مدى قابلية القواعد الدستورية للجزاء
النصوص الدستورية والقانونية الكافلة لحقوق وحريات الانسان تبقى افكاراً نظرية، فاقدة لمضمونها، اذا ما جرى تعديلها بشكل مستمر او عن طريق القوانين الاستثنائية التي تتناقض معها، التي تقيد جزءاً كبيراً من محتواها، مما تجعلها فاقدة لأثرها او لا تساوي الورقة التي كتبت عليها، من دون ان تتمكن الهيئة المكلفة بحماية النصوص الدستورية من منع اصدارها او الغائها نتيجة قصور وظيفتها وسلطتها من تأمين هذه الحماية، حتى تكون رقيباً حقيقياً بمواجهة اي نص قانوني غير دستوري وحائلة امامه لما فيه من مخالفات للوثيقة الدستورية التي تعد الضامن لحقوق وحريات الافراد.
ان تقييد السلطات العامة المختلفة بالتطبيق الصحيح والسليم للنصوص الدستورية الخاصة بحقوق الافراد وضمانتها، بتصدي الهيئة القضائية لأي قانون او مرسوم او نص ينتقص او يتناقض مع مبدأ استقلال السلطات الثلاث، ومنع تجاوز احداها على الاخرى فيه ضمان وحصانة للحقوق والحريات العامة، وهو مصداق لقول منتسيكيو" لقد اثبتت التجارب الابدية ان كل انسان يتمتع بسلطة يسيء استخدامها اذ يتمادى في هذا الاستعمال حتى يجد حدوداً توقفه، وان الفضيلة نفسها بحاجة الى حدود، فنظام فصل السلطات يؤدي الى حسن استعماله السلطة، حتى إن كل هيئة تعمل على مراقبة الأخرى التي تحاول التجاوز بسلطتها، وبذلك تلزم كل هيئة حدود وظيفتها وتتحقق حقوق وحريات الافراد".