تصنیف البحث: القانون
خلاصة البحث:

تتجسد اثار العقد من حيث الاشخاص في سريان الحقوق والالتزامات الناشئة عنه الى الطرفين المتعاقدين ومن يخلفهما في احوال معينة كأصل عام. وقد هيمنت قاعدة شهيرة في الفقه المدني تسمى بقاعدة نسبية أثر العقد من حيث الاشخاص على جميع الدراسات التي تناولت انصراف أثر العقد الى المتعاقدين او من يقوم مقامهما وبسطت كل احكامها التي استعان بها الفقهاء في بيان المرحلة اللاحقة لانعقاد العقد واستكمال قوته الملزمة ووجوب تنفيذه من قبل اطرافه، وتعني هذه القاعدة بأن اثار العقد تقتصر على اطرافه، فحقوق العقد لا يستفيد منها الا اطرافه والالتزامات الناشئة لا تنصرف كذلك الا لهما. ولكن هذا التصور لمفهوم قاعدة النسبية لحقه التطور، فلم يعد تطبيق هذه القاعدة منحسرا على المتعاقد بمفهومه الضيق، ذلك المفهوم الذي يعني بالمتعاقد هو من ارتبط مع غيره برابطة عقدية مباشرة، فالتقييد الضيق بقاعدة نسبية أثر العقد الذي يفرض الاعتداد بالعقد في إطار المتعاقدين والملتزمين به، تصور قديم لم يعد يتماشى مع التطور الذي اصاب نظرية الالتزام. وهذا الخروج عن هذا المفهوم الضيق لم يكن كما يتصوره البعض من خلال وضع استثناءات جديدة، فلاشك في أن تزايد الاستثناءات على قاعدة نسبية اثر العقد من شأنه ان يؤدي في نهاية المطاف الى اهدارها، ولهذا نجد البعض من هذه الاستثناءات تعرضت لانتقادات حادة أكدت بقاء القاعدة كأساس وذلك من خلال توسيع نطاق آثار العقد كما هو الحال في المجموعة العقدية. ومن اجل الابقاء على هذه القاعدة كأساس وعدم وضع استثناءات عليها فقد اتجه الفقه بالقانون المدني متبوعا بأحكام القضاء الى اعطاء معنى جديد للمتعاقد من خلال التوسع في مفهومه وعدم قصره على من أسهم في تكوين العقد، مناديا بضرورة مد نطاق المتعاقد ليشمل كل من أسهم بالإضافة الى تكوين العقد من يساهم في تنفيذه، وابعد من ذلك فعندهم يمكن ان يقتصر الامر على من أسهم في تنفيذ العقد دون تكوينه وذلك باعتبار انه طرف مستفيد من العقد، فهؤلاء جميعهم اشخاص قاعدة النسبية. والهدف من هذا الاتجاه هو مد نطاق المسؤولية العقدية بوصفها أحد اثار هذه القاعدة، وعدم تقييده بالطرف المتعاقد الذي تربطه بالمتعاقد الاخر رابطة عقدية مباشرة، ويطلق على هذا التوسع لمفهوم المتعاقد بفكرة المجموعة العقدية.

ويبدو لنا ان تبني المفهوم المتقدم يعطي للمتعاقد معنىً واسعاً وذلك في ضوء تعاقب وتشابك العلاقات العقدية على محل واحد، او في ضوء ترابط تلك العلاقات لغرض تحقيق مصلحة مشتركة لمن ارتبط وتأثر بالعقد. ومما لاشك فيه ان هذا الاتجاه الذي يميل الى التوسع في مفهوم المتعاقد من خلال اعتناق فكرة المجموعة العقدية، مبناه وجود سلسلة مترابطة ومتتابعة من العقود ترد جميعها على شيء واحد هو (محل العقد). وامام ذلك فيكفي للقول بسريان قاعدة نسبية أثر العقد ان يكون المضرور دائنا بالتزام ناتج عن عقد ومرتبط او متعاقب بعقد المسؤول عن الضرر، من دون ان يشترط لسريانها ان يكون المضرور ومحدث الضرر قد ارتبطا برابطة عقدية مباشرة، بل قد يكون برابطة عقدية غير مباشرة. وعلى الرغم من ان فكرة المجموعة العقدية بوصفها أحد اشكال التصرفات القانونية حديثة العهد نسبيا، الا انها مع ذلك فقد اصبحت امرا ملحا ينادي به الواقع وذلك لمواجهة متطلبات الحياة، حيث كثرت العقود المرتبطة او المتسلسلة في مختلف المجالات، تلك العقود التي اصبحت تمتاز بالتعقيد من حيث تنفيذها مما جعل المدين يتعاقد مع بعض الاشخاص الاخرين لمعاونته في الوفاء بالتزاماته المنبثقة عن العقد الذي شارك في تكوينه. وفي سبيل توضيح فكرة المجموعة العقدية ومدى خضوعها لقاعدة النسبية، تم بحث هذا الموضوع من خلال مبحثين تناول الاول مفهوم المجموعة العقدية، من حيث تعريفها وكذلك تمييزها عما يشتبه بها من اوضاع. في حين اهتم الثاني بدراسة علاقة المجموعة العقدية بقاعدة بنسبية أثر العقد وذلك من خلال بحث اشخاص قاعدة نسبية أثر العقد من جهة، وبيان ضوابط قاعدة النسبية في نطاق المجموعة العقدية من جهة اخرى.