مجلة أهل البيت عليه السلام العدد 25

الجامعة .. والاصلاح
أكاد أجزم بأن جامعاتنا بالأخص في العراق لاعلاقة لها بما يدور في المجتمع من تحولات وتطورات فهي تعيش في عزلة تامة، فقد حصرت نفسها بمهمات التعليم فقط، وكأن مسؤوليتها اعداد الطلبة خلال السنوات الدراسية المقررة وتنمية قدراتهم العلمية وحسبٌ ولادخل لها بما يجري في البلاد من احداث وتطورات، بينما المؤمل من الجامعة أن تسهم مساهمة كبيرة في بناء الوطن وتطوير الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما يكفل تقدم متواصل للدولة وسباق مستمر مع الدول المتقدمة.
وللوهلة الاولى عند ما ننظر الى الدول المتحضرة، نجد أن تقدمها مرهونٌ بنتائج الابحاث التي تنجزها جامعاتها. أي بصريح العبارة؛ أنّ الجامعات في الدول المتقدمة هي التي تقود هذهِ الدول، فالاستراتيجيات والقرارات التي تتبناها حكومات هذهِ الدول كلها لابُدَّ أن تمرّ من خلال مراكز الابحاث العلمية التي تقوم باعداد دراسات عن جميع القرارات والاستراتيجيات قبل تطبيقها وبعد التطبيق أيضاً لمعرفة مدى صدقيتها على الواقع.
وفي عراقنا المثقل بالمشاكل هناك العشرات من القضايا التي بأستطاعة الجامعات المساهمة في وضع الحلول لها، ومنها على سبيل المثال:
قضايا تتعلق بالدستور العراقي، التعديلات وآليات التطبيق وحتى الرقابة على التطبيق، ودستورية الكثير من القوانين التي يصدرها مجلس النواب.
قضايا تتعلق بعمل مؤسسات الدولة كالوزارات ودوائرها ومجلس النواب ولجانه والقضاء وشعبه المتعددة وكيفية تطوير هذه المؤسسات ومعالجة أسباب التلكؤ وضعف ادائها.
طرق واساليب مكافحة الفساد، فقد عجزت الدولة في مواجهة هذه الأزمة فلابد من دراسات وبحوث تستطيع أن تضع امام السلطات السبل الكفيلة بمواجهة هذه القضية.
قضايا الثقافة، وما يعانيه المجتمع العراقي من ركود ثقافي وهجمة من ثقافات غريبة عنه مستوردة لاتتناسب واخلاقياته.
قضايا تتعلق بالانتاج الزراعي والحيواني في بلد كانت الزراعة تشكل العمود الفقري في اقتصادياته.
قضايا تتعلق بالصناعة العراقية واسباب توقفها، ومعالجة المشكلات الأساسية التي يعاني منها هذا القطاع وكيفية تطوير الصناعة العراقية لتصبح في مصاف الدول الصناعية المتقدمة.
تجارة النفط وعملية انتاجه التي لاتخضع لمعايير اقتصادية واحتساب كمية الانتاج بما يضمن مستقبل هذه المادة القابلة للنضوب.
القوانين التي يحتاجها البلد لتطوير التجارة الخارجية والداخلية بما يضمن حماية كافية للمنتج المحلي.
القوانين التي يحتاجها البلد لمواجهة إنتشار الجريمة كعمليات الخطف والقتل المسلح والسرقات المسلحة، فهي بحاجة الى تقييم في ضوء المستجدات وبما يكفل الحد منها ومن انتشارها.
القضايا الاجتماعية، وكيفية مواجهة الاخطار التي يتعرض اليها المجتمع العراقي كارتفاع نسبة الطلاق وانتشار البطالة وانتشار المخدرات والانهيار الأخلاقي.
كل هذه القضايا وغيرها التي لم نأت على ذكرها بحاجة الى دراسات معمقة تقوم بها الجامعات من خلال مؤتمراتها وندواتها واطروحات طلبة الدراسات العليا تعمل على تحليل هذه المشكلات للوصول الى الحلول الكفيلة بمعالجتها، ومن ثم توضع هذه الحلول بين ايدي المسؤولين الذين يتعاملون معها بمسؤولية عالية وبموضوعية كبيرة تنقل البلد مما هو فيه الى واقعٍ أفضل.