تصنیف البحث: القانون
من صفحة: 241
إلى صفحة: 271
النص الكامل للبحث: PDF icon 180526-161257.pdf
خلاصة البحث:

المستخلص

إن المعطيات التي يستند اليها المشرع الوطني في تحديد غاية قاعدة الإسناد، يتم التعامل معها في مرحلة زمنية سابقة وحالية من قبل بعض التشريعات وفقا لمنهج نظري شامل و عام –مقتضاه أما القبول أو الرفض لنظرية الإحالة – قد لا تراعى فيه توقعات الافراد, و لا يتم التوصل من خلاله إلى حل و لملائمة مقتضيات التجارة الدولية، و انعدام التنسيق بين النظم ال قانونية المختلفة، و نتيجة لتطورعلاقات التجارة الدولية، و فسح المجال امام الاشخاص للارتباط في علاقات قانونية دولية خاصة، اثار تسابق القوانين الوطنية للدول التي تمسها تلك العلاقات ان تبحث في تشريعاتها امكانية تطبيق القوانين الاجنبية, بما يصلح لحكم تلك العلاقات المشوبة بعنصر اجنبي,و حيث ان القوانين الوطنية لها الولاية التشريعية و القضائية في حدود اقليمها, اقتضى الحال ان تكون اشارتها لتطبيق القانون الاجنبي غيرملزمة لذلك القانون,فقد يقبل القانون الاجنبي بان يكون صاحب الاختصاص و يسمح بتطبيق القواعد الموضوعية فيه لحكم العلاقة,و قد يمتنع عن قبول الاختصاص فتتحرك قواعد الاسناد فيه لعقد الاختصاص الى قانون اخر,قد يكون قانون القاضي الذي ينظر النزاع او قانون اخر اجنبي, فالتشريعات التي اكدت الاكتفاء بتطبيق القواعد الموضوعية لم تسمحب تطبيق الاحالة, اما تلك التشريعات التي تأخذ بالقانون الاجنبي بوصفه كلا غير قابل للتجزئة فإنها تقرر الاخذ بأحكام الاحالة,و المتتبع لطريقة القبول او الرفض الشامل المجرد للإحالة قد يتسبب بضياع فرصة الوصول الى تطبيق انسب القوانين لحكم العلاقة القانونية الدولية الخاصة,ولكي نحقق الهدف الذي وجدت قاعدة الاسناد لحمايته من توقعات الاطراف المشروعة اوتحقيق مبدا العدالة اقتضى الامر ان نخفف من وطأة الجزم بقبول الاحالة أورفض اونضع لمصلحة الاطراف حسابا في تقريرالاحالة من غيرها,وبعبارة اخرى لابد من الوقوف على الغرض الذي تسعى قواعد الاسناد الى تحقيقه و نبحث عن حلول لتحديد وظيفة قاعدة الاسناد.

وان خلو ساحة القانون الدولي الخاص من دراسات معمقة مفصلة تتولى وضع حلول تفصيلية لهذه الاشكالية تثير الحاجة الى بحث عرض تفصيلي للنتائج التي تفضي اليها حالة الاختلافات الحاصلة بين فقهاء القانون الدولي الخاص حول قبول الاحالة و رفضها مع موقفا لتشريعات وما يؤدي اليه هذا الاختلاف من تفويت لغرض قاعدةالاسناد, وكذلك الحلول المقترحة في نطاق القانون الدولي الخاص لتحديد وظيفة قواعد الاسناد.

Abstract

The data which it is based national legislator in determining the very base of attribution, it is dealt with in previous and current point in time by some of the legislation, according to a comprehensive theoretical approach And in –which its impose The acceptance or rejection of the theory of referral - which may not take into account the expectations of individuals, and are not reached through a solution and to fit the requirements of international trade, and the lack of coordination between the different legal systems, As a result the international trade, and make way for people to link in the private international legal relations, sparked raced the national laws of countries that affect them those relationships that are looking at the possibility of the application of legislation of foreign laws, including those fit to rule the vestiges foreign relations component,

And where the national laws of its legislative mandate and the judiciary within its territory, the case required to be Referring to the application of foreign law non-binding of that law, the foreign law accepts that the owner of jurisdiction and allow the application of the substantive rules in which the rule of the relationship, and may refrain from acceptance of jurisdiction,the rules of attribution in which to hold jurisdiction to another law, may be the judge hearing the dispute other law or the law of a foreign, Legislation, which confirmed sufficiency applying the substantive rules did not search application assignment, either such legislation that take foreign law as both an indivisible they decide to adopt the provisions of the assignment

And follower of the way of acceptance or destruction rejection abstract referral  may cause the loss of access to the application of the most suitable laws for the rule of international legal relationship, and in order to achieve the goal that found the backing base to protect it from the legitimate expectations of the parties the principle of justice it is necessary to temper the impact of the assertion to accept assignment for the benefit of the parties account of others, in other words to be standing on the purpose for which it seeks to achieve attribution rules and look for solutions to determine the function of attribution base.

And that free yard of private international law of in-depth studies detailed is developing detailed solutions to the dilemma raises the need to discuss a detailed presentation of the results that lead to it the case of winning the differences between scholars of private international law on accepting the assignment and its refusal to stand for the legislation and what it leads to this difference of miss for the purpose of it, as well as within the scope of the proposed private international law to determine the function Attribution rules solutions.

البحث:

المقدمة:

إن الاعتبارات التي يستلهم منها المشرع الوطني غاية قاعدة الإسناد، يتم التعامل معها في مرحلة زمنية سابقة وحالية من قبل بعض التشريعات يدعمها البعض من فقه القانون الدولي الخاص، فضلا عن التطبيقات القضائية، وفقا لمنهج نظري شامل وعام مقتضاه أما بالقبول أو الرفض لنظرية الإحالة، وبناء على هذا المنهج قد لا تراعى توقعات الأطراف، ولا يتم التوصل إلى حلول ملائمة لمقتضيات التجارة الدولية، وانعدام التعايش والتعاون بين النظم القانونية المختلفة، وهذا الذي ذكرناه من أثار لهذا المنهج هي التي تمثل أهداف وغاية قاعدة الإسناد الوطنية التي ترمي لتحقيقها, علما ان التطور الحاصل في التعاملات الدولية شجع البعض من التشريعات منها القانون الدولي الخاص الالماني وكذا القانون التشيكي الى تبني موقفا مرنا من الاحالة وتبنيها فيما اذا حقق الاخذ بها العدالة وحقق حماية لتوقعات الافراد المشروعة, بخلاف التشريعات الاخرى وبالخصوص التشريعات ذات النظام اللاتيني كالقانون الفرنسي والمصري والعراقي التي لازالت متمسكة بالموقف العام المجرد المسبق من الاحالة, مع الاخذ بها على نحو الاستثناء مثل اهلية الملتزم بالسفتجة والاخذ بالإحالة فيما اذا ورد النص عليها بموجب الاتفاقيات الدولية.

ونتيجة لشعور القصور في المنهج التقليدي المتقدم، ظهرت اجتهادات فقهية تبعتها مواقف تشريعية لتغيير فلسفة التعامل مع الإحالة، من خلال ربط الأخيرة بغاية قاعدة الإسناد، والوظيفة التي تؤديها، فقاعدة الإسناد حينما اقرها المشرع قصد من ورائها اختيار انسب القوانين لحكم العلاقة الدولية الخاصة من بين النظم القانونية المختلفة، وحماية التوقعات المشروعة للأفراد، لذا ارتأينا بحث هذا الموضوع لما يحويه من أهمية وما ينطوي عليه من اثر ينعكس على العلاقات ذات العنصر الأجنبي، معتمدين على منهج تحليلي للنصوص التشريعية، والفقه المقارن بالإضافة إلى التطبيقات القضائية في الكشف عن غاية قاعدة الإسناد الوطنية للوصول إلى حل وظيفي يسمح لأخذ موقف من الإحالة بالقبول أو الرفض بما يحقق المصلحة والعدالة في العلاقة موضوع المنازعة.

من كل ما تقدم راينا من الاهمية بمكان البحث في هذا الموضوع لخلو ساحة القانون الدولي الخاص من دراسات معمقة مفصلة تتولى وضع حلول تفصيلية لهذه الاشكالية وسنقسم هذه الدراسة الى مبحثين نتناول في الاول الوقوف على بحث عرض تفصيلي للنتائج التي تفضي اليها حالة الاختلافات الحاصلة بين فقهاء القانون الدولي الخاص حول قبول الاحالة ورفضها مع موقف التشريعات, وما يؤدي اليه هذا الاختلاف من تفويت لغرض قاعدة الاسناد اما المبحث الثاني فسندرس فيه الحلول المقترحة في نطاق القانون الدولي الخاص لتحديد وظيفة قواعد الاسناد.

المبحث الاول: مفهوم الإحالة بين الرفض والقبول وأحكام الاتجاه التقليدي

لقد مرت التشريعات المقارنة فضلا عن الفقه والقضاء في نطاق تنازع القوانين بمرحلتين، سابقة على ظهور الاحالة ولاحقة لها، والفاصل الزمني بين المرحلتين حصل عام 1878 في قضية (فورجو)، الاساس الذي برر ظهور فهم جديد للقانون الاجنبي الذي تشير اليه قواعد الاسناد الوطنية، بعدما كان القاضي الوطني يتجه فورا الى القواعد الموضوعية المادية، فيتعرف عليها ويحدد مضمونها ليطبقها على النزاع، دون الاكتراث الى قواعد الاسناد في القانون الاجنبي، ومن انها تعقد الاختصاص لقانونها، ام تتخلى لقانون دولة اخرى، ما دعى لظهور فكرة الاحالة واختلاف الفقه والقضاء في تبنيها بين مؤيد ومعارض ولأجل الوقوف على تلك الاختلافات وحجج اصحابها ارتأينا تقسيم هذا المبحث الى مطلبين نتناول في المطلب الاول الاتجاه الرافض الاخذ بالإحالة ودراسة الاتجاه المؤيد لها في المطلب الثاني.

المطلب الأول: الاتجاه الرافض للأخذ بالإحالة

إن الإحالة وفقا لأنصار هذا الاتجاه، تعد من المفاهيم القانونية غير القابلة للتطبيق، ويسند رأيهم هذا مجموعة من الحجج، والمبررات القانونية، والواقعية، تفرضها العلاقات القانونية الدولية الخاصة، فهم يرون إن قواعد الإسناد في دولة القاضي، فيما إذا أشارت إلى تطبيق قانون أجنبي، ينطبق منه القواعد الموضوعية، دون قواعد الإسناد([1]). فالإسناد إلى القانون الأجنبي، هو إسناد موضوعي، إي إسناد إلى القواعد المادية في القانون الواجب التطبيق، وليس إسنادا إجماليا ([2]). فقواعد الإسناد التي يتضمنها القانون الأجنبي، غير معنية بحكم العلاقة، إلا بالمقدار الذي أشارت إليه قاعدة الإسناد في دولة القاضي، ولأجل الوقوف أكثر على مضمون تلك الحجج والمبررات سنقسم هذا المطلب إلى فرعين نخصص الفرع الأول لدراسة المبررات القانونية وندرس في الفرع الثاني المبررات الواقعية.

الفرع الأول: المبررات القانونية

يستند أنصار هذا المذهب، الرافض للإحالة، في تبرير موقفهم، إلى حجة مفادها، إن المشرع الوطني ـ بالنسبة لقاضي الموضوع ـ إذا حكم باختصاص القانون الأجنبي، فهذا لا يعني انه قبل التخلي عن المهمة، التي عرض لها ابتداء وهي حل التنازع([3]). فإذا أشارت، قواعد الإسناد في دولة القاضي، إلى تطبيق قانون الجنسية، بالنسبة للشخص المطلوب تحديد أهليته، إنما تفعل ذلك وفق سياسة تحقق العدالة، أما تركها وتنفيذ سياسة أجنبية، فالأمر بهذه الصورة، يؤدي إلى نتائج عكسية([4]). ويكون القاضي بذلك، قد فوّت هدف قاعدة الإسناد الساعية إلى التوفيق والتنسيق بين الأنظمة القانونية المتعددة، لاختيار احدها، لحكم العلاقة الدولية الخاصة المشوبة بعنصر أجنبي. ولا يبقى في ضوء ذلك، إلا الانتقال إلى تطبيق الأحكام الداخلية - الموضوعية- في القانون الأجنبي، على العلاقة القانونية([5]).فإخضاع النزاع للحل وفقا لقواعد الإسناد في القانون الأجنبي فإننا نكون بذلك قد خضعنا لنظرة المشرع الأجنبي وتقديره للمقتضيات التي تملي الحل الواجب الإتباع في مجال العلاقات الدولية الخاصة وهذا الحل يتنافى مع طبيعة قواعد الإسناد ووظيفة وجودها وغرضها([6]). إذ يرى بعض الفقه الفرنسي، إن القاضي الذي ينظر النزاع، يطبق بحق قاعدته التنازعية الخاصة، ووظيفتها حسن التوصل، إلى تحديد كامل، لنظام قانوني، يتولى حل النزاع المعروض أمامه، وفقا لما تمليه علية إرادة مشرعه الوطني([7]).

وان القول بغير ما تقدم- قبول الإحالة- يؤدي إلى نتائج شاذة، إذ يلزم القاضي الوطني، بحل التنازع مرتين، الأولى بتوجيه من قواعد الإسناد الوطنية، والأخرى بتوجيه قواعد الإسناد في القانون الأجنبي، ويحصل الاختلاف في المرة الثانية عنه بالمرة الأولى([8]). كما إن إلزام القاضي، بتطبيق قواعد الإسناد في القانون الأجنبي، يؤدي إلى تطبيق نظام قانوني على شخص معين، غير معروف بالنسبة لقانونه الشخصي، الواجب التطبيق طبقا لقاعدة الإسناد الوطنية([9]). فلو أن انجليزيا سفيها مقيما في العراق، وعرض أمر الحجر عليه أمام المحاكم العراقية، فالأخيرة إن أخذت بالإحالة، ستوقع الحجر عليه وفقا للقانون العراقي، وهو قانون الموطن، الذي أشارت قواعد الإسناد الانجليزية بتطبيقه، في حين إن نظام (الحجر لسفه) غير معروف في القانون الانكليزي، بل يعتبر مخالفا للنظام العام.

لكل ما تقدم من الحجج القانونية، تمسك مناهضو الإحالة بموقفهم الرافض لها، بشكل قد يتسبب بضياع حقوق الأطراف، لعدم احترام التوقعات المشروعة لهم، أو انتفاء مبدأ العدالة، نتيجة التمسك بتطبيق القواعد الموضوعية في القانون الأجنبي- بشكل مجرد عن هدف قاعدة الإسناد  - دون قواعد الإسناد فيه- التي قد تكون الأقرب لحكم العلاقة، فيما لو سمح للقاضي بالبحث عن وظيفة قاعدة الإسناد التي أعطت الاختصاص للقانون الأجنبي.

الفــرع الثـاني: المبررات الواقعية

ومن ضمن الحجج التي استند إليها الاتجاه المعارض، إن الأخذ بالإحالة يؤدي إلى الوقوع في حلقة مفرغة لا فكاك منها([10]). ولا يمكن الخلاص منها، ولا توصل قاضي الموضوع، إلى القانون الواجب التطبيق، مما يفقد أصحاب العلاقة الاطمئنان إلى خضوع علاقتهم لقانون معين([11]). وذلك أمر من شانه، عدم احترام توقعات الأطراف، وفقدان الأمان القانوني بالنسبة لفرقاء العلاقة القانونية الدولية الخاصة، إذ سيكون من العصي عليهم معرفة القانون الذي يحكم علاقاتهم وروابطهم المالية والشخصية([12]). وهذا ما يخالف هدف قاعدة الإسناد الساعية لتحقيق العدالة وحماية التوقعات المشروعة لأطراف العلاقة.

وتفسير ما تقدم، إن قاعدة الإسناد في القانون الأجنبي، فيما إذا أشارت إلى تطبيق قانون أخر([13]) فان منطق الحجة، يقضي الرجوع أولا إلى قواعد الإسناد في الأخير، فإذا قضت هذه القواعد تطبيق قانون معين، تعين الرجوع أولا إلى قواعد الإسناد في هذا القانون الجديد، وهكذا الحال إلى مالا نهاية([14]). وهكذا يرتد الاختصاص بالنزاع من قانون دولة إلى قانون دولة أخرى، دون أن يستطيع القاضي، أن يتوقف عند حد معين، وهو ما يؤدي إلى البدء في تسلسل الإحالة اللانهائي مرة أخرى([15]). وهذا الانتقاد ينطلق فيه خصوم الإحالة، من الحجة الأساسية التي يتسلح بها أنصارها، المتمثلة بانتفاء قدرة الفصل، بين قواعد القانون الأجنبي الواجب التطبيق، أو بعبارة أخرى، إن القانون الأجنبي يعد كلا لا يتجزأ ([16]). هذا الذي دعى البعض من الفقه([17]) للقول إن الأخذ بالإحالة يعد مخالفة لأبسط المبادئ القانونية التي تقضي بضرورة الاطمئنان والاستقرار في المراكز القانونية.

إن الفكرة التي تقدمت حول الإحالة وارتداداتها، هي التي دفعت الفقيه الايطالي (بوزاني) إلى تشبيه الإحالة "بلعبة المضرب"، والفقيه الألماني (كاهن) على تشبيهها (بغرف المرايا)، وما اعتبره معظم الفقهاء- المعارضين للإحالة- انه وقوع في حلقة مفرغة لا سبيل للخروج منها([18]). إذ إن القاضي سيكون في حركة دائرية، تقتضي الدور والتسلسل، وتوصله إلى الاستحالة في الوقوف على قانون يحكم العلاقة القانونية، بما يؤدي إلى الإخلال بمبدأ إيجاد قانون يحكم كل علاقة قانونية لحظة نشوئها. ونتفق مع الفقه الذي يرى، إن هذا الاتجاه ينطلق من نقطة جوهرية مفادها، حسم تنازع القوانين يتم لمرة واحدة، حسب قواعد الإسناد في قانون القاضي، فالمشرع الوطني إنما يروم اختيار انسب القوانين ملائمة لحكم العلاقة القانونية الخاصة، وانسب القوانين هو القانون المشار إليه- القواعد الموضوعية في القانون الأجنبي- بموجب قواعد الإسناد الوطنية([19]).

وعلى ذلك فلا سبيل للخروج من الحلقة المفرغة- حسب هذا الاتجاه- وبالتالي تحقيق الاستقرار للمراكز القانونية، إلا بتطبيق القواعد الموضوعية في القانون الأجنبي، الذي تشير إليه قواعد الإسناد، أي إهدار الآخذ بنظرية الإحالة. وفهم ما تقدم يفسر مبنى التشريعات التي ترفض الأخذ بالإحالة([20]). فمن التشريعات التي نصت صراحة على رفض الإحالة المشرع المصري في القانون المدني رقم 38 لسنة 1948 في المادة (27) والتي جاء بها" إذا تقرر إن قانونا أجنبيا هو الواجب التطبيق، فلا يطبق منه إلا أحكامه الداخلية دون التي تتعلق بالقانون الدولي الخاص" ([21]). وهذا هو مسلك المشرع العراقي، إذ نصت الفقرة الأولى من المادة (31) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 على انه "إذا تقرر إن قانونا أجنبيا هو الواجب التطبيق، فإنما تطبق منه أحكامه الموضوعية دون التي تتعلق بالقانون الدولي الخاص"([22]). 

ونعتقد إن الذي دعى المشرع العراقي إلى هذا الموقف من الإحالة، ناتج عن تصور مفاده، إن منطق الإحالة يثير صعوبات واقعية، من الصعوبة بمكان تلافيها، وبالرغم من سلامة موقف المشرع العراقي، إلا إننا كنا نتمنى عليه الابتعاد عن الرفض العام المجرد من الإحالة، والتعاطي بمرونة اكبر حفاظا على توقعات الأشخاص المشروعة، وحرصا على تبني الموقف الذي يحقق العدالة، وان استلزم الحال الآخذ بالإحالة حماية لوظيفة قاعدة الإسناد، وحماية التطور الحاصل في نطاق التجارة الدولية. لهذا اخذ المشرع العراقي بمفهوم الإحالة بصورة استثنائية بخصوص أهلية الملتزم بمقتضى الحوالة التجارية، إذ نص في الفقرة الأولى من المادة (48) من قانون التجارة رقم 30 لسنة 1984 على أن " يرجع في تحديد أهلية الملتزم بمقتضى الحوالة إلى قانون الدولة التي ينتمي إليها الملتزم. فإذا أحال هذا القانون إلى قانون دولة أخرى كانت القواعد الموضوعية في قانون تلك الدولة واجبة التطبيق" ([23]).

المطلب الثاني: حجج المؤيدين وأسس تفسير الإحالة

يرى أنصار الإحالة من الفقه التقليدي، إن قاعدة الإسناد في قانون القاضي إذا ما أشارت إلى قانون أجنبي، فانه

يتعين على القاضي استشارة قواعد الإسناد في القانون الأجنبي([24]). دون الاكتفاء بالقواعد الموضوعية وتطبيقها لحكم العلاقة القانونية ([25]). وهذا الاتجاه كان ينطلق من موقف القضاء الفرنسي من مفهوم الإحالة([26]).

ويرتكن أصحاب هذا النظر إلى مبررات قانونية وواقعية، ومبررات تؤكد مفهوم التنسيق بين القوانين المتنازعة، وتسهيل تنفيذ الأحكام الأجنبية، كما حاولوا تلمس أساسا قانونيا وعلميا سليما في تفسير الإحالة، وبيان أسس ومباني الأخذ بالإحالة ولأجل الوقوف على تلك المبررات والأسس، اقتضى الأمر أن نقسم هذا المطلب إلى فرعين، نتناول في الفرع الأول الحجج التي استند إليها أنصار هذا الاتجاه في دعم موقفهم، أما الفرع الثاني فسنخصصه لبحث أسس تفسير الآخذ بالإحالة.

الفرع الأول: حجج الآخذ بالإحالة

يرى أنصار الإحالة انه إذا أشارت قاعدة الإسناد في قانون القاضي إلى قانون دولة أجنبية، فانه يتعين على القاضي أن يبدأ بتطبيق قواعد الإسناد في هذا القانون، إذ إن الفقهاء الذين يشددون على ضرورة الأخذ بالإحالة يبررون موقفهم المؤيد لها بعدة حجج وأراء نقسم البحث فيها إلى التفصيل الآتي:

أولا: الحجج القانونية:

إن النظام التشريعي لكل دولة يتكون من قواعد موضوعية، وقواعد إسناد تتولى تعيين اختصاص قانون القاضي، أو قانون أخر. إن الأخذ بنظرية الإحالة يؤدي إلى وحدة تطبيق القانون الأجنبي الذي تقرر تطبيقه وفق قواعد الإسناد في دولة المحكمة التي تنظر في النزاع ولا يؤدي هذا إلى تشويهه ([27]).في الوقت الذي لم تشر فيه قواعد الإسناد الوطنية بضرورة تطبيق قواعد الإسناد في القانون الوطني أم القواعد الموضوعية فيه. فكل دولة حرة في تطبيق القانون الأجنبي في الأحوال وفي الفروض التي تراها مناسبة، ولكنها إذا قضت بتطبيقه فعليها إن تطبقه ككل لا يتجزأ([28]). إذ يرى جانب من فقه القانون الدولي الخاص([29]) إن تحديد اختصاص القانون الأجنبي بنظر النزاع لا يخلو من فرضين فأما أن تشير قواعد الإسناد في القانون الأجنبي إلى تطبيق قانون الدولة الأجنبية نفسها، أو أن تشير قواعد الإسناد الأجنبية إلى تطبيق قانون أخر غير قانونها، وفي هذه الحالة يتعين على القاضي الوطني قبول هذه الإحالة، وتطبيق أحكام هذا القانون، ويستوي في هذا الصدد كون هذا القانون هو قانون دولة القاضي نفسه، أم قانون دولة أجنبية([30]). وغير ذلك يعني مخالفة قاعدة الإسناد في قانون القاضي المتمثلة باختيار انسب القوانين وأكثرها ملائمة لحكم العلاقة القانونية. فتطبيق القواعد الموضوعية في قانون أجنبي بخلاف ما تقرره قواعد إسناده، معناه تطبيق لقانون خارج نطاقه وظيفته، هذا وغيره من المبررات هي السبب في جرأة القضاء الفرنسي والألماني الآخذ بالإحالة ([31]). وفي ضوء ذلك يجب على القاضي الوطني، احترام قواعد الإسناد في القانون الأجنبي، والتسليم لما تقضي به، وعدم تطبيق الأحكام الداخلية في هذا القانون، إلا إذا قبلت بذلك قواعد الإسناد فيه([32]). فكل الدعوات التي تنظر إلى الإحالة بوصفها حل ضروري ومنطقي في تنازع القوانين تستند إلى فكرة جوهرها عدم السماح بتطبيق قانون أجنبي خلافا لإرادة مشرعه.

ونعتقد في ضوء ما تقدم أن هذا الاتجاه ينسجم مع خصائص قاعدة الإسناد، إذ توصف قاعدة الإسناد إنها قواعد مزدوجة الجانب، ومن ثم فهي التي تتكفل بتحديد مجال تطبيق القواعد الموضوعية في القانون الوطني للقاضي المعروض أمامه النزاع ([33]). فإذا قضت هذه القواعد (قواعد الإسناد والقواعد الموضوعية) بالإحالة فلا مناص من إتباعها، ومن ثم لا يجوز تطبيق القواعد الموضوعية في القانون الأجنبي، إلا إذا كانت قواعد الإسناد الأجنبية تسمح بتطبيقها، وهو ما يعبر عنه البعض بان "القواعد الموضوعية، مرتبطة في تطبيقها بقواعد الإسناد ارتباط الإنسان بظله"([34]). وبالتالي لا يمكن الفصل بين تلك القواعد، والتقيد بإحداها دون الأخرى. 

ثانيا: ضرورات تسهيل تنفيذ الأحكام الأجنبية:

بالإضافة لما تقدم من الحجج القانونية في مناصرة نظرية الإحالة، يذهب أنصار هذا الاتجاه، إلى مبررات عملية ترتكز على أن الأخذ بالإحالة، من شانه ضمان تناسق الحلول، وتسهيل تنفيذ الأحكام في الدول التي تتصل فيها العلاقة القانونية([35]). فإعمال قواعد الإسناد في القانون الأجنبي، يؤدي إلى الفصل في النزاع، بذات الطريقة التي يفصل بها القاضي الأجنبي، إذا كانت الدعوى قد رفعت إليه([36]). وبالتالي تحقيق ضمان نفاذ الحكم الذي يصدره القاضي في الدولة التي تمت الإحالة منها وفي الدولة التي تمت الإحالة إليها([37]). إذ إن بعض الدول تشترط لتنفيذ الأحكام الأجنبية، أن يكون القاضي الأجنبي، قد اعمل قاعدة الإسناد التي يقضي بها قانون الدولة المراد تنفيذ الحكم فيها، وإهمال ذلك سيكون سببا في رفض تنفيذ الحكم الأجنبي([38]).وهذا بدوره سيجرد الحكم من قيمته العملية، إذ إن الدولة الأجنبية التي طبقت المحكمة قانونها، خلافا لما تقضي قواعد الإسناد فيها، سوف ترفض تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى، لصدوره وفقا لقانون أخر هو في نظرها غير مختص بنظر النزاع([39]). مثال ذلك إذا اسند القاضي العراقي، الاختصاص في مسالة طلاق بريطاني توطن في العراق، لحساب القانون البريطاني، واصدر حكما بالطلاق بموجب القانون الأخير فان مثل هذا الحكم سوف لن يجد له اعتراف وتطبيق في بريطانيا، كونه صدر بموجب قانون أخر، غير مختص بحسب القانون البريطاني([40]). وعلى هذا الحكم يستند القضاء الفرنسي، ويشترط في الحكم المطلوب تنفيذه في فرنسا، إن يكون قد طبق على النزاع القانون المختص وفقا لما تشير به قواعد الإسناد الفرنسية([41])، وهذا الشرط سيكون متحققا في واقع الحال، إذا تم إعمال الإحالة، إي إذا قام القانون الوطني بتطبيق قاعدة الإسناد الخاصة بالقاضي المطلوب منه التنفيذ([42]). ونعتقد أن على الرغم من موقف القضاء الفرنسي من الإحالة إلا انه لا يمكن تعميم ذلك، لان هذا الحل غير متبع لدى كثير من دول العالم، بل إن جانبا من الفقه الفرنسي، لم يتردد في توجيه الانتقاد إلى موقف قضائه، ولابد من ترك الموقف من الإحالة إلى التشريعات الوطنية والقضاء يلتزم بإرادة مشرعه.

علاوة على ما تقدم، فان الأخذ بالإحالة يتماشى مع المبادئ العامة السائدة في إطار القانون الدولي الخاص، والتي تغلب النزعة الوطنية بشأن حل تنازع القوانين، فقبول الإحالة من الدرجة الأولى، أو الإحالة الدائرية، ليس إلا مجرد تعبير عن تلك النزعة الوطنية وتأكيدا لها، إذ يقوم القاضي بتطبيق قواعد قانون القاضي الذي يعلم به ويعرفه أكثر من غيره([43]). لان تطبيق  القواعد الموضوعية في القانون الأجنبي مباشرة، من غير أن يتحدد هذا الاختصاص بمقتضى قاعدة الإسناد الأجنبية ذاتها، فيه مخالفة مزدوجة، مخالفة لقاعدة الإسناد الوطنية إذ سنطبق قانونا غير القانون الذي أشارت إليه، ومخالفة لإرادة المشرع الأجنبي، على أساس إن القاضي الوطني سيطبق القانون الأجنبي في حالات لا يرى المشرع الأجنبي خضوعها له ([44]). وفي هذه المخالفة وتلك انحراف بقاعدة الإسناد الوطنية عن وظيفتها، وإهدار لإرادة المشرع الأجنبي.

الفرع الثاني:اسس تفسير الاخذ بالإحالة

ان الاخذ بالإحالة استند كما مر الى موقف القضاء الانجليزي، ومحاكم النقض الفرنسية، وتبني هذا الموقف من الاحالة من قبل التشريعات، والفقه والقضاء الاجنبي والعربي، لم يكن وليد الصدفة وعفويا، وانما تستند تلك المدارس التشريعية والقضائية الى مبررات موضوعية- من وجهة نظرهم- تفسر تبني هذا المفهوم القانوني –الاحالة، والتعرف عليه يقتضي التوقف عند تلك النظريات في التفسير بشيء من التفصيل، وهذا ما سنبحثه في الفقرات الاتية:

الفقرة الأولى: نظرية العدالة في تبني الاحالة:

يفسر انصار الاحالة، وفقا لهذا الاتجاه الاخذ بالإحالة، أيا كان نوعها دون قيود، وأيا كانت نتيجتها دون حدود، متى كان ذلك يؤدي الى تحقيق مبدأ العدالة([45]). فاذا تبين للقاضي ان تطبيق الاحكام الموضوعية، في القانون الذي اشارت قواعد الاسناد الوطنية باختصاصه، سيؤدي الى حل غير عادل، فيكون له ان يستشير قواعد الاسناد التي يتضمنها هذا القانون، وتبني الاحالة منها الى قانون اخر يحقق العدالة على نحو افضل([46]). وهذا سيؤدي الى تحقيق نتيجة تمثل غاية قاعدة الاسناد، وهي ضمان كفالة اثار الحكم الصادر في المنازعة المنظورة امام القضاء المختص([47]). وتجنب تعارض الاحكام الصادرة على المستوى الدولي، وهو ما توجبه ضرورات التعاون القضائي بين الدول، حفاظا على الاستقرار المتطلب للمعاملات الدولية([48]). هذا هو الدور الانتقائي للإحالة، كما يراه جانب من الفقه الالماني، وهو دور يراعي فيه القاضي النتيجة النهائية، التي سيؤدي اليها تطبيق القانون المختص([49]).

ونعتقد بما يذهب اليه جانب كبير من الفقه، ان تبني هذا الاساس في تفسير الاخذ بالإحالة بالرغم من تجرده ومثاليته النظرية، الا انه سيمنح القاضي سلطة تقديرية مطلقة في الاخذ بالإحالة من عدمه، على ضوء ما قد يراه اكثر تحقيقا للعدالة في كل مرة على حدة([50]). اذ ليس من المقبول ان يطبق القاضي القاعدة القانونية على نحو يختلف من حالة لأخرى، حتى لو كانت تحت ستار العدالة، وانما على القاضي ان يتخذ مسلكا موضوعيا في تطبيق القاعدة القانونية، صيانة لاستقرار المعاملات، ورعاية لتوقعات الأفراد([51]).

الفقرة الثانية: نظرية التنسيق بين قواعد الاسناد كأساس لقبول الاحالة

يعود الفضل الى الاستاذ (Batiffol) في وضع افكار هذه النظرية، ويرى ان الطبيعة الدولية للعلاقات التي ينظمها القانون الدولي الخاص، تفترض بداهة ارتباط هذه العلاقات بأكثر من قانون واحد، وعلى ذلك فلا يصح ان يفض التنازع عن طريق قواعد الاسناد الوطنية فقط، اذ في ذلك تجاهل لقواعد القانون الدولي الخاص في النظام الاجنبي، الذي اشارت قواعد الاسناد في قانون القاضي باختصاصه([52]).فالإحالة ستكون وسيلة المشرع في تحقيق التناسق في الحلول بين قواعد الاسناد الوطنية وقواعد القانون الدولي الخاص([53]).

ومثال ذلك لو رفعت دعوى طلاق مواطن بلجيكي من امرأة فرنسية يقيمان في العراق، والنزاع معروض امام المحاكم الفرنسية، اذ ستعطي المحاكم الفرنسية الاختصاص التشريعي للقانون العراقي (قانون الموطن المشترك) الذي يحيل بدوره الى قانون الزوج([54]) – القانون البلجيكي- الذي يقبل باختصاصه، وبالتالي فان تطبيق الاحالة سيطبق قانون يتفق مع جميع قواعد الاسناد في القواعد ذات العلاقة.

ولا يعني ذلك ان القانون الوطني قد ترك حل مسالة التنازع لإرادة المشرع الاجنبي، فإعمال قاعدة الاسناد الاجنبية لم يتم عفوا، وانما بناء على ارادة المشرع الوطني، فهو الذي حدد القانون المختص بحكم العلاقة ابتداء، ومن ثم فان استشارة قواعد التنازع في هذا القانون تعد في ذاتها تعبيرا عن ارادته([55]). وعلى الرغم من ان استشارة قواعد التنازع الاجنبية على النحو المتقدم هي ضرورة يفرضها التنسيق اللازم بين النظم المتنازعة لحكم المسالة المعروضة، الا ان مما يؤخذ على نظرية التنسيق انها لم تكشف بوضوح عن السبب الداعي الى التوقف عند حد الاحالة من الدرجة الاولى، وتطبيق الاحكام الداخلية في قانون القاضي، وهذا ما يؤكده جانب كبير من الفقهاء([56]) بقولهم ان هذه النظرية قد اخفقت الى حد كبير، في وضع اساس نظري سليم، لما استقر عليه القضاء الفرنسي التقليدي، في شأن التوقف عند الاحالة الى قانون القاضي.

الفقرة الثالثة: نظرية اقليمية القوانين:

حاول الاستاذ (Niboyet) ان يلتمس للحلول القضائية في فرنسا اساسا قانونيا سليما للتنازع التي انتهى اليها القضاء الفرنسي منذ قضية (فورجو) ونقطة البداية لدى هذا الفقيه هي ان قاعدة الأسناد في قانون القاضي تعرض الاختصاص على القانون الاجنبي، فان رفض هذا الاخير الاختصاص، تعين على القاضي الوطني ان يطبق قانونه نزولا على حكم الاصل العام، وهو اقليمية القوانين([57]).اذ لا يجوز وفقا لهذه النظرية، ان نفرض على القانون الاجنبي اختصاصا لا يرضاه لنفسه، بمقتضى قواعده الخاصة بتنازع القوانين([58]). فرفض القانون الاجنبي للاختصاص المعروض عليه، يجعل العلاقة مفتقرة لقانون يحكمها، وبعبارة اخرى ستبقى العلاقة بلا وطن، ولما كان من الضروري ان تخضع العلاقة لقانون معين، كان من المنطقي ان يعقد الاختصاص للقانون الوطني، بوصفه القانون المختص اصلا بحكم جميع المنازعات التي تثور على اقليم دولته. ففكرة الامن الاقليمي تفرض على القاضي تطبيق قانون دولته على كافة العلاقات التي ترتبط بها دولته حتى ولو لم تقض بذلك قاعدة اسناد وطنية، متى تخلت كافة القوانين عن حكم هذه العلاقة([59]). فليس معقولا ان تبقى علاقة بغير قانون يحكمها فالنظام العام يرفض ان تكون ثمة رابطة بلا وطن وهو ما يلزم معه العودة بصورة الية الى قانون القاضي الوطني.

وعلى الرغم من الوجاهة النسبية للحجج التي قال بها انصار هذه النظرية لتبرير الاخذ بالإحالة الا انها لا تخلو من النقد والتجريح، فالقول بان العلاقة تصبح بلا وطن بمجرد تخلي القانون الاجنبي باختصاصه، قول لا يستقيم لان ذلك لا يتحقق الا اذا تخلت التشريعات عن حكمها، ومن التشريعات ما قد يعترف بالاختصاص لنفسه بشأن تلك الرابطة([60]). كما ان النظرية تنطلق من نقطة بداية غير سليمة مؤداها انه لا يجوز تطبيق قانون اجنبي في الحالة التي لا يعترف فيها هذا القانون لنفسه بالاختصاص، وهذا الامر فيه ودة الى نظرية المجاملة الدولية واحترام ارادة المشرع الاجنبي([61]). وهذا المبنى لا يخلو من الاشكال، اذ ان القانون الاجنبي يتحدد اختصاصه بمقتضى قاعدة الاسناد الوطنية، على اساس انه الاكثر ملاءمة لحكم الرابطة القانونية والاقدر على تحقيق مقتضيات العدالة([62]). فوق ذلك فان اعمال قانون القاضي، امر قد يتعارض مع وظيفة قادة الاسناد، اذ قد لا يكون هو القانون الملائم لحكم العلاقة القانونية، بل قد ينطبق حتى ولو كانت تربطه بالعلاقة موضوع المنازعة، رابطة ضعيفة لمجرد ان القاضي الوطني هو المختص([63]).

الفقرة الرابعة: نظرية الاسناد الاحتياطي:

ذهب الاستاذ (Lerebours-pigeonniere) الى ان قاعدة الاسناد اذ تقضي باختصاص قانون اجنبي معين لحكم النزاع، فهي تقوم في حقيقة الامر بعرض الاختصاص على هذا القانون، فان قبل الاختصاص المعروض عليه بمقتضى قواعد الاسناد التي يتضمنها، طبق القاضي الاحكام الموضوعية في هذا القانون، على واقعة الدعوى المعروضة امامه([64]). اما اذا لم تقبل قواعد القانون الاجنبي الاختصاص، عند ذلك فلا محل لتطبيق هذا القانون، ولا محل كذلك لاستشارة قواعد الاسناد فيه، فما نصنع في هذه الفرضية؟. يرى الاستاذ صاحب النظرية محل البحث، ان من مقتضيات التعاون بين الدول لتنمية التجارة الدولية الارتداد الى قواعد القانون الدولي الخاص في قانون القاضي لتفسيرها والكشف عن وجود قاعدة اسناد احتياطية تعقد الاختصاص لقانون القاضي نفسه([65]). وعلى ذلك فاختصاص قانون القاضي الوطني بحكم النزاع، لا يستند الى احالة قاعدة الاسناد الاجنبية الى هذا القانون، وانما يرتكز اختصاص قانون القاضي الى امر المشرع الوطني نفسه بموجب قاعدة الاسناد الاحتياطية([66]).وعلى ذلك يمكن تطبيق قانون الموطن بصفة احتياطية على اهلية الاشخاص وحالتهم الشخصية بدلا من قانون الجنسية في الحالات التي يرفض فيها هذا القانون الاخير الاختصاص المعروض عليه بمقتضى قاعدة الاسناد الاصلية. ومثال ما تقدم فيما اذا اثير نزاع في فرنسا متعلق بأهلية انجليزي يتوطن في العراق، فما من مانع من تطبيق القانون العراقي عندما يظهر للقاضي الفرنسي ان قواعد الاسناد في القانون الانكليزي تعقد الاختصاص لقانون الموطن بناء على قاعدة اسناد احتياطية في القانون الفرنسي، فوفقا لذلك يمكن تصور وجود قاعدتي اسناد في القانون الفرنسي احداهما اصلية تعقد الاختصاص للقانون الشخصي واخرى احتياطية تعمل الاختصاص لقانون الموطن.

وعلى الرغم من الفضل الذي حققته هذه النظرية في غلق الحلقة المفرغة ([67]) التي تؤدي اليها الاحالة من الدرجة الثانية، الا ان النظرية تقوم على افتراض لا سند له من القانون الوضعي اذ لم يثبت ان المشرع وضع قاعدة احتياطية، تعقد الاختصاص للقانون الوطني ام لغيره، فيما اذا لم تطبق قاعدة الاسناد الاصلية، فضلا عن ان البرهان لم يتحقق امام القضاء في عقد التمييز بين القاعدة الاصلية والاحتياطية([68]). ومن جهة اخرى فلو كان صحيحا ان تطبيق الاحكام الموضوعية في قانون القاضي، يتم بناء على قاعدة اسناد احتياطية في هذا القانون، لترتب على ذلك ان اي خطا في تفسير هذه القاعدة، يخضع بالضرورة لرقابة المحاكم العليا([69]). والوضع يختلف تماما فيما لو كانت الاحالة تتم من قاعدة الاسناد الاجنبية، اذ من المعلوم ان محكمة النقض ترفض الرقابة على تفسير القانون الاجنبي.

وازاء عجز النظريات التقليدية في بيان الاساس القانوني للإحالة، كان لابد من الذهاب الى قبول نظرية لا شك في سلامتها، ووفقا لها تعد مسالة قبول الاحالة او رفضها مرتبطة ارتباطا لا يقبل التجزئة بمسالة اخرى هي غاية قاعدة الاسناد ووظيفتها وفقا لما يسمى بالحل الوظيفي.

المبحث الثاني: مفهوم الحل الوظيفي ودور التطبيقات القضائية في تقريره

تم التعرف في المبحث الأول من هذا البحث، على كيفية الأخذ بنظرية الإحالة، وتم التعرض إلى الاتجاهات الفقهية والتشريعية والقضائية المعارضة إلى الإحالة والمناصرة لها، وانتهينا إلى نتيجة، إن كلا من الاتجاهات المتقدمة (مبدأ التجرد في الموقف من الإحالة) لا يحقق  وظيفة قاعدة الإسناد الوطنية، الرامية إلى تحقيق التعاون المشترك بين النظم القانونية، والوصول إلى أكثر الحلول تحقيقا لمصالح التجارة الدولية، واستقرار المعاملات داخل الدولة، واحترام التوقعات المشروعة للأشخاص في تعاملاتهم المالية والشخصية، إذ لابد في ضوء هذا النقص الواضح، في تغطية وظيفة قاعدة الإسناد كان لابد من فحص موقف الاتجاهات المطالبة بعدم تبني موقف مسبق من فكرة الإحالة، وفسح المجال أمام القضاء لتشخيص المصلحة من عدمها في ضوء كل حالة على جانب وفقا لفكرة الحل الوظيفي ولأجل معرفة ذلك سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين نتناول في المطلب الأول بيان مفهوم الحل الوظيفي اما المطلب الثاني فسنخصصه لبحث الدور الايجابي للتطبيقات القضائية في تركيز هذه الفكرة.

المطلب الأول: مفهوم الحل الوظيفي

     تعد فكرة الحل الوظيفي من خلق الفقه الألماني([70]) والمتجول في أروقة التعاملات الدولية الخاصة، قد لا يجد تنظيرا مفصلا كافيا لفكرة الحل الوظيفي، إذ ظهرت هذه الفكرة حصيلة مجموعة من الإرهاصات بين مؤيدي الإحالة والرافضين لها (الفقه التقليدي)، نتيجتها- الحل الوظيفي- المطالبة بمراعاة هدف قاعدة الإسناد في التأصيل للموقف منها، وهذه الفكرة ومضمونها تعدد التعريف لها، رائدها احترام التطلعات المشروعة لدى الفرقاء([71]). ولأجل الوقوف على هذه المضامين  يقتضي الأمر تقسيم هذا المطلب الى فرعين نتطرق في اولهما الى معرفة معنى نظرية الحل الوظيفي، ونخصص الفرع الثاني لبيان مبدا انتفاء الاعتبارات النظرية كأساس في قبول الاحالة ورفضها.

الفرع الاول: ماهية الحل الوظيفي

يذهب جانب من الفقه إلى تعريف الحل الوظيفي بأنه الامتناع عن تكريس حلا عاما مجردا ينطبق في كافة الحالات وجميع الفروض، بقبول الإحالة أو برفضها، وإنما يجب عدم التقيد بحل عام مسبق، ويجيء الحل المقضي به في مادة بعينها أو أكثر متفقا وروح قاعدة الإسناد الوطنية والغاية التي ترمي إلى تحقيقها، في إطار من التعايش والتنسيق والتعاون بينها وبين قاعدة التنازع الأجنبية([72]). وهذا الاتجاه ظهر لاعتماد القانون الذي يحقق الغاية، أو الهدف المقصود من قاعدة الإسناد، سواء كان هذا القانون هو قانون القاضي الذي ينظر النزاع، أم القانون الأجنبي. إذ تنطلق هذه النظرية من مقدمة أساسية مفادها، إن مسالة قبول أو رفض الإحالة لا يمكن أن تتقرر بناء على أفكار عامة ذات طابع نظري، وإنما استنادا إلى الوظيفة التي يمكن للإحالة أن تقوم بها، وذلك من خلال ربط الإحالة بمسالة أخرى هي مسالة الغاية من قاعدة الإسناد، والوظيفة التي تؤديها في نطاق العلاقات الأجنبية المشوبة بعنصر أجنبي([73]). وان حل هذه المسالة يتوقف في المقام الأول على تفسير قاعدة الإسناد الوطنية، للوقوف على غايتها الأساسية، دون الاهتمام بالاعتبارات الأخرى فيما إذا تعارضت مع وظيفة قاعدة الإسناد.

في حين يعرف البعض الأخر الحل الوظيفي بالنظر لضوابط الإسناد (التعريف بالمثال) بان قاضي النزاع لا يرتكن في الفصل في حالة التنازع الايجابي من اجل إسناد الاختصاص التشريعي لقانون الجنسية، إلى قواعد قاطعة محددة مسبقا، سواء كانت جنسية قاضي النزاع من بين الجنسيات المتعددة أم لا، بلحاظ إن تنازع الجنسيات مسالة أولية على القاضي تحديد القانون الواجب التطبيق، في ضوء طبيعة المسالة الأصلية والهدف والغاية منها([74]).

ويرى أنصار هذا الاتجاه أن اعتماده يؤدي إلى تجاوز المشكلات التي تعترض اعتماد جنسية قاضي النزاع عند حضورها من بين الجنسيات المتعددة والجنسية الفعلية عند عدم حضور جنسية قاضي النزاع ضمن الجنسيات المتعددة، فهو يتجاوز مشكلة تحديد معنى الجنسية الفعلية بالمعنى العالمي وصعوبة تنفيذ الحكم عبر الحدود([75]). وبالتالي يتم الوصول إلى معايير عالمية، قابلة للتطبيق من قبل الدول الأخرى، طالما انها اعتمدت ذات الحل بعدم النظر لتنازع الجنسيات على ان المطلوب فيه المحافظة على جنسية قاضي النزاع، عندما تكون ضمن الجنسيات المتعددة، او الجنسية الفعلية عند عدم حضورها، انما المطلوب الوصول للروح الجوهرية المعمقة لقاعدة التنازع، وهذا يعني ان ينظر للتنازع نظرة وظيفية غائية([76]).

كما يرى اتجاه ثالث ان فكرة الحل الوظيفي تعني صلاحية القاضي بعدم اتخاذ موقف عام من الاحالة بالقبول او الرفض، اذ يحدد موقفه من الاحالة في ضوء القضية المطروحة عليه، وما تحويه من وقائع وظروف وملابسات من ناحية، واهداف قاعدة الاسناد المعنية الموجودة في قانونه من ناحية اخرى([77]). فاختيار القانون المختص تختلف دوافعه واسبابه، تبعا لقاعدة الاسناد الوطنية المعنية بالمسالة المعروضة على القاضي الوطني ووفقا للغاية التي تهدف هذه الغاية الى تحقيقها، وبهذا المثابة تم الانتقال بمفهوم الحالة من المفهوم الشكلي المجرد الى المفهوم الغائي([78]). فاذا تبين للقاضي ان تطبيق الاحكام الموضوعية في القانون الذي اشارت اليه قواعد الاسناد الوطنية سيؤدي الى حل غير عادل فيكون له ان يستشير قواعد الاسناد التي يتضمنها هذا القانون ويقبل الاحالة منها الى قانون اخر يحقق العدالة على نحو افضل([79]).

ونعتقد ان هذا هو الدور الانتقائي للإحالة الذي يراه جانب من الفقه الالماني، وهو دور يراعي فيه القاضي النتيجة النهائية التي سينتهي اليها تطبيق القانون الواجب التطبيق(المختص). ففي ظل التطورات التي لحقت بقاعدة الاسناد في ذاتها، نحو سعيها للأخذ بالعدالة المادية، دون الاقتصار على تحقيق العدالة في مفهوم القانون الدولي الخاص، كان لابد من ان تتأثر جميع المفاهيم القانونية الاساسية في تنازع القوانين، بهذا الاتجاه الحديث، وفي مقدمة هذه المفاهيم، الاحالة([80]). ويعيب اتجاه من الفقه على هذا الراي، انه يترك للقاضي سلطة تقديرية مطلقة في الاخذ بالإحالة من عدمه، على ضوء ما قد يراه اكثر تحقيق للعدالة في كل حالة على حدة، وهو مبدا يتعارض مع مسلك القاضي عند تطبيق القاعدة القانونية وفقا للمبادئ العامة للقانون، اذ ليس من المقبول ان يطبق القاضي القاعدة القانونية، بطريقة تختلف من حالة الى اخرى، حتى وان كان تحت ستار العدالة([81]).الا ان هذا الاشكال مردود، اذا ما سلمنا ان تقدير القاضي لإمكانية الاخذ بالإحالة، والمعيار المرشد للقاضي في هذا المضمار هو ان يؤدي قراره (الاخذ بالإحالة او رفضها) الى حل مادي معقول وعادي، بصدد العلاقات محل الخصومة، وهذا ما سيخضع فيه الى رقابة المحاكم العليا([82]). فطالما كانت الغاية من قاعدة الاسناد، تختلف من مشرع لأخر، فانه من الطبيعي ان تتباين الحلول المتبعة بشان الاحالة، وطالما ان المشرع يقصد من غاية الاسناد البحث عن انسب القوانين، لحكم العلاقة دون سابق تنسيق مع غيره من المشرعين، فان ذلك يستتبع خللا في وظيفة قاعدة الاسناد في تحقيق الوصول الى اكثر الحلول ملائمة لمقتضيات التجارة الدولية، وبالتالي على القاضي ان يصحح هذا الخلل في وظيفة الاسناد، عن طريق ما يسمى بالحل الوظيفي وقبول الاحالة([83]). ولهذا المعنى لفكرة الحل الوظيفي تأثير في موقف بعض التشريعات المقارنة، وفي مقدمتها القانون الدولي الخاص التشيكي لعام 1963 اذ تضمن هذا القانون الاشارة لهذا المعنى فاذا عينت نصوص القانون الدولي الخاص التشيكي قانون دولة ما، واحالت نصوص هذا القانون الاخير الى القانون التشيكي، او الى قانون دولة اخرى، في حالة الاحالة من الدرجة الثانية، فان تلك الاحالة يمكن قبولها اذا كان ذلك القبول يؤدي الى حل مقبول وعادل للعلاقة المعنية([84]). وكذا الامر بالنسبة للقانون الدولي الخاص الالماني الصادر في 25 يوليو عام 1986، فان النظرية القائلة بان قبول الاحالة او رفضها تتوقف على البحث عن غاية قاعدة الاسناد، وجدت لها تطبيق في المادة الرابعة([85]) الفقرة الاولى حينما نصت على انه "اذا تم تعيين قانون دولة اجنبية، فانه يجب ان تطبق ايضا قواعد الاسناد المعنية الموجودة في قانون هذه الدولة، بالقدر الذي لا تتعارض فيه هذه القواعد مع روح قاعدة الاسناد الالمانية..."([86]).

ونفهم من التعاريف المتقدمة للحل الوظيفي، ان جميعها تدور حول محور واحد مفاده الابتعاد عن الاحكام السابقة والمجردة للإحالة من جهة التشريعات المقارنة، والاعتماد في الموقف منها الى رؤية موضوعية تستند الى فهم قاضي الموضوع لكل حالة على حدة، ويستفيد الموقف من الاحالة من مقدار ما يحققه الاخذ بالإحالة من توقعات اطراف العلاقة المشروعة، ومبدا العدالة، وفي ضوء ذلك يمكن ان نعرف فكرة الحل الوظيفي بانها "محاولة التوفيق في موقف التشريعات من الاحالة بين قواعد الاسناد وغاياتها المتمثلة في تحقيق العدالة، ورعاية التوقعات المشروعة للعلاقات القانونية المشوبة بعنصر اجنبي، والوصول الى الانسجام بين النظم القانونية رعاية لمصالح التجارة الدولية".

الفرع الثاني: انتفاء الاعتبارات النظرية كأساس في قبول الاحالة ورفضها

يسعى الاتجاه الرافض للموقف العام المجرد من الاحالة الى التأسيس لمنهجية جديدة رائدها التحليل المنطقي العلمي الموضوعي وفق موجهات منضبطة تستند الى هدف قاعدة الاسناد بوصفها وسيلة فنية غايتها وفقا لما يرى البعض من الفقه تجنب الخلل والقصور الناجمين عن اختلاف قواعد الاسناد وتباينها من دولة الى اخرى([87]). والاصل الذي يبني عليه انصار هذا الاتجاه موقفهم ان اعتبارات الحل الوظيفي لابد وان تأخذ بالاعتبار في الموقف من الاحالة، فان بدت الاحالة بمسالة بعينها ملائمة وتساعد على تحقيق قاعدة الاسناد وظيفتها تعين الاخذ بها، وعلى العكس يجب هجرها اذا ترتب على الاخذ بها لا يحقق الغاية من قاعدة الاسناد، او كان في اعمالها انتهاك صارخ لتوقعات الافراد ومساس بمصالح التجارة الدولية([88]). من ذلك يتضح ان الاخذ بالإحالة - حسب نظرية الحل الوظيفي - مقبول ان كان فيه تحقيق لهدف قاعدة التنازع ولأجل اختبار صحة هذا الراي نميز في فحص ذلك فيما اذا كانت الاحالة من الدرجة الاولى ام من الدرجة الثانية.

اولا: الاحالة من الدرجة الاولى: ففي الاحالة من الدرجة الاولى([89]) سيطبق القاضي قانونه الوطني، وهو امر محبب الى نفسه يتجنب معه تطبيق قانون اجنبي، اذ يحسن تطبيق قانونه، وهو ما يتحقق معه التطابق بين الاختصاصين القضائي والتشريعي، ويجنبه التمييز بين ما يعتبر من الاجراءات وما يعد من موضوع الخصومة([90]). وتطبيق القواعد المادية في قانون القاضي المعروض عليه النزاع لا يترتب عليه اخلال بتوقعات اطراف العلاقة متى ارتبطوا بدولة القاضي بواسطة الموطن المشترك او وجود الاموال محل النزاع وبالتالي يكون من السهل عليهم الاحاطة بقواعد هذا القانون([91]). واطراف العلاقة سيكون من مصلحتهم تطبيق القواعد الموضوعية لقانون القاضي اكثر من غيره، فلو ان مواطن انكليزي توفي في العراق عن اموال منقولة وعقارية موجودة في الاخير، فان القانون الواجب التطبيق وفقا لقاعدة الاسناد العراقية بخصوص الميراث هي تطبيق قانون جنسية المتوفي وقت الوفاة([92]) اي القانون الانكليزي، بينما قاعدة الاسناد في القانون الانكليزي تعقد الاختصاص للقانون العراقي بوصفه قانون موطن المتوفي. فلو ان القانون العراقي يقبل الاحالة([93]) اليه فان القاضي العراقي سيطبق القواعد الموضوعية في قانونه على الميراث اعمالا للإحالة من الدرجة الاولى.

نعتقد مع جانب من الفقه ان الفرض المتقدم يحقق حلا نموذجيا، اذ حقق التناسق بين قانون الجنسية وقانون الموطن، والحل الذي يتقرر بواسطة الاحالة يقبله قانون الجنسية وقانون الموطن للمتوفي([94]). كما ان القاضي العراقي وهو يطبق القواعد الموضوعية في قانونه سيتحاشى الصعوبات التي يثيرها تطبيق القانون الاجنبي من دفع بالنظام العام والمسائل الإجرائية، وعدم الدستورية للقانون الاجنبي، والتفسير للأخير وغيرها([95]). وهذا الحل ليس فيه اخلال بتوقعات الاطراف، فهم يعلمون ان مورثهم يعيش في العراق، كما ان المورث نفسه يعرف ان الوارثين وانصبتهم ستتحدد وفقا لقانون الدولة التي يقيم فيها. اما لو تبين للقاضي الوطني ان الاخذ بالإحالة وتطبيق قواعده الموضوعية بدلا عن القواعد الموضوعية للقانون الاجنبي، سيهدد توقعات الافراد، ويتناقض والغاية من قاعدة التنازع في تحقيق العدالة، تعيّن على القاضي رفض الاخذ بالإحالة، وتطبيق القواعد الموضوعية في القانون الاجنبي([96]). واهم الميادين التي يتحقق فيها هذا الاخلال بتوقعات الاطراف هو مسائل الاحوال الشخصية، وتزداد الصعوبة متى كان القانون المحال اليه قانونا طائفيا متعددا كالقانون العراقي او اللبناني او المصري([97]). والقانون الدولي الخاص التشيكي لعام 1963 والقانون الدولي الخاص الالماني لعام 1986 من التشريعات التي تأثرت بالنظرية القائلة باحترام الغاية من قاعدة الاسناد عند قبول الاحالة او رفضها([98]).

ثانيا: الاحالة من الدرجة الثانية: يمكن ان يرتفع الحظر على الاخذ بالإحالة من الدرجة الثانية فيما اذا ادى اعمالها الى المساعدة على تحقق قاعدة الاسناد لوظيفتها بما يكفل التعايش بين النظم ويقيم التناسق بينها، عن طريق تطبيق اكثر القوانين اتصالا بها، والأخذ بالإحالة من الدرجة الثانية، وفقا لما يرى الفقيه الفرنسي (Mayer) يتحقق معه هذا الهدف([99]). فاذا احالت قاعدة الاسناد الى قانون دولة ثالثة كانت قواعد الاسناد فيها تعقد الاختصاص للقواعد الموضوعية المدرجة في هذا القانون، فان تطبيق هذا القانون يكون مقبولا من وجهة نظر قواعد التنازع في الدول الثلاث التي تجولت فيها العلاقة القانونية المتصلة بالعلاقة([100]). وهذا يعني ان القاعدة القانونية التي ستحكم العلاقة ستكون واحدة ولا يفرق في الامر شيئا ان رفع النزاع امام قضاء احدى الدول الثلاث، ووحدة الحلول من الغايات المقصودة لقاعدة الاسناد وبالتالي ستحقق نظرية الحل الوظيفي غايتها وفي ذلك من حماية لتوقعات الافراد ومصالح التجارة الدولية([101]).

اما بالنسبة للقضاء الفرنسي فقد ضرب لنا مثلا يبرز دور الاحالة في حماية توقعات الافراد المشروعة، ففي قضية تتلخص وقائعها في زوجين سوريين من الديانة اليهودية يقيمان بصورة دائمة في بريطانيا، واثناء وجودهما العابر في ايطاليا ابرما زواجهما وفقا للشكل الديني اليهودي الذي يقره قانون جنسيتهما المشتركة، وفي وقت لاحق اقاما في فرنسا واثيرت مسالة صحة زواجهما من حيث الشكل، اذ ان قاعدة الاسناد في القانون الفرنسي تعقد الاختصاص بشكل التصرفات الى قانون محل الابرام، وهذا يؤدي الى بطلان الزواج فيما اذا طبق القانون الايطالي، الا ان محكمة النقض الفرنسية لم تذهب لذلك الحكم وانما ذهبت لاعتبار هذا الزواج صحيحا لقبولها الاحالة من الدرجة الثانية من القانون الايطالي الى القانون السوري، اذ الاحالة في هذا الحكم يعد حلا نموذجيا يحمي التوقعات المشروعة للأفراد وذلك ورد في حكم المحكمة اذ جاء فيه "ان اعمال الاحالة يجد تبريره في هذه المنازعة فيما تؤدي اليه من تطبيق القانون السوري على شكل الزواج، وهو القانون الذي رغب الافراد في الخضوع لحكمه وهو الذي يعتبر زواجهما صحيحا"([102]).

مما تقدم نرى ان الحل الواجب اتباعه من قبل المشرع العراقي انما يجب ان يتحدد في ضوء وظيفة قواعد التنازع وعدم الاعتماد على حكم مسبق بالرفض للإحالة وفسح المجال امام القاضي بالبحث عن روح النصوص القانونية والوصول الى تطبيق اكثر القوانين تحقيق للعدالة.

المطلب الثاني: التطبيقات العملية لفكرة الحل الوظيفي وفقا لضوابط الإسناد

بعد تثبيت نتيجة بخصوص الإحالة ومحاولة ربطها بوظيفة قاعدة الإسناد، من تحقيق التعايش بين النظم القانونية المختلفة، ورعاية المصالح في ميدان التجارة الدولية، وحماية التوقعات المشروعة لأطراف العلاقة، كان لابد من استعراض الموقف من الإحالة بانتخاب بعض ضوابط الإسناد، كعينات للتأكد من سلامة فكرة الحل الوظيفي، والوصول من خلال إعمال أحكامها، إلى اتساق الحلول واختيار انسب النظم التشريعية، الوطنية والأجنبية، لذلك سنقسم هذا المطلب إلى فرعين نتناول في الفرع الأول ضابط الإسناد الحاكم للالتزامات، أما الفرع الثاني سنخصصه لدراسة مسائل الأحوال الشخصية.

الفرع الأول: تطبيق فكرة الحل الوظيفي بالنسبة للالتزامات

بالرغم من سلامة الأساس القانوني الذي بني عليه الأخذ بالحل الوظيفي، إلا إن استكمال ذلك الأساس يستلزم فحصه من الناحية العملية، والالتزامات تقسم إلى التعاقدية وغير التعاقدية ولأجل ذلك سندرس هذا الفرع على النحو الآتي:

أولا: العلاقة بين ضابط الالتزامات غير التعاقدية وفكرة الحل الوظيفي.

إن فكرة الإحالة نادرة الحدوث في نطاق الالتزامات غير التعاقدية، لان غالبية التشريعات([103]) تعقد الاختصاص فيه لقانون محل وقوع الفعل المنشئ للالتزام. ومع ذلك يمكن الاحتياج لتطبيق الإحالة في ضوء المنهج التحليلي، والتفسير الغائي لقاعدة الإسناد، وتركيز الموقف على اعتبارات وأسباب اختيار قاعدة الإسناد، وإدراك هذه الغاية التي يسعى إليها المشرع الوطني سيسهم في قبول الإحالة التي تروم تحقيق المصلحة والعدالة([104]). فلو إن إحدى الجامعات العراقية، أرسلت وفدا من الطلبة والخبراء والتدريسيين، إلى تركيا لإجراء تجارب في مختبرات علمية، وخلال تواجد الطلبة في الأراضي التركية حصل خطأ من احدهم، تسبب بضرر لزميل له في الرحلة وافترضنا إن دعوى التعويض عن ذلك الضرر، قد عرضت أمام القضاء االعراقي، والذي سيطبق القانون التركي- قانون محل وقوع الفعل المنشئ للالتزام، وخلال فحص القاضي العراقي للقانون التركي، ولنفترض أن الأخير يقضي بتطبيق القانون العراقي- قانون جنسية أطراف العلاقة- وسيطبق القاضي العراقي بالتالي القواعد الموضوعية في قانونه.  نعتقد مع جانب من الفقه([105]) إن القاضي الوطني- العراقي- في هذه الحالة سيجد في إعمال القواعد الموضوعية في قانونه ما يحقق غاية قاعدة الإسناد الوطنية وذلك للأسباب الآتية:

أولا: إن المشرع حينما اخذ بقانون محل وقوع الفعل المنشئ للالتزام قد بين حكما وضابطا للوضع الغالب الذي يتفق مع توقعات الأفراد المشروعة.

ثانيا: رغبة المشرع في تركيز المسالة المتولدة عن الفعل الضار عن طريق الاهتمام بمكان الفعل المنشئ للالتزام غير العقدي. هذه هي الاعتبارات الأساسية في مبنى المشرع الوطني، ولكن بالتدقيق والتأمل في المثال أعلاه، نجد تخلف الاعتبارات التي اعتمدها المشرع في تقرير ضابط الإسناد، فوقوع الفعل المنشئ للالتزام كان أمرا عارضا لا يستقيم احتسابه معيارا للإسناد في حالتنا، كما أن إعماله يعد إخلالا بتوقعات الأطراف، الدائن المضرور والمدين المسؤول.

في ضوء ذلك سنكون أمام فرضيات قد تتكرر في المستقبل تنتفي معها غاية قاعدة الإسناد وحكمتها، والسؤال الذي يثار بهذا الصدد، ما هو دور القضاء في المعالجة لذلك وتحقيق اعتبارات قاعدة الإسناد، في الإجابة على هذا السؤال يرى جانب من الفقه انه يجب على القضاء في هذه الحالة تصحيح مسار قاعدة التنازع التي وضعها المشرع الوطني، من خلال الإحالة إلى القواعد الموضوعية للقانون المحال إليه- القانون العراقي-([106]).بما يؤدي إلى إخضاع العلاقة المذكورة إلى أكثر القوانين اتصالا بها، وتطبيق أكثر القوانين توقعا بالنسبة لأطراف العلاقة، ويحفظ لقاعدة الإسناد وظيفتها التي ترمي إليها في إطار من التنسيق بينها وبين غيرها، وبما ينسجم مع التوجهات الحديثة في أعمال القانون المحلي بوصفه القانون الذي يحكم الوسط الاجتماعي الذي حدثت فيه الواقعة التي ترتب عليها الفعل المنشئ للالتزام([107]).

ثانيا: حالة الأخذ بقانون الإرادة وعلاقته بفكرة وظيفة قاعدة الإسناد.

إذا اختار المتعاقدان قانونا معينا ليحكم عقدهما الدولي طبقا لنص المادة (25) من القانون المدني العراقي، فانه يفهم من ذلك إن المقصود بقانون الإرادة، هو الأحكام المادية في القانون المختار، ولا مجال للأخذ بالإحالة في هذه الحالة، واستشارة قواعد الإسناد في القانون الأجنبي الواجب التطبيق، وبالتالي فعلى القاضي أن يذهب مباشرة إلى الأحكام الموضوعية في القانون المختار، ويطبقها على واقعة الدعوى([108]). فالقانون الصالح للتطبيق في مادة العقد، أو الأعمال الإرادية هو القانون الذي تعينه الإرادة العقدية بالذات، والتي تقتضي بأن لا تؤثر في تلك الإرادة أو تؤدي إلى تجاوزها([109]).فاتجاه إرادة المتعاقدين إلى اختيار قانون معين لحكم علاقاتهم التعاقدية، يتم في ذات الوقت عن رغبتهم في إخضاع هذه العلاقة للقواعد الموضوعية التي يتضمنها هذا القانون([110]). ومن ثم لا يجوز تطبيق قواعد الإسناد التي يتضمنها القانون الذي يختاره المتعاقدان، إذ قد يؤدي تطبيقها إلى إخضاع العلاقة العقدية إلى قانون أخر، مما قد يخل بتوقعاتهم([111]). فما دام المتعاقدين قد اختارا القانون الفرنسي مثلا لحكم العقد الدولي المبرم بينهم، فلم يعد مقبولا أن نستشير قواعد الإسناد في هذا القانون، ونقبل إحالتها إلى قانون أخر، لان في ذلك تجاهل لضابط الإرادة، الذي وضعه المشرع كمعيار لاختيار القانون الواجب التطبيق على الالتزامات. فأطراف العلاقة حينما يختارون قانونا ليحكم عقدهم، فالمفترض أنهم يعرفون هذا القانون، وإنهم اختاروه ثقة منه في انه الأقدر على حسم المنازعات التي تثور بخصوص علاقاتهم، فهو حسب ما يرى جانب من الفقه، قانون يحقق مصالحهم ومصالح التجارة الدولية ويثق فيه الأفراد وفي ملائمته لحكم علاقتهم([112]).ومن هنا نعرف- في هذه الحالة- عدم ملائمة الإحالة في شان قاعدة الإرادة وفي ذلك تحقيق لغاية قاعدة الإسناد.

ولكن السؤال الذي يطرح بهذا الصدد، إلا يمكن التوفيق بين الإرادة العقدية ونظرية الإحالة، في معرض الإجابة يحبذ جانب من الفقه الألماني الأخذ بالإحالة، في هذا المضمار في فروض معينة، أيا ما كانت صحة الدوافع التي تملي ضرورة استبعاد الإحالة في إطار الالتزامات التعاقدية، التي يكون لإرادة الأطراف دور في اختيار القانون الواجب التطبيق عليها([113]). وبالتالي ينبغي عدم إتباع تلك القاعدة، في جميع الأحوال على نحو بعيد عن التحليل، للوصول إلى غاية قاعدة الإسناد، التي قد لا يكون أحد الأطراف ملتفت إليها وانعدمت نتيجة لذلك معرفتهم بالقواعد المادية في القانون الأجنبي. ولما كان رفض الإحالة مرده إلى الرغبة في احترام إرادة المتعاقدين وإرادة المشرع الذي قرر مثل هذه القاعدة، وبالتالي يقبل هذا الاتجاه الأخذ بالإحالة فيما لو تبين من ظروف التعاقد أن المتعاقدين قد أبديا رغبتهم في الخضوع لما تشير إليه قواعد الإسناد في القانون المختار([114]). ويظهر من موقف أصحاب هذا الاتجاه تمسكهم بغاية ووظيفة قاعدة الإسناد، إذ يتعاملون معها ويوفقّون بينها وبين الإحالة ويرون إمكانية إعمالها كلما توفرت غاية قاعدة الإسناد.

ويضيف أصحاب هذا الاتجاه لدعم وجهة نظرهم، إن المشرع الألماني في القانون الدولي الخاص الجديد انطلق من مبدأ عام، هو قبول الإحالة من الدرجة الأولى والثانية، بشرط إلا يتعارض مع روح قاعدة الإسناد الألمانية([115]). كما إن اختيار الأطراف لقاعدة الإسناد فيه تعارض مع روح قاعدة الإسناد الألمانية، ولتجنبه سٌمح للأفراد باختيار القواعد الموضوعية في القانون الواجب التطبيق دون قواعد القانون الدولي الخاص، يعد أمرا غير مقبول، ولا يمكن إتباعه في الفروض كافة، خاصة مع ما أثبتته التجربة، من أن اختيار الأطراف لقواعد الإسناد التي تحدد القانون في العقود قد يكون على جانب كبير من الأهمية([116]). بحيث نضمن من خلال ذلك تحقيق غاية قاعدة الإسناد، وتحقيق الاتساق بين النظم القانونية المختلفة، ورعاية مصلحة الأطراف بحماية توقعاتهم المشروعة. 

ولكن هنالك مسألة تحتاج إلى تأكيد وهي انتفاء اختيار لقانون العقد بالمرة، هنا نكون أمام وضع يتخلف فيه قانون الإرادة، فعند ذلك طرق مختلفة للإسناد تقوم على أساس التركيز الموضوعي للرابطة العقدية([117]) سواء كان تركيزا تشريعيا أو قضائيا، فالمنهج التشريعي يقوم به المشرع بنفسه بعملية التركيز، عند تخلف قانون الإرادة([118]). ويحدد بصورة آمرة القانون الواجب التطبيق، وحاصله تطبيق قانون الموطن المشترك للمتعاقدين، إن اتحدا موطنا وإلا فقانون محل إبرام العقد. ويوصف هذا المنهج بأنه عام وجامد، فهو يعمل بالنسبة لكافة العقود دون تمييز بينها ويفترض دائما أن مركز الثقل هو الموطن المشترك، فالجمود والإطلاق في هذه الضوابط، التي وضعها المشرع أمر من شانه أن يصفها بالقصور وعدم الواقعية، وعجزها عن تحقيق الغاية التي ترمي إليها القاعدة ذاتها([119]).  تأسيسا على ما تقدم يرى جانب من الفقه انه لما كان ضابط الإسناد المحدد سلفا من قبل المشرع قد يبدو غير ملائم في بعض الفروض، فانه يجب التنسيق بينه وبين قاعدة التنازع في القانون المعين، وعند ذلك قد يكون في الأخذ بالإحالة والرجوع إلى قواعد الإسناد ما يحقق مصالح الأطراف ويحمي توقعاتهم وعند ذلك تبدو الإحالة بوصفها أداة نموذجية لتحقيق التناسق والتعاون مع قاعدة الإسناد الأجنبية لبلوغ أهداف وغايات قاعدة الإسناد، ونصل من خلال الاستعانة بالإحالة، إلى بلوغ حلول مهمة في إطار العلاقات الخاصة الدولية، وتغني بالتالي عن إيجاد قواعد جديدة تلائم العلاقة المطروحة.

الفرع الثاني: الاحوال الشخصية

من الثابت في نطاق القانون الدولي الخاص، ان اهم مصاديق العلاقة بين وظيفة قاعدة الاسناد والاحالة، تظهر في مسائل الاحوال الشخصية، لتعلق الاخيرة بالعقائد الدينية، والتنوع المذهبي، لأطراف العلاقة محل النزاع، كما تبرز تلك العلاقة ايضا في غيرها من المسائل الا أن بحثها يستلزم دراسة اعمق واكثر شمولا وسنقتصر هنا على بحث الاحوال الشخصية كمصداق على تحقق فكرة الحل الوظيفي، اذ تعارضت المواقف حول امكانية اعمال الاحالة في مجال الاحوال الشخصية بين مؤيد ومعارض، اذ يرى البعض من الفقه الالماني في معرض تفسير نص المادة 14 فقرة 3 من القانون الدولي الخاص والتي تنص على ان " تخضع الاثار العامة للزواج لقانون الدولة التي يتصل بها كل من الزوجين بالصلة الاكثر ارتباطا بأية طريقة اخرى كانت"، بضرورة استبعاد الاحالة من دائرة التطبيق، كون المشرع اختار الضابط المنصوص عليه في المادة المذكورة انفا([120]). بوصفه الحل الامثل والافضل لحكم الاثار العامة، بعد استعراض كل الضوابط الاخرى، ومن ثم استقر راي المشرع على الضابط المشار اليه([121]). ونعتقد ان هذا الحكم يتأكد في المواطن التي تختلف فيها الاسس التي يقوم عليها القانون الواجب، الذي اشارت اليه قواعد الاسناد الوطنية، والقانون المحال اليه، كما وان اشارة هذه المادة لابد وان يفهم منها العمل بالقواعد المادية من هذا القانون دون قواعد القانون الدولي الخاص.

في حين يرى البعض الاخر، ضرورة قصر نطاق الاحالة على مسائل الاحوال الشخصية للأجانب فقط تقيدا بالنص، وقبولها من قانون الجنسية الى قانون الموطن، فيما اذا كان هذا القانون هو قانون دولة القاضي، بعبارة اخرى الاكتفاء بالإحالة من الدرجة الاولى([122]). فقانون الموطن سيحقق توحيد الاختصاصين التشريعي والقضائي، فوق ذلك ان القاضي يفضل لأسباب متعددة تطبيق قانونه الوطني، فهو به اعلم وبنطاقه ادرى([123]). فالقاضي سيكون وفقا لهذا الاتجاه بمنأى عن اللمم والخطأ، ويتجاوز صعوبة ما يعتبر من القواعد الموضوعية والإجرائية، ويتمكن بعدها من ضمان توقعات الاطراف المشروعة، فحينما تشير قواعد الاسناد الوطنية الى تطبيق قانون الجنسية –القانون الاجنبي- وكانت قواعد الاخير تسند العلاقة الى قانون الموطن، فيمكن من هذا الفرض قبول الاحالة لغرض تحقيق وظيفة قواعد الاسناد([124]).اذ ان الاخذ بالإحالة من الدرجة الاولى لا يتعارض مع وظيفة قاعدة الاسناد، بل سيكون اكثر تحقيق لأهدافها، وبالتالي سيؤدي الى استقرار الحياة القانونية والمعاملات داخل اقليم الدولة وتحقيق لفكرة التعايش المشترك بين النظم القانونية ووحدة الحلول، تمهيدا لسهولة تنفيذ الحكم الاجنبي([125]).

اما اذا ترتب على الاخذ بالقواعد الموضوعية لقانون القاضي اخلال بتوقعات الاطراف، فمن غير المستساغ في هذه الحالة الاخذ بالإحالة، لان اعمالها سيتسبب بإخلال صارخ في التوقعات المشروعة لأطراف العلاقة، وبالتالي تعارض الاسس التي تقوم عليها مسائل الاحوال الشخصية بين القانون الواجب التطبيق الاجنبي والقانون الوطني للقاضي المحال عليه([126]).  فاذا اثير نزاع امام القاضي العراقي، بشان طلاق زوجين انكليزيين متوطنين في العراق فانه يتعين وفقا لقواعد الاسناد العراقية تطبيق القانون الانكليزي – قانون الجنسية – وقاعدة اسناد الاخير بدورها ستعقد الاختصاص لقانون الموطن- القانون العراقي- ومن ثم سيترتب على الاخذ الاحالة في هذه الحالة تطبيق قانون الاحوال الشخصية العراقي المستمد من الشريعة الاسلامية وفي ذلك اخلال بتوقعات اطراف العلاقة([127]).ولقد لقي هذا الاتجاه تأييد عدد من الفقهاء، والمتأثرين بمبدأ شخصية القوانين كما تبنت الاخذ به اتفاقية جنيف الدولية لعام 1930 وكذا اتفاقية لاهاي لعام 1955 وقوانين بعض الدول كألمانيا والسويد وسويسرا([128]). وعلى ما تقدم يمكن الوصول الى نتيجة مفادها، ان اصحاب الاتجاه الثاني يؤسسون لفكرة مفادها ان الاحوال الشخصية للأجانب يحكمها قانون الجنسية بصفة اصلية، وقانون الموطن بصفة احتياطية، دون العكس اي لا تجوز الاحالة من قانون الموطن الى قانون الجنسية.

في حين يرى اتجاه ثالث وجوب اتباع النسبية في التطبيق بخصوص الاحالة، ومنشأ هذا الرأي هو الحل الوظيفي لقاعدة الاسناد، فالمشرع الوطني حين وضع قاعدة الاسناد لتحديد قانونا معينا، فهو يفعل ذلك لأنه يرى فيه القانون الانسب لحكم المسالة المنظورة، ولكن هذا الحكم ليس له صفة الاطلاق، اذ قد يرى القانون الواجب التطبيق، المحدد بموجب قاعد الاسناد الوطنية، ان الانسب لحكم العلاقة القانونية هو تطبيق قانون اخر سواء كان قانون القاضي ام قانون ثالث([129]).  وفي ضوء ذلك متى لم تكن ضوابط الاسناد الوطنية ضوابط مطلقة، فان المنطق القانوني، يقضي -في بعض الظروف- تحقيقا لهدف قاعدة الاسناد، ترك الاختصاص لما تحدده قواعد الاسناد في القانون الاجنبي، ومن ثم يبدو من غير المقبول رفض الاحالة في مسائل الاحوال الشخصية، والتضحية بالهدف الاساس الذي تسعى الاحالة الى تحقيقه، الا وهو تحقيق الاتساق في الاحكام على المستوى الدولي([130]). وبالتالي تضع الاحالة قاعدة الاسناد على مسارها الصحيح فترشدها وتضبط غايتها، والتخلص من ظاهرة عدم التنسيق بين المشرعين ومثال ذلك ما نصت عليه المادة (19/2) من القانون المدني العراقي، والتي جاء فيها " يسري على الطلاق والتفريق والانفصال قانون الزوج وقت الطلاق او وقت رفع الدعوى"، وكذا موقف المشرع المصري في المادة (13/2) من القانون المدني.

هذا الحل الذي جاء به المشرع العراقي ليس بمنجى من النقد والتجريح، اذ يؤدي الى عدم احترام الحقوق المكتسبة للزوج الاخر، لان مجرد تغيير الزوج لجنسيته يؤدي الى تغيير القانون المختص، وبالتالي تطبيق قانون جنسية الزوج الجديدة([131]). كما يتأكد عيب هذا الحكم بانفراد قانون واحد- قانون جنسية الزوج- علما ان الزواج رابطة بين زوجين تنشا وفقا لقانونيهما، او لقانون يكون الطرفين متبصرين به، ان لم يخضعا معا لقانون واحد، وهذا ما اخذت به اتفاقية لاهاي لعام 1955في المادة (8) منها اذ تنص على انه "اذا لم يكن الزوجان من جنسية واحدة فيكون قانون اخر جنسية مشتركة لهما هو القانون المعتبر بالنسبة لتطبيق المواد السابقة هو قانون جنسيتهما"([132]).

ونتمنى على المشرع العراقي اعادة النظر في موضوع الاحالة في نطاق الاحوال الشخصية، والاقتداء بما ذهبت اليه التشريعات الالماني والتشيكي، من وضع ضوابط تقرر مناطا جديدا للإحالة، متمثل بمراعاة روح قاعدة الاسناد الوطنية، وما تسعى اليه من اسس تحقق التعايش المشترك بين النظم القانونية المختلفة.

الخاتمة:

بعد الانتهاء من تحليل مفهوم الإحالة وبيان المنهج التقليدي القائم على أسس نظرية ورؤية عامة مجردة في الموقف من هذه النظرية بالقبول أو الرفض، والانتهاء من مضمون فكرة الحل الوظيفي لقاعدة الإسناد، والأسس التشريعية والقضائية التي تستند إليها، وتطبيقاتها بالنسبة لضوابط الإسناد التي تم الاستعانة بها كمصداق للعلاقة بين الإحالة وغاية قاعدة الإسناد, نتوصل الى النتائج والتوصيات والتي نوجزها بالنقاط الاتية:

النتائج:

  1. إن الاستمرار باعتماد أسلوب الموقف الأولي من الإحالة بالقبول أو الرفض، قد يتسبب في بعض الأحوال في تضييع غاية قاعدة الإسناد، الرامية إلى انتخاب أفضل النظم القانونية لحكم العلاقة ذات العنصر الأجنبي، من بين قوانين الدول المرتبطة بالعلاقة القانونية محل النزاع.
  2. إن اعتماد المنهج التحليلي، والتفسير الغائي لقاعدة الإسناد، سيمكن القاضي العراقي من تجاوز الاشكاليات الناشئة من اعتماد بعض ضوابط الإسناد، إذ سيقف القاضي على غاية قاعدة الإسناد ومنها يتوصل إلى اهداف تلك القواعد وبالتالي الوصول إلى انسب القوانين لحكم العلاقة القانونية ذات العنصر الأجنبي.
  3. يتمتع القاضي الذي ينظر النزاع، بسلطة تقديرية واسعة في ضوء فكرة الحل الوظيفي ليتمكن في النتيجة من الوصول إلى أحكام تحقق الاتساق بين النظم القانونية المختلفة، وحلول ملائمة لمقتضيات التجارة الدولية، ولكن هذه السلطة والتقدير يكون تحت دائرة رقابة المحاكم العليا، وفق موجهات منضبطة ترتكز حول نقطة محددة هي وظيفة قاعدة الإسناد.
  4. إن المشرع العراقي كغيره من التشريعات التي تأثرت بالمخاوف التي أثارها خصوم الإحالة، إلا في بعض الموارد التي سمح فيها المشرع العراقي على سبيل الاستثناء الأخذ بالإحالة، والقانون التجاري فيما يرتبط بأهلية الملتزم بالسفتجة.
  5. إن المشرع العراقي في بعض ضوابط الإسناد قد خالف مبدأ دستوري، يقضي بالمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والالتزامات، حينما أخذ بضابط جنسية الزوج دون الزوجة، وبالخصوص فيما يتعلق بالطلاق والنفقة والبنوة.

التوصيات:

  1. نتمنى على المشرع العراقي تعديل ضابط جنسية الزوج، وتبني ضوابط أخرى كضابط  أخر جنسية مشتركة للزوجين، أو ضابط الموطن المشترك للزوجين، أو ضابط قانون الدولة الأكثر ارتباطا في العلاقة محل النزاع، تحقيقا للعدالة وضمانا للمبدأ الدستوري.
  2. تعديل نص المادة (31) من القانون المدني العراقي لتكون على الشكل الآتي " إذا تقرر إن قانونا أجنبيا واجب التطبيق، وأحالت نصوص هذا القانون الأخير إلى القانون العراقي، أو إلى قانون دولة أخرى، تقرر قبول الإحالة إذا كان ذلك يؤدي إلى حل معقول وعادل للعلاقة المعنية".
  3. إضافة فقرة أخرى إلى المادة (31) من القانون المدني العراقي تنص على انه " يجب تطبيق القواعد الموضوعية في القانون العراقي، إذا أحالت قواعد الإسناد في القانون الأجنبي إلى القانون العراقي". منعا من تكرار الاحالة والوصول إلى ما يسمى بالحلقة المفرغة.

المصادر:

1. بيار ماير- فانسان هوزيه، القانون الدولي الخاص، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط1، 2008.

2. د. جابر جاد عبد الرحمن، القانون الدولي الخاص، ج1، مطبعة التفيض، ط2، بغداد، 1947.

3. د. حفيظة السيد الحداد، الموجز في القانون الدولي الخاص، الكتاب الأول، المبادئ العامة في تنازع القوانين، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2013.

4. د. سامي بديع منصور، دنصري انطوان دياب، دعبده جميل غصوب، القانون الدولي الخاص، تنازع الاختصاص التشريعي، الجزء الاول،ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات، 2009.

5. د. سعيد يوسف البستاني، الجامع في القانون الدولي الخاص- المضمون الواسع المتعدد الموضوعات، منشورات الحلبي الحقوقية، ط1، 2009.

6. د. صلاح الدين جمال الدين، تنازع القوانين، دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون، ط1، 2006.

7. د. عباس العبودي، القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي وتنفيذ الاحكام الاجنبية، مكتبة السنهوري، ط1، بغداد، 2014.

8. عبد الرحمن العلام، شرح قانون المرافعات المدنية رقم 83 لعام 1969 مع المبادئ القانونية لقرارات محكمة تمييز العراق مرتبة على مواد القانون، العاتك لصناعة الكتاب، ط2، 2008، ص40 وما بعدها.

9. د. عبد الرسول عبد الرضا، الجنسية والعلاقات الدولية، منشورات زين الحقوقية، ط2، 2011.

10. د. عبد الرسول عبد الرضا، القانون الدولي الخاص، مكتبة السنهوري، ط1، بغداد، 2013.

11. د. عز الدين عبد الله، القانون الدولي الخاص،ج2، بلا مكان طبع، ط6، 1986.

12. د. عكاشة محمد عبد العال، احكام الجنسية اللبنانية ومركز الاجانب، ج1، الدار الجامعية، 1996، ص331 وما بعدها.

13. د. عكاشة محمد عبد العال، الاجراءات المدنية والتجارية الدولية، الدار الجامعية، ط1، 1986.

14. د. عكاشة محمد عبد العال، تطبيق القانون الأجنبي أمام القاضي اللبناني، مجموعة محاضرات ألقيت على المحامين المتدربين بنقابة المحامين اللبنانية في يوم الخميس الموافق 14/5/1998.

15. د. عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين "دراسة مقارنة"، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2010.

16. د. عكاشة محمد عبد العال، د. سامي بديع منصور، القانون الدولي الخاص، الدار الجامعية، 1995.

17. د. غالب علي الداودي، القانون الدولي الخاص الأردني، الكتاب الأول، الأردن، ط1، 1996.

18. د. غالب علي الداودي، د. حسن محمد الهداوي، القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين- تنازع الاختصاص القضائي الدولي- تنفيذ الأحكام الأجنبية، ج2، العاتك لصناعة الكتاب، ط3، 2009.

19. د. فؤاد عبد المنعم رياض، د.سامية راشد، تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي وأثار الأحكام الأجنبية، دار النهضة العربية، 1994.

20. د. ماهر ابراهيم السداوي، الدفع بالإحالة لقيام ذات النزاع امام محكمة اجنبية، المنصورة، اشار اليه د. هشام صادق، القانون الدولي الخاص، دار الفكر الجامعي، 2005.

21. د. محمد عبد المنعم رياض، مبادئ القانون الدولي الخاص، مطبعة مصر الحرة، ط1، 1933.

22. د. ممدوح عبد الكريم، القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين- تنازع الاختصاص القضائي الدولي- تنفيذ الأحكام الأجنبية، دار الثقافة، ط1، 2005.

23. د. هشام خالد، الاحالة "دراسة تطبيقية في نطاق القانون الدولي الخاص العربي، ط1، دار الفكر الجامعي، 2014.

24. د. هشام صادق، الموجز في القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين، بلا مكان طبع، 1995.

25. د. هشام صادق، د. حفيظة السيد الحداد، دروس في القانون الدولي الخاص، ج2، 2000.

26. د. هشام صادق، مركز القانون الأجنبي أمام القضاء الوطني "دراسة مقارنة" في تطبيق القانون الأجنبي أمام محكمة الموضوع ورقابة المحكمة العليا على تفسيره، منشاة المعارف، الإسكندرية، 1968.

27. د. هشام محمد صادق، د. عكاشة محمد عبد العال، د. حفيظة السيد الحداد، القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين، الاختصاص القضائي الدولي، الجنسية، دار المطبوعات الجامعة، مصر، 2006.

القوانين:

1.   القانون المدني العراقي رقم 40 لعام 1951

2.   قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لعام 1969.

3.   قانون التجارة العراقي النافذ رقم 83 لعام 1984.

4.   قانون التجارة العراقي  الملغي رقم 149 لعام 1870.

5.   القانون المدني المصري رقم 131 لعام 1948.

6.   القانون المدني السوري لعام 1949.

7.   القانون المدني الكويتي رقم 67 لسنة 1980.

المصادر الاجنبية:

1.Ernst Zitlemann: Internationales privatrecht Munchen Leipizg,volume2, 1912 spec.

2.Bernard Audit: international prive 3e edition economica pavis,2000.

 

 

[1]- للمزيد من التفصيل ينظر د. عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين "دراسة مقارنة"، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2010، ص156- 157. د. عبد الرسول عبد الرضا، القانون الدولي الخاص، مكتبة السنهوري، ط1، بغداد، 2013، ص247.

[2]- د.صلاح الدين جمال الدين، تنازع القوانين، دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون، ط1، 2006، ص90.

[3]- د.حفيظة السيد الحداد، الموجز في القانون الدولي الخاص، الكتاب الأول، المبادئ العامة في تنازع القوانين، منشورات الحلبي الحقوقية،بيروت، 2013، ص155.

[4]- د.ممدوح عبد الكريم، القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين- تنازع الاختصاص القضائي الدولي- تنفيذ الأحكام الأجنبية، دار الثقافة، ط1، 2005، ص61.

[5]- ينظر د.سعيد يوسف البستاني، الجامع في القانون الدولي الخاص- المضمون الواسع المتعدد الموضوعات، منشورات الحلبي الحقوقية، ط1، 2009، ص649.

[6]- للمزيد من التفصيل ينظر د.فؤاد عبد المنعم رياض، د.سامية راشد، تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي وأثار الأحكام الأجنبية، دار النهضة العربية، 1994، ص111.

[7]. بيار ماير- فانسان هوزيه، القانون الدولي الخاص، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط1، 2008، ص226.

[8]- د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص156-157.

[9]- للمزيد من التفصيل ينظر د.جابر جاد عبد الرحمن، القانون الدولي الخاص، ج1، مطبعة التفيض، ط2، بغداد، 1947، ص828.

[10]- د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص 156-157.

[11]- للمزيد من التفصيل حول هذا الموضوع ينظر د. غالب علي الداودي، د. حسن محمد الهداوي، القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين- تنازع الاختصاص القضائي الدولي- تنفيذ الأحكام الأجنبية، ج2، العاتك لصناعة الكتاب، ط3، 2009، ص72. د. عبد الرسول عبد الرضا، مصدر سابق، ص247 أشار لذلك بالمضمون.

[12]- د. عكاشة محمد عبد العال، مصدر سابق، ص159.

[13]- سواء كان القانون الذي أشارت إليه قواعد الإسناد في القانون الواجب التطبيق هو قانون القاضي نفسه (الإحالة من الدرجة الأولى)، أم قانون دولة ثالثة (الإحالة من الدرجة الثانية).

[14]. د. فؤاد عبد المنعم ، د. سامية راشد ، مصدر سابق ص 111، وللمزيد من التفصيل حول الفكرة أعلاه يذكر المؤلف تعليقا للفقيه (Batiffol) في الهامش رقم(2) من نفس الصفحة.

[15]- للمزيد من التفصيل ينظر د.هشام محمد صادق، د.عكاشة محمد عبد العال، د. حفيظة السيد الحداد، القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين، الاختصاص القضائي الدولي، الجنسية، دار المطبوعات الجامعة، مصر، 2006، ص95.

[16]- د.سعيد يوسف البستاني، مصدر سابق، ص649.

[17]- نقلا عن د. صلاح الدين جمال الدين، مصدر سابق، ص91.

[18]- د.سعيد يوسف البستاني، المصدر نفسه، ص650.

[19]- للمزيد من التفصيل ينظر د.عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين...، مصدر سابق الإشارة إليه، ص160.

[20]-  ينظر نص المادة (30) من القانون المدني الايطالي لعام 1942، والمادة (32) من القانون المدني اليوناني لعام 1946، والمادة (29) من القانون المدني السوري لعام 1949، والمادة (72) من القانون المدني الكويتي رقم 67 لسنة 1980.

[21]- للمزيد من التفصيل عن موقف المشرع المصري وتبريرات فقهاء القانون الدولي الخاص لهذا الموقف ينظر د.صلاح الدين جمال الدين، مصدر سابق، ص94-95.

[22]-.ينظر للتفصيل عن موقف المشرع العراقي والأساس الذي يستند إليه د. عبد الرسول عبد الرضا، مصدر سابق، ص248.

[23]- وهذا هو موقف قانون التجارة العراقي  الملغي رقم 149 لعام 1870 في المادة 424.

[24]- تعد المحاكم الفرنسية أول من لفت انتباه الفقه والتشريعات إلى مفهوم الإحالة في قضية (فوركو)  في 24/ 6/ 1878 والتي  أخذت بإحالة بسيطة وبدرجة واحدة والى قانون دولة المحكمة وبقيت المحاكم الفرنسية متمسكة بها وانتقلت إلى دول العالم الأخرى بدرجات وبصور مختلفة، كان فوركو من أم بافاريه (من المانيا) ولد طبيعي قدم إلى فرنسا مع أمه وعمره (5) سنوات وتوفى فيها دون أن يحصل على الموطن القانوني فيها وترك أموالا طائلة في فرنسا دون وارث ظاهر سوى الورثة الحواشي عن طريق أمه، وضعت وزارة المالية الفرنسية يدها على هذه التركة، إلى إن رفع الحواشي أمام المحاكم الفرنسية دعوى مطالبين بالتركة لأنفسهم وفقا لأحكام قانون مقاطعة بافاريا، استجابت محكمة البداءة ومحكمة استئناف (بوردو) إلى هذه الطلبات بعد أن أتمت التكييف والإسناد وفقا للقانون الفرنسي وتقرر تطبيق القانون الألماني بوصفه القانون الواجب التطبيق الذي يحكم التركة على أساس انه قانون موطن المتوفي القانوني، وهذا هو تطبيق القواعد الموضوعية في القانون البافاري وترك تطيق القانون البافاري وترك تطبيق قواعد الإسناد، وبذلك تكون نظرية الإحالة قد رفضت من حيث التطبيق الفعلي، وإنهم يعتبرون الورثة مستحقين من حيث القانون الألماني الذي يحكم نظام الإرث، درست وزارة المالية الفرنسية =  =القضية، وتمسك محامي الوزارة بقواعد الإسناد البافارية، إذ ذكّر محكمة النقض الفرنسية بان المقصود من القانون البافاري الأجنبي الذي تقرر تطبيقه وفق قواعد الإسناد الفرنسية هو كل القواعد الألمانية بما فيها القواعد المتعلقة بتنازع القوانين، إذ إن قواعد إسناد الأخير تحيل الحكم إلى القانون الفرنسي بوصفه قانون الإقامة الفعلية للمتوفي عند الوفاة، استجابت محكمة النقض الفرنسية إلى هذا الطلب وقبلت بنظرية الإحالة وبقيت متمسكة بها، ورفضت كل طلبات الورثة الحواشي بالطعون التي قدمت لها وكان آخر تلك الدفوع بتاريخ 22/2/1982، وأصدرت محكمة النقض الفرنسية قرارات لها بالإحالة في أعوام 1/3/1910، وفي 15/5/1963، وفي 19/ 3/1965، ينظر د. ممدوح عبد الكريم، مصدر سابق، ص59. د. هشام صادق، مركز القانون الأجنبي أمام القضاء الوطني "دراسة مقارنة" في تطبيق القانون الأجنبي أمام محكمة الموضوع ورقابة المحكمة العليا على تفسيره، منشاة المعارف، الإسكندرية، 1968، ص377 هامش رقم (1)، د. هشام خالد، الاحالة "دراسة تطبيقية في نطاق القانون الدولي الخاص العربي، ط1، دار الفكر الجامعي، 2014، ص37.          

[25]- للمزيد من التفصيل ينظر د.محمد كمال فهمي، أصول القانون الدولي الخاص، طبعة ثانية، 1985، 606، أشار إليه، د.سعيد يوسف البستاني، مصدر سابق، ص645.

[26]- ينظر للاستزادة موقف الاتجاه المعارض للإحالة في هذا البحث.

[27]- د. ممدوح عبد الكريم، مصدر سابق، ص60.  للمزيد من التفصيل حول هذه الحجة يراجع د. عبد الرسول عبد الرضا، مصدر سابق، ص246.

[28]- د. سعيد يوسف البستاني، مصدر سابق، ص645-646. للمزيد من التفصيل حول حجج الاتجاه المؤيد للإحالة ينظر د. بير ماير، د. فانسان هوزيه، مصدر سابق، ص208 وما بعدها.

[29]- د. فؤاد عبد المنعم، مصدر سابق، ص108.

[30]- ينظر للمزيد من التفصيل د. فؤاد عبد المنعم، مصدر سابق، ص108.

[31]-  يقرر الفضل في تطوير نظرية الإحالة إلى القضاء الفرنسي والانكليزي والقضاء الألماني ينظر في التفصيل د. غالب علي الداودي، القانون الدولي الخاص الأردني، الكتاب الأول، الأردن، ط1، 1996، ص118 وما بعدها.

[32]- د.سعيد يوسف البستاني، مصدر سابق، ص646.

[33]-  للمزيد من التفصيل حول خصائص قواعد الإسناد عند فقهاء القانون الدولي الخاص الفرنسي ينظر في ذلك                      Bernard Audit، international prive 3e edition economica pavis، 2000،p65.

[34]-  د. عز الدين عبد الله، القانون الدولي الخاص،ج2، بلا مكان طبع، ط6، 1986، ص151. وهذا المعنى هو الوارد في حكم محكمة النقض الفرنسية في قضية (FORGO) لعام 1878. سبقت الإشارة إليه في البحث.

[35]- للمزيد من التفصيل ينظر د. محمد عبد المنعم رياض، مبادئ القانون الدولي الخاص، مطبعة مصر الحرة، ط1، 1933، ص 145-146. د. ممدوح عبد الكريم، مصدر سابق، ص60.

[36]-  د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص154.

[37]- د.سعيد يوسف البستاني، مصدر سابق، ص647.

[38]- د. فؤاد عبد المنعم، د. سامية راشد، مصدر سابق، ص110.

[39]- ينظر في تفصيل ذلك ورد خصوم الإحالة علة هذه الحجة د.هشام صادق، د. عكاشة محمد عبد العال، د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق ص95-96.

41- إن القانون المختص في المثال أعلاه هو القانون العراقي بوصفه قانون موطن الزوج البريطاني بحسب قواعد الإسناد البريطانية،    إن مثل هكذا نتائج ستكون ضارة بمصلحة الأطراف لان حكم الطلاق سوف لن ينهي العلاقة الزوجية بحسب القانون المراد الاحتجاج بحكم الطلاق بموجبه أمام القانون البريطاني وهذا يعني أن الزوج في بريطانيا لا يتمكن من الزواج في بريطانيا لان القانون البريطاني يحظر تعدد الزوجات ولا يعترف بطلاقه لأنه جاء مقررا بموجب قانون أخر غير مختص وفقا للمنظور البريطاني  د. عبد الرسول عبد الرضا، مصدر سابق، ص245-246.

[41]-  أشار إليه د. سعيد يوسف البستاني، مصدر سابق، ص647.

[42]- د.هشام صادق، د. عكاشة محمد عبد العال، د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص96.

[43]- د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص154.

[44]- يقترح البعض للخروج من الدائرة اللانهائية مراعاة التدرج في ضوابط الإسناد أو الارتكان إلى فكرة وجود قاعدة إسناد احتياطية في قانون القاضي وضعت خصيصا لعلاج الحالات التي يمكن أن تترتب على فكرة التنازع السلبي بين قواعد الإسناد، ويقترح البعض الأخر العمل بفكرة التعايش بين النظم القانونية لإيجاد الحل النموذجي الذي يمكن معه التغلب على العيب، للمزيد من التفصيل حول تلك الحلول ينظر د. فرنسيكاكيس، موسوعة القانون الدولي، فقرة 26 وما بعدها، مصدر أشار إليه د. عكاشة محمد عبد العال، مصدر سابق، ص164، هامش رقم (1).

[45]- د. سعيد يوسف البستاني، مصدر سابق، ص654.

[46]- د. هشام صادق، د. عكاشة محمد عبد العال، د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص109.

[47]- ينظر للمزيد من التفصيل د. عكاشة محمد عبد العال، الاجراءات المدنية والتجارية الدولية، الدار الجامعية، ط1، 1986، ص170.

[48]-. يراجع د. ماهر ابراهيم السداوي، الدفع بالإحالة لقيام ذات النزاع امام محكمة اجنبية، المنصورة، اشار اليه د. هشام صادق، القانون الدولي الخاص، دار الفكر الجامعي، 2005، ص70، هامش رقم (1).

[49]- د. هشام صادق، د. عكاشة محمد عبد العال، د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص109.

[50]- د. سعيد يوسف البستاني، مصدر سابق، ص654.

[51]- للمزيد من التفصيل ينظر د. هشام صادق، د. عكاشة محمد عبد العال، د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص109.

[52]. د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص167.

[53].  د. سامي بديع منصور، د. أسامة العجوز، مصدر سابق، ص116.

[54]. ينظر نص المادة (19) من القانون المدني العراقي.

[55]. د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص168.

[56]. د. سعيد يوسف البستاني، مصدر سابق، ص653، وللمزيد من التفصيل حول الانتقادات التي وجهت لهذه النظرية ينظر د. هشام صادق، د. حفيظة السيد الحداد، دروس في القانون الدولي الخاص، ج2، 2000، ص5 وما بعدها.

[57].  حفيظة السيد الحداد، المصدر نفسه، ص166.

[58]- د. هشام صادق، الموجز في القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين، بلا مكان طبع، 1995،ص92 وما بعدها.

[59]- د. عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين، مصدر سابق، ص174.

[60]- حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص166.

[61]- للمزيد من التفصيل حول نظرية المجاملة الدولية في تفسير تنازع القوانين ينظر د. عبد الرسول عبد الرضا ، القانون الدولي الخاص...، مصدر سابق، ص229، د. غالب علي الداودي، د. حسن محمد الهداوي، القانون الدولي الخاص...، مصدر سابق، ص39.

[62]- د. هشام صادق، الموجز...، مصدر سابق، ص94 وما بعدها.

[63]- د. عكاشة محمد عبد العال، المصدر نفسه، ص175.

[64]- حفيظة السيد الحداد، المصدر نفسه، ص162.

[65]- د. عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين...، مصدر سابق، ص170.

[66]-  د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص162-163.

[67]- للمزيد من التفصيل حول اثر الاحالة وموضوع الحلقة المفرغة يراجع المطلب الاول من هذا البحث.

[68]-  د. عكاشة محمد عبد العال، المصدر نفسه، ص171.

[69]- للمزيد من التفصيل حول الانتقادات الموجهة لهذه النظرية ينظر د. فؤاد عبد المنعم، د. سامية راشد، مصدر سابق،ص108 وما بعدها.

[70]Ernst Zitlemann: Internationales privatrecht، 2volume، vI Leipzig 1897، volume2 Munchen Leipizg 1912 spec. T1 p239.،  وتشير د.حفيظة إنه بالرغم من الفضل الذي يسجل للفقيه Zitlemann في وضع بذور هذه الفكرة فان جانب أخر من الفقه الألماني له الفضل في صياغة مضمونها على نحو أوضح للمزيد من التفصيل د. حفيظة السيد الحداد ، مصدر سابق الإشارة إليه، ص171 والمصادر التي تذكرها للفقه الألماني في هامش نفس الصفحة.                                                              

[71]- في بيان غاية قاعدة الإسناد واحترام توقعات الفرقاء ينظر بيار ماير- فانسان هوزيه، مصدر سابق، ص221.

[72]-  نقلا عن د. عكاشة محمد عبد العال، مصدر سابق، ص217، د. فؤاد رياض، د. سامية راشد، مصدر سابق،ص54 وما بعدها، د. عكاشة محمد عبد العال، تطبيق القانون الأجنبي أمام القاضي اللبناني، مجموعة محاضرات ألقيت على المحامين المتدربين بنقابة المحامين اللبنانية في يوم الخميس الموافق 14/5/1998.

[73]-  د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص171.

[74]-  للمزيد من التفصيل عن هذا الاتجاه ينظر د. عكاشة محمد عبد العال، د. سامي بديع منصور، القانون الدولي الخاص، الدار الجامعية، 1995، ص370.

[75]-  للمزيد من التفصيل ينظر د. عبد الرسول عبد الرضا، الجنسية والعلاقات الدولية، منشورات زين الحقوقية، ط2، 2011، ص280.

[76]-  للمزيد من التفصيل عن هذا الاتجاه وحججه وتطبيقاته القضائية ينظر د. عكاشة محمد عبد العال، احكام الجنسية اللبنانية ومركز الاجانب، ج1، الدار الجامعية، 1996، ص331 وما بعدها.

[77]-  د. هشام خالد، مصدر سابق، ص335.

[78]-  د. حفية السيد الحداد، الموجز في القانون الدولي الخاص...، مصدر سابق، ص172.

[79]-  ينظر للمزيد من التفصيل  د. هشام صادق، د. عكاشة محمد عبد العال، د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص109.

[80]-  د. حفيظة السيد الحداد، المصدر السابق، ص173.

[81]-  د. هشام صادق، د. عكاشة محمد عبد العال، د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص109.

[82]-  ان تقدير القاضي للحل الموضوعي المادي في حالة الاخذ بالإحالة يخضع فيه لتقدير المحاكم العليا، فمثلا جاء في قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لعام 1969 في المادة (205/ 5) ان (للخصوم ان يطعنوا تمييز لدى محكمة التمييز... وذلك في الاحوال التالية "5. اذا وقع في الحكم خطا جوهري، ويعتبر الخطأ جوهريا اذا اخطأ الحكم في فهم الوقائع").وبالتالي اذا استند القاضي الى حل غير موضوعي في تقدير الاحالة فللخصوم اللجوء الى المحكمة العليا ، للمزيد من التفصيل ينظر عبد الرحمن العلام، شرح قانون المرافعات المدنية رقم 83 لعام 1969 مع المبادئ القانونية لقرارات محكمة تمييز العراق مرتبة على مواد القانون، العاتك لصناعة الكتاب، ط2، 2008، ص40 وما بعدها.

[83]- د. حفيظة السيد الحداد، المصدر نفسه، ص173وما بعدها.

[84]- ينظر نص المادة (35) من القانون اعلاه.

[85]- للمزيد عن الاحكام التي تضمنتها المادة الرابعة ينظر: د. حفيظة السيد الحداد، المصدر نفسه، ص174 وما بعدها.

[86]- اشارت اليها د. حفيظة السيد الحداد، المصدر نفسه، ص174.

[87]-  د. عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين...، مصدر سابق، ص220.

[88]- نفس المعنى اشار اليه. د. هشام صادق، د. عكاشة محمد عبد العال، د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص109.

[89]-  يقصد بالإحالة من الدرجة الاولى تخلي قواعد الاسناد في القانون الاجنبي الواجب التطبيق عن الاختصاص الى قانون القاضي الذي ينظر النزاع ولمن اراد الاستزادة عن معنى واحكام الاحالة من الدرجة الاولى ينظر: د. يوسف البستاني, مصدر سابق، ص640 وما بعدها.

[90]- د. عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين...، مصدر سابق، ص222.

[91]- للمزيد من التفصيل عن ارتياح الافراد بتطبيق القانون الذي يحقق مصالحهم ينظر د. عكاشة محمد عبد العال، المصدر نفسه، ص222.

[92]- تنص المادة 22 من القانون المدني العراقي على ان " قضايا الميراث يسري عليها قانون المورث وقت موته....".وللمزيد من التفصيل حول اختصاص قانون الجنسية بالنسبة للمتوفي ينظر د. صلاح الدين الناهي، التعليقات الوافية على متون القوانين، 1954، ص148، اشار اليه د. غالب الداودي، د. حسن الهداوي، القانون الدولي الخاص...، مصدر سابق، ص121، هامش رقم 2.

[93]-  موقف المشرع العراقي من الاخذ بالإحالة تقدم توضيحه في هذا البحث والذي اختزلته المادة 31  من القانون المدني العراقي بقولها " اذا تقرر ان قانونا اجنبيا هو واجب التطبيق فإنما يطبق منه احكامه الموضوعية دون التي تتعلق بالقانون الدولي الخاص"، دون اغفال الاستثناءات الواردة على الاحالة، والتي لا يعد موضوع الميراث من ضمنها.

[94]-  انظر د. عكاشة محمد عبد العال، المصدر نفسه ص223.

[95]-  للمزيد من التفصل حول تلك الموضوعات ينظر استاذنا د. عباس العبودي، القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي وتنفيذ الاحكام الاجنبية، مكتبة السنهوري، ط1، بغداد، 2014، ص187 وما بعدها.

[96]-  للتفصيل  د. هشام صادق، د. عكاشة محمد عبد العال، د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص109.

[97]-  يرى البعض من الفقه المصري انه لو اثير نزاع امام القاضي المصري خاص بطلاق بين زوجين انجليزيين مختلفي الملة ومتوطنين في مصر، فانه يتعين رفض الاحالة وتطبيق القانون الانكليزي الذي عينته قاعدة التنازع المصرية، فالأخذ بالإحالة من القانون الانكليزي الى القواعد المادية في القانون المصري سيفضي الى تطبيق الشريعة الاسلامية بوصفها الشريعة العامة، ولا شك ان في ذلك مساسا باعتبارات العدالة كما صورها المشرع المصري نفسه وانتهاكا لتوقعات الافراد وعصفا بالغاية من قاعدة التنازع د. عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين...، مصدر سابق، ص224، ونعتقد ان هذا الفهم لأحكام الشريعة الاسلامية يشوبه القصور من التشريعات التي لا تثق بعدالة احكام الله في الارض وتدفع الاختصاص الى تشريعات وضعية قد لا تحقق ما تحققه الشريعة من حماية لتوقعات الاطراف المشروعة والعدالة ورعاية التعايش المشترك للنظم القانونية المشتركة وحماية التجارة الدولية وهذا ما تحرص عليه الشريعة الاسلامية وها هي احكام الشريعة لممن اراد الاستزادة والاطلاع.

[98]-  حيث تنص المادة 35 من القانون التشيكي " اذا عينت نصوص القانون الدولي الخاص التشيكي قانون دولة ما، واحالت نصوص هذا القانون الاخير الى القانون التشيكي، او الى قانون دولة اخرى، في حالة الاحالة من الدرجة الثانية، فان تلك الاحالة يمكن قبولها اذا كان ذلك القبول يؤدي الى حل معقول وعادل للعلاقة المعنية" وكذا الامر بالنسبة للقانون الدولي الخاص الالماني التي اجازت اللجوء الى الاحالة فيما اذا كان فيها تحقيق للعدالة وحماية لتوقعات الاطراف ينظر نص المادة (4) من القانون الدولي الخاص الالماني.

[99]-  اشار اليه د. احمد عبد الكريم سلامة، تنازع القوانين...، مصدر سابق، ص224.

[100]- ينظر بنفس المعنى د. صلاح الدين جمال الدين مصدر سابق، ص88.

[101]- د. فؤاد رياض، مصدر سابق، ص108.

[102]- للتفصيل عن حكم المحكمة الفرنسية ينظر د. احمد عبد الكريم سلامة، المصدر نفسه،  ص226.وما بعدها.

[103]-  تنص المادة 27 من القانون المدني العراقي لعام 1951 على ان " الالتزامات غير التعاقدية يسري عليها قانون الدولة التي حدثت فيها الواقعة المنشئة للالتزام ". ونص المادة (21) من القانون المدني المصري، والمادة (22) من القانون المدني السوري لعام 1949، والمادة 22 من القانون المدني الاردني 1976.

[104]-  د هشام صادق، د. عكاشة محمد عبد العال، د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص111.

[105]-  د. عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين، مصدر سابق، ص230.

[106]- د. عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين، مصدر سابق، ص230.

[107]- هذا الاتجاه من الاتجاهات التي لاقت اهتمام كبير من قبل التشريعات الحديثة إيمانا منها بالمنطق السليم الذي يستند إليها، ينظر نص المادة 48/1 من القانون الدولي الخاص النمساوي لعام 1979، والمادة 35/3 من القانون التركي لعام 1982، والمادة 133 من القانون الدولي الخاص السويسري لعام 1987، والمادة 32/2 القانون الدولي الخاص المجري لعام 1979، وقوانين أخرى أشارت إليها د. عكاشة محمد عبد العال، المصدر نفسه، ص230 هامش رقم 1،  د. هشام صادق، مصدر سابق، ص731.

[108]- ينظر للمزيد من التفصيل د هشام صادق، د. عكاشة محمد عبد العال، د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص110.

[109]- د. سامي بديع منصور، د. العجوز، مصدر سابق، ص121.

[110]- د. فؤاد عبد المنعم، د. سامية راشد، مصدر سابق، ص120.

[111]- للمزيد من التفصيل د. عكاشة محمد عبد العال، مصدر سابق، ص240.

[112]- د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص182، د.عكاشة محمد عبد العال، المصدر نفسه، ص240

[113]- د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص182.

[114]- د.سعيد يوسف البستاني، مصدر سابق، ص655.

[115]- ينظر نص المادة (4) من القانون الدولي الخاص الألماني، سبقت الإشارة إليه.

[116]- د.حفيظة السيد الحداد، المصدر نفسه، ص183.

[117]- يقصد بالتركيز الموضوعي للرابطة العقدية انه في حالة انتفاء اختيار اطراف العلاقة العقدية الصريح للقانون الواجب    التطبيق فان القاضي يحدد ارادة الاطراف بالبحث عن مركز الثقل في الرابطة للمزيد من التفصيل عن موضوع التركيز الموضوعي للرابطة العقدية ينظر دسامي بديع منصور، دنصري انطوان دياب، دعبده جميل غصوب، القانون الدولي الخاص،تنازع الاختصاص التشريعي، الجزء الاول،ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات، 2009, ص603.

[118]- د هشام صادق، د. عكاشة محمد عبد العال، د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص349 وما بعدها، مصدر سابق، ص349.

[119]-  ينظر: المادة (25) من القانون المدني العراقي.

[120]- للمزيد من التفصيل يراجع د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص188.

[121]- يراجع للمزيد من التفصيل د. هشام صادق، د. عكاشة محمد عبد العال، د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق،113.

[122]- د. يوسف البستاني، مصدر سابق، 657.

[123]- د. عكاشة محمد عبد العال، مصدر سابق، 232.

[124]- د. هشام صادق، مصدر سابق، ص84.

[125]- د. هشام صادق، د. عكاشة محمد عبد العال، د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص115-116.

[126]- د. فؤاد عبد المنعم، د. سامية راشد، مصدر سابق، ص119.

[127]- ينظر نفس المعنى د. هشام صادق، د. عكاشة محمد عبد العال، د. حفيظة السيد الحداد، المصدر نفسه، ص113.

[128]- للمزيد من التفصيل ينظر د. سعيد يوسف البستاني، مصدر سابق، ص658.

[129]- للمزيد من التفصيل يراجع د. عكاشة محمد عبد العال، مصدر تقدم ذكره، ص233.

[130]- د. حفيظة السيد الحداد، مصدر سابق، ص193.

[131]- ينظر نص المادة (19/3) من القانون المدني العراقي.

[132]- نقلا عن د. عكاشة محمد عبد العال، مصدر سابق، ص235.