المادة: أصول الفقه
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon 037.doc

تقسيم الحرمة

من تقسيمات الحرمة التي تردّدت في كتب الفقه تقسيمها إلى : ذاتية وتشريعيّة :

- الحرمة الذاتية :

وهي التي تتعلّق بالشي‏ء لذاته.

مثل حرمة حلق المرأة شعرها في الأحوال الاختياريّة للمأثورة القائلة (نهى‏ رسول الله أن تحلق المرأة شعرها ) التي فهم منها الإطلاق الشامل‏ لجميع الأحوال الاختياريّة.

- الحرمة التشريعيّة :

وهي التي تتعلّق بالشي‏ء لا لذاته ، وإنّما لأنّها تتنافى ووظيفة المكلّف ‏الشرعيّة.

مثل حرمة الحلق على المرأة في الحجّ عند من علّلها بمنافاتها لوظيفتها الشرعيّة التي هي التقصير مستنداً لما روي عن النبي صلى الله عليه‏وسلم : ( ليس على النساء حلق إنّما على النساء التقصير ) ، وعن الإمام‏ عليه السلام : ( ليس على النساء حلق وعليهنّ التقصير ) ، اللذان يفهم‏ منهما أنّ الحلق ليس محرّماً على النساء في غير الحجّ.

  •    مفردات الحكم الوضعي :

قال ابن أبي جمهور الأحسائي في كتابه ( الأقطاب الفقهيّة ) : (( والوضع‏ ينقسم إلى : سبب وشرط ومانع.

فالسبب : هو الوصف الظاهر المنضبط الذي دلّ دليل على كونه معرّفاًلحكم شرعي ، بحيث يلزم من وجوده الوجود ، ومن عدمه العدم.

والشرط : ما يتوقّف عليه التأثير بحيث يلزم من عدمه العدم ، ولا يلزم ‏من وجوده الوجود.

والمانع ، ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه الوجود )).

وذهب آخرون إلى تقسيمه إلى : سبب وشرط ومانع ، وصحّة وبطلان (فساد ) ورخصة وعزيمة.

فالصحّة : هي وقوع الفعل مستوفيّاً لجميع متطلّباته الشرعيّة.

والبطلان : خلاف الصحّة ، أي وقوع الفعل غير جامع لجميع متطلّباته‏ الشرعيّة.

والعزيمة : (( ما شرّعه الله أصالة من الأحكام العامّة التي لا تختص‏بحال دون حال ولا بمكلّف دون مكلّف ))(1).

والرخصة : (( ما شرّعه الله من الأحكام تخفيفاً على المكلّف في حالات‏خاصّة تقتضي هذا التخفيف )).

وناقش اُستاذنا التقي الحكيم عدّ الصحّة والفساد والرخصة والعزيمة على نحو الإطلاق أقساماً للحكم الوضعي.

قال في ( الاُصول العامّة )(2) : (( أنّ اعتبار الصحّة والفساد من الأحكام‏ الوضعيّة غير صحيح على إطلاقه ، لأنّ الصحّة على قسمين :

- صحّة واقعيّة : ويراد بها مطابقة المأتي به للمأمور به واقعاً ، ويقابلها الفساد.

ومثل هذه الصحّة تابعة لواقعها ، والجعل لا يتناول الاُمور الواقعيّة.

وكذلك الفساد.

أمّا القسم الثاني وهو الصحّة الظاهرية كالحكم بصحّة الصلاة بعد الفراغ منها عند الشكّ فيها استناداً إلى قاعدة الفراغ فهي التي تكون قابلة للجعل والاعتبار.

وكذلك الحكم بالفساد ظاهراً عند الشكّ في الصلاة الثنائية مثلاً.

وما يقال عن الصحّة والفساد الواقعيين من إنكار كونهما حكمين‏ وضعيين يقال عن العزيمة والرخصة ، ولكن لا من حيثيّة واقعيتهما ، بل‏من حيث كونهما راجعين إلى الأحكام التكليفيّة ، كما يتّضح ذلك من‏ معناهما المحدّد لهما عند الاُصوليين.

فلقد عرّف غير واحد العزيمة بما يرجع إلى ( ما شرّعه الله أصالة من‏الأحكام العامّة التي لا تختص بحال دون حال ، ولا بمكلّف دون مكلّف ( ..وفي مقابلها الرخصة وهي ) ما شرّعه الله من الأحكام تخفيفاً على المكلّف‏ في حالات خاصّة تقتضي هذا التخفيف ( ، ورجوعهما بهذين التعريفين إلى‏الأحكام التكليفيّة من أوضح الاُمور ، فليست العزيمة إلاّ الحكم المجعول‏ للشي‏ء بعنوانه الأوّلي ، وليست الرخصة إلاّ جعل الإباحة للشي‏ء بعنوانه‏ الثانوي ، وهما لا يخرجان عن تعريف الأحكام التكليفيّة بحال )).

وأيضاً يلاحظ على هذا التقسيم : أنّ ما ذكر له من ظواهر بعنوان‏ الأقسام ، ليست أقساماً للحكم الوضعي ، وإنّما هي - فيما صدق عليه‏ تعريف الحكم الوضعي منها ، مفردات له.

وهي غير محصورة بعدد ، وإنّما تشمل كلّ ما ينطبق عليه تعريف‏ الحكم الوضعي.

وبتوضيح أكثر : هي ما عدا الأحكام التكليفيّة التي حصرت بعدد معيّن ،وهي الخمسة المعروفة بأقسامها.

والذي ينطبق عليه مفهوم القسمة هو تقسيم الأحكام الوضعيّة إلى‏أحكام مجعولة واُخرى منتزعة.

أ - الأحكام الوضعيّة المجعولة.

وهي التي جعلت موضوعاً لحكم تكليفي كالزوجيّة التي هي موضوع‏ لوجوب نفقة الزوجة على الزوج.

وهو - أعني وجوب النفقة - حكم تكليفي.

ب - الأحكام الوضعيّة المنتزعة :

وهي تلك الأحكام التي انتزعت من الحكم التكليفي كالشرطيّة والجزئية ، كما إذا قيل : يجب في الصلاة الركوع والسجود والطهارةوالوقت .. فقد انتزع العلماء من هذا عنوان الجزء للركوع والسجود ،وعنوان الشرط للطهارة والوقت.

وهناك تقسيم آخر للحكم لم يفرده الاُصوليون ، وكذلك الفقهاء بعنوان ‏خاصّ به وإنّما ذكروه عابراً وفي مناسباته المختلفة.

وهو ممّا لابدّ من ذكره لما له من علاقة بموارد الاستنباط حيث لابدّ للفقيه من التمييز بين قسمي هذا الحكم ، وعلاقة بموارد تعارض الخبرين- كما سيأتي.

وهذا التقسيم هو تقسيم الحكم إلى : تشريعي وإداري.

1 - الحكم التشريعي :

وهو الحكم الذي مرّ التعبير عنه بالخطاب وأثر الخطاب والاعتبار والتشريع.

وهو المقصود بالمأثورة المعروفة : ( حلال محمّد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة ).

وباختصار : هو الحكم الذي يوصله المعصوم إلى الناس بصفته‏ مبلّغاً.

2 - الحكم الإداري :

وهو ذلك الحكم الذي يصدره المعصوم أو رئيس الدولة بصفته حاكماً ووليّاً لاُمور المسلمين.

وباختصار : هو الحكم الذي تصدره الإدارة الحكومية للدولة الإسلاميّة.

أمثال : الإلزام بالتجنيد الإجباري عسكريّاً ، وفرض الضرائب إقتصاديّاً، ومنع التعامل مع شركات معيّنة سياسيّاً ، والخ.

 

ـــــــــــــــــ

الهامش

1- الاُصول العامّة 72.

2- 71 (78 .