المادة: أصول الفقه
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon 009.doc

القرآن الكريم

  • تعريفه

لان القرآن الكريم معلوم ومعروف عند جميع المسلمين, ولا يختلف اثنان منهم في أنه هذا المتداول بين أيديهم لا نحتاج الى تعريفه, ولكن الاصوليين اهتموا ببيان مفهومه, وذلك ليميزوا بينه وبين ما سواه مما صدر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مما قد يتوهم أنه من القرآن.

وحرصوا على أن يكون التعريف وعن طريق القيود الاحترازية التي يذكرونها فيه مخرجا لما أشرت اليه عن دائرة مفهوم القرآن الكريم, وهي المواد التالية:

1- الكتب الالهية الاخرى كالتوراة والانجيل والزبور وما سواها.

2- الحديث القدسي.

3- السنة الشريفة.

4- القراءات غير المتواترة.

5- تفسير القرآن.

6- ترجمة القرآن.

ومما عرف به القرآن:

هو كلام الله المنزل على خاتم الانبياء باللفظ العربي المتعبد بتلاوته المكتوب في المصاحف المنقول الينا نقلا متواترا.(1)

 هو الكلام المنزل على الرسول, المكتوب في المصاحف المنقول الينا نقلا متواترا(2).

وأسد التعريفات تعريف استاذنا السيد الحكيم في كتابه (الاصول العامة للفقه المقارن) القائل: (( والمراد بالكتاب هنا هو كتاب الله عزوجل الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ألفاظا ومعاني واسلوبا, واعتبرة قرآنادون أن يكون للنبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل في انتقاء ألفاظه أو صياغته )).

 

  • وأهم سمات القرآن الكريم هو:

1- انه وحي من الله تعالى أنزله على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

(وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى).

(وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين).

(وما هو بقول شاعر قليلا ما تذكرون * تنزيل من رب العالمين * ولو تقول علينا بعض الاقاويل * لاخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم منأحد عنه حاجزين).

(واذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذاأو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي أن أتبع الا ما يوحى الي اني أخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم).

2- انه تحدى بلغاء العرب باسلوبه البياني فعجزوا عن مجاراته:

(أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون * فليأتوا بحديث مثله ان كانوا صادقين).

(أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين).

(أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين).

(وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعواشهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين).

3- انه محفوظ من قبل الله تعالى من أن يتطرق اليه الزيغ:

أي انه لا تناله يد التحريف والتغيير في لفظه ونظمه.

(انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون).

(وانه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد).

وقد أثبت الواقع فشل كل محاولات النيل من واقع القرآن سواء في لفظه أونظمه.

4- هدايته للناس:

(أن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم).

(اني تارك فيكم أمرين لن تضلوا ان اتبعتموهما, وهما: كتاب الله, وأهل بيتي عترتي, اني سألت ربي ذلك لهما, فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا, ولا تعلموهم فانهم أعلم منكم)(3) .

5- صدق اخبارة بالمغيبات:

كالذي جاء في اخباره بما يصيب الوليد بن المغيرة عندما قال عن القرآن الكريم (انه أساطير الاولين) حيث اصيب بالسيف في أنفه يوم بدر, وذلك فيقوله تعالى: (اذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الاولين * سنسمه علىالخرطوم).

6- كشفه عن الحقائق العلمية:

(وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه).

(والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم).

  • حجيته:

يستمد القرآن الكريم حجيته باعتباره مصدر تشريع من أنه منزل من الله تعالى, وبه يكتسب مشروعية وشرعية الاستدلال به.

وقد ثبتت صحة نسبته الى الله تعالى بالاعجاز حيث تحدى العرب أن يجاروه في اسلوبه البياني ولو بالاتيان بسورة من مثله, فعجزوا عن ذلك .

وفرق بلغاؤهم بين اسلوب القرآن في نظمه وبيانه وكلام النبي محمد صلى الله عليه وسلم بما لا يتطرق اليه الريب في أن القرآن ليس من قول محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

والاعجاز البياني للقرآن الذي يثبت صحة صدورة عن الله تعالى مصاحب وملازم للقرآن حتى يرث الله الارض ومن عليها.

والمسلمون على تكاثر أجيالهم وامتداد تاريخهم يؤمنون بهذا ويدركون واقعه ادراكا واعيا وحيا.

ولا دليل أقوى وأقوم من هذا في الاثبات حيث يفوق مستوى التواتر في الرواية.

فالقرآن اذن من حيث السند والاسناد هو قطعي الصدور عن المعصوم وهوالله تعالى, فلا اشكال ولا ريب في حجيته من هذه الناحية.

أما من حيث الدلالة فالقرآن فيه المحكم والمتشابه لقوله تعالى:

(منه آيات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات).

والمحكم: هو الذي يفهم معناة, اما لانه نص فيه, واما لظهوره فيه, واما عن طريق تأويله.

والمتشابه: هو الذي لا يفهم معناه الا برده الى المحكم عن طريق ما يؤثر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تفسير أو تأويل صح اعتبارهما.

وينقسم المتشابه الى:

أ- المؤول: وهو الاحتمال المرجوح.

ب- المجمل: وهو الذي لا يبين معناه المقصود منه.

والمحكم لانه بين الدلالة ينقسم كأي قول آخر مبين الى:

1- النص:

وهو قطعي الدلالة.

وحجيته قائمة بذاته لانه يقين, وليس وراء اليقين حجة, واليه ترجع جميعالحجج تستمد حجيتها منه, لبداهة حجيته.

2- الظاهر:

وينقسم الى:

أ- مقترن بما يفيد القطع.

وشأنه من حيث الحجية شأن النص.

ب- غير مقترن:

وهو ظني الدلالة.

 

  •  الخلاصة:

 اللفظ القرآني

المحكم المتشابه

 النص الظاهرالمؤول المجمل

 مقترن غيرمقترن

ويقول صاحب كنز العرفان في تعريفها: (( اللفظ المفيد وضعا:

 ان لم يحتمل غير ما فهم منه بالنظر اليه فهو النص.

 وان احتمل:

 فان ترجح أحد الاحتمالين بالنظر اليه فهو الظاهر.

 والمرجوح المؤول.

 وان تساوى الاحتمالان فهو المجمل.

 والقدر المشترك بين النص والظاهر هو المحكم .

 والمشترك بين المجمل والمؤول هو المتشابه.

وقد يتركب بعض هذه مع بعض.

مثال النص: قوله تعالى: (قل هو الله أحد) اذ لا يحتمل غير الوحدانية.

مثال الظاهر: (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم).

مثال المؤول: (يد الله فوق أيديهم) في ارادة القدرة.

مثال المجمل: (والليل اذا عسعس) في احتمال: أقبل وأدبر ))(4).

  • حجية ظواهره:

ويستمد الظاهر غير المقترن حجيته من الدليل المتكفل لاثبات حجية الظهور ومشروعية العمل بالظواهر.

وسيرة العقلاء دليله حجية الظهور بعامة.

ومضافا الى ان سيرة المسلمين في التعامل مع ظواهر القرآن بالاخذ بها والاعتماد على مؤدياتها دليله حجية ظهورات القرآن بخاصة.

هذا هو رأي جمهور المسلمين بما يكاد يرقي الى مستوى الضرورة ومنهم أصحابنا الاصولية من الامامية.

وفي مقابل هذا الرأي ذهب أكثر الاخبارية من الامامية الى عدم جوازالاخذ بظواهر القرآن الا عن طريق ما فسر به من أحاديث رويت عن أئمة أهل البيت عليهم السلام .

وقد ذكر هذه المسألة المحدث البحراني في المقدمة الثالثة من كتابه (الحدائق الناضرة), وذكرها أيضا وبشيء من التفصيل في كتابه (الدرر النجفيةص171 ومابعدها).

قال في الدرر النجفية: (( لا خلاف بين أصحابنا الاصوليين في العمل بالقرآن في الاحكام الشرعية, والاعتماد عليه, حتى صنف جملة منهم كتابا في الايات المتعلقة بالاحكام الشرعية, وهي خمسمائة آية عندهم .

وأما الاخباريون منهم وهو المحدث الامين الاستر آبادي قدس سره, ومن تأخر عنه, فانه لم يفتح هذا الباب أحد قبله فهم في هذه المسألة ما بين الافراط والتفريط.

فمنهم من منع فهم شيء منه مطلقا, حتى مثل قوله تعالى: (قل هو الله أحد) الا بتفسير من أصحاب العصمة عليهم السلام, قال المحدث الفاضل السيد نعمة الله الجزائري رحمه الله في بعض رسائله: اني كنت حاضرا في المسجدالجامع من شيراز, وكان الاستاذ المجتهد الشيخ جعفر البحراني والشيخ المحدث صاحب جوامع الكلم (يعني السيد محمد بن علي الشهير بالسيد ميرزا الجزائري استاذ السيد نعمة الله الجزائري) يتناظران في هذه المسألة فانجر الكلام بينهما حتى قال له الفاضل المجتهد: ما تقول في معنى: (قل هو الله أحد) فهل يحتاج في فهم معناها الى الحديث?! فقال: نعم, لا نعرف معنى الاحدية, ولا الفرق بين الاحد والواحد ونحو ذلك الا بذلك ... انتهى.

ومنهم من جوز ذلك حتى كاد يدعي المشاركة لاهل العصمة في تأويل مشكلاته, وحل مبهماته, وبيان مجملاته, كما يعطيه كلام المحدث المحسن الكاشاني في مقدمات تفسيرة (الصافي) جريا على قواعد الصوفية الذين يدعون مزاحمة الائمة عليهم السلام في تلك المقامات العلية, كما لايخفى على من تتبع كلامه في تفسيرة المشار اليه.

والتحقيق في المقام أن يقال: ان الاخبار متعارضة من الجانبين, ومتصادمة من الطرفين, الا أن أخبار المنع أكثر عددا, وأصرح دلالة )).

ثم ذكر أخبار جمع القرآن منتهيا بذكر حديث الثقلين (أني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض), ومعلقا عليه ب(( أن الظاهر من عدم افتراقهما انما هو باعتبار الرجوع في معاني القرآن الىالعترة صلوات الله عليهم, ولو تم فهمه كلا أو بعضا بالنسبة الى الاحكام الشرعية والمعارف الالهية بدونهم عليهم السلام لصدق الافتراق ولو في الجملة, فهو خلاف ما دل عليه الخبر, فان معناة: أنهم عليهم السلام لا يفارقون القرآن, بمعنى أن أفعالهم وأعمالهم وأقوالهم كلها جارية على نحو ما في الكتاب العزيز, والقرآن لا يفارقهم بمعنى أن أحكامه ومعانيه لا تؤخذ الا عنهم )).

وواضح من كلامه قدس سرة أن ذهابهم هذا المذهب جاء نتيجة ما وقفوا عليه من أحاديث تمنع من تفسير القرآن بغير ما يروى عن أهل البيت, وذلك لان أهل البيت هم الذين خوطبوا به, ولا يفهمه الا من خوطب به, وهي أمثال:

 مرسلة شبيب بن أنس عن بعض أصحاب أبي عبدالله عليه السلام في حديث: (( ان أبا عبدالله عليه السلام قال لابي حنيفة: أنت فقيه أهل العراق?

قال: نعم .

قال: فبم تفتيهم ?

قال: بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم .

قال: ياأبا حنيفة, تعرف كتاب الله حق معرفته? وتعرف الناسخ من المنسوخ?

قال: نعم .

قال: ياأبا حنيفة, لقد ادعيت علما ويلك ما جعل الله ذلك الا عند أهل الكتاب الذين أنزل عليهم, ويلك, ولا هو الا عند الخاص من ذرية نبينامحمدصلى الله عليه وآله وسلم, وما ورثك الله من كتابه حرفا ))(5).

 رواية زيد الشحام: (( قال: دخل قتادة على أبي جعفر عليه السلام,

فقال له: أنت فقيه أهل البصرة?

فقال: هكذا يزعمون.

فقال: بلغني أنك تفسر القرآن.

قال: نعم .

الى أن قال: ياقتادة, ان كنت قد فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت, وان كنت قد فسرته من الرجال فقد هلكت وأهلكت, ويحك ياقتادة,انما يعرف القرآن من خوطب به ))(6).

وهي الاحاديث التي أشار اليها الطبرسي في مقدمة تفسيرة (مجمع البيان)بقوله: (( واعلم أن الخبر قد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن الائمةالقائمين مقامه عليهم السلام أن تفسير القرآن لا يجوز الا بالاثر الصحيح والنص الصريح )).

لا سيما أن رواية زيد الشحام هي من مرويات (الكافي), وهم أعني الاخباريين يذهبون الى صحة صدور جميع مروياته عن المعصومين عليهم السلام .

يضاف اليه اعتقادهم بتواتر الروايات المشار اليها, كما صرح بهذا الحرالعاملي في (الوسائل) هامش الباب السادس من أبواب صفات القاضي قال:(( قد ورد أحاديث متواترة تزيد على مائتين وعشرين حديثا قد جمعتها في محل آخر دالة على عدم جواز استنباط الاحكام النظرية من ظواهر القرآن الا بعد معرفة تفسيره من كلام الائمة عليهم السلام, والتفحص عن أحوالهاوأنها محكمة أو متشابهة, ناسخة أو منسوخة, عامة أو خاصة, الى غيرذلك, أو ورد ما يوافقها من أحاديثهم الثابتة, وأنه يجب العمل بالكتاب والسنة.

وقد تقدم ذلك في حديث عبيدة السلماني.

لكن اذا كان ظاهر آية لا يوافقها حديث, ولا يعلم أنها ناسخة أو منسوخة,محكمة أو متشابهة, لم يجز الجزم بظاهرها, ولا الجزم بمخالفتها بغير نص, بل يجب الاحتياط لما يأتي ان شاء الله تعالى .

ولا يخفى ندور الفرض لكثرة النصوص في آيات الاحكام, والاستدلال بهامنهم عليهم السلام وورد ما يوافقها أو يخصصها )).

وحديث عبيدة السلماني الذي أشار اليه هو: (( عن عبيدة السلماني قال:سمعت عليا عليه السلام يقول: ياأيها الناس اتقوا الله, ولا تفتوا الناس بما لاتعلمون, فان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد قال قولا آل منه الى غيره,وقد قال قولا من وضعه غير موضعه كذب عليه, فقام عبيدة وعلقمة والاوسدواناس معهم فقالوا: ياأمير المؤمنين, فما نصنع بما قد خبرنا به في المصحف ?

فقال: يسأل عن ذلك علماء آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ))(7).

والذي يبدو من الظروف والاجواء التي قيلت فيها هذه الاحاديث وأمثالها,وهي أجواء الحملة العلمية الاعلامية التي قام بها أهل البيت عليهم السلام ضد اجتهاد الرأي عند أهل السنة, لئلا يتسرب هذا اللون من الاجتهادات الى القرآن الكريم فيخضع حتى ظواهرة للتفسير بحجة الاجتهاد, وفي هذا من الخطورة ما فيه.

الحملة التي كانت تتطلب أن تكون مكثفة ومتواصلة لصد, ورد أفاعيل هذا الاجتهاد الخطير والخطر لانه يعتمد التقديرات الشخصية التي قد تتدخل فيها الاهواء.

لهذا ركزت الروايات على لا بدية الرجوع الى أهل البيت لانهم الامناء على الوحي والحماة لحمى التنزيل.

وخير من عالج هذه المسألة أو المشكلة المنهجية الشيخ الانصاري في(الرسائل), ومن هنا رأيت أن أنقل كلامه بطوله لما فيه من أضواء كاشفةسلطها قدس سرة على الجوانب التاريخية في المشكلة والاخرى العلمية,وخرج منها بنتائج مهمة جدا, لا سيما في المنهج, قال:

انها (يعني الروايات) لا تدل على المنع عن العمل بالظواهر الواضحة المعنى بعد الفحص عن نسخها وتخصيصها وارادة خلاف ظاهرها في الاخبار,اذ من المعلوم أن هذا لا يسمى تفسيرا, فان أحدا من العقلاء اذا رأى في كتاب مولاه انه أمره بشيء بلسانه المتعارف في مخاطبته له, عربيا أو فارسيا أو غيرهما, فعمل به وامتثله, لم يعد هذا تفسيرا, اذ التفسير كشف القناع.

ثم لو سلم كون مطلق حمل اللفظ على معناه تفسيرا, لكن الظاهر ان المراد بالرأي هو الاعتبار العقلي الظني الراجع الى الاستحسان, فلا يشمل حمل ظواهرالكتاب على معانيها اللغوية والعرفية.

وحينئذ فالمراد بالتفسير بالرأي: اما حمل اللفظ على خلاف ظاهرة أو أحداحتماليه, لرجحان ذلك في نظرة القاصر وعقله الفاتر.

ويرشد اليه المروي عن مولانا الصادق عليه السلام, قال: في حديث طويل:(( وانما هلك الناس في المتشابه, لانهم لم يقفوا على معناه ولم يعرفوا حقيقته.فوضعوا له تأويلا من عند أنفسهم بارائهم, واستغنوا بذلك عن مسألة الاوصياءعليهم السلام, فيعرفونهم )).

واما الحمل على ما يظهر له في بادي الرأي من المعاني العرفية واللغوية,ومن دون تأمل في الادلة العقلية ومن دون تتبع في القرآن النقلية, مثلالايات الاخر الدالة على خلاف هذا المعنى والاخبار الواردة في بيان المرادمنها وتعيين ناسخها من منسوخها.

ومما يقرب هذا المعنى الثاني, وان كان الاول أقرب عرفا, أن المنهي, في تلك الاخبار, المخالفون الذين يستغنون بكتاب الله عن أهل البيت عليهم السلام, بل يخطئونهم به.

ومن المعلوم ضرورة من مذهبنا تقديم نص الامام عليه السلام على ظاهرالقرآن, كما ان المعلوم ضرورة من مذهبهم العكس.

ويرشدك الى هذا ما تقدم في رد الامام عليه السلام, على أبي حنيفة حيث انه يعمل بكتاب الله. ومن المعلوم أنه انما كان يعمل بظواهره, لا أنه كان يؤوله بالرأي, اذ لا عبرة بالرأي عندهم مع الكتاب والسنة.

ـــــــــــــــــ

الهامش

1- أصول الفقه الاسلامي 72.

2- أصول الفقه الاسلامي 72 .

3- المشرع الروي ص12 .

4- كنز العرفان 3/1 4.

5- الوسائل: كتاب القضاء أبواب صفات القاضي: الباب السادس: الحديث السابع والعشرون.

6- رسائل الشيخ الانصاري عن الكافي 311/8 الحديث 485.

7- الوسائل: كتاب القضاء أبواب صفات القاضي: الباب الرابع الحديث التاسع عشر.