خلاصة البحث:

تعد أرض كربلاء  مسرحاً لأعظم واقعة تاريخية دموية أفجعت قلوب المسلمين، وتركت تلك الواقعة الحزن والآسي في نفوسهم، لما احتوت أرض كربلاء لقبر سيد الشهداء وأكرم الثائرين وأشجع رجل عرفه التاريخ وقف بوجه الظلم والطغيان والفساد والانحراف الفكري والسياسي والديني، إلا وهو سبط رسول الله محمد (ص) الإمام الحسين (ع)، وبنزول جسد الإمام تحت تراب كربلاء، اكتسبت أرض كربلاء قدسية متزايدة، وروحانية متسامية، حتى أصبحت تلك الأرض ملاذاً لكل صاحب عقيدة ولكل داعية حق وحقيقة، وأضحت كربلاء تجسيداً لكل معاني السماء وقيم الدين ومفاهيم الدفاع المستميت عن شرعة الرسول الأعظم محمد (ص).

إن كربلاء لما تتمتع به من منزلة دينية لاحتضانها جسد سيد الشهداء، أصبحت محط  رحيل لآل بيت النبوة أهل البيت عليهم السلام، ومحط رحيل علماء الدين والفضيلة، وتحولت إلى مسرح يحوي كل ذي علم وأدب وإبداع فكري، وملتقى لكل صاحب إيمان حقيقي، وهفت إليها قلوب كل العلماء والفقهاء وطلاب العلم، ونتيجة لذلك وحول ضريح الإمام الحسين (ع)، انتشرت في كربلاء المدارس والحوزات العلمية الدينية، واحتفظت هذه المدارس والحوزات بديمومتها واستمراريتها، رغم أنها مرت بفترات فتور، لكنها ظلت متمسكة بهويتها وخصوصيتها على مر التاريخ.

باشرت حوزة كربلاء أعمالها، باجتماع زائري الإمام الحسين(ع) بدءً من مشهد الإمام الحسين(ع) وانتهاءً بسائر الشهداء وتحت خيمة عند السور آنذاك، وقد استمرت هذه الحالة وبحضور الإمام السجاد والباقر والصادق عليهم السلام وخاصة الأيام التي كان يقام فيها الحزن على سيد الشهداء الإمام الحسين (ع)، فصارت تقليداً يقيمون به كل عام حزناً على تلك الفاجعة، وخاصة أثناء زيارة الإمام الصادق (ع) حينما كان يسافر إلى كربلاء، فاكتسب ذلك الاجتماع بوجوده عليه السلام رونقاً، لما يلقيه المحدثين والفقهاء من محاضرات وعلوم دينية، حتى تبدلت أرض كربلاء الجافة إلى أرض عامرة بالعلم والعلماء، وصارت مركزاً من المراكز العلمية الدينية، وتأسست فيها مدارس دينية عديدة لتدريس أحكام الدين والمسائل الفقهية والعلوم الدينية، مما دفع المشتاقين للتحقيق وفقهاء وطلاب العلوم الدينية إلى أن يتسابقوا إلى كربلاء لينهلوا بعلوم الدين وعلوم أهل البيت عليهم السلام.

وبناءً على ما تقدم قسمت الدراسة إلى مبحثين، هذا فضلا المقدمة والخاتمة وقائمة المصادر والمراجع.

المبحث الأول: نبذة عن كربلاء، وتناولنا فيه ثلاث مطالب، فكان المطلب الأول بعنوان "مدرسة الصادق (ع) العلمية في كربلاء المقدسة، والمطلب الثاني بعنوان " دار الإمام الصادق في كربلاء المقدسة، أما المطلب الثالث فكان بعنوان" حوزة كربلاء المقدسة في عصر الإمام الكاظم (ع)".

المبحث الثاني: حوزة كربلاء في عصور الفقهاء، وتناولنا فيه مطلبين لأهم مدارس الفقهاء في كربلاء، فكان المطلب الأول بعنوان " الحوزة في عهد الشيخ ابن حمزة الطوسي (ق. س)"، وأما المطلب الثاني فبعنوان " حوزة كربلاء في عهد ابن فهد الحلي (ق.س)". ثم تناولنا الخاتمة والهوامش وقائمة المصادر والمراجع.