تصنیف البحث: الأدب العربي
من صفحة: 128
إلى صفحة: 147
النص الكامل للبحث: PDF icon 4-7.pdf
خلاصة البحث:

وفاء لروح أستاذي الكبير المرحوم الدكتور مهدي المخزومي – رحمه الله – استذكر محاضراته وآراءه في نبذ العلل الفلسفية والعقلية البعيدة عن حرية اللغة وتكيفها وتحديثها وحلولها اللغوية الخالصة.لقد وجدته العالم القريب من طبيعة اللغة دون النظر إلى مذهب القائل بَصْرياً كان أم كوفياً أم بغدادياً أم اندلسياً، متقدماً كان أم متأخراً، بل يتابع وينتصر للرأي الحصيف المختار المناسب، معطياً رأيه الدقيق في ذلك.

البحث:

 

المقدمة:

وفاء لروح أستاذي الكبير المرحوم الدكتور مهدي المخزومي – رحمه الله – استذكر محاضراته وآراءه في نبذ العلل الفلسفية والعقلية البعيدة عن حرية اللغة وتكيفها وتحديثها وحلولها اللغوية الخالصة.

لقد وجدته العالم القريب من طبيعة اللغة دون النظر إلى مذهب القائل بَصْرياً كان أم كوفياً أم بغدادياً أم اندلسياً، متقدماً كان أم متأخراً، بل يتابع وينتصر للرأي الحصيف المختار المناسب، معطياً رأيه الدقيق في ذلك.

وأجدني الفقير إلى الله واليكم والتلميذ الصغير بين ظهرانيكم لا ارغب في الدخول والكتابة في مجالٍ انتم أحقّ به وأخصّ وأسمى به وأَمَسّ. سوى ماعُرفتُ به من مجال النقد ودراسة الأسلوب. وسأتناول القيم النقدية المرتبطة بأساليب التعبير شكلاً توجيهياً ونقدياً، وهو ما يمثل آراءه في بعض قيم علم المعاني.

الجملة في اللغة:

أشار المرحوم الدكتور مهدي المخزومي إلى (الْجُملة) معرّفاً:(هي الصورة اللفظية الصغرى للكلام المفيد في أية لغة من اللغات، وهي المركّب الذي يبيّن المتكلم به أن صورةً ذهنيةً كانت قد تألّفت أجزاؤها في ذهنه، ثم هي الوسيلة التي تنقل ما جال في ذهن المتكلّم إلى ذهنِ السامع)[1].

فلهذه الوحدة الكلامية الصغرى (أهمية كبرى في التعبير والإفصاح والتفاهم)[2]. حيث جعل تلك الأهمية في ثلاثة مفاصل، هي:

1. التعبير.

2. الإفصاح.

3. التفاهم.

وانّ ابن هشام النحوي في مغني اللبيب هو أوّل مَن عُنِي بالجملة وأنواعها وأقسامها وكان مَن سبقه من النحاة يُعْنَون بظاهرة الإعراب وتفسيرها والاهتمام بالكلمات بوصفها معمولات، والجمود على ذلك، مع الحرمان من مصادر حيويتها وتنوّع أساليبها. وعدا ما وصل إلينا من دراسات ابن جنّي والشيخ الرّضي شارح الكافية. وينتقل الدكتور المخزومي بالدرس اللغوي عبر المراحل آلاتية:

1. الدراسة الصوتية، بخواصها وتمازجها وصفات مخارج حروفها وتاٌلف بعضها مع بعض.

2. الكلمة المفردة، وما يرافق ذلك من بنائها وتغيّرٍ في داخلها أو اشتقاقها.

3. العناية بالكلمة مؤلّفةً مع غيرها في الجملة. التي هي اصغر صورة من صور التعبير.

وهذه المرحلة الأخيرة المرتبطة بأساليب التعبير جديرة بالدراسة المستفيضة التي تعرض للجملة أو لأجزائها من أحوال تتعلق بالذِكر والحذف أو بالتقديم والتأخير أو غير ذلك، مما أفاض فيه نحاة حقيقيّون هـم أهـل المعاني، كالْجرجاني في (دلائل الإعجاز) والسّكاكي في (مفتاح العلوم) والخطيب في (الإيضاح) والتفتازاني في شروحه على التلخيص في (المطّول). وهؤلاء بلاغيّون برمّتهم.

أن هذه المرحلة هي ماسنسلّط الضوء عليه من خلال فكر المخزومي فيما يتعلّق الأمر بعلم المعاني.

أساليب التعبير:

توصّل الدكتور المخزومي إلى أنّ الجملة أساس التعبير وهي خاضعة لمناسبات القول، وللعلاقة بين المتكلّم والمخاطب، ولن يكون الكلامُ مفيداً، ولا الخبرُ مؤدّياً غرضَه ما لم يكن حالُ المخاطب ملحوظاً. ولذلك أسهبَ أصحابُ علم المعاني في مقتضى الحال[3]. في حين أهمل النحاة دراسة المعاني[4].

وكان للمخزومي رأيه في توحيد دراستي النحو والمعاني للجملة[5]، دون النظر إلى المصطلحات والتعبيرات المصطنعة ﮐ: (الصحيح والفصيح) حين قصد البعض بالصحيح: ما كان صحيحاً نحويّاً، وبالفصيح معنى يزيد على الصحة النحوية من مطابقة الكلام لمقتضى الحال، أو مطابقته لمناسبات القول. قال: (والذي أزعمه هو أن الجملة الصحيحة لغويّاً ونحويّاً هي الجملة َالفصيحة عند أهل المعاني... لان الشرط الذي اخذ به في فصاحة الجملة شرط يؤخذ به في صحتها، فإذا كانت الجملة مؤلفة من كلمات صحيحة مستوفية لكل ما يتطلبه (الصرف). وإذا كانت الكلمات مؤلفة من أصوات مؤتلفة خلو من كل ما يسيء إلى فصاحتها من تنافر بين الأصوات،... بقيت الجملة مع ذلك تفتقر إلى أهم مقوّمات الصحّة، وهو مطابقتها متطلبات المناسبات ومقتضيات الأحوال)[6].

فتوحيد شطري الدراسة دعوة لتطوير النحو وتحديثه وهو رأي سليم لدراسة النحو العربي على طريق الأسلوبية واللسانيات الحديثة، وهي دعوة مباركة، أطلقها بعد دراسة دقيقة للغة العربية والغوص في خصائصها وقد باركه عليها أساتذته من أمثال: إبراهيم مصطفى، و د.مصطفى السقّا[7].

ولكن الإشكال يدور في اعتباره مصطلحي: الصحيح والفصيح من التعبيرات المصطنعة وهذا أمر يجانب الدقّة لان الصحّة اللغوية والنحوية شرط من شروط الفصاحة عند أهل المعاني. والصحيح يعني الموافقة مع قواعد اللغة نحواً وصرفاً وأصولَ تأليف، لان سلامة لغة النّص من سلامة قواعده وصحّة تركيبه، فالقياس اللغوي عنصر ضروري لتثبيت المعنى، فلا يجوز الإخلال بقواعد النحو لئلا يقع العيب والمخالفة ونفور الذوق ومخالفة المألوف.

في حين أن الفصاحة[8] تتعدى هذا الشرط إلى شروط أخرى كالتالف والانسجام في تركيب الألفاظ، بحيث يتقبلها الذوق، وتتناغم في السّمع، وتسهل في النّطق. وكذلك وضوح المعنى الذي يعطي للمتلقّي طابع صفاء ذهن الباث. فضلاً عن قوة السبك التي تمثّل تماسك العبارة وجزالة أسلوبها وفنيّة طريقتها بحيث يمكن أن تتعلق كلمات النّصّ بعضها ببعض دون انفصال وكأنّها قد بُنيت بناء محكماً متراصّاً.

كما أشار الدكتور المخزومي إلى ضرورة إعادة درس المعاني إلى الدرس النحوي[9] ومعالجة أساليب التعبير المختلفة بما لأدواتها من دلالات ومعانٍ عامّة تؤدي وظائفها اللغوية مِن توكيد ونفي واستفهام وشرط ونداء ونحوها.

وسنتعرّف على القيم ألنقدية المرتبطة بعلم المعاني مما أفرزه فكر المخزومي في هذا المجال.

إنّ المنهج الذي سار وفقه المخزومي أسلوبي بحت يتناغم مع النحو أكثر مما يساور علم المعاني البلاغي. فهو لم يأخذ تقسيم الجملة من حيث الغرض الذي يرمي إليه الكلام (خبرية وإنشائية) وتقسيمات ذلك، بل من حيث الأساليب والأدوات.

(أسْلُوبُ التّوكيد)

لقد تناول الدكتور المخزومي هذا الأسلوب معالجاً أدواته بدلالاتها واستعمالاتها ووظائفها مجتمعةً وصلةَ بعض أجزائها ببعض.

وعالج من خلالها ثلاثة موضوعات من صلب مباحث علم المعاني، وهي:

‌أ. الخبر ألطلبي والإنكاري.

‌ب. أسلوب القصر.

‌ج. التقديم والتأخير.

وبدأ مبحثه بتعريف التوكيد: (تثبيت الشيء في النفس، وتقوية أمره)[10]. ثم أشار إلى الغرض منه، قائلاً: (إزالة ما علق في نفس المخاطب من شكوك،

وإماطة ما خالجه من شبهات)[11].

وذكر ما للتأكيد من طرائق مختلفة وأدوات متنوعة، كان جديراً بالنحاة أن يولوها عنايتهم ويدرسوها دراسة شاملة فاحصة، عدا ما قصروا اهتمامهم على جانب من جوانبه غير المهمّة وغير الحيوية، وقد فاتهم من جوانب التوكيد الأكثر قوةً وحياةً، قال:(وكان الجانب الذي عنوا به يقوم على أساس من التكرار واللفظ، أو التكرار بإيراد كلمات لها معنى المؤكد، وهي ألفاظ التوكيد المألوفة للنحاة: النفس والعين وكلا وكلتا، وأمثالها)[12]. وهو يؤمن بان التوكيد بالتكرار صورة من صور التعبير ولكن هنالك من الصور الاخرى التي لها المجال الأوسع، قال: (فهناك التوكيد بالقسم والتوكيد بالقصر والتوكيد بالتقديم وهناك أدوات كثيرة مفرّقة مبثوثة هنا وهناك من أبواب النحو يؤكد بها الجمل الفعلية ويؤكد بها الجمل الاسمية، وهناك صور أخرى لا ازعم أنهم كانوا يجهلونها، ولكني ازعم أنهم تجاهلوها، لأنها لا تحقق لهم هدفاً ولا تظهر لهم براعة، وليس لها صلة بالعامل الذي كان له نفوذ لا يقاوم على أساليب تفكيرهم)[13].

ولم يبخس المخزومي من سبقوه في التوكيد كالزمخشري في (المفصّل) والرّضي في (شرح الكافية) وابن مالك في (الألفية)، فهي بحوث في حدود التوكيد اللفظي وكذلك فيما كتبه ابن هشام وغيره ممن عالجوا أدوات التوكيد ودلالاتها بصورة منفصلة دون الإشارة إلى صلة بعضها ببعض.

صور التوكيد وطرائقه:

قبل أن ندخل في هذا المبحث، لابد أن أشير إلى أن البلاغيين حين قسّموا الكلام إلى خبر وإنشاء، وضعوا في حسبانهم[14]:

‌أ. أن الخبر: هو الكلام الذي يحتل الصدق أو الكذب، حسب مطابقته للواقع والرواية المؤكّدة.

‌ب. وان الإنشاء: ما لا يحتمل ذلك، كالأمر والنهي والاستفهام والتمنّي والنداء والقسم.

‌ج. وان التقديم والتأخير ظاهرة عارضة للفظ العربي، ومن أحوال اللفظ التي بها يطابق مقتضى الحال.

أما الصور التعبيرية للتوكـيد التي شرع المخزومي في تفصيل أدواتها، إذ قال: (أن للتوكيد في العربية صوراً تعبيرية مختلفة، بالأداة حيناً، وبغيرها أحياناً، وتختلف هذه الصورة شدّة وضعفاً، وتستعمل وفق الحاجة، ووفق متطلبات الظروف)[15]. فهي كما يأتي:

أ- التوكيد بالأداة:

وهذه الأدوات: يختص بعضها بالاسم، وبعضها بالفعل وبعضها أوسع استعمالاً، فيتصل بالأسماء والأفعال.

1. ما يختصّ بالأسماء:

وهو (إنّ)، (وهي أداة لتوكيد النسبة في الجُمل.... ولا تتصل إلا بالمسند إليه، ولكن يكثر مجيء الظرف والجار والمجرور بعدها مباشرة....)[16]، نحو:

إنّ خالداً شاعرٌ.

إنّ في الدّارِ رجلاً.

إنّ أمامك عملاً شاقاً.

ثم ذكر وظيفة (إنّ) قائلاً: (ووظيفتها تثبيت الشيء حين يكون المخاطب طالباً ذلك)[17]. وهذه الحالة التي ذكرها المخزومي، هي حالة الخبر ألطلبي التي اصطلح عليها البلاغيّون، وهي الحالة التي يكون فيها المخاطب متردّداً في الحكم وشاكّاً فيه، ويبغي الوصول إلى معرفة صحته، ففي هذه الحال يُفترض توكيده لأبعاد الشّكّ وإحلال اليقين. ويزيد الدكتور المخزومي حالة أخرى لذلك الخبر، فيما إذا كان الطلب اشد قال: (فإذا كان طلبه اشد بان كان حاكماً بخلاف ما في نفس المتكلم قويت (إنّ) بمؤكد أخر، هو اللام وحدها أو اللام ولفظ القسم....)[18]. نحو:

إنّ عبدالله لَقائمُ.

وقال تعالى: " قالوا: رُّبنا يَعلَمُ إنّا إليْكُم لَمُرْسَلُون "[19].

2. ما يختصّ بالأفعال: وهو (نون التوكيد)[20]، خفيفةً كانت أم ثقيلة، فإذا خفّفت كانت مؤكّدة، وإذا شدّدت كانت اشد توكيداً.

وذكر المخزومي أيضاً: (وتقع النون – مشدّدة أو مخفّفة - مصاحبة للام، أو مفارقة لها في الفعل الذي يقع جواباً لقسم مذكور، أو مقدّر، فالمذكور نحو: والله لأسافرنَّ معك، والمقدر نحو قول الشاعر:

لأستسهلنَّ الصعبَ أو أدرك المنى فما آنقادت الآمالُ إلا لصابرِ)[21].

ما يتصّل بالأسماء والأفعال: (وهو أداتا القصر. وأداتا القصر هما: (إنّما) و، ما وإلاّ، والقصر صورة توكيدية تعتمد في أداء وظيفتها على الأداة)[22].

أ. فالأداة (إنّما) المؤلفة من: (أنّ + ما الزائدة) وقد حجبت (ما) الكافـّة عملَ (إنّ) وقد جرى نتيجة لهذا التركيب تغيرّ دلالي من حالة التوكيد البسيط إلى توكيد أفاد معنى القصر والحصر، قال المخزومي: (وقد نتج من هذه الملازمة بين جزأيها تغير في الوظيفة التي كانت (أنّ) تؤديها منفردة، لان الكلمتين " إذا ركّبتا "، وكان لكل منهما معنى على حدة أصبح لهما بعد التركيب معنى جديد وحكم جديد " وقد تغيرت دلالتها على التوكيد من كونه توكيداً عادياً إلى كونه توكيداً قاصراً أو حاصراً، أو بعبارة أوضح: من كونه توكيداً مخففاً إلى كونه توكيداً مشدّداً، كقوله تعالى: {إنّما حَرَّمَ عَليكُمُ اَلمْيتَةَ}[23]. وقولهم: إنما زيدُ شاعر[24].

ب. أمّا مثال النفي والاستثناء، فقد أفاض فيه، وقال: (وهو كل ما كان مؤكداً بإلا مسبوقة بأداة من أدوات النفي المعروفة: ما، وإن، ولا، وهل، ولن، وليس)[25].

وقد ميز بين القصر بـ (إنّما) والقصر بـ (ما وإلا) وليسا بمنزلة واحدة مثنياً على قول الجرجاني وعلى التفاتته الطريفة والجديرة بالتأمل. في حين أكد على الخلط الذي وقع فيه النحاة: قائلاً:(أما النحاة فيبدو أنهم سووا بين الصورتين،

صورة القصر بإنّما، وصورة القصر بما و إلاّ، فقد نقل الجرجاني عن أبي علي الفارسي في (الشيرازيات) قوله:" يقول جماعة من النحاة في قوله تعالى:{إنّما حَرّمَ ربَي الفواحشَ ما ظَهَرَ منها وما بَطَنَ}[26]، إن المعنى فيها: {ما حرّم ربي إلا الفواحش}[27]، كما أشار المخزومي إلى أبي إسحاق الزّجّاج في قوله: (والذي اختاره في قوله تعالى:{إنّما حرّمَ عليكم الميتةَ} انه في معنى ما حرّم عليكم إلا الميتة، لان (إنّما) إنّما تأتي إثباتاً لما يُذكر بعدها، ونفياً لما سواه)[28].

وتعليقاً على ذلك كان للدكتور المخزومي رأيه المخالف لرأي النحاة، إذ قال: (و(إلاّ) هذه ليست استثناء، إنّما هي مسبوقة بالنفي أداة قصر، ووظيفتها قصر ما قبلها على ما بعدها، والقصر توكيد وإيجاب أبداً، وهذا هو ما يفرّق بينها وبين (إلاّ) في الاستثناء، لان وظيفة (إلاّ) في الاستثناء إخراج ما بعدها مِن حكم ما قبلها، فهما مختلفتان، ولذلك كان عدُّ النحاة إيّاها في الاستثناء خلطاً، وتسميتها بالاستثناء المفرغ ضرباً من التكلّف)[29].

ج. القصر بالتعريف: وهذا النوع أهمله البلاغيّون، ولم يعنوا به، حيث ذكره المخزومي قائلاً: (...وأداة التعريف هي: (ال) مع ضمير الفصل، أو العماد، أو بدونه، كقولهم: زيدُ هو الشّجاع، إذا قصد ألا تعتدّ بشجاعة غيره، وكقول الأعشى:

هو الواهب المائة المصطفاة امّا مخاضاً وامّا عشارا )[30].

واستشهد بمقولة الجرجاني: (ألا ترى أن في بيت الأعشى: انه لا يهب هذه الهبة إلاّ الممدوح)[31].

وضمير الفصل الذي ورد في جملة: زيدُ هو الشجاع، إنما كان للفصل بين الخبر والصفة، وتأكيد الخبر بدلاً من الصفة، حسب ما أفهمه من السّياق، من انه من مؤكّدات الخبر.

د. وهنالك طرق أخرى للقصر بالأداة، لم يذكرها الدكتور المخزومي، ومنها: العطف بـ: (لا) أو (بل) أو (لكنْ)، نحو:

الأرضُ متحرّكة لا ثابتة

فالأرضُ: مقصور، ومتحرّكة: مقصور عليه، وهي المقابلة لـ: ثابتة.

ما الأرضُ ثابتة بلْ متحركة.

وما الأرضُ ثابتة لكنْ متحركة.

فـ: (الأرض) في المثالين: مقصور، و (متحركة) مقصورة عليه.

أدوات توكيد الكلام: حيث أشار الدكتور المخزومي قائلاً: (ومن الأدوات التي تستخدم لتوكيد الكلام وتقويته: الباء، ومِن، و إنْ، وتأديتها التوكيد إنّما تقوم على زيادتها بعد أدوات النفي غالباً)[32].

أ. الباء: قال: (الباء: تزاد للتوكيد في مواضع، أهمها: زيادتها في سياق النفي لتوكيد النفي وتقويته، كقوله تعالى: {وما الله بغافلٍ}[33]، و { لست عليهم بمسيطر}[34] وقول الشاعر:

وَلسْتَ بِمُستَبْقٍ أخاً لاتَلمُّهُ عَلَى شَعَثٍ، أيُّ الرِّجالِ الُمهذِّبُ ؟[35]

وقد كثر دخولها على المسند في الجملة المنفيّة....)[36].

جاء الخطيب القزويني بهذا البيت من باب تأكيد المفهوم[37]. ثم جاء عليه التفتازاني ليؤكد وقوعه في سياق النفي[38] ويفصّل في تحليله.

كما ذكر المرحوم الدكتور المخزومي استخدام تلك الباء قائلاً: (وقد تزاد (الباء) لهذا الغرض في مواضع أخرى وصل في عدّها ابن هشام إلى الستة...)[39] وذكر منها ما يأتي[40]:

1. زيادتها في (الحال) المنفي ما قبلها، نحو قول الشاعر:

فما رجعتْ بخائبةٍ ركابُ حكيمُ بنُ المسيَّبِ منتهاها

2. بعد (إذا) الفجائية، نحو: خرجتُ فإذا بزيد.

3. وبعد (كيف)، نحو: كيف بك إذا كان كذ وكذا.

وأشار قائلاً: (.... إلى غير ذلك من المواضع التي استعرضها ابن هشام، ومثّل لها)[41].

ب. مِنْ: وذكر المخزومي: (وتزاد (مِن) لهذا الغرض بعدَ:

1- النفي، نحو: ما جاءني مِن أحدٍ، وقوله تعالى { ما تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إلاّ يَعْلَمُها}[42]، وقوله تعالى: {ما تَرَى في خَلـْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفَاوُتٍ }[43]، وقوله تعالى: { ما آتخَذَ الله مِن وَلدٍ، وما كانَ مَعَهُ مِنْ ألهٍ}[44].

2- وبعد الاستفهام كقوله تعالى: { فارْجِع ألبَصَر هَلْ تَرَى مِنْ فطورٍ}[45] وقولهمُ: هل مِن سبيلٍ أليك.)[46].

ج. إنْ: وذكر: (وأمّا (إنْ) في النفي فأكثر ما تزاد للتوكيد، بعد (ما) في النفي سواء أوّليتها جملة فعلية، كقوله:

ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه إذن فلا رفعت سوطي إلىّ يدي

أم بعد (ما) المصدرية كقوله:

ورجَّ الفتى للخير ما إنْ رايته على السن خيراً لا يزال يزيدُ)[47].

د. التوكيد بغير الأداة: ومن صور التوكيد بغير الأداة عند د. المخزومي:

1. التوكيد بالتقديم: قال: (وهو مبني على انّ من أسلوب العرب في كلامهم: أنهم إذا خصّوا شيئاً باهتمامهم قدموه وفجئوا المخاطب به، ليقع ذلك في نفوسهم موقعاً ثابتاً.

ومن اجل ما للتقديم من فضل توكيد عدّه أهل المعاني صورة من صور القصر كقوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين} [48]... وذلك لقصر العبادة عليه سبحانه)[49].

وهذا هو الذي يسميه علماء المعاني: (تقديم ما حقّه التأخير) فيكون المقصور عليه هو المقَّدم كما في الآية أعلاه التي استشهد بها المخزومي وعلَّق عليها قائلاً: (فقد كان تقديم المفعول في الآية.... ضرباً من ضروب التوكيد لان التقديم لم يكن ليكون إلا على أساس منح المتقّدم شيئاً من الاهتمام والتخصيص. وكان سيبويه....

يقول:" كانّهم يقدّمون الذي بيانه أهمّ لهم وهم بشأنه أعنى ")[50].

وفي هذا يميز الدكتور المخزومي بين التقديم ألتوكيدي وغيره، فيقول: (ولكن ليس كل تقديم توكيداً، فبعض الأجزاء من الجملة يقدّم لانّ وضعه اللغوي يقتضي تقديمه ككون المقدّم مما له صدر الكلام من استفهام أو شرط، نحو: مَن أكرمْتَ ؟.... وككونه واجب التقديم لأنه إذا تأخّر أوقع في لبسٍ أو شبهة.... نحو: أمامَك أسدُ، وفي الدّارِ رجلُ.وككون المقدّم فعلاً في الجملة الفعلية...وككون المقدّم مبتدأ في الجملة الاسمية)[51].

ويؤكد المخزومي على حالة التوكيد بالتقديم: قائلاً:(فالتوكيد بالتقديم إنّما يقوم على أساس الخروج بجزء الجملة من مكانه المخصص له وتقديمه على الجزء الذي قبله...)[52].

كما استشهد بالآية الكريمة: { بَلِ اللهَ فآعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِريْنَ }[53] وقال عنها: (... من باب التقديم للتوكيد)[54] واستفاد من مقولة ابن الأثير في المثل السائر (فانه إنّما قيل: بل اللهَ فآعبُدْ، ولم يَقـُل: بل آعبد الله، لأنه إذا تقدّم وجب اختصاص العبادة به دون غيره...)[55].

2. التوكيد بالتكرار:

وهو النوع الثاني من التوكيد بغير الأداة، وذكره الدكتور المخزومي بهذا المصطلح، وقال عنه بان له في العربية طريقين:

(أولهما: إعادة اللفظ الذي يراد تثبيته، أو دفع غفلة السامع عنه، أو دفع الظن بأن السامع ظن به الغلط. ويتحقق ذلك بتكرار اللفظ نفسه، نحو: ضربتُ زيداً زيداً، وضربت ضربت زيداً، إنّ إنّ زيداً منطلق. وجاءني زيد جاءني زيد، وأنت أنت أخي، وهو هو صديقي.

وثانيهما: بايلائه كلمات تؤدي ما يؤديه تكرار اللفظ نفسه وذلك في توكيد الضمير المتصل أو المستتر بالضمير المنفصل.نحو: أكرمْتَ أنتْ ضيفَك، وأكرمْتمُا أنتما ضيَفكما، وأكرمتمُ أنتم ضيوفكم ونحو قوله تعالى: { أسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ آلْجَنَّة }[56].

أو في إيراد ألفاظ التوكيد المعروفة. وهي: النفس، والعين، وكلا وكلتا، وكل وجميع، وغيرهن مما هو معروف، جاءني زيد نفسه، أو جاءني زيد عينه، وجاءني الزيدان كلاهما، وجاءني الرجال كلهم، والنساء كلّهنَّ.)[57].

وأشار المخزومي إلى نوع أخر قائلاً: (ومن التوكيد بالتكرار ما كان قائماً على تكرار المعنى دون اللفظ وقد فصّل أصحاب علم المعاني الكلام عليه...)[58]. وقد ذكر أمثلة: (لهذا الضرب من التكرار قوله تعالى:{وَلْتَكُنْ مِْنْكُمْ أُمَّة يَدْعُونَ إلىَ الْخَيْرِ وَيَأْمُرونَ بِالْمعْرُوفِ وَيَنْهوْنَ عَنِ المُنْكرِ}[59] ففي قوله تعالى: (يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) تكرار في المعنى لقوله تعالى:" يدعون إلى الخير "، لتثبيت المعنى وتوكيده. وقوله تعالى: {فِيهَا فاكِهَةُ وَنَخْلُ وَرُمَّان }[60]...)[61]. فأشار بان الله تعالى قد ذكر النخل والرّمّان بالتخصيص، وهما داخلان تحت (الفاكهة) فهذا تعظيم لأمرهما ومبالغة في رفع قدرهما. اعتماداً واتكاءاً على رأي العلوي الطراز[62].

وان استأذنا الكبير الدكتور احمد مطلوب سمّى هذا التوكيد (الإطناب بالتكرار)، قائلاً: (وهو من الأساليب الشائعة في اللغة العربية، وقد تعرّض له معظم النحاة والنقّاد والبلاغيين... وسمْاه أبو عبيدة "" مجاز المكرّر ")[63]، متأثراً بتسمية ابن الأثير الحلبي: (الإطناب بالتكرير)[64]. كما أشار الدكتور مطلوب إلى مسالة التوكيد بالضمائر[65].

(أسلوب النَّـفي)

عرّف الدكتور المخزومي (النفي): بأنه (أسلوب لغوي تحدّده مناسبات القول، وهو أسلوب نقض وإنكار، يستخدم لدفع ما يترّدد في ذهن المخاطب، فينبغي إرسال النفي مطابقاً لما يلاحظه المتكلم من أحاسيس ساورت ذهن المخاطب خطأ مما اقتضاه أن يسعى لإزالة ذلك بأسلوب النفي، وبإحدى طرائقه المتنوعة الاستعمال)[66].

وأشار في حيثيات هذا التعريف إلى حالتين:

أ. إذا كان المخاطب شاكاً في وقوع فعلٍ ما، أو في عدم وقوعه منك. فلإزالة ذلك الشك عن نفسه تقول: ما فعلتُ.

ب. وإذا كان المخاطب قد اعتقد أن فعلاً ما قد وقع ثم أردت أن تنفي عنك فعله، تقول: ما أنا فعلتُ.

وعلل لنا الفرق بين التعبيرين، قال: (فأنت في الأول تنفي عنك فعلاً يجوز أن يكون غيرك قد فعله، وألا يكون قد فعل أصلاً، وأنت في الثاني تنفي عنك فعلاً كان قد ثبت وتحقّق وقوعه ولكنك أردت بقولك أن تنفي أن تكون أنت الفاعل.... وينبغي اختلاف المعنى في التعبيرين، اعني: (ما فعلت) و (ما أنا فعلت)، على ما طرأ على الجملة الفعلية من تغيير).

وهذا ما كان فيه إرسال النفي بحسب ما تمليه ملابسات القول ومناسباته وقال: (ويؤدي النفي في العربية أدوات:

1) بعضه مفرد، وهو: لا، ما، إنْ، هل.

2) وبعضه مركب، وهو: لم، لمَّا، لن، ليس، لاتَ)[67].

وان الأهم في هذه الأدوات هما(ما، و لا) فهما أصليتان وتنفيان الاسم والفعل.

و(لا) اشمل نفياً واستغراقاً من أختها كنفيها الجنس في نحو: لا رجلَ في الدار، ولأنها تخرج من النفي إلى النهي في نحو: لا تضرب زيداً، ولأنها تستعمل مفردة وتستعمل مركبة في: لم، ولمَّا، ولن، وليس، ولات. ولم ترد (ما) مركبة في الكلام (وذلك لان اللام في أول (لا) وهو عماد الدلالة على النفي)[68]،(والنفي في جميع هذه الأمثلة مسلط على النسبة بين المسند إليه والمسند، لا على المفرد الذي اتصلت (لا) به)[69].

أمّا (إنْ) فقال عنها: (أداة نفي تدخل على الجمل الاسمية نحو قوله تعالى {إنْ الكافِرُون إلاّ في غُرُور}[70]..... وقوله تعالى: {إنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَليْها حَافِظُ}[71] بتشديد الميم، أي: ما كل نفس إلا عليها حافظ.... ويبدو أن أكثر ما تستعمل (إنْ) هذه قبل (إلاّ)، أو في معناها.... أي أكثر استعمالاتها في القصر، وقد تستعمل في غير القصر.... نحو قوله تعالى: {قَلْ إنْ أَدْرِي أقَرِيْبُ مَا تُوعَدُونَ }[72]) [73].

وأمّا (هَلْ) فقال عنها (في احد استعمالاتها كإن النافية معنى واستعمالاً، تستعمل في القصر كقوله تعالى: {هَلْ جَزَاءُ آلاحْسَانِ إلاّ آلاحْسَانُ }[74] وتستعمل في غير القصر.... كقول امرئ القيس:

وان شفائي عبرة مهراقة وهل عند رسمٍ دارسٍ من معوّلِ

أي ما عند رسمٍ دارسٍ مِن معوّل)[75].

وقال: (وتدخل (هل) على الجمل الاسمية كما مرّ من أمثلة، وعلى الجمل الفعلية، كقولنا: هل قامَ إلاّ زيدُ ؟ وقوله تعالى: { هّلْ يَنْظُرونَ إلاَّ السَّاعَةَ}[76])[77].ولدينا في علم البلاغة أن ألفاظ الاستفهام قد تخرج عن اصل وضعها فيستفهم بها عن الشيء مع العلم به لأغراض تستفاد من سياق الحديث ودلالة الكلام، والنفي احد تلك الأغراض التي ذكرها المراغي[78].

وأما الأدوات المركّبة فهي اقرب إلى مجالي البحث النحوي واللغوي، والمختصون في هذين المجالين اقرب إلى تفصيلهما ودراستهما بما يتناسب والتخصص. وأسلوب النّفي، قد أشار إليه ابن رشيق القيرواني في العمدة، حين ذكر(نفي الشيء بإيجابه)، قال: (وهذا الباب من المبالغة وليس بها مختصاً، إلا انه من محاسن الكلام فإذا تأملته وجدت باطنه نفياً وظاهره إيجاباً)[79].

(أسلوب الاستفهام)

عّرف الدكتور المخزومي الاستفهام بأنه: (أسلوب لغوي أساسه طلب الفهم، والفهم هو صورة ذهنية تتعلّق أحياناً بمفرد، شخص أو شيء، أو غيرهما، وتتعلّق أحياناً بنسبة، أو بحكم من الأحكام، سواء أكانت النسبة قائمة على يقين أم على ظن أم على شك)[80].

وهذا الأسلوب، أحد أنواع الإنشاء ألطلبي الذي يستدعي مطلوباً غير حاصل وقت الطلب، ويكون بالأمر تارةً وبالنهي أخرى، وبالتمنّي ثالثة، وبالنداء رابعة، وبالاستفهام خامسة.

وهو عند البلاغيين: طلب العلم بشيء لم يكن معلوماً من قبل.

وأشار المخزومي في حيثيات التعريف بان الاستفهام استعلام عن نسبة تكون خبراً سواء أكان الخبر مثبتاً أم منفياً، وقال:(ولهذا لا يُستفهم عن الطلب، ولا يُستفهم عن أنشاء)[81].

وأجدني أرى ألتباساً في القسم الثاني من عبارة أستاذنا المخزومي فكيف: (لا يُستفهم عن إنشاء) ؟ والاستفهام نوع من أنواع الإنشاء ألطلبي ؟!

وأنواع الإنشاء التي ذكرها، وقال عنها بأنه لا يُستفهم عنها هي:

1. أفعال العقود والمعاملات والمعاهدات، نحو: بعتُ وزوّجت وأوقفتُ.

2. أفعال المدح والذّم، نحو: نِعمَ وبئسَ وحبّذا ولاحبّذا.

3. أفعال التعجّب، نحو: ما أفعلَهُ، وأفْعِلْ به.

4. أفعال الدعاء واللعن، نحو: رحمهُ الله، ولعنَهُ الله.

فكل هذه[82] قد تضمّنت نسبة تحقّقت بتمام الكلام ولا مجال للاستفهام عنها ولانّ الاستفهام هو استعلام عن وقوع نسبة يجهل المستفهم تحقّقها. وطلب الفهم عن مفرد، نحو، أخالداً زرت ؟ فالسؤال هنا عن شخص. والاستفهام عن نسبة، نحو: أسلمتَ الرسالةَ إلى خالد ؟ فالمسَتفْهَم عنه هنا هو تسليم الرسالة في الماضي وهو نسبة بين المخاطب وما اسند إليه.

أدوات الاستفهام:

ذكر الدكتور المخزومي تلك الأدوات على الشكل الأتي:

(ويُستخدم لتأدية هذه الوظيفة اللغوية أدوات:

أ‌- بعضها اصل في الاستفهام وهو الهمزة و(هل)....

ب‌- وبعضها كنايات، حُملت على الهمزة، وهل حملاً.)[83].

كما أشار المخزومي إلى أن (هل) تستعمل في غير الاستفهام لتدلّ على ما لا تدلّ عليه في الاستفهام وذلك في حالتين:

1. تستعمل بمعنى (قد) للتحقيق أو لتقريب الزمان الماضي من الحاضر كقول الله تعالى: {هَلْ أتَى عَلى الإنْسَانِ حِينُ منَ الدَّهْرِ لمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُورا }[84].

مستفيداً من قول الزمخشري: (هل أتى، أي قد أتى، على معنى التقرير والتقريب جميعاً أي أتى على الإنسان قبل زمان قريب طائفة من الزمان الطويل الممتد لم يكن فيه شيئاً مذكورا بل شيئاً منسياً، نطفة في الأصلاب)[85].

وذكر: (وربّما ذهب الزمخشري إلى أنها بمعنى (قد) أبداً وان الاستفهام مستفاد من همزة مقدّرة معها، وقد تظهر هذه الهمزة أحياناً كما في قول الشاعر:

سائل فوارسَ يربوع بشدّتنا أهَلْ رأونا بسفحِ القاعِ ذي الأكمِ)[86].

وعند مراجعتي نّص الزمخشري وجدته يقول: ("هل " بمعنى "قد" في الاستفهام خاصة، والأصل: أهَلْ....)[87].

2. وتستعمل نفياً بمنزلة (ما) وذلك في حالتين:

أ. في القصر كقوله تعالى: { هَل جزاءُ الإحسانِ إلاّ الإحسانِ }[88].

ب. وفي غير القصر أيضاً كقول امرئ القيس:

وان شفائي عبرة مهراقة وهَلْ عندَ رسمٍ دارسٍ من مُعوّلٍ

((وذلك بدليل زيادة (مِنْ) التي تُزاد إلاّ في سياق النفي))[89].

ومثل قوله الأخر:

يقول إذا اقلولى عليها وأقردت الأهَل أخو عيشٍ لذيذ بدائم

" فقد زيدت الباء بعدها، ولا تُزاد الباء إلاّ في سياق النفي "[90].

وعند العودة إلى كنايات الاستفهام عند المخزومي نجد تخريجاً فنّيّاً يقول فيه: ((والطريقة الثانية: تقوم على (التقديم والتأخير)، وذلك فيما مرّ من كنايات وذلك لان المستَفهْم عنه بها هو ما تضمنته (الكناية) نفسها من معنى، فالمسؤول عنه بِمَنْ: هو الشخص وهو مدلول (مَنْ) نفسها، والمسؤول عنه بما: هو الشيء وهو مدلول (ما) نفسها، والمسؤول عنه بأيْنَ هو المكان وهو ما تدلّ عليه (أين) نفسها والمسؤول عنه بكَيْف هو الحال، والحال هو ما تدلّ عليه (كَيْفَ) نفسها وهكذا سائر الكنايات))[91].

فهو في هذا يرى بان هذه الكنايات تتضمن معنى الاستفهام، وان الاستفهام في جميعها يستند إلى ما طرأ على نظام الجملة من تغيّر بتقديمها.

وبهذا فهو يقول: ((فالاستفهام إذن بهذه الكنايات ليس بالأداة ولا بها نفسها، ولكنه بالتقديم والتأخير، أي بتقديم ماحَقُّه التأخير وتأخير ما حّقُّه التقديم)) [92].

وهذا الرأي مرتبط بعلم الدّلالة وهو رأي لساني كبير يجب الوقوف عنده قليلاً والتبحّر في توصيلاته اللغوية.

وضمن نظام الجملة في الاستفهام (قد تُحذف أداة الاستفهام وتبقى الدلالة عليه معتمدة على لحن القول كقول عمر بن أبي ربيعة:

فواللهِ ما أدري وان كنتُ دارياً بسبعٍ رمين الجمر أم بثمانِ ؟...

ولا يحذف من أدوات الاستفهام إلا الهمزة لأنها هي أم الباب كما يقولون، ولان للاستفهام بها أسلوبا متميزاً في الغالب كورود (أم) بعدها في سياق الكلام. أما غير الهمزة فلا يحذف لان حذفه يذهب بالدلالة على الاستفهام.

أمّا (هل) فلها دلالة خاصة يخشى ذهابها إذا حُذفت، وهي الاستفهام عن النسبة.

وأمّا الكنايات فلأن المسؤول عنه بها إنمّا هو منها ومدلول لها، فإذا حذفت ضاعت الدّلالة وذهب الاستفهام)[93].

فالمدلول الذي تطرّق إليه أستاذنا المرحوم الدكتور المخزومي لم يكن المدلول الحقيقي للاستفهام، بل هو المدلول الأخر الذي يُستفاد من القرائن ولحن القول،كالنفي، والإنكار، والتشويق، والتعظيم، والتوبيخ، والتحقير، والتقرير. وهذه المعاني الاخرى يمكن انجلاؤها من خلال السياق الذي يحمله لحن الكلام كما ذكر المخزومي.

وهذه دعوات أراد لها المخزومي أن تنضج من جديد ويتناولها النحاة في مباحثهم، وهو بهذا يعيد دراسة الدّلالة أسلوبيّاً.

(أسلوب الجواب)

أشار الدكتور المخزومي إلى أن كتب النحو لم تفرد للاستفهام باباً ولم تدرس أدواته وطرائقه في فصل خاص بها سوى ماكان تناولاً عارضاً أو طارئاً كما ذكر بأنها خلت أو كادت من الكلام على (الجواب) بوصفه اسلوباً، سوى ما قام به الزمخشري في مفصله وابن هشام في (مُغنى اللبيب) عند الحديث عن أدوات الاستفهام والجواب عرضاً لا فحصاً أسلوبياً، ولا علاقة لاحدهما بالأخر، وتمنّى على ابن هشام إقامة دراسته على منهج لغوي واضح ولو كان ذلك حاصلاً منهجياً لما تفرقت الأدوات اشتاتاً.

ويعد المخزومي الباحث الأول في جمع ذلك الشتات، قال:(وأدوات الجواب الذي تقتضيه ملابسات القول وتمليه علاقة المتكلم بالمخاطب هي: نَعَمْ، بلى، أجَل}، إي، جَيْرِ، إنَّ، لا)[94].

وقد تحدث عن هذه الأدوات تفصيلاً وعارضاً للمتلقي مسالة اتصال استعمالها قديماً وحديثاً، قال: (والشائع المستعمل من هذه الأدوات هو: نَعَمْ، وأجَلْ، وإي، في التصديق، وبلى، و(لا) في النقض أما جير، وانَّ فلم يكن لهما اثر إلا في نقول محفوظة وأكثرها في الشعر كما مر)[95]. وان هذه الأدوات تقع في جواب الاستفهام بِهَلْ أو الاستفهام بالهمزة في أكثر صورة. (أمّا الاستفهام بهمزة التسوية والاستفهام بالكنايات فلا يجاب شيء منه بهذه الأدوات.... وكذا يجاب عن الاستفهام بالكنايات،... ولا يقع الجواب عن ذلك كلّهِ بنَعَمْ ولا بإحدى أخواتها من أدوات الجواب)[96].إن المخزومي في هذا المبحث قد تأثر بالبلاغيين، بيد انه فاقهم حين جعله أسلوباً فاحصاً.

(أسلوب الشرط)

لقد فصّل المخزومي هذا الأسلوب وجملته وانتصر لعبد القاهر الجرجاني في جعل الشرط وما عُطف عليه جملةً واحدة نحو قوله تعالى: {وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئةً أوْ إثماً ثمّ يَرْم به بريئا فَقَدِ آحتمَل بُهتاناً وإثمْاً مُبيناً }[97].

وهذا الانتصار لرأي الجرجاني وجعله على حق، قد علّله أستاذنا قائلاً: (لان هذا هو ما يستفاد من أداة العطف التي هي نص على شركة ما بعدها وما قبلها في الحكم، وإذا كان الجرجاني على حق في هذا فجعل عبارتي الشرط والجزاء جملة واحدة أولى وألزم لان العبارتين في جملة الشرط ترتبطان بواسطة أداة الشرط ارتباطاً وثيقاً لا يتصور معه استقلال أحدى العبارتين عن الأخرى)[98].

والنحاة لم يتناولوا الشرط بوصفه اسلوباً منفصلاً، وإنما تناولوه حين عرضوا الجزم بوصفه اعراباً وبوصفه اثراً لأحد العوامل، وقرروا انه إنما يقوم على جملتي الشرط وجوابه.

وعن الجملة التي تقترن بالفاء عند النحاة كقياس والذين قالوا بأنها لا تصلح أن تكون شرطاً لانّ سياق الشرط فعلي. وعاب عليهم المخزومي حالة الوقوف عند هذا الحد قائلاً: (فلم يتقدّموا بتوضيح أو تفسير يقرّب المسالة من ذهن الدارس، والمسالة هنا ليست لفظية وليست ابتكاراً عقلياً ولكنها تقوم في اكبر الظن – على ما قررناه للشرط من دلالة وعلى عدم تحمل هذه الصور التعبيرية لها منفردة غير مقترنة بالفاء)[99].

وأشار إلى نظام الجملة في الشرط، وعن تصدّر أداة الشرط ثم كيف يتغير ذلك النظام حين تتقدم عبارة الجواب على أداة الشرط، وماذا بعد ذلك، يقول: (.... فتبقى الدلالة، ويبقى الأسلوب، نحو قوله تعالى:{ فَذَكَّرْ إن نَفَعَت الذّكْرَى}[100]).[101] وهذا التقديم في هذا الشاهد وغيره من الشواهد القرآنية التي ذكرها هذا الأستاذ وقال عنها بأنها فصيحة ولسنا بحاجة إلى تقدير جواب نفترض انه محذوف كما كان النحاة يفعلون ويقدّرون ويمنعون تقدّم الجواب على أداة الشرط مستندين إلى قاعدتهم في أن للشرط صدر الكلام وابتعدوا عن الظاهرة الأسلوبية في اللغة بدلالة ما قبل الأداة من كلام عليه. وهذا ما أكده التعبير ألقراني الجميل.

وحين تناول (أدوات الشرط) ذكر بان هذا الأسلوب يعتمد في دلالته على طائفتين، منها ما يدل على الشرط أصالة، وهي: إن، وإذا، ولو، وماذا كان يرى أهل المعاني (بأنها تستعمل مع المشكوك في وقوعه) كالخطيب في الإيضاح[102]. ومنها: كنايات تدل على الأشخاص والأشياء والأزمنة والأمكنة والأحوال وغيرها أصالة، ولكنها تستعمل استعمال الأدوات في الشرط بتعليق الجواب على الشرط) نحو: ما، ومَنْ، وأيّ، وأين، ومتى، وأيّان، وكيف، وأنَّى، وحيثما.

وكان للمخزومي تعليق فني دلالي على هذه الأدوات، قال (ولا بد لهذه الأدوات من سياق فعلي، ولا بد أن يكون شرطها فعلاً، وقد مر بنا أن فعل الشرط يحتمل الأمرين، التحقق وعدمه، أي: يجوز أن يقع، ويجوز أن لا يقع.هذا هو ما يُعّبر عنه أسلوب الشرط)[103].

وكان لهذا الأستاذ تعليقه على الخطيب قائلاً: (أمّا ما ذهب إليه الخطيب في إيضاحه من أن الأصل في (إنْ) ألاّ يكون الشرط فيها مقطوعاً بوقوعه، وان الأصل في (إذا) أن يكون الشرط فيها مقطوعاً بوقوعه.... فيه من تحميل لهذا الأسلوب ما لا يحتمل، كل ما هنالك أن المتكلم باستعماله صيغة الماضي يوهم السامع برجحان احد الطرفين على الأخر، ومعنى هذا أنّ تصوّر الطرف الثاني مايزال قائماً)[104].

كما أشار إلى الكثير من الأمثلة[105] لإظهار أمنية مقطوع بعدم تحقّقها، أو للتعبير عّما لا رجاء في تحقّقه ولا طمع في وقوعه.

وعاب على النحويين خلطهم بين أسلوبي النفي والشرط وجعلهما في موضوع واحد.

- كما فعل ابن مالك[106]. وبيّن ما كان بينهما من فرق من حيث المنبع والدلالة وكيف أن النفي يعّبر عن حكم، في حين أن الشرط لا يعبّر عن حكم، ولا. دلالة، على تحقيق محتواه، أو عدم تحقّقه. ولكنّ ظاهرة أنجزام الفعل بعدها، عالج أولئك النحاةُ الجزمَ على النحو الذي جروا عليه في معالجة الحركات، واعتبارها آثاراً لعوامل[107].

(أسلوب النِّداء)

وهو يتعيّن في تنبيه المنادَى وحمله على الالتفات. ويعبّر عن هذا المعنى أدوات استعملت لهذا الغرض كالهمزة في النداء القريب الذي لا يقتضي رفع الصوت ولا مدّه، و(يا) للمتوسط في البعد، و(أيا، وهيا) للبعيد، و(وا) التي تفيد التنبيه وتقتضي الإطالة ومدّ الصوت.

وقد فصّل القول في هذا الأسلوب، وقال في خلاصته: (أن النّداء ليس جملة فعلية ولا جملة غير أسنادية، وإنمّا هو مركّب لفظي بمنزلة أسماء الأصوات يُستخدم لإبلاغ المنادَى حاجة، أو لدعوته إلى إغاثة أو نصرة، أو نحو ذلك)[108].

وانه كان قد أولى أدوات هذا الأسلوب اهتمامه فيما أدّته من وظيفة لغوية واستعمال دلالي، وعاب على البصريين والكوفيين مراوحتهم في عامل الجزم وحسب، في حين انه تأثرّ بآراء البلاغيين من علماء الشعر ونظّر للتلقّي.

الخاتمة:

وخاتمة البحث، أرجو فيها أني وُفّقت في هذه القراءة الجديدة لفكر الدكتور المخزومي، حيث تناولت القيم النقدية المرتبطة [ بأساليب التّعبير وأفرزتها من كتابه الموسوم (في النحو العربي ـ نقد وتوجيه) على وجه الخصوص.

المصادر والمراجع:

1. القران الكريم.

2. الإيضاح في علوم البلاغة. للخطيب القزويني. تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد. القاهرة، مطبعة السنة المحمدية، (د. ت.).

3. التلخيص في علوم البلاغة. للخطيب القزويني. تحقيق عبدالرحمن البرقوقي. القاهرة، المكتبة التجارية الكبرى، 1904م.

4. جوهر الكنز. ابن الأثير الحلبي. تحقيق الدكتور محمد زغلول سلام. الإسكندرية، منشأة المعارف، (د. ت.).

5. الشعر والشعراء – لابن قتيبة. تحقيق احمد محمد شاكر. ط2. القاهرة، دار المعارف بمصر، 1982م.

6. الطّراز – يحيى بن حمزة العلوي. القاهرة، مطبعة المقتطف 1914م – 1332هـ.

7. علم المعاني. الدكتور عبدالعزيز عتيق. القاهرة، دار الأفاق العربية، 1424هـ - 2004م.

8. علوم البلاغة. احمد مصطفى المراغي. بيروت، دار القلم، (د. ت.).

9. العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده لابن رشيق القيرواني. تحقيق محمد محي الدين عبدالحميد.ط4. بيروت، دار الجيل، 1972م.

10. في النحو العربي – نقد وتوجيه. الدكتور مهدي المخزومي. صيدا – بيروت، المكتبة العصرية، (1384هـ - 1964م).

11. الكشاف – للزمخشري. تحقيق عبدالرزاق المهدي. ط2. بيروت، دار أحياء التراث العربي، 1421هـ - 2001م.

12. المطوّل – للتفتازاني. تحقيق الدكتور عبدالحميد هنداوي. بيروت، دار الكتب العلمية، 1424هـ.

معجم المصطلحات البلاغية وتطوّرها. الدكتور احمد مطلوب. بغداد، المجمع العلمي العراقي، 1403 – 1406هـ / 1983 – 1986 م.

الهوامش

 


 

[1]- في النحو العربي – نقد وتوجيه - /31 .

[2]- م.ن./33.

[3]- م.ن./225

[4]-م.ن./226.

[5]- م.ن./226.

[6]- م.ن./226.

[7]- انظر : م.ن./5-12

[8]- انظر : علم المعاني. عبدالعزيز عتيق./7-23.

[9]- في النحو العربي – نقد وتوجيه / 233.

[10]- م.ن./234.

[11]- م.ن./234.

[12]- م.ن./234.

[13]- م.ن./235.

[14]- انظر : المطوّل للتفتازاني./ 166-178.

[15]- في النحو العربي – نقد وتوجيه /237.

[16]- (1) م.ن./237.

[17]- م.ن./237.

[18]- (1) م.ن./237 -238.

[19]- من سورة يس /16.

[20]- في النحو العربي. نقد وتوجيه./238.

[21]- م.ن. /238.

[22]- م.ن. /238.

[23]- من سورة البقرة /173.

[24]- في النحو العربي / 238- 239.

[25]- في النحو العربي /239.

[26]- في سورة الأعراف /33.

[27]- في النحو العربي /240.

[28]- م.ن./240.

[29]- م.ن./240.

[30]- م.ن./240.

[31]- م.ن./240.

[32]- في النحو العربي /240.

[33]- من سورة البقرة /74.

[34]- من سورة الغاشية /22. وتكتب السين من (بمسيطر) صاداً باللفظ القرآني.

[35]- البيت: للنابغة الذبياني. وقد ذكره ابن قتيبة في الشعر والشعراء. جـ1/172.

[36]- في النحو العربي /241.

[37]- التلخيص./228.

[38]- المطوّل./497.

[39]- في النحو العربي /241.

[40]- م. ن./241.

[41]- م. ن./241.

[42]-من سورة الأنعام /59.

[43]- من سورة اُلْملك /3.

[44]- من سورة (المؤمنون) /91.

[45]- من سورة اُلملْك /3.

[46]- في النحو العربي /241.

[47]- في النحو العربي /242.

[48]- من سورة الفاتحة /3.

[49]- في النحو العربي /242.

[50]- في النحو العربي /242.

[51]- م. ن. /242 – 243.

[52]- م. ن./243.

[53]- من سورة الزُّمر /66.

[54]- في النحو العربي /243.

[55]- 2/39.

[56]- من سورة البقرة /35.

[57]- في النحو العربي /243 - 244.

[58]- م. ن./ 244.

[59]- من سورة آل عمران /104.

[60]- من سورة الرحمن /68.

[61]- م. ن./ 244.

[62]- الطراز. جـ2/176.

[63]- معجم المصطلحات البلاغية وتطورها. جـ1/236.

[64]- م. ن. جـ2 /394. وانظر أيضاً: جوهر الكنز /257.

[65]- معجم المصطلحات البلاغية وتطورها. جـ2 / 394 – 395.

[66]- في النحو العربي – نقد وتوجيه /246.

[67]- : م. ن./ 247.

[68]- م. ن./ 248.

[69]- م. ن./ 248.

[70]- من سورة الملك /20.

[71]- من سورة الطارق /4.

[72]- من سورة الجن /25.

[73]- في النحو العربي /252-253.

[74]- من سورة الرحمن /60.

[75]- في النحو العربي /254.

[76]- من سورة الزخرف /66 وسورة محمد /18.

[77]- في النحو العربي /254.

[78]- علوم البلاغة – احمد مصطفى المراغي / 66-68.

[79]- انظر: العمدة. جـ2 /80-82.

[80]- في النحو العربي / 264.

[81]- م. ن./ 264.

[82]- م. ن./ 264-265.

[83]- في النحو العربي / 265-270.

[84]- من سورة الإنسان /1.

[85]- في النحو العربي / 269 وانظر أيضاً: الكشاف للزمخشري. جـ4 /666.

[86]- في النحو العربي / 269.

[87]- الكشاف. جـ4/666.

[88]- من سورة الرحمن /60.

[89]- في النحو العربي / 269.

[90]- م. ن. /270.

[91]- في النحو العربي / 274 - 275.

[92]- م. ن. / 275.

[93]- م. ن. / 275 – 276.

[94]- في النحو العربي /279.

[95]- م. ن. /282.

[96]- م. ن. /282 – 283.

[97]- من سورة النساء /112.

[98]- في النحو العربي /285.

[99]- م. ن. /289.

[100]- من سورة الأعلى /9.

[101]- في النحو العربي /289.

[102]- انظر أيضاً: الإيضاح /67.

[103]- في النحو العربي /295.

[104]- م. ن. /265 – 296.

[105]- انظر: م. ن. /296- 297.

[106]- م. ن. /298.

[107]- في النحو العربي /298.

[108]- في النحو العربي – نقد وتوجيه / 311