مرتان)، و(اللام)(مرة واحدة).

وإذا أردنا أن نتتبع القصائد التي أستعمل فيها حرف الجر وما إلى ذلك تطاول البحث علينا، وحسبنا ما ذكرناه شهادة وبرهانًا([8]).

لذا أفاد الجواهري كثيراً من الجار والمجرور في موازنة البيت، ولهذه الموازنة مَزيّة جليلة في تكوين الإيقاع المتحرك، ولذلك أولاها دارسو الإيقاع عنايتهم، فهي عند بعضهم تُشكل أعمدة الإيقاع المتحرك([9])، في حين اتسعت رقعتها لدى بعضهم الآخر لتشمل جميع المقوّمات الصوتية الإيقاعية التي تُشكل مع الإيقاع العروضي البُنية الإيقاعية للشعر العربي([10])، فضلاً عن(مردودها الصوتي وفاعليتها في إغناء الإيقاع، فهي لون من أَلوان الإيقاع المُعجب في الشعر)([11])، وفضلاً عن كونها ظاهرة شعرية عامة في الشعر العربي فإنّها تبدو لنا ظاهرة ذات طابع خاص في شعر الجواهري وذلك لكثرة استعمالها وأَثر الاستعمال في الإسهام في معمارية البيت وقوته في تشكيل الإيقاع المتحرك.

وللموزنات الصوتية حضور كبير وواضح في تشكيل الايقاع المتحرك لشعر الجواهري، وأبسط صورها الموازنة المعقودة بين تركيبين متوزنين على شاكلة قوله. 

قامت على جسرٍ من الحسراتِ
 

 

يُرسى على موجٍ من العَبَرات([12])
 

 

فقد وازن بشكل رائع ومبدع بين شطري البيت مستعملاً نوعين من حروف الجر مع مجروريهما(على جسرٍ – على موجٍ)،(من الحسرات – من العبرات)وذلك ما يجعل ايقاع الموازنة اشد كثاقة واوضح حضورا.

ومثله قوله : -

 

وعلى العُيون مِنْ المغاضَةِ جمرةٌ
 

 

وعلى القُلوبِ مِنْ الهوان غُثاءُ([13])
 

 

ومثله  قوله

في الكوخ طفل غرير حوله بقر
 

 

وفي المقاصر طفل حوله سرر([14])
 

 

lكرراً نوع الحرف نفسه وبالموقع نفسه على خريطة البيت(على العيون – على القلوب)،(من المغاضة – من الهوان). ومن ذلك قوله :

وعلى العيون من الاسى رهج
 

 

وعلى الوجوه من الجوى وهج([15])
 

 

غير أنَّ الجواهري لا يكتفي بالموازنة بين شطري البيت، بل أَحياناً يجعل التوازن في موقعين عروضيين متميّزين(العروض والضرب).

فإذا ما وقع التوازن في هذين الموقعين ازدادت قابليته على استقطاب النغمة الإيقاعية، وإثارة انتباه المتلقي، ومثال ذلك قوله :-

تلُوذُ الدُّهُورُ فمِنْ سُجّدٍ
 

 

 

على جانبِيْه ومِنْ رُكّعٍ([16])
 

 

وقوله :-

تعاليتَ مِنْ مُفزعِ للحتُوفِ
 

 

وبوُرك قبرُك مِن مَفْزعِ([17])
 

 

ولا تقتصر الموازنات الصوتية في صورة تقفيات داخلية واقعة في موقع محدد من بنية الوزن على الابيات المفردة، فقد يتسع مداها لتشمل بيتين كما في قوله

سلام على طيبـات النذور
سلام على غمرات النضال
وقوله :  

ومن الزاحفين كالدود هوناً
ومن الصائلين في الحكم زوراً
 

 

سلام على الواهب النـاذرِ
سـلام على سابح ماهـر ِ([18])
 

تحت رجلي مستعمر غلاب ِ
كخيول مسومات عــراب([19])
 

 

وقد يوازي الجواهري بين تركيبين متوازينين مع الفصل بينهما بالاداة(او)التي بدت كالمرتكز الايقاعي يكتنفهُ من جانبيه التركيبان المتوازيان كما في قولــه([20]): -

والعمر كالليل نحييه مغالطة         يُشكى من الطول او يُشكى من الكسل

فقد وازن بين تركيبين متوازنين(يُشكى من الطول)و(يُشكى من القصر)في عجز البيت مع الفصل بينهما بالاداة او. كما قد يوازن بين تركيبين من دون فصل بينهما بعنصر لغوي كما في قوله :-

وطارح به سجع الحمام فإنه          لُهات على الجرحى نواحُ على الصرعى([21])

فقد جاء التوازن في هذا البيت بين تركيبين(لُهات على الجرحى)و(نواح على الصرعى)، ومما زاد من اثر ايقاع هذه الموازنة التركيبية انها اقتسمت ايقاع البحر العروضي(الطويل)بالتساوي، فاستقل كُلُّ تركيب بنصف تفعيلات العجز، أي أَنَّ كُلاً منهما كان على وزن(فعولن مفاعيلن)، وذلك ما من شأنه أَن يُبرز إيقاع البحر ويُعُّززه لتلتقطه الأذن بسهولة.

كما يلاحظ ان الموازنة في المثالين السابقين تخيرت الشطر الثاني موقعاً لها وذلك راجع(الى ان العجز في بيت الشعر يتوج التركيب ويحتضن القافية، فمن الطبيعي ان يظهر فيه اثر الفن اكثر من الصدر)([22])

    كما تظهر الموازنات الصوتية على المستوى العمودي، بعد ان كانت متجلية في المستوى الافقي في الامثلة السابقة مثل قوله([23]):

ان هذا العمر يُخترق            كاختراق الثوب بالإبر

              وهو بالاوهام يُسترق            كاستراق الغيم للمطر

والحال نفسها تكررت في قوله([24]):

مواطر الغيث حيّ جانب الوادي           وهدديه بإبراق وارعادٍ

        مدي به بُسط الاعشـاب زاهرةٍ          وطرزيها بأزهار واوراد

وقوله([25]):

وصليبُ عودٍ حين بعض مرونةٍ           في ضعفها خطرٌ من الاخطارِ

    وطريُ نفس حين بعض صلابة            في عقمها حجرُ من الاحجار

لا يخفى ان الالفاظ المتوازنة في الشطرين تتوازى على المستوى العمودي       (بإبراق – بأزهار – كاختراق – كاستراق)،(في ضعفها خطرُ من الاخطار – في عقمها حجر من الاحجار). فالقمة الايقاعية السمعية للتوازن معززة بالشكل البصري الناجم عن كتابة الشطرين بطريقة متعامدة، مما يجعله اقدر على تحريك المتلقي الذي تشدُ المماثلة الايقاعية انتباهه.

وفي ابيات اخرى يأتي ايقاع الموازنة ناشئاً من التشابه في النسق التركيبي من ذلك قوله([26]):

الشعر في تأثيره والغيثُ في           آثاره والشمسُ في الاشراقِ

(الشعر في تاثيره – والغيثُ في آثاره)

وقوله([27]):

دُمتم ودام المجدُ في تشريفه          جوداً، ودام الفضلُ في تأليفهِ

(المجدُ في تشريفه – الفضل في تأليفه)

وقوله([28]):

كالسيل في تحذيره والسيفُ في           تطبيقه والرمحُ في تثقيفه

(السيل في تحذيره – والسيفُ في تطبيقه – والرمحُ في تثقيفه)

وقوله([29]):

كالعود في اهزاجه، والسهمُ في          اصماته، والطرفُ في ايمائه

(العود في اهزاجه – والسهمُ في اصماته – والطرفُ في ايمائه)

وقوله([30]):

أفي الغنمِ أشجعُ من قسورة          وفي الغُرم أجبن من صافر

(في الغنم – في الغُرم – أشجع من قسورة – اجبن من صافر)

يلاحظ في الابيات أنها تتكون من وحدات دلالية يُشكل كل منها وحدة ايقاعية بارزة الحدود واضحة المعاني وهذا التطابق يعمل على بروز النغم.

ومن الضروري ان نقف قليلاً مع روعة امثال التقاسيم الموسيقية في شعره والتي وظف فيها الجار والمجرور في كثير منها بشكل رائع من ذلك قوله([31]):

ونمزجُ من ماء الفراتين جُرعة          بذكراه مما عب من صفوه جرعا

وقوله([32]):

  ودر بالفكر في خلد الليـالي            وجُل في الكون رأياً مستفادا

وقوله([33]):

عصفت بأنفاس الطُغاة رياحُ          وتنفسـت بالفـرحة الأرواح

وكم من خمولٍ لاح وجه مترف       وكم من نبوغ شع في عين عادم([34])

تبيتُ على وعـد قريب بفتنـةٍ        وتُضحى على قرنٍ من الشر ناجم

في اليُسر نارٌ لمسعورين أججها        نبل وفي العسرِ نارٌ شبها الحنقُ([35])

 في دمي تمشي الحـروف دماً        وسـدى تهـفُ على قلمـي([36])

وبكل بيت من قصيدي منشدٌ           وبكل حفـل من شذاتِ مجمرُ([37])

وشواهد ذلك في شعر ألجواهري كثيرة([38]).

ويبقى رصد القافية أساسًا ومصبًا لتوالي هذا التقسيم وضرورة استعمال ما يدفع القافية إلى روّيها من رفع، أو نصب، أو جر، إِلاَّ أَنَّه من الملاحظ تماماً أَنَّه مولع بأن تأتي القافية المجرورة مجرورة بحرف الجر ضمن مجيئها مجرورة بسبب آخر كالإضافة والتبعية وغيرهما، فلو أَخذنا قصيدته(أَخي إِلياس)مثالاً لذلك لوجدنا أَنَّ القصيدة تقع، مع تصريعها، في(20)بيتًا استعمل الشاعر فيها القافية مجرورة بحرف الجر في أحد عشر بيتًا منها وترك سبعة فقط للمضاف إليه، و(2)لمواضع أُخرى، وقصيدته(اللاجئة في العيد)لوجدنا أَنَّ القصيدة تقع مع تصريعها، في(118)بيتًا استعمل الشاعر فيها القافية مجرورة بحرف الجر في ثلاثة وأربعين بيتًا منها وترك أثنين وأَربعين فقط للمضاف إليه وستة وسبعين لمواضع أُخرى، وقصيدته(وحي الموقد)لوجدنا أَنَّ القصيدة تقع في(36)بيتًا استعمل الشاعر فيها القافية مجرورة بحرف الجر في سبعة عشر بيتًا منها وترك سبعة فقط للمضاف إِليه و(12)لمواضع أُخرى.

ولعل من المفيد ونحن نتحدث عن رصد القافية ان نشير الى بعض النماذج التي استعمل فيها الشاعر صيغة القافية المجرورة بحرف الجر لندلل على ما ذهبنا اليه :-

الهادياتُ خُطى الاقوام من عُصر       والمشرفاتُ على الدنيا الى عُصر([39])

   هـذا الصباحُ الذي يُلغي بناظرةٍ       على القصور، ومن اخرى على الحفرِ

  على صريعين من بؤس ومن خور      هنـا وثمة من قصفٍ ومن سمـر

   فان رأيت بثوب العيد ذا سغب          فظُن خيـراً ولا تسـأل عن الخبرِ

وقوله([40]):-

لطـافاً بأفواه الرواة نوافـذا         الى القلبِ يجري سحرها في المسامعِ

   على أنها إذ يُعوز الشعر رافدُ         تـلوحُ لـه أشباحُهـا في الطلائـعِ

وقوله([41]):-

يـا غيمة الشعر مُلتاثاً في قمـر        يا بسمة الثغر مغتراً عن النضدِ

    يا روعة البحر في العينين صافيةً        يا نشوة الجبل الملتف في العُضد

وقوله :-

لا ثورةُ النفس في الأَشعارِ أَلمَسُها      

 

 

إِلاَّالقليلَ ولاالتأثير في الخطبِ([42])

 

وقوله :-

وقُولي قد صَبْرتُ على اغتباقٍ
 

 

فماذا لوصَبرتُ على اصطِباح([43])

 

هذه الأمثلة تكشف بوضوح عن مدى اهتمام الشاعر بالحفاظ على النبرة الموسيقية، فكأن حِسِّه الإيقاعي لا يكتفي إلا أن يسعى إلى تتويجه بإيقاع القافية المجرورة.

     وهو حين يُبقي على حرف الجر نفسه في كل تقسيم، إِنما يُخالف ذلك أَحيانًا فيأتي بحروف متنوعة، والأَبيات التالية تُرينا مقدرته اللغوية الفائقة وتوزيعه المتعادل في استعمال هذه الحروف :-

إلى أَن أَقمتُ عليه الدليـ
 

 

لَ من مَبدأ بدم مُشْبَعِ([44])
 

 

       فقد استعمل حروف الجر أَربع مرات ولكنها حروف مختلفة الأنواع حين استعمل حروف(إلى، على، من، والباء)على التوالي من غير تكرار.

وقوله :-

نأت بي قُرونُ عن زُهير وردَّني
 

 

على الرُّغم منّيِ عِلْمُهُ بالطبائع([45])
 

 

وقوله :-

وجدِتُكَ في صورةِ لم أُرَعْ
 

 

بأَعظم منها ولا أَرْوَعِ([46])
 

 

وقوله([47]):-

       نذيرك من خلقٍ أطيل امتهانهُ          وإن بات في شكل الضعيف المُسالم

ويا أخا الطير في وردٍ وفي صدرٍ     في كل يوم لهُ عشُ على شجر([48])

لهفي على أمة غاض الضمير بها      من مدعي العلم والآداب والدين([49])

في كل يوم بـلا وعي ولا سببٍ        يُنزلن ناساً على حُكم ويعلينا([50])

 وتكمن القيمة الجمالية لهذا الاختلاف في الحروف، في أَنه يمثل حلقة مغلقة يرتبط فيها أول البيت بآخره، فيخرج بها عن حدود الحرف المفرد ويمثل تراكيب كاملة لتُبدي كالمرتكز الإيقاعي.

ان هذه الموازنات الصوتية ذات فاعلية ايقاعية، اذ تقوم بوظيفة الربط والتوكيل الايقاعي، و(قد يكون هذا الربط داخل اطار شطر واحد او بيت واحد، او بين البيت الشعري والذي يليه)([51])، فضلاً عن وظيفتها الجمالية المؤثرة في ايقاع القصيدة، فهي تعمل على ان يكون الايقاع اكثر وضوحاً، واعمق اثراً، لذلك شبهها صاحب خصائص الاسلوب في الشوقيات(بموسيقى الغناء التي تصاحب موسيقى الشعر، فتكسبه ايقاعاً اضافياً، وطاقة جديدة في الاداء([52])، ومن هنا تكون دالاً من دوالِ الايقاع مما تزيد انسجاماً وجمالاً بالقدر الذي يُسهم في البناء الشعري مما يجعله اقدر على تحريك المتلقي الذي تشدُ الموازنة الصوتية انتباهه، وتجعله اكثر استيعاباً للايقاع الذي تحمله ونصوص الجواهري السابقة حققت هذا المبدئ بمستوى عالٍ.

المبحث الثاني: تكرار حروف المعاني

التكرار هو ملامح البناء في شتى الفنوان([53])، وشكل من اشكال التنظيم في بناء القصيدة وعلامة بارزة في التشكيل الصوتي لها([54])من هنا تبدو اهميته في دراسة النص الشعري، وعلى وجه الخصوص الجانب الايقاعي منه، والذي يهمنا في هذا البحث هو ما يُصاحب تكرار من انبعاث للايقاع، إذ ان جميع أنماط التكرار ترتبط ارتباطاً وثيقاً ومطلقاً  بقيمة سمعية ترفد الايقاع([55])، فالأذن تنجذب الى التكرارات الصوتية قبل ان يتدبر الادراك أمر معانيها([56])، لذا يُعد تكرار الحروف المنطلق الاول في الايقاع المترك الذي يتركب منه النص الشعري، فالشاعر حينما يكرر حرفاً بغية او حروفاً مجتمعة، انما يريد ان يؤكد حالة ايقاعية او يبرز منطقة من مناطق النص بنسيج ايقاعي يوفر امتاعاً لاذان المتلقين، ومن الايقاع المبنى على التكرار، تكرار الحرف نفسه، نحو :-

في السفح، في قمم الثرى             في البحر، في خضر السهوب([57])

ويُشكل تكرار الحرف(في)هنا لازمة تتكرر اربع مرات تكراراً قائماً على التساوي في عدد التكرارات لكل شطر مما ولد ايقاعاً جميلاً ومثل ذلك تكراره لحرف الجر(الى)بطريقة توزيع منتظمة اثنين لكل شطر :-

الى"يمن" الى"حلب" تسمى           الى"مصر" الى درب الزقاق([58])

وكما كرر الجواهري حرف الجر(الى)مرتين لكل شطر، كرر حرف(على)مرة لكل شطر كما في قوله([59]):-

سلامُ على طيبات النذور          سلامٌ على الواهب الناذر

وقوله([60])كرر حرف الجر(من) :

فإني من دمع عليكم أذيله          شروبُ ومن سوداء قلبي أكالُ

وقوله في تكرار حرف الجر(في)مرة لكل شطر :-

واليوم تُشرق في النفوس وضاحة          ويُشيعُ في حلكاتها مصباح([61])

وقوله في تكرار(من)([62]):-

من ليل أيار نسيمُ عواطفي            ومن النهار وقدحة جمراتي

وقد يكرر الجواهري الحرف نفسه في الشطر الثاني من البيت، ومن ذلك تكراره لحرف الجر(الى):-

يا سامر الحي بي شوق يرمضني          الى اللذات الى النجوى الى السمر([63])

وفي بيت آخر يكرر حرف الجر(في)مرتين في الشطر الثاني، على شاكلة قوله([64]):-

مُدي إلي يداً تُمدد إليك يدُ           لا بُد في العيش او في الموت نتخذ

يبدو بجلاء ان تكرار الحرف في الشطر الثاني من البيت قد ولد ايقاعاً جميلاً، مما يدل على ان الشاعر يتجه الى اختيار الحرف وكيفية تكراره وذلك من خلال اختصاصه بضيغة ايقاعية ميزته عن غيره.

ولا يكتفي الجواهري بذلك، بل يكرر الحرف نفسه في شطري البيت كما فعل ذلك في الابيات التالية :-

من مراقي تُعمى وهوات بُؤس          من أشم ومن أخسّ أخـسّ

نحن صرعى الهُموم في كل وادٍ        وضحايا الجلاد في كل حين([65])

 نـامي علـى حُمـة القنــا         نـامي على حسد الحُسـام([66])

هو اصفى من اللُجين واوفى        في المعالي من الهضاب وأرسى([67])

يدفن شهد ابتسام في مراشفنا        عذبـاً بعلقم دمع في مآقينــا([68])

وقد يكرر الشاعر حرف الجر ضمن البيت تكراراً متنوعاً، أي أنه يورد الحرف في الصدر او في العجز من ذلك، قوله في الابيات التالية :-

اذا تخلصت من هم أطحت به       شبت هموم على انقاضه جُدد

لي ثقـة بالنـفس أنعشتهـا         كقاب قوسين من الانحـلال([69])

على نخب الندامى من هفوفٍ        بحلو الذكريات ومن مجيب([70])

وألواح كوجه الصبح بيضُ           يُحلل بالسواد لها فضـول([71])

ولم ار في الضرائب مثل ضدٍ       الى ضدٍ نقيض من ضريب([72])

ويبدو ان هذه الابيات كلها قد توفرت على درجة عالية من التناغم الايقاعي بفعل تكرار حرف الجر بشكل متنوع مرات عديدة، فاذا ما تكرر صوت الحرف كان كأنه ثغرة تتبع اخرى على وتر واحد فيتميز الرنين، ويقوى باعث الايقاظ والتأثير([73])، وذلك ادعى الى اثارة الاشباه من لدن المتلقي، لأن التكرار الحرفي صيغة خطابية رامية الى تلوين النص الشعري بمميزات صوتية مثيرة، هدفها اشتراك الآخر(المتلقي)في عملية التواصل النغمي، ولذلك(يعد التلازم الحرفي من اهم خصائص الخطاب الشعري في البنيات التشاكلية([74]).

ولا يكتفي الجواهري بتكرار الحرف افقياً على مستوى البيت، بل قد يكرره ايضاً تكرارا عمودياً على مستوى ابيات متعددة. فمما تكرر فيه الحرف تكراراً عمودياً قوله :-

        ومن ضحكاتك العذبات صٌبحاً          ام النـاعيك ليلاً يُستـزاد ؟

        ومن إنسان عيني ام سـواه            يُجـلل بيتك الألق السـواد ؟

        ومن ذكرى ترق ام افتقـاد            مشقُ تؤودني الكربُ الشداد ؟([75])

وقوله :-

      على النخيل ذي السعفات الطوال          على سيد الشجـر المُقتنى

      على الرطب الفـض إذ يجتلى            كوشي العروس وإذ يُجتنى([76])

وقوله كذلك :-

ومن الصدور الحابسات زئيرها          ومن النفوس ومن اللهيب اذا أدنى([77])

ومن السجـون الداجيات فإنهـا           كانت وما زالت لبـاغٍ مدفنـا

ومن السياط فإن حُر نشيدهــا           بنـاهية الجـلاد كان مُلحـنا

سلامُ على يومها المجتلى               من التضحيات به الباهـر

سلامُ على غدها المُرتجى              على باطن منه او ظاهـر

سلامُ على المُهج الطاهرات             تسيلُ على الوطن الطاهر

تعاليت من محنقٍ لا يطيق              بياناً سوى النظر الخازر([78])

تعاليت من عاجــز قادرٍ             وبوركت من دارع حاسر

تعاليـت من قـدوةٍ تقدى              ومن مثـل مُنجح سائـر

بك والضحايا الغُر يزهو شامخاً        علمُ الحساب، وتفخر الارقام([79])

بك والذي ضم الثرى من طيبهم        تتعطـر الارضـون والأيامُ

بـك يُبعث الجيـل المُحتم بعثهُ        وبـك القيامة للطغــاة تُقامُ

وبك العتاةُ يُحشرون وجوهـهم        سـودُ، وحثو أنوفهم إرغامُ

هذا التكرار لحرف الجر أسهم في ايجاد الترابط المتين بين الابيات، فقد اصبح الحرف بؤرة ينبثق عنه المعنى كل مرة، ثم تتضافر المعاني لإنتاج الصورة الكلية أي اراد الشاعر رسمها، فالتكرار العمودي لحرف الجر في تلك الابيات قام بوظيفة ايقاعية متمثلة في اعادة الصورة السمعية للحرف من جهة، وبوظيفة بنائية تجلت في تهيئة جسر رابط بين هذه الابيات وذلك عن طريق تصدير الابيات كُلها بحرف واحد يتكرر، فيعمل هذا الحرف المكرر على شد الابيات الى بعضها من خلال الايقاع.

المبحث الثالث: ضروب اُخرى من توظيف حروف المعاني

وثمة في شعر الجواهري ضرب آخر من توظيف حروف المعاني الذي افاد منها في تغذية الجانب الايقاعي المتحرك لنصوصه الشعرية، وهو توظيفه للحرف واستخدامه له حين يوصله لغيره فيستفيد مما يصيبه من تشديد يشد الفاظ البيت الواحد من ذلك :(عما، مني، لي، إلي، مما)ومن استعماله(عما)قوله([80]):-

       سائلي عمـا يورقنـي                 لا تكن خصمي ولا حكمي

 لي نفسٌ كيف بتصعـيدهِ                  والشوق مني آخذ بالخناق

فحاسب القوم عن كل الذي اجترحوا     عما اراقوا وما اعتلوا وما احتكروا([81])

ومن استعماله(إلي)قوله([82]):-

فشكت إلي لغُى تضيق حروفها         عن ان تُسيغ السجع والاوزانا

ومن استعماله(لي)قوله([83]):-

ارجعي ما استطعتِ لي من شبابي      يا سهولاً لا تدثرت بالهضاب

ومن استعماله(مما)قوله([84]):-

يا صـاحب المتعذبين وعنده           مما يعانون العذاب الاكبر

 

ولعلَّ أروع من كل ذلك استعمال حرف الكاف الذي له ما يُميزه عن باقي الحروف لكونه يستعمل أكثر ما يستعمل في التشبيه. والتشبيه أسلوب بلاغي يعتمد الشاعر كثيراً في رسم كثير من صوره الشعرية ولا تتعدى وظيفته أن يأتي لهذا الغرض فحسب وإنما هو يشدّ الأبيات بعضها ببعض بما يرسم من صور متلاحقة ولذلك فتكراره أمرٌ ضروري أحيانًا في شدّ القصيدة وتقوية بنائها. لننظر معاً إلى الأبيات المتتالية :-

 

فأنا كالموج منصرماً
وأنا كالبرق منطلقًا
وأنا كالعود يقضمه
 

 

في عُباب غير منصرم([85])
فات حتى خيلَ لم يُشم
سارب من سارح النَّعم
 

 

وقوله([86]):-

إِنَّ الرجولة حرّة
بنت الطبيعة كالندى
كالزهر يَحمل شوكه
 

 

كالبحر في مَدٍّ، وجزرِ
كالبحر، كالنسمات تسري
وبجنبه نفحاتُ عطر
 

 

وقوله([87]):-

غِضرُ الفتوةَ كالصبا خش الشبــا
 

 

كشبا الحِمام، وكالمروءة لينا
 

 

وقوله([88]):-

            وأقـام الشعب جمهوريةً          كسنا الشمس متى ما تعلُ تُدنُ

وقوله([89]):-

      حُسم الوداع فنحن في يده         كالطفـــل حين يُهزه مهدُ

وقوله([90]):-

  وما شمس الظهيرة وهي تغلي       كمثل الشمس قاربت الزوالا

 

   ومن المناسب أَن يُذكر الحرف(رُبَّ)الشبيه بالزائد واحدًا من الحروف المتميزة في الشعر وهو يرد كثيرًا عند غيره من الشعراء، وربما كان فيه من عوامل الحاجة إليه في الشعر، بالنظر إلى التشديد على انه صوتان مُدغمان عن طريق تضعيف الحرف الذي غدا موضع ارتكاز نغمي، وقد يرد وحده من ذلك قوله :-

ويَتخلفُ البُناةُ، ورُبَّ بان
 

 

بَنى مِنْ فِكرة صَرْحًا وشـادا([91])
 

 

وقوله :-

رُبَّ ليلٍ سهِرتُه أَرُقبُ النجـ
 

 

م بعين المدلَّهِ المعمودِ([92])
 

 

وقوله :-

رُبَّ مليونِ جُثةٍ في نعوشٍ
 

 

من بُطون الوحوش عَبر البيد([93])

 

أو تأتي(رُبَّ)محذوفة بعد الواو مع بقاء عملها الجر وهذا غلباً ما يقع في أول الأبيات من ذلك قوله :-

وليلٍ به تمَّ السنا عن سدوفه
 

 

فنَّمت بما تُطوَى عليه الأَضالعُ ([94])
 

 

وقوله :-

ومؤتمرٍ تعجَّلَ عاقد.وه
 

 

ومؤتمرٍ سيؤذِنُ بانعقادِ([95])
 

 

ومن روائع توظيفه استعماله حرف الجر مع الضمائر وبذلك يستطيع أَن يستخدم أكبر عدد من حروف الجر في البيت الواحد ومن أَمثلة ذلك قوله:-

وسُقنا الناسَ مُكْرهةً عليه
 

 

على يــدِ ناعميــنِ به وقاحِ([96])
 

 

وقوله كذلك([97]):-

أَعِيْذُك من مصير نحنُ فيه
 

 

لقد عُوِّذْت مِنْ أَجل مُتاحِ
 

 

وقوله([98]):-

أَقَّلتني من الزوراء ريحُ
 

 

إلى "يافا" وحلَّقَ بي عُقابُ
 

 

وقوله([99]):-

      مني اليك سلام لا يقوم له           سنُ اليراع ولا يقوى به الورقُ

وقوله([100]):-

أنا لي دينان : دينُ جامعُ            وعراقي وغرامي فيه دينُ

وقوله([101]):-

أنا العراقُ لساني قلبه ودمي           فراته وكياني منه أشطار

والجواهري حين يولع باستعمال حروف الجر بهذا القدر الذي مثلنا له إنما يصل احياناً الى استعمال خمسة مواقع لحروف الجر من مثل قوله([102]):-

ويا أخا الطير في وردٍ وفي صدرٍ          في كل يـوم له على شجر

فقد استعمل(في)ثلاث مرات فضلاً عن حرفين آخرين هما(له – على)وقوله كذلك([103]):-

فمن عناءٍ بليات نُهكت بها           الى عناءٍ ومن داءٍ الى داءٍ

فقد استعمل(الى)مرتين و(من)مرتين فضلاً عن حرف آخر هو(بها).

 ومن استعمله اربعة مواقع لحروف الجر قوله([104]):-

عن نخب الندامى من هتوفٍ          بحلو الذكريات ومن مجيب

فقد استعمل(من)مرتين فضلاً عن حرفين آخرين هما(على والياء)وقوله كذلك([105]):-

لن أتـوب وفي دمشـقٍ        هوى أصلي عليه ويصطلي بي

 

وقوله وقد استعمل ثلاثة مواقع لحروف الجر كقوله([106]):-

وقد حمدتُ شفيعاً لي على رشدي        أماً وجدت على الاسلام وأبا

وهي كما يلاحظ كثيرة([107])فكأنما تعهد الشاعر الاكثار منها سداً لرغبته الملحة في تطريز ابياته في هذه الحروف فيكسو البيت بذلك جمالاً ايقاعياً مردهُ الى اُنس المُتلقي.

 ولعلَّ أوضح دلالة لولع الجواهري بحروف الجر انه اهتم بمطالع قصائده اهتمامًا كبيرًا لذا بدأ بعضها بحروف الجر ومجرورة لا على سبيل ما يدل عليه الحرف من المعنى ولا من أجل مُعلقة أو مجرور وإنما وجد الشاعر في هذا الحرف نفسه أساسًا متينًا يقيم عليه البيت ثم القصيد، ومثال ذلك قوله :-

على رغم أَنفِ الموت ذكرُك خالدُ
 

 

ترنُّ بسَمع الدهر منك القصائدُ([108])

 

ومثل هذه البداية قصيدته :-

في ذمَّةِ الله ما أَلقى وما أَجدُ
 

 

أَهذه صَخرةُ أَم هذه كبِدُ([109])

 

وكذلك مطلع قصيدته :-

مِنْ جديدٍ شمِمْتُ عطرَك يَندَي
 

 

وتمَّنيت من لقائك وَعْدا([110])

 

ومن ذلك مطلع قصيدته :-

بقلبي أَمْ بنعشكَ حين مادُوا
 

 

ودمعي أَمْ رثاؤُكَ يُستعادُ([111])

 

وقوله([112]):-

برغم الاباء ورغم العُلى            ورغم أنوف كرام الملا

 

قد لا يكتفي الشاعر في مطلع قصيدته وإِنما يأتي بجارين أحدهما في الصدر والآخر في العجز من ذلك قوله([113]):-

على مجلسي مادمتُ حيًا أَخطُّها
 

 

وفي مرقدي أَن مِتُّ خُطوُّا نصائحي
 

 

وقوله([114]):-

ومن الفَظاعةِ أَنْ يُمَدَّ رَعيَّةُ
 

 

في ظِلِّ دستور لها وشِعارِ
 

 

ومثل ما يوظف الجواهري حرف الجر لمطلع قصيدته يوظفه لقافيته من ذلك قوله([115]): -

ومشتْ عرسي لتُسعِفَني
 

 

وكما تهوَى لتشمَتَ بي
 

 

وقوله([116]):-

إِيهِ لُبنانُ والحديثُ شجونُ
 

 

هل يُطيقُ البيانُ دَفْعًا لما بي ؟
 

 

ولما كان تحسين المطالع مما يهتم به الشعراء كثيراً، لذا نرى الجواهري لا يغفل ذلك من القيمة الايقاعية لمطالع قصائده

إذ هي الطليعة الدالة على ما بعدها المتنزَّلة من القصيدة منزلة الوجه والغُرة، تُزيدُ النفس بحسنها ابتهاجاً ونشاطاً لتلقي ما بعدها([117]).

اما من حيث استعمال الجواهري حروف المعاني فيما يخص الكثرة والقلة فمن المعلوم انَّ عدد حروف الجر كما وردت في كتب النحو عشرون حرفًا([118])، وليست جميع هذه الحروف متساوية في الاستعمال كما إنها ليست جميعها صالحة للبناء الشعري ولذلك فأن الحروف التي استخدمها الجواهري في أغلبها هي الحروف الأصلية الكثيرة الاستعمال والمتداولة بين الكُتّاب والشعراء، وليس بين النحاة، ولعلَّ أبرز هذه الحروف(من، في، الباء، على، اللام، عن، إلى)، تُضاف إليها(رُبَّ والواو)إلاَّ أَنَّ هذه الحروف يختلف استعمالها باختلاف الحاجة إليها أو إلى ميل الشاعر إلى استعمالها. ومن الملاحظ أَنَّ الجواهري شديد الولع في استعمال الحرف(من)أكثر من غيره وذلك للتناغم الموجود في حرف الميم وحرف النون كلٍّ على حده وللتجانس بين الحرفين في هذا التناغم.

ففي قصيدته(أَرح ركابك)التي بلغ عدد ابياتها(127)استعمل الشاعر حرف(مِنْ)(44مرة)، وفي قصيدته(يا بن الفراتين)بأبياتها(164)استعمل(مِنْ)(44مرة)كذلك، وفي قصيدته(يا دجلة الخير)بأبياتها(173)استعمل(مِنْ)(45 مرة)، وفي قصيدته(ذكريات من أَثينا)بأبياتها(66)استعمل الشاعر(مِنْ)(20مرة).

وبعد(مِنْ)يأتي الحرف(في)([119])، ولا نجد تعليلاً لكثرة استعماله إياها إلا كونها حاجة لغوية لابدَّ منها في التعبير عن معانيها المتعددة، ثم تأتي بعد ذلك الحروف الأُخرى بقلَّة وكثرة من دون تمييز.

الخاتمـة

  1. من كل ذلك نتوصّل إلى أَنَّ الحروف التي استعملها الجواهري في أغلبها هي الحروف الأصلية الكثيرة الاستعمال المتداولة بين الكُتاب والشعراء، وليسَ بين النحّاة، الا ان هذه الحروف يختلف استعمالها باختلاف الحاجة اليها او الى ميل الشاعر الى استعماله.
  2. إنَّ هذا الاستخدام يؤكد أَنَّ الشاعر كان يُعطي الناحية اللفظية في شعره أهمية تكاد تكون أكثر مما يُعطيه للناحية المعنوية، وذلك فهو احياناً يضحي استقامة المعنى ووضوحه من اجل تركيبة معينة ومزاجهُ الموسيقي فيصيبُ احياناً وربما لا يصيب.
  3. أفاد الجواهري كثيراً من دور الجار والمجرور في موازنة البيت الشعري، وهذه الموازنة فضلاً عن كونها صفة شعرية عامة في الشعر العربي، فإنّها تبدو لنا صفة ذات طابع خاص في شعر الجواهري، وذلك لكثرة استعمالها واكثر من هذا الاستعمال في الاسهام في البنية الايقاعية وقوتها.
  4. اعتمد الشاعر على تكرار حرف الجر في توليد صور مختلفة يرتبط كلّ منها باللفظ المكرر، وفي هذا دليل على قدرة الشاعر وتمكنه من اشتقاق المعاني التفصيلية، التي يوطّد بها المعنى العام.
  5. والجواهري حين يولع باستعمال حروف الجر بالقدر الذي مثّلنا له إنّما يصل أحيانًا الى استعمال خمسة مواقع بحروف الجر في البيت الواحد ليسد بها كثيراً من الفجوات والفراغات لتقوية بناءه الشعري. وقد جرت الاشارة اليها في هذا البحث.
  6. ظهر من خلال البحث ان تكرار الحرف المنطلق الاول للايقاع المتحرك الذي يتركب منه النص الشعري، فالجواهري حينما يكرر حرفاً بعينه او حروفاً مجتمعة، انما يريد ان يؤكد حالة ايقاعية او يبرز منطقة من مناطق النص بنسيج ايقاعي يوفر من خلاله امتاعاً لآذان المتلقين.

المصادر والمراجع

  • الاسس الجمالية للايقاع البلاغي في العصر العباسي، د. ابتسام احمد حمدان، دار القلم العربي، حلب – سوريا /ط1/ 1997.
  • اطلالة على مطولة الجواهري، غزاي درع الطائي، جريدة الزمان، بتاريخ 24/6/2009.
  • البنان الصوتي في البيان القرآني، د. محمد حسن شرشر، دار الطباعة المحمدية، القاهرة /ط1/ 1988.
  • البنيات الدالة في شعر امل دنقل، د. عبد السلام المساوي، مطبعة اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1994.
  • البنية الايقاعية في شعر الجواهري، مقداد محمد شكر قاسم، عمان، دار دجلة، 2008.
  • تحليل الخطاب الشعري، البنية الصوتية في الشعر، د. محمد العمري، دار العالمية للكتاب، الدار البيضاء /ط1/ 1990.
  • التكرار في الشعر الجاهلي، دراسة اسلوبية، د. موسى ربابعة، مجلة مؤتة للبحوث والدراسات، العدد 1، 1990.
  • تمهيد في النقد الحديث، روز غريب، دار المكشوف، بيروت – لبنان /ط1/ 1971.
  • جرس الافاظ ودلالتها في البحث البلاغي والنقد عند العرب، د. ماهر مهدي هلال، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1980.
  • حروف القرآن، دراسة دلالية في علمي الاصوات والنغمات، د. نعيم اليافي، مجلة الفيصل، العدد 102، السنة التاسعة، ذو الحجة، 1405 هـ - 1985م.
  • خصائص الاسلوب في الشوقيات، محمد الهادي الطرابلسي، منشورات الجامعة التونسية، المطبعة الرسمية – تونس، 1981.
  • ديوان الجواهري، محمد مهدي الجواهري، جمعه وحققه واشرف على طبعة د. ابراهيم السامرائي. د. مهدي المخزومي ود. علي جواد الطائي ورشيد بكتاش، مطبعة الاديب البغدادية – العراق، 1973.
  • الشعرية، قراءة في تجربة ابن المعتز العباسي، د. احمد جاسم الحسيني، دار بنشر للنشر والتوزيع – دمشق /ط1/ 2000.
  • المكونات الصوتية للايقاع وانماطه في الشعر والنثر، حامد مزعل حميد الراوي، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الآداب لجامعة بغداد، 1996.
  • من جماليات ىيقاع الشعر العربي، د. عبد الرحيم كنوان، دار ابي رقراق للطباعة والنشر، -الرباط /ط1/ 2002.
  • منهاج البلغاء وسراج الأدباء، ابو الحسن حاز القرطاجني، تقديم وتحقيق محمد الحبيب، دار الكتب الشرقية – تونس، 1966.
  • نحو علم العروض المقارن، د. سيد البحراوي، مجلة المعرفة، العدد 295، 1986.
  • النحو الوافي، عباس حسن، القاهرة، 1963.

 

The Impact of the Meanings of prepositions in the rhythmic Foundation  of Al- Jawheri's poetry

 

      One of the Obvious syntactic phenomenon in Al- Jwahiri poetic style is his excessive use of preposition and his reliance on it in much of his poets.

The preposition is a moral need but in poetry is not. It is an articulary need before anything and this what this research confirms.

Al- Jwahiri is attached to use prepositions to a large extent , therefore , he use the preposition once , twice or three times or even four times in a single verse of poetry.

This research studies this phenomenon with all its consequences in poetry , perhaps it may be possible for us to assimilate the secret of the beauty of the Arabic sentence in the writings of that poet.

 

([1])- ديوان تنظر الابيات، ج5، ص758، ج5، ص871، ج3، ص484، ج5 ص78.

([2]) - البنية الايقاعية في شعر الجواهري، مقداد محمد شكر، ص33.

([3])- الديوان، ج3 ص 22.

([4])- م.ن، ج5، ص137.

([5])- م. ن ج7، ص 123.

([6])- م. ن، ج5، ص89.

([7])- الاسس الجمالية للايقاع البلاغي في العصر العباسي، د. ابتسام احمد حمدان، ص7.

([8]) - أنظر قصائده(الروضة الغنّاء)، ج1 ص98،(النشيد الخالد)ج1 ص102،(سلام على أرض الرصافة)ج1 ص103،(صوت من النجف)ج1 ص105،(نذكر العهود)ج1 ص110،(يا فراتي)ج1 ص111،(النجوى)ج1 ص112،(سبيل الجماهير)ج2 ص239،(إلى البعثة المصرية)ج2 ص249،(وردة بين أشواك)ج2 ص274،(قتل العواطف)ج2 ص317،(ثورة النفس)ج2 ص326،(أجب أيها القلب)ج3 ص396،(اللاجئة في العيد)ج4 ص628،(أزح ركابك)ج5 ص88.

([9])- قراءة في تجربة ابن المعتز العباسي، دكتور احمد جاسم،  ص127.

([10])- تحليل الخطاب الشعري، البنية الصوتية للشعر، د. محمد العمري، ص 11.

([11])- تمهيد في النقد الحديث، روز غريب، ص 105

([12])- الديوان، ج4 ً 728.

([13])- م.ن، ج4، ص58.

([14])- م. ن، ج4، ص723.

([15])- م. ن، ج3، ص58

([16])- الديوان، ج3، ص491.

([17])م. ن، ج3، ص491.

([18])- م. ن ج4، ص 618

([19])- م.ن، ج2، ص 382

([20])- م. ن، ج5، ص314

([21])- الديوان، ج5، ص117

([22])- خصائص الاسلوب في الشوقيات، ص77

([23])- الديوان، ج5، ص117.

([24])- م.ن، ج5، ص117.

([25]) - م. ن، ج3، ص140.

([26])- الديوان، ج1، ص 34.

([27])- م. ن، ج1، ص135.

([28])- م. ن، ج1، ص134.

([29])- م. ن، ج1، ص124.

([30])- م. ن، ج4، ص712.

([31])- الديوان، ج4، ص428.

([32]) - م.ن، ج4، ص 429.

([33])- م. ن، ج4، ص712.

([34]) - م.ن، ج2، ص 378.

([35])- م. ن، ج6، ص 1010.

([36])- م. ن، ج6، ص969.

([37])- م. ن، ج6، ص590.

([38])- أنظر : أمثلة على ذلك في ديوانه، ج4 – ص707، ج3 – 433، ج5 – ص776، ج2 – ص372، ج2 – ص316، ج5 – ص756، ج3 – ص580، ج4 – ص688، ج2 – ص454، ج4 – ص688، ج5 – ص8

([39])- الديوان، ج4، ص628.

([40])- م.ن، ج3، ص396.

([41])- م. ن، ج3، ص407.

([42]) - الديوان، ج2، ص316.

([43])- م. ن، ج4، ص444.

([44])- م. ن، ج3، ص493.

([45])- م. ن، ج3، ص398.

([46])- م. ن، ج3، ص493.

([47])- الديوان، ج5، ص192.

([48]) - م. ن، ج5، ص888.

([49])- م. ن، ج5، ص781.

([50])- م. ن، ج4، ص199.

([51])- المكونات الصوتية للايقاع وانماطه في الشعر والنثر، حامد مزعل حميد، ص176.

([52])- خصائص الاسلوب في الشوقيات، محمد الهادي، ص77.

([53])- حروف القرآن، دراسة دلالية في علمي الاصوات والنغمات، د. نعيم اليافي، ص106.

([54])- نحو علم للعروض المقارن، د. سيد البحراوي ، ص 117.

([55])- جرس الافاظ ودلالتها  د. ماهر مهدي، ص139.

([56])- البنيات الدالة في شعر امل دنقل، د.عبد السلام المساوي، ص69.

([57])- الديوان، ج5، ص758.

([58])-  م. ن، ج5، ص871.

([59])- م. ن، ج4، ص 618.

([60])- الديوان، ج1، ص130.

([61])- م. ن، ج4، ص 712.

([62])- م.ن، ج4، ص 727.

([63])- م.ن، ج5، ص314.

([64])- م. ن، ج2، ص352.

([65])- م.ن، ج5، ص 191.

([66])- م.ن، ج4، ص73.

([67])- الديوان، ج1، ص237.

([68])- م.ن، ج4، ص199.

([69])- م. ن، ج7، ص1065.

([70])- م. ن، ج7، ص 1053.

([71])- م. ن، ج7، ص1053.

([72])- م. ن، ج7، ص 1064.

([73])- البناء الصوتي في البيان القرآني، د. محمد حسن شرشر، ص91.

([74])- من جماليات ايقاع الشعر العربي، د. عبد الرحيم كنوان، ص 290.

([75])- الديوان، ج4، ص 709.

([76])- م. ن، ج3، ص484.

([77])- م.ن، ج4، ص 709.

([78])- م. ن، ج4، ص619.

([79])- م. ن، ج3، ص 269.

([80])- م. ن، ج6، ص126.

([81])- م.ن، ج2، ص362.

([82])- م. ن، ج2، ص 373.

([83])- م. ن، ج2، ص 380.

([84])- م. ن، ج4، ص590.

([85])- الديوان، ج6، ص968.

([86])- م. ن، ج7، ص1032.

([87])- م. ن، ج7، ص707.

([88])- م. ن، ج4، ص721.

([89])-.م. ن، ج4، ص704.

([90])- م. ن، ج3، ص410.

([91])- الديوان، ج3، ص430.

([92])- م. ن، ج5، ص768.

([93])- م. ن، ج5، ص768.

([94])م. ن، ج5، ص768.

([95])-. م.ن، ج4، ص531.

([96])- الديوان، ج3، ص445.

([97])- م. ن، ج3، ص455.

([98])- م.ن، ج3، ص450.

([99])-. م. ن، ج6، ص1010.

([100])- م.ن، ج1، ص132.

([101])- م. ن، ج4، ص697.

([102])- م. ن، ج5، ص888

([103])- م.ن، ج2، ص91.

([104])-  الديوان، ج7، ص1065.

([105])- م. ن، ج7، ص1065.

([106])- م. ن، ج1، ص117.

([107])- ينظر الديوان، ج4، ص690 – 689، ج2، ص374.

([108])- الديوان، ج2، ص353.

([109])- م.ن، ج2، ص375.

([110])- الديوان، ج4، ص636.

([111])- م. ن، ج4، ص636.

([112])- م. ن، ج3، ص476.وينظر :م.ن، ج5، ص832 و ج1، ص123 وج2، ص282 و ج3، ص 476.

([113])- م.ن، ج1، ص120.

([114])- م.ن، ج3، ص451.

([115])- م.ن، ج4، ص689.

([116])- م.ن، ج2، ص382.

([117])- منهاج البلغاء وسراج الادباء، ص 309.

([118])- النحو الوافي، عباس حسن، ج2، ص338.

[119] - ينظر الديوان، ج1، ص63، ص71، ص80، ص87، ص112، ج2، ص253، ص259، ص266، ص272، ص369، ج3، ص396، ص402، ص476، ص498، ص562، ج4، 584، ص610، ص634، 702، ص719، ج5، ص754، ص772، ص835، ج6، ص976، ص984، ص1009، ج7، ص1028، ص1105، ص 1104.