المادة: أصول الفقه
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon 022.doc

وقوع خبر الواحد

يراد بذلك: هل يوجد في ما تلقاه رواتنا عن أئمتنا, ونقله عنهم من جاءبعدهم ودون في كتب الحديث من مفردات وموسوعات, ما يصطلح عليه بخبر الواحد, وهو الذي لا يفيد الا الظن بصدوره عن المعصوم ?

قال صاحب المعالم: (( وهل هو (يعني خبر الواحد) واقع أو لا?

خلاف بين الاصحاب:

 - فذهب جمع من المتقدمين كالسيد المرتضى وأبي المكارم ابن زهرةوابن البراج وابن ادريس الى الثاني (يعني عدم الوقوع).

- وصار جمهور المتأخرين الى الاول (يعني الوقوع), وهو الاقرب )).

هكذا, ولكن الذي يظهر من الشريف المرتضى ليس نفي وقوع ووجودخبر الواحد في أحاديثنا المروية والمدونة, وانما نفى ومنع من العمل به والاعتماد عليه في الاحكام الشرعية, قال في (الذريعة): (( اعلم أنا كناقد دللنا على ان خبر الواحد غير مقبول في الاحكام الشرعية )).

وقال في (جوابات المسائل التبانيات): (( فاذا رأينا بعض هؤلاءالمصنفين وقد أودع كتابه أشياء من أخبار الاحاد في أحكام الشريعة فلاينبغي أن نتسرع الى الحكم بانه أودعها محتجا بها ومستدلا بايرادها لانامتى فعلنا ذلك قضينا بالمحتمل الملتبس على ما لا يحتمل ولا يلتبس,وذلك ان ايداع أخبار الاحاد في الكتب المصنفة يمكن أن يكون لوجوه كثيرة ومعان مختلفة, وليس هو خالصا لوجه واحد, فقد صار كما ترىمحتملا مترددا )).

ومن المفيد أن نشير هنا الى أن أجوبة المسائل التبانيات هي منالرسائل العلمية المهمة, وبخاصة في مجال معرفة رأي الشريف المرتضى في مصادر التشريع الاسلامي, وحجية خبر الواحد.

وتشتمل هذه الرسالة على عشرة فصول, دار الحوار فيها بين الشريف المرتضى والشيخ أبي عبدالله محمد بن عبدالملك التبان المتوفى سنة 419هـ, وهو من العلماء الفضلاء كما يبدو من حوارة .

ودلل المرتضي في (الذريعة) على رأيه بقوله: (( العمل بالخبر لابد من أن يكون تابعا للعلم بصدق الخبر, أو العلم بوجوب العمل به مع تجويزالكذب.

وقد علمنا ان خبر الواحد لا يحصل عنده علم بصدقه لا محالة, فلم يبق الا أن يكون العمل به تابعا للعلم بالعبادة (التعبد) لوجوب العمل به.

واذا لم نجد دليلا على وجوب العمل به نفيناه )).

وقال في (جوابات المسائل الموصليات الثالثة): (( وانما منعنا من العمل بالقياس في الشريعة وأخبار الاحاد مع تجويز العبادة بهما من طريق العقول لان الله تعالى ما تعبد بهما, ولا نصب دليلا عليهما.

فمن هذا الوجه أطرحنا العمل بهما ونفينا كونهما طريقين الى التحريم والتحليل)).

وأبان في نفس الجوابات المذكورة عن مبدئه في تحديد مصادرالشريعة ثم ذكرها تفصيلا فقال: (( واذا صح ما ذكرناه فلابد لنا فيما نثبته من الاحكام فيما نذهب اليه من ضروب العبادات من طريق توجب العلم وتقتضي اليقين.

وطرق العلم في الشرعيات هي: الاقوال التي قد قطع الدليل علىصحتها, وأمن العقل من وقوعها على شيء من جهات القبح كلها.

كقوله تعالى وكقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والائمة الذين يجرون مجراه عليه السلام .

ولابد لنا من طريق الى اضافة الخطاب الى الله تعالى اذا كان خطاباله, وكذلك في اضافته الى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو الائمة عليهم السلام .

وقد سلك قوم في اضافة خطابه اليه طرقا غير مرضية, فأصحهاوأبعدها من الشبهة أن يشهد الرسول المؤيد بالمعجزات في بعض الكلام انه كلام الله تعالى فيعلم بشهادته انه كلامه كما فعل نبينا صلى الله عليه وسلم في القرآن, فعلمنا باضافته الى ربه انه كلامه, فصار جميع القرآن دالا على الاحكام وطريقا الى العلم .

فأما الطريق الى معرفة كون الخطاب مضافا الى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والائمة عليهم السلام فهو المشافهة والمشاهدة لمن حاضرهم وعاصرهم .

فأما من نأى عنهم أو وجد بعدهم فالخبر المتواتر المفضي الى العلم المزيل للشك والريب )).

وفي نفس الجوابات المذكورة نسب المنع من العمل بخبر الواحد الىأصحابنا كلهم, قال: بعد قوله (وانما منعنا من العمل بالقياس وأخبارالاحاد .. الخ)المذكور في أعلاه (( وانما أردنا بهذا الاشارة (الى) ان أصحابنا كلهم سلفهم وخلفهم ومتقدمهم ومتأخرهم, يمنعون من العمل بأخبار الاحاد ومن القياس في الشريعة, ويعيبون أشد عيب الذاهب اليهما, والمتعلق في الشريعة بهما, حتى صار هذا المذهب لظهوره وانتشاره معلوما ضرورة منهم, وغير مشكوك فيه من المذاهب)) يعني المذاهب الاسلامية الاخرى .

وقال في (جوابات المسائل التبانيات): (( لانا نعلم علما ضروريا لايدخل في مثله ريب ولا شك ان علماءنا الشيعة الامامية يذهبون الى ان أخبار الاحاد لايجوز العمل بها في الشريعة ولا التعويل عليها, وانها ليست بحجة ولا دلالة.

وقد ملاوا الطوامير وسطروا الاساطير في الاحتجاج على ذلك, والنقض على مخالفيهم, ومنهم من يزيد على هذه الجملة ويذهب الى أنه مستحيل من طريق العقول أن يتعبد الله تعالى بالعمل بأخبار الاحاد )).

يشير به الى ابن قبة من متكلمي الامامية في القرن الرابع الهجري,فقد اشتهر عنه القول باستحالة التعبد بخبر الواحد من ناحية عقلية.

والسيد المرتضى لجلالة قدره علما ومنزله لا يصدر في نسبة القول الى الشيعة الامامية من فراغ.

فربما كان هذا منه اشارة الى من كانوا في عهود الائمة وابتداء عصرالغيبة الكبرى لاطلاعهم على قرائن كانت تحيط بالاخبار الشرعيةتساعد على القطع بصدورها عن المعصوم .

أو لان المنهج الذي اعتمده الفقهاء في بداية الغيبة الكبرى كالقديمين والصدوقين والشيخ المفيد ومن عاصرهم كان يقوم على اختيار الرواية المفيدة للقطع بالصدور الا انهم لم يدونوا هذا المنهج في كتبهم لعدم حاجتهم في حينه للتأليف في اصول الفقه, أو لاشتهاره بينهم شهرة أغنت عن التأكيد عليه بتدوينه.

ويظهر من تاريخ المسألة أن أول من أعلن المنع من العمل بخبر الواحد في الشرعيات في كتبه هو الشريف المرتضى.

كما يظهر أيضا ان رأيه هذا ونسبته اياه الى الطائفة أحدث هزة قوية في الوسط العلمي الامامي, فقد أورد عليه بما ذكره هو قدس سره في جوابات المسائل التبانيات من اشكالات الشيخ التبان بما نصه: (( قال (يعني السائل): فان قيل: المعلوم من حال الطائفة وفقهائها الذين سيدنا أدام الله علوه منهم, بل أجلهم, ومعلوم ان من عدا العلماء والفقهاء تبعلهم, وآخذ عنهم, ومتعلم منهم يعملون بأخبار الاحاد, يحتجون بها,ويعولون في أكثر العبادات والاحكام عليها, يشهد بذلك من حالهم كتبهم المصنفة في الفقه المتداولة في أيدي الناس, التي لا يوجد في أكثررواتها, وما تشتمل عليه زيادة على روايات الاحاد, ولا يمكن الاشارة الىكتاب من كتبهم مقصور على ظواهر القرآن والمتواتر من الاخبار.

وهذه (هي) المحنة بيننا وبين من ادعى خلاف ما ذكرنا )).

ثم يقول السائل: (( وجعفر بن مبشر(1), كتابه في الفقه موجود متداول,ويصرح فيه بالعمل بخبر الاحاد, ويعول عليها بحسب ما فعله سائرالفقهاء.

ولو صحت الرواية عن الجعفرين والاسكافي(2), كان اجماعهم قد سبقهم وحكم بفساد قولهم .

على ان المعول عليه في الاحتجاج بالاجماع اذا لم يتعين لنا قول المعصوم الرجوع الى جميع الامة لانه من جملتها أو الى الطائفةالمحقة بمثل ذلك فأما من علمنا انه غير المعصوم, ومن قطعنا على انه ليس منهم فلا وجه للرجوع الى قوله.

ومن حكي عنه الامتناع من العمل بأخبار الاحاد هذه سبيلهم في أناعالمون بأن المعصوم ليس فيهم, لتعين معرفتنا بأنبائهم, فلامعنى لذكرهم ولذكر من يجري مجراهم في الاعتراض على المعلوم من اتفاق طوائف الامة أو الطائقة المحقة.

فالعمل - اذن - بروايات الاحاد على هذا القول ثابت على لسان الامة, فماالذي نعترضه ان كان فاسدا? )).

ولعل آخر من عرف بالمنع من العمل بأخبار الاحاد هو الشيخ ابن ادريس الحلي المتوفى سنة (598هـ) فقد جاء في مقدمة كتابه (السرائر)ما نصه: ((فاعتقادي فيه (يعني كتابه السرائر) أنه أجود ما صنف في فنه,وأسبقه لابناء سنه, وأذهبه في طريق البحث والدليل والنظر, لا الروايةالضعيفة والخبر (يعني خبر الواحد), فاني تحريت فيه التحقيق,وتنكبت لذلك كل طريق, فان الحق لايعدو أربع طرق:

- اما كتاب الله سبحانه.

- أو سنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم المتواترة المتفق عليها.

- أو الاجماع.

- أو دليل العقل.

فاذا فقدت الثلاثة (الاولي) فالمعتمد في المسائل الشرعية عندالمحققين الباحثين عن ماخذ الشريعة التمسك بدليل العقل فيها فانهامبقاة عليه وموكولة اليه.

فمن هذا الطريق يوصل الى العلم بجميع الاحكام الشرعية في جميع مسائل أهل الفقه, فيجب الاعتماد عليها والتمسك بها, فمن تنكب عنهاعسف, وخبط خبط عشواء, وفارق قوله من المذهب, والله تعالى يمدكم وايانا بالتوفيق والتسديد ويحسن معونتنا على طلب الحق واثارته,ورفض الباطل وابادته )).

ثم نقل ما ذكره السيد المرتضى في جوابات المسائل الموصليات الثانية بما يرتبط بالمسألة, وعقبه بقوله: (( قال محمد بن ادريس: فعلى الادلة المتقدمة اعمل, وبها آخذ وأفتي وادين الله تعالى, ولا ألتفت الى سواد مسطور, وقول بعيد عن الحق مهجور, ولا اقلد الا الدليل الواضح,والبرهان اللائح,ولا أعرج الى أخبار الاحاد, فهل هدم الاسلام الا هي )).

وأخاله يشير بالجملة الاخيرة من كلامه الى ما يرتبط بمسألةالامامة.

والى جانب رأي السيد المرتضى الذي بدأ به فيما يظهر وانتهى بالشيخ ابن ادريس, كان رأي الشيخ الطوسي في جواز العمل بخبر الواحد الذي صرح به في كتابه الاصولي (العدة), ومرت الاشارةاليه نقلا عن الكتاب المذكور.

الا ان تجويزه العمل بخبر الواحد لم يكن على نحو الاطلاق, وانما قيده بما روي عن أئمة أهل البيت عليهم السلام ودون في كتب أصحابنا كماهو واضح من عبارته المتقدمة, وكما أفاده المحقق الحلي في (المعارج)قال: (( وذهب شيخنا أبو جعفر (الطوسي) الى العمل بخبر العدل من رواه أصحابنا, لكن لفظه وان كان مطلقا, فعند التحقيق تبين انه لا يعمل بالخبر مطلقا, بل بهذه الاخبار التي رويت عن الائمة عليهم السلام,ودونها الاصحاب, لا أن كل خبر يرويه الامامي يجب العمل به, هذا الذي تبين لي من كلامه.

ويدعي اجماع الاصحاب على العمل بهذه الاخبار, حتى لو رواها غيرالامامي, وكان الخبر سليما عن المعارض, واشتهر نقله في هذه الكتب الدائرة بين الاصحاب عمل به )).

والذي يظهر من معقد الاجماع الذي أشار اليه المحقق أن الشيخ يريد بالعدل هنا مطلق الثقة, أي بما يشمل من اتصف بالوثاقة أوبالعدالة المنطوية عليها.

وقد استمر الرأيان رأي المرتضى ورأي الطوسي حتى عصرالمحقق حيث أصبحت الهيمنة لرأي الطوسي.

ويبدو من هذا أن العمل بالاخبار منهجيا حتى عهد السيد والشيخ كان يتمثل في خطين, هما:

1- خط الايمان بأن ما في الكتب المعتبرة من أخبار هي مقطوعةالصدور, اما لتواترها في النقل, واما لاقترانها بما يفيد ذلك.

وهو ما تبناه المرتضى ودافع عنه.

2- خط الايمان بأن ما في كتب الحديث الامامية مشتمل على ما هومقطوع الصدور, وهي الاخبار المتواترة والاحاد المقترنة, وعلى ما هو مظنون الصدور, وهي أخبار الاحاد المجردة.

ويبدو أيضا ان الخط الاول هو السائد والمهيمن على الجو العلمي في حينه.

وبعد ان فجر الشيخ المفيد الوضع العلمي بايجاده الخط الوسط بين مدرسة الفقيهين القديمين ابن أبي عقيل وابن الجنيد ومدرسة الفقيهين المحدثين الصدوق وأبيه علي بن بابويه بقي الخطان يتصارعان, ولكن بتحفظ, ونلمس هذا التحفظ في اشتراط الشيخ الطوسي أن يكون خبرالواحد مما اشتمل عليه كتب الاصحاب المعتبرة لما يظن انه قد كان يثارمن اعتراضات, وأهمها الطعن بالتأثر بالمنهج الاصولي السني.

ومنذ عهد المحقق الحلي حيث ضعف الخط الاول أصبح الخط الثاني هو المهيمن على الوسط العلمي, فكان التصريح بجواز العمل بخبرالثقة مطلقا, أي سواء كان مدونا في الكتب الاربعة أو في غيرها.

وكما استعرضنا دليل المرتضى على المنع نستعرض هنا دليل الطوسي على التجويز, ومن خلال ما جاء في كتابه الاصولي (العدة).

استدل الشيخ بدليلين استقرائيين أفادهما من واقع تعامل الاصحاب مع خبر الواحد, وهما: الاجماع العملي, والاختلاف في الفتوى.

قال: (( فأما ما اخترته من المذهب فهو ان خبر الواحد:

 - اذا كان واردا من طريق أصحابنا القائلين بالامامة.

 - وكان ذلك مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو عن واحد من الائمة عليهم السلام .

- وكان (الراوي) ممن لا يطعن في روايته, ويكون سديدا في نقله.

- ولم تكن هناك قرينة تدل على صحة ما تضمنه الخبر, لانه ان كان هناك قرينة تدل على صحة ذلك, كان الاعتبار بالقرينة, وكان ذلك موجبا للعلم .

والذي يدل على ذلك (يعني جواز العمل بخبر الواحد الغير المقترن)اجماع الفرقة المحقة, فاني وجدتها مجمعة على العمل بهذه الاخبار التي رووها في تصانيفهم ودونوها في اصولهم, لا يتناكرون ذلك ولايتدافعونه, حتى ان واحدا منهم اذا أفتى بشيء لا يعرفونه سألوه: من أين قلت هذا?, فاذا أحالهم على كتاب معروف, أو أصل مشهور, وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه سكتوا وسلموا الامر في ذلك, وقبلوا قوله, وهذه عادتهم وسجيتهم من عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم, ومن بعده من الائمة:, ومن زمن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام الذي انتشر العلم عنه وكثرت الرواية من جهته, فلولا ان العمل بهذه الاخبار كان جائزا لما أجمعوا على ذلك, ولا نكروه, لان اجماعهم فيه معصوم لا يجوز عليه الغلط والسهو.

والذي يكشف عن ذلك أنه لما كان العمل بالقياس محظورا في الشريعةعندهم لم يعملوا به أصلا, واذا شذ منهم واحد عمل به في بعض المسائل,أو استعمله على وجه المحاجة لخصمه, وان لم يعلم اعتقاده, تركوا قوله أو أنكروا عليه وتبرأوا من قوله, حتى انهم يتركون تصانيف من وصفناة ورواياته لما كان عاملا بالقياس, فلو كان العمل بخبر الواحد يجري ذلك المجرى, لوجب أيضا فيه مثل ذلك وقد علمنا خلافه )).

ثم قال: (( ومما يدل أيضا على جواز العمل بهذه الاخبار التي أشرنا اليها ما ظهر بين الفرقة المحقة من الاختلاف الصادر عن العمل بها, فاني وجدتها مختلفة المذاهب في الاحكام, يفتي أحدهم بما لا يفتي به صاحبه في جميع أبواب الفقه من الطهارات الى باب الديات, ومن العبادات والاحكام والمعاملات والفرائض وغير ذلك, مثل اختلافهم في العدد والرؤية في الصوم, واختلافهم في ان التلفظ بثلاث تطليقات هل يقع واحدة أم لا?, ومثل اختلافهم في باب الطهارة, في مقدار الماء الذي لاينجسه شيء, ونحو اختلافهم في حد الكر, ونحو اختلافهم في استيناف الماء الجديد لمسح الرأس والرجلين, واختلافهم في اعتبار أقصى مدة النفاس, واختلافهم في عدد فصول الاذان والاقامة, وغير ذلك في سائرأبواب الفقه, حتى ان بابا منه لا يسلم الا وجدت العلماء من الطائفةمختلفة في مسائل منه أو مسألة متفاوتة الفتوى.

وقد ذكرت ما ورد عنهم عليهم السلام من الاحاديث المختلفة التي تختص بالفقه في كتابي المعروف ب (الاستبصار) وفي كتاب (تهذيب الاحكام) ما يزيد على خمسة آلاف حديث, وذكرت في أكثرها اختلاف الطائفة في العمل بها, وذلك أشهر من أن يخفى, حتى انك لو تأملت اختلافهم في هذه الاحكام, وجدته يزيد على اختلاف أبي حنيفةوالشافعي ومالك, ووجدتهم مع هذا الاختلاف العظيم لم يقطع أحد منهم موالاة صاحبه, ولم ينته الى تضليله وتفسيقه والبراءة من مخالفه,فلولا أن العمل بهذه الاخبار كان جائزا لما جاز ذلك, وكان يكون من عمل بخبر, عنده انه صحيح يكون مخالفه مخطئا مرتكبا للقبيح يستحق التفسيق بذلك, وفي تركهم ذلك والعدول عنه دليل على جواز العمل بما عملوا به من الاخبار ).

ـــــــــــــــــ

الهامش

1- جعفر بن مبشّر الثقفي البغدادي المتوفّى سنة 234ه - من متكلّمي الإماميّة في القرن الثالث.

2- الاسكافي هو أبو جعفر محمّد بن عبدالله المتوفّى سنة 240ه .

امّا الجعفران فهما جعفر بن حرب المعتزلي وجعفر بن مبشّر الثقفي المذكور في أعلاه والشريف‏المرتضى نفسه أوضح في جوابه للتبان أنّهما ممّن أنكر العمل بأخبار الآحاد وعمل به ، قال : (( إنّ‏الجعفرين ومن جرى مجراهما ممّن أنكر العمل بأخبار الآحاد قد عمل بها وعوّل عليها .. الخ )).