تشکل الهویة موضوعاً مهمّاً في الحیاة الاجتماعیة إذ تکتسب تجلیاتها في الأدب أهمیة موازیة من حیث الرؤیة والفن. إنّ مفهوم الهویة نجم بالأصل من تلازم الثنائیات وخاصة ثنائیة التمیز والانتماء إلی الجماعة، أي الحاجة الی فضاء یکون فیه الإنسان معترفاً به داخل الجماعة التي ینتمي الیها ثم لیقول ما هو خاص به أو ما یمیزه، من دون أن یعني هذا التمیز اعتزالا عن تلك الجماعة أو نائیاً سلبیاً منها. أما ضرورة إعادة التأویل للهویة الشیعیة فتعود إلی قیمة ینهض علیها الشعر لیدخل في ملکوت الإبداع والحریة. اما سؤال الهویة في هذا المجال فیثیر القلق في الذات المسؤولة، ذلك لأنّ التشیع لیس شغفا ینتهي بالحریة وهذا جائز بدرجة حسنة إلا أنها تصح بالمسؤولیة علی أبعد تقدیر. فعامل الالتزام في الشعر الشيعي هو الشعور بالواجب والمسؤولیة تجاه العقيدة، وبالتالي فإن الأدب الشيعي هو أدب الإيمان والعقيدة. من هذا المنطلق یطمح هذا البحث الی الکشف عن موقف الشاعر جاسم الصحیح تجاه هذه الهویة حضوراً وانتماءً في اول خطوات إعادة التأویل للهویة الشیعیة، هکذا وجدناها تتمیز في شعره الشیعي بتجاوزه العاطفة الدینیة إلی الشعور بالمسؤولیة الهویاتیة.