تصنیف البحث: القانون
من صفحة: 58
إلى صفحة: 95
النص الكامل للبحث: PDF icon 180421-134139.pdf
خلاصة البحث:

ان تطور الحياة في مختلف جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية ألقى بضلاله على الجانب القانوني المنظم لذلك التطور وكان من نتيجة ذلك الإضرار التي تنتج عن استخدام الوسائل اللازمة لمواكبة ذلك التطور غير مقتصرة على شخص او أشخاص معينين بالذات بل تمتد الى نطاق واسع لتشمل المجتمع بأسره او تؤدي إلى تلوث البيئة التي يعيش بها الإنسان. ومن هذا المنطلق بدأت المسؤولية المدنية عن الإضرار البيئية تحتل مكانا متميزا في مجال الدراسات والأبحاث القانونية التي تعنى بموضوع البيئة وحمايتها من التلوث ولا سيما موضوع التعويض عن الضرر البيئي الذي ينبغي قبل دراسته الإشارة إلى معنى الضرر البيئي والتلوث البيئي وشروطه في ضوء الشروط العامة للضرر عموما , اذ يجب ان يكون الضرر البيئي مباشرا ومحققا وان لا يكون قد سبق تعويضه وان يمس حقا او مصلحة مشروعة للمضرور ان كان واحدا او عدد من الأشخاص او جميع الأشخاص في المجتمع (طبيعيين كانوا ام معنويين) ومن مقتضيات هذا البحث الإشارة الى إطراف دعوى التعويض وهما المدعي والمدعى عليه وما هي الطلبات التي يضمنها المدعي عريضة دعواه وما هي الدفوع التي يتمسك بها المدعى عليه لدفع دعوى المدعي , والتعويض عن الضرر البيئي باعتباره غاية رفع الدعوى يتم تقديره وفق طرق معينة فهو قد يكون عينيا وقد يكون بمقابل نقدي او غير نقدي حسب الأحوال والجهة التي مسها الضرر فهو قد يصيب الإنسان وقد يصيب المجتمع بأسره لذا تبدو الدعوى المرفوعة أحيانا شخصية وفي أحيان أخرى جماعية وقد يكون الضرر قد مس المحيط البيئي وبالتالي فان تعويضه قد يكون جزافاً او بموجب طريقة التعويض المستعارة من القوانين الاقتصادية او من بعض قوانين الإحياء وتبين لنا من خلال البحث جملة من النتائج والتوصيات.

 فعلى صعيد النتائج , وجدنا ان للضرر البيئي مجموعة من الأسباب المتداخلة تجمع ما بين الثورة العلمية والتكنولوجية والنمو السكاني التي أدت الى إحداث الضرر الماس بمحيط الإنسان البيئي كما ان التعويض عن الضرر البيئي يختلف من حالة لأخرى وبحسب ما إذا كان المضرور شخصا واحد او عده أشخاص اذ ينبغي استحداث أنظمة تعويض جماعية لسد الثغرات في ما يتعلق بالحماية القانونية للبيئة وفي حالة عدم وجود تلك الأنظمة فان الطريق الأمثل هو رفع دعوى واحدة إمام المحاكم المدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابهم.

 اما على صعيد التوصيات فدعونا إلى ضرورة تطويع قواعد المسؤولية المدنية لتستجيب للطبيعة الخاصة للضرر البيئي دون التمسك بالقواعد التقليدية للمسؤولية , كما دعونا إلى ضرورة تعزيز فكرة الأنظمة الإجبارية للتامين من النشاطات الخطرة لتغطية المخاطر المحتملة من جراء تلك الأنشطة , كما وجدنا من الملائم تعزيز فكرة ان الوقاية خير من العلاج فعلى الدول اتخاذ كافة الاحتياطات والتدابير اللازمة لمنع وقوع الضرر البيئي او الوقاية منه من خلال نشر الوعي الثقافي لدى الإفراد والحد من نشاطاتهم الملوثة للبيئية , كما ينبغي النظر لمشكلة تلوث البيئة باهتمام مع توفير جميع السبل اللازمة حفاظا على البيئة وضرورة تفعيل دور وزارة البيئة من خلال المساهمة في إصلاح الضرر البيئي او مطالبة الدولة بإصلاح الضرر عندما لا تتوفر لدى الوزارة اعلاه الإمكانيات اللازمة لإصلاحه.

البحث:

المقدمة

مما لاشك فيه إن تطور الحياة في مختلف جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية ألقى بضلاله على الجانب القانوني المنظم لذلك التطور وقدا صبحت الإضرار التي تنتج عن استخدام الوسائل اللازمة لمواكبة ذلك التطور غير مقتصرة على شخص او أشخاص معينين بالذات بل تمتد على نطاق واسع لتمس المجتمع بأسره أو تودي إلى تلوث البيئة التي يعيش فيها الإنسان وجدت الحضارة البشرية نفسها إمام صعوبات وتحدي خطير فاتجهت نحو مشكلات البيئة بتقنيات جديدة بالتوازي مع تبني تشريعات بيئية تلزم المجتمعات من جماعات وإفراد بتصرفات قانونية للحفاظ على البيئة من التلوث ومن هذا المنطلق بدأت المسؤولية المدنية عن إضرار البيئة تحتل مكانا متميزا في مجال الدراسات والأبحاث القانونية التي تعنى بموضوع البيئة وحمايتها من التلوث وقبل الخوض في موضوع البحث المتعلق بدعوى التعويض عن الضرر البيئي نجد من الملائم الإشارة الئ معنى التلوث البيئي والضرر البيئي وشروط تعويضها ونفرد لكل منهما فقرة مستقلة:

أولا:- التلوث البيئي:-

لقد تعددت التعريفات بصدد التلوث البيئي فمنها ركزت على الجانب العلمي وأخرى على الجانب القانوني فالتي ركزت على الجانب العلمي نظرت للتلوث البيئي بأنه إي تغير غير مرغوب فيه في الصفات الفيزيائية او الكيميائية او الحياتية للتربة والهواء والماء والذي سيؤثر على حياة الإنسان وظروف معيشته([1]).

بينما هنالك من يذهب الئ تعريفه بأنه (وجود أية مادة او طاقة في غير زمانها ومكانها وكميتها المناسبة تودي إلى الاختلال او إلحاق الأذى بالبشر بأية طريقة من الطرق وبأي شكل كان) ([2]).

إما قانونا فنجد ان قانون حماية وتحسين البيئة العراقي رقم 3 لسنة 1997 أشار في المادة الثانية /6 (وجود إي من الملوثات المؤثرة في البيئة لكمية او تركيز وصفة غير طبيعية تؤدي بطريق مباشر او غير مباشر الئ الإضرار بالإنسان او الكائنات الحية الأخرى او بالبيئة التي توجد فيها) من خلال ما تقدم ذكره يمكن تعريف التلوث البيئي بأنه إي تغير في الحالة القائمة للبيئة التي يمكن ان ينتج عنها الإزعاج او الإمراض اؤ وفاة الإنسان اؤ الحيوان اؤ النبات اؤ إلحاق الضرر بالموارد والموجودات سواء تولدت هذه الإضرار بصورة مباشرة اؤ غير مباشرة عن عمد اؤ عن إهمال.

 

ثانيا:- الضرر البيئي:-

لقد عرف الضرر البيئي تعريفات عده فهناك من عرفه بأنه إي تأثير على المكونات الحية او غير الحية في البيئة والنظم الايكولوجية بما في ذلك الضرر على الحياة البحرية او البرية او الجوية([3]).

 وذهب رأي أخر إلى انه الأذى الحال او المستقبل الذي ينال من إي عنصر من عناصر البيئة و المترتب على نشاط الإنسان الطبيعي او المعنوي او فعل الطبيعة المتمثل بالإخلال بالتوازن البيئي سواء كان صادرا من داخل البيئة الملوثة أم وارد إليها([4]).

بينما ذهب اتجاه ثالث إلى إن للضرر البيئي مفهومان:-

المفهوم الأول:- هو الضرر الذي يتركز في أصابه الطبيعة نفسها او عن طريق شي طبيعي او نظام بيئي فالعملية البيئية متداخلة فضلا عن الاستقلال المستمر لنوع او لنظام بيئي معين من شانه إن يتدخل في الأمر ايضأ([5]).

المفهوم الثاني:- فيذهب إلى إن الضرر البيئي يشمل كل أذى ترتب على التلوث فالصفة البيئية لا تتوقف على طبيعة الضرر بل على مصدر الضرر وذلك لأنه قد يترتب على تلوث البيئة الطبيعية او البيئة الاصطناعية اضرارأ نسميها بالإضرار البيئية ولكنها في الواقع اضرارأ اقتصاديه ([6]).

 من كل ما تقدم يمكن إن نضع للضرر البيئي تعريفا بأنه (الأذى الذي يترتب على مجموعة من الأنشطة الطبيعية او الانسانيه التي تغير من صفات المحيط البيئي لمجموعة من الأشخاص بصوره مباشرة او غير مباشره يعرضهم للاصابه في أجسامهم او أموالهم او يؤذيهم معنويا وان يلحق الأذى بكائنات أخرى حيه أم غير حيه).

 

ثالثا:- شروط الضرر البيئي:-

على الرغم مما يتمتع به الضرر البيئي من خصوصية معينه إلا انه يشترك مع شروط الضرر كركن من أركان المسؤولية وان كان جانبا من الفقه المدني والتشريعات المقارنة لم تتفق على موقف موحد من عدد تلك الشروط وعموما ينبغي إن يكون الضرر موضوع البحث محققا لا احتماليا سواء كان ذلك الضرر حالا او مستقبلا([7])

وقد أكدت ذلك محكمة التمييز في العراق في حكم لها جاء فيه (إن الضرر المطالب به يجب ان يكون محققا ولا يكفي إن يكون محتمل الوقوع) ([8])

 فالضرر البيئي إذا كان احتماليا لا تعويض عنه , فمثلا لا تعويض عن احتمال انتشار الإمراض المختلفة التي يمكن إن يصاب بها الإنسان نتيجة لتلوث البيئة مستقبلا كإمراض السرطان او اضطرابات القلب او التهاب الدماغ وضيق التنفس وينبغي كذلك إن يكون الضرر البيئي مباشرا إي توجد علاقة سببية بينه وبين الخطأ الذي ادئ إليه ويوصف الضرر بأنه مباشرا إذا كان نتيجة طبيعية للإخلال بالالتزام سواء كان ذلك الالتزام عقديا أم لا وسواء كان الإخلال قد اتخذ صورة عدم التنفيذ او التأخر فيه او كون التنفيذ جاء معيبا إي بغير تلك الصورة المتفق عليها([9])

 إما إذا كان الضرر غير مباشر إي ليس نتيجة طبيعية للفعل الضار فان المدعى عليه لا يكون مسؤولا عنه لانقطاع العلاقة السببية بين الخطأ والضرر ([10])

 علما وضع معيار للتميز بين الضرر المباشر وغير المباشر يكتنفه الغموض لذا ذهب جانبا من الفقه الئ القول انه مسالة ذوق وفطنة أكثر من كونه مسالة فقه وقانون وإنها مسألة وقائع يفصل فيها القاضي تبعا لما يراه من الظروف لكل مسالة على انفراد ([11])

ونتيجة لما تقدم نجد إن جانبا من الفقه طرح فكرة التميز بين الضرر العادي وغير العادي حيث لأيتم الأخذ بنظر الاعتبار الشيء الذي سبب الضرر العادي او غير العادي,وهذا الرأي منتقد كونه لايقدم تحليلا علميا وقانونيا للتفرقة بين الإضرار العادية وغير العادية وهذا بدوره سيؤدي الئ المساواة مثلا بين صاحب مصنع حريص على الالتزام بالضوابط والإجراءات اللازمة لمنع تأثير الأدخنة والنفايات على الإنسان والبيئة وبين صاحب مصنع مهمل إذا يستطيع الأخير دفع مسؤوليته عن فعله الضار لتفاهته او عدم جسامة الإضرار التي أصابت المضرور هذا من جهة ومن جهة أخرى إن القول المتقدم يجعل القاضي مختص بنظر الدعوى هو المتحكم ويقيم مسؤولية الأول (الحريص) على اعتبار إن الضرر غير عادي ([12])

 وينبغي ,إضافة لما تقدم , إن يكون الضرر البيئي قد أصاب حقا مكتسبا او مصلحة مشروعة للمتضرر وان كانت لأترقى الئ مرتبة الحق الثابت إلا أنها غير مخالفة للنظام العام والآداب العامة سواء كان هذا الحق ماليا او معنويا فالفعل الضار ينبغي حتى يمكن تعويضه إن يمس حق من الحقوق المكتسبة كالحق في الحياة والحق في التكامل الجسدي أو مس مصلحة مشروعة للمتضرر كمصلحة من يعيلهم شخص دون إلزام قانوني عليه ببقاء ذلك الشخص على قيد الحياة ولكن بعد ان يثبت من حرموا من الإعالة ان المعيل يستمر في الإعالة وان فرصة استمراره على ذلك محققة([13]).فالمصلحة غير المشروعة لا تعويض عنها , فالخليلة التي تفقد خليلها نتيجة حادث معين لا تستطيع المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابها لان العلاقة غير المشروعة لا تتمتع بالحماية القانونية.

 وفي نطاق الإضرار ألبيئيه, موضوع البحث, فان ما يجب تعويضه هو الضرر الذي يصيب الإنسان في مصلحة مالية مشروعة له او حق مكتسب وذلك عبر الإضرار بالمصادر الأولية للطبيعة من ماء وهواء وتربة إما ما يصيب الطبيعة مباشرة من إضرار فأننا نرى وجوب تشكيل لجان متخصصة لمطالبة محدث الضرر البيئي بالتعويض.

 إما عن شروط الضرر البيئي الأخرى فينبغي ان يكون شخصيا ويعد ذلك من متطلبات توجه الخصومة في دعوى التعويض والتي يجب على القاضي التثبت من توافرها قبل الدخول في أساس الدعوى ([14]).

 ويتحقق هذا الشرط سواء المضرور شخصا طبيعيا أم معنويا ([15]).

ومن التطبيقات القضائية عن الإضرار البيئية الشخصية ما عرض إمام المحكمة العليا لدولة الإمارات العربية المتحدة بخصوص التلوث الإشعاعي آذ حكمت للمتضرر(المدعي) بإلزام المدعى عليهم بالرسوم والمصروفات و2000 درهم مقابل إتعاب المحاماة وتعميما للفائدة نورد ملخصا لوقائع الدعوى ([16]).

 وقد ينعكس الضرر البيئي الذي يلحق شخصا معينا على غيره فيصاب بضرر شخصي بالتبعية ويسمى الضرر الثاني بالضرر المرتب او المنعكس, فلو أدى استنشاق الغازات السامة المنبعثة من معمل او منشاة معينة إلى موت شخص مما أدى إلى إلحاق إضرار متعددة بغيره ممن كان ضحية الفعل الضار كأولاد المتوفى وزوجته الذين كانوا يعتمدون في معيشتهم على إعالته لهم ويحق لهؤلاء إن يرفعوا بأسمائهم الخاصة دعاوى ضد المسؤول ويطالبون بتعويض الإضرار التي إصابتهم ماليا ومعنويا([17]).

 وينبغي الإشارة الئ إن التعويض عن الضرر المرتد لا يقتصر على حالة موت المصاب بل يشمل حتى حالات تضرر من كان قريبا للضحية ماديا او أدبيا بسبب تعرض المضرور لاعتداء او جراء إصابة خلفت عاهة من العاهات او سببت له تشويها خلقينا على الرغم من بقائه على قيد الحياة ولا نؤيد ما اتجهه إليه القضاء العراقي الذي استقر على عدم قبول دعاوى التعويض من قبل المتضررين بالارتداد ألا في حالة موت المصاب وهذا ما نجده في قرار صادر عن محكمة تميز العراق إذا جاء فيه (لا يحق لأقارب المصاب المطالبة بالتعويض الأدبي ألا في حالة وفاته نتيجة الحادث((مادة 205 مدني))) ([18]).

 ونحن برأينا المتواضع ندعو المشرع والقضاء العراقي إلى ضرورة تمكين المتضرر بالارتداد المطالبة بالتعويض حتى في حالة بقاء المصاب (المتضرر شخصيا)على قيد الحياة.

 وينبغي أخيرا إن لا يكون الضرر البيئي قد سبق تعويضه فإذا عوض سابقا وزالت أثاره فلم يعد أساسا صالحا لرفع دعوى التعويض عنه مرة ثانية وإذا ما حاول المتضرر ذلك ترد دعواه لأنه لا يجوز الجمع بين تعويضين عن فعل ضار واحد في ميدان المسؤولية المدنية , إما إذا تغير الضرر زيادة او نقصانا وطالب المتضرر بتعويض تكميلي فان تلك المطالبة لا تتعارض مع المبدأ أعلاه لان الطلب الجديد خاص بضرر لم يسبق تعويضه ولا يتعارض مع مبدأ قوة الشيء المحكوم فيه بالإضافة الئ إن الضرر الجديد لم تأخذه المحكمة بعين الاعتبار عند إصدار الحكم لأنه لم يكن موجودا وألا لكان الحكم شمله ([19]).

 وبعد هذا العرض الموجز والسريع لمعنى الضرر البيئي وشروط تعويضه سنشير ومن خلال المباحث القادمة إلى كيفيه تعويضه ابتداءأ من رفع الدعوى وانتهاءا بصدور الحكم بالتعويض.وقد جعلنا خطة البحث تتضمن مبحثين:-

الأول:- لدعوى المسؤولية ونتأول فيه إطراف الدعوى وطلباتهم ودفعوهم.

الثاني:- نشير فيه إلى كيفيه التعويض من حيث طرق التعويض وكيفيه تقديره ثم الاشاره إلى تعويض الضرر البيئي الذي يصيب المحيط البيئي فهو قد يقدر جزافا او بطريقة الاستعارة من القوانين الاقتصادية او من بعض قوانين الإحياء ثم ننتهي بخاتمه تتضمن جمله من النتائج والمقترحات.

المبحث الأول: دعوى المسؤولية عن الضرر البيئي

إن جوهر موضوع البحث يتمثل بوجود ضرر بيئي أصاب الإنسان او محيطه البيئي,لذا نجد من المناسب الإشارة إلى إطراف الدعوى (المدعي والمدعى عليه) لما لذلك من اثر هام في توجه الخصومة في الدعوى , ثم ما هي الطلبات والدفوع التي قد يتمسك بها إطراف الدعوى ولتوضيح ذلك سنجعل هذا المبحث على مطلبين:-

الأول:- لإطراف الدعوى.

الثاني:- للطلبات والدفوع.

المطلب الأول

طرفا دعوى التعويض

 إن طرفي دعوى المسؤولية المدنية المترتبة على الضرر البيئي هما المدعي والمدعى عليه, ونتناول كل منهما في فرع مستقل:-

الفرع الأول:- المدعي بالضرر البيئي.

إن الدعوى لا ترفع ألا من قبل الشخص الذي أصابه الضرر وتكون صفته مدعيا , وقد يلق الضرر مجموعة من الأشخاص وعليه فالدعوى المرفوعة إما أن تكون شخصيا او جماعية.

 أولا:- الدعوى الشخصية:-

الأصل أن الشخص المضرور يرفع الدعوى على محدث الضرر أصالة عن نفسه وقد يرفعه نيابة عن المضرور الأصلي كالوكيل او الولي او الوصي او القيم ([20]).

وينبغي أن يكون المضرور كامل الأهلية حتى يكون له الحق في رفع الدعوى وألا أناب عنه أخر كالولي او الوصي , وقد يكون المدعي هو خلف عام كوارث المضرور او خلف خاص وقد يكون مجرد دائن للمضرور الذي يرفع الدعوى باسم مدينه وتعرف بالدعوى غير المباشرة وبشرط أن يكون الضرر الذي لحق المضرور ماديا ([21]). إما إذا كان الضرر معنويا فلا ينتقل للغير(الخلف والدائن) ألا إذا تحددت قيمته بمقتضى اتفاق او حكم نهائي استنادا لنص المادة 205 من القانون المدني العراقي([22]).

 إما إذا توفى الشخص المضرور ضررا ماديا فحقه بالتعويض ينتقل إلى ورثته كل بقدر نصيبه في الميراث وعندئذ يصبح الوارث مدعيا ألا إذا كان المضرور قد اتفق مع المسؤول على تحديده او صدر به حكم نهائي,وقد يكون المدعي هو المحال له متى ما أحال المضرور حقه بالتعويض له([23]).

 أما إذا كان المضرور شخصا معنويا خاصا كالشركات أو النقابات المهنية أو الجمعيات أو المؤسسات أو شخصا معنويا عاما كالدولة والمدن والقرى فان المدعي يكون ممثل الشخص المعنوي الذي يحق له المطالبة بالتعويض عن الإضرار الذي أصابت الشخص المعنوي في مصلحة من مصالحه (المالية أو المعنوية)وليس له المطالبة بتعويض الضرر الذي يصيب فردا من الإفراد الداخلين في تكوينه ([24]).

ثانيا:- الدعوى الجماعية:-

من مميزات الضرر البيئي الجوهرية ان أثاره قد لاتمس شخصا او مجموعة أشخاص معينين بالذات,بل تمتد لتشمل عدد غير محدد من الأشخاص ولربما يكونوا في وضع اجتماعي او اقتصادي ضعيف نسبيا ويكون ذلك مبررا لرفع الدعوى بصورة جماعية لان وجود قوى غير متساوية من الإطراف وعدم التأكد من نجاح الدعوى ومخاطر التكاليف والأجور العالية يمكن ان يؤدي الى عدول الإطراف المتضررة عن رفع الدعوى بصورة شخصية ,لذلك ظهر نوع من الدعاوى تسمى بالدعاوى الطبقية (class Action) للمطالبة بتعويض الإضرار الموزعة توزيعا واسع النطاق([25]).

 وهذا النوع من الدعاوى ترفع على وجه شائع في الولايات المتحدة الأمريكية في مجال الإضرار البيئية عندما تتضرر مساحة واسعة ينتج عنها إلحاق الضرر بعدد كبير من الأشخاص فيسمح في هذه الحالة ان يرفع شخص واحد باسم الطبقة بأكملها (المضرورين) دعوى للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصاب المجموع ومن شان ذلك التخفيف عن كاهل المحاكم بزخم كبير من الدعاوى فيما لو سمح لكل مضرور بإقامة الدعوى بصوره مستقلة([26]).

ونحن برأينا المتواضع نرى ضرورة تعزيز فكرة الدعوى الجماعية خاصة في الوقت الراهن الذي يتميز بعمومية النتائج الضارة فضلا عن إن الدعوى الجماعية تتمتع بمزايا تفتقر اليها الدعوى الشخصية,فالأولى تساهم في تعزيز الوعي والثقافة القانونية في المجتمع كما أنها تخفف من زحمة العمل القضائي فبدلا من رفع عدة دعاوى عن موضوع واحد يفضل إن ترفع دعوى واحدة باسم المجموع الذي مسه الضرر البيئي.

الفرع الثاني:- المدعى عليه بالضرر البيئي:-

المدعى عليه هو المسؤول عن تعويض الضرر الذي أصاب المدعى سواء أكان قد ارتكب الفعل الضار بنفسه او كان مسوؤلأ عمن ارتكب الفعل الضار استنادا لنصوص المواد"204-218-219"من القانون المدني العراقي ([27]). وإذا كان المدعى عليه قاصرا او محجورا عليه يمكن أن يكون ملزم بالضمان من ماله وإذا تعذر على المضرور الحصول على التعويض منه جاز للمحكمة أن تلزم الولي او الوصي بمبلغ التعويض على ان يكون له رجوع بما دفعه على من وقع منه الضرر استنادا لنص المادة 191/1 و 2 من القانون المدني العراقي([28]).

وقد يحل محل المدعى عليه خلفه كالوارث إذ أن ألتركه هي التي ستكون محل التعويض الذي أحدثه المورث قبل وفاته طبقا لقاعدة (لاتركه إلا بعد سداد الديون) وترفع الدعوى على الخلف العام وهو الوارث باعتباره ممثلا للتركة غير انه إذا تعدد الورثة فليس هنالك تضامن بينهم وإنما يكون التزامهم بنسبة مايؤول إليهم من تركة السلف([29]).

 إما الخلف الخاص فلا يجوز الرجوع عليه بالتعويض بسبب خطا المسؤول المتوفى إلا في حالة تحقق أركان المسؤولية في جانبه بسبب المال الذي تلقاه([30]).وأحيانا قد يتعدد المدعى عليهم الذين ينسب إليهم الفعل الضار كما لو كان هنالك مصانع عدة في الجوار تنبعث منها الغازات المختلفة والأدخنة الكريهة المضرة بالصحة الذي تنطلق عبر الهواء إلى مسافات بعيدة وتتفاعل كيماويا فيما بينها في إثناء ذلك مؤدية إلحاق إضرار بالغة بما يجاور تلك ألمصانع فهنا يجوز للمدعي وهو المضرور إقامة الدعوى عليهم جميعا او على إي واحد منهم بالمطالبة بالتعويض كله على كل الباقيين بنصيب تحدده المحكمة بحسب الأحوال وعلى قدر جسامة الخطأ الذي وقع من كل منهم وإذا لم يتيسر تحديد نسبة كل منهم في المسؤولية يكون التوزيع عليهم بالتساوي استنادا لنص المادة 217/2 مدني عراقي ([31]).وتطبيقاً لذلك قررت محكمة التمييز في العراق إلزام المدعى عليهما بالتكافل والتضامن بأداء المبلغ المدعى به لقيامهما بوضع السم في الحنطة مما أدى إلى تسمم وهلاك الأغنام والطيور العائدة للمدعي ([32]).

 أما إذا كان الفعل الضار قد ارتكب من قبل الشخص المعنوي الذي يتمتع بكيان قانوني مستقل ويمارس باسمه ولحسابه أنشطة معينة تضاف إلى ذمته المالية (ويعبر عنها بحدود القانون) قد تنطوي أحيانا على مجاوزة لأحكامه فلا ريب من ثبوت مسؤولية الشخص المعنوي وتعويض الضرر الذي نتج عن فعله الضار وللمضرور رفع الدعوى على من يمثل الشخص المعنوي خاصأ كان أم عاما,فالشخص المعنوي الخاص كالجمعيات والنقابات والشركات والمشاريع الخاصة الذي تهيمن على الحياة الاقتصادية وتعمل بواسطة أشخاص طبيعيين يرتكبون باسمها ولصالحها أفعالا تعد انتهاكا وتلويثا لعناصر البيئة مما يكون نشاطها محلا للمسؤولية, وقد يرتكب الشخص المنوي الخاص اعتداء على البيئة بطريق سلبي كالترك او الامتناع او بعمل ايجابي كما لو فرض القانون واجبا معينا فان عدم القيام به يعد فعلا سلبيا يتمثل في عدم انجازه سواء أكان ذلك الامتناع ناجما عن عمد أم إهمال ومثله كعدم قيام صاحب المعمل الخاص بالمباشرة خلال ثلاثة اشهر من تاريخ الإشعار المسجل الذي ترسله إليه السلطة الصحية في إنشاء مراكز تصفية لتقليل نسبة التلوث في المياه المتخلفة منه ([33]).وعدم قيام صاحب العمل باتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لمنع تلوث الهواء الخارجي بالأبخرة والغازات والأتربة الضارة بالصحة العامة او عدم تجهيزه بخزانات تصفية أولية لتنقية المواد السامة ومعادلتها([34]).

 كما وتقوم مسؤولية الأشخاص المعنوية الخاصة بسبب ما تقوم به من إعمال تؤدي إلى إلحاق الضرر بالبيئة او تهديدها بالخطر ,كأن تقوم شركة لصيد الأسماك باستعمال مواد كيماوية سامه في عمليات الصيد مما يترتب عليه إلحاق الضرر بالصحة العامة وتهديد البيئة المائية بخطر التلوث,او قيام مشروع صناعي بإساءة تصريف فضلات النفط الخام ومشتقاته والغاز ومستحلب النفط والماء المالح والمواد الكيماوية الداخلة في العمليات الصناعية خلافا للطرق المعتمدة التي تؤمن المحافظة على البيئة([35]) .

وقد يقع الضرر البيئي من الشخص المعنوي العام كالدولة والوحدات الإدارية والإقليمية والمدن والأقاليم والمؤسسات العامة والدوائر الرسمية وشبه الرسمية, وتخضع جميعا لإحكام القانون العام وتتمتع بحقوق السلطة العامة ([36]). وتنهض مسؤولية الشخص المعنوي العام متى ما كانت الأشياء التي تحت حراسته او رقابته يترتب عليها تعرض الحياة الإنسانية للخطر ويتعين إيقاع الجزاءات التي تتلائم مع طبيعتها كالحكم بعقوبة الغرامة طبقا للقواعد العامة او الحل او وقف النشاط بالطرق الإدارية, عليه من يقوم بتشغيل منشاة نووية يكون مسؤولا عن كل ما يتولد عنها من اثأر ضارة ملوثة للبيئة وكذلك الحال من يستغل أسطولا لناقلات النفط يكون مسؤولا عما ينجم عنها من تلوث لمياه البحر ([37]). إذن الشخص المعنوي عام أم خاص يكون مسؤولا عن كل اعتداء يقع منه على عناصر البيئة , ومن خلال الرجوع إلى عدد من القوانين ذات الصلة بحماية البيئة في العراق نجد أنها تتوجه بإحكامها إلى الأشخاص الطبيعية والمعنوية خاصة كانت ام عامة او مختلطة تفرض من خلالها الالتزام بتحمل العقوبات الواردة فيها عن ارتكابها ما يخالف تلك ألإحكام.

المطلب الثاني:  الطلبات والدفوع

نتناول في هذا المطلب,طلبات المدعي ودفوع المدعى عليه وذلك في فرعين مستقلين الأول لطلبات المدعي والثاني لدفوع المدعي عليه:

الفرع الأول:- طلبات المدعي:-

 تتلخص طلبات المدعي في المطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي أصابته من جراء التلوث البيئي الحاصل بفعل المسؤول,فإذا إصابة المدعي ضررا ماديا فهو يطالب بتعويض عما فاته من ربح وما لحقت به من خسارة استنادا لنص المادة 207مدني عراقي([38]). وإذا كان الضرر الذي إصابة المدعي معنويا كفقدان مباهج الحياة الطبيعية النقية,النقص في أسباب المتعة والراحة التي توفرها البيئة الصحية النظيفة,الآلام النفسية والأحزان الناشئة عن الضرر الجسدي كالمرض والتشوه الخلقي الوراثي او الموت نتيجة لاستنشاق الغازات السامة والكآبة الناتجة عن الخوف من أن يصبح مريضا مستقبلا لاسيما إذا كان يتعامل باستمرار بالمواد الخطرة والضارة بالصحة كالمواد المشعة,فللمدعي الحق في طلب التعويض عن هذه الأضرار إلا أن الضرر المعنوي لا يتحلل إلى عنصري الخسارة اللاحقة والكسب الفائت وإنما يعد عنصرا بذاته وفي حالة وقوعه تتولى المحكمة تحديد ما ينبغي أن نحكم به من تعويض أدبي وان كان هذا التعويض لا يزيل الضرر وإنما قد يخفف من وقعته كثيرا. وإذا كان الضرر الذي لحق المصاب ماديا كان أم أدبيا حالا ونهائيا كحدوث حالة وفاة نتيجة لاستنشاق غاز ملوث او شرب مياه ملوثه او تسمم غذائي بواسطة مبيدات سامة او حدوث صمم تام نتيجة استخدام أجهزة ذات شدة صوتية عالية تفوق الحدود المسموح بها فان حق المطالبة بالتعويض عنه ينشا من وقت حدوثه.

وإذا كان الضرر متغيرا وقابلا للتطور (الزيادة مستقبلا) فان المطالبة تبنى على ما وصل إليه من حالة عند رفع الدعوى وللقاضي أن يقدره ويقضي بتعويضه حسب ما تستقر عليه حالة الضرر النهائي وقت الحكم([39]).إما إذا كان الضرر مستقبلا,فإذا أمكن تقديره فللمضرور المطالبة بالتعويض عنه وإذا تعذر ذلك فللقاضي الحكم للمضرور بتعويض مؤقت مع الاحتفاظ له بالحق في ألمطالبه بتعويض تكميلي عما يستجد من ضرر في المستقبل([40]).

إما الضرر الاحتمالي والذي لم يكن قد وقع وليس هناك مايؤكد وقوعه فلا يصلح للمطالبة بالتعويض عنه,علما أن غالبية الأضرار ألبيئيه اضرارأ محتمله وقد تتراخى لزمن لاحق فيكون من حق المضرور بعد إثبات أن الضرر سيقع في المستقبل ألمطالبه بالتعويض عنه.

الفرع الثاني: دفوع المدعي عليه بالضرر البيئي

للمدعى عليه أن يدفع ماوجه إليه من ادعاء بمسؤوليته أما بانتفاء مسؤوليته اطلاقأ لأنه لم يرتكب خطا او لان المدعي لم يصب بضرر او لانعدام ألرابطه ألسببيه بين ما وقع من ضرر وما ينسب أليه من خطا او لما يبديه من دفوع تخلصه من المسؤولية طبقا للقانون. والمدعى عليه يتمسك بدفوع بعضها منتجا لدفع مسؤوليته وبعضها غير منتج وعلى النحو الذي نتناوله في الفقرات ألتاليه:-

 أولا:- الدفع بالسبب الأجنبي:-

يستطيع المدعى عليه التخلص من المسؤولية إذا اثبت أن الضرر البيئي قد وقع لسبب أجنبي لايدله فيه([41]).

والسبب الأجنبي هو كل فعل او حادث معين لاينسب للمدعى عليه ويكون قد جعل منع وقوع الفعل الضار مستحيلا فهو لا يمت بصلة لفعل المدعى عليه او إلى فعل الأشياء او الأشخاص المسؤول عنهم ولا يكون في الوسع توقعه وتلافيه إي أن صفتي عدم إمكان التوقع وعدم إمكان التلافي يجب أن تتوفرا في الحادث الذي يراد عده سببا أجنبيا ([42]). ونعتقد أن صور السبب الأجنبي التي ذكرتها المادة (211)مدني عراقي واردة على سبيل المثال لا الحصر وهي القوة القاهرة او الحادث الفجائي وفعل الغير وخطا المتضرر,ومن الممكن إن تضاف إليها حالات أخرى إذا توفرت فيها شروط السبب الأجنبي 0

 فبالنسبة للقوة القاهرة نجد إن الأنظمة القانونية اعتبرتها صورة شائعة للسبب الأجنبي دون إن تقدم لها تعريفا كما هو الحال في القانون المدني الفرنسي والمصري والعراقي وكل ما هو موجود إن بعض النصوص تذكر إن القوة القاهرة او الحادث الفجائي وسيلة لدفع المسؤولية وصوره من صور السبب الأجنبي.

 وقد حاول جانبا من الفقه تعريف القوة القاهرة:- بأنها حادث خارجي لايمكن توقعه ولا دفعه ويؤدي مباشرة إلى حصول الضرر([43]).وبمكن إعطاء تعريف للقوة القاهرة بأنها الأمر الذي يحدث بشكل مستقل عن إرادة المدعى عليه دون ان يكون بإمكانه توقعه او تلافيه أما بالنسبة لأثر القوة القاهرة على المسؤولية فلا بد من التفرقة بين فرضين:-

أولهما:- إذا كانت القوة القاهرة السبب الوحيد في وقوع الضرر البيئي ,ترتفع المسؤولية عن المدعى عليه لانعدام الرابطة السببية استنادا لنص المادة 211 مدني عراقي.

ثانيهما:- اشتراك خطا المدعى عليه مع القوة القاهرة في إحداث الضرر البيئي فان انسب الحلول هو التخفيف من مسؤولية المدعى عليه بقدر اشتراك القوة القاهرة ([44]). إما عن خطا المضرور فإذا اثبت المدعى عليه إن المضرور قد تسبب بخطئه في إحداث الضرر او زاد فيه او كان قد سوأ مركز المدين جاز للمحكمة إن لا تقضي بتعويض ما او تخفف من مقدار التعويض وفقا لمقتضيات العدالة استنادا لنص المادة (210) من القانون المدني العراقي([45]).

إما عن فعل الغير فيعد سببا أجنبيا معفيا من المسؤولية وفقا لقاعدة إن الشخص لا يسأل ألا عن فعله الشخصي ولا يسأل عن فعل غيره ألا بناء على نص القانون او الاتفاق([46]).

 والمقصود بالغير كل شخصا غير المضرور وغير المدعى عليه وغير الأشخاص الذين يسأل عنهم المدعى عليه بوصفه متبوعا او مكلفا بالرقابة ([47]).

 وإذا كان فعل الغير هو السبب الوحيد في إحداث الضرر فانه يعد سببا أجنبيا عن المدعى عليه ويستطيع التخلص من المسؤولية دون البحث عن سلوك هذا الغير وما إذا كان خطا أم لا مادام هو السبب الوحيد في وقوع الضرر ويشترط في فعل الغير لكي يكون سببا أجنبيا يعفي المدعى عليه من المسؤولية إعفاءا تماما إن تتوفر فيه صفات القوة القاهرة من عدم إمكانية التوقع والدفع([48]).إما إذا لم يكن فعل الغير هو السبب الوحيد في إحداث الضرر بل اشترك مع غيره من الأسباب كخطأ المدعى عليه فيرى بعض الفقهاء إن فعل الغير لكي يعد سببا أجنبيا لا بدا إن يتصل بالخطأ ([49]). بينما يرى آخرون إن فعل الغير وان لم يكن متصفا بالخطأ فانه يعفي المدعى عليه من المسؤولية جزئيا ما دام هو احد أسباب الضرر ([50]). والعدالة تقضي ,برأينا المتواضع,الأخذ بالرأي الثاني.

ثانيا:- الدفع بأسبقية الوجود او أقدميته:

قد يدفع المدعى عليه دعوى المدعي بتضرره من نشاط المدعى عليه بالاسبقية في الوجود فيما لو كان يدير نشاطا مقلقا للراحة يتولد منه الضوضاء او الأدخنة والروائع الكريهة ويبني المدعي منزلا للسكن او مستشفى بجوار المصنع القائم قبله وطالب بازالة الإضرار التي يحدثها مصنع المدعى عليه من ضجيج الآلات ومن الدخان المتصاعد والروائح ألكريهة , فجانب من الفقه يذهب إلى إن الأسبقية تعصم من المسؤولية بعبارة أخرى إن مالك المصنع غير مسؤول عما يسببه للغير من إضرار ما دام هو اسبق في الوجود وان الشخص الذي بنى دار السكن او مستشفى قد بناه وهو يعلم إن بجواره مصنعا قائما قبل ذلك لا يجوز أن يطالب بإزالة الإضرار مادام هو قد بنى مصنعا قائما قبله سابقا([51]). غير أن هذا الرأي غير مقبول لأنه يجعل من المالك اللاحق أن يتحمل الإضرار الفاحشة التي سببها له مصنع المالك السابق دون أن يكون له الحق في الرجوع عليه بالتعويض مادام بنى الدار بقرب مصنع قائم قبله سابقا.ولذلك فان الرأي الراجح فقها وقضاءا يذهب إلى أن الأسبقية في الوجود لا تؤثر في مسؤولية المالك ألا إذا كانت جماعية بمعنى انه إذا كانت المنطقة بطبيعتها قد خصصت لتكون منطقة صناعية وتحددت طبيعتها على هذا الأساس فمن يبنى بعد ذلك دارا للسكن او مستشفى في هذه المنطقة لا يجوز له الادعاء بالضرر بعد ذلك ويطالب بإزالة الإضرار التي تنتج عن الاستعمالات الصناعية لهذه المنطقة فالعبرة في حقيقة الأمر بظروف المكان لا بمجرد الأسبقية([52]). إما بالنسبة للقانون المدني العراقي فالظاهر من نص المادة (1051/3) أن الأسبقية تعصم المالك من المسؤولية حيث إشارة إلى (إذا كان احد يتصرف في ملكه تصرفا مشروعا فجاء أخر وأحدث في جانبه بناء وتضرر من فعله فيجب عليه أن يدفع ضرره بنفسه) فالمالك الجديد عليه أن يدفع ضرر نفسه بنفسه أي أن يتخذ الإجراءات والاحتياطات اللازمة ليتقي الضرر الذي يصيبه نتيجة إقامته لبناء مجاور لمالك أخر كان يتصرف بملكه تصرفا مشروعا وحتى لو نتج عن هذا التصرف ضرر لجاره. ويبدو أن العلة في حرمان الجار المستجد من إمكانية رفع الدعوى لإزالة الإضرار التي لحقت به من المباني والمنشئات القائمة قبله وإعطاء الحق للمدعى عليه بالدفع بالاسبقيه في الوجود هو أن المدعي أقدم طواعية وعن اختيار على وضع نفسه في هذا الوضع فكان راضيا بما يلحقه من إضرار([53]).

إما بالنسبة للقضاء العراقي فهو يجيز للمدعى عليه الدفع بأسبقية الوجود ويتضح ذلك من خلال ما ورد في حكم صادر عن محكمة التمييز إذ جاء فيه (إذا كان البناء مصدر الضرر أقدم من البناء الذي أصابه الضرر فليس لصاحب البناء الجديد ألمطالبه بازالة الضرر او مصدره لأنه هو المسؤول عن دفع الضرر) ([54]).

 ومما تجدر الاشاره أليه أن هناك عددا من القوانين لم تشر إلى مسألة الأسبقية في الوجود([55]).

بينما أشارت قوانين أخرى إلى مسالة الأسبقية في الوجود, كما لاحظنا بالنسبة للقانون المدني العراقي في المادة 1051/3, وكذلك على نفس النهج المادة (1026) من القانون المدني الأردني والمادة (521) من قانون المعاملات المدنية السوداني([56]).

ثالثا:- تقادم دعوى الضرر البيئي:-

أن الفقه الإسلامي لا يعرف نظام التقادم كما نعرفه إذ أن حقوق بمقتضى الفقه الإسلامي لا تسقط عملا بالقاعدة الفقهية "لا يسقط حق امرىء وان قدم"غير أن فقهاء المذهبين الحنفي والمالكي قد قرروا عدم يماح الدعوى بعد مرور مدة معينة حددها بعضهم بثلاثين عاما وآخرون بثلاثة وثلاثين عاما وفريق ثالث بسته وثلاثين عاما وفي عهد السلطان سليم العثماني تقرر تحديد هذه ألمده"15"عاما وبهذه ألمده أخذت مجلة الإحكام العدلية في مادتها (1660) وبه اخذ المشرع العراقي([57]).

 فالتقادم هو مضي المدة التي حددها القانون لعدم سماع دعوى المطالبة بحق من الحقوق فإذا مرت المدة المحددة دون أن ترفع الدعوى خلالها سقط حق المدعى في إقامة الدعوى دون أن يسقط الحق المطالب به ويبرر التقادم بأنه ضروري لاستقرار المعاملات والاطمئنان إليها ولولاه لدخل الناس في منازعات لانهاية لها([58]).

 هذا وان الشخص الذي لا يطالب بحقه خلال المدة المحددة للتقادم يعد مهملا وعدم سماع دعواه يكون جزاء إهماله وذلك لأنه لا يستحق حماية القانون الذي يدعو الناس إلى اليقظة والمبادرة إلى المطالبة بحقوقهم إمام القضاء , ويعد التقادم من احد الدفوع التي يتمسك بها المدعي عليه للتخلص من المسؤولية والحكم بالتعويض([59]).

ولدى الرجوع إلى قانون حماية وتحسين البيئة العراقي رقم "3" لسنه 1997 لم نجد نصا خاصأ بتقادم الضرر البيئي فبالرجوع إلى القواعد العامة في القانون المدني العراقي نجد أن دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع تسقط بالتقادم بانقضاء ثلاثة سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص الذي أحدثه وتسقط هذه الدعوى في جميع الأحوال بانقضاء خمسة عشرة سنه من يوم وقوع العمل غير المشروع (232) مدني عراقي ([60]).

ولما كانت المصادر المشعة خطرا بذاتها,فقد قرر المشرع إبقاء المسؤولية المدنية لمالكي المصادر المشعة مدة معينة عن أي حادثة يمكن أن ينتج عنها تعرض الإنسان او البيئة لمصادر الإشعاع وبجرع عالية او تراكمية

او تفوق الحدود القصوى المسموح بها او التلوث الكلي او الجزئي للمنشئات او البيئة مما يجعل معه ظهور إضرار أخرى ناجمة عن ذلك وبعد مدة معينة على وقوع الحادث لكل ذلك قرر المشرع ان لاتتقادم دعوى التعويض عن الإضرار الناجمة عن التلوث الإشعاعي الأبعد مرور عشر سنوات من وقوع الحادث([61]).

 وقد حدد المشرع العراقي في المادة(184)من قانون الطيران المدني المرقم(148)لسنة 1974 مدة تقادم أخرى للإضرار التي تسببها الطائرات للغير على سطح الأرض إذ نصت على انه"يسقط حق إقامة دعوى التعويض عن الإضرار التي تسببها الطائرات للغير على سطح الأرض بانقضاء سنتين من تاريخ وقوع الحادث وفي جميع الأحوال لأتقبل إقامة الدعوى بعد انقضاء ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الحادث".

رابعا:- الدفع بالترخيص الإداري او التشريعي:

قد يثار التساؤل حول إمكانية دفع المدعى عليه مسؤولية عن الإضرار الناتجة عن ممارسة نشاطه الضار بالبيئة كالأدخنة او الضوضاء المنبعثة من المعمل او المنشاة او النادي الليلي او غيرها من المحلات المقلقة للراحة او المضرة بالصحة او الخطرة التي يديرها المدعى عليه او يستعمله بحجة الرخصة الإدارية من الجهات ألمختصة وهل يمكن أن تعصم هذه الرخصة المدعى عليه من المسؤولية ؟

لم يرد في القانون المدني العراقي نص صريح بشأن اثر الرخصة الإدارية على مسؤولية المدعى عليه كما لم يشر شراح القانون المدني صراحة إلى مدى إمكان توقع دفع المدعى عليه للمسؤولية بالترخيص الإداري غير إنهم أوردوا أقوالا لايمكن أن تحمل على عدم جواز الدفع بذلك ([62]).إذ ذهب بعض الشراح إلى النظر في المسالة من جانب المضرور,فذهب إلى إن الترخيص الإداري لا يمنع المضرور من استعمال حقه في طلب او إزالة الضرر الفاحش اللاحق به ([63]).غير إن جانب أخر من الشراح ذهبوا إلى إن مسألة الترخيص الإداري لا تعصم المدعى عليه من المسؤولية ([64]).في حين عالج جانب أخر من الشراح مسالة الترخيص الإداري من زاوية تقدير الضرر فذهب إلى انه إذ فتح شخص محلا مقلقا للراحة في وسط مكان هادئ فان الضرر الذي ينتج عن هذا المحل يجب إزالته ولا يحول دون ذلك الترخيص الإداري ([65]).

إما في مصر فان من المسلّم به ان الترخيص الإداري لا يحول دون قيام مسؤولية المالك عن الإضرار التي يمكن ان يسببها للغير ([66]).فالترخيص الإداري يراد به ضمان توفير شروط معينة لغرض مباشرة أنواع معينة من الاستغلال دون أن يقصد به إباحة الضرر ([67]). إما في فرنسا فقد كان المرسوم الصادر في 15/10/1810 م الخاص بالمنشات الخطرة والمقلقة للراحة لايجيز في المادة (11) منه التشكي من الإضرار الناشئة عن المنشات المرخص بها من جانب الإدارة معنى ذلك يجوز للمدعى عليه أن يدفع المسؤولية عنه بالترخيص الإداري([68]).إما القضاء الفرنسي فلم يتردد بالحكم بمسؤولية المدعى عليه صاحب المنشات المضرة بالجيران رغم حصوله على الترخيص الإداري لان أساس الترخيص هو المنح مع وجوب مراعاة حقوق الغير ومن هنا يتبين ان القضاء الفرنسي لم يجز للمدعى عليه دفع المسؤولية عنه بالترخيص الإداري([69]).

هذا وقد تبنى المشرع الفرنسي اتجاه القضاء الفرنسي وذلك بإصداره قانونا في 19/12/1977 حول المنشات الخطرة والمقلقة للراحة والمضرة بالصحة إذ بين أن الترخيصات الإدارية إنما تمنح مع وجود مراعاة حقوق الغير عليه ,فان الترخيص الإداري يجب أن لا يعطل حق الغير في المطالبة بالتعويض عن الضرر الناشئ عن المحلات الخطرة او المقلقة للراحة او المضرة بالصحة العامة ([70]).

مما تقدم يتضح لنا أن الترخيص الإداري لا يمنح المدعى عليه الحق بدفع المسؤولية عنه وإلحاق الإضرار للغير إنما هو يمنح للتأكد من توفر شروط معينة لممارسة نشاط ذي طبيعة خاصة فيما لو كان ذلك النشاط يمس الصحة العامة إما التشريعات التي تجيز منح التراخيص البيئية تهدف إلى عدم جعل النصوص العقابية مانعا إمام متطلبات التنمية الصناعية والاقتصادية فيما لو مارس بعض الأشخاص نشاطات خاصة مضرة بالصحة العامة او مقلقة للراحة دون ترخيص إداري.

المبحث الثاني: التعويض المترتب على دعوى المسؤولية المدنية عن الضرر البيئي

إذا توافرت أركان المسؤولية المدنية الثلاثة من خطا وضرر وعلاقة سببية بينهما ترتب حكمها وهو التعويض ويعرف التعويض بأنه "مبلغ من النقود او أية ترضية من جنس الضرر تعادل مالحق المضرور من خسارة وما فأته من كسب كانا نتيجة طبيعية للفعل الضار"([71]).

 ويعد التعويض وسيلة القضاء لجبر الضرر سواء أكان ذلك بمحوه او بتخفيفه فهو يدور مع الضرر وجودا وعدما.

ولما كانت إضرار التلوث تقع في الغالب على المجموع بصورة غير مباشرة فكثيرا ما يصاب سكان المنطقة بكاملها بالإزعاج ومشقة ظروف العيش لمدة طويلة نتيجة تلوث المياه الذي يؤدي إلى فقدان المتع الطبيعية لمحل إقامتهم ومحيط عيشهم او نتيجة لتلوث الجو على نحو يضر براحة السكان وصحتهم بسبب استنشاق الهواء الملوث بالأبخرة الصناعية او يضعف الرؤيا ويمنع الضوء نتيجة الضباب المتراكم , غير أن هذا الإزعاج الجماعي يفضل تعويضه بشكل جماعي عن طريق تدخل جمعيات حماية البيئة ,إلا انه حتى في القوانين التي يسمح بذلك كالقانون الفرنسي غالبا ما تتردد هذه الجمعيات في المطالبة بالتعويض بسبب التكلفة الكبرى للدعوى([72]).

وبموجب عدد من الإحكام والقواعد الوطنية والدولية تم تطوير أنظمة التعويض الجماعية في شكل برامج ومخططات التامين من المسؤولية وصناديق النقد(Founds) لتغطية الحوادث البيئية وتعويض الإضرار التي تقع على مستوى جماعي عندما يصاب سكان منطقة بأكملها بالإزعاج ومشقة ظروف الحياة نتيجة تلوث الهواء بالأبخرة الصناعية او الضوضاء المنبعث من المصانع مثلا, مما يؤدي إلى فقدانهم لمتع الحياة الطبيعية النقية ,فمثل هذه الإضرار الجماعية يفضل تعويضها بشكل جماعي بدلا من إن يطالب كل مضرور بالتعويض إمام المحاكم المدنية على حده ففي اغلب البلدان توجد نظم التامين الصحي العامة او القانونية التي تغطي من بين أشياء أخرى الإصابات الصحية الناتجة عن التلوث إذ بإمكان الملوث المحتمل (كصاحب المعمل مثلا) الحصول على تامين ضد المسؤولية القانونية بحيث يجعل خسارته المحتملة قابلة للإحصاء وتغطي نظم التامين هذه الحوادث العرضية فقط وليس الإصابات الدائمية المتنبأ بها ([73]).

أن التامين من المسؤولية يتم عن طريق إبرام عقد بين المسؤول (المؤمن له) وبين المؤمن (شركة التامين) يلتزم بموجبه المؤمن لتعويض الإضرار التي تلحق بالمضرور , ويترتب على عقد التامين من المسؤولية انتقال عبء التعويض من عاتق المسؤول إلى عاتق المؤمن فإذا ما أحدث المسؤول ضررا فان تعويض المضرور يقع على عاتق المؤمن ولا يجوز للأخير أن يدفع لغير المضرور مبلغ التامين المتفق عليه كله او بعضه مادام المضرور لم يعوض عن الضرر الذي أصابه ([74]).

إما تعويض المضرورين فيتم عن طريق صناديق النقد الخاصة بالمسؤولية ([75]) إذ تم إنشاء صناديق نقد خاصة بالتعويض عن الإضرار البيئية وتمول هذه الصناديق على نحو كبير من إسهامات وتبرعات يقدمها الملوثون بموجب شروط معينة كتعويض إلى الطرف المتضرر وبدون النظر في الأسباب الفعلية للضرر([76]).

 وتنفق أموال صناديق النقد على تعويض الإفراد عن الإضرار التي لحقت بصحتهم بسبب التلوث والتأثيرات السلبية الأخرى على البيئة وتقدر مبالغ التعويض عن الإضرار البيئية بواحدة من الطرائق الثلاثة الآتية:-

الطريقة الأولى:- فتتم بواسطة القواعد الثابتة القائمة سلفا في القوانين التشريعية او ما يسمى بنسب الإضرار وعلى سبيل المثال قيمة صيد حيوان نادر معرض للانقراض على نحو غير قانوني.

الطريقة الثانية:- فتتم بواسطة تقييم كلفة فقدان او تضرر او تحطم الممتلكات وفقا لسعر السوق.

الطريقة الثالثة:- تتم بواسطة دفع مبالغ التعويض او منح الضريبة او المدفوعات الأخرى المترتبة في الحالات التي يقع الضرر بالصحة او الممتلكات بسبب حوادث صناعية او ضمن مناطق الكوارث البيئية ([77]).

يتضح لنا مما تقدم إن التعويض عن الضرر البيئي يختلف من حالة إلى أخرى فإذا كان المضرور شخصا واحداً او عدة أشخاص لهم إقامة الدعوى إمام المحاكم المدنية لتعويضهم عن الإضرار البيئية التي إصابتهم.إما إذا كان عدد المضرورين كبيرا فيفضل تعويضهم بموجب أنظمة تهدف إلى سد الثغرات في الحماية القانونية للبيئة وتعويض المضرور عما أصابه من إضرار بيئية ,إما في حاله عدم وجود مثل تلك الأنظمة مع وجود جماعة من المضرورين فيفضل رفع دعوى إمام المحاكم المدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر البيئي الذي أصاب جميع المضرورين, وهذا ما يسمى بالدعوى الطبقية في الولايات المتحدة الأمريكية([78]).

إما إذا كان الضرر البيئي فرديا وشخصيا فحتى يجب تعويضه يجب أن يكون ضررا مباشرا وهذه الصفة تندرج تحت ضرورة توافر علاقة سببية مباشرة بين الفعل الضار والضرر ويجب أن يكون الضرر مؤكدا ذلك لان الضرر السريع الزوال والمؤقت لا يؤخذ بالحسبان لأنه لا يتصف بالدوام والاستمرارية على جعله غير مألوف وخارجا عن العادة.

هذا ولما كان التعويض هو وسيلة القضاء لجبر الضرر وهو يدور مع الضرر وجودا وعدما ولا تأثير لجسامة خطا الفاعل لان الأصل في تقدير التعويض هو النظر إلى جسامة الضرر الذي لحق بالمضرور , عليه فان التعويض قد يكون في صور عديدة فقد يكون نقديا وغير نقدي وقد يكون التعويض عن الضرر البيئي الذي يصيب الإنسان او عن الضرر البيئي الذي يصيب المحيط البيئي عينيا ,لذا سنقسم هذا المبحث إلى فرعين نخصص الأول منهما لبيان طرق التعويض, وأما الثاني فنخصصه لبيان تقدير مبلغ التعويض.

المطلب الأول: طرق التعويض

التعويض هو وسيلة القضاء لجبر وإزالة الضرر او التخفيف منه وهو الجزاء العام عن قيام المسؤولية المدنية وهو ليس عقابا للمسؤول عن الفعل الضار ولكن طرق جبر الضرر او تخفيفه متعددة ذلك لان الأصل إن يكون التعويض نقديا إذا يقدره القاضي بمبلغ من النقود غير انه لم يرد في القانون المدني العراقي نص يحول دون جواز التعويض العيني إذ إن للمحكمة سلطة تقديرية في تعيين طريقة التعويض وكيفية تقديره طبقا لإحكام المادة (209) مدني عراقي التي تنص على انه (1) تعين المحكمة طريقة التعويض تبعا للظروف ويصح إن يكون التعويض إقساطا او إيرادا مرتبا ويجوز في هذه الحالة إلزام المدين بان يقدم تأمينا(2). ويقدر التعويض بالنقد على انه يجوز للمحكمة تبعا للظروف وبناء على طلب المتضرر إن تأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه او إن تحكم بأداء أمر معين او برد المثل في المثليات وذلك على سبيل التعويض.

 وعليه يتبين لنا من نص الفقرة الثانية من المادة (209) أعلاه إن المحكمة لا تحكم بالتعويض العيني (إعادة الحالة الو ما كانت عليه) إلا بناء على طلب الشخص المضرور وذلك لان التعويض العيني هو استثناء من الأصل الذي يتمثل بالتعويض النقدي ([79]).

 غير إن طريقة التعويض النقدي ليست هي الأفضل دائما في نطاق حماية البيئة. لذلك يصار إلى أسلوب التعويض العيني أحيانا بقصد محو الضرر البيئي وإزالة أثاره جميعا عليه سنقوم ببحث كل طريقة من طرق التعويض في مطلب مستقل بشكل موجز وعلى النحو الأتي.

الفرع الأول: التعويض العيني

عرف جانب من الفقه التعويض العيني بأنه الحكم بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل إن يرتكب المسؤول الخطأ الذي أدى إلى قوع الضرر([80]). وعرفه جانب آخر بأنه الوفاء بالالتزام عموما ([81]).

 إلا انه يلاحظ إن التعريف الأخير هو تعريف للتنفيذ العيني لا التعويض العيني ([82]).

إما بالنسبة للتعريف الأول فانه يمكن القول بان التعويض العيني ليس الحكم بإعادة الحالة ما كانت عليه قبل وقوع الفعل الضار, بل هو اثر ذلك.

 وعليه يمكننا إن نضع تعريفا للتعويض العيني في المسؤولية المدنية عن الإضرار البيئية بأنه إعادة المدعى عليه(المسؤول عن الضرر البيئي) الحالة إلى ما كانت عليها قبل وقوع الضرر البيئي وكأن الضرر البيئي لم يحدث وقد يكون التعويض العيني كليا كغلق المصنع الذي المصنع الذي ينبعث منه الغازات السامة او الأدخنة والروائح الكريهة او هدم المدخنة.كما قد يكون التعويض العيني جزئيا كتعديل طريقة الاستغلال او تجديده نسبيا من حيث الزمان والمكان ,كوقف المحل لمدة مؤقتة او إجراء تعديل في مصدر الضرر كتعلية المدخنة او توجيه فوهتها لجهة أخرى.

او نقل بعض الآلات التي تصدر الأصوات العالية او الضجيج من مكانها او وضع عوازل للصوت وقد يكفي امتناع المالك عن العمل خلال أوقات معينة كأوقات النوم وهو الوقت الذي يتحقق فيه الضرر للجيران وهذا يحصل عادة في إضرار الجوار([83]).

 عليه يتبين لنا انه إذا اقتصر الأمر على اتخاذ بعض الإجراءات كان ذلك تعويضا عينيا جزئيا وأما إذا منع من مزاولة العمل كليا كان ذلك تعويضا عينيا كليا.ويجب إزالة الضرر البيئي بالتعويض العيني بأيسر الطرق وأسهلها على المدعي عليه([84]).

 إن التعويض العيني يعد ممكنا أحيانا في موضوع الضرر البيئي لاسيما فيما يتعلق بإضرار الجوار الفاحشة فقد يأمر القاضي بإعمال معينة لوقف الاضطراب الحاصل في سلامة البيئة كان يأمر بهدم البناء الذي سبب منع الضوء عن الجار او قطع الشجرة التي منعت الهواء والرؤية عن المساكن المجاورة.بل إن القاضي يذهب إلى ابعد من ذلك فيقرر إغلاق المشروع الاقتصادي مصدر التلوث مؤقتا إلى حين تنفيذ الإعمال الضرورية لوقف او منع تكرار الضرر البيئي, او نهائيا عندما لا يكون هذا الوقف او المنع ممكنا.ونجد في التشريعات البيئية العراقية أمثلة كثيرة قد قررها المشرع على سبيل العقاب او الحل الإداري لمشكلة التلوث البيئي.من ذلك ما نصت عليه الفقرة (4) المادة(10) من قانون حماية وتحسين البيئة رقم (3) لسنة 1997 التي أجازت لمجلس حماية وتحسين البيئة في المحافظة صلاحية النظر في الأمر المتعلقة بحماية البيئة وتحسينها واتخاذ القرارات بإيقاف العمل او الغلق المؤقت لمدة لا تزيد على ستة اشهر للمنشات او المعامل او الأقسام او الوحدات او إي نشاط ذي تأثير ملوث للبيئة وتقديم التوصيات إلى المجلس في الحالات التي تتطلب الغلق الدائم لأي مصدر ملوث.

وعلى أية حال فأننا نعتقد إن تخويل الجهة الإدارية صلاحية الغلق المؤقت والدائم بموجب المادة المذكورة أعلاه ينبغي إن يكون في نطاق ضيق وان كان محاطا بالضمانات المكانية التي أهمها إن يكون صادرا ممن له الحق في إصداره صيانة للحقوق والحريات فضلا عن تقرير حق الاعتراض على القرارات الصادرة بالغلق لدى محكمة مختصة لضمان اتفاق مثل هذه القرارات مع القانون وتلافيا للعيوب او الأخطاء التي تنجم عن الغلق الإداري.

ولهذا نقترح إن يصار إلى إخضاع قرارات الغلق المؤقت والدائم او الترحيل الصادرة بموجب هذا القانون للطعن بها إمام محكمة القضاء الإداري وفقا للإجراءات المنصوص عليها في البند ثانيا من المادة السابعة من قانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979.

 ومما هو جدير بالملاحظة إن توقيع الجزاء الإداري عند الاقتضاء يعد من أساليب الضبط الإداري متى كان الهدف منه المحافظة على النظام العام بعناصره التقليدية المعروفة كالامن العام والصحة العامة والسكينة العامة, عليه يتكون الجزاء الإداري المقرر من مجموعة إجراءات تتخذها الجهات الإدارية لمنع ارتكاب المخالفات البيئية او تامين حماية المجتمع من أفعال تعد انتهاكا لأحد عناصر البيئة او كلها لما قد تنطوي عليه من اثأر ضارة او خطرة في الصحة العامة كالتنبيه والإنذار والحجز الإداري وسحب التراخيص والإغلاق ووقف النشاط والإتلاف وإزالة التجاوز....الخ. ولعل إن هذه الإجراءات تجد سندها في إن الإدارة هي اقدر من غيرها في سرعة التصرف بإصدار القرارات الادارية فيما تثيره ضرورة المحافظة على سلامة الجماعة في كل وقت من مشاكل متشعبة ودقيقة وسريعة التطور,كمشكلات التلوث البيئي ,مما تعجز عنه أحيانا السلطة التشريعية اوالقضائية في ظل إجراءاتها الطويلة والمعقدة([85]).

عليه إذا ارتكب احد الأشخاص فعلا يعد انتهاكا لشروط البيئة النظيفة كان للإدارة إن ترده بالطريق الإداري ووفقا لما تقرره من أوامر استنادا للقانون ,فيكون من حقها على سبيل المثال إن تمنع استعمال أجهزة التنبيه الصوتي العالي بالقرب من المستشفيات والمدارس منعا للإزعاج او إن تحظر التدخين في الأماكن العامة او إلقاء القاذورات في الطريق العام او المياه العمومية او إن تلزم أصحاب المنازل والمحلات باستخدام أوعية خاصة لوضع المخلفات والنفايات فيها محافظة على الصحة العامة, او إغلاق المحل المخالف للشروط الصحية او إتلاف الأغذية الملوثة او تأمر بإغلاق او سحب الترخيص من منشاة تباشر نشاطا ملوثا للبيئة ([86]).

 او إن ترفض طلبا تقدم به احد الإفراد للحصول على أجازة بفتح ورشة لدباغة الجلود في منطقة سكنية بسبب ما ينبعث منها او إن تلزم أصحاب المركبات المعدة لنقل الأوساخ والنفايات او المواد الإنشائية بوضع أغطية محكمة اتقاء للتلوث المحتمل ([87]). وبناء على ما تقدم تكون الجزاءات الإدارية وقائية الهدف منها منع وقوع الضرر البيئي ومنع وقوع النشاطات الملوثة والضارة بالبيئة.من ذلك ممارسة الجهة الصحية صلاحية غلق المحلات الخاضعة للرقابة الصحية والامتناع عن منح الإجازة الصحية وسحبها او إلغائها بموجب قرار مسبب يكون واجب النفاذ بالطريق الإداري ([88]).

الفرع الثاني: التعويض بمقابل

قد لا يكون التعويض العيني ممكنا او ملائما لجبر الضرر البيئي خاصة عندما يكون ذلك الضرر معنويا او جسديا,فليجأ القاضي إلى أسلوب التعويض بمقابل الذي يتمثل في إدخال قيمة جديدة في ذمة المضرور تعادل تلك التي فقدها بسبب الفعل الضار ([89]). والتي تتخذ صورة إلزام محدث الضرر بدفع مبلغ من النقود فيكون التعويض نقديا او إلزامه بأداء أمر معين لمصلحة المضرور فيكون التعويض غير نقدي.ولغرض توضيح ما تقدم سنبحث مدى ملائمة التعويض النقدي والتعويض غير النقدي لجبر الضرر البيئي وعلى النحو الأتي:-

أولا:- التعويض النقدي:-

التعويض النقدي هو الأصل في تقدير التعويض عن العمل غير المشروع لان للنقود وظيفة إصلاح الضرر الناتج عن الفعل الضار مهما كان نوع الضرر جسديا أم ماليا أم معنويا ([90]).

عليه يمكننا إن نضع تعريفا للتعويض النقدي في المسؤولية المدنية المترتبة عن الإضرار البيئية بأنه دفع المدعى عليه (المسؤول عن الضرر البيئي) مبلغا معينا من النقود للمضرور (المدعي بالضرر البيئي) كتعويض له عما أصابه من ضرر.

وتحكم المحكمة بالتعويض النقدي في نطاق الإضرار البيئية عندما يستحيل عليها الحكم بالتعويض العيني (إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر البيئي) لسببين إما مادي او اقتصادي ([91]).

إما السبب المادي فقد تكون إعادة الحالة إلى اصلها امرأ لا يمكن الوصول إلية ذلك لان أعاده مصدر ما إلى وضعه الطبيعي ليس امرأ قابلا للتحقيق على الدوام فهناك نوعا من الإضرار البيئية النهائية لا يمكن محوها كصيد الأسماك النادرة في مكان لتكاثر الأسماك فمثل هذا الاعتداء قد أصاب مصدرا من المصادر الأولية للطبيعة وسبب ضررا محتوما قد وقع ولا مجال لمحوه. ولهذا نجد المشرع يضفي الحماية القانونية الخاصة على بعض الأنواع من الحيوانات التي هي في طريق الانقراض كالجوارح والبوم والنقار الأخضر([92]).

 وعلى النطاق الدولي يضرب المثل عادة بحادثة تشرنوبل (TchernobyI) التي وقعت في عام 1986 فهذه الحادثة قد محت من الخارطة منطقة سكنية يقدر سكانها ب(12000)مواطن كما إن محيط المفاعل لمساحة (12) كيلو مترا قد أصبح منطقة محظورة لأجل غير محدد ([93]).

 إما اقتصاديا فقد يمتنع القاضي عن الحكم بالتعويض العيني بسبب كلفته الباهظة ولذلك فان القضاء في كثير من الدول يمتنع عن الحكم بإغلاق المؤسسات والمصانع مصدر التلوث المقامة بموجب رخص إدارية ,بل انه قد يذهب إلى ابعد من ذلك فيمتنع أيضا عن إلزام هذه المؤسسات بالقيام بالاعمال الضرورية لمنع التلوث او التقليل منه إذا كانت هذه الإعمال مكلفة لميزانية الدولة او ميزانية المستثمرين في القطاع الخاص ضمانا لحرية الاستثمار([94]).

 مما تقدم يتضح لنا إن هنالك أسبابا ماديا او اقتصادية وراء اختيار القاضي للتعويض النقدي لا سيما اذا كان الاعتداء الحاصل على البيئة عنيفا والإضرار الناتجة غير قابلة للإصلاح,وعليه لا يكون هنالك محل إلا التعويض النقدي وذلك بتخصيص مبلغ معين من النقود يعطي للمضرور دفعة واحدة , غير انه ليس هنالك ما يمنع القاضي من الحكم تبعا للظروف بتعويض نقدي بقسط او بإيراد مرتب مدى الحياة([95]).

 وعادة يكون التعويض النقدي عبارة عن مقابل يدفع للمضرور طوال مدة استمرار الحالة التي ترتب عليها الضرر, ومن الجائز إعادة النظر في قيمة هذا المقابل في ضوء تغير الحالة في المستقبل زيادةً او نقصاناً تبعا لتفاقم الضرر او تناقصه ([96]).

 ثانيا:- التعويض غير النقدي:-

إن التعويض غير النقدي الذي يتضمن في الغالب الحكم بأداء أمر معين وعلى سبيل التعويض لا يعد تعويضا عينيا ولا نقديا,فهو يكون الأنسب لجبر الضرر ووفقا لما تقتضيه الظروف, وهو تعويض من نوع خاص والذي يحدد اللجوء إليه نوع الضرر المحدث ([97]).

 والمعنى المتقدم تجسد بنص المادة (209/2)مدني عراقي التي تنص على انه "ويقدر التعويض بالنقد على انه يجوز للمحكمة تبعا للظروف وبناء على طلب المتضرران تأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه او إن تحكم بأداء أمر معين او برد المثل في المثليات وذلك على سبيل التعويض "

 إن الأصل في تعويض الضرر البيئي إن يكون نقديا, وفي حالات محددة, وكما رأينا سابقا, يمكن تعويضه عينا, إما تعويضه بمقابل غير نقدي فيمكن تصوره في ظروف معينة ([98]).

فقد يقرر القاضي إلزام من أحدث الضرر البيئي بأخر سبب له عاهة ما,بدفع تكاليف ساق او يد صناعية او تكاليف كرسي نقال او دفع نفقات إقامة المضرور في المستشفى او مركز علاجي طوال حياته او نفقات شراء او تجهيز منزل خاص ومجهز بكل ما هو ضروري ويناسب مع درجة الإعاقة الكبيرة التي تعرض له المصاب.ولذلك نجد إن مجرد الحكم بتعويض غير نقدي قد لا يكون كافيا لجبر الضرر الحاصل,فلا يوجد مانع قانوني من اجتماعه مع طرق التعويض الأخرى سواء كان التعويض نقدي أم عيني.

المطلب الثاني:تقدير التعويض عن الضرر البيئي

للقضاء الفرنسي فضل كبير في وضع قواعد عامة لتقدير التعويض عن الضرر, ومن أهم القواعد التي وضعها هذا القضاء هو مبدأ التعويض الكامل الضرر, ولكن لما كان تقدير التعويض من مسائل الواقع التي لا رقابة لمحكمة (التمييز) فيها على محاكم الموضوع فان هذه المحاكم تتمتع بسلطة تقديرية مطلقة في هذا الشأن, وقد تتأثر عند تقدير التعويض ببعض العوامل الخارجة عن الضرر ([99]).

 إما بالنسبة للضرر البيئي فان التعويض يقدر عن الضرر البيئي الذي يصيب الإنسان والضرر البيئي الذي يصيب المحيط البيئي. وعليه سنتناول في هذا المطلب بعد تقسيمه إلى فرعين نخصص الأول منهما لبيان التعويض عن الضرر البيئي الذي يصيب الإنسان ونخصص الثاني للتعويض عن الضرر البيئي الذي يصيب المحيط البيئي وعلى النحو الأتي:-

الفرع الأول:التعويض عن الضرر البيئي الذي يصيب الإنسان

كما بينا سلفا إن الضرر البيئي الذي يصيب الإنسان هو ذلك الضرر الذي يلحق بالشخص نتيجة توسطه للمحيط الطبيعي الذي يعيش فيه سواء إصابة في جسده او إصابة في مصلحة مالية او معنوية له. لذلك لابد من تعويض الإضرار التي تصيب الشخص سواء كانت إضرارا جسدية ومالية او معنوية. عليه سنقوم ببيان تعويض الإضرار البيئية التي تصيب الإنسان في النقاط الآتية بشكل موجز على النحو الأتي:-

أولا:- التعويض عن الضرر البيئي الجسدي:-

إن الأذى الذي يصيب الإنسان قد لا يصيب ذمته المالية فحسب بل قد يقع على جسمه مما يسبب له أنواعا مختلفة من الإمراض نتيجة استنشاق الغازات السامة او تعرض الشخص المستمر للمواد المشعة المتسربة من معمل او مستشفى تتعامل مع المواد المشعة او السامة او مطمر للنفايات.

 وتطبيقا لذلك ما ذهبت إليه محكمة التمييز العراقية من الحكم بالتعويض للأشخاص الذين تضرروا صحيا من تلوث الهواء لقيام صاحب معمل مجاور للدور باستعمال إطارات السيارات كمادة مولدة للطاقة الحرارية للمعمل المذكور مما يولد باشتعالها أدخنة وأتربة وهواء ملوث يضر بالصحة العامة ([100]).

وقد يصل الضرر الجسدي الذي يصيب الإنسان إلى حد فقدان القدرة على الإنجاب نتيجة تعرضه المستمر للمواد المشعة مثلا ففي هذه الحالة يستحق المضرور التعويض عما أصابه من ضرر مادي وأدبي ([101]).

ويستحق المضرور تعويضا عن مصاريف العلاج والدواء التي تتمثل في كل ما ينفقه المضرور لتحسين حالته الصحية وشفائه من المرض بما فيها من أجور الأطباء والجراحين ومساعدي الأطباء كالممرضين والمخدرين ومصاريف الإقامة في المستشفى وكلفة الدواء ونفقات التحليلات المرضية والتصاوير الشعاعية ومصاريف سيارة الإسعاف إن وجدت وأجور نقل المصاب إلى الطبيب او المستشفى([102]).

 هذا وان الضرر البيئي لا يقتصر على إصابة المضرور ببعض الإمراض بل يتعداه إلى إصابة أطفاله الذين يولدون بعد إصابته بالضرر بالتشوهات الخلقية الوراثية نتيجة لما لحق ذويهم من ضرر او إصابتهم ببعض الإمراض الخطيرة كالسرطان مثلا ففي هذه الحالة يحق للمضرور المطالبة بالتعويض من المسؤول وهذا ما نصت عليه المادة (42)من الدستور الروسي عند بيانه للإضرار التي يمكن للمضرور المطالبة بالتعويض عنها ومنها فقدان القدرة على إنجاب الأطفال وزيادة خطر إنجاب أطفال مشوهين او معاقيين ([103]).

 ومما تجدر الإشارة إليه إن المحاكم الفرنسية لا سيما عند تقدير التعويض عن الإضرار الجسيمة تبين أنها أخذت بعين الاعتبار جسامة الآلام ومدتها استنادا إلى تقارير الأطباء المختصين والخبراء عليه فأنها تزيد من مبلغ التعويض كلما كانت الآلام شديدة ومستمرة لمدة طويلة ([104]).

 هذا وقد يؤدي التلوث البيئي الذي يتعرض له المضرور إلى حد وفاته نتيجة استنشاقه الغازات السامة او تعرضه المستمر للمواد المشعة وفي هذه الحالة يحق لورثة المضرور المطالبة بالتعويض عن الضرر البيئي الذي لحق بالمضرور وهذا التعويض يدخل في تركه المتوفى ويوزع على الورثة كلا بنسبة حصته في التركة كما ويحق لكل من حرم من الإعالة بسبب موت المصاب إن يطالب المسؤول عما أصابه من ضرر شخصي استنادا إلى نص المادة (203) مدني عراقي التي تنص "في حالة القتل وفي حالة الوفاة بسبب الجرح او إي فعل ضار أخر يكون من أحدث الضرر مسؤولا عن تعويض الأشخاص الذين كان يعيلهم المصاب وحرموا من الإعالة بسبب القتل او الوفاة" وعند تقدير التعويض عن الإضرار التي لحقت بالأشخاص الذين كان يعيلهم المضرور وحرموا من إعالته بسبب الموت يجب على المحكمة إن تأخذ بالحسبان مقدار الدخل الذي كان يحصل عليه المتوفى سنويا وعمر المتوفي وعدد إفراد أسرته وعليها إن تستقطع من مجموع دخل المتوفى نسبة تعادل ما كان يستهلكه او ينفقه على نفسه شخصيا([105]).

إما بالنسبة لأولاد المتوفي فلابد للمحكمة إن تأخذ بالحسبان عمر كل واحد منهم وصحته وذلك لان التعويض يجب إن يكون اكبر كلما كان عمر الولد اقل من بقية إخوته او كانت حالته الصحية تحتاج إلى المزيد من العناية ([106]).

إما بالنسبة للزوجة فيجب على المحكمة إن تأخذ بالحساب عند تقدير التعويض المادي مستوى معيشة الزوج ومركزه الاجتماعي وإمكانية تزوجها مرة ثانية, إذا لم يكن لها أطفال وكان الوضع الاجتماعي يسمح لها بذلك ([107]).

إما إذا كان المضرور المتوفى الزوجة , كان تكون عامله في إحدى المستشفيات او المنشات التي تتعامل مع المواد المشعة وتوفيت نتيجة لذلك او نتيجة لاستنشاقها الغازات السامة فان التعويض في هذه الحالة يتأثر بمقدار مساهمة الزوجة في نفقات المعيشة لا سيما إذا كانت ذات مورد مستقل وبمدى قيامها بإدارة شؤون البيت وتربية الأطفال([108]).

ومما هو جدير بالملاحظة إن هنالك جملة عوامل او ظروف تحيط بالمضرور تأخذها المحكمة بالحسبان عند تقدير التعويض ذلك لان التعويض يقاس بمقدار الضرر الذي أصاب المضرور بالذات , فالمقياس هو ذاتي لا موضوعي ومن الظروف هي حالة المضرور الجسمية والصحية وحالته الاجتماعية كان يكون المضرور معيلا لزوجه وأطفال أم لا وكذلك حالة المضرور المالية , إما الظروف الشخصية المحيطة بالمسؤول فلا تؤخذ بالحسبان لان التعويض يقدر بقدر جسامة الضرر لا الخطأ ([109]).

ثانيا:- التعويض عن الضرر البيئي المالي:-

يتمثل الضرر المالي في الأذى الذي يصيب الإنسان في ذمته المالية غير إن هذا الضرر لا يشكل قانونا أية خصوصية تميزه عن الإضرار عموما , إذ يتم بموجبه تعويض المضرور عن الخسارة اللاحقة والكسب الفائت وفقا للمبدأ الذي يحكم مدى التعويض الذي قررته الكثير من القوانين ومنها القانون المدني العراقي في المادة (207) منه التي تنص على "1- تقدر المحكمة التعويض في جميع الأحوال بقدر مالحق المتضرر من ضرر وما فأته من كسب بشرط إن يكون نتيجة طبيعية للعمل غير المشروع".

 عليه فان التعويض عن الضرر المالي يتمثل في ما أصاب المضرور من خسارة مادية وما فأته من كسب. وكذلك يدخل ضمن نطاق الإضرار المالية والإضرار البيئية الواقعة على ممتلكات المضرور كالعقار او المزرعة التي يملكها المضرور وما تحويه هذه الممتلكات من أشياء وكذلك يتمثل الضرر المالي بالخسائر الاقتصادية التي قد تلحق المضرور نتيجة الانخفاض الحاصل في قيمة السوق. ومن صور التعويض عن الضرر البيئي المالي المتمثل بالخسارة المادية اللاحقة بالمضرور ما ذهبت إليه المحاكم الفرنسية من تعويض بعض المناطق كوحدات إدارية مستقلة عن الضرر الذي أصابها بسبب تشويه صورتها كمنطقة سياحية او كمصدر للمنتوجات ذات علامة تجارية متميزة ومشهورة عالميا وفقدان الكسب المادي الذي يمكن إن تحققه نتيجة للتلوث الصناعي الذي أصابها ([110]).

ويدخل ضمن نطاق التعويض عن الضرر المالي ما فات المضرور من كسب مادي نتيجة انقطاع مصدر عيشه كما لو كان المضرور صيادا يعتمد في كسبه على صيد الكائنات الحية من البحر, فان تلوث البحر ببقع النفط يؤدي إلى موت الكائنات البحرية ومن ثم فقدان المضرور لمصدر عيشه وللكسب المادي الذي كان من الممكن إن يحصل عليه لو لم يتلوث البحر ببقع النفط.

 إما بالنسبة للتعويض عن الإضرار البيئية الواقعة على ممتلكات المضرور , فقد يقع الضرر على عقار المضرور ويسبب له إضرارا كتصدع جدار منزله او تلوثها بالأدخنة او تهشم زجاج نوافذه كما قد يقع الضرر على محتويات المنزل كتهشم بعض الأجهزة الكهربائية او تلف ما كان معلقا بجدران المنزل والتي تنتج عن الاهتزازات التي تحدث من مكان مجاور كان يكون محطة قطار او مطار او ناتجا عن إعمال التشييد والبناء والترميم.

كما قد يتخذ الضرر شكل تلف المزروعات نتيجة الأدخنة او الغازات المنبعثة من مكان مجاور كان يكون معمل سمنت مثلا.

 عليه فان التعويض عن الإضرار التي تصيب الملكية إما إن يكون على أساس كلفة الإصلاح إي إصلاح الضرر, وأما على أساس النقصان في القيمة. ويقدر النقصان في قيمته الممتلكات العقارية من خلال معرفة الفرق بين سعر السوق للعقار في حالته غير المتضررة وقيمته بعد حدوث الضرر([111]).

وتحديد إي من الأساسين هو الأكثر ملائمة لتقدير التعويض الذي يعتمد على عوامل عدة بضمنها نية المدعي المرتبطة بالعقار والى إي مدى تكون هذه النية معقولة.فإذا كانت نية المدعي هي بيع ممتلكاته في حالتها المتضررة عندئذ يكون مقدار النقصان في قيمة تلك الممتلكات هو الأساس الصحيح لتقدير التعويض, إما إذا كانت نية المدعي الاستمرار في استخدام ممتلكاته المتضررة وإصلاحها فان كلفة الإصلاح إي كلفة إصلاح الضرر تكون هي الأساس الصحيح لتقدير التعويض ([112]).

 فلو تم إلقاء نفايات على الأرض فسوف يمنح التعويض بناءاً على اسس مختلفة وهي:-

عن النقصان في قيمة الأرض وعن كلفة إزالة ورفع النفايات وعن الاستعمال غير المخول به للأرض.وقد تتسع دائرة التعويض لتمتد إلى التعويض عما يتجاوز الضرر الواضح المباشر.

مثال ذلك قتل الأسماك بالمواد السامة يخلف مواد كيماوية سامة صبت في النهر فقدرت المحكمة مقدار التعويض عن الضرر الذي حصل في محيط البيئة فضلا عن التعويض عن قتل الأسماك وذلك بان ضمنت مبلغ التعويض خسارة طعام الأسماك أيضا وهي الحيوانات المائية كالقشريات والرخويات والحشرات في مرحلة النمو ([113]).

 وفضلا عن النقصان في القيمة او كلفة الإصلاح فان الإضرار المالية الأخرى جمعيا الناتجة عن الإضرار بالممتلكات يجب إن تكون قابلة للتعويض وخاضعة لمبادئ تقدير التعويض نفسها مثل مدى التعويض وتخفيف التعويض.ويخلف تقدير التعويض عن السلع عن تقدير التعويض عن الأراضي او المباني.

 ففي حالة الهلاك الكلي تعد كلفة الإصلاح بمثابة كلفة الاستبدال.وفي حالة التعويض عن السلع فان كلفة الاستبدال او كلفة الإصلاح قد تكون هي التقدير الملائم للتعويض ([114]).

 إما بالنسبة للإضرار الاقتصادية المتمثلة في انخفاض القيمة الاقتصادية للعقار المجاور للمطارات او محطات السكك الحديدية او المعامل او لأي مكان تنبعث منه الضوضاء او الروائح الكريهة فان مثل هذه الدور سوف تنخفض قيمتها اقتصاديا ويكون اوطا قيمة من مثيلاتها مما لا تكون مجاورة لتلك المنشات والأماكن وفرق بدل الإيجار او فرق السعر بين هذه الدور وتلك الدور وهو ما يمكن إن يسمى بالضرر الاقتصادي ([115]).

 ومما تجدر الإشارة إليه إن الخسارة الاقتصادية الناتجة عن إلحاق ضرر مادي بالممتلكات تكون قابلة للتعويض وعلى العكس من ذلك تكون الخسارة الاقتصادية البحتة التي لا تتمثل بضرر مادي يصيب المدعي بشخصه او بممتلكات غير قابلة للتعويض ولذلك فان المحاكم الانكليزية عموما لا تحكم بالتعويض عن الخسارة الاقتصادية المجردة عندما لا يقع ضرر مادي يصيب المدعي بشخصه او بممتلكاته.لذلك فان أصحاب الفنادق والآخرين على ساحل (Brittany) في فرنسا الذين إصابتهم خسارة مالية عندما لم يرسل منظمو السفرات السياح والمسافرين في أيام العطل إلى ذلك الساحل بعد كارثة تسرب النفط في (Amoco Cadiz) في عام 1978 لم يكن لهم حق المطالبة بالتعويض عن الإضرار المالية التي إصابتهم ([116]).

 غير انه بموجب القانون الانكليزي تعد الخسارة الاقتصادية البحتة قابلة للتعويض في حالة ما إذا كان الضرر قد لحق عدد كبير من الإفراد (ضرر جماعي) ونتيجة لذلك يسمح لأصحاب الفنادق والآخرين العاملين على السواحل الذين يعانون من خسارة اقتصادية نتيجة لتلوث الساحل بان يرفعوا دعوى قضائية للمطالبة بالتعويض حتى ولو لم تحدث لممتلكاتهم إضرارا مادية ([117]).

 ومما هو جدير بالملاحظة إن قوانين البلدان جمعيها تذهب إلى تعويض الإضرار المالية بعنصريها الخسارة اللاحقة والكسب الفائت وكذلك الإضرار التي تصيب الإنسان في ممتلكاته والتعويض عن الخسارة الاقتصادية([118]).

 هذا ويقدر التعويض عن الإضرار البيئية المالية بمجرد معرفة قيمة الشيء المتضرر بفعل المسؤول آذ يعد مساويا لهذه القيمة في حالة ما إذا كان الشيء قابلا للإصلاح فيقدر التعويض عنه بحسب المبلغ اللازم لا صلاحه مع الأخذ بالحسبان الأجزاء المتبقية من الشيء إذا كان غير قبل للإصلاح ([119]).

فإذا كان الضرر البيئي المالي متمثلا في نقص قيمة الشيء اقتصاديا وهذا ما يحصل عادة بالنسبة للعقارات فان قيمتها تعتمد على موقعها ذلك لان استغلال مصنع وتشغيله قد يودي في بعض الأحيان إلى إنقاص قيمة العقارات المجاورة لها.ولما كان الضرر المادي يتضمن عنصرين وفقا لإحكام المادة (207) مدني عراقي, وهما الخسارة اللاحقة والكسب الفائت عليه يكون التعويض عن الإضرار البيئية على هذا الأساس.

 ومما هو جدير بالملاحظة إن المحاكم تعتمد في اغلب الأحيان على رأي الخبراء المختصين عند تقدير التعويض عن الإضرار البيئية المالية وان كان رأي الخبير غير ملزم بالنسبة للمحكمة ([120]).

 ومن التطبيقات القضائية العراقية عن تقدير التعويض عن بعض صور الضرر البيئي المالي ما ذهبت إليه محكمة التمييز في إحدى القضايا التي عرضت عليها والتي ادعى فيها احد أصحاب الدور ضد وزير الأعمار (إضافة لوظيفته) وشركة سيمنس يونين و ف.أ.كتانه المحدودة بأنهما قد قاما بحفر جسر الباب الشرقي (جسر الجمهورية)إمام داره , واستعملا لذلك أدوات ثقيلة لدق التربة وأحدثت اهتزازاتها تخريبات وتصدعات في جدران داره فطالب بتعويضه عن الإضرار فحكم له بمبلغ (1500)دينار كلفة التصدعات والإضرار ونقصان القيمة وعند استئناف الحكم قررت محكمة الاستئناف فسخ الفقرة الحكمية المتعلقة بكلفة الإصلاح والترميم والبالغة (300) دينار ورد دعوى المستأنف عليه المدعي عنها فقط.وتصديق الفقرة الحكمية المتضمنة إلزام الشركة المستأنفه بتأديتها للمستأنف عليه مبلغا قدره(1200) دينار فقط بالتضامن , وعند تمييز القرار من قبل الطرفين قررت محكمة التمييز في 15/11/1956 بأنه "حيث إن المحكمة في حكمها المميز كانت قد استندت إلى تقرير الخبراء في البناء قد عين نوعين من التعويضات:-

النوع الأول:- هو ما يخص تلافي النقص في القيمة الشرائية نتيجة للتصدعات والتخريبات المحدثة فيه بسبب العمل موضوع البحث في الدعوى.

النوع الثاني:- وهو ما يخص الإصلاحات الظاهرية , وحيث إن الإصلاحات الظاهرية التي أشار إليها التقرير ليس من شانها إن تعيد حالة البناء إلى ما كانت عليه, وإنها تختلف في النوع عن التعويض عن النقص في القيمة الشرائية , فتكون الفقرة الحكمية المميزة غير صحيحة ومخالفة للقانون ولذلك تقرر نقضها([121]).

يتضح لنا من قرار محكمة التمييز هذا إن المحكمة قد ميزت بين نوعين من التعويض:-

النوع الأول هو التعويض عن النقص في القيمة.

أما النوع الثاني فهو التعويض عن إصلاح الضرر.

وقد أشارت محكمة التمييز إلى العلاقة بين النوعين إذ يكمل احدهما الأخر باعتبار إن التعويض عن إصلاح الضرر لا يغطي التعويض عن النقص في القيمة وبالتالي لا بد للمحكمة عند الحكم بالتعويض عن الضرر الذي أصاب المدعي إن تحكم بالنوعين معا.

 أما بالنسبة لأثر اشتراك المضرور في إحداث الضرر البيئي فانه طبقا لإحكام المادة(210) مدني عراقي يجوز للمحكمة إن تنقص مقدار التعويض وقد لا تنقصه المحكمة إذا تبين لها إن فعل المدعى عليه الخاطئ قد استغرق فعل المضرور ذلك إنقاص التعويض هو أمر جوازي للمحكمة.

 وقد لا تحكم المحكمة للمضرور بالتعويض إذا تبين لها إن الضرر البيئي قد وقع نتيجة فعل المضرور الخاطئ الذي كان اشد جسامة من فعل المدعى عليه إما إذا اشترك كل من المدعى عليه والمضرور في إحداث الضرر البيئي فان المحكمة تنقص مقدار التعويض بنسبة مساهمة كل منهما في إيقاع الضرر.

ومما هو جدير بالملاحظة إن الدعوى القضائية إلى ترفع عن الإضرار البيئية الناتجة عن تلوث الماء والهواء هي دعاوى قليلة بالرغم من إن الحكم بالتعويض له أهمية كبيرة , لأنه يشكل دافعاً اقتصاديا يجعل المسؤول عن الضرر البيئي يمتنع عن النشاطات الملوثة ما دامت تكاليف إزالته باهظة ([122]).

 والضرر البيئي عندما يقع فانه يصيب عددا كبيرا من الأشخاص بالأذى , غير إن كل واحد من هؤلاء المضرورين يتضرر على نطاق صغير مما يثبط من عزيمتهم عن المطالبة وعلى نحو منفصل بالتعويض من خلال عملية قضائية باهظة التكاليف.ولهذا فان اتحاد المضرورين كمدع واحد يشكل حلا في حالات كهذه وذلك عن طريق السماح بقضايا طبقية(Cass class) تمثل مصالح الإطراف الغائبة التي تنتمي إلى نفس طبقة الطرف المتضرر بصفة مدع ويقدم دورا مفيدا في تعزيز الاقتصاد في الوقت والجهد والنفقات ووحدة النتيجة , فضلا عن ردع السلوك الضار بيئيا من أشخاص معينين الذين بخلاف إجراء كهذا قد لا يأبهون كثيرا لهذا الأمر ([123]).

 وأحيانا لا يكون التعويض لوحده كافيا دائما , ما دام هذا لا يمنع بالضرورة استمرار الممارسة الضارة التي في العديد من الحالات تعد مصدر القلق الرئيسي لدى المدعي ولهذا فمن الضروري إصدار أمر يمنع النشاط المسبب للتلوث.

ثالثا:- التعويض عن الضرر البيئي المعنوي:-

إن الضرر البيئي المعنوي أما إن ينتج عن الآلام النفسية والأحزان الناشئة عن الضرر الجسدي كالمرض او التشوه الخلقي الوراثي او الموت نتيجة لاستنشاق الغازات السامة او التعرض للمواد المشعة المنبعثة من مكان مجاور كأن يكون معملا او مطمرا للنفايات او إن ينتج عن فقدان مباهج الحياة الطبيعية النقية والنقص في أسباب المتعة والراحة التي يمكن إن توفرها البيئة الخالية من التلوث.

 ومما هو جدير بالملاحظة إن القانون المدني العراقي يؤكد على تعويض المضرور عن الضرر الأدبي وذلك في المادة (205) منه التي تنص على "(1) يتناول حق التعويض الضرر الأدبي كذلك "وتطبيقا لذلك فقد قضت محكمة التمييز في هيئتها الموسعة الأولى بالتعويض استنادا إلى الفقرة (1) من المادة (205) مدني عراقي لان إصابة المدعي بجرح أمر يمس عاطفته وحريته إضافة إلى إن هذه الإصابة قد تركت له عجزا حسب ما جاء في التقرير الطبي مما يسبب له ألما نفسيا ([124]).

 وقضت كذلك في قرار أخر لها جاء فيه (أما الضرر الأدبي فهو ما يصيب العاطفة والشعور والحنان من الم وحزن لفقد المصاب) فيجب تعويضه بمقدار من المال يخفف من وقع المصاب بشرط إن لا يكون ذلك سببا للكسب والإثراء وهذه معايير دقيقة لا يمكن إن يقدرها الخبراء من ذوي الاختصاص في أمور التامين والتعويض عنها فكان ينبغي على المحكمة انتخاب خبراء من هذا الصنف لتقدير التعويض المطلوب كي يأتي مناسبا للضرر الحقيقي وحيث إن المحكمة أصدرت حكمها دون ملاحظة ما تقدم مما اخل بصحته لذا تقرر نقض كافة القرارات([125]).

 وقضت في قرار أخر لها كذلك جاء فيه (وحيث إن التعويض لا يكون عن الضرر المادي فقط بل يحكم به عن الضرر الأدبي لأقرباء المجني عليه ايضأ استنادا إلى إحكام المادة (205)من القانون المدني العراقي) ([126]).

مما تقدم يتضح لنا إن تلك القرارات جاءت توضح ماهية الضرر الأدبي وهو الأذى الذي يصيب الشخص في عاطفته وشعوره من الم وحزن لفقد المصاب وجاءت تقرر إمكانية تقويم الضرر الأدبي بالمال ومن ثم تعويضه , كما أكدت ضرورة الاعتماد على الخبراء المختصين في تقدير التعويض عن الضرر الأدبي ذلك ان الخبير هو الذي يستطيع تحديد مدى الضرر الأدبي الذي لحق بالمضرور ومن ثم مقدار تعويضه.

 كما وتؤكد تلك القرارات إن التعويض عن الألم النفسي الذي لحق بالمضرور هو ليس وسيلة للكسب والإثراء لذلك يجب عدم المغالاة فيه.

ومما تجدر الإشارة إليه أن القانون الأمريكي اخذ يعترف تدريجيا بإلحاق الأذى او الكآبة النفسية الناتجة عن الإضرار البيئية كأساس لرفع دعوى قضائية وبغض النظر عن إي ضرر أخر.

وقد توسع الأساس لرفع الدعوى إلى أقصى حد له في القضايا التي تنطوي على فعل معتمد يؤدي إلى إلحاق المعاناة النفسية أي إن المدعى عليه كان يقصد التسبب بمعناه كهذه وعلى أية حال في قضايا أخرى حكم للمدعين بالتعويض عن الإهمال الذي أدى إلى الإصابة بالكآبة النفسية دون إن يصاب المدعي بأي إصابات او إمراض بدنيه.وفي الحقيقة قد ينتج الأذى النفسي او الكآبة عن خوف من أي يصبح المدعي مريضا بالمستقبل.([127])

وفي بعض الحالات يكون التعرض إلى الملوثات او نفايات المدعى عليهم الخطيرة قد زاد من مخاطر إصابة المدعين بمرض معين في المستقبل كالسرطان.فينصح الخبراء الطبيون بإشراف او رقابة دورية للكشف عن المرض والسماح بمعالجة مبكرة له إذا أحدثت الإصابة به فعلا. وفي قضية (Ayers.V.Town.Ship of Jackson) قبلت المحكمة سببا لرفع الدعوى القضائية لأجل الرقابة الطبية إذ اثبت احد المدعين من خلال شهادة خبير معتمد إن المدعى عليه قد تسبب في تعريض المدعى لمواد كيميائية سامة واثبت خطورة المرض الذي أصبح المدعي معرضا للإصابة به كما اثبت الزيادة النسبية في مخاطر الإصابة بالمرض وتكاليف التشخيص المبكر ([128]).

 إما النوع الأخر من الضرر البيئي المعنوي المتمثل في فقدان مباهج الحياة الطبيعية النقية والنقص في أسباب المتعة التي يمكن إن توفرها البيئة الخالية من التلوث. فقد اخذ مبدأ تعويضه يلقى معارضة كبيرة في البلدان جميعا لان الانزعاج عن فقدان متعة الناظر الطبيعية والجمالية لا يعترف به كونه يبلغ مبلغ الضرر لان ما يعوض هو الضرر كما في تدمير المواقع السمكية مثلا فإذا سبب نشاط ملوث معين الضرر بالطبيعة والمناظر الطبيعية بدون إن تؤثر في أي طرف فانه لا توجد مطالبة بالتعويض ([129]).

 إلا انه في فرنسا نجد إن المحاكم كثيرا ما تلجا إلى هذا النوع من الضرر الذي استقر تعويضه في قانونها حتى يضمن حصول المضرور على حقه وذلك بدلا من إن يفرض التعويض أساس الضرر البيئي الذي يصيب المحيط الطبيعي دون مساس مباشر بالإنسان الذي قد يجد معارضة المحاكم العليا والسبب في ذلك إن تعويض الضرر المعنوي يخضع إلى السلطة التقديرية لقاضي الموضوع ويصعب على المحاكم العليا التدخل في هذا التقدير , غير إن مبالغ التعويض عن هذا النوع من الضرر قليلة لأنها تخضع لمراجعة محاكم الاستئناف نحو تخفيفها بسبب فقدان تقديرها إلى عناصر ثابتة وقوية تدعمه ([130]).إما في جنوب أفريقيا فبموجب القوانين الجزائية يجوز للشخص إذا ما تضررت مشاعره الجمالية بسبب التلوث المطالبة بالتعويض من الشخص الذي أساء إلى أحاسيسه شريطة إن يكون تصرف الملوث جاء عن عمد([131]).

 إلا إن الاتجاه المعارض لتعويض الضرر المعنوي الناجم عن الضرر البيئي قد تفوق على الاتجاه المؤيد للتعويض, وقد ساعد في ذلك الأزمات الاقتصادية الخانقة في العالم الصناعي التي جعلت الاهتمام بالبيئة يأخذ مركزا ثانويا في اهتمامات الدول([132]).

ونجد احد القرارات الأمريكية يبين ذلك الموضوع عندما جاء فيه (إن مبلغ التعويض الممنوع في حالة إحياء مجال طبيعي او إصلاحه يجب إن يتناسب مع التكلفة المعقولة لإحيائه دون نفقات فاحشة لا تتناسب مع ذلك) ([133]).

وهذا يدل على غلبة الاتجاه المعارض لتعويض الضرر المعنوي الناجم من التلوث والإضرار البيئية عموما.

الفرع الثاني:التعويض عن الضرر البيئي الذي يصيب المحيط البيئي

ظل الضرر الذي يصيب المحيط الطبيعي كالماء والهواء والأرض والنبات والعضويات المهجرية والمخلوقات الحية الأخرى بمعزل عن المصالح الفردية للإنسان مهملا من المحاكم المدنية لمدة طويلة من الزمن.ففي قرار صدر قي عام 1989 في شيكاغو-Chicago بخصوص التلوث النفطي عن حادثة (الاموكوكاديز) رفضت المحكمة وبشكل قطعي التعويض عن تلوث المجال البحري.إما بخصوص إعادة الحال في الساحل إلى ما كانت عليه قبل وقوع الحادث فلم تجد المحكمة مجالا للتعويض لاسيما بعد مرور ثمانية سنوات قبل وقوع الحادث باعتباره ضررا قد زال وكانت حجة المحكمة إن الطبيعة قد فعلت بشأنه فعلها بشكل مذهل وكانت المحكمة تقصد إن إلية احتواء النفايات وهضمها التي تتمتع بها الطبيعة كانت قادرة على إزالة التلوث ([134]).

 وذهبت إحدى المحاكم الألمانية في قرار لها صدر في عام 1987 (إن الوضع الحالي في القانون الألماني لا يسمح بالتعويض عن التلوث والإتلاف الذي يصيب الغابات الألمانية)ودعت في حينها المشروع الألماني إلى تدارك هذا النقص في التشريع. وقد ساعد في رفض طلبات التعويض عن الضرر البيئي غياب الوسائل الخاصة التي تسمح في تقدير التعويض وضمانه عن هذا الضرر([135]). غير إن المسالة تكمن في موضوعها الأساس بتدخل المشرع لأجل تنظيم الأمر وذلك بإيجاد الطريقة التي يستطيع بها تقدير التعويض عن هذا الضرر , وذلك بعد إن يعترف القانون للبيئة بقيمتها كمال مشترك من حق الكائنات جمعيا الانتقاع به , او الحصول على ما يعوضها عنه فقدانه إما بفعل او بسببه , أن هذا الأمر اخذ يسيطر على الساحة القانونية حديثا , لاسيما بعد الحوادث البيئية التي وقعت كالحوادث النووية وحوادث التلوث البحري ببقع النفط التي تتسرب اثر حادثة غرق او تصادم بين السفن.

 ومما هو جدير بالملاحظة أن أول قرار قضى بتعويض الضرر البيئي هو قرار محكمة البداءة الكبرى الفرنسية لمدينة (باستيا) عاصمة جزيرة كورسيكا الفرنسية الذي أقام المسؤولية المدنية لأحد المصانع بسبب ما ألقاه من مخلفات صناعية في البحر العالي ([136]).ولما كان الضرر الذي يصيب البيئة في ذاتها ضررا غير قابل للإصلاح , ذلك لان المصادر الأولية للطبيعة عندما تدمر لا يمكن صناعتها من جديد في مصنع لذلك فان إصلاحها لا يكون إلا بالصورة التي تؤدي إلى منع وقوع ما لايمكن إصلاحه لا سيما أن من أهم وظائف الإصلاح والتعويض هنا هي الوقاية من الضرر أصلا , ويكون ذلك بإلزام محدث الضرر البيئي بدفع مبالغ على سبيل التعويض تخصص للوقاية من الضرر البيئي ومنع تفاقمه او إزالة نتائجه الضارة ومن الأمثلة الواضحة لذلك ما حصل في عام 1987 من تصالح بين شركة (Lafirme Sandoz) المسؤولية عن تلوث خطير وقع لنهر الراين (Rin) وجمعية الدفاع عن هذا النهر التي تم تأسيسها بهذه المناسبة , حيث الزم المصنع بهذا الاتفاق بإقامة شبكة للإنذار والاتفاق على برنامج متكامل لإصلاح النظام البيئي (Ecosystem) المتمثل في الكائنات الحية التي كانت تعيش في النهر والتي دمرت بسبب التلوث ([137]).

أن هذا الأمر له صدى في مجال التنظيم الدولي لحماية البحار من التلوث , ولكن في حقل أخر يختلف عن تلوث الأنهار وقد ساعد في إقامة هذا التنظيم الدولي الحوادث الخطيرة التي تتعرض لها ناقلات النفط والإضرار البيئية الجسيمة التي نجمت عن ذلك , فبعد حادثة توري كاينون-Torrey Canyon) التي وقعت عام 1967 بدا العمل لوضع تنظيم دولي بخصوص سلامة الناقلات العملاقة , وفي عام 1978 وبعد غرق السفينة اموكوكاديز(Amoco Cadiz) تم رفضه وتعميم نظام القيادة ذات مقودين ([138]).

 ولكن من اعقد المشاكل التي تثور بشان تعويض الضرر البيئي بذاته الكيفية التي يمكن فيها تقدير التعويض فليس من السهل تحديد مبلغ من النقود يعوض عند فقدان طير او شجرة فهذا التحديد أيا كانت طريقته لابد إن يكون تحكميا فهو لا يأخذ بالحسبان إن الطبيعة هي مجموعة أشياء حية وان اي عنصر من عناصرها ليس إلا جزءا من عملية مركبة يجب النظر إليها كوحدة واحدة.

 وعلى اية حال فهنالك ثلاث طرق ابتكرت عملا لتعويض الضرر الذي يصيب البيئة في ذاتها وسنتولى إيضاحها في النقاط التالية:-

 

 أولا:- طريقة التعويض الجزافي:-

وبموجب هذه الطريقة يتم تحديد تعريفة لكل حيوان او نبات يتم تدميره او إتلافه , ولذلك ذهبت الكثير من الوحدات الإدارية الفرنسية إلى وضع جداول تحدد إثمانا لكل عنصر من عناصر الطبيعة يتم فرضها على محدث الضرر الناجم عن تدميرها.فقد وضعت مدينة مارسيليا (Marsaille) جدولا يسمح بتقدير قيمة الأشجار التي يتم تدميرها بالنظر إلى عمر الشجرة وندرتها ومكان وجودها.وبتطبيق هذا الجدول فان إتلاف أي شجرة أيا كان سببه يلزم فاعله بان يزرع عدد من الشجيرات يعادل الوحدات التي أتلفت بمعدل يصل إلى (250) شجيرة مقابل كل شجرة مقطوعة ([139]).

 وتعود قوة هذه الطريقة إلى عدم وجود طرق أخرى قادرة على منافستها بشكل كبير , ذلك انه إذا أمكن تقدير التعويض عن إتلاف حيوان أليف بشكل منضبط لان له قيمة محددة في السوق ويمكن إنتاجه بشكل تجاري فانه يصعب تحديد القيمة الحقيقة لشجرة نادرة او حيوان كفقمة او طير نادر لأنه لا مثيل لها في السوق كما لا يمكن تكثيرها من جديد , وهذا الأساس يجد له مصداقية اكبر بشان الأجناس النباتية والحيوانية النادرة او القابلة للانقراض , لذلك لا بد من وضع جدول يحدد ثمن كل جنس منها حتى يمكن تقدير ما يمكن أن يقابله من تعويض ومثل هذا الجدول نجد له تطبيقا في كل من الولايات المتحدة واسبانيا , ففي اسبانيا ومنذ عام 1968 يوجد ثمن لكل جنس مهدد بالانقراض (150.000 بيتا) لكل فقمة من النوع المسمى بشيخ البحر (Phoque moine) و(100.000بيتا) لكل وشق (Cynx) او لكل صقر (gypaete) ([140]).

 ويدخل ضمن التعويض الجزافي ما قررته إحدى المحاكم الفرنسية في 12/5/1990 من فرض تعويض على إحدى المستثمرين في مجال اللحوم بمقدار فرنك واحد عن كل كيلو غرام من المواد الدهنية التي تم رميها بطريقة غير نظامية وفرنك واحد عن كل وحدة من الأوزون والفسفور المنتشر أكثر من الحد المسموح به([141]).

ثانيا:- طريقة التعويض المستعارة من القوانين الاقتصادية: -

وتسمح هذه الطريقة بتحديد مقدار التعويض بحسب المقابل المتصور في سوق احتمالي ويكون ذلك بحسب المبلغ الذي يكون المضرور مستعدا لان يدفعه للحصول على الترضية المطابقة لما لم يستطع ان يحصل عليه نتيجة للإتلاف او الضرر البيئي الواقع ([142]).

ثالثا:- طريقة التعويض المستعارة من قوانين الإحياء:-

إن أهم نتائج الضرر البيئي بالمعنى الضيق أنها تؤدي إلى القضاء على القدرة الكامنة في الأرض وما عليها. فما يهم هنا ليس التدمير الذي يصيب الأشجار او الحيوانات نتيجة الضرر البيئي. بل أن ما يهم تأثير هذا الضرر في القدرة على التكاثر والتناسل لدى هذه الكائنات الحية , فالأهمية تركز إذا على عملية التكاثر لا على نتائجها , لذلك فكلما كان جنس الكائن الحي أكثر ندره وأكثر تهديدا بالانقراض كلما كان الضرر البيئي اكبر كما انه كلما كان الكائن الحي الذي تم إتلافه في طور التكاثر والانتشار , كلما زاد نقص المنطقة المنكوبة من العناصر الوراثية للكائنات التي تعيش فيها ([143]).

 هذه المعطيات أدت إلى تقديم عناصر في تقدير مبلغ التعويض الذي يفرض على المسؤول عن الضرر البيئي , إذ يتم تقدير مبلغ التعويض بالنظر إلى الإنتاجية المفترضة للكتلة الإحيائية المدمرة.لذلك وبقصد تقدير التعويض عن الضرر الذي أصاب الصيادين الفرنسيين بسبب تلوث شرم السين (La baie de Seine) فقد اعتمدت محكمة (Rouen) الفرنسية ([144]).على مدى إنتاج الهكتار الواحد من هذا الخليج الضير وفي ظروف مشابهة أخذت إحدى المحاكم في جزيرة كورسيكا الفرنسية بالحسبان انخفاض مستوى الإنتاج لمنتجي المواد الأولية الذي اثر بدوره في السلسة الغذائية مما أدى إلى خسارة كبيرة في الكتلة الإحيائية في مكان وقوع الضرر البيئي.

 ولا بد من ملاحظة أن هذه الطرائق لتقدير التعويض عن الضرر البيئي ليست طرقا نهائيا اتسمت بالثبات والاستقرار بل هي تقدم عناصر مختلفة للتعويض يمكن للقاضي أن يستفيد منها في مهمة الشاقة. لذلك صدر قانون عام 1968 في الولايات المتحدة الأمريكية بقصد التعريف التي يمكن بها تقدير المصادر الطبيعية إمام القضاء ([145]).

غير أن هذه الطرق ليس لها إلا قوة القرائن البسيطة فهي ليست طرقا نهائية خالية من النقص بل أنها يمكن أن تقدم شيئا لتسهيل عملية التقدير , لذلك فهي جميعا تتساهل إن توزن ويستفاد منها من جانب او أخر.

 إما المشكلة الثانية التي قد تثار هنا فهي من له حق المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي يصيب البيئة الطبيعية ذاتها دون إن يؤدي ذلك إلى الإضرار بشخص ما.فعلى سبيل المثال أن تلوث الهواء في كهف فيه مجموعة من الطيور النادرة غير الموجودة في أماكن أخرى قد يؤدي إلى انقراضها مما يشكل ضررا بيئيا كبيرا وذلك لافتقار الإرث الجيني لهذا النوع من الكائنات الحية , إلا أن ذلك لا يعاني منه شخص معين , وأما كانت دعوى المطالبة بالتعويض عن الضرر البيئي تتطلب وجود مدع ومدعى عليه فأننا لا نكون إمام دعوى قضائية في حالة كون البيئة هي المضرورة لعدم وجود من يمثلها بل نكون إمام إجراء واجب وذلك لإصلاح الضرر الذي أصاب البيئة الطبيعية والسؤال الذي يرد هنا هو من له حق المطالبة بإجراء ذلك الإصلاح ؟

قد تكون الدولة باعتبارها راعية لمصالح الجميع هي التي ينبغي أن تكون صاحبة دعوى الإصلاح وذلك عن طريق وزارة مختصة بشؤون البيئة يكون لها حق المقاضاة إمام القضاء والمطالبة بإصلاح الضرر.

وهذا الاتجاه منتقد , لان من احد شروط إقامة الدعوى إمام القضاء شرط وجود المصلحة , ولما كانت الدولة او الوزارة او أي شخص أخر لم يعان من الضرر ,عليه فلا يمكن الخروج بفكرة أن الدولة تمثل المضرور ولها حق إقامة الدعوى([146]).

ولهذا فقد اعترف القانون الفرنسي لجمعيات حماية البيئة بالحق في المطالبة , بإصلاح الإضرار , بصفتها الطرف المضرور , ولكن في هذه الحالة تظهر لنا مشكلة تتعلق بالأموال التي ستحصل عليها هذه الجمعيات بصفة تعويضات التي ستخصص لإصلاح الضرر البيئي وهنا يظهر الخوف من هذه الجمعيات من استعمال هذه الأموال في إحياء الجمعية أكثر من إحياء الطبيعة وهذا ما يفسر لنا تردد القضاء الفرنسي في رفع مبلغ التعويضات عن الإضرار البيئية. ثم أن هذه الجمعيات لا تملك صفة التصرف لحماية المصالح التي تدعي أنها تمثلها. إذ يجب أن تخضع لقوانين خاصة , وعلى الرغم من أن قانون البيئة الفرنسي يجيز حقا معينا لتصرف الجمعيات من اجل حماية البيئة الطبيعية ولكن في حدود معينة وهنالك إضرار بيئية يحق للجمعيات المطالبة بالتعويض عنها وهي تلك الإضرار الناتجة عن جريمة جناية او جنحه كما أن هنالك عائقا ماديا يقف في طريق هذه الجمعيات يتمثل في عملية إثبات الإضرار هذه غالبا ما تكون مكلفة ([147]).

وهنا نكون إمام فرضين , الأول أن يكون مرتكب الفعل الضار بالبيئة معروفا ولا مشكلة في هذا الفرض إذ يتحمل مرتكب الفعل الضار بالتعويض عن الضرر الذي أحدثه بالبيئة وان لم يؤد إلى الإضرار بشخص ما.

إما الفرض الثاني فهو أن يكون مرتكب الفعل الضار مجهولا وهنا نرى اعتبار الدولة مسؤولة عن معالجة مثل هذا الضرر ومسؤولية الدولة هنا مسؤولية اجتماعية لا قانونية لذلك ندعو المشرع العراقي إلى تفعيل دور وزارة البيئة العراقية او أن يكون لها حق مطالبة الدولة بإصلاح هذا الضرر إذا لم تكن قدراتها كافية لإصلاحه.

ولابد من الإشارة أخيرا إلى أن المادة (22) من قانون حماية وتحسين البيئة العراقي رقم (3) لسنة 1997 قد ألزمت مرتكب الفعل الضار بالبيئة بالتعويض عن الضرر البيئي الذي أصاب الإنسان او المحيط البيئي ويستشف ذلك من عموم النص وعدم تحديده التعويض بالضرر الذي يصيب الإنسان دون الضرر الذي يصيب المحيط البيئي عموما.

الخاتمة

من خلال البحث المتقدم والخاص بدعوى التعويض عن الضرر البيئي تبين لنا جملة من النتائج والتوصيات ويمكن إيجازها بالاتي:-

 

أولا:- النتائج

1-   أن الضرر البيئي لكي يكون قابلا للتعويض عنه يجب أن تتوافر فيه بعض الشروط وبما انه لا يختلف عن الضرر بوجه عام كونه واجب التعويض إذا ما لحق بالمضرور ضرر فان هذه الشروط لا تختلف عن الشروط العامة للضرر.

2-   أن للضرر البيئي مجموعة من الأسباب تكمن في مجموعة العوامل المتداخلة التي تجمع ما بين الثورة العلمية والتكنولوجية والنمو السكاني واختلال النظام الايكولوجي وقد جسدت هذه العوامل مفهوم الضرر البيئي بمعناه الشمولي.

3-   الضرر البيئي إما أن يصيب الإنسان مباشرة نتيجة لتوسطه المكان الذي يعيش فيه وأما إن يصيب المحيط البيئي الذي يعيش فيه سواء أصابه في جسده او مصلحة مالية او معنوية فهو إما إن يكون جسديا او ماليا او معنويا وقد يكون ضرر يصيب المحيط الطبيعي ليشمل الإضرار البيئية المترتبة على تلوث البيئة الجوية والبرية المائية.

4-   إن طرفي دعوى المسؤولية هما المدعي والمدعى عليه فقد يكونان شخص واحد او مجموعة من الأشخاص حيث يمكن لأحد الإفراد من المجموعة إن ينوب عن الجميع في المطالبة بالتعويض او دفع المسؤولية عنهم.

5-   أن طلبات المدعي تقتصر على المطالبة بالتعويض عن الإضرار المادية والمعنوية التي إصابته من جراء التلوث البيئي الحاصل بفعل المسؤول فإذا أصاب المدعي ضرر مادي ففي هذه الحالة يطلب المدعي التعويض عما أصابه من ضرر مادي بعنصريه (الخسارة اللاحقة والكسب الفائت)0

إما إذا كان الضرر الذي أصاب المدعي معنويا فهو لا يتحلل إلى عنصري الخسارة اللاحقة والكسب الفائت وإنما يعد عنصرا فائحا بذاته مع العلم أن التعويض عن الضرر المعنوي لا يزيل الضرر وانأ قد يخفف من وقعه كثيرا. وان للمدعي عليه أن يدفع ما وجه إليه من ادعاء إما بانتقاء المسؤولية إطلاقا لأنه لم يفترض الخطأ او لان المدعي لم يصب بضرر لانعدام الرابطة السببية بين ما وقع من ضرر وما نسب إليه من خطا او لما يبدو له من وجوه تخلصهم من المسؤولية طبقا للقانون.

6-   أن التعويض عن الضرر البيئي يختلف من حالة لأخرى فإذا كان المضرور شخصا واحدا او أشخاص عدة فلهم إقامة الدعوى إمام المحاكم المدنية لتعويضهم عن الإضرار البيئية التي إصابتهم إما إذا كان عدد المضرورين كبيرا فيفضل تعويضهم بموجب أنظمة تهدف إلى سد الثغرات في الحماية القانونية البيئية وتعويض المضرور عما أصابه من إضرار بيئية إما في حالة عدم وجود مثل تلك الأنظمة مع وجود جماعة من المضرورين فيفضل رفع دعوى واحدة أمام المحاكم المدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر البيئي الذي أصاب جميع المضرورين.

7-   أن الضرر البيئي الذي يصيب الإنسان يمكن تقدير التعويض عنه سواء أكان تعويضا عينيا او بمقابل (نقدي او غير نقدي) إلا إن الصعوبة تمكن في تقدير التعويض عن الضرر البيئي عند فقدان طير او قطع أشجار غابة ولكن على الرغم من ذلك فأننا وجدنا عدة طرق اشرنا إليها في ثنايا البحث من اجل تقدير التعويض عن تلك الإضرار.

ثانيا:- التوصيات

1-   ندعو إلى ضرورة تطوير قواعد المسؤولية المدنية لتستجيب للطبيعة الخاصة للضر البيئي دون التمسك بالقواعد التقليدية النظرية للمسؤولية سواء تعلق الأمر بشرط الفعل المسبب للضرر او الضرر او مفهوم العلاقة السببة بينهما.

2-   ندعو المشرع إلى ضرورة تعميم نظم التامين الإجبارية على جميع النشاطات الخطرة وغير الخطرة لتغطية المخاطر المحتملة من جراء هذه الأنشطة في مجال التلوث البيئي إذ يعد ذلك ضمانة أخرى لمواجهة كارثة التلوث التي تنال من الإنسان والبيئة.

3-   ضرورة تعزيز مفهوم قاعدة إن الوقاية خير من العلاج فلا بد إن تتخذ الدولة جميع الاحتياطات والتدابير اللازمة لمنع وقوع الضرر البيئي والوقاية منه , ضرورة نشر الوعي الثقافي لدى الإفراد والحد من نشاطاتهم الملوثة للبيئة.

4-   النظر إلى مشكلة التلوث البيئي باهتمام وتوفير جميع السبل اللازمة للمحافظة على البيئة وضرورة تفعيل دور وزارة البيئة من خلال المساهمة في إصلاح الضرر الذي يصيب البيئة او مطالبة الدولة باصلاح الضرر عندما لا تتوفر لدى الوزارة الإمكانيات اللازمة لإصلاحه.

 

مصادر البحث

القران الكريم

أولا:-الكتب والمؤلفات القانونية أو العامة.

1- -احمد محمود سعيد:- استقراء لقواعد المسؤولية المدنية في منازعات التلوث البيئي /الطبعة الأولى/ دار النهضة العربية/1994.

2- د.أنور سلطان:- النظرية العامة للالتزام /الجزء الأول/مصادر الالتزام/دار المعارف/بغداد/1965.

3- أي بي اودم:- أسس علم البيئة/ ترجمة محمد عمار الراوي وأكرم خير الدين ضباط/ج2/مطابع دار     الحكمة للطبع والنشر /1990.

4- د.حسن علي الذنون:- المبسوط في المسؤولية المدنية/ج 1 /الضرر /شركة التايمس للطبع والنشر والمساهمة/1991.

5- د.حسين عامر وعبد الرحيم عامر:- المسؤولية المدنية التقصرية والعقدية/دار المعارف /القاهرة/ 1979.

6-د.سعدون العامري:- تعويض الضرر في المسؤولية التقصرية /مركز الدراسات والبحوث القانونية/بغداد/ 1982.

7- د.سليمان مرقس:-الوافي في شرح القانون المدني/الالتزامات/ج2/المجلد الثاني/في الفعل الضار والمسؤولية المدنية/الطبعة الخامسة/1988.

8- = :- المسؤولية المدنية في تقنينات البلاد العربية القسم الأول/مطبعة الجيلاوي/القاهرة/1971.

9- شاكر ناصر حيدر:-الوسيط في شرح القانون المدني الجديد/الحقوق العينية الأهلية/ج1/مطبعة المعارف/بغداد/1959.

10- د.عامر قاسم احمد القيسي:- مشكلات المسؤولية الطبيعية المترتبة على التلقيح الاصطناعي /الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع/عمان/2001.

11-د.عبد الباقي محمد سوادي:- مسؤولية المحامي المدنية عن أخطاءه المهنية/دار الحرية للطباعة/بغداد/1979.

12-د.عبد الرزاق احمد السنهوري:- الوسيط في شرح القانون المدني/الجزء الأول/الطبعة الثانية/دار النهضة العربية/1964.

13- = :- الوسيط في شرح القانون المدني الجديد/ج2/نظرية الالتزام بوجه عام/الإثبات/دار النشر للجامعات المصرية/1956.

14-د.عبد المجيد الحكيم:- الموجز في شرح القانون المدني/الجزء الأول/مصادر الالتزام/الطبعة الخامسة/مطبعة النديم/بغداد/1977.

15- د.عبد المجيد الحكيم وعبد الباقي البكري ومحمد طه البشير:-القانون المدني/احكام الالتزام/ج 2/مطابع التعليم العالي/1980.

16- د.عبد المنعم فرج ألصده:- الحقوق العينية الأصلية/دار النهضة العربية للطباعة والنشر/بيروت/1982.

17- عبود عبد اللطيف البلداوي:- دراسة في الحقوق العينية الأصلية/ج1/مطبعة المعارف/بغداد/1975.

18- عدنان إبراهيم السرحان ونوري حمد فاطر:- شرح القانون المدني الأردني /مصادر الحقوق الشخصية الالتزامات/عمان/2000.

19 ـ د. عزيز كاظم جبر: الضرر المرتد وتعويضه في المسؤولية التقصيرية مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع /عمان/1998

 

20- د.غني حسون طه:- الوجيز في النظرية العامة للالتزام/الكتاب الأول/مصادر الالتزام/الطبعة الأولى مطبعة الرشاد/بغداد/1963.

21- د.فريد فتيان:- مصادر الالتزام/شرح مقارن بالنصوص/مطبعة العاني /بغداد/1956-1957.

22- محمد طه البشير-غني حسون طه:- الحقوق العينية الأصلية والحقوق العينية التبعية/ج1 /مطابع التعليم العالي/1982.

23- محمد علي عرفه:- موجز في حق الملكية وأسباب كسبه/مكتبة النهضة المصرية/القاهرة/1955-1956.

24- محمد فواد مهنا:- القانون الإداري المصري/الطبعة الأولى/القاهرة/1960.

25- د.محمد كامل مرسي:- شرح القانون المدني الجديد/الحقوق العينية الأصلية/ج1/الطبعة الثانية/المطبعة العالمية/القاهرة/1951.

26- د.محمود سعد الدين ألشريف:- شرح القانون المدني العراقي/مصادر الالتزام/مطابع العاني بغداد/1955.

27- د.مصطفى مرعي:- المسؤولية المدنية في القانون المصري /ط2/مطبعة الاعتماد /مكتبة عبد الله وهبة/القاهرة/1944.

28- د.منذر عبد الحسين الفضل:- النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني/دراسة مقارنة/ج1/مصادر الالتزام /1991.

 

ثانيا:-الرسائل والاطاريح الجامعية.

1-د.حسن حنتوش رشيد ألحسناوي:-الضرر المتغير وتعويضه في المسؤولية التقصيرية /دراسة مقارنة/أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون/جامعة بغداد/2004.

2-سرمد عامر عباس:- التعويضات عن الإضرار البيئية وتطبيقاتها في العراق /رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون/جامعة بابل/2003.

3- عارف صالح مخلف:- الحماية الإدارية للبيئة/دراسته مقارنة/أطروحة دكتوراه مقدمة إلى مجلس كلية الحقوق/جامعة النهرين/بغداد/2002.

4- د.علي عبيد عودة الجيلاوي:-العلاقة السببية بين الخطأ والضرر/رسالة ماجستير/كلية القانون/جامعة بغداد/1977.

5-محمد احمد رمضان:- المسؤولية المدنية عن الإضرار في بيئة الجوار/دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقوانين الوضعية/أطروحة دكتوراه /كلية القانون/جامعة بغداد/1993.

ثالثا:-المقالات والبحوث.

1-جابر إبراهيم الراوي:-تلوث البحار بالزيت والآثار المترتبة عليها/بحث مقدم إلى ندوة تلوث البيئة ومشاكلها في الوطن العربي/جامعة الدول العربية/عمان/1984.

2- سحر نافع شاكر:- هكذا لوثت الولايات المتحدة الأمريكية البيئة العراقية مقال منشور في مجلة الف باء/العدد 1564/ السنة 11/1998.

3-عدنان إبراهيم السرحان:- المسؤولية المدنية التقصيرية عن الإضرار البيئية /دراسة مقارنة مابين القانون الأردني والفرنسي (بحث غير منشور)جامعة اليرموك/اربد/الأردن/1997.

رابعا:-القوانين والأنظمة والنشرات القضائية العراقية والعربية.

1-التعليمات رقم (1) لسنة 1978 الخاصة بتصريف المياه الصناعية إلى شبكات المجاري العامة منشورة في جريدة الوقائع العراقية العدد/2682 في 13/11/1978.

2-نظام الرقابة الصحية على المعامل رقم 74 لسنة 1968.

3-نظام صيانة الأنهار والمياه العمومية من التلوث رقم 25 لسنة 1967 المنشور في جريدة الوقائع العراقية ذي العدد 1446 في 2/8/1967.

4-قانون الرقابة من الإشعاعات المؤينة رقم 99 لسنة 1980.

5- قانون الصحة العامة رقم 89 لسنة 1981.

6-قانون حماية وتحسين البيئة رقم 3 لسنة 1997.

7- قانون الطيران المدني رقم 48 لسنة 1974.

8- قانون المرور رقم 48 لسنة 1971.

9- قانون تنظيم تداول المواد الزراعية رقم 34 لسنة 1970.

10-القانون المدني رقم 40 لسنة 1951

11- قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل.

12-قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 المعدل.

13-قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971.

14-القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948.

15-قضاء محكمة التمييز/المجلد الثالث/1965 تصدر عن المكتب الفني لمحكمة التمييز/العراق.

16-المجلة العربية للفقه والقضاء/تصدر عن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية/ العدد 11 نيسان 1991.

17-مجموعة الإحكام العدلية العدد الرابع لسنة 13 /1982/ تصدر عن وزارة العدل العراقية.

18-مجلة القضاء العدد 1 لسنة 1995 /تصدرها نقابة المحامين العراقية/ بغداد.

19-مجموعة الإحكام العدلية عدد 1986 /بغداد /تصدر عن وزارة العدل العراقية.

20-قضاء محكمة التمييز/المجلد الخامس /1968 تصدر عن المكتب الفني لمحكمة التمييز /العراق.

21-القضاء المدني العراقي للأستاذ سلمان بيات/شركة الطبع والنشر الأهلية/بغداد/ج1/1962.

خامسا:-المصادر الأجنبية تقسم إلى:-

أولا:-المصادر الانكليزية

 

1-Gorges wiederk hehr-Dommage Ecologi que et Responsabilite civil edition –frison-Roche Paris 1998.

2-Rudigwr Lummert Trends in Environmental policy and Law international Union For Censer vat ion of Nature and Natural Resources-Gland Switzer and 1980.

3-Oleg S.kol Basov-Environmental Law-Klwer Law and Taxation Publisher s-Deventer Boston –Russian Feederation-supply-9-April 1994.

4-Oleg s. Kolbasov Environmentol Law-Kluwer Law and Taxation Publisher-Deventer,Boston Russian Federation-Suppel 6-September 1993.

5-Link laters and Paines Solicitors-Environmental Law.Kluwer Law an Taxation Publishers-Deventer,Boston united Kingdom-Suppl-2-April 1992.

6-Marinus Andre Pabic –Environ mental Law-Kluwer Law and Tayation Publishers-Deeventer Boston-South Afirca June 1991.

ثانيا:-المصادر الفرنسية

1-Marty et Raynoud, Droit civile,tome 2 V.I 1962.

2-Marine Friant – Legude Judiciaire et protection de Lenuiro ment Me more de D.E.A Nantes 1993.

3-Martine Remond Gouilloud-du reJudice ecologique.Drecueil Dalloz–sirey 1989.

 

[1]- أي بي – اودم – أسس علم البيئة ترجمت محمد عمار الراوي و أكرم خير الدين خياط الجزء الثاني مطابع دار الحكمة للطبع والنشر /1990 ص 819

[2]- سحر نافع شاكر - هكذا لوثت الولايات المتحدة الامريكيه البيئة العراقية / مقال منشور في مجلة ألف باء (العراقية) العدد 1564/ألسنه الحادية والثلاثين/ 1998 ص 20.

[3]- سرمد عامر عباس/التعويضات عن الإضرار البيئية وتطبيقاتها في العراق/ رسالة ماجستير مقدمة إلى كليه القانون/جامعه بابل 2003/ص 11.

[4]- احمد محمود سعيد/ استقراء لقواعد المسؤليه المدنية في منازعات التلوث البيئي/الطبعة الأولى/دار النهضة العربية/1994 ص61-64

[5]-Georges wiederkhehr Dammage Ecologlqnen et Responsablitite civil Edition Frision_Reoch Paris 1988/P 410

[6]-محمد احمد رمضان/ المسؤولية المدنية عن الإضرار في بيئة الجوار/ دراسة مقارنه بين الفقه الإسلامي والقوانين الوضعية/ اطروحه دكتوراه مقدمه إلى مجلس كليه القانون /جامعه بغداد/ 1993 ص 53

[7]- انظر لمزيد من التفصيل:- دكتور سعدون العامري /تعويض الضرر في المسؤولية التقصرية/مركز الدراسات والبحوث القانونية/بغداد/1982 ص 14-15

[8]- قرار رقم 1462/64/في 27 /2/1965-قضاء محكمة التمييز/المجلد الثالث /1965/تصدر عن المكتب الفني في محكمة التمييز/ وزاره العدل سابقا(مجلس القضاء الأعلى حاليا) ص 55

[9]- علي عبيد عودة الجيلاوي /العلاقة السببية بين الخطأ والضرر/رسالة ماجستير/كلية القانون-جامعة بغداد/1977 ص35 هامش رقم63

[10]- د. عبد الرزاق السنهوري /الوسيط /ج1 /ط2/دار النهضة العربية/1994 ص 1033

[11]- د. سعدون العامري /تعويض الضرر في المسؤولية التقصيرية/مصدر سابق/ص 34

[12]- د.عامر قاسم احمد القيسي/مشكلات المسؤولية الطبيعية المترتبة على التلقيح الاصطناعي -دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي والقانون الوضعي /الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع/عمان-2001 ص154

[13]- د. حسين عامر وعبد الرحيم عامر /المسؤولية المدنية التقصرية والعقدية /دار المعارف 1979 ص340 0 وانظر ايضأ:-

 د. عبد المجيد الحكيم/الموجز في شرح القانون المدني العراقي/الجزء الاؤل/مصادر الالتزام /الطبعة الخامسة/مطبعة النديم /بغداد 1977 ص529

[14]- نصت المادة (51) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 المعدل (في اليوم المحدد للمرافعة يجب على المحكمة ان تحقق من إتمام التبليغات وصفات الخصوم.......................)

[15]- د0سليمان مرقس /الوافي في شرح القانون المدني –الالتزامات/الجزء الثاني/المجلد الثاني /في الفعل الضار والمسؤولية المدنية الطبعة الخامسة /1988 ص 194.

[16]- ان الطاعن (س) أقام دعوى إمام محكمة ابو ظبي الابتدائية يطلب الحكم بإلزام:-

1- شركة ابو ظبي لإنشاء خطوط الأنابيب. 2- مؤسسة كورجين كنترول سيرفن. 3- وجاي كويسلاي مرهان. 4- شركة ابؤ ظبي للتأمين. بأن يدفعوا إليه متضامنين 5000 خمسة ألاف درهم والمصاريف وإتعاب المحاماة وقال في بيان ذلك ((انه يعمل لدى المدعى عليها الأولى بوظيفة عامل فني وإثناء عمله داخل احد الأنابيب التي كان يتم تركيبها بواسطة عمال المدعى عليها الثانية ,قام المدعى عليه الثالث بإجراء تصوير بأشعة الليزر لموقع العمل دون ان يتأكد من إخلائه من جميع العمال مما تسبب في إصابة المدعي بفقد القدرة الجنسية القدرة على الإنجاب وبالتالي فقدانه لرجولته وقطع نسله بنسبة بلغت 75%وهو في مقتبل العمر وحرمانه من تكوين أسرة ولما لحق به من ضرر مادي وأدبي))حكمت المحكمة العليا بإلزام المطعون ضدهم الأربعة بالرسوم والمصروفات و2000 درهم مقابل إتعاب المحاماة للطاعن بالتساوي بينهم صدر القرار عن المحكمة العليا لدولة الإمارات العربية المتحدة / دائرة النقض المدنية في الطعون ذوات الأرقام (110-121-123-164)لسنة 8 بتاريخ 2/2/1988 ومشار اليه في المجلة العربية للفقه والقضاء/تصدر عن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية /العدد 11 نيسان 1919/ص 274 -279

[17]- د.سعدون العامري/المصدر السابق /ص 41-42 وانظر أيضا:- د0عزيز كاظم جبر الخفاجي /الضرر المرتد وتعويضه في المسؤوليةالتقصيرية(دراسة مقارنة) مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان /1998 ص25.

[18]- قرار محكمة التمييز 291/موسعة/ 981 في 2/12/1982 مجموعة الإحكام العدلية العدد 4 لسنة 13/1982 ص 16

[19]- د.حسن حنتوش رشيد ألحسناوي/الضرر المتغير وتعويضه في المسؤولية التقصيرية/دراسة مقارنه/أطروحة دكتوراه مقدمه إلى كليه القانون/جامعة بغداد/ 2004 ص 30

[20]- د.عبد الباقي محمد سوادي /مسؤولية المحامي المدنية عن أخطاءه المهنية /دار الحرية للطباعة/بغداد/1979 ص 278

[21]- د.عبد الرزاق السنهوري /الوسيط /المصدر السابق ص 1319

[22]- نصت المادة 205/3 من القانون المدني العراقي (لا ينتقل التعويض عن الضرر الأدبي إلى الغير ألا إذا تحددت قيمته بمقتضى اتفاق او حكم نهائي).

[23]- د.عبد الرزاق السنهوري /الوسيط /المصدر السابق ص 1319

[24]- د.مصطفى مرعي/المسؤولية المدنية في القانون المصري/الطبعة ألثانيه/مطبعة الاعتماد/مكتبة عبد لله وهبه /القاهرة 1944 ص 29

[25]- Rudiger Lummert – Trends In Environmental Policy And Law , In ternational Union For Conservation Of Nature And Natural Resources Gland-Switzerland-1980-p 149

[26]- Rudiger Lummert-op.cit.p150

[27]- نصت المادة "204 "(كل تعدي يصيب الغير بأي ضرر أخر غير ما ذكر في المواد السابقة يستوجب التعويض).

 نصت المادة "218/1"مدني عراقي (يكون الأب ثم الجد ملزما بتعويض الضرر الذي يحدثه الصغير).

 نصت المادة "219/1"مدني عراقي (الحكومة والبلديات والمؤسسات الأخرى التي تقوم بخدمة عامة وكل شخص يستغل إحدى

 المؤسسات الصناعية او التجارية مسؤولون عن الضرر الذي يحدثه مستخدموهم اذا كان الضرر ناشئا عن تعد وقع منهم إثناء

 قيامهم بخدماتهم).

[28]- نصت المادة "191/1" مدني عراقي (اذا اتلف صبي مميز او غير مميز او من في حكمهما مال غيره لزمه الضمان من ماله)

 اما الفقرة (2) من نفس المادة فقد نصت (اذا تعذر الحصول على التعويض من اموال من وقع منه الضرر ان كان صبيا غير

 مميز او مجنون جاز للمحكمة ان تلزم الولي او القيم او الوصي بمبلغ التعويض.على ان يكون لهذا الرجوع بما دفعه على من

 وقع منه الضرر).

[29]- د.انور سلطان/النظرية العامة للالتزام/الجزء الأول/مصادر الالتزام/دار المعارف/1965 ص 515

[30]- د.عبد الباقي محمد سوادي/مصدر سابق ص 281

[31]- نصت المادة 217/2 (ويرجع من دفع التعويض بأكمله على كل من الباقيين بنصيب تحدده المحكمة بحسب الأحوال وعلى قدر جسامة التعدي الذي وقع من كل منهم فان لم يتيسر تحديد قسط كل منهم في المسؤولية يكون التوزيع عليهم بالتساوي).

[32]- قرار محكمة التميز/1868 في 8/4/1977 (غير منشور).

[33]- انظر المادة 8/1 من نظام صيانة الأنهار والمياه العمومية من التلوث رقم 25 لسنة 1967/منشور في الجريدة الرسمية (الوقائع العراقية) العدد 1446 في 2/8/1967.

[34]- انظر المادتين 6-8 من نظام الرقابة الصحية على المعامل رقم 74 لسنة 1968.

[35]- انظر التعليمات رقم (1) لسنة 1978 الخاصة بتصريف المياه الصناعية إلى شبكات المجاري العامة /منشورة في الجريدة الرسمية-الوقائع العراقية العدد(2682) في 13/11/1978.

[36]- محمد فؤاد مهنا/القانون الإداري المصري/الطبعة الأولى/القاهرة /1960 ص 445

[37]- جابر إبراهيم الراوي /تلوث البحار بالزيت والآثار المترتبة عليها/بحث مقدم إلى ندوة تلوث البيئة ومشاكلها في الوطن العربي/جامعة الدول العربية-عمان /1984 ص 342

[38]- نصت المادة 207/1 مدني عراقي(تقدر المحكمة التعويض في جميع الأحوال بقدر مالحق المتضرر من ضرر ومافاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعيه للعمل غير المشروع).

[39]- د0حسين عامر وعبد الرحيم عامر/المصدر السابق ص 463 وانظر ايضأ: د0 حسن حنتوش رشيد/المصدر السابق ص 213

[40]- د.حسن الذنون/المبسوط في المسؤولية المدنية /الضرر/ج 1 /شركه التايمس للطباعة بغداد/1991/ص 163

[41]- نصت المادة 211 مدني عراقي ( إذا اثبت الشخص ان الضرر نشا عن سبب أجنبي لا يد له فيه كافة سماوية او حادث فجائي او قوه قاهرة

او فعل الغير او الخطأ المتضرر كان غير ملزم بالضمان ما لم يوجد نص او اتفاق على غير ذلك)

[42]- د. سليمان مرقس /المسؤولية المدنية في تقنينات البلاد العربية /القسم الأول/مطبعة الجيلاوي/القاهرة 1971 /ص 477

[43]- د0عبد المجيد الحكيم /الموجز في شرح القانون المدني /المصدر السابق /ص 538 وانظر ايضأ: د0انور سلطان /المصدر السابق ص 505

[44]- د0فريد فتيان /مصادر الالتزام /شرح مقارن على النصوص/مطبعة العاني /بغداد 1956 -1957 /ص 299

[45]- نصت المادة (210) مدني عراقي (يجوز للمحكمة ان تنقص مقدار التعويض او الا تحكم بتعويض ما اذا كان المتضرر قد اشترك بخطاه في

 احداث الضرر او زاد فيه ام كان قد سوأ مركز المدين)

[46]- د0علي عبيد عودة /المصدر السابق ص 339

[47]- د0عبد الرزاق السنهوري /الوسيط /الجزء الأول/المصدر السابق ص 1017

[48]- د0عبد الرزاق السنهوري /الوسيط /الجزء الأول/المصدر السابق ص 1016

[49]- د0غني حسون طه /الوجيز في النظرية العامة للالتزام /الكتاب الأول/مصادر الالتزام/الطبعة الأولى/مطبعة الرشاد بغداد/1963 ص 475

[50]- Marty et.p. Raynoud. Droit Civile.T.2.V.I 1962.No 495.P. 539

[51]- محمد طه البشير –غني حسون طه/الحقوق العينية الأصلية والحقوق العينية التبعية /الجزء الأول/مطابع التعليم العالي 1982 ص 78

[52]- محمد طه البشير –غني حسون طه /المصدر السابق / ص 78

[53]- عبود عبد اللطيف البلداوي/دراسة في الحقوق العينية الأصلية/ج1 /مطبعة المعارف/بغداد 1975 ص 272

[54]- قرار محكمة التمييز رقم 1451-ح- 1954 في 25/9/1954 منشور في مجلة القضاء-ألعدد 1-تصدرها نقابة المحامين العراقية/بغداد 1995 ص 45.

[55]- كالقانون السويسري والألماني والاسباني والنمساوي والتركي والسوري والليبي ومجلة الالتزامات والعقود التونسية وقانون الموجبات والعقود أللبناني

[56]- نصت المادة (1026)مدني أردني (إذا كان لأحد دملك يتصرف فيه تصرفا مشروعا فأحدث غيره بجواره بناء وتضرر من الوضع القديم فليس للمحدث أي الذي أقام البناء أن يدعي التضرر من ذلك وعليه ان يدفع الضرر نفسه)

ونصت المادة 521 معاملات سوداني (إذا أحدث شخص بناء بجوار ارض مملوكه لشخص أخر وتضرر البناء الحديث من إي تصرف مشروع كان صاحب الملك القديم قد أحدثه لا يكون لصاحب البناء الحديث ان يدعي التضرر من الملك وعليه هو أن يدفع المسؤولية عنه بالادعاء بأسبقية الوجود على ان يكون تصرفه في ملكه مشروعا.

[57]- نصت المادة 429 مدني عراقي (الدعوى بالالتزام أيا كان سببه لاتسمع على المنكر بعد تركها من غير عذر شرعي خمس عشرة سنة مع مراعاة ماوردت فيه أحكام خاصة)

[58]- عبد المجيد الحكيم وعبد الباقي البكري ومحمد طه البشير/القانون المدني/إحكام الالتزام/ج2/مطابع التعليم العالي 1980/ص 310

[59]- أنور سلطان /المصدر السابق /ف 470/الصفحات 518-519

[60]- يماثل نص المادة(172)من القانون المدني المصري والمادة(173)من القانون المدني السوري والمادة(175)من القانون المدني الليبي.

[61]- انظر ألفقره الثانية من المادة(13)من قانون الوقاية من الإشعاعات المؤينة رقم (99)لسنة 1980

[62]- د0محمد احمد رمضان /المصدر السابق ص179

[63]- شاكر ناصر حيدر/الوسيط في شرح القانون المدني الجديد /الحقوق العينية الأصلية /ج1/مطبعة المعارف 1959 ص 259

[64]- محمد طه البشير وغني حسون طه/المصدر السابق /ص 79

[65]- شاكر ناصر حيدر/المصدر السابق/ص 259

[66]- نصت المادة (807) مدني مصري (لا يحول الترخيص الصادر من الجهات المختصة دون استعمال هذا الحق).

[67]- فيصل زكي عبد الواحد/إضرار البيئة في محيط المواد والمسؤولية المدنية عنها/مكتبة عبد الله وهبه/مصر 1989 /ص 663 وانظر ايضأ:-

د0محمد كامل مرسي/شرح القانون المدني الجديد/الحقوق العينية الأصلية/ج1/الطبعة الثانية/المطبعة العالمية/القاهرة/1951 ص 308

د0عبد المنعم فرج ألصده /الحقوق العينية الأصلية /دار النهضة العربية للطباعة والنشر/بيروت/1982 ص 70

[68]- د0محمد احمد رمضان /المصدر السابق ص 157

[69]- قرار محكمة النقض الفرنسية /1826 /Juil-19-Civ- أشار إليه د0محمد احمد رمضان/المصدر السابق/ص 157

[70]- المادة (2) من القانون المدني الفرنسي/ الصادر عام 1977 يشير إليه د0فيصل زكي عبد الواحد/المصدر السابق ص 662

[71]- د.عبد المجيد الحكيم وعبد الباقي البكري ومحمد طه البشير/المصدر السابق/ص 244

[72]- Marine FTIANT –OP-Cit-p 39

[73]- Rudiger Lummert-op.cit.p250

[74]- نصت المادة (1006) مدني عراقي "لا يجوز للمؤمن ان يدفع لغير المتضرر مبلغ التامين المتفق عليه كله او بعضه مادام المتضرر لم يعوض عن الضرر الذي أصابه "

[75]- فقد أسست اتفاقية بروكسل في 18-كانون الثاني-1971 صندوق النقد بقديم التعويض عن إضرار تلوث النفط في البحر وتتمثل المهمة الرئيسية لصندوق النقد في استحداث مسؤولية قانونية موسعه لتغطية القضايا التي تكون فيها الحماية ألمقدمه من اتفاقية بروكسل والمؤرخة في 29-تشرين الثاني-1969 غير ملائمة وتحسن بذلك وضع الضحايا المضرورين ,ويمول هذا الصندوق بواسطة تبرعات ومساهمات من مستوردي النفط والمحسوبة طبقا لمقدار النفط الذي يتلقوه وتزود بالدفوعات حتى مقدار أقصى يبلغ (678) مليون فرنك ذهب إي ما يقارب (45) مليون دولار أمريكي ويتم تغطية الإضرار في الممتلكات وإجراءات التنظيف والإجراءات الوقائية بواسطة بنود التعويض ,ولكن لا يتم تغطية الخسارة الاقتصادية المجردة ويفترض عند دفع التعويض وجود صلة رابطة بين حادث معين والضرر حتى تغطيها اتفاقية صندوق النقد.نقلا عن:- Rudiger Lummert-op. cit. p 251

[76]- Rudiger Lummert-op. cit. p 251

[77]- Oleg.S.Kolbasov–Environmental Law-Klwer Law and taxation publishers-Deventer Boston, Russian

Federation-supply-6-September, 1993 P. 176 

[78]- Rudiger Lummert-op. cit. p 149 

[79]- د.عبد المجيد الحكيم/الموجز في شرح القانون المدني/المصدر السابق/ص 903

[80]- سعدون العامري /المصدر السابق /ص 149

[81]- د.عبد الرزاق السنهوري /الوسيط/الجزء الأول/المصدر السابق/ص 643

[82]- وذلك لان هنالك فرق بين التنفيذ العيني والتعويض العيني,فالتنفيذ العيني يكون قبل وقوع الإخلال بالالتزام فيكون هنالك تنفيذ عيني للالتزام عن طريق عدم الإخلال به, إما التعويض العيني بعد وقوع الإخلال بالالتزام /السنهوري/الوسيط في شرح القانون المدني الجديد /الجزء الثاني/نظرية الالتزام بوجه عام/الإثبات/دار النشر للجامعات المصرية/1956/ص 798

[83]- عبد المنعم فرج ألصده/المصدر السابق/ص 69

[84]- القرار رقم 1353/عقار/85,84 في 25/5/1986 مجموعة الإحكام العدلية/وزارة العدل/بغداد/1986/ص 23

[85]- عارف صالح مخلف/الحماية الإدارية /دراسة مقارنة/أطروحة دكتوارة مقدمة إلى مجلس كلية الحقوق/جامعة النهرين/2002/ص 117

[86]- تنص الفقرة (4) من المادة (12) من قانون حماية وتحسين البيئة رقم (3) لسنة 1997 بأنه "لمدير عام الدائرة او من يخوله إن ينذر أية منشاة او معمل او جهة او مصدر ذي تأثير ملوث للبيئة لإزالة العامل المؤثر خلال عشرة أيام من تاريخ التبليغ بالإنذار وفي حالة عدم الامتثال للإنذار فللمدير العام إيقاف العمل او الغلق المؤقت للمصدر الملوث مدة لا تزيد على ثلاثيين يوميا وله إن يرفع إلى المجلس توصية بالغلق الدائم"

[87]- قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم (1375) في 13/12/1983

[88]- المادتين (98-100) من قانون الصحة العامة رقم 89 لسنة 1981

[89]- د.حسن حنتوش رشيد ألحسناوي /المصدر السابق /ص 85

[90]- د.عبد الرزاق السنهوري /الوسيط/الجزء الأول/المصدر السابق/ص 49-1

[91]- Marine Friant-Lc Jude judiciaire et protection de L enuironnent Memoire de D.E.A. Nates 1993-p. 39.

[92]- Marine FTIANT –OP-Cit-p40

[93]- Marine Remind Gouilloud-du rejudice ecologique.D recueill dalloz –sirey -1989. p. 259

[94]- Marine FTIANT –OP-Cit-p40

[95]- د.عبد الرزاق السنهوري /الوسيط/الجزء الأول/المصدر السابق/ص 1094

[96]- محمد علي عرفه/موجز في حق الملكية وأسباب كسبه/مكتبة النهضة المصرية/القاهرة/1956

[97]- د.سعدون العامري /المصدر السابق/ص 151.

[98]- عدنان إبراهيم السرحان ونوري حمد خاطر /شرح القانون المدني الأردني /مصادر الحقوق الشخصية /الالتزامات/عمان/2000/ص 487

[99]- د.سعدون العامري/المصدر السابق/ص 162

[100]- القرار رقم (306)مدنية/منقول-988 في 10/10/1987 غير منشور.

[101]- تطبيقا لذلك ما قضت به محكمة دولة الإمارات المتحدة بخصوص القضية المشار إليه لدى بحثنا في شروط الضرر البيئي في مقدمة البحث.

[102]- د.سعدون العامري /المصدر السابق/ص 102

[103]- Oleg.S.Kolbasov–Environmental Law-Klwer Law and taxation publishers-Deventer Boston, Russian Federation-supply-6-September, 1993. P. 176 

[104]- د.سعدون العامري/المصدر السابق/هامش 119/ص 198 

[105]- د.سعدون العامري /المصدر السابق/ص 202

[106]- د.سعدون العامري /المصدر السابق/ص 202

[107]- د.سعدون العامري /المصدر السابق/ص 202

[108]- قرار محكمة تمييز العراق رقم 185/حقوقية/1968 في 31/7/1968 /قضاء محكمة تميز العراق /المجلد الخامس/يصدر عن المكتب الفني لمحكمة تميز العراق /وزارة العدل/1968/ص 233

[109]- د.عبد الرزاق السنهوري /الوسيط/الجزء الأول/المصدر السابق/الصفحات 1098-1099

[110]- G.Rouen 30 janv.1984.cite.par.Marine FRIANT op. cit. p. 42

[111]- Linklaters and paines solicitors–Environmental Law-Klwer Law and taxation publishers-Deventer Boston , United Kingdom-suppl-2-April-1992-p. 232.

[112]- Linklaters and paines solicitors-op. cit-p 232

[113]- Linklaters and paines solicitors-op.cit-p232

[114]- Linklaters and paines solicitors-op.cit-p232

[115]- محمد احمد رمضان /المصدر السابق /ص 53

[116]- Linklaters and paines solicitors-op. cit-p 215 

[117]-   Linklaters and paines solicitors-op. cit-p 233

[118]- Rudiger Lummert-op. cit-p. 245 

[119]- د.سعدون العامري/المصدر السابق/ص 57

[120]- د.سعدون العامري/المصدر السابق/ص 186

[121]- قرار محكمة التميز العراق/1970/1989/حقوقية/56 في 15/11/1956/القضاء المدني العراقي للأستاذ سلمان بيان-شركة الطبع والنشر الأهلية/بغداد/الجزء الأول/1962/ص 260.

[122]- Marinus Andre Rabic–Environmental Law-Klwer Law and taxation publishers-Devenhen Boston-South Africa June-1991-p. 313

[123]- Marinus Andre Rabic-op-cit-p. 313. 

[124]- قرار محكمة التمييز/عدد 270  /موسعة أولى/ 1988/بتاريخ 30/5/1988/مجلة القضاء/العدد الثالث والرابع/ص 417 وما بعدها

[125]- رقم الاضبارة  236-237-238 هيئة عامة ثانية/1976 في 25/12/1976 مجلة القضاء/العدد الثاني /1977 ص 293. 

[126]- قرار رقم 69/جزاء تمييزية /1973 في 3/4/1973 /النشرة الفضائية /العدد الثاني/السنة الرابعة/ص 395.

[127]- D.795(1993   ..p 6 cal.4 th 965.863

[128]- Roger findley.op.cit.p.204  

[129]- Rudiger Lummert-pp. cit. p 245.   

[130]- Comm.of Puerto Rico C.scaoe Cobotronil cite par:Martine Remond Gouilloud.op.cit.p.260

[131]- Martine Ander Rabie-op.cit.p.313

[132]- Comm.of Puerto Rico Rico C.S zme colocortoni.cite par:Martine Remond Gouilloud.op.cit.p.260

[133]- Martine Remond Gouilloud.op.cit.p.260

[134]- عدنان إبراهيم السرحان/المسؤولية المدنية التقصرية عن الإضرار البيئية/دراسة مقارنة/ما بين القانون الأردني والقانون الفرنسي (بحث غير منشور)/جامعة اليرموك /اربد-الأردن/1997/ص 25-2.

[135]- عدنان إبراهيم السرحان/ المصدر السابق/ص 26

[136]- T-G-l-Bastai,8 dec ,1976,1977, p. 427 Note de Martine Remond Gouilloud cite par: Martine Friant op.cit.44.  

[137]- وقد تحملت الشركة ما يزيد عن (21) مليون فرنك فرنسي أي ما يقارب أربعة ملايين دولار أمريكي كتعويض عن الضرر البيئي انظر حول هذا الموضوع:

- Martine G-et-Le dommage Ecologiqe Repport piren-1989-dacty-p-149

[138]-  Martine Reomnd Gouilloud-pp-cit-p.262

[139]- عدنان إبراهيم السرحان/المصدر السابق/ص 27.

[140]- عدنان إبراهيم السرحان/المصدر السابق/ص 27 .

[141]- T.G.I de pontivy-15 Mai 1990-cite par: Martine Friant -op-cit-p.45

[142]- عدنان إبراهيم السرحان/المصدر السابق/ص 27-28

[143]- Rouen,30 Janv.1984.cit par,Nortine Remond Gouilloud,op.cit,p.262.

[144]- T.G.I Bostia,4 Juill, 1985 ,cite par: Martine Remond Gouilloud op.cit.262

[145]- عدنان إبراهيم السرحان/المصدر السابق/ص 28

[146]- Georges Wider kehr-op-cit-p. 515 

[147]-  Georges Wider kehr-op-cit-p. 515