تصنیف البحث: القانون
من صفحة: 102
إلى صفحة: 113
النص الكامل للبحث: PDF icon 2-7.pdf
خلاصة البحث:

الجريمة مشكله اجتماعية واجهة المجتمع الإنساني منذ إن كان مكونا من بضع أفراد , وعبر مراحل التاريخ لم تفلح الجهود الإنسانية في القضاء عليها أو حتى الحد منها , وتنبع خطورة الجريمة من مناهضتها للمشاعر الإنسانية وأضرارها بالمصالح ألعامه والخاصة للإفراد وما تتكبده للمجتمعات بسببها من خسائر مادية ومعنوية جسيمه تتمثل بالتكاليف الباهضه التي تستلزمها مكافحتها بتطوير الأجهزة الأمنية والمؤسسات العقابية والإصلاحية والطاقات البشرية التي تذهب هدرا ً والتي كان يجب إن تسهم في بناء المجتمع بدلا من الانحراف والاتجاه نحو الجريمة وتهديد الأمن والاستقرار.

البحث:

 

ألمقدمة:

الجريمة مشكله اجتماعية واجهة المجتمع الإنساني منذ إن كان مكونا من بضع أفراد , وعبر مراحل التاريخ لم تفلح الجهود الإنسانية في القضاء عليها أو حتى الحد منها , وتنبع خطورة الجريمة من مناهضتها للمشاعر الإنسانية وأضرارها بالمصالح ألعامه والخاصة للإفراد وما تتكبده للمجتمعات بسببها من خسائر مادية ومعنوية جسيمه تتمثل بالتكاليف الباهضه التي تستلزمها مكافحتها بتطوير الأجهزة الأمنية والمؤسسات العقابية والإصلاحية والطاقات البشرية التي تذهب هدرا ً والتي كان يجب إن تسهم في بناء المجتمع بدلا من الانحراف والاتجاه نحو الجريمة وتهديد الأمن والاستقرار.

انطلاقا من الإحساس بأهمية وخطورة هذه المشكلة وضعها العلماء والمفكرون في العلوم الاجتماعية والقانونية والطبية خاصة موضع الاهتمام والدراسة إدراكا منهم للمسؤولية الأخلاقية والعلمية الملقاة عليهم في تشخيص ملامح وإبعاد موجهات الفعل الإجرامي وأسباب العودة إلية تيسيرا لعملية الفهم والتفسير لطبيعة هذه الموجه‍‍‍‍‍‍‍‍ات وأمكانية وضع خطط لمواجهتها بأساليب مدروسة.

وتأتي هذه الدراسة في إطار تلك الجهود محاوله قصدنا منها الإفادة النظرية في مجال علم الأجرام، والوقوف على اخطر الظواهر الاجتماعية إلا وهي الجريمة.

احتوت هذه الدراسة على بابين:

تضمن الباب الأول, الجزء النظري أو الدراسة النظرية الذي شمل الإطار العام للبحث ومقدمه البحث والفصل الأول الذي شمل المفاهيم والمصطلحات العملية الداخلية بالدراسة وهي:

الجريمة، المجرم، السلوك الإجرامي، ألعوده إلى الجريمة، في حين خصص الفصل الثاني الدراسات السابقة.

أما الفصل الثالث فتناول النظريات المفسرة للجريمة ومنها نظرية لمبروزو، ونظرية هوتون، ونظرية فرويد، ونظرية التفكك الاجتماعي،ونظرية تصارع الثقافات، ونظرية الاختلاط التفاضلي، ونظرية النظام الرأسمالي، إما الجانب الثاني من الدراسة فيتظمن الدراسة الميدانية.

فجاء الفصل الرابع من البحث ليشمل الإجراءات المنهجية للدراسة الميدانية والخصائص المميزة لمجتمع البحث...

في حين خصص الفصل الخامس لعرض النتائج التي توصلت إليها الدراسة وإبداء بعض المقترحات والوصيات آملين الأخذ بها.

أولا أهمية البحث:

تظهر أهمية البحث من خلال خطورة الجريمة على المجتمع وما تتركه من آثار على مستويات عديدة اجتماعية واقتصادية وأخلاقية، فالجريمة مشكلة اجتماعية خطيرة شغلت أذهان العلماء والفلاسفة والمفكرين والقادة في مختلف الجماعات البشرية خلال التاريخ الطويل للإنسان فهي ترتبط بالمجتمع ارتباطا طبيعيا بمعنى أنه حيثما كانت هناك حياة اجتماعية حتى ولو كانت في ابسط صورها توجد الجريمة: أي عدوان شخصي على أخر في عرضه او ماله او متعاه في شخصه نفسه بجريمة او بتر أعضاءه او قتله يتعدى الاخ على أخيه وهو اقرب الناس إليه إذا اختلف على مال او ميراث او امرأة او أي شيء يؤثر كل منهما....

وأهمية هذا البحث تنطلق كونه يدرس ظاهرة جديرة بالاهتمام وهي العودة الى الجريمة، فالشخص الذي ارتكب جريمة وحكم، وبعد ان قضى فترة حكمه وجدنا بعض الأشخاص يعودون الى الفعل الإجرامي مرة أخرى، ويسعى البحث الى معرفة مدى نسبة هؤلاء بالنسبة للآخرين والأسباب التي دفعتهم مجددا الى ارتكاب الجريمة، وتنطلق أهمية البحث كذلك لمعرفة مدى قدرات مؤسسات الإصلاح الاجتماعي في تقويم خدمات التاهيل والاصلاح لهؤلاء فضلا عن زرع في نفوسهم القيم الإنسانية وانتزاع نزاعات الشر والأجرام، ويأتي ذلك من خلال نجاح البرامج الإصلاحية في المؤسسة، ولا يسعى البحث فقط الى وصف وتفسير البيانات الميدانية بل يسعى إلى وضع التوصيات والمقترحات تمهيدا لمعالجتها من قبل الهيئات ذات العلاقة.

ثانيا ً: مشكلة البحث

تنحصر مشكلة البحث في العودة إلى الجريمة وأثرها على المجتمع وعلى الشخص القائم بالفعل الإجرامي، فالمعروف ان الجرائم وما يتبعها من سلوك انحرافي يظهر على بعض الأفراد مسألة تشير الى تفكك البناء الاجتماعي من ناحية والى تناقض وتشويه ثقافة المجتمع من ناحية أخرى.

ان مشكلة البحث تكمن في الآثار التي تتركها العودة الى الجريمة على حياة الفرد والمجتمع معا.

ثالثا: أهداف البحث:

يسعى البحث الى تحقيق الأهداف التالية:

1. معرفة الأسباب الاجتماعية التي تجعل الشخص يعود الى الجريمة من جديد.

2. معرفة العوامل النفسية التي تجعل الشخص يعود الى الجريمة.

3. معرفة الظروف الاجتماعية والأسرية التي تحيط بالشخص بعد خروجه من مؤسسة الإصلاح.

4. معرفة تأثير العامل الاقتصادي الذي دفع الشخص الى ارتكاب الفعل الإجرامي.

الفصل الأول

المفاهيم والمصطلحات العلمية

أولا: الجريمة

للجريمة مفاهيم عدة تتنوع بتنوع مصادرها، هذه المفاهيم والتعريفات التي تنظر للجريمة من زوايا مختلفة وفيما يلي نستعرض أهمها:

الجريمة بمفهومها الأخلاقي:

هي كل فعل يتعارض مع السلوك الطبيعي للأخلاق فهذا السلوك الطبيعي مثار للجدل من حيث أوامره ونواهيه وصلته بالتشريع الوضعي، والحقيقة ليس كل انتهاك لمبادىء الأخلاق يعتبر جريمة وليست كل الجرائم متناقضة بالضرورة مع المبادىء الأخلاقية.......([1])

فمثلالايوجد القانون عقوبة لعقوق الوالدين او النفاق رغم إنها أفعال لا أخلاقية ,بينما نجد في قوانين بعض الدول عقوبات تطبيق على من لديهم انتماءات سياسية ومذهبية معينه وكذالك قوانين تحرم على الأفراد التجارة والتملك رغم ان هذا لا علاقة له بالأخلاق ولكن تحكمه عوامل سياسية أيدلوجية بحتة........([2])

2) الجريمة من الناحية الواقعية:

هي خروج وجماح وجنوح يغلب به المرء الاثرةعلى الإيثار مضحيا في سبيل كيانه الذاتي بما يتطلبه الكيان الاجتماعي.......([3])

ولكن هذا التعريف تدحضه بعض الحالات التي تحدث فيها الجريمة بسبب تغلب الآثار على الأثرة وليس العكس مثل حالة أب يسرق ويعرض نفسه للعقاب ليطعم أطفاله الجائعين ,او أم تنحرف الى طريق البغاء بعد ان سدت بوجهها كل منافذ العمل الشريف لتعيل أسرتها ,ولونظرنا الى الجريمة بهذا المفهوم الواقعي لوجدنا كما هائلا من الجرائم التي لاتنطبق عليها اشتراطات هذا التعريف ,فالأجرام ليس في الحقيقة هواية او شغف او نوع من الأنانية والفردية في كل حالاته

3)الجريمة من الناحية القانونية:

لم يجمع الفقهاء الجنائيين على تعريف موحد للجريمة بل هناك تعريفات متعددة لها فقد عرفها سذرلاند بأنها السلوك الذي يخرق قانون العقوبات......([4])

كما عرفها غالبية الفقهاء بأنها:فعل او امتناع يرتب القانون على ارتكابه عقوبة ,ويعرفها الدكتور محمد خلف بأنها: كل فعل او امتناع ممنوع قانونا تحت طائلة العقوبة او التدبير الوقائي.

ولكن كل هذه التعريفات القانونية لا تعطي المعنى الكامل للجريمة فكم من فعل يعاقب عليه قانون دولة ما بينما هو مباح حسب قانون دولة أخرى ,وحتى في نفس الدولة وفي فترات زمنية مختلفة ,كشرب الخمر في الجماهيرية بعد الثورة تم منعه وأصبح من الجرائم التي يعاقب عليها القانون ,مع انه كان مباحا فيما سبق......([5])

4)الجريمة من الناحية الاجتماعية:

هي السلوك المخالف لما ترتضيه الجماعة "..وعلماء الاجتماع يرون الجريمة تشمل جميع الأفعال المرفوضة اجتماعيا...([6])

المجرم:

المجرم:هو كل شخص يفعل او يمتنع عن فعل ما ويتعارض فعل او امتناعه مع قيم والمصالح الاجتماعية،ويصدر حكما ً بإدانته حسب القوانين المعمول بها في مجتمعه..([7])

كما يعرف سذرلاند المجرم الشخص الذي يرتكب جريمته....([8])

ويعرفه بوزاوبنايل بأنه (مرتكب الفعل المجرم)... أما المجرم في نظر القانون هو الشخص الذي يرتكب جريمة بمفهومها القانوني وإصدار القضاء حكما بإدانته وأصبح هذا الحكم نهائيا ً غير قابل للطعن فيه أما المجرم في علم الأجرام فيرى العلماء المختصين بهذا العلم ان التعريف القانوني للمجرم لا يفي بالغرض المنشود من وراء دراستهم وهم يضيفون لهذه الدراسة أيضا المتهمين في مرحلة المحاكمة والمقبوض عليهم في مرحلة التحقيق، ويتوسع بعض علماء الأجرام في المجرم ويخضعون لأبحاثهم المجرم الحقيقي وهو المجرم الذي اقترف جريمة سواء أكان في السجن أم خارجه...([9])

السلوك الإجرامي:

تفسير السلوك الإجرامي عند سذرلاند:

يرى سذرلاند بان الفرد يتأثر بالنماذج الثقافية المحيطة به مالم تكن هنالك نماذج أخرى تتصارع معها وتوجهه على وجهة أخرى، كما يرى بان الجريمة متأصلة في التنظيم الاجتماعي وهي معبرة عنه وسلوك أي فرد يتحدد في ثلاث أنماط النمط الإجرامي، النمط المعادي للأجرام، وبناء على هذه الأسس ترتكز نظريته التي يمكن إبراز عناصرها وفق المفهوم الأتي:

• السلوك الإجرامي لا ينتقل بالوراثة إنما يكتسب بالتعلم، وعلى هذا الأساس فأن الفرد الذي لم يتدرب على الجريمة لا يستطيع الإتيان بسلوك أجرامي من تلقاء نفسه، وهو كالفرد الذي لم يتعلم الميكانيكا فلا يمكنه القيام باختراعات ميكانيكية

• تتم عملية تعلم السلوك الإجرامي من خلال الاتصال الاجتماعي أوبالتداخل والتفاعل بين الفرد وأشخاص آخرين، وهذا يتيح التوصل الى نتيجة مؤداها الاتصالات غير الشخصية كالسينما والصحف وغيرها من وسائل الاتصال العامة لاتقوم إلا بدور محدود في تكوين السلوك الإجرامي....([10])

• يختلف السلوك الإجرامي أو السلوك المعادي له باختلاف عمليات التكرار والاستمرار والأسبقية والعمق، فكلما تكرر الاتصال بالأنماط المنحرفة، او كلما طالت مدته كلما تدعم الاتجاه نحو الانحراف وترجحت كفته، وإذا كان السلوك قد ترسخ لدى الفرد في سن مبكرة ولازمه في مراحل حياته، فأن أمر تأثيره سيكون اشد لدفعه الى طريق الجريمة، وعمق التأثير تبدو أهمية في موفقه من الاختيار والمفاضلة بين الاتجاهات المختلفة التي تتنازعه....([11])

• لا يجوز تفسير السلوك الاجرامي باعتباره يعبر عن حاجات وقيم عامة لان السلوك السوي قد يعبر عنها أيضا، فاللص يسرق للحصول على المال، والعامل يكد ويعمل للحصول على المال، فهذه الأمور تشبه إلى حد بعيد عملية التنفيس في جسم الإنسان باعتبارها لا غنى عنها للقيام بأنواع السلوك كافة، ولكنها غير صالحة للتمييز بين السلوك الاجرامي والسلوك الغير أجرامي.....([12])

العودة إلى الجريمة:

يقصد بالعودة إلى الجريمة قانونيا معاودة الشخص للفعل الاجرامي بعد إن تم الحكم عليه نهائيا بالإدانة في جريمة وارتكب جريمة أخرى.

إن الجريمة التي تحقق حالة العودة بحيث أن تكون جديدة أي مستقلة عن الجريمة السابق صدور الحكم فيها...([13])

ماهية الجريمة:تقوم حول الجريمة أفكار ومفاهيم متعددة ومتباينة فمن أبرزها المفهوم القانوني والاجتماعي والأخلاقي والطبيعي، ومع هذا العدد لتلك الطبيعة المركبة لعلم الأجرام، فهو علم يعتمد في أبحاثه ودراساته على علوم ومعارف أخرى منهجيا وموضوعيا، لذا أثار الجدل حول معنى الجريمة في علم الأجرام...([14])

النظريات المفسرة للجريمة:

اولا: نظرية لومبروزو

ثانيا: نظرية هوتون

ثالثا: نظرية فرويد

اولا نظرية لومبروزو:

كان لومبروزو اول من نبه اذهان الباحثين في علم الاجرام إلى دراسة شخصية المجرم على اساس علمي سليم، ووضع لومبروزو نظرية التي ضمنها في كتابه الشهير عن الرجل المجرم الذي اصدره في سنة 1876، ويرى لومبروزو أن المجرم يتميز عن غيره بصفات خاصة عضوية ونفسية، فمن الناحية العضوية لاحظ أن للمجرم ملامح خاصة تظهر في عدم انتظام جمجمته وكثافة الشعر في رأسه وجسمه وضيق في جبهته وضخامة فكية وطول أذنيه أو قصرهما وعدم انتظام أسنانه وفرطحة انفه وطول إطرافه، وقام لومبروزو إثناء عمله الطبي بتشريح جثة مجرم خطير، فتبين له وجود غور في أخر الجمجمة ومشابه لما وجده في جماجم الحيوانات الدنيا، فاستخلص أن المجرم نوع شاذ من الناس يختلف عنهم في تكوينه ومن الناحية النفسية للمجرم يرى لمومبروزو كثرة وجود الوشم الذي يرسمه المجرمون على أجسامهم وميز المجرمين صفات نفسية, أهمها ضعف إحساسهم بالألم وغلظة قلوبهم، وقلة شعورهم بالخجل وانتهى من دراساته إلى القول بان المجرم شخص مغلوب على أمره، لانه مجرم بالفطرة في نظره...([15]) ولا يمكن لأحد ان ينكر ان هذه النظرية كان لها فضل السبق في دراسة جسم الانسان من الناحيتين العضوية والنفسية بحثا في ثناياه عن عوامل السلوك الاجرامي، ومع ذلك، انتقدت هذه النظرية فقد قيل ان لومبروزو أسرف في تمييز المجرمين بصفات جسدية معينة، مما لا يشك فيه ان في مثل هذه العيوب توجد في اشخاص غير مجرمين وهذا يثير الشك حول قيمة النتائج التي توصل إليها.. فقد أقام لومبروزو دراسته التجريبية على أجساد مجموعة من المجرمين بعضهم من الأحياء وبعضهم من الأموات، وبمقتضى البحث العلمي السليم ان يقيم دراسته مقابلة على عدد مماثل من غير المجرمين حتى يستطيع ان يقطع الشك ويميز المجرمين عن غيرهم ولكنه لم يفعل، وقد قام بعض العلماء في أوائل القرن الحالي بدراسته لعدد كبير من المجرمين وعدد مماثل ممن لم يجرموا بقصد التحقق من مدى صحة نظرية لومبروزو فتبين لهم ان هذه الصفات كما قد توجد في نسبة معينة من المجرمين فأنها توجد في نفس النسبة تقريبا لدى غير المجرمين، واهتمت نظرية لومبروزو بدراسة أعضاء وشخصية المجرم فحسب باعتبار من الدوافع إلى السلوك الإجرامي يكمن فيها وأغفلت بدراسة جميع العوامل الاجتماعية أو البيئية مع انها تدفع إلى الجرائم، ويرى لومبروزو ان المجرم يشبه الرجل البدائي...([16])

ثانيا: نظرية هوتون:

كان لنظرية لومبروزو دويا كبيرا في أوربا وأمريكا فانتقدها البعض ورأوا فيها قصورا، وقبلها البعض الاخر وكان على رأسهم الأستاذ الأمريكي "هوتون" الذي أراد ان يؤكد صحة هذه النظرية فقام بدراسة ما يقرب من أربعة عشر إلف من المجرمين الذين أدانهم القضاء وقام كذلك بدراسة مجموعة من غير المجرمين فتبين وجود صفات خاصة موروثة يتميز بها المجرمون وتتعلق بشكل الأعضاء ومقاييسها واستخلص هوتون من دراساته أن المجرمين بعضهم يتميز بارتكاب نوع معين من الجرائم تميزهم عن غيرهم من المجرمين، فمثلا هناك صفات تميز مرتكب الجرائم التي تقع ضد الأشخاص، وصفات أخرى تميز مرتكبي الجرائم العرض وصفات تميز مرتكبي جرائم المال وغيرها من الجرائم وانتقدت نظرية هوتون على انها أقامت أبحاثها على مجموعة من نزلاء السجون على اساس ان هؤلاء يمثلون المجرمين كلهم، والحقيقة غير ذلك فهؤلاء هم فقط الذين ثبت لدى القضاء إجرامهم ومن المؤكد انه يوجد خارج السجون من ارتكب الجريمة ولم يكتشف أمره، أو قضى ببراءته لعدم كفاية الأدلة، ويوجد خارج السجون كثير من المجرمين الذين حكم عليهم بعقوبة الغرامة، أو حكم عليه بعقوبة سالبة للحرية مع إيقاف التنفيذ وانتقد هوتون قوله باختلاف نوع الجريمة المرتكبة، ذلك ان استخلاص هذه النتيجة من دراسة الجريمة التي دخل من اجلها المجرم السجن، بينما قد يكون ارتكب قبل ذلك جرائم من نوع آخر لذلك فان القول بوجود صفات معينة في مرتكبي جرائم الأشخاص وصفات أخرى مغايرة في مرتكبي جرائم الأموال يعني وجود تخصص دائم بين المجرمين في ارتكاب نوع معين من الجرائم وهو أمر ان صح وجوده، فان الواقع كثيرا ما يكذبه وهذه النظرية يعيبها كما يعيب نظرية لمبروزو واقتصارها على العوامل الفردية وإغفالها عن كل تأثير للعوامل الاجتماعية.

ثالثا: نظرية فرويد:

بدا فرود تفسيره للسلوك الاجرامي بتقسيم النفس الى ثلاث اقسام:

1. قسم الذات: هو ذلك القسم من النفس الذي يحوي الميول الفطرية والاستعدادات الموروثة والنزعات الغريزية، وتقف هذه الرغبات والميول فيما وراء الشعور او اللاشعور،

2. قسم الانا: هو الجانب العاقل من النفس، وهو الجانب الشعوري الذي يلمس الواقع، فهو يحاول ان يقيم نوعا من الانسجام وتآلف وتكيف بين النزعات الفطرية الغريزية من جهة، ويبن العادات والتقاليد والمبادئ الاجتماعية من جهة اخرى، فان جانب التوفيق عمدا اما الى التسامي بالنشاط الغريزي، او الى رده وكبته في منطقة اللاشعور.

3. قسم الانا العليا: يمثل الجانب المثالي من النفس البشرية، حيث توجد فيه المبادئ السامية وتكمن الروادع التي تولدها القيم الدنية والخلقية والاجتماعية، وهو ما يعرف بالضمير، ومهمته مراقبة الانا ومساءلتها عن أي تقصير في أداء وضيفتها التوجيهية للنزعات الفطرية.

ويرجع فرويد السلوك الاجرامي اما الى عجز الانا عن تكييف الميول الفطرية والنزعات الغريزية لدى الشخص مع متطلبات وتقاليد الحياة الاجتماعية، او التسامي بها او عن كبتها وإخمادها في اللاشعور، وإما الى انعدام وجود الانا العليا او عجزها عن أداء وظيفتها في الرقابة والردع أورد فرويد عدة امثلة لما يحدث في جوانب النفس البشرية من خلل واضطراب نذكر منها عقدة أوديب وعقدة الذنب وهما كالآتي:

1. عقدة أوديب: من بين الغرائز الكامنة في نفس الشخص الغريزة الجنسية التي يختلف اتجاهها بحسب مراحل العمر المختلفة، ففي الطفولة الأولى تتجه إلى الطفل ذاته، فيحب نفسه ويعجب بها / وفي مرحلة تالية تتجه نحو الغير فيميل الطفل في اول هذه المرحلة نحو أفراد من جنسه، ثم في فترة لاحقة تبدأ الغريزة الجنسية في النضوج وتتخذ وجهتها السليمة فيميل الشخص نحو الجنس الاخر، ويجد الطفل ضالته من الجنس الاخر في واحد من والديه فتحب الفتاة أباها ويحب الفتى أمه، ويترتب على ذلك ان تكره الفتاة أمها ويكره الفتى أباه لشعور كل منهما بأنه منافس له لهذا الحب.

عقدة الذنب: ان من عوامل السلوك غير الاجتماعي الاضطراب النفسي الذي يرجع الى ضعف الانا العليا او انعدامها، ولكن قد يحدث ان تستعيد الانا العليا بعد ارتكاب هذا السلوك قوتها او وجودها , وتقوم بمهمتها في زجر الانا ولومها على ضعف رقابتها الذي أدى الى سلوك هذا السبيل، هنا يتولد لدى الشخص الشعور بالذنب وبالجدارة وبالعقاب، ويظل هذا الشعور عن طريق تحمله عقاب الجريمة.

واهتمت نظرية فرويد بجانب هام من جوانب الشخصية الإنسانية عن طريق الجانب النفسي منها، هذا التحليل الذي يفسر في كثير من الحالات ارتكاب بعض الجرائم وتعرضت نظرية فرويد الى النقد فمن ناحية لا توجد صله حتمية بين الخلل النفسي والجريمة، فكثيرا ما يكون الشخص مريض النفس ولا يلجا الى الجريمة وقيل كذلك بان هذه النظرية لا تستطيع ان تقدم برهانا ً علميا على صحتها...([17])

الإجراءات المنهجية للدراسات الميدانية والخصائص المميزة لمجتمع البحث

المبحث الأول: الإجراءات المنهجية للبحث:

اولا: نوع الدراسة ومنهجيتها:

تعد الدراسة من الدراسات الوصفية التحليلية... ([18]) واستعمل فيها:

1- المسح الاجتماعي: أسلوب لجمع البيانات عن جماعة معينة في بيئة محدودة من حيث المعيشة ومناشطها وتكوينها الاجتماعي وكما يستخدم هذا في ميادين متعددة في الاتصال المباشر بين الجماعات والأفراد، وهو يشبه العينة بإطارها العام ولكن الفرق الوحيد بينهما هو " حجمها " أي ان حجم المسح الاجتماعي للمجتمع الكوني باكمله بينما تأخذ العينة

عددا قليلا من الأفراد.اما تحديد الموضوعات التي يدرسها المسح الاجتماعي بشكل دقيق فهي:

• مواضيع تتعلق بالصفات السكانية للمجتمع.

• مواضيع تتعلق بالمحيط الاجتماعي التي تهدف الى معرفة أحوال السكن، وكيفية توزيع الدخل والمهنة ومعرفة كيف يعيش الناس.

• مواضيع تتعلق بالأنشطة الاجتماعية التي تهدف الى معرفة ماذا يعمل الناس في حياتهم اليومية وما هو سلوكهم اليومي وكيف يقضون أوقات فراغهم.

مواضيع تتعلق بالرأي العام ومواقفه لمعرفة اتجاهه إمام الإحداث السياسية والدينية والتربوية للإفراد.

2- المنهج الوصفي: يعتبر المنهج الوصفي منهجا لجمع وتحليل البيانات الاجتماعية من خلال مقابلات مقننة أو من خلال استبيانات (استمارات) البحث وذلك بغرض الحصول على معلومات من إعداد كبيرة من المبحوثين يمثلون مجمعا معينا.

3- المنهج التاريخي: هو المنهج الذي يستخدم الإحداث التاريخية لتحليل ظاهرة معينة لفهمها وتفسيرها وتكون الاحداث التاريخية مسجلة في شكل صور , وادوات ومعدات ومباني ووثائق مكتوبة، وتتضمن الوثائق المكتوبة الرسائل، والمذكرات، والأوامر الرسمية، القوانين، اللوائح وكتابات الاخرين عن الظاهرة التي تعنيها الدراسة ويمثل تاريخ المجتمع الإنساني واقع النشاطات الاجتماعية لفترة زمنية معينة مضى عليها الزمن وفات، وبسبب صعوبة ملاحظة الاحداث الماضية بشكل مباشر يميل الى استخدام الأدوات التاريخية.

4- المنهج المقارن: هو احد المناهج التي يقوم الباحث الى اكتشاف الخصائص الكلية لظاهرة في ماضيها او حاضرها، ومستقبلها عن طريق المضاهاة وإبراز الصفات المتشابهة المختلفة بين ظاهرتين او مجتمعين ومعرفة درجة تطور او تقهقر الظاهرة عبر الزمن..([19])

ثانيا ً: العينة، تعريفا ً، أنواع العينات:

ألعينه تكون بمثابة النموذج الصحيح والصادق لمجتمع الأصل.

ان مفهوم العينة يعني انعكاس شامل لصفات مجتمع الأصل وهي نسبة معينة مأخوذة من المجتمع الأصلي، وهذه النسبة تساعد الباحث على الوصول الى مجتمع الدراسة ويقدم للتنبؤ عن مستقبل الظاهرة او المشكلة وهي جزء محدد كما ونوعا, تمثل عددا من الأفراد يحملون نفس الصفات الموجودة في مجتمع الدراسة.اما مجتمع البحث في هذه الدراسة فهو جميع المردوعين البالغ عددهم 42 مودعا ً.

ثالثا ً: مجالات البحث:

2. المجال المكاني: تم تحديد مؤسسة الإصلاح والتأهيل (بابل) مجالا مكانيا.

3. المجال الزماني: يعرف على انه الفترة ألزمنيه التي يستخدمها الباحث في عملية جمع البيانات وقد امتدت الدراسة من 1/3/2004 وحتى 7/5/2004.

4. المجال البشري: أجرى البحث على مؤسسة الإصلاح في محافظة بابل على الذين أعادوا ارتكاب الجريمة مرة اخرى.

أدوات جمع المعلومات:

• المسح المكتبي: هي عملية البحث عن الكتب والمراجع وإمكانية الحصول عليها ووفرتها والجهود المبذولة من أجل الحصول على هذه المراجع والوثائق.

استخدام المسح المكتبي: تعتبر المكتبة من المصادر التي لا غنى عنها للباحث في القراءة والبحث على المعلومات، ويصعب ان تتصور أجراء بحث معين دون ان يرجع الباحث الى المكتبة، ويستخدم مصادرها من الكتب والمراجع.

• المقابلة: تعتبر من أكثر وسائل الحصول على البيانات شيوعا، ويتوفر نجاحها على مستوى التخطيط لها من جهة، وعلى الكيفية التي تتبع في تسجيل المعلومات والبيانات التي تسفر عنها هذه المقابلة من جهة اخرى، كما يمكن عن طريق المقابلة جمع البيانات وجها لوجه مع المبحوث.

وتعرف المقابلة بأنها " تفاعل لفظي يتم عن طريق موقف مواجهة يحاول فيه الشخص القائم بالمقابلة ان يثير معلومات وأراء ومعتقدات.

• الاستبيان: (استمارة البحث _ تعريفها وأنواعها).

تعرف الاستمارة بأنها نموذج يضم مجموعة من الأسئلة التي توجه الى الأفراد بهدف الحصول على بيانات معينة، وقد ترسل باليد او تسلم الذين تم اختيارهم لموضوع الدراسة ليقوما بتسجيل إجاباتهم على الأسئلة الواردة بها وإعادتها ثانية، ويتم ذلك كله دون مساعدة الباحث للإفراد سواء في فهم الأسئلة او تسجيل الإجابات عليها.

5- عملية تفريغ البيانات: بعد الانتهاء من العمل الميداني وملء استمارات البحث قام الباحثين بعملية تفريغ البيانات على استمارة الترميز ثم تحويلها الى أرقام بهدف وضعها في جداول إحصائية والتعليق عليها.

6- عملية التحليل الإحصائي: بعد وضع البيانات في جداول إحصائية بسيطة تم تحليلها إحصائيا واستخدام النسب المئوية في جميع مراحل التحليل.

النسبة المئوية = (الجزء / الكل) x 100 ([20])

نتائج البحث:

أما أهم النتائج التي توصل إليها البحث من خلال العمل الميداني أن أهم العوامل التي دفعت المبحوثين بالعودة الى الجريمة هي عوامل خارجية، خارجة عن إرادة المبحوثين مثل الوضع الاقتصادي، عدم توفير فرص العمل، فضلا عن عدم حصول المبحوثين باهتمام كافي من أسرهم والمجتمع، كان هذا دافع الى عدم تكيفهم مع الوضع الاجتماعي، وبالتالي دفعهم الى الجريمه، والنتيجة الاخرىالتي ظهرت من جراء العمل الميداني هي ان تقليد المبحوثين لأفلام العنف والجريمة، فضلا عن ذلك أن معظم المبحوثين يعانون من عدم تقبل المجتمع لهم بعد خروجهم من المؤسسة الاصلاحيه مما يجعل تكيفهم مع المجتمع صعب فضلا عن ذلك أن من أهم الاسباب التي دفعت بالمبحوثين الى العودة الى الجريمة هو عدم توفر فرص

العمل المناسبة، ويرى البعض ان البطالة تمثل حاله دافعية للسلوك الإجرامي. كما يرى بعض المبحوثين أن أغلب البرامج الاصلاحي داخل المؤسسه غير مقيدة وانها بحاجة الى تطوير وتغير. وفي نهاية البحث لابد من التاكيد على عدة توصيان منها ما يتعلق بضرورة قيام المؤسسات الاصلاحية في دور مهم في تأهيل السجناء وتعليمهم وتقديم الرعاية الاجتماعية والنفسية لهم فضلا عن ذلك العمل على توعيتهم اجتماعيا وقانونيا بأضرار الفعل الإجرامي وتوضح الأضرار التي تلحق بهم وبالمجتمع.والاهم من هذا هو توفير فرص عمل بعد خروجهم من المؤسسات الإصلاحية وضرورة قيام وسائل الأعلام بتوعية المجتمع بضرورة إرجاع هولاء في المجتمع والتعامل معهم بشكل ايجابي يشعرهم بانتماء إلى الأسرة والمجتمع. امااهم المصادر التي استخدمت البحث

1. محمد خلف، مبادىء علم الأجرام، مطابع الجماهير، مصر 1986

2. الحسن، إحسان محمد، طرق البحث الاجتماعي، بغداد 1981

3. فوزية عبد الستار، مبادىء علم الأجرام وعلم العقاب، دار النهضة العربية بيروت، 1985.

4. عبد الحميد كارة، مقدمة في الانحراف الاجتماعي، بيروت 1985.

5. العيسوي، عبد الرحمن، علم النفس الجنائي، الإسكندرية 1981.

6. الدوري،عدنان، أسباب الجريمة وطبيعة السلوك الإجرامي، الكويت 1973.

7. علي، جعفر علم الأجرام والعقاب، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر الطبعة الأولى 1992.

الهوامش

 


 

[1]_ - محمد خلف ,مبادىء علم الأجرام ,دار المعرفة القاهرة ,1986,ص 21

[2]_ -نفس المصدر السابق ,ص22

[3]_ -رمسيس بهنام ,المجرم تكوينا وتقويما ,دار المعارف,الإسكندرية ,1983,ص30

[4]_ - محمد خلف ,المصدر سابق ,ص30

[5]_ -محمد خلف ,مصدر سابق ,ص030

[6]_ فوزية عبد الستار، مبادى علم الاجرام، وعلم العقاب، دار النهظه العربية، بيروت، 1985، ص 14

[7]_ عبد الحميد كارة، مصطفى، مقدمة الاجتماعي، معهد الانماء العربي، بيروت،1985، ص 17.

3 خلف محمد، مبادىء علم الاجرام، مصدر سابق ص، ص 29.

[9]_ خلف محمد، مبادىء، علم الاجرام،، مصدر سابق، ص 29.

[10]_ جعفر علي، علم الاجرام والعقاب دراسة تحليلية لظاهرة الأجرام والسياسة العقابية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الاولى،1992، ص 30، ص31.

[11]_ خلف محمد , مبادىء علم الاجرام، مصدر سابق، ص 42.

[12]_ المصدر نفسه، ص43

[13]_ العسيوي، عبد الرحمن، علم النفس الجنائي، دار المعارف الجامعية، الإسكندرية، ص 110.

[14]_ نفس المصدر السابق ص 111

[15]_ - فوزية عبد الستار، مباديء علم الاجرام وعلم العقاب، المكتبة الجامعية، بيروت، 1985، ص 38.

[16]_ - المصدر السابق ص 41.

[17]_ مصطفى، عبد المجيد كارة، مقدمة في الانحراف الاجتماعي، مطبعة العربي، بيروت، لبنان، 1985، ص62

[18]_ الحسن، احسان محمد، طرق البحث الاجتماعي.

[19]_ عبد الباسط، احوال البحث الاجتماعي، دار المعرقة الجامعية، القاهرة، 1981، ص 32

[20]_ الحسن، احسان محمد، طرق البحث الاجتماعي، مطابع الحريه، بغداد 1980، ص36