مجلة أهل البيت عليهم السلام العدد 21
المهدي والمهدوية
ليس هناك من ينكر ظهور المخلص في آخر الزمان يأتي لينقذ البشرية من ظلمات الجهل وصليل الحروب وفرقعة السلاح حتى الإنسان البدائي في مجاهيل افريقيا يعتقد بوجود هذا المخلص.
المسلمون باجماعهم يقرون بوجوده، ويطلقون عليه اسم (المهدي) مستندين إلى أحاديث عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم حيث روي عنه في مستدرك الحاكم النيسابوري([1]) لاتقوم الساعة حتى تملأ الأرض ظلما وجورا فيخرج رجلٌ من أهل بيتي فيملؤها قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجوراً، وحديث (ابن حجر) إنه صلى الله عليه وآله وسلم ضرب بيده على كتف الحسين: قائلاً: من ظهر هذا مهدي هذه الأمة يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا([2]).
لكن اختلف المسلمون؛ بين من يقول إنه ولد ولازال حياً ومن يقول بأنه يولد آخر الزمان ثم يظهر.
كل الشواهد التاريخية والروايات تشير إلى الرأي الأول، فهناك أكثر من مؤرخ مرموق ذكر لنا بأن الإمام الحسن العسكري أنجب ولداً اسمه محمد وُلد وغاب عن الأنظار([3]).
أما شواهد الروايات فهي كثيرة نذكر منها:
رواية الثقلين (إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، وقد أنبأني اللطيف الخبير بأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تُخلفونني فيهما)([4])
والحديث يدلل على عدم مفارقة العترة للكتاب ليس فقط في الجانب المعنوي بل يتعدى ذلك إلى عدم المفارقة في الزمان والمكان بدليل قوله صلى الله عليه وآله وسلم (حتى يردا علي الحوض) حيث تعين الزمان والمكان، وهذا يدل على وجود العترة في كل زمان ومكان.
وما ذكره البخاري في صحيحه (لايزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة ويكون فيكم اثنا عشر أميراً أو اثنا عشر خليفة كلهم من قريش)([5]).
ويُرد على شبهة احتمال بقاء الإمام المهدي كل هذه المدة المديدة من الزمن ما أورده القرآن الكريم في نبي الله عيسى عليه السلام حيث ذكر )وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم(([6])
وفي آية أخرى )بل رفعه الله إليه(([7]).
فإذا كانت هناك سابقة ببقاء إنسان لفترة طويلة من الزمن وهو عيسى عليه السلام فما المانع أن تتكرر هذه المعجزة في أحد أبناء الرسول الأكرمصلى الله عليه وآله وسلم.
وبقدر ما كانت فكرة المهدي المنتظر فكرة حضارية تمد البشرية بالأمل وتحثه على النهوض والتحرر ضد الظلم واقامة العدل فإنها تحولت إلى فكرة استغلها البعض بادعائهم المهدوية بعيداً عن التطابق الوصفي بين المهدي الموعود وبين مدعي المهدوية وبين ظروف ظهور المهدي الموعود والظروف التي ظهرت فيها الحركات المهدوية المزيفة.
كانت لنا كلمة عن المهدي المنتظر ونحن نعيش أيام ولادته السعيدة.