مجلة أهل البيت عليهم السلام العدد 13
نهج البلاغة الكتاب المنسي؟
اجمع أصحاب السنن والمسانيد بأن علياً هو باب مدينة علم رسول الله صلى الله عليه وآله بنص الحديث النبوي الذي اتفق على صحته الجميع , فإذا اجتمعت عند رسول الله صلى الله عليه وآله علوم الخلق من الأولين والآخرين فإن علياً هو الطريق الموصل لهذه العلوم. والإنسان يُعرف ويُعَرّف المعارف إما بلسانه او بقلمه او بسلوكه كذا نهج البلاغة فهو ما جمعه الشريف الرضي مما نطق به أمير المؤمنين من خطب وحكم ومواعظ ,وما كتبه من رسائل ووصايا وعهود .
فبين دفتي هذا الكتاب يكمن بعض علوم أمير المؤمنين التي استمدها من نبع النبوة الصافي .
ففي نهج البلاغة بالإضافة إلى علم البلاغة والأدب واللغة ...ستجد أيضاً أصول علم التاريخ ,وأسس علم الجغرافيا والفلك والفيزياء والكيمياء وعلم النفس وعلم الاجتماع , بالإضافة إلى علوم الشريعة الإسلامية كالفقه والأصول والفلسفة والتفسير . هذه العلوم التي تربى عليها جيل بعد جيل حتى وصل إلينا..
تلقاها البلغاء كالجاحظ والمبرد وابن قتيبة وابن المقفع وابن أبي الحديد فأصبحوا سادة البلاغة.
وأخذها الشعراء كالشريف الرضي والمتنبي وأبي العتاهية والحميري والطغرائي والناشئ الاكبر وابن هانئ الأندلسي وأبي تمام والمعري وصفي الدين الحلي فأصبحوا أمراء الشعر .
وترنم على أغصانها الأدباء كابن نباته والحريري صاحب المقامات وابن المعتز والخليل الفراهيدي فأصبحوا منارات في اللغة والأدب.
وهكذا كل أديب او لغوي او عالم لا يكتمل علمه إلا بكلام عليّ ونهجه ورحم الله محمد عبده حيث كان يشرح نهج البلاغة لتلاميذه تزامناً مع تفسيره للقرآن الكريم .
ومع الأسف إن ما حظي به هذا الكتاب من اهتمام في زماننا لا يساوي شيء يذكر قياساً لما كان عليه في الماضي . حيث كان الناس كما ذكر المسعودي في مروج الذهب يحفظون نصوصه ويترجمونه في النطق والسلوك الاجتماعي .
إهمال مؤلم في جامعاتنا وكتابتنا و أشعارنا على رغم كثرة انتشاره في الأوساط وسهولة الوصول إليه في كل مكتبة ومدرسة .متغافلين أن إهمال نهج البلاغة ليس فقط إهمال لجزء من هويتنا الثقافية والفكرية وحسب , بل هو إهمال لمصدر مهم من مصادر المعرفة البشرية فنهج البلاغة هو أيضا نهج الحياة أيضاً .