تصنیف البحث: العلوم الإسلامية
من صفحة: 273
إلى صفحة: 293
النص الكامل للبحث: PDF icon 180420-233013.pdf
خلاصة البحث:

الحمد للّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أفضل خلقه وخاتم رسله محمّد وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين هم عيبة علمه وحفظة سننه.

فانّ الإسلام عقيدة وشريعة، فالعقيدة هي الإيمان باللّه ورسله واليوم الآخر، والشريعة هي الأحكام الإلهية التي تكفل للبشرية الحياة الفضلى وتحقّق لها السعادة الدنيوية والأُخروية.

مما لا ريب فيه أنّ الاسلام قام على عـدة ركائز ثابتة ومن بينها الصلاة التي اعتبرت عمود الدين والتي ان قبلت قبل ما سواها وإن ردت رد ما سواها. وعلى هــذا الاساس كان­ التمسك بهــا من قبل المسلمين والاهتمام بها أشد اهتمام.

لكن مع وفاة الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله  وافتراق المسلمين فرق شتى ظهرت الخلافات فيما بينها حول طريقة أداء الصلاة، كل يحاول إظهارصحة صلاته واقتدائه برسول الله صلى الله عليه وآله ، فلم يبق ركن من أركانها إلا وظهر حوله الخلاف. الخلاف الذي ادى الى اختلاف كلمتهم فيها.

فالخلاف في هذه المسائل، ليس خلافا في جوهر الدين و أصوله حتى يستوجب العداء والبغضاء، و إنما هو خلاف فيما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، و هو امر يسير في مقابل المسائل الكثيرة المتفق عليها بين المذاهب الاسلامية.

و بعد، هذه وجيـرة، في مسألة من مسائل فقهية خلافية كانت، و لاتزال، مثار جدل و نقاش بين فقهاء السنة و الشيعة، و هي السجود على الارض. فإن المسلمين متفقون بأجمعهم على ضرورة السجود لله سبحانه و تعالى و متفقون على وجوب سجدتين في كل ركعة من كل صلاة و يعتبرون ذلك من ضروريات الاسلام؛ لأن السجود من الواجبات الركنية في الصلاة فلا يجوز تركها بأي حال من الاحوال، و انما يختلفون فيما يصح السجود عليه، و لهم في هذه المسأله آراء متعددة.

و نحن سنتناول هذه الآراء و غيرها مما يتعلق بمفهوم السجود، و نحاول  دراستها تفصيلا، وفقا لمنهج البحث العلمي الموضوعي، مستهدين بآيات القــرآن الكريم و بما ثبت من السنة النبوية الشريفة و سيرة اهل البيت عليهم السلام .

ورائدنا في هذا السبيل قوله سبحانه: « وَاعْتَصمُوا بِحَبْلِ اللّه جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيكُمْ إِذْكُنْتُمْ أَعداءً فَألّفَ بين قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتهِ إِخْواناً...».([1])

 

([1]) - آل عمران / 103

البحث:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على اَفضل خلقه و خاتم رسله محمد و علي آله الطيبين الطاهرين، و صحبه اجمعين و من اقتدي به إلى يوم الدين.

اما بعد، لا شك انّ الاتحاد عامل قوّة و كل مسلم في اعماقه رغبة شديدة و شوق كبير لرؤية الاسلام يشمخ علّوا و ترفّ رايته على كل رابية، كل مسلم يحب ان يري العالم الاسلامي قويا عزيزا منيعا و من البديهي لا يمكننا ان نري الاسلام قويا عزيزا منيعا الا ان نعمل على اصلاح اوضاعنا في جميع انحاء العالم اسلامي. فاصلاح الجزء هو مقدمة ضرورية لاصلاح الكل.

هنا رؤية مفادها أن الخلافات الفكرية و المذهبية على مستوى المعتقد و على مستوى المنهج الفقهي و الأصولي تشكل عاملا أساسيا من عوامل التشتت و الافتراق، و سدا منيعا أمام كل مساعي الوحدة و التقارب بين المذاهب الاسلامية.

و الحقيقة أن الخلافات الفكرية بمنزلة إختلاف اللغة و اختلاف القومية و أمثال ذلك، ليست في واقعها من عوامل الافتراق و النزاع، ولكنها ثغرة قد يستغلها الاعداء وزارعواالفتن فيتخذون منها ذريعة لبث الفرقة و النزاع و الخصومة.

لذلك في هذا العصر، في لحظة زمنية حساسة، حيث تكالب الاعداء على امة المسلمين في كل حدب و صوب و يريدون ان  يمزقوا شمل الأمة و يفرقوا وحدتهم، نحن أحوج ما نكون الى الحوار، الحوار العلمي، البناء، النزيه، الهادف الذي يتوخي توضيح معالم الحقيقه و استجلاء ملامح الواقع.

الحوار من اجل التقارب، فالتآخي، فاقامة جبهة اسلامية واحدة عريضة، متماسكة قوية، ترهب عدوالله و عدوالمسلمين و هذا من القوة التي أمرنا الله تعالى باعدادها.« وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ » ([1]).

ويجب ان يبدا الحوار من مناطق الخلاف التي هي في الجزئيات دون الكليات و في بعض التفاصيل دون الاساسيات و رحم الله الامام السيد عبدالحسين شرف الدين حيث قال: « انّ ما يجمعنا اكثر مما يفرّقنا».

إنَّ هذا العصر هوعصرالتحاور والتحالف ضدّ الاسلام فلماذا لا يكون عصرالتقارب والتآلف بين المسلمين عملا بقوله تعالى: « و قاتلوا المشركين كافـّة كما يقاتلونكم كافـّة»([2]) ؟

بل لماذا لانصرف عنان اقلامنا الى بيان مواضع الوفاق بدلا من اثارة و تكبير مواطن الخلاف؟

و لماذا لا نتبع قول الله تعالى اذ يقول: « الّذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه»([3]) فنعرض القول كلّه ثم نختار افضله.

و لماذا لانعرض الأراء على بساط البحث في جوّ من الّصفاء و الاخاء و بموضوعية و تجرد ليزول الوهم و تنداح حجب الشقاق و تنزاح نسحب الخلاف؟

هذاالمقال خطوة على هذا الطريق السليم نرجو أن يوفقنا الله تعالى الى ما يحب و يرضي.

المقدمة:

لقد كرم الله تعالى الاِنسان وفضّله على كثير ممن خلق بما أعطاه من العقل ليميز به الاَشياء، ويختار ما يراه مناسباً ومتوافقاً مع ما أراده الله تعالى له من الوصول إلى الكمال من خلال العبودية لله وحده، قال تعالى: « وما خلقت الجن والاِنس إلاّ ليعبدون([4]) ».

لقد شرّف الله تعالى هذا الاِنسان على بقية مخلوقاته بالعبادة، وجعل الصلاة من أفضل العبادات، فهي صلة العبد بربه، ومعراج المؤمن، وقربان كلّ تقي، والحدّ الفاصل بين المسلم والكافر، والميزان في قبول الاَعمال، وفي الاَثر عن النبي الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: « إنّ أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإذا قبلت قبل سائر عمله، وإذا رُدّت عليه، رُدّ عليه سائر عمله ([5])».

والصلاة هي العبادة التي يمتثل بها العبد أمام خالقه واهب الحياة، وهي التي تطهّر روحه، وتصدّه عن الفحشاء والمنكر، وتهديه إلى سواء السبيل، قال تعالى: « إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر([6]) ».

وأفضل أجزاء الصلاة وأهمها هو السجود لله سبحانه وتعالى، والسجود ـ في نظر الاِسلام ـ هو غاية الخضوع والتواضع البشري أمام الله عزَّ وجلَّ ـ خالق الكون وربّ العالمين ـ وذروة التحليق والسمو الاِنساني في مسيرة العبودية لله وحده، لذا يحرم السجود لغير الله سبحانه وتعالى بأي شكلٍ كان، وليس السجود مقتصراً على الانسان وحده، قال تعالى: وَلِلّهِ يسْجُدُ مَن فِي السَّموَاتِ وَالأَرْضِ([7]).

انّ المسلمين متـّفقون بأجمعهم على وجوب السجود في الصلاة في كلّ ركعة مرّتين، ولم يختلفوا في المسجود له، فإنّه هو اللّه سبحانه الذي له يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرها ً ([8]) وشعار كلّ مسلم قوله سبحانه: «لا تَسجُدُوا لِلشَّمسِ ولا للقَمَرِ واسجُدُوا للّهِ الَّذي خَلَقَهُنّ».([9]) و إنّما يختلفون فيما يصح السجود عليه، و لهم في هذه المسألة آراء متعددة.

و يري الشيعة المسلمون و هم الأتباع الصادقون للقرآن الكريم والسنة المحمدية الشريفة، و سيرة أهل بيته الطيبين، يرون تبعا لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله  وعترته الطاهرة والسيرة العملية التي كان عليها أصحابه الكرام أن السجود لله يجب أن يكون على الارض و ما ينبت منها (إلا ما يؤكل و يلبس) لاغير.

و من جانب آخر يتوسع المسلمون من أهل السنة في موضع السجود و يرون أنه لا يجب السجود على خصوص ما ذكر فقط، بل يجوز للانسان أن يسجد في الصلاة على أشياء اُخري أيضا.

مما ذكر تبين بجلاء أن كلا الفريقين المسلمين يسجدون بهدف اظهار الخضوع و التواضع لله تعالى، و امتثال أمره، و توخيا لرضاه، و طلبا لمرضاته، و لا خلاف بينهم في هذا المجال، و في هذه النقطة.

و على هذا فإن ما يقوله بعض الكتاب الذين تصوروا أن السجود على التراب، أو تربة الحسينية نوع من الشرك، لأنه يعني عبادتهم، وَهـْمٌ باطل، و كلام لا أساس له من الصحة ([10]).

و ها نحن بعد تعريف السجود في اللغة و الاصطلاح – و للتوضيح الاكثر – نطرح في ما يأتي بحثا يعكس وجهة نظر الشيعة في هذا الصعيد.

تعريف السجود

 السجود في اللغة:

الطاعة والخضوع، يقال: سَجَدَ، سُجُوداً، أي: خضع وتطامن([11])، ومنه قوله تعالى: (ألم ترَ أنّ الله يسجد له من في السموات والاَرض...) ([12]). فهذا لسان حال تلك المخلوقات في الطاعة والخضوع، وكل شيء ذلّ فقد سجد([13])، وهو ساجد. والجمع: سُجّد، وسُجودٌ([14]).

والسَجّادُ: الكثير السجود([15])، ورجل سجّاد: على وجهه سَجّادة، أي: ثفنة من أثرالسجود([16]). وقد اشتهر به الاِمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب  عليهم السلام  لكثرة سجوده لله تعالى ولهذا لُقب عليه السلام بالسجاد، وذي الثفنات.

والمسجَدُ: جبهة الرجل حيث يصيبه أثر السجود([17])، والجمع مَسَاجِدُ، والمساجِدُ من بدن الانسان: الاَعضاء السبعة التي يسجد عليها، وهي: الجبهة واليدان والركبتان والقدمان([18]). والمَسجِدُ: بيت الصلاة ([19])، ومكانها المخصص.والمَسجِدُ الحرام: الكعبة، والمسجِدُ الاَقصى: مسجد بيت المقدس، قال تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجِد الحرام إلى المسجِدالاَقصى الذي باركنا حوله)([20]). والجمع: مساجِد.

السجود في­ الاصطلاح:

لا شك أنَّ السجود من فرائض الصلاة و هو الانحناء و وضع أعضاء السجود([21]) على الاَرض، بحيث يساوي موضع جبهته موقفه، أو يزيد بقدر لبنة لا غير([22]). وحقيقته: وضع الجبهة وباطن الكفين والركبتين وطرفي الابهامين من القدمين على الاَرض([23])،  بقصد التعظيم ([24]).

وقد روى الفريقان عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله : أُمرت أن أسجد على سبعة أعظمُ: على الجبهة واليدين والركبتين وأطراف القدمين.([25])

وقد ورد عن أميرالمؤمنين عليه السلام تسمية مثل هذا السجود بالسجود الجسماني، وهو أقلّ رتبةً من السجود الآخر المسمى بالنفساني، قال عليه السلام: « السجود الجسماني: هو وضع عتائق الوجوه على التراب، واستقبال الاَرض بالراحتين والركبتين وأطراف القدمين مع خشوع القلب وإخلاص النية.

والسجود النفساني: فراغ القلب من الفانيات، والاقبال بكنه الهمّة على الباقيات، وخلع الكبر والحمية، وقطع العلائق الدنيوية، والتحلّي بالاخلاق النبوية »([26]).

ومع ذلك فانّ حقيقة السجدة وواقعها ومقومها هو وضع الجبهة على الأرض، وأمّا الباقون فأشبه بالشرائط ويدلّ على ذلك قول أصحاب المعاجم حيث لا يذكرون في تعريف السجدة إلاّ وضع الجبهة على الأرض فكأنّ غيرها من شرائط السجدة التي فرضها الشارع وأضافها إلى حقيقتها اللغوية والعرفية.

قال ابن منظور ناقلاً عن ابن سيده: سجد يسجد سجوداً: وضَعَ جبهته بالأرض، وقوم سُجَّد وسجود([27]).

وقال ابن الأثير: سجود الصلاة، وهو وضع الجبهة على الأرض، ولا خضوع أعظم منه([28]).

وفي «تاج العروس من جواهر القاموس»: سجد: خضع، ومنه سجود الصلاة وهو وضع الجبهة على الأرض، ولا خضوع أعظم منه، والاسم، السجدة (بالكسر)([29]).

وهذه الكلمات من أصحاب المعاجم ونظائرها المبثوثة في كتب اللغة، تعرب عن أنّ حقيقة السجدة وواقعها ومقومها هو وضع الجبهة على الأرض، ولولا انّ النبي صلى الله عليه وآله  فرض السجود على سبعة أعظم لكفى وضع الجبهة على الأرض، ولكنّه صلى الله عليه وآله  أضاف إلى الوضع أُموراً أُخرى، فصار الواجب السجود على سبعة أعظم.

فإذا كان كذلك فلا غرو في أن يختص وضع الجبهة بشرط خاص دون سائر الأعضاء، وهو اشتراط كون المسجود عليه هو الأرض أو ما ينبت منها ولا يجوز السجود على غيرها دون سائر الأعضاء([30]).

نظرية الشيعة

يذهب أتباع أهل البيت –  عليهم السلام  – الى أنّ السجود لله تعالى إنّما يجوز– تبعا ً للسنة و السيرة – على خصوص الارض و ما ينبت منها (الا ما يؤكل و يلبس)، و يرجّحون السجود على التراب لاظهارغاية الخضوع والتذلل أمام الله سبحانه، لان السجود على التراب الذي هو أقوي مظهر لتواضع الانسان أمام الخالق العظيم يمنح الانسان رسوخا و ثباتا أكبر في مقام العبودية، و يقربه الى هدف الخلق أكثر فأكثر([31]).

الفرق بين المسجود له والمسجود عليه

كثيراً ما يتصوّر أنّ الالتزام بالسجود على الأرض أو ما أنبتت منها بدعة وتُتخيل التربة المسجود عليها وَثَناً، وهؤلاء، هم الذين لا يفرّقون بين المسجود له، والمسجود عليه، ويزعمون أنّ الحجر أو التربة الموضوعة أمام المصلِّي وثن يعبده المصلّي بوضع الجبهة عليه. ولكن لا عتب على الشيعة إذا قصر فهم المخالف، ولم يفرّق بين الأمرين، وزعم المسجودَ عليه مسجوداً له، وقاس أمرَ الموحّد بأمرِ المشرك بحجّة المشاركة في الظاهر، فأخَذَ بالصور والظواهر، مع أنّ الملاك هو الأخذ بالبواطن والضمائر، فالوثن عند الوثني معبود ومسجود له، يضعه أمامه ويركع ويسجد له، ولكن الموحّد الذي يريد إظهارَ العبودية إلى نهاية مراتبها، يخضع للّه سبحانه ويسجد له، ويضع جبهته ووجهه على التراب والحجر والرمال والحصى، مظهراً بذلك مساواته معها عند التقييم قائلاً: أين التراب وربّ الأرباب؟

نعم: الساجد على التربة غير عابد لها، بل يتذلّل إلى ربّه بالسجود عليها، ومن توهّم عكس ذلك فهو من البلاهة بمكان، وسيؤدي إلى إرباك كلّ المصلين والحكم بشركهم، فمن يسجد على الفرش والقماش وغيره لابدّ أن يكون عابداً لها على هذا المنوال فيا للعجب العجاب !!([32])

روى الآمدي عن علي أمير المؤمنين عليه السلام  انّه قال: السجود الجسماني: وضع عتائق الوجوه على التراب([33]).  

لماذا يصرّ الشيعة على السجود على الارض (التراب) و ما ينبت منها ؟

ولدي الاجابة على هذا السؤال لابدّ أن نذكر: بأنه كما أنّ أصل العمل العبادى يجب أن يعين من قبل الشرع المقدس، و بعبارة اُخري كما أنّ أصل العمل العبادى أمر توقيفي يتوقّف على بيان الشرع المقدس واذنه، كذلك شرائطه و أحكامه هي الأخري يجب أن توضّح و تبين من جانب مبين الشريعة و مبلّغها و نعني رسول الله صلى الله عليه وآله  - لأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله  - هو الأسوة بنصّ القــرآن الكريم و هو المبين للكتاب العزيز، و على المسلمين جمعيــا أن يتعلموا منه أحكام دينهم، و تفاصيل شريعتهم إذ قال تعالى: « لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يرْجُو اللَّهَ وَاليوم الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا»([34]).

« وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا»([35]).

و على هذا الأساس اقتبسنا في هذا المجال مقاطع بارزة من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله  و سيرته العملية، و نماذج من كلمات، و سيرة أصحابه و التابعين له  صلى الله عليه وآله  و أغلبها من كتب أهل السنة الحديثية، و نعرضها على القاري الكريم، ليري كيف أنها تشهد برمتها على أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله  و صحابته و تابعيه كانوا يسجدون على التراب و ما ينبت من­الارض مثل الحصير، تماما كما يصنع الشيعة الامامية اليوم في السجود.

أدلة الشيعة لمذهبهم:

1- حديث «جعلت لي الارض مسجدا وطهورا »:

لقد روي جماعة من المحدثين الاسلاميين عن رسول­الله صلى الله عليه وآله  أنه قال:«جعلت لي الارض مسجدا وطهورا»([36]).

و لقد وردت هذه الرواية بألفاظ متنوعة في كثير من المؤلفات والمجاميع الحديثية الاسلامية:

وفي لفظ: « جعلت لنا الارض كلها مسجدا وطهورا »([37]).

وفي لفظ: « جعلت لي الارض طيبة وطهورا ومسجدا »([38]). 

وفي لفظ: « جعلت لك ولامتك الارض كلها مسجدا وطهورا »([39]). 

وفي لفظ: « ان الله جعل لي الارض مسجدا وطهورا اينما كنت أتيمم واصلي عليها » ([40]).

وفي لفظ: « الارض لك ولامتك طهورا ومسجدا»([41]).

وفي لفظ: « جعلت لي الارض مسجدا ترابها طهورا » ([42]).

وفي لفظ: « جعلت الارض مسجدا ترابها وطهورا » ([43]).

وفي لفظ: « عن ابي امامة الباهلي: ان رسول الله  صلى الله عليه وآله  قال فضلني ربي على الانبياء عليهم الصلاة والسلام أو على الامم باربع قال ارسلت إلى الناس كافة، وجعلت الارض كلها لي ولامتي مسجدا وطهورا فاينما ادركت رجلا من امتي الصلاة فعنده مسجده وعنده طهوره » ([44]).

في ضوء هذه الأحاديث المتواترة و المقبولة لدي جميع علماء الاسلام و محدثيه يتضح و يثبت بجلاء أن وجه الأرض، ترابا كان أو صخرا، أو حصي أو نباتا هو الأصل في السجود، أي هو الذي يجب أن يتخذ موضعا للسجود، و لا يجوز التعدي عن ذلك من دون عذر مشروع.

كما أنّ لفظة (جعل) هنا تعني – من دون ابهام -: التشريع والتقنين، فيكون معني الحديث أن هذا الأمر (أي السجود على وجه الأرض) حكم الهي شرّعه الله لأتباع الاسلام، و هكذا تثبت مشروعية السجود على الأرض و أجزائها.

 2- حديث تبريد الحصي للسجودعليها:              

- عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: « كنت اُصلي مع النبي صلى الله عليه وآله  الظهر فاخذ قبضة من الحصى فأجعلها في كفـّي ثم اُحـّولها إلى الكف الاُخرى حتى تبرد ثم أضعها لجبيني حتى اسجد عليها من شدة الحرّ»([45]).

وعلـّق عليه البيهقي بقوله: قال الشيخ: « ولو جاز السجود على ثوب متّصل به لكان ذلك أسهل من تبريد الحصى بالكف ووضعها للسجود»([46]).

ونقول: «ولو كان السجود على مطلق الثياب سواء كان متصلاً أم منفصلاً جائزاً، لكان أسهل من تبريد الحصى، ولأمكن حمل منديل أو سجّادة أو ما شابه للسجود عليه».

- روى أنس قال:« كنـّا مع رسول اللّه صلى الله عليه وآله  في شدّة الحرّ، فيأخذ أحدنا الحصباء في يده فإذا برد وضعه و سجد عليه»([47]).

- عن خباب بن الأرت قال: « شكونا إلى رسول اللّه صلى الله عليه وآله  شدّة الرمضاء في جباهنا وأكفـّنا فلم يشكنا»([48]).

- قال ابن الأثير في معنى الحديث: «إنّهم لمّا شكوا اليه ما يجدون من ذلك، لم يفسح لهم أن يسجدوا على طرف ثيابهم» ([49]).

هذه المأثورات تعرب عن أنّ السنّة في الصلاة كانت جارية على السجود على الأرض فقط، حتّى أنّ الرسول صلى الله عليه وآله  لم يفسح للمسلمين العدولَ عنها إلى الثياب المتّصلة أو المنفصلة، وهو صلى الله عليه وآله  مع كونه بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً أوجب عليهم مسَّ جباههم الأرض، وإن آذتهم شدّة الحرّ.

3- امرالنبي صلى الله عليه وآله  بالسجود على التراب:

إنّ طائفة من الروايات تدلّ على هذه النقطة، وهي أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله  كان يأمرالمسلمين بالسجود على التراب،

و ندرج نماذج من هذه الاحاديث:

- عن خالد الجهني:« قال: رأى النبي صلى الله عليه وآله  صهيباً يسجد كأنّه يتّقي التراب فقال له: ترّب وجهك يا صهيب».([50])

والظاهر أنّ صهيباً كان يتّقي عن التتريب، بالسجود على الثوب المتّصل والمنفصل، ولا أقل بالسجود على الحصر والبواري والأحجار الصافية، وعلى كلّ تقدير، فالحديث شاهد على أفضلية السجود على التراب في مقابل السجود على الحصى لما دل من جواز السجدة على الحصى في مقابل السجود على غير الأرض.

- روت أُمّ سلمة: رأى النبي صلى الله عليه وآله  غلاماً لنا يقـال لـه «أفلح» ينفخ إذا سجـد، فقـال:  « يا أفلـح تـرّب » ([51]).

وفي رواية: «يا رباح ترّب وجهك» ([52]).

- روي أبو صالح قال: دخلت على أُمّ سلمة، فدخل عليها ابن أخ لها فصلّى في بيتها ركعتين، فلمّا سجد نفخ التراب، فقالت أُمّ سلمـة: ابن أخـي لا تنفخ([53])، فإنّي سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وآله  يقـول لغلام له يقال له يسـارـ و نفخ ـ: «ترّب وجهك للّه »([54]).

و لقد جاء نظير هذه الأحاديث في كثير من المصادر و الجوامع الحديثية الاسلامية السنية و الشيعية.

و يتّضح من لفظة (ترّب) في كلام رسول الله صلى الله عليه وآله  أمران:

الاول: أنّ على الانسان أن يضع جبهته – عندالسجود- على التراب ([55]).

والآخر: أنّ هذا المطلب، للأمر به، مطلب واجب التنفيذ، لأنّ لفظة (ترّب) التي هي مشتقّة من التراب جاءت في صيغة الأمر الدالة على الوجوب.

و واضح أنّ فلسفة تفضيل السجود على خصوص التراب، هي أنّ هذا العمل أصدق مظهر للتواضع و الخضوع أمام الله خالق الكون و ربّ العالمين، و هو كفيل بأن يحرّر الانسان من الاستمرار في التكبر و العجب.

ولهذا يقول رسول الاسلام صلى الله عليه وآله : « إذا صلّي أحدكم فليلزم جبهته و أنفه الأرض حتى يخرج منه الرغم ».

قال صاحب النهاية: أي يظهر ذلّه و خضوعه ([56]).

4 - الأمر بحسر العمامة عن الجبهة:

إنّ من الادلة على وجوب السجود على التراب أمر النبي الأكرم صلى الله عليه وآله  بازاحة العمامة عن الجبهة عند السجود.

و لقد أورد المحدثون الاسلاميون روايات كثيرة تحكي عن أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله  نهي الأشخاص الذين فصلوا بين جباههم و وجه الأرض بشيء من عمائمهم.

و نذكر فيما يأتي نماذج من هذه الأحاديث:

-  روي ان النبي صلى الله عليه وآله  كان إذا سجد رفع العمامة عن جبهته ([57]).

 - روي صالح بن حيوان­ السبائي ان رسول­الله صلى الله عليه وآله  رأى رجلا يسجد بجنبه وقد اعتم على جبهته، فحسر رسول الله صلى الله عليه وآله  عن جبهته ([58]).

-  عن عياض بن عبدالله القرشي قال: «رأى رسول­الله صلى الله عليه وآله  رجلا يسجد على كور عمامته فاومأ بيده: ارفع عمامتك وأوما إلى جبهته»([59]).

- عن النبي صلى الله عليه وآله : «انه نهى أن يسجد المصلي على ثوبه أو على كمه أو على كورعمامته »([60]).

هذه الروايات تكشف عن أنـّه لم يكن للمسلمين يوم ذلك تكليف إلا السجود على الارض وهذا كان امرا مسلما في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله  الى درجة انّ بعض المسلمين كان إذا أراد أن يسجد على كور عمامته بدل وضع الجبهة على الارض نهاه رسول الله صلى الله عليه وآله  عن ذلك، على حين إذا كان السجودعلى كل الشيء حتى الملبوسات كالعمامة لما كان يمنع منها رسول الله صلى الله عليه وآله .

5- حديث لزوم الجبهة و لصوقها و تمكينها بالارض:

 قال رسول الله صلى الله عليه وآله : «إذا صلى احدكم فليلزم جبهته وأنفه الارض حتى يخرج منه الرغم »([61]).

من ارغم الله انفه أي الصقه بالـرغم وهو التراب، هذا هو الاصل ثم استعمل في الـذل والعجز عن الانتصاف والانقياد على كره فالمراد من قوله صلى الله عليه وآله : « حتى يخرج منه الرغم » أي يظهر ذله وخضوعه.

- وعن ابن عباس أنه قال: « إذا سجدت فالصق انفك بالارض» وقال:«لاصلاة لمن لا يمس انفه الارض»([62]).

- وقال ابن عباس: «من لم يلزق أنفه مع جبهته الارض إذا سجد لم نجز صلاته »([63]).

الدلالة في الحديث الاول بالاولوية، إذ ايجاب الصاق الانف يدل على ايجاب إلصاق الجبهة طبعا، كما في قوله تعالى: (ولا تقل لهما اف) حيث تدل على حرمة الايذاء والعقوق بالاولوية وأما الحديث الثاني، فقد صرح فيه ابن عباس بحكم الجبهة وأن الصلاة تكون باطلة مع عدم الالصاق.

 - روي عن النبي  صلى الله عليه وآله : « إذا سجدت فمكن جبهتك و انفك من الارض »([64]).

- قال صلى الله عليه وآله  لابي ذر: « الارض لك مسجد فحيثما ادركت الصلاة فصل »([65]).

- عن رفاعة بن رافع مرفوعا: « ثم يكبر فيسجد فيمكن جبهته من الارض حتى تطمئن مفاصله وتستوي»([66]).

- روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله : «إذا سجدت فمكن جبهتك وأنفك من الارض»([67]).

- تمسحوا بالارض فإنها بكم برة (عن سلمان ره) ([68]).

- «لاتقبل صلاة من لا يصيب أنفه الارض» (عن امعطية) ([69]).

- «لاصلاة لمن لا يمس أنفه الارض ما يمسه الجبين (عن عكرمة) ([70]).

- «لا يقبل الله صلاة لا يصيب الانف منها ما يصيب الجبين» (عن عكرمة) ([71]).

- «اسجدوا على الارض أو على ما انبتت الارض»([72]).

- «لاصلاة لمن لم يضع أنفه بالارض مع جبهته في الصلاة» ([73]).

- «لاصلاة لمن لم يضع أنفه على الارض»([74]).

6 – سيرة النبي  صلى الله عليه وآله :

إنّ المسلمين متفقون جمعيا على أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله  أسوة للمسليمن في كل عصر و مصر، و أن سيرته العلمية مشعل وضّاء ينير طريق المسلمين في جمعيع أبعاد الحياة.

يقول القرآن الكريم في هذا المجال:

« لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يرْجُوا اللهَ وَاليوم الْآخِرَ وَ ذَكَرَ اللهَ كَثِيرا ً»([75]).

من هنا لابد حتى في مسألة السجود من التأسي بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله  والاقتداء بسيرته و اتباع سنته.

والآن لابد من دراسة السيرة العملية لرسول الله صلى الله عليه وآله  في هذا المجال في ضوء الروايات الاسلامية، و بخاصة الأحاديث الواردة في مؤلفات أهل السنة.

يستفاد من ثنايا الأحاديث الكثيرة الواردة في هذا المجال أن النبي صلى الله عليه وآله  كان يسجد على تكرض و الأشياء المصنوعة مما ينبت من الأرض كالحصير وهذا الطريق هو الذي يسلكه الشيعة  اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وآله  و استنانا ًبسنته.

و على هذا ينبغي ان ندرج الروايات و الأحاديث المذكورة في الصنفين الآتيين:

الصنف الاول:

- الأحاديث التي وردت حول سجود النبي على الأرض (ترابا ً كان أؤ صخراً او غيره).

و نذكر من هذه الأحاديث نماذج للاطلاع:

- يقول الوائل بن حجر:«رأيت النبي صلى الله عليه وآله  إذا سجد وضع جبهته وأنفه على الأرض »([76]).

- يقول ابن عباس: « أن النبي صلى الله عليه وآله   سجد على الحجر»([77]).

- روي عن عائشة:« ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله  متقيا وجهه بشيء»([78]) تعني في السجود.

إن الكلام المذكور يكشف عن أن رسول الله صلى الله عليه وآله  كان – بشهادة زوجته – يسجد دائما على الارض، و يتجنب الفصل بين جبهته الشريفة و الأرض بأي مانع و عائق.

- روي أحمد بن شعيب النسائي في سننه عن أبي سعيـد الخدري وهو من صحابـة النبي صلى الله عليه وآله  - قوله:«بصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وآله  على جبينه و أنفه أثر الماء والطين »([79]).

- فعن أبي هريرة:«سجد رسول الله صلى الله عليه وآله  في يوم مطير حتى أنّي لأنظر أثر ذلك في جبهته و أرنبته »([80]).

من هذه الأحاديث و نظائرها يتضح بجلاء أنّ النبي صلى الله عليه وآله  كان يرجّح السجود على وجه الأرض حتى في حال نزول المطر، بحيث شوهد أثر الماء و الطين على جبهته الشريفة.

- يقول ابن عباس: « رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله  يصلي في كساء أبيض في غداة باردة يتقي بالكساء برد الأرض بيده و رجله »([81]).

- و يقول في موضع آخر:

« لقـد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله  في يوم مطير و هو يتقـي الطين إذا سجد بكساء عليـه يجعلـه دون يديـه الى الأرض إذا سجد»([82]).

يستفـاد من ظاهرهـذه الأحاديث أنّ النبـي صلى الله عليه وآله  كان حتى في الحالات الاضطرارية كالمطر والبـرد الشديـد، لا يضع قطعة من القماش بين جبهته و الأرض كعازل يمنع من الرطوبة والبرودة الشديدة، لأنه ليس في الأحاديث المذكورة اشارة الى وضع اللباس بين جبهته و وجه الأرض.

الصنف الثاني:

الأحاديث التي تحكي عن السجود النبي صلى الله عليه وآله  على أجزاء بعض النباتات كالحصير.

و قد أورد المحدثون الاسلاميون من الشيعه والسنة هذا النوع من الأحاديث في كتبهم أو مؤلفاتهم الحديثية المعتبرة.

و في هنا نذكر فيما يأتي نماذج من هذه الأحاديث و خاصة ما ورد منها في جوامع اهل السنة الحديثية:

- قال أبوسعيد: « دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله  و هو يصلـّي على حصير»([83]).

- وقد روي عن أبي سعيد الخدري مايلي: «... فرأيته يصلي على حصير يسجد عليه »([84]).

- وروي عن عايشة – زوجة النبي صلى الله عليه وآله  – في « فتح الباري » انها قالت: « إن النبي كان له حصير يبسطه و يصلي عليه »([85]).

- وروي عن علي بن أبي طالب(عليه السلام) في بحارالأنوار أنه  قال:«إن رسول الله صلى الله عليه وآله  صلـّي على حصير »([86]).

- يقول أنس: « كان رسول الله صلى الله عليه وآله  يصلي عن الخمرة و يسجد عليها »([87]).

- وروي مسلم بن الحجاج في صحيحه:« عن أبي سعيد الخدري: إنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله  – فوجده يصلي على حصير يسجد عليه »([88]).

في ضوء الأحاديث المذكورة التي تبين و تعكس سيرة النبي صلى الله عليه وآله  في مجال السجود يتبين بوضوح أنه  صلى الله عليه وآله  كان ملتزما بأن يسجد على الأرض و التراب و بعض ما ينبت من الأرض مثل الحصيرالمصنوع من خوص جريد النخل، ولا نري في­هذه الروايات أي أثر من سجوده صلى الله عليه وآله  على المأكولات والملبوسات أبدا.

و هذه الحقيقة هي التي يعتقدها الشيعة و هذا العمل هو الذي يقومون به في سجودهم لأن الشيعة يعتقدون أن السنة و السيرة المحمدية المباركة هي – بعد الوحي الالهي، والقرآن الكريم – الهادى و المرجع للمسليمن، و على المسليمن جميعا أن يعملوا وفقه، و يتبعوه، و لايجاوزوه و لا يتقدموه: عملا بقول الله تعالى:

« يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَينَ يدَي اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ  »([89]).  

7– سيرة الصحابة و التابعين:

نقل المؤلفون و المحدثون الاسلاميون في جوامعهم الحديثية أحاديث و روايات عديدة تحكي برمّتها عن سيرة الصحابة و التابعين العملية في قضية السجود هذه، و تكشف جميعها عن أن صحابة النبي  صلى الله عليه وآله  و تابعيه كانوا يلتزمون السجود على مجرد الارض (ترابا كان أو حجرا أو غيره) و بعض أجزاء النبات كالحصير في حال الاختيار و في الظروف العادية و كانوا يتجنبون السجود على الثوب أو القماش و غيرها من الملبوسات.

و نشير فيما يأتي الى طائفة من هذه الأحاديث:

- يقول نافع:« إنّ ابن عمر كان إذا سجد و عليه العمامة يرفعها حتى يضع جبهته بالأرض »([90]).

-  كان مسروق بن الأجدع من أصحاب ابن مسعود لا يرخص في السجود على غير الأرض حتّى في السفينة، وكان يحمل في السفينة شيئاً يسجد عليه ([91]).

- يقول رزين: « كتب الى علي بن عبدالله بن عباس – رضي الله عنه – أن أبعث الى بلوح من أحجار المروة أسجد عليه »([92]).

- يقول أبو أمية:« إن أبا بكر كان يسجد أو يصلي على الأرض...» ([93]).

- و يقول أبو عبيدة: « إن ابن مسعود لا يسجد – أو قال: لا يصلي – الا على الأرض»([94]).

- وروي عن عبدالله بن عمرأنه ما كان يستحب السجود على كورعمامته إلا أن يزيحه عن جبهته:«عن عبدالله بن عمرأنه كان يكره أن يسجد على كور عمامته حتى يكشفها»([95]).

- وروي البيهقي حول عبادة بن الثابت:« إنه كان إذا قام الى الصلاة حسر العمامة عن جبهته »([96]).  

- كان  إبراهيم النخعي الفقيه الكوفي­ التابعي يقوم على­ البردي و يسجد على­ الأرض.

قال الراوي: قلنا ما البردي، قال: الحصير.([97])  وفي لفظ انّه كان يصلّي على الحصير ويسجد على الأرض.

- كان عمر بن عبدالعزيز لا يكتفي بالخمرة بل يضع عليها التراب ويسجد عليه([98]).

- كان عروة بن الزبير يكره الصلاة على شيء دون الأرض ([99]).

في ضوء هذه الأحاديث و الروايات الإسلامية يتجلّي بوضوح أنّ المسليمن و في مقدمتهم رسول الله صلى الله عليه وآله  كانوا - في صدر الاسلام و منذ تشريع السجود – يسجدون على الأرض، و ينهون كل من يعمد الى الفصل بين جبهته و الأرض بقماش أو عازل آخر.

بناء على هذا يتضح بيقين أن السنة و السيرة النبوية، و كذا السيرة العملية للصحابة و التابعين كانت هي السجود على اجزاء الأرض (مثل التراب و الحجر) و بعض أجزاء النبات مثل الحصير.

8– احاديث اهل البيت  عليهم السلام :

- عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام انه قال: «لا تسجد الا على الارض أو ما أنبتت الارض الا القطن والكتان»([100]).

- وعنه عليه السلام أنه قال: « دعا أبي بالخمرة - السجادة الصغيرة من سعف النخل - فابطات عليه، فاخذ كفا من حصى فجعله على البساط  فسجد عليه »([101]).

- وعنه عليه السلام أو عن أبيه عليه السلام أنه قال: «لا بأس بالقيام على المصلى من الشعر والصوف إذا كان يسجد على الارض فان كان من نبات فلا باس بالقيام عليه والسجود عليه» ([102]).

- وعن الصادق أو أبيه الباقر عليهما السلام:

« كان أبي - علي ابن الحسين 8- يصلي على الخمرة يجعلها على الطنفسة ويسجد عليها فإذا لم تكن خمرة جعل حصى على الطنفسة حيث يسجد عليها »  ([103]).

- روى عبد الرحمن بن ابي عبد الله عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام : « عن الرجل يسجد وعليه العمامة لا يصيب وجهه الارض قال: لا يجزئه ذلك حتى تصل جبهته الارض» ([104]).

- عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال:«السجود على ما انبتت الارض الا ما أكل ولبس »([105]).

- وعنه عليه السلام: « لا يسجد الا على الارض أو ما أنبتت الارض الا المأكول والقطن والكتان » ([106]).

- عن احدهما عليهما السلام قال: «لا باس بالقيام على المصلى من الشعر والصوف إذا كان يسجد على الارض وان كان من نبات الارض، فلا بأس بالقيام عليه والسجود عليه ».

- عن الحلبي عن الصادق عليـه السلام قال: « سألته عن الرجل يصلـي على البساط والشعـر والطنافس قال لا

تسجد عليه وان قمت عليه وسجدت على الارض فلا بأس، وان بسطت عليه الحصير وسجدت على الحصير فلا بأس »([107]).

- قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام  -: « السجود لايجوز إلا على الأرض أو على ما أنبتت الأرض إلا ما أكل أولبس »([108]).

- و يقول في موضع آخر: « السجود على الأرض فريضة و على الخمرة سنة »([109]).

- وعنه عليه السلام  أيضا عندما سألـه إسحاق بن الفضيل عن السجود على الحصر و البواري. فقال: « لا بأس و إن يسجد على الأرض أحب الى، فإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله  كان يحب ذلك أن يمكـّن جبهته من الأرض، فأنا أحب لك ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله  يحّبه » ([110]).

- وروي في موضع آخر:«... إن رجلا أتي أبا جعفر (الامام الباقر) و سأله عن السجود على البوريا و الخصفة و النبات ؟ قال: نعم » ([111]).

- و قال الحلبي:«عن أبي عبدالله عليه السلام  قال: سألته عن الرجل يصلي على البساط و الشعر و الطنافس؟ قال: لا تسجد عليه، و إن قمت عليه و سجدت على الأرض فلابأس، و إن بسطت عليه الحصير و سجدت على الحصير فلابأس »([112]).

في ضوء هذه الأحاديث المذكورة يتبين جيدا أنه لايجوز – في نظر عترة النبي صلى الله عليه وآله  - السجود إلا على الأرض و ما ينبت منها ما عدا الملبوسات و المأكولات.

و هذا هو الحكم الذي يستفاد من مجموعة أحاديث سنة رسول الله صلى الله عليه وآله  و سيرته، و أفعال أصحابه و أقوالهم. و من جانب آخـر نعلم أن ما قاله الأئمـة المعصومون و أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله  من الأحكام الشرعيـة قد أخذوه من جدهم رسول­الله صلى الله عليه وآله  وهذه الرؤية نابعة من أنّ حقّ التشريع و التقنين للمجتمع البشري خاص بالله سبحانه وحده، و قد أوصل القوانين والأحكام الشرعية الى البشر عن طريق نبيه محمد صلى الله عليه وآله  - و من الواضح البين أنّ رسول­الله صلى الله عليه وآله  – مجرد واسطة بين الله و الخلق لإبلاغ الوحي و ايصال التشريعات الإلهية.

من هذا البيان يتضح أن الشيعة إذا اعتبروا أحاديث أهل البيت أيضا من مصادر الفقه و التشريع عندهم فإنما هو لأجل أن أحاديث العترة مبينة لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله  ([113]).

قال الإمام الصادق عليه السلام  في هذا المجال:

« حديثي حديث أبي، و حديث أبي حديث جدي، و حديث جدي حديث الحسين، و حديث الحسين حديث الحسن، و حديث الحسن حديث أميرالمؤمنين، و حديث أميرالمؤمنين حديث رسول الله صلى الله عليه وآله  و حديث رسول الله صلى الله عليه وآله ، قول الله عزّوجل »([114]).

السجود الاضطراري

في ضوءالأبحاث المتقدمة اتضح بالدلائل الآتية أنّ السجود يجب أن يتم على الأرض و ما ينبت منها (ماعدا المأكولات و الملبوسات):

1- سنة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله  المتمثّلة في أوامره بالسجود على التراب و وجه الأرض.

2- سيرة النبي صلى الله عليه وآله  العملية.

3- أقوال صحابة النبي صلى الله عليه وآله .

4- سيرة صحابة النبي و تابعيه و مسلمي صدرالاسلام العملية.

5- أقوال أهل البيت و عترة رسول الله صلى الله عليه وآله .

و هناك أحاديث أخري كذلك تبين كيفية السجود في الحالات الاضطرارية مثل الحر الشديد المضني، أوالبرد الشديد القارص... ويستفاد من مجموعة هذه الطائفة من الأحاديث أنه يجوز في حالات الاضطرار و العذرالشرعي على السجود على جانب من الثواب أو قطعة من القماش.

إنّ هذه الروايات كما ذكر إنّما هي بصدد بيان كيفية السجود في الحالات الاضطرارية و لكن بعض المسلمين من أهل السنة تصوّر أنّ الأحاديث المذكورة تدلّ على جوازالسجود على السجاجيد والفرش و أمثالها في جميع الحالات، حتى الحالات العادْية و عدم وجود العذر الشرعي. و لهذا تعدّوا حدود السنة والسيرة النبوية، و أقوال و أفعال صحابة النبي صلى الله عليه وآله  و قالوا: لا يجب السجود على مجرد الأرض و ما ينبت منها (ماعدا المأكولات و الملبوسات) بل يمكن السجود على كل شيء جامد آخر مثل السجاد و البساط والقماش، و جانب من اللباس والمأكول و... في جميع الحالات و الشرايط.

و على هذا من الأفضل أن نستعرض هنا الأحاديث المتضمّنة لذكر موارد الاضطرار، حتى يتّضح عدم صحة هذاالتصوّر:

أخرج البخاري - في باب: السجود على الثوب في شدة الحر - عن أنس بن مالك قال: «كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود»([115]).

- أخرج مسلم في باب: استحباب تقديم الظهر - عن أنس قال: " كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وآله  في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه» ([116]).

قال الشوكاني في (نيل الأوطار): « الحديث يدل على جواز السجود على الثياب لاتقاء الحر وفيه إشارة إلى أن مباشرة الأرض عند السجود هي الأصل لتعليق بسط الثوب بعدم الاستطاعة وقد استدل بالحديث على جواز السجود على الثوب المتصل بالمصلي. قال النووي: وبه قال أبو حنيفة والجمهور»([117]).

يتّضح من العبارات المذكورة بجلاء أنّ السجود على الأشياءالأ ُخري غيرالأرض و ماينبت منها إنّما يجوز فقط في حالة الاضطرار لأنّ العبارات المذكورة تصرّح بوجود الأعذار الشرعية المقبولة مثل الحر الشديد، أو البردالقارص. و من هنا يتبين أنّ بعض المسلمين في صدر الاسلام كانوا يتوقـّون من حر الحجاز الشديد عند سطوع الشمس فـي ذلـك المناخ الساخن بوضع قطعــة من القماش بين الأرض و بين جباههم، و لهــذا قال ابن حجر:

« و فيه إشارة الى أنّ مباشرة الأرض عندالسجود هو الأصل لأنّه علّق بعدم الاستطاعة» ([118]).

إنّ الحكم بجواز السجود على جانب من الثوب في حالةالاضطرار (مثل الحرالشديد المضني) لايختص بكتب أهل السنّة الحديثية، بل يشاهد أيضا في أحاديث أهل البيت (صلوات الله عليهم) أيضا.

و لقد عقد صاحب كتاب «وسائل الشيعة » فصلا  تحت عنوان «جواز السجود على الملابس و على ظهر الكف في حال الضرورة» نقل فيه أحاديث أهل البيت النبوي في هذا المجال، ونحن نورد بعض هذه الأحاديث:

- و يقول قاسم بن فضيل:

« قلت للرضا عليه السلام :جعلت فداك، الرجل يسجد على كمّه من أذي الحر و البرد ؟ قال: لابأس به»([119]).

- وروي جماعة من الإماميين هكذا:

« قلت لأبي جعفر عليه السلام  إنّا نكون بأرض باردة يكون فيها الثلج أ فنسجد عليه ؟  قال: لا، ولكن اجعل بينك و بينه شيئا قطنا أوكتّانا »([120]).

- يقول عيينة: « قلت لأبي عبدالله عليه السلام : أدخل المسجد في اليوم الشديد الحر فأكره أن أصلي على الحصي، فأبسط ثوبي فأسجد عليه ؟ قال: نعم ليس به بأس »([121]).

- عبدالله بن جعفر عن أخيه عليه السلام  قال: سألته عن الرجل يؤذيه الارض و هو في الصلاة و لا يقدر على السجود هل له أن يضع ثوبه إذا كان قطنا او كتانا؟ قال اذا كان مضطرا فليفعل ([122]).

صفوة القول

هذه خلاصة ما أوردناه من الصحاح والمسانيد في ما يصح السجود عليه وهي تدل على أن الأصل في ذلك - مع وجود القدرة والاستطاعة - هو السجود على الأرض مباشرة أو على ما نبت منها غير مأكول ولا ملبوس أخذا بأحاديث الخمرة والفحل والحصير المصنوعة من سعف النخيل ولا يمكن العدول عنها إلى غيرها عند فقدان العذر أما في حالة وجود عذر مانع عنها فإنها يمكن السجود على الثوب المتصل بالمصلي فحسب دون الثوب المنفصل لعدم وروده في السنة وأما السجود على الفرش والسجاد والبسط المنسوجة من الصوف والوبر والحرير والثوب المنفصل وغيرها فإن ذلك مما أحدثه الناس واخترعوه ولا يوجد دليل يعتد به يسوغ السجود عليها ولم يرد أي مستند قوي يمكن الركون اليه والتعويل عليه فها هي الصحاح الستة الكفيلة ببيان الشرائع والأحكام ليس فيها حديث يمكن الأخذ به في­هذه المسألة وكذلك سائر كتب الحديث والسنن المعتمدة في القرون الثلاثة الأولى وهي خير­القرون لا يوجد بها أثر صحيح صريح يقــوم به الاستدلال وتنهض به الحجة على جواز ذلك.

وقد أخرج الحافظ أبو بكر بن أبي شيبة بإسناده في (مصنفه) الجزء الثاني عن سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين « أن الصلاة على الطنفسة محـدث ». (الطنفسة: النمرقــة فوق الرحل وقيل: هـي البساط الذي له خمل رقيق).

ما هوالسرّ في التزام الشيعه استحباب السجود على التربة الحسنية ؟

قد تبين - مما تقدم - أن السجود على الأرض مباشرة هو الأصل المعمول به على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله  والصحابة الكرام والتابعين لهم بإحسان وهو الذي يلتزم به الشيعة الإمامية حتى يومنا هذا ولا يحيدون عنه قيد أنملة، فهم يسجدون على الأرض شريطة التأكد من عدم نجاستها وخلوها من الأقذار، ويستحبـون من بين تراب الأرض تربـة كربلاء، حيث استشهد بها أبوالأحرار وسيد الشهداء أبوعبدالله الحسين بن علي عليه السلام  الذي خرج في ثلة من أهل بيت النبوة الأطهار عليهم السلام  وصحابته الأبرار من أجل مقارعة الظلم والطغيان والإثم والعدوان المتمثل في طاغية عصره وطاغوت دهره يزيد بن معاوية الذي تسلط على رقاب المسلمين بغير الحق وأذاقهم صنوفا وألوانا من المحن والمصائب، من قتل وتشريد وانتهاك للحرمات والمقدسات وإهلاك للحرث والنسل وضرب الكعبة المشرفة بالمنجنيق وإحراقها وتدنيس حرمة المدينة المنورة واقتحامها وإباحتها وقتل الصحابة الأبرار فيها في وقعة الحرة وتخريب بيوتهم ونهب أموالهم وهتك أعراض بناتهم... إلى غير ذلك من الجرائم البشعة التي تقشعر الأبدان عند ذكرها وترتعد الفرائص من مجرد سماعها وتشمئز النفوس من هؤلاء المجرمين الذين اقترفوها.

وقد سجل التاريخ أروع ملحمة بطولية على أرض كربلاء التي ارتوت بدماء الحسين عليه السلام وأهل بيته الأطهار وصحابته الأبرار،  تلك الدماء التي أريقت على صعيدها من أجل عزة الإسلام وإعلاء كلمة الله في يوم عاشوراء وقد دلت بعض الأحاديث على فضل هذه التربة الطاهرة ومكانتها السامية فترى الواحد منهم يحمل معه تربة نقية طاهرة منها كيما يسجد عليها لله رب العالمين.

ولا شك أنه أمر مستحسن فطريا أن يتخذ المصلي لنفسه تربة طاهرة طيبة يتأكد من طهارتها بخلوها من النجاسات ولا فرق في ذلك بين أن تكون من هذه الأرض أو تلك من حيث الأصل الواجب، فهي كلها في الشرع سواء لا امتياز لإحداهن على الأخرى في جواز السجود عليها وما ذلك الحرص والاهتمام إلا لحفاظ المصلي على طهارة جسده وملبسه ومصلاه. وعليه، فإن المسلم يقوم باتخاذ صعيد طيب لنفسه يسجد عليه في حله وترحاله وفي سفره وإقامته لا سيما في حال السفر لعدم الثقة بطهارة كل أرض ينزل بها ويتخذها مسجدا من المدن والفنادق وردهات المنازل والساحات العامة والمطارات ومحطات وسائل المواصلات المختلفة التي تشهد فئات من البشر من مختلف الملل والأجناس... من المسلمين وغيرهم من أخلاط الناس الذين لا يبالون ولا يكترثون لأمر الدين وبخاصة موضوع الطهارات والنجاسات.

فأي مانع - عندئذ - من أن يحتاط المسلم لدينه ويتخذ معه تربة طاهرة يطمئن بنقائها وطهارتها يسجد عليها في صلاته متوخيا الحيطة ومحترزا من السجود على الأرجاس والنجاسات التي لا تسوغ السنة الشريفة السجود عليها ولا تقبله الفطرة السليمة، لا سيما وإن أوامر الشرع الحنيف تؤكد على الاهتمام بطهارة أعضاء المصلي ولباسه وتنهى عن الصلاة في أماكن معينة لمظنة اختلاطها بالنجاسات منها: المزابل والمجازر والمقابر وقارعة الطريق والحمام ومعاطن الإبل وكذلك الأمر بضرورة تطهير المساجد وتطييبها.

ووفق هذه النظرة الصائبة جرى بعض فقهاء السلف الورعين والمحتاطين لدينهم من أهل القرون الأولى وحسبك أن التابعي الفقيه الكبير المتفق على جلالته، مسروق بن الأجدع كان يأخذ في أسفاره لبنة (أي حجرا) يسجد عليها:

 يكتب ابن­ سعد في كتابه « الطبقات الكبري » قائلا:«كان مسروق إذا خرج يخرج بلبنة يسجد عليها في السفينة »([123]).

هذا في ما يتعلق بالسجود على الأرض مباشرة من حيث أصل الوجوب وأخذ الحيطة بحمل تربة طاهرة.

أما في ما يتعلق باستحباب السجود على تربة كربلاء فإن قاعدة التفضيل المطردة في هذه الحياة تدل عليه وتؤكده فضلا عن ورود بعض الأحاديث التي تعضده.

فلا شك أن الله سبحانه قد اصطفى مكة وانتجبها من بين الأماكن وجعلها مقرا لبيته الحرام الذي أوجب على الناس الحج اليه والطواف حوله وخصها بميزات معينة بوصفها حرما آمنا لا يجوز انتهاكه وما يرتبط من ذلك بشجرها ونبتها ومن نزل بها وكذلك اختار المدينة المنورة وجعلها حرما إلهيا - أيضا - يجب تعظيمه وعدم تجاوزه. وما ورد في السنــة الشريفة في إجلالها وفي فضائــل أهلهــا وتربتهــا ومن حل بهــا ومن دفن بأرضها وجميع ذلك ليس إلا باعتبار الإضافة والنسبة إلى الله تعالى وكونها عاصمة لنبيه الخاتم صلى الله عليه وآله .

بل إن قاعدة التفاضل وتفاوت الدرجات ممتدة ومطردة على الدوام حتى بين الأنبياء والمرسلين والأوصياء والأولياء والشهداء والصالحين وأفراد المؤمنين. وكذلك بين الأوقات و الازمنة، لاختصاص بعضها بفضائل وخصال معينة فشهر رمضان خير الشهور وليلة القدر أفضل الليالى ويوم عرفة أفضل الأيام.. وما إلى ذلك من الاختصاصات والتفاضلات بين الأعيان نتيجة تعلقها بالله سبحانه ونسبتها اليه.

وكانت تربة كربلاء هي التربة التي ضمت بين ثناياها أطهر الأجساد وأطيبها وهم أبناء الرسول  صلى الله عليه وآله  الذين سجلوا على صعيدها أعظم صفحات البذل والتضحية في سبيل الله سبحانه واختلطت ذراتها بدمائهم الزكية التي أهرقت قربة اليه جل وعلا فحري بها أن تلازم الإنسان المسلم في حله وترحاله وإقامته وتجواله وتذكره دائما بما كتب عليها من معاني البطولة والفداء والبذل والعطاء وأن تكون نصب عينيه شاهدة عليه وكأنما تأخذ عليه البيعة كل يوم بالوفاء لتلك الدماء الطاهرة والالتزام بالخط الرسالى التضحوي الذي سلكه أصحابها الأبرار الذين قدموا أرواحهم قربانا إلى الله تبارك وتعالى.

إن تربة كربلاء هي رمز الجهاد الثوري الذي خاضه أهل بيت النبي  صلى الله عليه وآله  في كفاحهم المرير ضد الظلم والاستكبار والفساد والانحراف.

وهي رمز الاعتزاز بالإسلام دينا ومنهجا للحياة في مواجهة القوى الشيطانية التي تسعى إلى استئصاله وإقصائه بعيدا عن ساحة الوجود.

كما أنها رمز الشجاعة والصمود في وجه الطغاة والمستبدين من أجل إحقاق الحق وتثبيت أركانه وإزهاق الباطل وتقويض بنيانه.

وما إلى ذلك من الدروس القيمة والعظات البالغة التي يجب إلى تغيب عن ذهن الإنسان المسلم أبد الدهر ومن هنا كانت قيمة تربة كربلاء المعنوية والعبرة من الارتباط بها والسجود عليها ([124]).

ولذلك جاءت الأحاديث الشريفة لتعظم تلك التربة الطاهرة وتشيد بفضلها:

- روي ابن حجر الهيتمي في كتابه «الصواعق المحرقة »:

«... إذ دخل الحسين فاقتحم فوثبَ على رسول الله صلى الله عليه وآله  فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله  يلثمهُ و يقبِّله، فقال له الملك: أَتحِبّه ؟ قالَ: نعم، قال َ: إنَّ أمتك ستقتله و إن شئتَ اُريك المكان الذي يقتل به.

فأراه فجاءَ بسهلة أو تراب أحمر، فأخذتهُ اُمُّ سلمة فجعلته في ثوبها.

قال ثابت: كنا نقول إنها كربلاء.

- و أخرجه أيضا أبوحاتم في صحيحه، وروي أحمدُ نحوه، وروي عبدُ بن حميد و ابن أحمد نحوه أيضا ً... وزاد الثاني أيضا ً أنه صلى الله عليه وآله  شمَّها، و قال: ويح كرب وبلاء»([125]).

- و هكذا روي عن ابن سعد و هو أيضا عن الشعبي:

« مرَّ علي رضي الله عنه – بكربلاءِ عند مسيره الى صفّين و حاذي نينوا – قرية على الفُرات – فوقف وسألَ عن إسم هذه الأرض.فقيل: كربلاء.فبكي حتى بلّ الأرض من دُموعِه ثم قالَ: دخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وآله  و هو يبكي فقلت ُ: ما يبكيك ؟

قال: كان عندي جبرئيلُ آنفا ً وأخبَرَني أنّ وَلدي الحسين يقتلُ بشاطي الفُرات بموضع يقال له: كربلاء. ثم قبض جبرئيل قبضة من تراب شمَّني إياه، فلم أملك عيني أن فاضتا»([126]).

- و يقول ابن حجر في موضع آخر:

«... فقال جبرئيل: ستقتله امتك. فقال صلى الله عليه وآله  ابني ؟ قال: نعم و إن شئت أخبرتك بالأرض الّتي يقتل فيها، فأشار جبرئيل بيده الى الطفّ بالعراق فأخذ منها تربة حمراء فأراه إياها و قال: هذه من تربة مَصرَعِهِ ([127]).

- روي الحاكم النيسابوري، عن ام سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وآله  اضطجع ذات ليلة للنوم فاستيقظ و هو حائر، ثم اضطجع فرقد ثم استيقظ و هو حائر دون ما رأيت به المرة الأولي ثم اضطجع فأستيقظ و في يده تربة حمراء يقبلها، فقلت له ما هذه التربة يا رسول الله ؟ قال: أخبرني جبرئيل عليه السلام  أن هذا يقتـل بأرض العراق للحسين، فقلت أرني تربــة الارض التي يقتل بها فهذه تربتها... (ثم قال الحاكم): هذا حديث صحيح على شرط الشيخين (البخاري و مسلم) و لم يخرجاه ([128]).

في ضوء المجموعة الكبري من الأحاديث الواردة في صحاح السنة و سننهم و مسانيدهم من هذا القبيل يتضح أن أرض كربلاء كانت تعد عند رسول الله صلى الله عليه وآله  و أميرالمؤمنين والمحدثين الإسلاميين من الأماكن والبقاع المقدسة المحترمة، و أنّ ترابها الطاهر المطهر يحظي بأهمية و ميزة خاصة.

ولذا كان الشيعة المسلمون يستحبون السجود عليها في صلواتهم لما اختصت به من ميزات وفضائل معنوية.

و تجب الإشارة هنا إلى أن ذلك ليس من الفرض المحتم عندهم ولا من واجبات الشرع والدين ولا يلتزمون به في ما بينهم بل إنه من قبيل الاستحسان والاستحباب فحسب.

الخاتمه:

والحاصل انّ التذلل والخضوع في مقابل عظمة اللّه سبحانه يتحقّق بأفضل مجاليه بوضع الجبهة والأنف على التراب والطين، قائلاً: أين التراب ورب الأرباب وأنّه التراب سواسية ولا تجد ذلك في السجود على المصنوعات وللعّلامة الأميني كلمة قيمة واليك نصّها:

والأنسب بالسجدة التي إن هي إلاّ التصاغر والتذلّل تجاه عظمة المولى سبحانه و وجاه كبريائه، أن تُتخذ الأرضُ لديها مسجداً يعفِّر المصلّي بها خدّه ويرغم أنفه لتذكّر السّاجد للّه طينته الوضيعة الخسيسة التي خلق منها واليها يعود ومنها يعاد تارة أُخرى حتّى يتّعظ بها ويكون على ذكر من وضاعة أصله ليتأتى له خضوع روحي وذلّ في الباطن وانحطاط في النفس واندفاع في الجوارح إلى العبودية وتقاعس عن الترفّع والأنانية، ويكون على بصيرة من انّ المخلوق من التراب حقيق وخليق بالذلّ والمسكنة ليس إلاّ.

ولا توجد هذه الأسرار قطّ وقطّ في المنسوج من الصوف والديباج والحرير وأمثاله من وسائل الدَّعة والراحة ممّا يري للإنسان عظمة في نفسه، وحرمة وكرامة ومقاماً لديه ويكون له ترفّعاً وتجبراً واستعلاءً وينسلخ عند ذلك من الخضوع والخشوع([129]).

المصادر والمراجع:

 

* القرآن الكريم

- ابن سعد زهري، الطبقات الكبري؛ داراحياء التراث العربي، بيروت 1417.

- ابن كثير دمشقي، البداية و النهاية؛ مكتبةالمعارف؛ بيروت.

- ابن منظور، لسان العرب؛ ادب الحوزه، قم  1405 هـ.

- امام مالك، مالك ­بن انس اصبحي، المدونة الكبري، دارالكتب العلمية، بيروت، ط 1.

- البخاري، محمد بن اسماعيل؛  صحيح البخاري؛ دارلفكر، بيروت،1401 هـ.

- بيهقي، احمد بن حسين بن علي موسي؛ السنن الكبرى؛ دارالفكر؛ بيروت.

- ترمذي، ابو عيسي محمد‌ بن‌ عيسي؛ جامع الترمذي­، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

- تميمي آمُدي، عبدالواحد بن محمد؛ غررالحكم و دُررالكلم؛ موسسة الاعمي؛ بيروت1407 هـ، ط 1.

- جزري، ابن الاثير؛ النهاية في غريب الحديث؛ دارالكتب العلميه،  بيروت، 1418 هـ.

- الجصاص الحنفي؛ احكام القرآن؛ بيروت.

- الحر العاملي،محمد بن اسماعيل؛الشيخ محمد بن  الحسن؛ وسائل الشيعة؛موسسة آل البيت عليه السلام لاحياء التراث.

- الحسيني واسطي زبيدي حنفي، محمد مرتضي؛ تاج العروس من جواهر القاموس؛ مكتبة الحياة.

- الحسيني، سيد رضا؛ السجود على الارض؛  موسسه الامام المهدي، 1413 هـ.

- الحاكم النيسابوري: المستدرك، ج 4 / ط بيروت.

- دارمي تميمي، عبدالله بن عبدالرحمن؛ سنن دارمي؛  دارالكتب العلميه؛  بيروت 1410 هـ.

- زمخشري؛ أساس البلاغة؛ دارالفكر، بيروت 1409هـ.

-  سجستاني، سليمان بن اشعث؛ سنن ابي داوود؛ دارالفكر؛ بيروت 1410 هـ.

- السيد السبزواري؛ مهذب الاحكام في بيان الحلال و الحرام ؛ مؤسسة المنار، 1412 هـ. ط 4.

- شيخ طوسي؛ النهاية؛ دارالاندلس؛ بيروت.

- الشيخ المفيد، المقنعة؛ مؤسسة النشر الإسلامي، الثانية، 1410.

- طبراني، سليمان‌بن‌أحمد‌بن‌أيوب؛ المعجم الأوسط؛ دار الحرمين - القاهرة، ۱۴۱۵ هـ.

- طبراني، سليمان‌بن‌أحمد‌بن‌أيوب؛ المعجم الكبير؛ مكتبة العلوم والحكم، موصل، 1404 هـ، ط 2.

- عاطف سلام، فقيهات بين السنة و الشيعة، مركزالغدير للدراسات الاسلامية، ط 2000

- عسقلاني، ابن حجر؛ فتح الباري في شرح صحيح البخاري، دارالمعرفة؛ بيروت.

- علامه مجلسي، محمد باقر؛ البحارالانوار؛ موسسه الوفاء، بيروت،  1403 هـ.

- علامه اميني، سيرتنا و سنتنا.

- الفيومي المقري، احمد بن محمد؛ المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي؛ دارالهجرة، قم 1414 هـ.

- القزويني، محمد بن يزيد أبو عبدالله، سنن ابن ماجه، دار الفكر - بيروت.

- القسطلاني المصري الشافعي؛ شهاب الدين أبوالعباس أحمد بن محمد بن أبي بكربن عبد الملك، إرشاد الساري في شرح   

   صحيح البخاري.

- القشيري النيشابوري، مسلم بن الحجاج أبو الحسين؛ صحيح مسلم؛ دارالفكر، بيروت، لبنان.

- كليني، محمد بن يعقوب بن اسحاق؛ اصول الكافي؛  علمية الاسلامية؛ طهران 1362 هـ.ش، ط 2.

- مباركفوري، محمد عبد الرحمن ‌بن‌عبد الرحيم؛ تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، دار الكتب العلمية، بيروت.

- متقي هندي، علي بن حسان الدين؛ كنزالعمال في سنن الاقوال و الافعال؛ دار الكتب العلميه،  بيروت، 1419 هـ.

- المحقق الكركي؛جامع المقاصد في شرح القواعد؛مؤسسة آل البيت  عليهم السلام  لاحياء التراث، قم،1414 هـ. ط 2.

- مشكيني اردبيلي، علي؛ المصباح المنير؛ الهادى – قم 1364 هـ. ش.

- المعجم الوسيط؛ مكتب نشر الثقافة الاسلامية، 1412 هـ. ط 4.

- النسائي،أحمد بن شعيب؛(سنن نسائي)؛ تحقيق عبدالفتاح أبوغدة؛ مكتب المطبوعات الاسلامية، الحلب، 406 هـ، ط2.

- النوري، الميرزا حسن؛ مستدرك الوسائل الشيعة؛ موسسة آل البيت  عليهم السلام ، لاحياء التراث، 1407 هـ، ط 1.

- نيشابوري، مسلم بن حجاج، صحيح مسلم؛ دارالفكر؛ بيروت.

- هيثمي شافعي،ابوالحسن نورالدين علي بن ابي بكر؛مجمع الزوائد و منبع الفوائد؛ دار الكتب العلميه، بيروت،408.

 

([1]) -  سوره الانفال / 60.

([2]) - سورة توبه /36.

([3]) - سورة زمر/  17.

([4]) - الذاريات / 56.

([5]) - وسائل الشيعه،  ج 4، ص 34، ح 4442.

([6]) - سوره العنكبوت / 45.

([7]) - سورة النحل / 49.

([8]) -إشارة إلى قوله سبحانه:  « وَللّهِ يسْجُدُ مَنْ في السَّمواتِ والأرضِ طَوْعاً وَكرْهاً وظلالُهُم بِالغُدُوِّ وَالآصالِ»، سورة الرعد /15.

([9]) سورة فصلت/ 37.

([10]) - السجود علي الارض، ص 10، منشورات موسسه الامام المهدي، عام الطبع  1413 هـ.

([11]) - المعجم الوسيط،ج 1،ص 416 (سجد)، مكتب نشر الثقافة الإسلامية 1412 هـ، ط 4.

([12]) - سورة الحج 22/18.

([13]) - المصباح المنير،ج 1،ص 266 (سجد).

([14]) - المعجم الوسيط،ج 1،ص 416 (سجد).

([15]) - المعجم الوسيط،ج 1،ص 416 (سجد).

([16]) - الزمخشري، أساس البلاغة، 285 (سجد)، دار الفكر، بيروت 1409 هـ، 1989م.

([17]) - صحاح اللغة،  229 (سجد)، انتشارات ناصر خسرو، طهران 1363 هـ ش. وأساس البلاغة: 285 (سجد).

([18]) - المعجم الوسيط،ج،1ص 416 (سجد).

([19]) - المصباح المنير، الفيومي،ج 1،ص 266 (سجد).

([20]) - سورة الاسراء 17/1.

([21]) - أعضاء السجود سبعة، وهي: الجبهة، والكفان، والركبتان، وابهاما الرجلان.

([22]) - جامع المقاصد في شرح القواعد،المحقق الكركي ج  2 ص 298، تحقيق مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، قم 1414 هـ، ط2.

([23]) - المقنعة، الشيخ المفيد ص 105.

([24]) - مهذب الاحكام في بيان الحلال والحرام، السيد السبزواري 6: 416، مؤسسة المنار، 1412هـ، ط4.

([25]) - أخرجه الشيخان البخاري ج  1 ص206 ومسلم  ج،1ص 354.

([26]) - غررالحكم ودررالكلم، عبد الواحد الآمدي،ج1، ص 122/2234 و 2235، مؤسسة الأعلمي ـ بيروت 1407هـ، 1987م ط 1. ومستدرك وسائل الشيعة، الميرزا حسين النوري،ج 4،ص 486/5232 باب 23 من أبواب السجود،تحقيق مؤسسة آل البيت لإحياء التراث 1407هـ،ط1.

([27]) -  لسان العرب، ج6، مادة سجد.

([28]) - النهاية، ج2، مادة سجد.

([29]) - تاج العروس، ج8، مادة سجد.

([30]) - السجود علي الارض علي ضوء الكتاب و السنة، الفقيه المحقق جعفر سبحاني  ص 10و9.

([31]) - حسيني، سيد رضا، السجود علي الارض ، ص 11، 1413 هـ.

([32]) - السجود علي الأرض علي ضوءالكتاب والسنة، جعفر سبحاني، ص 8.     

([33]) - غرر الحكم ودررالكلم،ج 1 ص107 برقم 2234.

([34]) - سورة الأحزاب /21.

([35]) - سورة الحشر / 7.

([36]) - صحيح مسلم،ج 1ص371، والبخاري ج 1 ص 91و 119، ومسند احمد،ج 1 ص 250 و301، وج 2 ص222و 250و 442و 502و 411، وج 3 ص 304و 803، وج 4 ص 416، وج 5 ص 145و و248 و 148 و161 و256 و383، والبداية والنهاية ج 6 ص 41، واقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية ص 332 والوسائل ج 2 ص 969 وج 3 ص 422،عن الكافي والخصال والفقيه والفتيه ج 1ص231 ط الغفاري، والسنن للبيهقي،ج 2 ص 433و 435، وج 1 ص 45و 212 باسانيد متعددة، والبحار ج 18 ص 305، وج 80 ص 147، وج 83 ص 276، وارشاد الساري ج 1 ص 435، وفتح الباري،ج 1 ص 370 371، والينابيع ص 244، وابو داود ج 1 ص 132، وسنن الدارمي ج 2 ص 224

([37]) - صحيح مسلم،ج 1،ص 371، وسيرتنا عن ابي داود والنسائي والترمذي.

([38]) - صحيح مسلم ج 1،ص 371، والسنن للبيهقي،ج 6،ص 291، وسيرتنا،ص 126، ويقرب منه ما في تاريخ الذهبي،ج 2،ص 375، وفتح الباري،ج 1،ص 371 عن ابن المنذر وابن الجارود، وقريب منه ما في الجامع الصغير للسيوطي ج 1،ص 144.

([39]) - البحار،ج 83،ص 277.

([40]) - البحار،ج 83،ص 277 عن مجالس ابن الشيخ بسندين.  

([41]) - البحار،ج 83،ص 278.

([42]) - البحار،ج 83، ص 278 ومسند ابي غواته ج 1،ص 303.

([43]) - شرح عون المعبود،ج 1،ص 182.

([44]) - مصباح المسند للشيخ قوام الدين القمي الوشنوي (مخطوط)، وقريب منه ما في تيسير الوصول،ج 1،ص 315.  

([45]) - كنز العمال،ج 4،ص 188، وفي طبعة،ج 8،ص 24، والنسائي،ج 2،ص 2 0 4، وابو داود،ج 1،ص 110، ومسند احمد،ج 3،ص 327، وسنن البيهقي،ج 1،ص 439 عن جابر، وج 2،ص 105و 106 عن جابر وأنس، وشرح الاحوذي لجامع الترمذي،ج 1،ص 405، وشرح عون المعبود لسنن ابى داود، ج 1 ص 249 عن أنس، وسيرتنا ص 127 نقلوه بالفاظ متقاربة.

([46]) - سنن البيهقي،ج 2، ص105.

([47]) - السنن الكبرى، ج 2، ص106.

([48]) - سنن البيهقي، ج 2، ص105 باب الكشف عن الجبهة.

([49]) - النهاية،لابن أثير، ج  2، ص497، مادة «شكا».

([50]) - كنز العمال،ج 7، ص465 برقم 19810.

([51]) - المصدر نفسه، ج 7، ص 459 برقم 19776.

([52]) - المصدر نفسه،ج 7، ص459 برقم 19777..

([53]) - المصدر نفسه،ج 7، ص465، برقم 19810; مسند أحمد،ج 6،ص301.

([54]) - المصدر نفسه،ج 7، ص465، برقم 19810; مسند أحمد،ج 6، ص301.

([55]) - ارشاد الساري، ج 1، ص 405.

([56]) - النهاية لابن الأثير، ج 2، مادة رغم.

([57]) - الطبقات ج 1،ص 151 ق 2.

([58]) - السنن الكبرى للبيهقي ج 2،ص 105، وسيرتنا ص 128عنه، وعن نصب الراية للزيلعي ص 386، والبحار ج 85،ص 157، وفي الاصابة ج 2،ص 201 في ترجمة صالح بن خيوان، واسد الغابة ج 3،ص 9 في ترجمة صالح والمدونة الكبرى ج 1،ص 73.

([59]) - المصادر المتقدمة.

([60]) - البحار،ج 85،ص 156 عن الدعائم.

([61]) - النهاية لابن الاثير كلمة « رغم ».

([62]) - المصنف،ج 2،ص 181و 182، والمستدرك للحاكم ج 1،ص 270، والسنن الكبرى للبيهقي ج 2،ص 103 و104 باسانيد متعددة.

([63]) - كنز العمال،ج 4،ص 100، وفي طبقة ج 7 ص 328، ومجمع الزواند ج 2،ص 126 عن الطبراني في الكبير والاوسط.

([64]) - احكام القرآن للجصاص ج 3، ص 36 و في طبقة، ج 5، ص 36.

([65]) - النسائي،ج 2،ص 32، وسيرتنا ص 126 عنه.

([66]) - سيرتنا ص 127 عن السنن الكبرى للبيهقي،ج 2،ص 102.

([67]) - احكام القرآن للجصاص،ج 3،ص 209، وفي طبعة،ج 5 ص 36.

([68]) - كنز العمال،ج 7،ص 325، والبحار ج 85 ص 158.

([69]) - كنز العمال،ج 7،ص 328.

([70]) - كنز العمال،ج 7،ص 328.

([71]) - كنز العمال،ج 7،ص 328.

([72]) - البحار، ج 85،ص 154.

([73]) - كنزالعمال ج 7،ص 328

([74]) - الدار قطني،ج 2،ص 349.

([75]) - سورة الاحزاب / 21.

([76]) - أحكام القرآن للجصاص،ج 3، ص 209 طبعة بيروت.

([77]) - سنن البيهقي،ج 2، ص 102.

([78]) - المصنف،ج 1، ص 397 و كنزالعمال، ج 4، ص 212 و في طبعة اُخري، ج 8، ص 85.

([79]) - سنن النسائي ،ج 2، ص 208، السجود علي الجبين.

([80]) - مجمع الزوائد، ج 2، ص 126.

([81]) - سنن البيهقي،ج 2، ص 106.

([82]) - سيرتنا و سنتنا ص 132 نقلا عن أحمد بن حنبل.

([83]) - سنن البيهقي،ج 2، ص 421، كتاب الصلاة، باب الصلاة علي الحصير.

([84]) - سيرتنا و سنتنا،  ص 130 نقلا عن صحيح مسلم.

([85]) - فتح الباري،ج 1، ص 413.

([86]) - بحارالأنوار،ج 85، 157.

([87]) - المعجم الأوسط و الصغير للطبراني.

([88]) - صحيح مسلم، ج 1، ص 458.

([89]) - سورة الحجرات / 1.

([90]) - سنن البيهقي،ج 2، ص 105، طبعة حيدرآباد الدكن، كتاب الصلاة، باب الكشف عن الجبهة في السجود.

([91]) - الطبقات الكبرى لابن سعد ج 6 ص53; والمصنف عبد الرزاق،ج  2،ص583.

([92]) - أخبار مكة،ج 3، ص 151 نقلا عن رزين.

([93]) - المصنف،ج 1، ص 397.

([94]) -  المصنف،ج 1، ص 367، و مجمع الزوائد،ج 2، ص 57 نقلا عن الطبراني.

([95]) - سنن البيهقي، ج 2، ص 105، والمصنف،ج 1،ص 401.

([96]) - سنن البيهقي، ج 2، ص 105.

([97]) - المصنف لعبد الرزاق،ج1،ص397.

([98]) - فتح الباري، ج1،ص410.

([99]) - فتح الباري،ج1،ص410.

([100]) - الكافي ط الاخوندي،ج 3 ص 330و331، وفي البحار،ج 85،ص 149 - 159 نقل اخبارا كثيرة في هذا المعنى فراجع وتدبر.

([101]) - الكافي،ج 3 ص 330و 331، وفي البحار،ج 85 ص 148 عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال (الراوي عنه) سمعته يقول: « السجود على ما أنبتت الارض الا ما اكل ولبس ».

([102])- الكافي،ج 3 ص 330 و331، وفي البحار ج 85 ص 148 عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال (الراوي عنه) سمعته يقول: « السجود على ما أنبتت الارض الا ما اكل ولبس ».

([103])- الكافي، ج 3،ص 332، والوسائل ج 3 ص 594 الطبعة الحديثة.

([104])- الكافي،ج 3،ص 334، والتهذيب ج 2 ص 334 الطبعة الحديثة.

([105])- الوسائل،ج 3، ص 592، والبحار ج 85 ص 149.

([106])- الوسائل،ج 3،ص 592، والبحار ج 85 ص 149.

([107])- الوسائل،ج 3،ص 592و 594، والروايات من طرق اعلامنا الامامية رضوان الله عليهم كثيرة جدا وانما تركناها مخافة الاطناب وإذا اردت الوقوف عليها.

([108]) - وسائل الشيعة،ج 3، ص 591 كتاب الصلاة، أبواب مايسجد عليه، الحديث 1.

([109]) - وسائل الشيعة،ج 3، ص 593 كتاب الصلاة، أبواب مايسجد عليه، الحديث 7.

([110]) - وسائل الشيعة،ج 3، ص 609.

([111]) - وسائل الشيعة،ج 3، ص 593.

([112]) - وسائل الشيعة،ج 3، ص 594.

([113]) - الحسيني، سيد رضا، السجود علي اأرض، ص 52.

([114]) - جامع أحادىث الشيعة، ج 1 ص 127.

([115]) - البخاري، ج 1 ص 107.

([116]) - مسلم، ج 5 ص 121.

([117]) - نيل الأوطار، ج 2، ص 289.

([118]) - الفتح، ج 1، ص 414.

([119]) - وسائل الشيعة، ج 3، كتاب الصلاة، أبواب ما يسجد عليه، باب 4، الحديث 2.

([120]) - وسائل الشيعة، ج 3، كتاب الصلاة، أبواب ما يسجد عليه، باب 4، الحديث 7.

([121]) - وسائل الشيعة، ج 3، كتاب الصلاة، أبواب ما يسجد عليه، باب 4، الحديث 1.

([122]) - وسائل الشيعة، ج 3، ص 593 – 596 و البحار، ج 85، ص 152-149

([123]) - الطبقات الكبرى، ج 6 ص 79، في أحوال مسروق بن الأجدع، طباعة بيروت.

([124]) - عاطف سلام، فقيهات بين السنة و الشيعة، ص 20- 21.

([125]) - الصواعق، ص 192.

([126]) - الصواعق المحرقة، ص 193.

([127]) - الصواعق المحرقة، ص 193. إن الأحادىث الاسلامية في هذا الصدد في كتب الشيعة و السنة كثيرة، وللتوسع و مزيد الاطلاع يمكن مراجعة: كنزالعمال، ج 13، ص 111 – 112، والخصائص (السيوطي)، ج 2، ص 125، و مناقب ابن المغازلي، و بحارالأنوار ج 44، والمعجم الكبير (للطبراني)، ص 144، والعقدالفريد، ج 2، والصواعق المحرقة، و عشرات الكتب الحديثية الأخري.

([128]) - الحاكم النيسابوري: المستدرك، ج 4، ص 398 / ط بيروت.

[129] - سيرتنا وسنّتنا ص125ـ 126.