المادة: أصول الفقه
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon 028.doc

تشخيص الظهور

بعد أن تبيّنا حجيّة ظهورات الألفاظ ، والمرجع في تشخيصها ننتقل ‏هنا إلى محاولة تعرف طرق تشخيص ظهورات الألفاظ ليهيئ الباحث منها في مجال التطبيقات العلميّة صغريات في قياس الإستدلال لكبرى أصالة الظهور .

ويرتّب هذا وفق الشكل الأوّل من القياس المنطقي كالتالي :

هذا اللفظ ظاهر في هذا المعنى + وكلّ ظاهر لفظي هو حجّة = إذن فهذاحجّة .

ولنأخذ مثالاً صيغة فعل الأمر المصطلح عليها اُصوليّاً ب ( صيغة افعل ) ، فانّنا إذا أثبتنا ظهورها في الوجوب أو ثبت لدينا بإحدى الوسائل‏ والطرق المقرّرة أنّها تدلّ على الوجوب ، أي أنّها ظاهرة في دلالتها على‏الوجوب نقول :

صيغة افعل ظاهرة في الوجوب + وكلّ ظاهر حجّة = إذن فصيغة افعل‏ حجّة .

وفي عالم الشرعيّات ننتقل لتطبيق هذا على المفردات الشرعيّة فنقول- مثلاً - :

( صل ) فعل أمر + وكلّ فعل أمر ظاهر في الوجوب = إذن ، فصل ظاهر في‏ الوجوب .

ثمّ نطبّق عليه كليّة الظهور لكي نصل إلى النتيجة المطلوبة فنقول :

فصلّ ظاهر في الوجوب + وكلّ ظاهر حجّة = إذن ، فصلّ حجّة ..

وهكذا.

وتشخيص الظهور يتحقّق في مجالين ، هما :

1 - معرفة المعنى الموضوع له اللفظ ، أو قل : معرفة المعنى الحقيقي‏ للفظ عندما يكون المتكلّم يريد المعنى الحقيقي من استعماله اللفظ وعندما يكون للفظ معنى حقيقي واحد .

2 - معرفة القرينة :

أ - القرينة الصارفة للفظ عن دلالته على المعنى الحقيقي إلى الدلالة على المعنى المجازي عندما يريد المتكلّم المعنى المجازي.

ب - أو القرينة المعيّنة للمعنى المراد للمتكلّم إذا كان اللفظ يدلّ على‏أكثر من معنى كما في الألفاظ المشتركة .

فإذا عرف الباحث أو الفقيه المعنى المقصود للمتكلّم سواء كان ذلك عن‏ط ريق معرفته للوضع أو عن طريق معرفته للقرينة المعيّنة أو القرينة الصارفة يكون قد وصل في النتيجة إلى المطلوب .

وإذا شكّ المتلّقي في شي‏ء من ذلك ( في المعنى الموضوع له ، أو في‏وجود القرينة ) فهناك طرق ذكرها الاُصوليون للوصول إلى ذلك أهمّها :

1 - أن يقوم الباحث نفسه بتتبّع استعمالات أهل اللغة ، ويعمل فكره ‏مجتهداً في معرفة ذلك إذا كان لديه الوسائل العلميّة التي تساعده على ذلك ‏بأن كان من أهل الخبرة باللغة .

مثال ذلك من اللغة العربية :

ذكر في لغتنا العربية انّ كلمة ( قرء ) من الأضداد أي انّها من المشترك‏اللفظي ، وهي مشترك بين الحيض والطهر.

وقد وردت الكلمة بصيغة الجمع في آية المطلّقات ( والمطلّقات‏ يتربّصن بأنفسهنّ ثلاثة قروء ) ، ولم تنصب مع اللفظ القرآني قرينة معيّنة لأحد معنيي القرء .

وهنا لو أراد المتلّقي أن يسلك طريق الاجتهاد اللغوي لمعرفة المراد من ‏القروء في الآية الكريمة فأمامه قولان في المسألة ، ومع كلّ قول دليله ،وهما :

1 - قول أبي عبيد ، وهو أنّ الاقراء مشترك لفظي بين الحيض والطهر ،نقل عنه ابن منظور في ( لسان العرب ) أنّه قال : (( الاقراء : الحيض ، والاقراء : الاطهار ، وقد أقرأت المرأة ، في الأمرين جميعاً ، وأصله من دنو وقت الشي‏ء)).

وإليه ذهب الإمام الشافعي حيث نقل عنه في ( لسان العرب) أنّه قال : ((القرء : اسم للوقت ، فلمّا كان الحيض يجيئ لوقت ، والطهر يجيئ لوقت ، جاز أن يكون الاقراء حيضاً وأطهاراً )) .

واستدلّ على أنّ المراد به في آية المطلّقات الأطهار ، بالسنّة ، قال : (( ودلّت سنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّ الله عزّوجلّ أراد بقوله : ( والمطلّقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) الأطهار ، وذلك ان ابن عمر لمّاطلّق امرأته ، وهي حائض ، فاستفتى عمررضي الله عنه النبي صلى الله‏  عليه وآله وسلم في ما فعل ، فقال : مره فليراجعها ، فإذا طهرت فليطلّقها ، فتلك‏ العدّة التي أمر الله تعالى أن يطلّق لها النساء )) .

2 - قول أبي إسحاق ، وهو أنّ القرء هو الطهر ، نقله عنه ابن منظور في(اللسان)، قال : (( قال أبو اسحاق : الذي عندي في حقيقة هذا : أن القرء - في‏ اللغة - الجمع ، وأن قولهم (قريت الماء في الحوض ) - وان كان قد ألزم الياء -فهو جمعت ، و (قرأت القرآن ) لفظت به مجموعاً ، و ( القرء يقري ) أي يجمع‏ما يأكل في فيه ، فانما القرء : اجتماع الدّم في الرّحم ، وذلك انما يكون في‏الطهر .

وصحّ عن عائشة وابن عمر (رض) أنّهما قالا : ( الاقراء والقروء :الاطهار).

وحقّق هذا اللفظ من كلام العرب قول الأعشى :

   لما ضاع فيه من قروء نسائكا

فالقروء - هنا - الاطهار لا الحيض لأنّ النساء إنّما يؤتين في إطهارهن لافي حيضهنّ ، فإنّما ضاع بغيبته عنهن    إطهارهنّ )).

ونقل ابن منظور عن الأزهري قوله : ( وأهل العراق يقولون : القرء الحيض ، وحجتّهم قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (( ( دعي الصلاة أيّام اقرائك ) أي أيّام حيضك )) .

والعمل الذي يقوم به الباحث هنا هو تجميع اجتهادات اللغويين في ‏أقوالهم وأدلّتها ، والقاء نظرة اجتهادية متأنّية وفاحصة ، ينتهي إلى نتيجة يكشف من خلالها عن المعنى المقصود في الآية الكريمة .

ومثال آخر : هو ما سلكه اُستاذنا الشيخ المظفّر في كتابه ( اُصول الفقه )تحت عنوان ( مادّة الأمر ) لبيان أنّ كلمة (أمر ( لفظ مشترك بين الطلب‏ والشي‏ء مستدلاً باختلاف الاشتقاق واختلاف الجمع ، قال : (( والدليل على‏أنّ لفظ الأمر مشترك بين معنيين : الطلب والشي‏ء ، لا أنّه موضوع للجامع ‏بينهما.

أ - أنّ الأمر بمعنى الطلب يصحّ الاشتقاق منه ، ولا يصحّ الاشتقاق منه ‏بمعنى الشي‏ء ، والاختلاف بالاشتقاق وعدمه دليل على تعدّد الوضع.

ب - انّ الأمر بمعنى الطلب يجمع على ( أوامر ) وبمعنى الشي‏ء على( اُمور ) ، واختلاف الجمع في المعنيين دليل على تعدّد الوضع )) .

1 - ان يرجع المتلقي الى‏ علامات الحقيقة كالتبادر وصحة الحمل وعدم‏ السلب ، فما تثبته الحقيقة هو المعنى‏ الحقيقي ، أي الموضوع له .

2 - أن يرجع الباحث إلى أقوال علماء اللغة في معاجمهم وغيرها من‏ كتبهم اللغوية والأدبية .

وهنا أثار الاُصوليون مسألة صحّة الاحتجاج بقول اللغوي وعدمها تحت عنوان ( حجيّة قول اللغوي ) .

  •     ( حجيّة قول اللغوي ) :

وتمهيداً للموضوع لابدّ من تناول النقاط التالية :

- تعريف اللغوي .

- هل اللغوي خبير أو راوٍ .

- منهج اللغويين في البحث والتأليف .

- حقيقة الوضع.

  •     تعريف اللغوي :

اللغوي نسبة إلى اللغة ، لتعامله معها في البحث والتأليف أو في‏ التأليف فقط .

هذا التنويع للتعامل : تعامل في البحث والتأليف ، وتعامل في التأليف‏ فقط ، مستفاد من واقع عمل اللغويين باعتبارهم لغويين يتعاملون مع ‏اللغة ، وذلك انّ من اللغويين من هو عالم باللغة يتعامل معها من خلال ‏مفاهيمها وقواعدها وملابساتهما ، وانّ من اللغويين من هو جماع فقط يتعامل مع اللغة في تأليف المعجم عن طريق تجميع مادّة المعجم من‏ أقوال وكتب الآخرين دونما اخضاعها للبحث أو النقد .

فالأوّل - وهو عالم اللغة - يصنّف - على رأي الاُصوليين - في عداد ذوي ‏الخبرة والاختصاص .

ويبدو من استخدامات الاُصوليين لكلمتي ( خبير ) و ( خبرة ) أنّهم‏ يريدون بالخبير : العالم بالعلوم الاُخرى غير الشرعيّة ، ويعمّمونه ‏لصاحب المهنة والحرفة .

وفي المعجم العربي يعرف الخبير بالعالم.

ويقول المعجم أيضاً : ذو الخبرة : الذي يخبر الشي‏ء بعمله .. والخبير : هو العالم بالشي‏ء بعد مزاولة وممارسة .

وأصحاب الخبرة : هم الذين مارسوا الشي‏ء بأنفسهم فعرفوه معرفةتامّة .

والخبرة : معرفة الشي‏ء مباشرةً .

يقول السيّد عبدالكريم علي خان في كتابه ( الخمس (1) ) : (( انّ اعتبار قول اللغوي وحجيّته إنّما هو من حيث خبرويته بما يحيط به خبراً كما هو شأن كلّ خبير في ما هو خبير به )).

وهذا - كما ترى - لا يشمل كلّ لغوي ، وإنّما يختصّ باللغوي العالم (الخبير ( ، ولا يعمّ اللغوي الجماع.

ومن طرف آخر نصّ بعضهم على أنّ اللغوي جماع فقط ، فقد جاء في(المنتقى ) :(( انّ اللغوي شأنه ضبط موارد الاستعمال ، وهي غير متوقفةعلى الحدس والنظر ، بل تتوقف على الحس ، لم يكن من أهل الخبرة. نعم‏تشخيص الموضوع له ، يحتاج إلى أعمال نظر وحدس ولكنّه ليس شأن‏اللغوي )) .

وهذا يعني أنّ الاُصوليين لم يلحظوا الفرق بين اللغوي العالم والآخرالجماع .

ومن هنا رأيت أنه لابد من بيان هذا الفرق بين اللغوي واللغوي الجماع، لما سيترتب على هذا من آثار علميّة نظريّة وتطبيقيّة.

والثاني - وهو الجماع - يصنّف في عداد النقلة والرواة .

ومن الصنف الأوّل من مؤلّفي المعاجم المطبوعة :

- الخليل بن أحمد الفراهيدي ( ت 175هـ ) له : معجم ( العين ) .

- أبو زيد الأنصاري ( ت 215هـ ( له : كتاب ) نوادر اللغة ) .

- ابن السكيت ( ت 244هـ )له : كتاب ( إصلاح المنطق ) .

- ابن دريد ( ت 321هـ ) له : معجم ( جمهرة اللغة ).

- أبو علي القالي ( ت 356هـ ) له : معجم ( البارع في اللغة ) .

- أبو منصور الأزهري ( ت 370هـ ( له : معجم ( تهذيب اللغة ) .

- أبو نصر الجوهري ( ت 393هـ ) له : معجم ( الصحاح : تاج اللغةوصحاح العربية ).

- ابن فارس ( ت 395هـ ) له : المعاجم التالية : ( مجمل اللغة ) و (مقاييس‏ اللغة )  و ( متخيّر الألفاظ ) وهو معجم معاني.

- أبو هلال العسكري ( ت 395هـ ) له : معجم ( التخليص في معرفة أسماء الأشياء ) وهو معجم معاني .

- أبو منصور الثعالبي ( ت 429هـ ) له : معجم ( فقه اللغة وسرّ العربية )وهو معجم معاني .

- ابن سيده ( ت 458هـ ) ، له : معجم ( المحكم والمحيط الأعظم في اللغة )وهو معجم ألفاظ و ( المخصّص ) وهو معجم معاني.

- عيسى بن إبراهيم الربعي ( ت 480هـ ) له : معجم ( نظام الغريب ) في‏غريب اللغة .

- جار الله الزمخشري ( ت 538هـ ) ، له : معجم ( أساس البلاغة ) .

- أبو منصور الجواليقي ( ت 540هـ ) له : ( المعرب من الكلام الأعجمي ).

- محمود تيمور ( ت 1393هـ ) له : ( معجم الحضارة ).

- عبدالله العلائلي ( ت 1417هـ ) له : معجم ( المرجع ) و ( المعجم ) .

- مجمع اللغة العربية بالقاهرة ، له : ( المعجم الوسيط ) و ( المعجم‏الكبير ) طبع منه حتّى الآن ثلاثة مجلّدات .

ومن الصنف الثاني من مؤلّفي المعاجم المطبوعة :

- ابن منظور ( ت 711هـ ) له : ( لسان العرب ) ، ألّفه بهدف استقصاء مفردات اللغة العربية ، فضمنّه 80000 مادّة جمعها من الكتب التالية : التهذيب للأزهري ، والمحكم لابن سيده ، والصحاح للجوهري ، والحواشي ‏لابن بري، والنهاية لابن الأثير.

- مجد الدين الفيروز آبادي ( ت 817هـ ) ، له ( القاموس المحيط ) ، أيضاً ألّفه بهدف استقصاء مفردات اللغة العربية ، فجمعها من : المحكم لابن ‏سيده ، والعباب للصغاني ، وغيرهما ، ولكن على نحو الاختصار بحذف ‏الشواهد.

وقال غير واحد من علماء المعجم انّ فيه أغلاطاً وأوهاماً وقصورا ًوتناقضاً وسوء ترتيب.

ولهذا ألّف عليه أكثر من كتّاب منها : ( الدرّ اللقيط في أغلاط القاموس‏ المحيط ) لمحمّد بن مصطفى داود زاده ، و (الجاسوس على القاموس )لأحمد فارس الشدياق ( ت 1304هـ ) طبع بالجوائب سنة 1299ه ، و (تصحيح القاموس ( لأحمد تيمور باشا ) ت 1348هـ ( طبع بالسلفية في‏ القاهرة سنة 1343ه ، و( ترتيب القاموس المحيط  ( لطاهر أحمد الزاوي ،طبع بالاستقامة في القاهرة سنة 1959م.

- محمّد مرتضى الزبيدي ( ت 1205هـ ) له : ( تاج العروس ) .

- لويس معلوف ( ت 1365هـ ) له ( المنجد ).

والخ.

وتتنوّع المعاجم إلى ثلاثة أنواع :

1 - معاجم الألفاظ :

وهي تلك التي تعني بذكر الألفاظ المفردة وقرين كلّ لفظ ما له من‏ معنى.

وهي قد تطيل بذكر المعاني والشواهد ، وقد تختصر بذكر المهمّ أوالمشهور فقط .. وما مرّ من معاجم هو منها .

2 - معاجم المعاني :

وهي التي تعني بذكر المعاني المتعدّدة والمتفاوتة للشي‏ء الواحد ،مرتبة حسب أطواره وأحواله .. وأشير إلى شي‏ء منها في ما تقدّم.

3 - معاجم الدلالة :

وهي التي تعني بتتبّع التطور الدلالي للألفاظ.

ومن أمثلة معاجم الدلالة :

- معجم أكسفور Oxford Dictionary ، وهو من أشهر المعاجم الانجليزية .

ومن أقدم المعاجم الانجليزية : ( معجم اللغة الانجليزية ) Language Dictioary of the english    (للدكتور جونسون   Dr. Johnsonصدرعام 1755م .

- وفي اللغة الفرنسية Dictionaire De lAcademie Francaise معجم‏الاكاديميّة الفرنسية ، وهو من أشهر المعجمات الفرنسيّة.

وأقدم معجم موسوعي فرنسي هو ( المجعم الجامع الكبير للقرن‏ التاسع عشر ) dictionaire uni versel du xixem siecie Grond.

من وضع بيير لاروس Larousse ، نشر ما بين عامي 1876 - 1866م ،وهو من اُمّهات المعاجم الفرنسيّة ، ويعرف أيضاً ب ( معجم لاروس ).

- وفي اللغة الفارسية فأقدم معجم هو ( لغت فرس ) لأسدي طوسي ( ت‏465هـ ) .

وأحدث وأوسع معجم هو ( لغت نامه دهخدا ) لعلي أكبر دهخدا (ت‏1946م )، توفّي مؤلّفه قبل أن يتمّه فتبّنت جامعة طهران اكماله وصدر منه ‏أكثر من مئة جزء.

ومن مهمات المعجمات الفارسيّة ( فرهنك فارسي ) للدكتور محمّد معين، ويعدّ هذا المعجم من المعاجم الدلالية.

ومن المعاجم المزدوجة الحديثة كتاب ( الألفاظ الفارسية المعرّبة ) للمطران أدي شير الكلداني الآشوري   ( ت 133هـ ) .              

  • ( منهج اللغويين في البحث والتأليف ) :

اعتمد اللغويون في البحث والتأليف طريقتين ، هما :

1 - الاستقراء :

وهو محاولة استقصاء مفردات اللغة من المسموع والمكتوب والمنقول، ولكن دونما دراسة وبحث.

فقد يحفظ اللغوي الشي‏ء الكثير الوفير من مواد اللغة عن ظهر قلب ،وقد يدوّن لغوي آخر الكم الجمّ في معجمه من غير بحث في التحقيق‏ والتدقيق.

2 - الاستنتاج :

وهي أن يبحث اللغوي في المادة اللغوية محقّقاً ومؤصلاً ومفرّعاً.

وبتعبير آخر : الاستنتاج - هنا - يعني الاجتهاد العلمي ، وتقدّم ذكرشي‏ء من اجتهادات اللغويين ومن أوضح أمثلة الاجتهادات عند العلماءالعرب ما ذكره ابن فارس في ( معجم مقاييس اللغة )من دلالات المواداللغوية على المعاني الجذرية المشتركة .

وعرف المنهج اللغوي - في اصطلاح لغويي العرب - بطريقتين ، هما :

1 - السماع عن فصحاء العرب.

وذلك امّا عن :

أ - طريق المشافهة.

ب - أو طريق الرواية.

2 - القياس على المسموع أو المروي من كلام العرب.

فالأوّل - أعني السماع - تشمله طريقة الاستقراء ، والثاني ، أي القياس -تشمله طريقة الاستنتاج ( الاجتهاد ).

وعني اللغويون العرب باللهجات العربية فجمعوا الشارد والواردو الشائع والشاذّ ، ممّا يصلح مادّة خصبة لمعرفة التطوّر الدلالي للكلمة العربيّة لو أنّهم أرّخوا لهذه اللهجات.

كما أنّهم ابتعدوا عن ذكر ما أسموه بالمولَّد ، فلم يعنوا به ، وهو ذو دورمهمّ في عالم التطور الدلالي .

ومع هذا انبرى بعض علمائهم إلى صنيع ما يرتبط بالتطور الدلالي ، وينفع نفعاً وافياً في الرجوع إليه في مجال الدرس الفقهي ، وذلك أمثال :

- كتاب ( أساس البلاغة ). للزمخشري.

- كتاب ( غرّاس الأساس ) للعسقلاني.

- كتاب ( المعجم الوسيط ) لمجمع اللغة العربية بالقاهرة.

- كتاب ( المعجم الكبير ) لمجمع اللغة العربية بالقاهرة.

ـــــــــــــــــ

الهامش

   1-  الخمس 190 .