من صفحة: 284
إلى صفحة: 297
النص الكامل للبحث: PDF icon 170624-111738.pdf
البحث:

 

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.

وبعد:

فيمكن أن تفخر كل أمة بأيام لها عظيمة، واكتسبت تلك الأيام عظمتها من مواقف متميزة، وقفها بعض أبنائها من المتميزين، إذ ليس كل إنسان يستطيع أن يجود بنفسه، وبما يملك من غال ونفيس في سبيل القيم والمبادئ، وان عامة الناس يقدمون السلامة والحصول على المكاسب المادية على الأمور المعنوية، و المبادئ الفكرية التي يؤمنون بها.

 وفي تاريخنا العربي الإسلامي نماذج من أولئك الرجال، الذين وقفوا مثل تلك المواقف المتميزة. ولعل في مقدمتهم نبينا الكريم6 الذي ضحى بكل ما بذلته له قريش من أجل تحقيق القيم السماوية التي تضمنتها شريعة الإسلام السمحاء، فقد روي عنه إنه قال: " والله لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله، أو أهلك دونه ".

 وقد حذا سبط رسول الله حذو جده المصطفى، يوم وقف في كربلاء سنة إحدى وستين هجرية، قائلاً: " والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر إقرار العبيد ". وأصر على نيل الشهادة، والتضحية بدمه الطاهر، ودماء أهل بيته وأنصاره، ليوقظ ضمير أمة أراد له المتجبرون و الطغاة أن يبقى في سبات الجاهلية، وهكذا كانت نهضة الحسين7 مقدمة لثورات فجرها المجتمع المسلم لمحاربة الظلم والجور على امتداد التأريخ، وراح الأدباء ومنهم الشعراء خاصة ينقلون مبادئ النهضة الحسينية كابراً عن كابر، وشاعراً عن شاعر ومن جيل إلى جيل ومن قرن إلى قرن وصولاً إلى عصرنا الحاضر.

 لقد نهض هذا البحث المتواضع بمهمة تسليط الضوء على نماذج من الأدب الحسيني الذي عرفته مدينة كربلاء المقدسة في زمن وجد فيه الأدباء متنفساً للتعبير عن مشاعرهم اتجاه هذه النهضة، واقتضت طبيعة البحث أن يقسم إلى مبحثين يتقدمهما تمهيد عن واقعة كربلاء و الشعر الحسيني، وكان المبحث الأول دراسة موضوعية لهذا الشعر، إذ لم تقف القصيدة الحسينية المعاصرة في مدينة كربلاء، عند حدود الواقعة التاريخية المعروفة، وإنما تجاوزتها إلى موضوعات سياسية واجتماعية ووطنية، وغير ذلك، أما المبحث الثاني فقد تضمن لمحات فنية مما تميزت به القصيدة الحسينية في مدينة كربلاء، وإن الباحث لم يختر نماذج من غير الشعر التقليدي (العمودي) فقد ألزم نفسه بقصائد بعينها ألقيت في مهرجان معين أشير إليه في التمهيد وانتهى البحث بخاتمة احتوت أهم النتائج والمقترحات. ولم يدخر الباحث جهداً في الاطلاع على المصادر والمراجع الأدبية والنقدية والتاريخية، التي أمدته بمادة بحثه. وأخيراً فإن كنا قد أحسنا في جهدنا المتواضع هذا فذلك بتوفيق من الله تعالى، وإن كانت الأخرى، فلنا أجر ما اجتهدنا فيه، وهو جهد المقل.

التمهيد: واقعة كربلاء والشعر الحسيني:

 الحسين اسم كبير، يتغلغل حبه في أعماقنا، ويجري الولاء له مجرى الدم في عروقنا، والقصيدة الحسينية من أروع ما كتب في الشعر العربي قديماً وحديثاً.

 إن واقعة كربلاء في اليوم العاشر من شهر محرم الحرام سنة 61 هـ واقعة دامية لم يشهد لها التأريخ مثيلاً، وذلك عندما قدم إليها سبط رسول الله6 الحسين بن علي8, تلبية لإلحاح أهل الكوفة، بأن يقدم عليهم " فإن الناس ينتظرونك, لا إمام لهم غيرك " ([1])، " وأقدم إلينا فإنه ليس علينا إمام، فلعل الله يجمعنا بك على الهدى والحق " ([2]). حتى اجتمع عنده من كتبهم، ما يملأ خرجين ([3])، وما أن توجه إلى العراق، حتى سخرت الدولة الأموية إمكاناتها المادية و الإعلامية، لتفريق الناس عنه، ومنعهم من نصرته والثورة عليه، وجيشت له جيشاً، قدر عدد أفراده بأكثر من أثنين وعشرين ألف مقاتل ([4]). ولم يكتفوا بمنع الماء عنه، وتعريضه مع أفراد أسرته، وأصحابه للعطش الشديد ([5]) بل بلغت بهم الجرأة على الله ورسوله، إذ امتدت أيديهم اللئيمة لتحتز رأسه الشريف ([6]) وداسو بحوافر خيولهم جسده الطاهر ([7]) وساروا برأسه وبأسرته (كما تساق الأسارى) ([8]) من بلد إلى بلد، وصولاً إلى الشام، حيث يتربع يزيد بن معاوية على عرش الخلافة مع معرفتهم أن الحسين7، (أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء)، كما عبّر عن ذلك عبد الله بن عمر بن الخطاب. ([9])

إنّ ما أصاب الإمام الحسين7 في كربلاء لا يقف عند حدود المأساة الإنسانية فحسب، وإنما يمتد ليصبح قضية إنسانية وإن ثورة أبي الشهداء ضد الانحراف، الذي مارسه الحاكمون في ذلك الوقت تمتد إلى ضمير الإنسانية، لتصبح (قضية الأحرار تحت أي لواء إنضووا، وخلف أي عقيدة ساروا). ([10]) لهذا كتب عن نهضة الإمام الحسين 7 أروع التراث الأدبي والفكري، ومنه ذلك التراث الشعري الضخم، الذي تغنى بمدح الإمام الحسين 7 والانحناء لنهضته، والبكاء على ما أصابه وأصاب عياله، وأهل بيته وأنصاره.

 وعلى الرغم من أن بعض الباحثين حاول توثيق، ذلك التراث وكتابة تأريخه، وعرض نماذج منه، ومن هؤلاء السيد جواد شبر في كتابه: (أدب الطف أو شعراء الحسين)، المطبوع بعشرة أجزاء. ([11]) الا أن حدود البحث تتسع باستمرار، ولا تقف عند حد، لأن الأجيال الجديدة من الأدباء و الشعراء تتواصل مع ما سبقها، فتتسع المساحة التي يحتلها الشعر الحسيني في الأدب العربي، فلا يكاد ديوان شعري يصدر، إلا ونجد فيه قصيدة، أو أكثر في الإمام الحسين7 ولا يكاد يخلو مطبوع دوري من نموذج أو أكثر في الأدب الحسيني الرسالي الملتزم، ومهما امتد أثر النهضة الحسينية في الشعر العربي مكانياً وزمانياً، يبقى لمدينة كربلاء مكان متميز، ولذكرى عاشوراء منزلة خاصة، ذلك إن المكان له أثر كبير على الشاعر، فكل بقعة من بقاع كربلاء تذكر بواقعة عاشوراء، وكل ذرة من ترابها تحمل ذكرى من ذكريات أهل بيت النبوة عليهم السلام، وكل نسمة من نسائم هوائها تعبق بعطر الولاية والشهادة.

 وقد اعتاد الناس في أيام شهر محرم الحرام، ولاسيما اليوم العاشر منه على إعلان الحزن، وإحياء ذكرى شهادة الإمام الحسين 7، وإنشاد القصائد الشعرية من فصيح ودارج. ([12]) وعلى الرغم من الكبت الذي تفرضه بعض الأنظمة السياسية الحاكمة ([13])، إلا أن هذا العطاء الأدبي يبقى متدفقاً، ليس من أجل الاستعاضة به (عن مدح الزعماء والحكام) ([14]). وإنما لأن الإمام الحسين7 يمثل نموذجاً رائعاً للتكامل الإنساني، والكتابة في خلقه الكريم، وصلابة موقفه، تؤدي إلى تشجيع الناس على الاقتداء به.

لهذا فإن الأئمة من آل بيت النبوة، وعدوا من قال فيهم بيتاً من الشعر ببيت في الجنة ([15])، فقد دعا الإمام الصادق7 للشاعر الكميت بن زيد الأسدي عندما أنشده قصيدة في مدح أهل البيت، ورثاء شهدائهم بقوله: (اللهم اغفر للكميت ما قدم وأخر، وما أسر، وما أعلن، واعطه حتى يرضى ) ([16]) لهذا السبب فإن النتاج الأدبي الحسيني يتفجر، ما إن تنحسر دياجي الطائفية والقمع، وتشرق شمس الحرية، وهذا ما حصل فعلاً إذ فتحت جامعة كربلاء ذراعي مودتها، وتشرفت باحتضان أدباء كربلاء الكرام ليطلقوا كلماتهم المؤمنة الملتزمة في رحاب هذه الجامعة منذ سنة 1425 هـ / 2004 م،فأقامت مهرجانها الحسيني الشعري الأول، وصار هذا المهرجان تقليداً سنوياً،، فكان المهرجان الحسيني الشعري الثاني في شهر محرم الحرام، سنة 1426 هـ / 2005م، وكان المهرجان الحسيني الشعري الثالث 1427 هـ / 2006 م، والمهرجان الحسيني الشعري الرابع سنة 1428 هـ / 2007 م.

وقد نظرت في وقائع المهرجانين الشعريين الثاني والثالث، إذ احتواهما كراسان طبعتهما الجامعة، وقد تضمنا نماذج من شعر شعراء كربلاء وإن تسليط الضوء على تلك النماذج الشعرية ساعد الباحث في الوقوف على موضوعات وخصائص القصيدة الحسينية المعاصرة.

المبحث الأول: موضوعات القصيدة الحسينية في أدب كربلاء المعاصر

لم تقتصر القصيدة الحسينية في أدب كربلاء المعاصر، كما في غيرها على رثاء الإمام الحسين7، والبكاء عليه، وذكر محاسنه ([17])، ولم يكن أبو الشهداء ميتاً كالأموات الآخرين الذين يرثيهم الشعراء، وانما كان شهيداً، وإن ظروف شهادته فيها من القسوة، مما يوحي للشعراء. بمعان غير تلك التي تضمنتها قصائد الرثاء التي تقال في من لم يمر بمثل تلك الظروف ([18])، ثم إن هدف الإمام الحسين7 في نهضته المقدسة، كان عاملاً آخر يضاف إلى معاني الرفض للظلم والانتصار للمظلوم فاتسعت لمعاني (الحرية والصمود والتحرر والتضحية وتفضيل الآخرة على الدنيا.....) ([19]).

وقد أحب الناس ومنهم المسلمون على وجه الخصوص هذا الثائر العظيم، وهم مأمورون بذلك، إذ روي عن الرسول الكريم6 (حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط) ([20])، لهذا يقول الشاعر كاظم جواد الحلفي ([21]) مخاطباً الإمام الحسين7. ([22])

أودعت فيك محبتي وشعوري
فتشت عن كنه الحقيقة في الدنا
 

 

وبلغت فيك عوالماً من نور
فوجدتها بعطائك الموفور
 

 

ودفع محبو أهل البيت7 على مر التأريخ ثمناً باهضاً بسبب عشقهم الحسيني وقد عبر عن هذا المعنى رضا الخفاجي ([23]) قائلاً: ([24])

للآن ترشدنا وتلهم عشقنا
وهواك في الشدات يصقل صبرنا
ونجود لم نأبه بأي كريهةً
ولقد بذلناها الدماء رخيصةً
ولقد بذلناها ولما تنته
 

 

فهواك في الوجدان غير مغيب
فيهب إيثار لنا لم ينضب
فلقد عشقنا النهج دون تهيب
كي نرتقي بإبائنا المتوثب
فدماؤنا فياضة لم تجدب
 

 

وعلل الشاعر علي الصفار ([25]) حب الحسين7 بالحديث النبوي الشريف المشار إليه سابقاً، والذي دعا فيه النبي6 إلى حب الحسين7 ونبينا الكريم6 (ما ينطق عن الهوى) ([26]), فأمره تشريع إلهي يجب على المسلمين الالتزام به, إذ يقول ([27])

أنا يا حسين أراك شمس عقيدتي
و (حسين مني) شاهد لعقيدتي
ما كان ينطق عن هوى خير الورى
أنا يا حسين أراك ورد رياضنا
 

 

وثبات ديني كعبتي إذ أحرم
وبسيفي ملقيها أصول وأهجم
حاشاه هذا دس من يتجرم
ريحانة الهادي بعطرك مغرم
 

 

 ومما يلهب مشاعر الناس وعواطف الشعراء، منهم خاصة إن أبا الشهداء7 هو القتيل الذي انتصر ليس على جبابرة زمانه فقط، وإنما على الطغاة والجبابرة جميعاً ولا تزال صرخته المجلجلة تهز عروش الظالمين، يقول الشاعر علي كاظم سلطان ([28]) من قصيدة له. ([29])  

عشقناك يا لغة الثائرين
عشقنا قتيلاً يهز العروش
 

 

ويا صرخة الحق إذ تصدح
وسيرا يتيه به الأنصح
 

 

 وصار الحسين7 عنواناً للمجد، وسما ذكره على مر الدهور، وقد عبر عن هذا المعنى الشاعر حسين فهمي الخزرجي ([30])، قائلاً. ([31])

سما بك المجد  فخراً صار عنواناً
سما بك المجد مزهواً بما بلغت
سما بك المجد يا سبط الرسول فقد
 

 

للثائرين وأهدافاً وإيماناً
أهدافك الغر في تأريخ دنيانا
سموت يا سيدي مذ مت ضمآنا
 

 

   لقد وقفت القصيدة الحسينية عند عدد من القضايا ذات العلاقة بشخص الحسين7 فهو حفيد الرسول الكريم6 وحامل رسالته والثائر لنصرة دينه، وعبر عن ذلك الشاعر ناصر السعدي ([32])، قائلاً([33])  

يا ابن النبي وأنت ملهمنا
ما زلت تحيا في ضمائرنا
 

 

ومنارنا الهادي إلى البر
رمزاً بوحي جهاده نسري
 

 

 وتوقف الشعراء عند صفاته الخلقية، فذكروا سخاءه فهو من بيت معروف بالكرم والجود حتى بلغ من جوده إنه ضحى بمهجته من أجل الإسلام و المسلمين مترسماً في ذلك خطى جده الكريم الذي ضحى بالنفس والنفيس، لنشر تعاليم الإسلام في الناس جميعاً يقول الشاعر عبد الحسين خلف ([34]) معبراً عن هذا المعنى([35])

وقفت على ضريحك في خشوع
على مر الدهور وأنت باق
سخي أنت جدت بخير نفس
أطوف على ضريحك بيد أني
 

 

فيا ابن المصطفى كن لي مجيرا
لرب الخلق في الدنيا سفيرا
لكي إسلامنا يبقى منيرا
أرى نفسي بجدك مستجيرا
 

 

 وتحدثوا عن صبره وسعة صدره، إذ إنه كان يقدم أبناءه وإخوانه الواحد تلو الآخر صابراً محتسباً إلى أن قدم نفسه الزكية، قرباناً في سبيل الحرية والانعتاق، يقول الشاعر كفاح وتوت([36]) مخاطباً الإمام الحسين7([37]) 

قد حاصرتك لئامها
واستسهلت شر الفعا
ظنت بنجمك آفلاً
من شهد صبرك زلزلت
 

 

مذ أن رأتك الأرحبا
ل وأنت كنت الأصعبا
يا ساطعا لن يحجبا
ولقد بلغت المطلبا
 

 

 ومما تضمنته قصائدهم أيضاً، وصف ما مر في يوم عاشوراء، عندما وقف الحسين7 واعظاً مرشداً إلا أن الشيطان استحوذ على القوم فأصم آذانهم عن الاتعاظ بمواعظه والاسترشاد بحكمته، وقد عبر الشاعر عبود جودي الحلي([38]) عن ذلك بقوله([39])

لست أنساك إذ وقفت خطيباً
وعت الصم ما وعظت ولكن
فعلوت الذرى ظهيرة يوم
 

 

مثلما يرشد الورى الأنبياء
ما وعوا إذ قلوبهم صماء
عانقت فيك نبعها الرمضاء
 

 

 وأشار الشاعر نفسه إلى شجاعته وشجاعة أصحابه الكرام، عندما وقفوا وهم أفراد لا يتجاوز عددهم السبعين، إزاء الآلاف المؤلفة من مقاتلي جيش الدولة الأموية، فاستحقوا بجدارة أن ينحني التأريخ لذكرهم، وكان الخلود من نصيبهم والخذلان من نصيب أعدائهم فيقول([40])

يبقى الحسين ويبقى ذكره العطر
قد حاربوه بآلاف مؤلفة
سبعون من صحبه جادوا بأنفسهم
يفاخرون بني الدنيا بنهضتهم
 

 

ومن يعادي أبا الأحرار يندحر
وكان فرداً وفرد في السما القمر
وحاربوا كل ظلم الناس وانتصروا
وينحني لهم التأريخ إن ذكروا
 

 

 لهذا فإن ضريح الإمام الحسين7 صار محجة للمؤمنين وعشاق الحرية، تأتيه قوافلهم من كل حدب وصوب، وتعول الدنيا حزناً على ما أصابه يقول الشاعر السيد عدنان الموسوي([41]) معبراً عن هذا المعنى([42])

ألست ترى الدنيا على عتباتها
ففي كل يوم في الضريح قوافل
 

 

تحج لها كالثاكلات عويل
لها هجرة هذي وتلك وصول
 

 

 وثمة موضوعات أخرى تتعلق بالحسين7، منها وصف عطشه، والإشارة إلى أخيه العباس، وهجاء أعدائه، وعظمة مصابه، وقف عندها الشعراء إلا إنهم لم يقتصروا عليها، وانما تضمنت قصائدهم أموراً أخرى ذات طابع سياسي، كرفض الاحتلال و الإحساس بمعاناة العرب والمسلمين في كل مكان، وقد عبر عن هذا المعنى الشاعر كاظم السعدي بقوله([43])

ما زلت تحيا في ضمائرنا
بالحق نهتف (لا) لمغتصب
فالقدس تنزف من شراسته
(لا) لاحتلال عراق عزتنا
 

 

رمزاً بوحي جهاده نسري
متسلط بالعنف والجور
ما نالها بمخالب الشر
هل يقبل الأحرار بالقهر
 

 

 وتضمنت قصيدة الشاعر علي الفتال([44]) دعوة صريحة إلى الوحدة الوطنية ونبذ دواعي الفرقة والتشتت، إذ نعى على العرب و العراقيين منهم خاصة أن يوجهوا أسلحتهم صوب بعضهم، ليحققوا مآرب المحتل، فيقول([45])

يا أخوتي أخوة الإيمان محنتنا
فكل أسيافنا تدمي مواجعنا
حتى غدونا عبيداً عند من شربوا
 

 

نهوى القطيعة ننسى كوننا عربا
وفي سوانا غدت أسيافنا خشبا
من مائنا فارتووا من عذبه حقبا
 

 

    إلى أن يقول

فلنشددن أكفا صوب وحدتنا
 

 

فوحدة المسلمين اليوم ما وجبا
 

 

  

ونعى الشاعر مالك محمد الجاسم([46]) على العراقيين تشتتهم وتفرقهم في قوله([47]):

مزقتنا الأهواء حتى غدونا
ينهش البعض بعضنا ويعادي
في فصول من النوائب تترى
 

 

شيعاً في البلاد شملاً مبدد
في صراع على المغانم يشتد
وفصول من المفاسد أنكد
 

 

 وقد فخر الشاعر عبود جودي الحلي بأمة العرب، وحث أبناء العروبة إلى استلهام ماضي أمتهم المجيد رافضاً الوجود الاستعماري في قوله: ([48])

 

إلى متى يا بلاد العرب ننتظر
أبناؤك الصيد كانوا في العلا قمما
تاريخ مجدك آيات معطرة
هل أجدبت أمة طه معلمها
 

 

فقد دهتنا الدواهي وانتخى الحجر
وفي ربوعك كان الزهو والكبر
وفيض فكرك الهام به العبر
وهل غدت في وهاد الذل تنحدر
 

 

  واحتوت القصيدة الحسينية على النقد الاجتماعي، إذ انتقد الشاعر حسين فهمي الخزرجي، أن تقتصر ذكرى يوم استشهاد الحسين7 على البكاء والدموع، مطالباً أن يستلهم المسلمون من هذه المصيبة دروس الصمود والصبر والتضحية، فيقول([49])

وكم لطمنا وكم نحنا فما برحت
لكننا اليوم جئنا نستمد لنا
 

 

أصواتنا بحة من فرط شكوانا
من وقعة الطف أهدافاً لبلوانا
 

 

 إلى أن يقول:

طبائع العرب أن نابتهم نوب
بنوا على حفر الأجداث مبدأهم
 

 

شادوا لأنفسهم للمجد بنيانا
أقوى من الدهر بنيانا وأركانا
 

 

المبحث الثاني: لمحة عن خصائص القصيدة الحسينية المعاصرة

 لعل أول ما يلفت انتباه النقاد العرب في القصيدة العربية، حسن مطلعها، وقد يطلق عليه براعة الاستهلال، أو حسن الابتداء، أو حسن الافتتاح([50]) وذلك إن القارئ أو المستمع يواجه أول ما يواجه مطلع القصيدة، فإذا كان المطلع محكماً شد القارئ إلى القصيدة وتابع قراءتها بشغف، وغالباً ما تكون مطالع قصائدهم مرصعة والتصريع في الشعر بمنزلة السجع في النثر، قال ابن رشيق القيرواني (هو ما كانت عروض البيت فيه تابعة لضربه تنقص بنقصه، وتزيد بزيادته ) ([51]) فالشاعر رحيم الشاهر([52]) بدأ قصيدته بقوله: ([53])

عظيم يا حسين وأنت دام
 

 

حسين وا حسين من إمام
 

 

 والشاعر سلمان هادي طعمة([54]) بدأ قصيدته قائلاً([55])

لمن تندب الأرض إنسانها
 

 

وتبكي السموات كيوانها ؟
 

 

وبدأ الشاعر هادي الربيعي([56]) قصيدته قائلاً([57])

مصابك لم يزل فينا ثقيلاً
 

 

كأنك كنت بالأمس القتيلا
 

 

 وهكذا الأمر بالنسبة إلى المطالع الأخرى فهي تستلفت انتباه المتلقي - سواء كان قارئاً، أم مستمعا - إلى أهمية موضوع القصيدة، ويزيد التصريع حسن ذلك، لما فيه من إيقاع تطرب إليه النفوس، وترتاح إليه الأسماع.

 ولما كانت القصيدة الحسينية المعاصرة، متنوعة الموضوعات، كان لابد للشاعر من مقدرة فنية، تمكنه في الانتقال من غرض إلى آخر، وهو ما أطلق عليه النقاد مصطلح براعة التخلص، أو حسن التخلص([58])، فمن القصائد الحسينية ذات الموضوعات المتعددة، قصيدة الشاعر رضا الخفاجي، إذ إنه عندما أراد الانتقال إلى ذكر الحرية التي يحلم بها العراقيون، خاطب الإمام الحسين7 فقال([59])

لن يرعبونا يا حسين لأننا
الفجر حلق في العراق وقد مضى
حرية نبغي بظل إخوة
 

 

سرنا على نهج الفداء الأصلب
عهد الضلالة والدعي الأخيب
فيها يسود العدل دون تعصب
 

 

 وعندما أراد الشاعر عبود جودي الحلي الانتقال إلى الشكوى، مما نال العراقيين من مآسي، وما حل بهم من ظلم، وجه الخطاب إلى الإمام الحسين7 قائلاً([60])

لم يزل نهجك العظيم مساراً
ولهذا قد حاربتنا الليالي
سلطوا علجهم علينا طويلاً
 

 

لم يحد عنه فتية نجباء
وعلينا تكاثر الأعداء
سامنا الظلم بعد ذلك جاءوا
 

 

 واعتنى الشعراء كذلك بخواتيم قصائدهم، لأن بها تختتم القصيدة (وآخر ما يبقى منها في الأسماع، وسبيله أن يكون محكماً لا تمكن الزيادة عليه ولا يأتي بعده أحسن منه، وإذا كان أول الشعر مفتاحاً له، وجب أن يكون الآخر قفلاً عليه ) ([61])، فالشاعر عبود جودي الحلي ختم قصيدته، مخاطباً كربلاء إذ قال:([62])

الله يا كربلا كم أنت شامخة
أنت الشعار لمن يحمي عقيدته
 

 

كل البطولات في معناك تختصر
ومنك يا كربلا تستلهم العبر
 

 

 وختم الشاعر حسن الفتال([63]) قصيدته بجزء من آية قرآنية كريمة، فقال عن الإمام الحسين7 ([64])

يهدي الأنام إلى السلامة مثلما (الـ
 

 

ـقرآن يهدي للتي هي أقوم )
 

 

 وطمئن الشاعر عبد الحسين خلف نفسه، بأن الإمام الحسين7 سيكون ناصره يوم القيامة في ختام قصيدته قائلاً([65])

وجسبي في غد أثوى برغد
 

 

لأني واجد بكم النصيرا
 

 

 أما الشاعر علي الصفار، فقد ختم قصيدته مخاطباً أبا الشهداء7 فقال: ([66])

فأقبل أبا الشهداء وصل مديحتي
هذا مديحي لؤلؤ متناثر
 

 

أنا خادم أحيا وأنت مخدم
في سلك حبك يستقيم وينظم
 

 

 وما بين افتتاح القصيدة واختتامها، تسلسل الشاعر في عرض أفكاره، الفكرة تلو الفكرة، بتسلسل منطقي، معبراً عن الواقع المعاش سياسياً واجتماعياً، وغير ذلك (لذا فهو واقعي بمعنى إنه يستلهم أبعاد العالم الواقعي الحسية، ويقدم خلال دلالته الفكرية ورموزه ورؤياه). ([67]) 

 فقصيدة الشاعر كفاح وتوت مثلاً بدأها متحدياً، ولعله استمد قوة تحديه من الوقفة المتحدية التي وقفها الحسين7 في يوم كربلاء الخالد منطلقاً من واقع مؤلم يعيشه العراقيون، وهم يقدمون التضحية تلو التضحية، وهم مصرون على الاحتفاظ بقيمـهم ومبادئهم وثوابتهم الأخلاقية والوطنية فيقول: ([68])

ما هدنا ظمأ ما هزنا قلق
الحب مرتعنا يا بؤس من حقدوا
يبغونها هرجا يرسو على هرج
من كل نافذة تنهال أغبرة
لكن هامتنا تزهو بشرفتها
 

 

نمضي ومن دمنا الأنهار تندلق
والعز مسكننا فيه الثرى غدق
تحيا بلا فرج في التيه تنزلق
ما صدها مطر تمضي وتخترق
الشمس تغسلها إذ شفها العبق
 

 

 وهكذا يعبر الشاعر عن الواقع المؤلم للعراقيين، وبلغة غنية بالمعاني والدلالات المعبرة إلى أن يصل إلى غرض القصيدة الأصلي بعد عشرة أبيات متدفقة بمعاني الكبرياء، وتحدي الأعداء، فيقول واصفاً القباب الذهبية، التي يرقد الثائرون من أهل بيت النبوة عليهم السلام تحتها:

هذي القباب ملاذ جل رافعها
هذي القباب شموس كيف يطفؤها
هذا الحسين أبو الأحرار مدرسة
 

 

يبقى الحسين وإن عاثوا وإن نعقوا
ليل البغاة وهم في نورها احترقوا
للثائرين فمن مصباحه انطلقوا
 

 

 حتى يصل إلى نهاية القصيدة، وفيها تمتزج معاني التحدي والكبرياء، والإيمان بالله والتضحية في سبيله، فيقول:

يا تربة فخذي أرواحنا حمما
 

 

تأتيك في لهف لله تستبق
 

 

 وقصيدة السيد عدنان الموسوي تذكرنا بالقصيدة العربية القديمة التي احتل وصف الرحلة فيها حيزاً كبيراً، فهو يبدأ قصيدته مسافراً، يتقلب في أقطار الدنيا، يعاني مصاعب السفر، وآلام الغربة إلى أن يصف كربلاء، فيقول في البيت الرابع من قصيدته([69])

فلم أر أرضاً في الوجود ككربلا
 

 

مفارقها قبل الممات قتيل
 

 

 ويصف ارتياحه عند وصوله إلى تلك البقعة المقدسة، ويرى علامات الارتياح حتى على الإبل التي تخيل نفسه قاطعاً الفيافي على ظهورها، فيقف عند كربلاء، وقفة عاشق عند أطلال معشوقته، متغزلاً بها تغزل الحبيب بحبيبته، مستشعراً الاطمئنان الذي يشعر به الصغير بحضن أمه، إلا إننا نجد تحدياً ثورياً، مع ما في المعاني السابقة المعبرة عن الدعة والسلام والاطمئنان:

حنان كما الأم الرؤوم بابنها
وحرب على كل الطغاة بلا سوى
 

 

وظل لمن رام السلام ظليل
فحصباؤها للثائرين قتيل
 

 

 وهكذا بنيت أغلب القصائد الحسينية، التي نظمها شعراء كربلاء، متتابعة الأفكار ينتقلون فيها من معنى إلى آخر، وهم (يعيرون أشخاصهم لغة الحياة المدنية، أي اللغة الطبيعية الملائمة الخالية من التكلف)([70])، فلا يكاد قارئ القصيدة الحسينية المعاصرة يحتاج معجماً يعرفه بمعاني المفردات التي استعملها الشعراء في قصائدهم، وفي النماذج الشعرية التي عرضت في الصفحات السابقة, خير دليل على ما ذهبنا إليه، وهذا مما يحسب لشعراء كربلاء، إذ إن الأديب الجيد الذي يقول (ما يعرفه الصغير والكبير، ولا يحتاج إلى تفسير....)([71])

 ونرى إن القصيدة الحسينية، لابد لها أن تتخذ من هذه اللغة وسيلة لتتغلغل في الأوساط الاجتماعية الشعبية، لأن هذه القصائد تشق طريقها إلى أسماع الناس؛ عندما ينشدها خطباء المنبر الحسيني ليفهمها النخبة من أبناء المجتمع، كما يفهمها العامة منهم.

 وقد ترسل الشعراء في كربلاء - كما في غيرها من المدن العربية بالفنون البلاغية في أثناء التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم، ولزيادة التأثير في نفوس المتلقين قراء ومستمعين، ونظراً لما للتشبيه من (روعة وجمال موقع حسن في البلاغة، وذلك لإخراجه الخفي إلى الجلي وإدنائه البعيد من القريب يزيد المعاني رفعة ووضوحاً ويكسبها جمالاً وفضلاً ويكسوها شرفاً ونبلاً....) ([72])، ولهذا أفاد منه الشاعر كاظم ناصر السعدي في قوله: ([73])

هذا ضريحك سيدي قمر
كالجنة الخضراء مؤتلق برؤ
 

 

يزدان بالياقوت والتبر
ى الصباح وبهجة الزهر
 

 

 فالشاعر عندما جعل ضريح الحسين7 قمراً مزداناً بالذهب والياقوت، شبهه بالجنة الخضراء التي تموج بالأزهار والأطيار. ومثل ذلك قول الشاعر حسن كاظم الفتال عن الإمام الحسين7: ([74])

يهدي الأنام إلى السلامة مثلما (الـ
 

 

ـقرآن يهدي للتي هي أقوم
 

 

 إذ إن الإمام الحسين7 بجهاده وشجاعته صار معلما بارزاً في طريق المبادئ السامية يهدي عشاقها إلى طريق الثورة والجهاد كالقرآن الكريم الذي يهدي الناس إلى الطريق الصحيح لينالوا السعادة في الدنيا والآخرة.

 ويلاحظ هنا الاستلهام القرآني، إذ إن الشاعر وظف جزءاً من آية قرآنية ليتم بها البيت الشعري. وهذا ما أطلق عليه البلاغيون، اسم الاقتباس، و (هو إن يضمن المتكلم منثوره، أو منظومه شيئاً من القرآن الكريم، أو الحديث على وجه لا يشعر بأنه منهما). ([75])

 فالشاعر في بيته الشعري اقتبس قوله تعالى (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) ([76]). ومن الاقتباس أيضاً قول الشاعر علي الصفار([77]):

أنا يا حسين أراك شمس عقيدتي
(حسين مني) شاهد لعقيدتي
ما كان (ينطق عن هوى) خير الهوى
 

 

وثبات ديني كعبتي إذ أحرم
وبسيفي ملقيها أصول وأهجم
حا شاه هذا دس من يتجرم
 

 

  فالشاعر هنا اقتبس من الحديث النبوي الشريف (حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط) ([78]) واقتبس أيضاً من قوله تعالى (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ([79])

 ومن الفنون البلاغية الأخرى، الاستعارة، فقد زين الشعراء قصائدهم بهذا الفن البلاغي، والاستعارة (هي استعمال اللفظ في غيرما وضع له لعلاقة المشابهة بين المعنى المنقول عنه والمعنى المستعمل فيه، مع قرينه صارفة عن إرادة المعنى الأصلي) ([80]) فالشاعر حسن الفتال يقول عن الإمام الحسين7: ([81])

إذ غاب جاءتك الصوارم سجداً
قد صار نحرك قبلة لصلاتها
 

 

وبزحفها اشتبكت عليك الأسهم
سجدت ففاض على الجوانب زمزم
 

 

 

    فقد استعار الشاعر لفظة (السجود)، ليطلقها على الصوارم، والصوارم لا تسجد في الحقيقة، وإنما هو خيال الشاعر رأى في الصوارم عندما هوت على ابن بنت النبي6 لقتله كالمصلي، عندما يهوي إلى السجود،  ومثل ذلك قول الشاعر سلمان هادي طعمة([82])

أتنسى الحسين وأصحابه
 

 

فسل كربلاء وأشجانها؟
 

 

فالذي يسأل هو الإنسان العاقل، لكن كربلاء بوصفها مدينة لا ترد على السائل، ولا تجيب متحدثاً على سبيل الحقيقة، وإنما هو خيال الشاعر الذي رأى من هذه المدينة التي رأت جهاد الحسين7 وتضحيته واحتضن ثراها جسده الطاهر، وأجساد الشهداء الذين جاهدوا بين يديه، كأنها دائمة الحديث عن ذكرياتها مع آل بيت النبوة عليهم السلام.

ومن فنون علم البديع التي رصع الشعراء قصائدهم بدررها، فن الطباق الذي هو (الجمع بين لفظين متقابلين في المعنى....) ([83]) وقد يكون هذان اللفظان أسمين أو فعلين، أو حرفين، أو مختلفين، كما في قول الشاعر علي الصفار: ([84])

أنتم كنوز الله بل سفراؤه
هذا قليل من كثير مناقب
 

 

للخلق والمثل الذي به نلزم
فاضت فحدثت الخلائق عنكم
 

 

 فنجد إن الشاعر جمع بين الكثير والقليل في بيته الشعري، مما زاده جمالاً، ومثل ذلك أيضاً قول الشاعر هادي الربيعي:([85])

ويعرف إنه فجر جديد
 

 

طوى في نوره ليلاً طويلاً
 

 

فجمع الشاعر بين الفجر والليل في مقابلة جميلة بين المتضادين، ومن الطباق أيضاً قول الشاعر كفاح وتوت: ([86])

قد حاصرتك لئامها
واستسهلت شر الفعا
ظنت بنجمك آفلاً
 

 

مذ أن رأتك الأرحبا
ل وأنت كنت الأصعبا
يا ساطعاً لن يحجبا
 

 

فالشاعر جمع بين الاستسهال والصعوبة، وأفول النجم وسطوعه، مما يعطي لقصيدته دفقاً فنيا وإيقاعاً داخلياً.

الخاتمة:

لابد لنا قبل أن نضع اليراع جانباً من الإشارة إلى أهم ما توصلنا إليه من نتائج، يقف في مقدمتها هذا الإصرار الرائع على الاستمرار في العطاء الشعري الحسيني، الذي لم يتوقف تدفقه، منذ تلك الواقعة سنة 61 هـ إلى يومنا هذا، وإذا كان شعراء الحسين7 في الحقب الزمنية الغابرة يقفون عند الواقعة المعروفة، فيصفون كل جانب من جوانبها، كشجاعة الثوار وتعرضهم للظلم وإصرارهم على الشهادة...،. فإن الشعراء المعاصرين انطلقوا من هذه الواقعة لينظروا إلى ما يمرون به من مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية من منظار حسيني، لذا فإن القصيدة الحسينية المعاصرة اتسعت موضوعاتها لتشمل الماضي والحاضر و المستقبل، بكل ما تملك من أبعاد، فإن الحسين7 الرافض للظلم، عنوان قصيدة لرفض الذل والدعوة إلى تحرر الشعوب.

 والنهضة الحسينية بكل أبعادها الإنسانية، عنوان قصيدة الدعوة لرفض الإرهاب والاستهانة بالدماء. ولكل موضوع من هذه الموضوعات بحاجة لإفاضة القول فيه، ويخص ببحث، وربما أكثر، لذا فالباحث يقترح البحث في قضية الحرية في القصيدة الحسينية والدعوة إلى مقاومة الظلم و الاستعمار وغير ذلك من الموضوعات في بحوث مستقلة، يتعرف الباحثون من خلالها على فكر إسلامي متوهج, بثه الشعراء في ما نظموه من قصائد حسينية.

روافد البحث:

1- القرآن الكريم.

2- أدب الطف أو شعراء الحسين من القرن الأول الهجري حتى القرن الرابع عشر، السيد جواد شبر، بيروت مؤسسة التأريخ 1422هـ / 2001م.

3- الأدب العربي في كربلاء من إعلان الدستور العثماني إلى ثورة تموز 1958م، اتجاهاته وخصائصه الفنية، د. عبود جودي الحلي، الناشر كربلاء، دار الفتال 2003م.

4- الأغاني، أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني (ت356هـ)، الناشر، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر, مصور عن طبعة دار الكتب.

5- تأريخ اليعقوبي، أحمد بن إسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح اليعقوبي البغدادي (ت بعد سنة 292هـ)، علق عليه ووضع حواشيه، خليل المنصور،. مطبعة شريعت، قم المقدسة 1425هـ / 2005م.

6- جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع, تأليف, السيد المرحوم أحمد الهاشمي، ط12، المكتبة التجارية الكبرى بمصر 1379هـ / 1960م.

7- الحسين في الفكر المسيحي، أنطوان بارا، ط1، مطبعة السرور 1424هـ / 2004م.

8- الرثاء في الشعر الجاهلي وصدر الإسلام، بشرى محمد علي الخطيب ط / بغداد 1977م.

9- الشعر السياسي العراقي في القرن التاسع عشر، إبراهيم الوائلي ط2، مطبعة المعارف بغداد 1398 هـ / 1978م.

10- الشعر العراقي في القرن السادس الهجري، مزهر عبد السوداني ط بيروت 1980م.

11- الصحاح، تاج اللغة وصحاح العربية، إسماعيل بن حماد الجوهري (ت400هـ)  تح: أحمد عبد الغفور عطار ط4، دار العلم للملايين،بيروت 1407هـ / 1987م.

12- الصناعتين، أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري (ت395هـ) تح: علي محمد البجاوي، ومحمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة 1971م.

13- العمدة في محاسن الشعر وأدبه ونقده، أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني الأزدي (ت456هـ) تح: محمد محي الدين عبد الحميد، ط4، دار الجيل، بيروت، لبنان 1972م.       

14- فضائل الخمسة من الصحاح الستة، السيد مرتضى الحسيني الفيروز آبادي، الناشر، مركز الطباعة والنشر المجمع العالمي لأهل البيت 1422هـ.

15- كربلاء في الشعر العراقي الحديث، 1920 - 1970، دراسة موضوعية وفنية، عبد الحسين برغش عبد علي، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية التربية، جامعة البصرة، 2005م.

16- مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان، الشـيخ الإمام أبو محمد عبد بن أسعد بن علي بن سليمان عفيف الدين اليافعي اليمني المكي (ت768هـ) ط1، مطبعة دائرة المعارف النظامية، حيدر آباد الدكن 1339 هـ.

17- المعجم الكبير، الحافظ، أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت360هـ) حققه وخرج أحاديثه حمدي عبد المجيد السلفي، ط2، مطبعة الزهراء الحديثة، الموصل 1404هـ / 1984م.

18- معجم النقد العربي القديم، د. أحمد مطلوب، ط دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد 1989م.

19- مقاتل الطالبيين، أبو الفرج، علي بن الحسين الأصبهاني (ت356هـ) شرح وتحقيق السيد أحمد صقر، مطبعة عترت 1325هـ.

20- مقتل الحسين، أبو المؤيد الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي (ت 568 هـ) تح / الشيخ محمد السماوي، الناشر / دار أنوار الهدى ط3، 2005م.

21- مقتل الحسين، لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم الأزدي الغامدي، تعليق الحسن الغفاري، ط2، المطبعة العالمية.

22- النقد الأدبي الحديث، د. محمد غنيمي هلال، ط / دار الثقافة بيروت 1973م.

23- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثاني، جامعة كربلاء 1426 هـ / 2005 م.

24- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث، جامعة كربلاء 1427 هـ / 2006 م.

 

[1]- تأريخ اليعقوبي 2: 169.

[2]- مقتل الحسين7 للخوارزمي 1: 330.

[3]- ينظر م ن 1: 333.

[4]- ينظر م ن 1: 334.

[5]- ينظر مقاتل الطالبيين ص117.

[6]- ينظر م ن ص 118.

[7]- مقتل الحسين للغامدي ص202.

[8]- مرآة الجنان 1: 134.

[9]- فضائل الخمسة 3: 322.

[10]- الحسين في الفكر المسيحي ص21.

[11]- طبع كتاب (أدب الطف) في بيروت، مؤسسة التأريخ 1422 هـ/ 2001 م.

[12]- الشعر السياسي العراقي في القرن التاسع عشر ص85.

[13]- ينظر الأدب العربي في كربلاء ص174 وما بعدها.

[14]- ينظر الشعر العراقي في القرن السادس الهجري ص213.

[15]- ينظر أدب الطف 1: 21.

[16]- الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني 17: 24.

[17]- ينظر الصحاح، مادة (رثى) 6: 2352.

[18]- ينظر الرثاء في الشعر الجاهلي وصدر الإسلام ص172 وما بعدها.

[19]- كربلاء في الشعر العراقي الحديث ص202.

[20]- المعجم الكبير للطبراني 3: 33.

[21]- الشاعر كاظم جواد الحلفي ولد سنة 1936م، تخرج في كلية الزراعة - جامعة بغداد ومارس التدريس في إعدادية كربلاء المهنية له نتاج أدبي - بعضه منشور في الصحف المحلية. تنظر ترجمته بكتاب معجم رجال الفكر والأدب في كربلاء ص171.

[22]- القصيدة في وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص53.

[23]- الشاعر رضا كاظم جواد الخفاجي ولد سنة 1948م ونال درجة البكالوريوس في العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، له عدد من المؤلفات المطبوعة، ينظر معجم رجال الفكر والأدب في كربلاء ص79.

[24]- القصيدة في وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص24.

[25]- الشاعر علي عبد الحسين الصفار ولد في كربلاء سنة 1969 ودرس علوم الحاسبات والعلوم الشرعية مارس كتابة الشعر وأشرف على تحرير عدد من الدوريات الثقافية.

[26]- القرآن الكريم، سورة النجم، الآية 3.

[27]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص51.  

[28]- الشاعر علي كاظم سلطان الفتلاوي ولد سنة 1964م تحمل قسوة السجن عشر سنوات لانتمائه للعراق ولمذهب أهل البيت (عليهم السلام)، تفجرت قريحته شعراً مفعماً بالإيمان والعقيدة.

[29]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص46.

[30]- الشاعر حسين فهمي بن علي بن غالب بن حسون الخزرجي ولد في بيت أدب وعلم سنة 1930، محام: له عدد من المؤلفات المطبوعة ونشرت له الصحف المحلية القصائد والمقالات. ينظر: أعلام العراق الحديث 1: 289 - 290.

[31]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص17.

[32]- ولد الشاعر كاظم ناصر السعدي بمدينة كربلاء المقدسة سنة 1948م وهو من الأسرة التربوية ومن أبرز أدبائها ومثقفيها كتب الشعر والمسرحية والمقالة الأدبية وله في بني سعد كتاب. تنظر ترجمته في كتاب موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين 3: 205.

[33]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثاني ص16.

[34]- الشاعر عبد الحسين خلف الدعمي ولد في كربلاء سنة 1949 " كاتب وشاعر وباحث له حضور كبير على المستوى الثقافي في كربلاء " له عدد من المؤلفات الأدبية بعضها مطبوع وبعضها مخطوط. ينظر معجم الشعراء الشعبيين في كربلاء ص159.

[35]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثاني ص17.

[36]- كفاح وتوت أديب ولد بكربلاء سنة 1956م متخصص بالفنون السينمائية. نشر نتاجه الأدبي في الصحف والمجلات المحلية والعربية كتب وأخرج عدد من المسرحيات والبرامج التلفزيونية.

[37]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثاني ص9.

[38]- الدكتور عبود جودي الحلي ولد بكربلاء سنة 1954 وانتمى إلى الأسرة التربوية فيها 1976، ونشر نتاجه الأدبي في الصحف والمجلات الأدبية المحلية شغل عدة مواقع إدارية في جامعة كربلاء ينظر، تكملة شعراء الحلة للدكتور صباح نوري المرزوك 2: 325.

[39]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثاني ص7.

[40]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص36.

[41]- السيد عدنان محمد حسن الموسوي ولد بكربلاء سنة 1957م تخرج في كلية العلوم، قسم الفيزياء - جامعة الموصل سنة 1979م له مشاركات في التجمعات الأدبية والثقافية بمدينة كربلاء.

[42]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص40.

[43]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثاني ص16.

[44]- الأديب علي كاظم الفتال، ولد في كربلاء سنة 1935م، انتخبه الأدباء في الهيئة الإدارية لفرع اتحاد الأدباء بكربلاء في إحدى دوراته، له عد كبير من المقالات والقصائد في صحف محلية وعربية وله مؤلفات في شتى مجالات الأدب والثقافة. ينظر: علي الفتال مراجع سيرته ونتاجه الأدبي: د. عبود جودي الحلي ط1، سنة 2004م.

[45]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص43.

[46]- مالك محمد الجاسم، أديب وشاعر ولد بكربلاء سنة 1947، نظم الشعر وكتب المقالة الأدبية وصدر له كتاب (الثورة الحسينية إستراتيجيتها.. أهدافها.. معطياتها ط/ 1428هـ).

[47]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص57.

[48]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص36.

[49]- م ن ص 17.

[50]- معجم النقد العربي القديم 1: 443.

[51]- العمدة لابن رشيق 1: 173.

[52]- رحيم شاهر الربيعي ولد بقضاء الهندية شرقي كربلاء سنة 1966م تخرج في كلية التربية / جامعة كربلاء - قسم اللغة العربية سنة 2001م.بدأ كتابة الشعر منذ العقد الثاني من عمره، له نتاج أدبي منشور. ينظر: الزنبقة في التقاريظ المنمقة ص549.

[53]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص20.

[54]- سلمان هادي طعمة ولد سنة 1935م شاعر وكاتب له عدد من المؤلفات الأدبية والتاريخية، جلها يتناول تاريخ كربلاء والتعريف بجوانب الحياة الثقافية والاجتماعية فيها، ينظر معجم رجال الفكر، معجم رجال الفكر والأدب في كربلاء ص88. 

[55]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص26.

[56]- هادي الربيعي: أديب عراقي متعدد  الاهتمامات ولد سنة 1944 أصدر عدداً من المؤلفات الشعرية والنقدية بلغت ثلاثة عشر كتاباً، يعمل مديراً للقسم الثقافي في إذاعة كربلاء. ينظر مجلة صدى كربلاء العدد /5 الصادر في شهر مايس 2007م ص119.

[57]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص58.

[58]- ينظر معجم النقد العربي القديم 1: 274.

[59]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص25.

[60]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثاني ص7.

[61]- معجم النقد العربي القديم 1: 239.

[62]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص37.

[63]- حسن كاظم الفتال، ولد في ؤكربلاء سنة 1952 بدأ النشر سنة 1968 وله عدد من الإصدارات الأدبية والنقدية يبلغ عددها (12).

[64]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص16.

[65]- م. ن ص35.

[66]- م. ن ص52.

[67]- معالم جديدة في أدبنا المعاصر ص187.

[68]- تنظر القصيدة في وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص55.

[69]- م.ن ص38.

[70]- النقد الأدبي الحديث ص83.

[71]- الصناعتين ص67.

[72]- جواهر البلاغة ص247.

[73]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثاني ص15.

[74]- م. ن ص16.

[75]- جواهر البلاغة ص414.

[76]- القرآن الكريم، سورة الإسراء، الآية 9.

[77]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص51.

[78]- المعجم الكبير 3: 33.

[79]- القرآن الكريم، سورة النجم، الآية 4,3.

[80]- جواهر البلاغة ةص303.

[81]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص14.

[82]- م. ن ص26.

[83]- جواهر البلاغة ص366.

[84]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثالث ص49.

[85]- م. ن ص58.

[86]- وقائع المهرجان الحسيني الشعري السنوي الثاني ص9.