تصنیف البحث: العلوم الاجتماعية
من صفحة: 274
إلى صفحة: 304
النص الكامل للبحث: PDF icon 180605-175359.pdf
البحث:

المقدمة

اولا: أهمية البحث

يعد العنف  الطائفي  أقدم وأخطر داء منيت به شعوبنا ودولنا على اختلاف دوراتها الحضارية؛ وبالذات منذ فجر تأسيس الدولة الوطنية عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى.  ومع التغييرات التي  اجتاحت الأنظمة السياسية في المنطقة العربية بفعل تصاعد حركة الاحتجاجات الشعبية فيها، برزت حالة من  إعادة الفرز المجتمعي والسياسي لهذه المجتمعات وفق أسس الانتماء الطائفي  والقومي والديني. وقد انعكست هذه الحالة على العلاقات بين الدول العربية ودول الجوار لتشهد هي الأخرى توترا طائفيا ينذر بتصاعد  احتمالات الصدام او حتى النزاعات الأهلية والدولية في المنطقة عموما. وهكذا أصبح العنف الطائفي أعظم مشكلة بنيوية تهدد بتفتيت الأواصر المجتمعية لدول الشرق الأوسط وفق أسس طائفية بعيدةً عن الأسس الوطنية والمدنية وحتى الإنسانية  لهذه المجتمعات. والواقع أن خطورة هذه الظاهرة قد انسحبت إلى قطاعات كثيرة في الدولة العربية المعاصرة ولاسيما قطاع المجتمع المدني لتعاني هي الأخرى من حالة التجاذب والاستقطاب الطائفي.

ثانيا: مشكلة البحث

إن المشكلة التي يعالجها البحث تتمحور حول فهم كنه الطائفية، وسبر أغوارها، وتقصي أثارها وتداعياتها على بنية وتكوين المجتمع المدني في دول المنطقة ومنها العراق وسبل تلافيها لترسيخ حالة التعايش والسلم الأهلي.

ثالثا: فرضية البحث

يسعى البحث إلى إثبات فرضية مفادها"إن توظيف الطائفية  ضمن المنطلقات والمصالح السياسية والفئوية الضيقة اثر وسيؤثر سلبا في بنية المجتمع المدني، وزعزع حالة التعايش السلمي  لدول المنطقة عامة والعراق بشكل خاص ".

رابعا: منهجية البحث

اعتمد الباحثان في إثبات فرضيتهما على منهج التحليل الوصفي في بيان مشكلة البحث وتداعياتها، ومنهج التحليل المقارن للتفريق بين الطائفية والمجتمع المدني مفهوما ومجتمعا ونمط سلوك، وفقا لطريقة الاستقراء في البحث العلمي.

خامسا: خطة البحث

تم تقسيم البحث إلى مقدمة، وثلاثة مباحث، وخاتمة. المبحث الأول يعمل على بيان مفهوم الطائفية على مستوى التعريف وأسباب الظهور بمطلبين، والمبحث الثاني يذهب إلى توضيح مفهوم المجتمع المدني على مستوى التعريف والخصائص والوظائف بمطلبين، بينما يتطرق المبحث الثالث إلى عملية التحول من المجتمع الطائفي إلى المجتمع المدني مبينا مجالات التقاطع بين المجتمعين ومتطلبات التحول من الأول إلى الثاني بمطلبين أيضا.

المبحث الأول: مفهوم الطائفية

يتطلب فهم الطائفية بشكل واضح تعريفها أولا، وبيان أسباب ظهورها في مجتمعاتنا الإسلامية ثانيا، وهذا ما سيتم من خلال المطالب الآتية:

المطلب الأول: تعريف الطائفية

تتفق معاجم اللغة على أن معنى الطائفة هو الجماعة والفرقة من الناس، أما الطائفية فتعني التعصب لطائفة معينة، وهي مصدر صناعي أو اصطلاح مشتق من لفظ (طاف، يطوف طوافا، فهو طائف)، والطائفي هو المتعلق بطائفته بشكل متطرف، والذي يبقى ملازما ملتصقا بما يطوف أو يدور في فلكه؛ كما الجزء من كل لا فكاك له منه. ([1])، ويقابل هذا المصطلح في اللغة الانكليزية مفردة (Sectarian) التي تعني العضو في جماعة او الشخص ذو الافق الضيق والمنغلق على افكار جماعة معينة.([2]) إذ التعصب هنا ليس لمذهب بمعنى اختيار الاعتقاد أو الإيمان باجتهاد (ديني) كما هو تعريف المذهب وإنما التعصب بالانشداد والتبعية السلبية واستلاب لإرادة الطائفي في مواجهة حركة الطائفية، إذ قال صلوات الله وسلامه عليه:"ليست العصبية أن يحب المرء قومه، بل أن يرى المرء شرار قومه خيرا من خيار قوم آخرين". وقد وردت مفردة الطائفية في القران الكريم ست عشرة مرة في اشارة الى جماعة من الناس ليس فيها تمييز في مدح او ذم.([3])من هنا يبرز الفرق بين مفهومي الطائفة التي تشير الى التنوع في المعتقدات والممارسات الدينية بين الافراد، والطائفية التي تعني استخدام هذا التنوع الديني لتحقيق اهداف سياسية واقتصادية وثقافية.([4]) وعن هذا الاتجاه في تعريف الطائفية وجد احد الباحثين  بأنها:"نزعة سياسية لا علاقة لها بالعقائد الدينية أو المذهبية، وإنما استغلت الخلافات المذهبية لأغراض مصلحيه بعيدة عن الدين".([5])

وعندما يتداخل مفهوم الطائفية مع مفاهيم أخرى فلسفية أو مذهبية أو عرقية ليبين دور الأقلية العددية في المجتمع المنفصل عن دور الأمة التي تعيش ضمنها هذه الأقلية، فيغدو بديلاً لمفاهيم: (الدين، العِرقْ والملّة)، سيعيش المجتمع عندها حالة من التأزم الناشئ عن تحول (الطائفية) إلى مذهب  أو هوية انتماء تحل محل الانتماءات الأعلى وتتعالى عليها لتتفاقم عوامل الانقسام والاقتتال الطائفي وتتغلغل في الأوساط الشعبية  أكثر من غيرها  ثم تعم باقي الأوساط والطبقات الاجتماعية لتقع البلاد ضحية لنهم التطرف والتعصب الطائفي وتتحول الجماعات الطائفية إلى مِلَلٍ ونِحَلٍ متصارعة، كل مِلّة أو نِحلة تتشدق بكونها الفرقة الوحيدة التي تملك الحقيقة  سواء أكانت حقيقة تاريخية أم حقيقة معاصرة.

إنَّ مفهوم الطائفية  ينبني على فكرة الانتماء لطائفة معينة دينية أو اجتماعية. فإذا ما كان  انتماء الإنسان إلى طائفة أو مذهب معين لا يجعله بالضرورة طائفيّاً، فانه يصبح كذلك، عندما يسعى بأي عمل للإضرار بحقوق الطوائف الأخرى ويتخذ سلوكاً يحاول من خلاله إكساب طائفته تلك الحقوق التي تكون لغيرها تجاهلاً لها وتعصباً ضدها. وإذا كان ميل الإنسان لطائفته وفرقته التي ينتمي إليها جزء من التركيبة الإنسانية والفطرة البشرية، فان الطائفية تمثل تلك الظاهرة التي تحول الإنسان من عنصر بناء وتقدم لانتمائه الضيق وانتمائه العريض إلى عنصر هدم وتخريب لكل الانتماءات من اجل مصلحة انتمائه الضيق، وهو ما يقود بالمحصلة إلى تفتيت بنية المجتمعات ويقضي على مبادئ الوحدة الإنسانية بصورة متطرفة ترسخ الكراهية والعداوة بين الإنسان وأخيه الإنسان. فالطائفية منهج  سياسي يقوم على تسييس الانتماء الطائفي للمواطن وأدلجته في الحياة السياسية على مستوى الأفكار والمجتمعات والسلطة؛  وعندما يوظف البعض المشاعر الطائفية المتولدة عن ذلك الانتماء الطائفي تحت شعار الدفاع عن حقوق طائفته لحشد تأييد أنصارها لتحقيق مكاسب سياسية خاصة او ضيقة، فان التسييس المذهبي سيدفع الطرف الآخر إلى مواجهته بتسييس مذهبي مقابل له، فيساهم تصعيد وتيرة التسييس المذهبي المتقابلين في تصعيد العواطف الطائفية والعواطف الطائفية المضادة. وستعمل الطائفية ضمن مجالها السياسي على إقصاء المواطنة كرابطة عضوية وحيدة للدولة واستبدالها بالرابطة الطائفية في أصل إنشاء الحياة السياسية وإدارة مفاصلها وحصد أهدافها، وفي تكوين الدولة وفي إقامة هياكلها وتنظيم شؤونها ومصالح مجتمعها، متجاهلة بذلك أنَّ الوحدة الأساس في الدولة هو الفرد المواطن وليس الجماعة الفرعية، وأنَّ أدنى محورية ولاء للجماعة الفرعية على حساب الوحدة العضوية الفردية (المواطنة) سيصادر وحدة أمة الدولة ويقضي على الدولة الوطنية بالتبعية. وهكذا تغدو الطائفية سلاحاً فتاكاً يهدد وحدة أمة الدولة والدولة معاً. ([6])

المطلب الثاني: أسباب ظهور الطائفية في المجتمعات الإسلامية

لظهور الطائفية في المجتمعات الإسلامية، ومنها المجتمع العراقي أسباب عدة، يمكن إيجازها بالاتي:

الفرع الاول: الاسباب الدينية:

تعد التأويلات المختلفة لنصوص القرآن الكريم والأحاديث النبوية المطهرة والاجتهادات الخاصة بابا من الأبواب المهمة التي فتحت المجال للفتن الطائفية على مصراعيه في مجتمعاتنا الإسلامية، لاسيما أنها انتقلت من الصعيد النظري إلى المجال العملي لتتجسد بشكل تعصب أعمى، فأصبح الطائفيون يتصارعون على تأويلات للكتاب والسنة تقبل اجتهادات مختلفة، وكان واقع الحال يستدعي من كل فريق قبول الحوار الهادف والبناء مع الآخر، لكن ذلك لم يحصل إذ ذهب كل فريق إلى اعتبار نفسه فقط ممثلا للفرقة الناجية التي تستحق الحياة، ليتحرك بهذا الباعث مكفرا ومفسقا للآخر، ومبيحا هدر دمه وعرضه ودينه.

إذ ان كل طائفة تزعم احتكار الشرعية الدينية والحقيقة التاريخية المطلقة دون الآخرين،، مما خلق صراعا مستحكما بين الطوائف تارة يبرز سافرا في سلوك أفرادها، وتارة أخرى يبقى دفينا ينتظر الفرصة المناسبة ليطل برأسه من جديد في متوالية أزلية لا انفكاك منها على الرغم من علاقات التصاهر والصداقة وتبادل المصالح والعيش المشترك ووجود التحديات المشتركة؛ لأن وقائع التاريخ دائما هناك من يحاول استحضارها وبعثها وتغذيتها وتأجيجها من جديد.

الفرع الثاني: الاسباب السياسية

نجحت نظم الاستبداد والطغيان التي حكمت الشعوب الإسلامية لفترات طويلة، ومنها المجتمع العراقي في توظيف فسيفسائية الهوية الاجتماعية عبر الإفادة التامة من منطلق قاعدة"فرق تسد". فعمدت إلى تقسيم المجتمع إلى فريقين: فريق حليف للنظام مستفيد منه متحول إلى أداة من أدوات قمعه، وفريق منبوذ متهم مطارد مقصى ومضطهد.

وعندما تغيب فرص المساواة بين افراد وفئات المجتمع وتوصد ابواب المشاركة والحراك السياسي، يلجا البعض لاستخدام مختلف الاساليب والادوات وتصبح الانتماءات العرقية والمذهبية اوراقا وعملة رائجة فتتعمق الهوة بين مكونات المجتمع، وتبرز مشاعر الكراهية والعداوة بينها بشكل خطير ودائم، عندها سيلج المجتمع في اتون صراع وتناحر بين مكوناته فئاته.([7]) ومع ازدياد حالات الاستبداد وقسوة الطغيان وحصره الأمور باتجاه التشظي والتقسيم احتمت مكونات اجتماعية بالقبيلة وأخرى بالطائفة مما اضعف مشاعر الاحترام للتعددية الدينية والمذهبية اجتماعيا،وجعل الطائفية السياسية آلية مرضية تتقاطع عدائيا والتعددية ولا تعبر عنها في أي حال من الأحوال. ([8])

الفرع الثالث: الاسباب الاجتماعية

يمكن استخلاص الاسباب الاجتماعية للعنف الطائفي من متلازمة الماسي الاجتماعية التي تعانيها مجتمعاتنا والمتمثلة في الجهل والتخلف والفقر، والتي تعد موارد مهمة لتغذية مثل هذه النزعات المتطرفة؛  اذ يشكل أرضية خصبة للتطرف والتعصب بكل ألوانه القبلية والمناطقية وغيرها، وأخطرها التعصب الديني والمذهبي؛ بسبب استعداد المجتمع الجاهل لإضفاء عامل القداسة المدعاة أو المتوهمة على إفراد معينين أو أفكار معينة؛ وهذا ناجم من كون الجهل والأمية تنتج لونا من التدين، فيه الكثير من ملامح السطحية والخرافة والتعصب، لاسيما إذا ما استثمرت أياد خبيثة عامل الجهل لتوظفه باتجاه تأجيج العصبيات، لمآرب خاصة بها، سياسية أو غير ذلك. ([9])

وبالمثل كان الفقر مصدرا لتوليد العنف والتطرف بمختلف أشكاله، ومنها الطائفية، فالفقير لا يمكنه التعلم، ولا التأمل الواعي بحقائق الحياة، ولا الشعور بالأمان الفردي والأسري والاجتماعي، بل تنعدم لديه ضمانات الغد السعيد، والى هذه الحقيقة أشار (موريس دوفرجيه) بالقول:(...عندما يرتدي شعب ثيابه الرثة، ويكون قابعا في مجاعة حقيقية، ويعيش في أكواخ، وتلطخه سيارات الأغنياء الفاخرة...عندها يغدو الشعور بالظلم أقسى والرغبة اكبر، في هذه الحالة العنف وحده أو الاستسلام الذي يولده البؤس والجهل بإمكانهما أن يبقيا هذا الوضع...) ([10])، أما (هارولد لاسكي) فقد قال(...ولكن هؤلاء الذين يعرفون حياة الفقير العادية، وخوفها الدائم من الغد وإحساسها المرتعب بالكارثة الوشيكة، وبحثها المستمر عن جمال دائم التهرب، سوف يفهمون إن الحرية بدون الاطمئنان الاقتصادي لا تستحق الحصول عليها، فالناس قد يكونون أحرار بالفعل، ولكنهم يظلون عاجزين عن تحقيق أهداف الحرية) ([11]). كما أشار إلى ذلك (توماس بين) بالقول:"إن الفقر ليتحدى كل فضيلة وسلام؛ لأنه يورث صاحبه درجة من الانحطاط والتذمر تكتسح أمامها كل شيء، ولا يبقى قائما غير هذا المبدأ كن أو لا تكن"([12])، ويقول محمد الحسيني الشيرازي في هذا الصدد:"الفقراء فحيث لا مال لهم لابد أن يلتجئوا إلى الحرب لحل مشكلاتهم...إن إمكانات السلام في الفقراء اقل من إمكانات السلام في غيرهم"([13]). وعليه، فالفقر سبيل إلى خلق العنف والتطرف لدى الإنسان، وهذا يقود إلى سيادة الاحتراب الاجتماعي بدلا من السلم، وان التنامي الخطير في تيارات العنف في البلدان الإسلامية عموما، وفي العراق حصرا لا تنبع مصادره من أفكار مستوردة أو استفزازات وتدخلات أجنبية فقط، بل إن طبيعة الحكومات التي حكمت هذه البلدان لقرون طويلة من الاستبداد والقهر والإفقار، أنتجت شعوبا فقيرة ماديا وفكريا تبحث عن سبب بؤسها في ميادين خاطئة وتوجهات أيديولوجية اقصائية للآخر، دون أن تدرك إن السبب الحقيقي في بؤسها هو غياب العدالة الاجتماعية التي تنتشلها من حالة الفقر التي تعيش فيها.

ان جل ما تقدم قد انتج خللا في العلاقة بين ابناء الطوائف الاسلامية يفصح عن ذاته عبر ثقافة من التعبئة المتبادلة القائمة على التحريض والكراهية واحكام التكفير والتفسيق وتأجيج لمشاعر العداء والبغض ([14]) الذي سيكون العنف هو الوسيلة المثلى للتعبير عنه.([15])

المبحث الثاني- مفهوم المجتمع المدني

في هذا المبحث سيتم تحديد المقصود بالمجتمع المدني وتأصيله التاريخي، ومن ثم تحديد بنيته ووظائفه التي يقوم بها، وذلك من خلال المطلبين الآتيين:

المطلب الأول - تعريف المجتمع المدني وتأصيله التاريخي:

تتألف عبارة المجتمع المدني من مصدرين مجتمع، وهو صيغة ترد في اللغة العربية إما اسم مكان أو اسم زمان أو مصدراً ميمياً، بمعنى أنها إما حدث بدون زمان (اجتماع)، وإما حدث يحدد مكان و زمان حصول هذا الحدث (مجتمع القوم، بمعنى موضع اجتماعهم).([16]) والمصدر الآخر مدني فهو يميل في اللغة العربية إلى المدينة أي الحاضرة. ([17]) أي ان مدني في اللغة العربية مشتق من التمدن والمدنية والمدينة دون ان ينطوي على دلالة معنى المواطنة الذي انطوى عليه الجذر اللاتيني للمصطلح. ([18])

ويرى محمد عابد الجابري أن عبارة المجتمع المدني، بالنسبة للغة العربية، تكتسب معناها من مقابلها الذي هو"المجتمع البدوي"، تماماً كما فعل ابن خلدون حينما استعمل"الاجتماع الحضري"ومقابله"الاجتماع البدوي"كمفهومين إجرائيين في تحليل المجتمع العربي في عهده والعهود السابقة له (أيضاَ اللاحقة). وبما أن القبيلة هي المكون الأساسي في البادية العربية فإن"المجتمع المدني"سيصبح المقابل المختلف، إلى حد التضاد لـ"المجتمع القبلي"، وفي اللغة اللاتينية يعد لفظ"CIVIL"والذي يترجم بـ"مدني"،([19])كنمط  من التفكير والسلوك يتولد في كنف المجتمع المتحضر، والذي يتناقض مع ذلك النمط من التفكير والسلوك المتواجد في المجتمع الذي تهيمن عليه النزعة العسكرية او الدينية، وهنا يبرز الفارق الكبير بين مدلول عبارة"المجتمع المدني"في اللغة العربية وبين مفهومها في الفكر الأوروبي. ([20])

ظهر مصطلح المجتمع المدني في قاموس البشرية قديما عند الرومان، وكان يقصد به وجود مجموعة سياسية خاضعة للقوانين.([21]) ومن ثم اختفى ليعود إلى الظهور مجددا في القرنين السابع عشر والثامن عشر في ظل التحول الجذري الذي اجتاح أوروبا والانتقال من عصر الظلام الى عصر الدولة الحديثة والنظام الجديد، عندما استخرجه المفكرون الغربيون مثل (هوبز، وروسو)، من رحم مفهوم العقد الاجتماعي، وربما يكون (جون لوك) أول من استخدمه بعد الثورة الإنكليزية 1688،  في نصه المشهور (رسالة التسامح، 1689)، ثم  وجد فيه (هوبز) المجتمع المنظم سياسياً عن طريق الدولة القائمة على التعاقد. أما روسو في القرن الثامن عشر فكان المجتمع المدني بالنسبة له:"هو المجتمع القادر على تشكيل إرادة عامة"، والملاحظ  أن مفهوم المجتمع المدني قد استعمل في الفكر الغربي حتى القرن الثامن عشر للدلالة على المجتمعات التي تجاوزت حالة الطبيعة والتي تأسست على عقد اجتماعي وحد بين الأفراد وأفرز الدولة،  أي ان العبارة كانت تدل على المجتمع والدولة معاً؛ فالمجتمع المدني بحسب صياغاته الأولى هو"كل تجمع بشري خرج من حالة الطبيعة إلى الحالة المدنية التي تتمثل بوجود هيئة سياسية قائمة على اتفاق تعاقدي، والمجتمع المدني وفقاً لذلك هو المجتمع المنظم سياسياً، وهو يضم المجتمع والدولة معاً". فالمجتمع المدني كما ظهر مع فلاسفة التنوير هو مجتمع لا يعرف المراتب الاجتماعية ولا التدرج الاجتماعي، وتركيبه الداخلي لا يعرف السيطرة ولا التبعية، والعلاقات داخل المجتمع المدني ليست علاقات بين قوى سياسية أو طبقات اجتماعية ولكنها علاقات بين أحرار متساوين. ([22]) فهو مجتمع الافراد الذين حررهم العمل من اسر العلاقات التقليدية، لينتظموا في بنى وتنظيمات حديثة كالجمعيات والنوادي والنقابات وهو شرط ضروري لتحقيق مبدا المواطنة. ([23]) وثمة من يرى في مفهوم المجتمع المدني بنياناً واسعا لاستيعاب ادوات الدولة المعاصرة  الى جانب ادواتها التقليدية عبر تعريفه بكونه:"مجموعة من الفعاليات والانشطة التي تحتل مركزا وسطا بين العائلة والنظام القيمي في المجتمع من ناحية، والدولة ومؤسساتها واجهزتها ذات الصبغة الرسمية من ناحية اخرى". وعليه تستوعب مفردة المجتمع المدني البنى والمؤسسات التقليدية مثل العائلة والعشيرة الى جانب المؤسسات الحديثة المتمثلة بـ(الجمعيات والنقابات والاحزاب السياسية) خلافا لمن يعرف المجتمع المدني ضمنه افقه الضيق المعاصر بكونه"مجموعة من المنظمات والممارسات التي تنشا بالإرادة الحرة في أي مجتمع في استقلال نسبي عن المؤسسات الارثية مثل الاسرة والعشيرة"([24])

ولم يظهر التمايز بين المجتمع المدني والدولة في الفكر الغربي الحديث إلا مع (هيغل)  الذي اعتبر أن المجتمع المدني يمثل الحيز الاجتماعي والأخلاقي الواقع بين العائلة والدولة، وهذا يعني أن بناء المجتمع المدني يتم بعد بناء الدولة، وهو ما يميز المجتمع الحديث كما رأى ذلك عن المجتمعات التقليدية، ومع هذا فهيغل لم يجعل المجتمع المدني شرطاً للحرية وإطاراً طبيعياً لها، فالمجتمع المدني عند (هيغل) هو مجتمع الحاجة والأنانية، وعلى هذا فهو في حاجة مستمرة إلى المراقبة الدائمة من طرف الدولة؛ بعبارة اخرى وجد هيغل في المجتمع المدني"مجموعة روابط قانونية تنظم علاقات الناس فيما بينهم وتضمن تعاونهم واعتمادهم على بعضهم البعض، فهو أي المجتمع المدني في صيرورة اكبر يتم تجسيدها في الدولة"([25])

أما ماركس فقد نظر إلى المجتمع المدني باعتباره الأساس الواقعي للدولة، وقد شخصه في مجموعة العلاقات المادية للأفراد في مرحلة محددة من مراحل تطور قوى الإنتاج، فالمجتمع المدني عند ماركس هو مجال الصراع الطبقي، وهو يشكل كل الحياة الاجتماعية قبل نشوء الدولة ويحدد المستوى السياسي، أو الدولة، بوصفه مستوى تطور العلاقات الاقتصادية، وبذلك يتطابق المجتمع المدني في المعالم العريضة مع البنية التحتية وبشرط مستويي البنية الفوقية، الايدولوجيا والمؤسسات السياسية. ([26])

ومع احتدام الصراع الثوري ضمن سياق إعادة بناء الإستراتيجية الثورية في مجتمعات أوربا الصناعية في النصف الأول من القرن العشرين جاء المفكر الإيطالي (أنطونيو غرامشي) ليجدد النظر إلى مفهوم  المجتمع  المدني ضمن الحقل الماركسي نفسه عندما رفض اعتباره فضاء للتنافس الاقتصادي - مثلما يعتقد هيغل وماركس- واعتبره حقلاً للتنافس الأيديولوجي، وهو لذلك جزء من البنية الفوقية، وهذه البنية تنقسم بدورها إلى مجتمع مدني ومجتمع سياسي، وظيفة الأول الهيمنة عن طريق الثقافة والأيديولوجيا، ووظيفة الثاني السيطرة والإكراه، على الرغم من تحرره من الأطر المسبقة التي فرضها هيغل وماركس إلا أنه بقي وفياً لهما فيما يتعلق بعلاقة المجتمع المدني مع الدولة في ضوء جدليتهما المركبة. وفي رأي غرامشي أنه"لا يكفي للوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها السيطرة على جهاز الدولة ولكن لابد من تحقيق الهيمنة على المجتمع، ولا يتم ذلك إلا من خلال منظمات المجتمع المدني عبر العمل الثقافي بالدرجة الرئيسية، ذلك أن المجتمع المدني هو المجال الذي تتجلى فيه وظيفة الهيمنة الاجتماعية مقابل المجتمع السياسي أو الدولة الذي تتجلى فيه وظيفة السيطرة أو القيادة السياسية المباشرة". ([27])

ويوجز المفكر الالماني المعاصر (يورغان هابرماس) رؤية غرامشي الى المجتمع المدني بالقول."ان وظائف المجتمع المدني تعني لدى غرامشي الراي العام – أي الذي لايخضع لسلطة الدولة"وبكل الاحوال والتوصيفات لايمكن مغادرة الهدف الذي رامه غرامشي من بلوغ ضفاف المجتمع المدني عبر بوابة انتصار الثورة العمالية ضمن اطر مقولات الرؤية الماركسية.([28])

ولم يعرف الفكر العربي مفهوم المجتمع المدني بحد ذاته بل جاء هذا التعرف عبر الاهتمام المتزايد الذي لاقته مؤلفات (انطونيو غرامشي) في العالم العربي بعد السبعينيات. وبدرجة أقل مفردات الفلسفة والفكر الليبرالي عبر ترجمة بعض أعمال الفلسفة الكلاسيكية (العقد الاجتماعي لروسو، في الحكم المدني لجون لوك)، مما يعني أن الفكر العربي لم يتعامل مع المفهوم قبل تلك الفترة باعتباره ظاهرة مستقلة بحد ذاتها. لا على مستوى التأصيل النظري ولا على مستوى الاستخدام الأدائي الأيديولوجي، اذ لم يخرج مفكروا عصر النهضة العربية في نهايات القرن التاسع عشر عن معالجة معطيات المجتمع المدني ومفرداته من زاوية حاجة مجتمعاتهم الى (الحرية والسيادة والمساواة).([29]) وهكذا لم يظهر المفهوم الحديث والمستقل للمجتمع المدني في الفكر العربي المعاصر الا مع ثمانينيات القرن العشرين وخصوصاً في دول المغرب العربي، حيث ارتبط المفهوم بالتفكير في ظروف التحول من الحزب الواحد إلى التعددية (تونس، الجزائر). ([30])

وقد شهدت نهاية القرن العشرين إعادة اكتشاف المفهوم بعد تنقيته من بعض القضايا التي كانت موضع سجالات ساخنة خلال المراحل السابقة، فصار يقصد بالمفهوم المعاصر للمجتمع المدني"تلك الشبكة الواسعة من المنظمات التي طورتها المجتمعات الحديثة في تأريخها الطويل والتي ترفد عمل الدولة"([31]). لقد أثرت هذه الرحلة الفكرية الطويلة في إثراء  مفهوم المجتمع المدني وبلورة ملامحه. ومن هنا جاءت التعريفات المقدمة لهذا المفهوم لتؤكد حالة النضوج الفكري في النظرة إليه  وتحري مبانيه النظرية. وهكذا تنوعت التعاريف المقدمة لمفهوم المجتمع المدني بتنوع المرجعيات والأغراض لمن تناول المفهوم بالتعريف. وهنا يشير حسنين توفيق إلى"المجتمع المدني"على أنه عبارة عن مجموعة من الأبنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية التي تنتظم في إطارها شبكة معقدة من العلاقات والممارسات بين القوى والتكوينات الاجتماعية في المجتمع، ويحدث ذلك بصورة ديناميكية ومستمرة من خلال مجموعة من المؤسسات التطوعية التي تنشأ وتعمل باستقلالية عن الدول. ([32])

وعرف سعد الدين إبراهيم المجتمع المدني بأنه"مجموعة من التنظيمات التطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة لتحقيق مصالح أفرادها ملتزمة في ذلك بقيم ومعايير الاحترام والتراضي والتسامح والإدارة السلمية للتنوع والخلاف"([33])، وتشمل تنظيمات المجتمع المدني كلا من الجمعيات والروابط والنقابات والأحزاب والأندية والتعاونيات، أي كل ما هو غير حكومي وكل ما هو غير عائلي أو إرثي (وراثي). والى هذا المعنى ذهبت الدكتورة أماني قنديل  عندما عرفت المجتمع المدني باعتباره"مجموعة التنظيمات الطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة؛ لتحقيق مصالح أفرادها ملتزمة بقيم ومعايير الاحترام والتراضي والتسامح والإدارة السليمة للتنوع والاختلاف".([34]) كما عرفه محمد عابد الجابري"بكونه مجتمع المدن، وأن مؤسساته هي تلك التي ينشئها الناس بينهم في المدينة لتنظيم حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، فهي إذن مؤسسات إرادية يقيمها الناس وينخرطون فيها أو يحلونها أو ينسحبون منها، على النقيض تماما من مؤسسات المجتمع البدوي والتقليدي والتي تتميز بكونها مؤسسات طبيعية، أو عضوية يولد الفرد منتميا إليها مندمجا فيها لا يستطيع الانسحاب منها مثل القبيلة والطائفة..".([35])

وعلى ضوء ما تقدم يمكن تعريف المجتمع المدني في إطار تأصيله الفلسفي والفكري بأنه"عبارة عن مجموعة من المؤسسات، التي تقع خارج شبكة سلطة الدولة(والمجتمع التقليدي)، تتيح للقوى الاجتماعية العاملة في مجالات الاقتصاد والحياة الثقافية والأيديولوجيا والسياسة أن تنظم نفسها بشكل حر بحيث تستطيع أن تلعب دورها في التطور الاجتماعي".([36])

المطلب الثاني: بنية المجتمع المدني. 

يتطلب فهم بنية المجتمع المدني تحديد خصائصه البنيوية أولا، ووظائفه الأساسية ثانيا، وكما يلي:-

الفرع الأول: الخصائص البنيوية للمجتمع المدني.

هناك مجموعة من السمات التي يتميز بها المجتمع المدني عن غيره من الهيئات والكيانات القانونية الأخرى، هذه السمات تمثل الخصائص المميزة لمؤسساته،ويمكن إجمالها بالاتي([37]): 

1) الطوعية: وتعني أن تنظيمات المجتمع المدني باختلاف أنواعها وأهدافها، تتأسس بناء على الرغبة المشتركة لأصحابها، وانطلاقا من إرادتهم الحرة، أو الطوعية، وبالتالي فهي غير مفروضة من طرف أي جهة، ولا يتم إحداثها استجابة لتعليمات أو توجيهات الحاكمين وذوي النفوذ، أو غيرهم، وتمارس نشاطاتها التي تستجيب للأهداف التي سطرتها لنفسها بعيدا عن أي ضغط أو تأثير خارجي، ويكون الانتماء إليها والخروج منها بإرادة الفرد؛ لأن مؤسسات المجتمع المدني لا تتماثل مع الجماعات المرتبطة بالصلات القرابية كالأسرة والعشيرة والقبيلة، بل هي بعيدة كل البعد عنها. وعادة ما تنبع الرغبة في تكوين هيئات المجتمع المدني، من شعور الأفراد بانتمائهم للمجتمع الذي يعيشون فيه، وبكونهم معنيين بما يحدث فيه سلبا أو إيجابا، ووعيهم بما لهم من مسؤولية تجاهه، وبأهمية الانخراط في قضاياه بالاشتراك مع الآخرين، وما يقتضيه ذلك من تطوع وتضامن وتعاضد وتعاون من أجل الصالح العام، ثم الإحساس بلذة تحقيق النتائج، وجني الثمار، التي تعود بالنفع على المجتمع ككل، وعلى أفراده من خلال العمل المشترك.

2) التنظيم: إن الحرية والتلقائية التي تطبع تأسيس المنظمات التي تندرج ضمن مفهوم المجتمع المدني، لا تعني العشوائية أو عدم الضبط؛ لأن وجود كل واحدة من هذه المنظمات يخضع للقوانين السائدة والتي تتيح حرية تأسيسها من جهة، كما تخضع في تسييرها وقيامها بمهامها لقوانينها الأساسية، وأنظمتها الداخلية من جهة ثانية، وبذلك تتميز عن الجماعات والمكونات التي عرفتها المجتمعات الإسلامية التقليدية، ومنها المجتمع العراقي كالقبيلة والعشيرة والزاوية والطريقة والمذهب. وتقوم العلاقة بين أعضاء المؤسسة على أساس التكافؤ واحترام كل الآراء والاجتهادات، في إطار العمل الجماعي لفريق يتوخى تحقيق نفس الأهداف، وهي علاقات أفقية، وليست رأسية أو عمودية، مثل العلاقة بين الأجير والمؤجر، أو بين السلطة والمواطن، أو بين شيخ الزاوية والأتباع، مما يجعل المجتمع المدني إطارا يتيح ويشجع كل الأعضاء على الابتكار والإبداع، والمساهمة الإيجابية في الوصول إلى الغايات المشروعة المشتركة.

3) الاستقلال: ويقصد به أن لا تكون منظمات المجتمع المدني خاضعة للسلطة في تحديد طريقة تشكيلها وتحركها – مع احترامها للقانون- لكي تتمكن من التأثير في السلطة ومنعها من السير في طريق الاستبداد. ويمكن تحديد درجة استقلال منظمات المجتمع المدني عن الدولة من خلال عدة مؤشرات منها:

أ-  الاستقلال من حيث النشأة: الأصل أن منظمات المجتمع المدني تنشأ بشكل حر وبدون تدخل من قبل الأطراف الحكومية وان ما يبرر نشأتها وجود الحاجة إلى نشاطها في الميادين التي تعمل فيها.

ب- الاستقلال المالي: ويظهر ذلك من خلال تحديد مصادر تمويل هذه المنظمات، فبعضها تتلقى جزءاً من تمويلها من الدولة أو بعض الجهات الخارجية،  وبعضها الأخر يعتمد بصورة كاملة على التمويل الذاتي من خلال مساهمات الأعضاء في شكل اشتراكات للأعضاء أو التبرعات أو على بعض أنشطتها الخدمية أو  الإنتاجية. بعبارة أخرى، يعتبر التأسيس الاقتصادي أهم عناصر الاستقلالية؛ لأن صاحب التمويل هو صاحب القرار.

ج- الاستقلال الإداري والتنظيمي: ويشير إلى مدى استقلال منظمات المجتمع المدني في إدارة شؤونها الداخلية طبقاً للوائحها وأنظمتها الداخلية وبعيداً عن تدخل الدولة، ومن ثم تنخفض إمكانية الهيمنة على عمل هذه المؤسسات وتوجيهها بالشكل الذي تختاره السلطات الحكومية، أو إخضاعها للرقابة والسيطرة الشديدة وبذلك تصبح عديمة الفاعلية وقد تطرح بعض الحكومات مؤسساتها الرسمية بديلاً لمنظمات المجتمع المدني محاولة بذلك احتواء دور تلك المنظمات أو تهميشها. إن استقلال المجتمع المدني عن الدولة لا يعني بالضرورة أنه نقيض أو خصم لها، أو لا توجد بينهما أي صلة، وإنما تفيد أن علاقته بها لا تتسم برابطة التبعية، بل تكون  العلاقة في هذه الحالة مبنية على الشراكة والتعاون، ووظيفة المجتمع المدني وإن كانت لا تختلف في مجالات تدخلها عن تلك التي تهتم بها مؤسسات الدولة، فإنها قد لا تكون من بين أولوياتها، ولذلك يصف البعض دور المجتمع المدني بأنه مكمل للمهام التي تقوم بها مصالح الدولة، ويسد الفراغ أو النقص في بعض الخدمات التي تهم العموم، أو تهم فئات معينة.

4) خدمة الصالح العام: إن أعمال ومبادرات منظمات المجتمع المدني لابد أن تصب في خدمة الصالح العام، من خلال تقديم خدمات لفائدة المجتمع، أو بعض الفئات المستهدفة منه، وهناك مجالات كثيرة ومتنوعة لاشتغال المجتمع المدني، في بلد يعاني من التخلف، ويعرف الكثير من الاختلالات والخصائص، ومن هذه المجالات: الأعمال الاجتماعية التي تستهدف الفئات المحتاجة، ورعاية الأشخاص المعاقين، وحماية الطفولة، والاهتمام بقضايا المرأة والشباب، ومحاربة الأمية، والوقاية الصحية، والدفاع عن حقوق الإنسان، وتعميم مفاهيمها وثقافتها، ونشر قيم المواطنة، وحماية البيئة، والمساهمة في تنمية الحواضر والقرى، ومحاربة الفقر والإقصاء الاجتماعي، وترسيخ مقومات الهوية الوطنية، وما تتميز به من غنى وتنوع، والنهوض بالفنون، والتشجيع على الإبداع، وخلق فضاءات للتنشيط الثقافي والرياضي والترفيهي، وغير ذلك من المجالات التي يمكن للمجتمع المدني أن يساهم من خلال الاشتغال بها في تنمية المجتمع والنهوض به، دون أن تكون الغاية من وراء ذلك هي التجارة أو الربح، أو المصلحة الذاتية للأعضاء.وخدمة الصالح العامة من قبل المجتمع المدني دفعت ستيفين ديلو وتيموثي ديل مؤلفا كتاب(التفكير السياسي والنظرية السياسية والمجتمع المدني) إلى القول:"..يشير المجتمع المدني الى مؤسسات سياسية وطنية،لديها هدف رئيسي يتمثل في الالتزام بتعزيز حكم القانون لصالح مفهوم مشترك للصالح العام. والصالح العام.. يشمل توفير الحقوق الأساسية، مثل التعبير والتنظيم وحرية الاعتقاد والدين، وحماية الملكية الخاصة إلى غير ذلك"".([38])

5) عدم السعي للوصول إلى السلطة: على الرغم من كون أنشطة وأهداف المجتمع المدني لا تبتعد عن مجالات الشأن العام، وأن بعض المؤسسات تشكل أحيانا قوة ضاغطة على السلطات العمومية، وتقوم بانتقاد العمل الحكومي، فإنها لا تسعى من خلال ذلك إلى الوصول إلى السلطة، ومن هذه الزاوية يتميز المجتمع المدني عن الأحزاب السياسية التي من طبيعتها أن تعمل للوصول إلى الحكم. وتجدر الإشارة إلى أن هناك من يتوسع في مفهوم المجتمع المدني فيعتبر الأحزاب السياسية جزءا منه، غير أن أهداف الأحزاب ومنهج عملها مغايران، فهي تتنافس في الاجتهادات والبرامج التي تهم مختلف مجالات الشأن العام، وتقوم بعرضها على الرأي العام، وعلى الناخبين لنيل ثقتهم، والوصول بالتالي إلى الحكومة لتنفيذ تلك البرامج؛ بينما أي منظمة في المجتمع المدني لا تتدخل في كل المجالات، وإنما تختار أن تقدم خدمات معينة في مجال محدد، ولا تدخل في المنافسة الانتخابية التي تعني الأحزاب السياسية.

6) عدم اللجوء إلى العنف: إذا كان من حق منظمات المجتمع المدني أن تقوم بالاحتجاج على السياسة التي تتبعها السلطات العمومية في مجال ما، أو في مواجهة إحدى الظواهر السلبية في المجتمع، ومن حقها أيضا ممارسة الضغوط لتحقيق فوائد للمجتمع، ومكتسبات للشرائح الاجتماعية التي تدافع عن مصالحها، فإنها لا يمكن أن تستعمل في ذلك إلا الوسائل السلمية المتحضرة، والمتمثلة في رفع المطالب، وإبداء الملاحظات، والحوار مع الجهات المعنية، واستعمال وسائل الإعلام والاتصال لتوضيح مواقفها، ويمكنها أن تلجأ إلى التظاهر السلمي إذا اقتضى الأمر ذلك؛ ولا يمكنها مطلقا اللجوء إلى العنف؛ وقد كان كانط يعتقد ان العنف سيتقلص  بحكم ان المجتمع سيخضع اكثر للتشريعات والقوانين وهو الامر الذي لن يوجد معه سبب معقول لاستخدام العنف من طرف الدولة ما دام الخضوع والطاعة قائمين؛اذ من المفترض ان يسهم المجتمع المدني في تهذيب السلوك العام، وليس في ترهيب المجتمع، ويعبئ الطاقات لخدمة الصالح العام، ولا يهيج الناس من أجل التخريب، ويعمل على نشر قيم التضامن والتسامح، ولا يزرع الحقد والكراهية. ([39])

ولذلك فإن التنظيمات التي لا تتورع عن استعمال العنف، وتمارس الإرهاب بأي شكل من الأشكال، مهما كانت أهدافها المعلنة، لا يمكن أن تندرج ضمن المجتمع المدني، لأنها تجعل نفسها ضد أمن وسلامة واستقرار المجتمع، وبالتالي تكون ضد الأهداف النبيلة، والرسالة الحضارية التي يضعها المجتمع المدني على عاتقه.

7) العمل الجماعي: إذ تعتمد منظمات المجتمع المدني على الجهد الجماعي في تحقيق أهدافها؛ لأن ذلك يعطيها القوة والتأثير في عملها.

8) البعد الأخلاقي– السلوكي: تستند منظمات المجتمع المدني إلى منظومة أخلاقية –سلوكية أساسها قيم المواطنة، والحوار، والتسامح، والاعتراف بالآخر، واحترام الرأي المغاير، والتعاون، والتنافس، والصراع السلمي.

الفرع الثاني: وظائف المجتمع المدني.

يبرز الدور الحيوي للمجتمع المدني من خلال الوظائف المهمة التي تضطلع بها مؤسساته، والتي يمكن تحديد أبرزها بما يلي: ([40])

1- بناء الثقافة الديمقراطية: من أهم الوظائف التي تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني؛اذ توفر قناة للمشاركة الاختيارية في المجال العام وفي المجال السياسي حين تعمل على نشر قيم احترام العمل الجماعي والعمل التطوعي وقبول الاختلاف والتنوع وإدارة الخلاف بوسائل سلمية في ضوء قيم الاحترام والتسامح والتعاون والتنافس والصراع السلمي مع الالتزام بالمحاسبة العامة والشفافية.([41]) وهكذا نرى أن مؤسسات المجتمع المدني تلعب دوراً تربوياً تدريبياً على العملية الديمقراطية من خلال العلاقات الداخلية لكل مؤسسة والتي تنظمها لائحة داخلية أو نظام أساسي يحدد حقوق وواجبات الأعضاء وأسس إدارتها من خلال مجلس إدارة منتخب وهيئة عامة تضم كل الأعضاء وتعتبر أعلى سلطة في المؤسسة تنتخب مجلس الإدارة وتراقب أداءه وتحاسبه على ما يحققه من نتائج. وما تتضمنه هذه العملية من مشاركة في النشاطات والتعبير عن الرأي والاستماع للرأي الآخر والتصويت على القرارات والترشيح في الانتخابات وهي جميعها أمور ضرورية لأي ممارسة ديمقراطيـة. وبالتالي لا يخطئ الباحث الغربي (بوتنام) حينما اتعقد ان منظمات المجتمع المدني تضطلع بوظيفة التنشئة الاجتماعية للمشاركين فيها ضمن معيار الاعتماد المتبادل كاساس لراس المال الاجتماعي اللازم للتعاون الفاعل. ([42])

وما تقدم يدل على العلاقة الترابطية المتينة بين الديمقراطية بوصفها شرطا ونتاجا حيا للطرف الاخر المتمثل بالمجتمع المدني. ([43])

2- حماية الحقوق والحريات: ارتبط مفهوم المجتمع المدني عادة بصفة الملجأ أو الحصن الذي يلجأ إليه الأفراد في مواجهة الدولة وحكومتها من ناحية، وقوى السوق من ناحية ثانية. فكل من الدولة وقوى السوق قد يهدد بتصرفاته الحريات والحقوق الإنسانية ويمارس الاستغلال والقهر ضد الفئات الضعيفة في المجتمع. ولا تجد هذه الجماعات درع وقاية تتسلح به ضد هذه التهديدات إلا بالانضمام إلى أحد تنظيمات المجتمع المدني التي لديها من القوة المادية والمعنوية ما يمكنها من الضغط على الحكومة لاحترام تلك الحقوق ووقف التعدي عليها، أو الضغط على قوى السوق كالمنتجين والتجار وأصحاب المشروعات مثل النقابات وجمعيات حماية المستهلك. والواقع أن وجود المجتمع المدني ومؤسساته يشعر الأفراد بأن لديهم قنوات مفتوحة لعرض آرائهم ووجهات نظرهم بحرية حتى لو كانت تعارض الحكومة وسياساتها للتعبير عن مصالحهم ومطالبهم بأسلوب منظم وبطريقة سلمية ودون حاجة إلى استعمال العنف طالما أن البديل السلمي متوافر ومتاح.

3 - إفراز القيادات الجديدة: يتطور المجتمع وتنضج حركته بقدر ما يتوفر له من قيادات مؤهلة للسير به إلى الأمام باستمرار. ولكي يواصل المجتمع تقدمه فإنه في حاجة دائمة لإعداد قيادات جديدة من الأجيال المتتالية. ويقصد بالقائد ذلك الإنسان الذي يتمتع بنفوذ حقيقي على جماعة محددة من الناس تثق فيه وتسعى إليه كلما واجهتها مشكلة، وتتحرك في الاتجاه الذي يحدده لها على نحو ما يحقق مصالحها. ومن خلال هذه المسؤولية فإن القائد يطور معرفته بأحوال الناس ويزداد الماما بأوضاعهم فتزداد قدرته وخبرته على الاستجابة الفاعلة لمطالب الجماهير، فتزداد شعبيته ويزداد نفوذه وتأثيره لدى دوائر أوسع من هذه الجماهير، ويتحول من قائد نوعى أو محلي يعمل في قطاع جماهيري أو جغرافي محدد إلى قائد سياسي ينشط على مستوى المجتمع كله، وبذلك تزداد ثروة المجتمع من القيادات. وتكوين القيادات الجديدة بهذا المفهوم يبدأ داخل مؤسسات المجتمع المدني في النقابات المهنية والعمالية والجمعيات الأهلية والتعاونيات والمنظمات الشبابية والنسائية.. إلخ. حيث تعتبر مؤسسات المجتمع المدني في الحقيقة المخزن الذي لا ينضب للقيادات الجديدة، ومصدرًا متجددًا لإمداد المجتمع بها فهي تجتذب المواطنين إلى عضويتها، وتمكنهم من اكتشاف قدراتهم من خلال النشاط الجماعي، وتوفر لهم سبل الممارسة القيادية من خلال المسؤوليات التي توكلها لهم، وتقدم لهم الخبرة الضرورية لممارسة هذه المسؤولية، وتؤكد الدراسات الميدانية أن العناصر النشطة في مؤسسات المجتمع المدني والتي تتولى فيها مسؤوليات قيادية هي القاعدة الأساسية التي يخرج منها قيادات المجتمع المحلية والقومية ابتداء من أعضاء المجالس الشعبية المحلية إلى القيادات البرلمانية في المجالس التشريعية إلى قيادات الأحزاب السياسية على كل المستويات، وبذلك تساهم مؤسسات المجتمع المدني في دفع التطور الديمقراطي للمجتمع وإنضاجه من خلال ممارستها لوظيفة إفراز القيادات.

4ـ وظيفة تجميع المصالح: تعمل مؤسسات المجتمع المدني  على بلورة مواقف جماعية من القضايا والتحديات التي تواجه أعضاءها، وتمكنهم من التحرك جماعيا لحل مشاكلهم وضمان مصالحهم على أساس هذه المواقف الجماعية. وتمارس هذه الوظيفة بشكل أساس من خلال النقابات العمالية والمهنية والغرف التجارية والصناعية وجماعات رجال الأعمال وسائر المنظمات الدفاعية. ومن خلال هذه الوظيفة يتعلم الأعضاء كيفية بحث مشاكلهم ودراسة الأوضاع القائمة في المجتمع، وتحديد كيفية الحفاظ على مصالحهم في مواجهة مصالح فئات أخرى وصياغة مطالب محددة قد تكون جزئية في بعض الأحيان أو تتضمنها برامج متكاملة. وبهذا فإن وظيفة تجميع المصالح التي تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني لا تقتصر نتائجها على العمل المباشر لهذه المؤسسات بل تمتد إلى المجتمع فتوفر لأعضائه هذه الخبرات الهامة للممارسة الديمقراطية السياسية.

5- الوساطة والتوفيق: أي التوسط بين الحكام والجماهير من خلال توفير قنوات للاتصال ونقل أهداف ورغبــات الحكومة والمواطنين بطريقة سلمية. وتسعى جماعات المصالح في هذا الإطار للحفاظ على وضعها وتحسينه واكتساب مكانة أفضل لها في المجتمع، ولذا فإنها تتحرك مباشرة للتأثير على عملية تشريع ووضع القوانين وتهدف إلى الوصول إلى نقطة اتفاق والتقاء بين الآراء المتعددة كأساس للاستقرار. وترتبط وظيفة التعبير والتمثيل والتحدث باسم جماعات معينة بتلك الوظيفة التنظيمية حيث تتولى مؤسسات المجتمع المدني مهمات متعددة تبدأ بتلقي المطالب التي عادة ما تكون متعارضة ومتضاربة وتجميعها وإعادة ترتيبها وتقسيمها إلى فئات محددة قبل توصيلها إلى الحكومة. وكلما زاد التنوع والاختلاف في المجتمع كلما احتاج إلى عدد أكبر من المنظمات والجمعيات للتعبير عن هذا التنوع وتنظيمه والتوفيق بين أطرافه المتعددة، وكلمما كان النظام الثقافي في المجتمع منسجما مع النظام الاجتماعي الاكثر استقلالية وتطور ومرونة توافرت الظروف المساعدة على وجود واستقرار المجتمع المدني والدولة على حد سواء. ([44]) تتضح أهمية هذه الوظيفة الخطيرة إذا ما تخيلنا ضعف أو ضيق منافذ التعبير عن الرأي أمام الناس بحيث يفقدون القدرة على التأثير في القرارات السياسية التي تمس حياتهم بشكل مباشر، فيتعرض الساخطون على الأوضاع القائمة لكبت مشاعرهم الغاضبة وهذا الكبت قد يولد الانفجار عند وصوله إلى نقطة الغليان طالما أنه ليس متاحاً له فرصة التنفيس عن نفسه بحرية، وهو ما يعني تعريض المجتمع بشكل متكرر للاحتجاجات العنيفة لأن الأفراد والجماعات لم يجدوا منظمات تستقبل مطالبهم. ([45])

6- تسوية الصراعات: حيث يتم من خلال مؤسسات المجتمع المدني حل معظم النزاعات الداخلية بين أعضائها بوسائل ودية دون اللجوء إلى الدولة وأجهزتها البيروقراطية وبذلك فأن مؤسسات المجتمع المدني تجنب أعضاءها المشقة وتوفر عليهم الجهد والوقت وتجنبهم كثيراً من المشاكل المترتبة على العجز عن حل ما ينشأ بينهم من منازعات، بذلك تساهم في توطيد وتقوية أسس التضامن الاجتماعي فيما بينهم. وإذا كانت الديمقراطية بالمفهوم الإجرائي هي صيغة لإدارة الصراع في المجتمع بوسائل سلمية فإن حل المنازعات بين الأعضاء بوسائل ودية داخل مؤسسات المجتمع المدني هي ترجمة سلوكية لمثل ديمقراطي اشمل. وعندما ينجح هؤلاء الأعضاء في حل منازعاتهم بالطرق الودية داخل مؤسساتهم المدنية، فإنهم يكتسبون الثقافة والخبرة اللازمة لممارسة الصراع الطبقي والسياسي في المجتمع بوسائل سلمية. تشمل هذه الخبرة والثقافة، الاعتراف بالآخر وبحقوقه ومصالحه والحوار معه والوصول إلى حلول وسط من خلال التفاوض. وهكذا تلعب وظيفة حسم وحل الصراعات وديا داخل مؤسسات المجتمع المدني دورا هامًا في تهيئة المجتمع لممارسة الديمقراطية السياسية وجوهرها إدارة الصراع والمنافسة بوسائل سلمية.([46])

7- التنمية الشاملة: صحيح أن المجتمع المدني هو أداة هامة في تحقيق الاستقرار إلا أن ذلك لا يعني أنه لا يحقق التغيير والتطوير. ومنذ فترة قريبة بدأت المنظمات الدولية المهتمة بالتنمية تؤكد على معنى جديد لها هو التنمية بالمشاركة؛ على أساس أن تجارب التنمية العديدة قد أصابها الفشل؛ لأنها تم فرضها من جانب الحكومة على المحكومين دون إشراكهم فيها. بينما أثبتت حالات أخرى أن مشاركة المستويات الشعبية الدنيا هي خير ضمان لتحقيق النجاح.  أن مشكلة التنمية لا تكمن دائما في قلة الموارد المادية، وإنما في كيفية استغلال تلك الموارد، وهذه الكيفية تتوقف بدورها على طبيعة ونوعية البشر الذين يقومون باستغلالها ولذا، فإن الاستثمار الحقيقي لابد أن يتم في الثروة البشرية وليس المادية فقط، وهنا تبرز أهمية المجتمع المدني في القيام بهذا النوع من الاستثمار، حيث يتم من خلال منظماته تنمية وتطوير المهارات والقدرات الفردية للأعضاء بشكل يقلل من العبء على الحكومة حيث يصبح لمؤسسات المجتمع المدني دور شريك للدور الحكومي في تنفيذ برامج وخطط التنمية الشاملة بمختلف جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبشرية وهي تتلقى من الحكومة الدعم والمساندة للقيام بهذا الدور.

ولا تقتصر وظائف المجتمع المدني على ما ذكر أعلاه، فان الدراسات المهمة بهذا الموضوع تضيف وظائف أخرى، كـتحقيق النظام والانضباط في المجتمع، وملأ الفراغ في حالة غياب الدولة أو انسحابها، وتوفير الخدمات والمساعدة للمحتاجين، وتحقيق التكافل الاجتماعي..وغيرها، مما يدل على أهمية هذا المجتمع وضرورته في بناء الحضارة الإنسانية المعاصرة.

المبحث الثالث: التحول من المجتمع الطائفي إلى المجتمع المدني في العراق.

في هذا المبحث سيتم بيان مجالات التقاطع بين الطائفية والمجتمع المدني أولا، وتحديد آليات التحول من المجتمع الطائفي إلى المجتمع المدني ثانيا.

المطلب الأول: مجالات التقاطع بين الطائفية والمجتمع المدني

اذا جاز لنا قبول راي لوك بكون"المجتمع المدني هو اختراع بشري بحثا عن بديل مدني لمخاطر الدولة الطبيعية اذ ان الطبيعة لم تعدنا لنكون مواطنين"([47]) تكون الدولة بوجه عام والدولة القانونية بوجه خاص التي تترسخ فيها جذور المواطنة ووعيها، هي البيئة الصالحة لاستنبات وتطوير وشائج بنى المجتمع المدني. ومن هنا تتولد علاقة  تلازمية تبادلية بين الدولة والمجتمع المدني؛ فهذه الاخيرة لاتناقض الدولة بل تعمل على توافر اسس الاستقرار فيها كونها افضل اليات ادارة الحوار والتعايش السلمي بين مكونات المجتمع ضمن اطر القانون الذي توظفه الدولة لفرض سيطرتها وتحقيق الغايات الوظيفية لها، وبافتراض النقيض المنطقي، أي عندما تكون الدولة حاضنة لمنطق الفرقة والتعصب او حتى تنحدر قوة الاكراه الرسمي من اجهزة الدولة الى القوى الاخرى اعتمادا على منطلقات طائفية، يكون وجود الدولة بحد ذاته مشكوكا فيه ([48])

وعلى هذا يكون المجتمع المدني مجالا متمايزا عن السلطة والبنى التقليدية الموروثة في الدولة ليؤسس بنيان الدولة العصرية المستندة الى المواطنة والمشاركة والمنظمات على اساس الخيارات الفكرية التي تشكل تحولا تدريجيا من العلاقات التقليدية باتجاه العلاقات المدنية الحديثة.([49])

يتضح من خلال ما تقدم من فهم للطائفية والمجتمع المدني أنه يوجد في المجتمعات الإنسانية عامة لغتان متضادتان تتمثل الأولى بلغة السلام والمحبة والتسامح  و الحوار المدني الذي هو الأساس في الحياة لا بل القاعدة، بينما تتمثل اللغة الأخرى في العنف و التطرف والتسلط والإقصاء، والتحريض سواء من خلال الكلمة أو من خلال الموقف أو حتى من خلال الدعم المادي. وتبرز مؤسسات  المجتمع المدني لتقوم بأهم وظائفها حينما تتموضع في زاوية  احتواء حالات الاحتقان السياسي والاجتماعي، والتنفيس عنها عبر تفجير الطاقات بصورة إيجابية، واعتماد النهج السلمي في اتخاذ المواقف المختلفة، والتعبير العلني عن  القناعات المتباينة.؛ فتوفر قناة للمشاركة الاختيارية في المجال العام وفي المجال السياسي، مثلما تعمل على نشر قيم احترام العمل الجماعي والعمل التطوعي وقبول الاختلاف والتنوع وإدارة الخلاف بوسائل سلمية في ضوء قيم الاحترام والتسامح والتعاون والتنافس والصراع السلمي مع الالتزام بالمحاسبة العامة والشفافية. ([50])

وعلى النقيض من هذه الوظيفة المهمة وهذا المناخ السلمي الذي ينهض به المجتمع المدني أو يفترض تواجده كأساس ومنطلق لحركته المؤثرة في إنضاج شروط الممارسة  الديمقراطية وتعزيز روح التسامح والحوار المدني البناء داخل المجتمع ، فان النزعة الطائفية المسيسة  لن تسهم إلا في  إيجاد أجواء الاحتقان وتقطيع سبل الوصال وتزيد من نسب الكراهية بين أفراد المجتمع الواحد؛ لأنها تستمد حضورها وتمددها في الذات الاجتماعية من إضفاء الشرعية على متعاطيها مع إلغاء الآخر وتسفيه مبانيه الفكرية والعقائدية ومصادرة حقه بممارسة شعائره وطقوسه الدينية. ليبرز التطرف والإقصاء  تحت مسمى (التكفير) كمحصلة لمثل تلك  الرؤى والممارسات. لهذا فان آثار التحرك الطائفي يتجاوز الفرد والمؤسسة إلى العمق الاجتماعي ويضرب بآلامه وأخطاره أعمدة الاستقرار الاجتماعي. وهي أجواء لا يمكن أن تنتج بيئة خصبة وقادرة على احتضان المجتمع المدني؛ لأن مفهوم الإدارة السلمية للصراع والمنافسة هي جوهر مفهوم المجتمع المدني الذي لا يمكن له أن يرى النور إلا بتوافر الحرية، أما نموه وتحقيقه لأهدافه فيبقى مرتبطا بطبيعة المحيط الذي يوجد فيه بأبعاده السياسية والاجتماعية والثقافية، وكلما كانت العلاقات التي تسود المجتمع مرتكزة على القواعد الديمقراطية المؤسساتية، ومتشبعة بقيم التعدد والاختلاف، وروح المواطنة، والتنافس في خدمة المصلحة العامة، وحرية الاجتهاد، والمراقبة والمساءلة والنقد، فإن توفر هذه القواعد والقيم يفتح الفضاء الطبيعي لنمو المجتمع المدني وتطوره؛ اذ ان للديمقراطية بغية ممارستها بصورة فعالة، الحاجة الضرورية في ايجاد الية التعامل العقلاني مع الظواهر والعلاقات بين الافراد والمؤسسات ووجود افاق واسعة لقبول الانتقادات والتعامل معها بصورة عقلانية.([51]) وعلى العكس من ذلك حينما تسود قيم الطائفية المشجعة على التطرف والتعصب المنزوي عن منطق قبول الآخر والمرتكن إلى تغليب منطق القوة والفرض والإقصاء تنغلق كل آفاق محتملة لإنماء تلك الأجواء التي يتطلبها نشوء المجتمع المدني. أي بعبارة أخرى مثلما يسهم المجتمع المدني في إنضاج شروط الديمقراطية وبلورة قواعدها وترسيخ مرتكزاتها، فانه أي المجتمع المدني يحتاج هذه الظروف أو حتى الحد الأدنى منها ليثمر ويستجيب بفاعلية للواقع الاجتماعي الايجابي. والواقع إن تفشي الفكر الطائفي – ضمن الإطار الهدام – في مجتمع ما، وتقدمه في سلم اهتمامات الفرد والجماعة سيجعل منه المرجعية والمعيار لسلوك الفرد تجاه الآخر، وتجاه المجتمع والدولة ونظام الحكم والسياسة المحلية والإقليمية والدولية. وهنا تكمن الخطورة من تحول ذلك الفكر إلى مواقف وسلوك في التعامل مع الآخر  تتخطى إلى حد بعيد الثوابت الوطنية وحتى المفاهيم الأخلاقية والإنسانية بوصفها من أهم دعامات تحقق الوحدة ومتطلبات تامين التعايش السلمي بين أبناء الشعب الواحد.([52])

إنّ التمسك بالبعد الوطني ورفض التبعية يقف على تقاطع مع قوة الدعاية التي تحملها الطائفية السياسية بزعمها التعبير عن أتباع المذهب وأبناء الطائفة وبأن الفكر النفس مع نظم سياسية إقليمية يعبر عن مصلحة أبناء الطائفة على حساب وجودها الوطني الذي يمثل استغلالا مزعوما لها. وإن دمج آليات الحياة اليومية للشعب بآليات اشتغال مؤسسات الدولة بواسطة منطق الطائفية وفلسفتها التي تمارسها الحركات السياسية الحاكمة وادعاء أن ذلك يمثل التعددية الطائفية تحديدا، أمر من التزييف والخطورة بما لا يقبل حتى توصيف أنه ادعاء تضليلي... فهذه الفلسفة تعني عمليا تعارضا فعليا هو الأخطر مع الوحدة الوطنية ويعني بالملموس تفكيك وحدة المجتمع وعلاقات مكوناته وطنيا وجعل الحركات المتحكمة بمؤسسات الدولة، طائفة تحتكر السلطة والثروة بصورة مطلقة، وتضع نفسها بديلا للشعب وبمواجهة تطلعاته ومطالبه وحقوقه وهي تمارس جهدها لتشظية الواقع ومشاغلته بصراعات هامشية فيما يجري تعطيل كل حركة شعبية من تنظيمات نقابية وحزبية وطنية ومن جمعيات ومؤسسات مجتمع مدني أو إفراغها من محتواها ومن إمكانات التأثير بل أية إمكانية للعمل إلا من فسحة ضيقة عبر حركات احتكار السلطة أي حركة الطائفية السياسية وهي أحادية نخبوية فوقية مهما تعددت مفردات وأشكال تمظهرها. وعندها تتحول  الطائفية  إلى مشروع  للتفريق والتباعد بين أبناء الشعب الواحد من خلال التعصب للتفكير الطائفي الجمعي الذي يستخدم الدين أو أي نسق عقائدي آخر بشكل سلبي، فيؤدي ذلك  بدوره إلى احتضار مقومات التقارب والوحدة الوطنية  وحتى الرابطة الوطنية التي ينسج منها المجتمع المدني خيمته الآمنة لنشر قيمه في الحوار السلمي  والتعايش المشترك بين أبناء الشعب الواحد. ([53])

ومع استحكام حلقات النظرة الطائفية الضيقة وتبلورها في صيغة سلوك متعصب يستسيغ الميل إلى العنف والقوة والقهر في فرض تصوراته على مخالفيه أو حتى القضاء عليهم، منتجا بذلك  حالة من الكراهية المتنامية والمتبادلة والسلوك ألعنفي من باقي الطوائف أو التيارات المستضعفة في المجتمع الذي سيدخل عندها في أتون دوامة من العنف المتبادل وانعدام الاستقرار، وهو أحد أهم مهددات الأمن العام والسلم الاجتماعي. ([54])

لقد أدت مثل هذه الخلافات التي تطورت إلى نزاعات طائفية مسلحة تستبيح الدماء والحرمات؛ فانقسمت بعض المجتمعات انقساماً عمودياً حسب الطوائف، وغابت مرجعية الدولة الحديثة الرئيسة أعني المواطنة، وتضاءلت مع غيابها مفاهيم المساواة والعدالة والحريّة على النطاق الفردي، ومفاهيم الديمقراطية وتداول السلطة وفصل السلطات على النطاق المجتمعي والسياسي. وإذا كانت بنية المجتمع المدني تتكامل وتتفاعل بايجابية وحيوية ضمن وسط مؤسساتي تحكمه نوابض القانون وضوابطه، وتستكين حركته لبيئة مستقرة آمنة؛ للقيام بدور مهم آخر في مراقبة سلطة الحكومة ومتابعة وانتقاد عملها على قاعدة الحريات المكفولة بطوق القانون، فان  الطائفية وما تنتجه من مضاعفات وانعكاسات ستسهم وبدرجات مختلفة في تآكل القاعدة المؤسساتية للمجتمع المدني عبر إخضاع تلك المؤسسات لمنطقها ولدائرة نفوذها فتتحول هي الأخرى إلى أداة للقهر والإقصاء الطائفي، ولن يكون القانون عندها إلا مرتعا وملاذا لتمرير الإرادة المتطبعة بطابع طائفي ضيق. وحتى المؤسسة الأمنية ستقف هي الأخرى عند تخوم الانقسام الطائفي ولا تستطيع اتخاذ قرار مهني حرفي في إطار مسؤولياتها عندما يصل الأمر إلى الحدود التي رسمها التقسيم الطائفي سواء جغرافيا.. أم سياسيا عندما يصل الأمر لشخصية محمية من أحد الأطراف لأسباب طائفية. ([55])

وعليه:"ليس المطلوب أن يتحرر المجتمع المدني من عصبياته أو تضامناته الطبيعية المتعددة، الدينية أو المذهبية أو الإثنية التي تعكس واقع الحال، خاصة في مجتمعات تقليدية، أو خارجة حديثا من التقاليد، وإنما أن تتحرر النخبة السياسية من تماهياتها الجزئية لتتمكن من تجسيد مثال الوطنية وأن تحرر معها الدولة ومؤسساتها من احتمال ارتهانها للعصبيات الخاصة، حتى تتحول بفضل سياساتها الوطنية إلى دولة أمة، أي دولة مواطنيها."([56]) ومثلما يتغذى مفهوم المجتمع المدني من واقع تعددي مدعم بضمانات الحرية واحترام الحقوق و يعمل تباعا  - في الوقت عينه- على رفده بمقومات الاستمرار والفاعلية والتغلغل في الثقافة المجتمعية، فان الفكر الطائفي بالمقابل لن ينتج إلا واقعا ميالا للقمع والإقصاء والتسلط عبر فرض اللون العقائدي الواحد على سلوكيات المجتمع  وتوجهاته، إذ ستشيع الطائفية السياسية فلسفة التبرير لكل ما يصب في خانة فلسفتها ومصالحها الضيقة من أشكال التعذيب والانتقام تجاه المخالفين إلى تعطيل آليات العمل المؤسساتي الديمقراطي كالتداول السلمي للسلطة برفع شعارات مضللة بأحقية طرف طائفي وزعاماته من دون ممثلي المجتمع المدني وطنيا؛ الأمر الذي يعني تقييد البدائل وخنقها في سبيل إنتاج نمط مشوه من الثقافة المكرسة بأدوات القهر والإبادة غير المستجيبة لمنطق وافتراضات التناغم البناء  تحت سقف التنوع وقيم الحوار والتسامح الذي تحتاجه ركائز المجتمع المدني. وهكذا يتمّ في ظل الطائفية السياسية إطلاق عوامل التخلف والانكفاء الماضوي باتجاه مرحلة مظلمة في تاريخ البشرية هي مرحلة دويلات (الطوائف) أو ما قبلها في البحث عن المسوغات التاريخية لإسناد  صحة ادعاء هذا الفريق ضد الآخر ومن ثم صياغة إطار فاصل مفترض من الشرعية في إصدار الأحكام وبناء المواقف مع الآخر. أي بعبارة أخرى تشيع الطائفية السياسية فلسفات الفكر الماضوي السلفي سواء باختلاق سلفية مقيتة مرفوضة تمثل بعبعا همجيا عنفيا يتقاطع مع استدعاء طقسي لمظلومية تاريخية لا بقصد دراستها والاتعاظ منها كما يدعو المنطق العقلي بل لاستثارة أشكال الاحتراب والاقتتال والروح الانتقامي الثأري الذي لا يفضي إلا إلى حرب أهلية تستعيد منطق حرب البسوس وداحس والغبراء (الجاهلية) فكرا ولكنها تؤدي إلى حروب الإبادة الجماعية المعاصرة كارثيةَ وبشاعة.. ([57])

ومثل هذا الفكر النكوصي أو الاسترجاع السلبي للنماذج التاريخي ستضيق في الوعي الجمعي مساحة التفكير العقلاني وإمكانيات التصالح مع الحاضر على أرضية التفاعل الايجابي مع الواقع. وعندها سينزوي الخط العام للتفكير في زوايا ضيقة من التعصب لاتجاه مذهبي أو عرقي ما على قاعدة الانتماء السلبي المعرف بالتسليم غير المقيد للمنطلقات الفكرية لهذا الاتجاه او التيار المذهبي أو العرقي. وعند هذا المنحنى الضيق ستتحدد مساحة الحرية التي سيتحرك في مجالها المجتمع المدني، هذا إن لم ينجرف هو الآخر إلى دائرة الاستقطابات الطائفية ليفارق بذلك أرضية المنطق العقلاني والنزعة العلمية المنفتحة للتخطيط والتحرك على أكثر من خط وقناة بعد ضمان هامش المناخ ألتعددي لهذه الحركة. وعلى هذا يمكن القول أن المجتمع المدني يتشوق إلى المناخ العقلاني المبني على التفكير العلمي ليدشن أمامه الخيارات المتعددة لبلوغ أهدافه بحرية وانسجام بعيدا عن أي منزلقات أو مقيدات فكرية تخلقها الطائفية المقيتة بميولها التعصبية إلى نمط من التفكير غير العقلاني المحدد بأحكام مسبقة ومسلم بها مستنبطة من نماذج تاريخية أو غيبية غير مثبتة. وحتى من حاول إضفاء الطابع العلماني على الطائفية بمضمونها السلبي، اعتمادا على فكرة مفادها أن الطائفية  لا تهتم بسلوكيات ولا حتى معتقدات الشخص المنتمي، فيكفي انتسابه لمجموعة من الناس يحملون هوية هذه الطائفة دون شرط الاعتقاد اليقيني بصحة منطلقاتها العقائدية والفكرية. فالمهم في الطائفية هنا هو التعصب لأفراد الطائفة وليس لعقيدة الطائفة ولا لفكرها ولا لقيمها، بل إن اقتضى الأمر يتم التغاضي على القيم المقدسة للطائفة في سبيل تحقيق مبدأ التعصب لأفراد الطائفة. وإن كان أغلب الطائفيين يأخذون العقيدة كذريعة للتعصب لطائفتهم، وصولا لبلورة قناعة مؤداها أن الطائفية تتشابه مع العلمانية في أنها لا تقيم وزنًا للالتزام بتعاليم الدين ولا حتى الإيمان به، ولو تعارضت مصلحة الطائفية مع مبادئ الدين فتقدم مصلحة الطائفة، وهي نفس الطريقة التي تتعامل بها العلمانية مع الدين.([58])

إن دوامة التجاذبات والعنف الذي ستنتجه النزعة الطائفية الضيقة ستعصف بالبنى المادية للمجتمع وقدراته البشرية بعد أن أسهمت في تصدع مبانيه الفكرية والمعنوية؛ فتضيع طاقات المجتمع في مواجهة مخلفات الصراع الطائفي وتتبدد ثرواته في تامين الترسانة المسلحة التي يمكن أن تجابه دوامة العنف المتبادل بين القوى المتصارعة، مثلما سيدفع هذا المجتمع ثمنا باهضا آخر من إفرازات الدمار  الذي سيخلفه ذلك الصراع في البنى التحتية. هذا إلى جانب نزيف الطاقات والخبرات البشرية التي سيكون مصيرها إما التصفية الجسدية أو الهجرة والفرار؛ مما يعني خسارة مضاعفة لذلك المجتمع وتراجعا في كل المجالات المادية والفكرية وانكفاءً مؤكدا وموازيا في معدلات التنمية التي ستتحول مع استطالة أمد الصراع إلى تخلفٍ مزمن في بنيان المجتمع ككل. وعندها لن يبق أمام المجتمع المدني فرصة واعدة للنهوض بواجبه في تنمية المجتمع وتلبية احتياجات أبنائه مع اندثار تلك الموارد بشطريها المادي والبشري تحت وطأة لهيب الصراع الطائفي. وحتى مع صمود بعض بنى المجتمع المدني في وجه ذلك الإعصار الطائفي فان وجودها سيكون شبحيا يفتقد إلى الفاعلية والقدرة على التأثير والتغيير، أي بعبارة أخرى سيكون بنيان المجتمع المدني جسد بلا روح مصدر طاقتها الحرية والحوار والتعددية واحترام القانون التي يفتقدها بالضرورة أي مجتمع مبتلى بآفة الطائفية. ([59])

المطلب الثاني: متطلبات التحول من المجتمع الطائفي إلى المجتمع المدني

إن التحول من مجتمع مغرق بالتعصب الطائفي، كما هو حال المجتمع العراقي اليوم ومعه اغلب المجتمعات الإسلامية إلى مجتمع مدني حقيقي بمنظومة قيمية مدنية متماسكة ومحفزة على التقدم والتطور الإنساني ليست عملية سهلة أبدا، ولا تتم بجرة قلم لاسيما في ظروف الصراع والاستقطاب الطائفي المعاصرة التي يمر بها العالم الإسلامي. لكن صعوبة هذه العملية لا تعني الاستسلام للأمر الواقع وتقبل نتائجه الكارثية على مستقبل الدول والشعوب، أي لابد من عمل شئ ما لبناء المجتمع المدني في العراق – محل البحث- وهنا ستبرز بعض المتطلبات الرئيسة لتحقيق هذا الهدف منها:

أولا: دور الحكومة العراقية: إن العراق ألان بأمس الحاجة إلى أيجاد رابطة قوية ما بين الحكومة و المجتمع المدني لا على أساس الانتماء الرسمي و أنما على أساس الانتماء ألمصلحي العام؛ لأن نجاح الحكومة في أداء دورها يعني نجاح المنظمات المنضوية تحت لواء المجتمع المدني، و أن نجاح الأخير يعني أن هذه الحكومة ستستمر دون مشاكل  أو عقبات. و لكي يكون هنالك دور فعال للحكومة في دعم المجتمع المدني لابد أولا من:

  1. وضع ضوابط قانونية بعيدة كل البعد عن التطرف و الأبعاد المتعمد لمنظمات المجتمع المدني، من حيث إنشاءها أو دعمها مستقبلا.
  2. وضع سياسة حكومية لمساعدة المجتمع المدني في أبراز نتاجه الفكري، و الاهتمام به و ترجمته على سبيل قرارات حكومية فعالة.
  3. تذليل العقبات المادية أمام إمكانية تفعيل محاور عمل المجتمع المدني، وذلك من خلال توفير الدعم المالي واللوجستي لمنظماته الفاعلة.
  4. توفير الحماية الكافية لمنظمات المجتمع المدني للتحرك بعيدا عن الاستقطابات والتجاذبات الطائفية.
  5. تنمية ثقافة مجتمعية واعية لخطورة الحشد الطائفي بمحتواه السلبي ومدركة لأهمية التفاعل الايجابي البناء مع افتراضات ومنطلقات المجتمع المدني.

ثانيا: إصلاح المنظومة الدستورية: من خلال جعل الدستور في العراق واقعا لا نظريا متضمنا للمبادئ الخمسة المهمة التي ذكرها الدكتور علي خليفة الكواري في بحثه القيم(مفهوم الديمقراطية المعاصرة)، وهذه المبادئ هي: ([60])

  1. لا سيطرة لفرد أو قلة على الشعب.
  2. سيطرة أحكام القانون، وأن يكون الناس سواسية أمام القانون.
  3. عدم الجمع بين السلطات، إذ أن جهاز الدولة الحديثة، يجعل اليد التي تمسك به تلحق أضرارا كارثية بالوطن والمواطن إذا ما انحرفت عن جادة الصواب.
  4. ضمان الحقوق والحريات العامة، ولا يقتصر الأمر على تضمين هذه الحقوق والحريات في النصوص الدستورية، بل يجب توفير الضمانات الفاعلة لعدم انتهاكها.
  5. تداول السلطة، لا على أساس النص الدستوري الذي يحدد ولاية الحكام، وإنما أيضا على مستوى الاستعداد النفسي والفكري والسلوكي للتخلي عن السلطة من قبل الحكام ومن دونهم سواء في حالة انتهاء الولاية الرسمية للتكليف الحكومي أو في حالة العجز عن تقديم أداء أفضل للمواطنين من خلال هذا التكليف.

إن النصوص الدستورية لدستور عام 2005 العراقي النافذ تنطوي على هذه المبادئ نظريا، ولكن حان الوقت إلى أن تأخذ هذه النصوص طريقها للتطبيق الفعلي بشكل يساعد على ترسيخها وانمطتها في الحياة العراقية العامة والخاصة.

ثالثا: مسؤولية النخب العراقية في خلق التعايش بين الطوائف وإيجاد الأرضية المناسبة لتفعيل دور المجتمع المدني:  في الوقت الذي يزول فيه الاستبداد من المجتمع ويبدأ الانتقال نحو الديمقراطية، سوف يحتاج  هكذا مجتمع إلى نخب سليمة النية وحسنة الثقافة تحرص على تهدئة المخاوف المتوقعة وترفع الشوائب الطائفية العالقة في ثقافة الأفراد؛ لكي يتحولوا من مرحلة الحذر من الآخر إلى مرحلة الثقة به، والإقبال عليه والتعايش معه، ويمكن أن نسمي هذه بمرحلة انتقالية ثقافية، إذ في هذه المرحلة سوف تكون هناك فوضى ثقافية يختلط فيها الماضي بالحاضر ما بين رؤى تاريخية خادعة ومشاكل آنية ملحة، وآمال مستقبلية يطمح الأفراد إليها، وسوف تؤدي هذه الفوضى إلى إرباك تفكير الأفراد وتهييج عواطفهم. في هذه اللحظة ستبرز أهمية النخب الاجتماعية والسياسية والثقافية في تهدئة الرأي العام وترتيب القضايا حسب الأولويات، وشرح فوائد الانفتاح والتعايش ومخاطر الانغلاق والتصارع، وطبيعة تحديات العصر وحقائقه؛ لأجل أن تمر هذه المرحلة الانتقالية بسلام ويبرز فضاء ثقافي واحد يحتوي جميع أبناء الطوائف، في ظل الهوية  الوطنية الموحدة، وسينظر عندها إلى الصراع الطائفي على انه حدث يستحق أن يرقد في متاحف التاريخ، أما إذا لم تبرز مثل هكذا نخب في هذه الفترة الحرجة من حياة الشعوب، وكانت النخب مصلحيه تهييجية تلعب على وتر العواطف الطائفية فستحول مرحلة الحذر الطائفي إلى مرحلة  احتراب داخلي يهلك فيه الكل. إن مشكلة العراق الحالية في مجال الطائفية، هو وجود بعض النخب غير المدركة لمتطلبات المرحلة، لذا نجدها تكتب بمنطق طائفي وتتكلم بمنطق طائفي وتتحاور بمنطق طائفي سواء مع الداخل العراقي، أو مع قوى إقليمية ذات سياسات محشوة بالمنطق الطائفي، وهذه النخب هي التي ساعدت على بروز فتاوى التكفير والتفسيق والاستباحة للآخر، كما ساعدت من خلال خداعها وتضليلها لأبناء طائفتها على خلق بيئة تحتوي الإرهابيين من الطائفيين القادمين من خارج الحدود، لكن يجب أن تدرك هذه النخب إنها بسلوكها غير الصحيح هذا إنما تغامر بحاضر العراق ومستقبله، وتنمي مشاعر الحقد والكراهية والعداء بين أبناء الشعب، في مرحلة من حياة الشعوب تكون فيها أحوج ما تكون إلى الهداة الذين يبحرون بسفينتها نحو شاطئ التطور والترقي وبناء النموذج في ظل ثقافة التعايش السلمي. نخلص مما تقدم إلى أن نخب العراق الحالية تقع عليها مسؤولية جسيمة في معالجة المسالة الطائفية وبناء العراق الديمقراطي الحر بثقافته ونظام حكمه، والقوي بمجتمعه المدني ونموذجه الإداري.  

رابعا: إيجاد البنية الثقافية المناسبة للمجتمع المدني: إن الديمقراطية والمجتمع المدني كأحد ركائزها الأساسية  لا يمكن أن تنضج وتتقدم بدون وجود البنية الثقافية الملائمة؛ لأنها يمكن أن تنهار بسهولة بسبب سلطة مستبدة، أو فوضى اجتماعية وحرب أهلية عارمة، ولكي يتجنب التحول الديمقراطي  في العراق هذا المصير لابد من وجود الثقافة الديمقراطية على المستوى الاجتماعي  والمستوى السياسي، ووجود مثل هذه الثقافة يتطلب ترسيخ عدد من المبادئ الأساسية  منها على سيبل المثال:

  1. إن الإنسان بغض النظر عن انتمائه العرقي أو الطائفي أو الديني، يجب أن يحض بالاحترام والتقدير والحرية، وهو ليس أداة تتلاعب بها أهواء وأطماع داخلية أو خارجية.
  2. إن المواطنة مبدأ أساس في أي دولة ديمقراطية، لذا يجب اعتمادها في التعامل مع الإنسان العراقي، وترك الانتماءات الضيقة التي تقود إلى اللبننة و المحاصصة، لذا ينبغي ترك أسلوب المحاصصة الذي تم اعتماده في العراق بعد 9/4/2003؛لأن عواقبه كانت ولازالت خطيرة على حاضر ومستقبل هذا البلد.
  3. أن الاختلاف في القيم بين أبناء الوطن الواحد حقيقة أزلية وسنة إلهية ينبغي عدم إنكارها، بل لابد قبولها والتحاور على أساسها.
  4. من المفيد جدا التخلي عن الفكر المطلق الذي يحتكر الحقيقة سواء أكانت تاريخية أو معاصرة، ويعد صاحبه على حق دوماً، والآخر على باطل دوماً، فمثل هذا الفكر هو الذي يفتح الباب للاستبداد والمستبدين، وهل المستبد إلا فرعون يقول:﴿يا أيها الملأ ما علمت لكم من اله غيري.. ﴾ (سورة القصص الآية 38)، والله سبحانه وتعالى يقول ﴿ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي …﴾ (سورة البقرة الآية 256).
  5. الأيمان بأن قيادة من اجل تنميتها، قضية أصعب من أن يقوم بها فرد أو حزب واحد أو فئة أو طائفة واحدة، بل هي قضية تحتاج إلى تعاون وتضافر جميع أبناء الوطن للوصول إلى غاياتها النهائية، وأنها تتطلب الصبر بشرط وجود مقدمات صحيحة للحركة.
  6. عقلنة الخطاب الديني بمختلف مستوياته المذهبية والطائفية، ليكون أول أهدافه ترسيخ وتعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة محاولات الفتنة والفرقة الناتجة عن توظيف واستغلال الوجه المُدمر للعصبية الدينية والطائفية.. وهذه مهمة تحتاج إلى التصدي لها من قبل المؤسسات الدينية والأكاديمية ومؤسسات الإعلام والرأي العام، فضلا عن المؤسسات الاجتماعية التقليدية كالعشيرة والقبيلة التي من المفيد توظيف دورها ايجابيا في بناء الثقافة المدنية المعززة لوجود المجتمع المدني.

خامسا: إصلاح البنية الاقتصادية للمجتمع والدولة: إن وجود مؤشرات مخيفة حول الفقر والبطالة وضعف القطاع الخاص في بلد يصنف ضمن البلدان العشرة الأكثر غنى في العالم من حيث الموارد، يدل على غياب خطير لقيم العدالة الاجتماعية ناجم عن غياب الفلسفة الاقتصادية الصحيحة وما يربط بها من سوء في التخطيط وإدارة الموارد والثروة، ومن الطبيعي أن يؤدي غياب الشعور بالعدالة إلى تنامي مشاعر الظلم والقهر والكراهية، وهي المشاعر التي توفر الأرضية الخصبة للتعصب والتطرف على اختلاف مسمياته. إن عملية التحول من المجتمع الطائفي المتطرف إلى المجتمع المدني المتسامح في العراق تحتاج إلى أن تقترن بإصلاح البنية الاقتصادية في البلد من خلال إيجاد فلسفة اقتصادية تنبثق منها خطط اقتصادية للتنمية الشاملة تحقق العدالة الاجتماعية، وتوزع الثروة والرفاهية بشكل عادل على الجميع، ومن دون ذلك لن تنجح عملية التحول وستتنامى مشاعر العصبية والتطرف لتبرز بمظاهر وأشكال مختلفة.

الخاتمة

إن بناء حالة السلم والتعايش في المجتمعات تمثل رغبة متأصلة لدى الإنسان بصرف النظر عن الزمان والمكان؛ لما يعانيه من حيف وظلم من أخيه الإنسان؛ بسبب أطماعه وأهوائه أو بسبب تطرفه وتعصبه الأعمى. ولكن لا يمكن الوصول إلى السلم والتعايش من خلال الرغبات فقط، وإنما يتطلب الحال وجود الإرادة الحقيقية المستعدة لقبول التحديات، وتجاوزها مهما كانت التضحيات، وهذا الأمر يتطلب جهودا مخلصة ومبدعة في ميادين الفكر السياسي والنظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية تبذلها عقول تتخلى عن مصالحها الضيقة لخدمة المصالح العامة الوطنية والإنسانية، وبدون هذه الإرادة والإنسان الذي يحملها ستبقى أمنية الإنسان في عيش حياة الرفاهية والأمن والسعادة الناجمة عن حالة السلم والتعايش المجتمعي مجرد رغبة طوباوية يتأملها صاحبها عندما يخلو وحيدا مع نفسه بعد يوم مرهق من الذل وانتهاك الكرامة على يد النظام الحاكم أو أمثاله من المتعصبين المتطرفين وأصحاب الأهواء والأطماع، أو يكتبها مثقف ما في صفحات كتابه وهو مؤمن في قرارة نفسه باستحالة العمل بها سواء على مستوى سلوكه الفردي أو على مستوى المجتمع الذي يعيش فيه، أو مجرد شعار سياسي تخدع به سلطة غير مؤهلة شعبا جاهلا بما تعنيه.

صفوة القول، لا يمكن التحول في العراق من حالة المجتمع الطائفي إلى حالة المجتمع المدني بالأماني والرغبات، وإنما يتطلب تحقيق هذا الهدف وجود إرادة سياسية واجتماعية تلتف حوله، وجهود مضنية صبورة وواعية تسير نحوه، وإنسان حر يتحرر من أغلاله لتغدو الحرية لديه أثمن من الشراب والطعام، وأثمن من الحياة في حال فقدانها.

المصادر

اولا: الكتب العربية والمعربة

  1. إبراهيم مصطفى وآخرون. المعجم الوسيط. استانبول، دار الدعوة، 1989
  2. أنطوان نعمه وآخرون. المنجد في اللغة العربية المعاصرة. ط 1. بيروت، دار المشرق، 2000.
  3. د. ابو بلال عبد الله الحامد، ثلاثية المجتمع المدني عن سر نجاح الغرب واخفاقنا، الدار العربية للعلوم، بيروت، 2004
  4. د. أحمد شكر الصبيحي، مستقبل المجتمع المدني في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت ، 2000
  5. د. احمد فوراية، ثقافة الديمقراطية وحقوق الانسان: في الفكر النفسي، الاجتماعي، والسياسي، ديوان المطبوعات الجامعية، 2012.
  6. د. الحبيب الجنحاني و د. سيف الدين عبد الفتاح، المجتمع المدني وابعاده الفكرية، دار الفكر المعاصر، بيروت 2003.
  7. أماني قنديل، عملية التحول الديمقراطي في مصر (1981-1993)، مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، دار الأمين للنشر، 1995.
  8. جاد الكريم الجباعي، المجتمع المدني: هوية الاختلاف، النايا للدراسات والنشر والتوزيع، دمشق 1992.
  9. حسن موسى الصفار، الطائفية بين السياسة والدين، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2009.
  10. حسنين توفيق، بناء المجتمع المدني، المؤشرات الكمية والكيفية، ندوة المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط1، 1992
  11. د. خالد عليوي العرداوي، المجتمع المدني العراقي: إشكالية الولادة وضرورة التفعيل، بحث منشور في كتاب (مدخل إلى بناء الديمقراطية في العراق). كربلاء المقدسة، مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية، 2005.
  12. رشيد الخيون، ضد الطائفية: العراق.. جدل ما بعد نيسان 2003، مدارك للطباعة والنشر، بيروت، 2011
  13. ستيفين ديلو وتيموثي ديل، التفكير السياسي والنظرية السياسية والمجتمع المدني، ترجمة ربيع وهبه،ط1، القاهرة،المركز القومي للترجمة، 2010.
  14. د. سعد الدين إبراهيم، المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي، القاهرة، مركز ابن خلدون، 1993.
  15. =    == ، مستقبل المجتمع والدولة في الوطن العربي، عمان، منتدى الفكر العربي، 1988.
  16. د. سهيل عروسي، المجتمع المدني والدولة: دراسة في بنية ودلالة المجتمع المدني والدولة وعلاقتهما بالديمقراطية، دار الفكر، دمشق، 2008.
  17. د. صالح ياسر، بعض إشكاليات المجتمع المدني والمجتمع السياسي والديمقراطية، منشورات طريق الشعب، سلسلة قضايا فكرية، بغداد، 2005.
  18. عثمان ياسين علي، العقلانية التواصلية ودورها في بناء  الدولة القانونية لدى يورغن هابرماس، اربيل، 2010.
  19. عبد الباقي الهرماسي، المجتمع المدني والدولة في الممارسة السياسية الغربية من القرن التاسع عشر الى اليوم: دراسة مقارنة، ضمن كتاب المجتمع المدني في الوطن العربي ودوره في تحقيق الديمقراطية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1992.
  20. د. عزمي بشارة، المجتمع المدني دراسة نقدية مع إشارة للمجتمع المدني العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،  1998.
  21. علي الوردي. وعاظ السلاطين.ط1. بغداد، دار الحوراء للطباعة والنشر، 2005.
  22. د.علي خليفة الكواري، مفهوم الديمقراطية المعاصرة، بحث منشور في كتاب(المسألة الديمقراطية في الوطن العربي)، ط1، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2000.
  23. علي عبود المحمداوي وحيدر ناظم محمد، مقاربات في الديمقراطية والمجتمع المدني، صفحات للدراسات والنشر، دمشق، 2011.
  24. د. عيسى الشماس، المجتمع المدني: المواطنة والديمقراطية، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق، 2008.
  25. فرحان محمد حمزة ، العنف الجمعي وعلاقته بالتعصب والتسهيل الاجتماعي، المركز العراقي للمعلومات والدراسات، بغداد، 2009.
  26. د. محمد عابد الجابري،الديمقراطية وحقوق الإنسان، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1994.
  27. د.محمد غيلان، المجتمع المدني: حججه مفارقاته ومصائره، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 2004.
  28. محمد الحسيني الشيرازي.فقه الاجتماع. الجزء الأول.ط7. بيروت، دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع،1992.
  29. محمد محسوب عبد المجيد، اصول علمانية الدولة والقانون، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007.
  30. معن زيادة، المجتمع المدني والدولة في فكر النهضة العربية الحديثة، ضمن كتاب المجتمع المدني في الوطن العربي ودوره في تحقيق الديمقراطية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1992.
  31. موريس دوفرجيه.المؤسسات السياسية والقانون الدستوري والأنظمة السياسية الكبرى. ترجمة جورج سعد. ط1. بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1992.
  32. هارولد لاسكي. الحرية في الدولة الحديثة. ترجمة احمد رضوان عز الدين. ط2. بيروت، دار الطليعة، 1978.

ثانيا: البحوث والدوريات

  1. أماني قنديل، تطور المجتمع المدني في مصر، عالم الفكر، المجلد 27، العدد: 3، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1999.
  2. بوتنام، مفارقات المجتمع المدني، مجلة الثقافة العالمية، المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب، دولة الكويت.
  3. حسن الصفار، الفتن الطائفية: منافذ المحاولات الخارجية، مجلة المنهاج، مركز الغدير للدراسات والنشر والتوزيع، لبنان، العدد الثامن والاربعون ، السنة الثانية عشرة، 2008
  4. زياد عبد الصمد، المجتمع المدني وتحديات التنمية والديمقراطية في عالم متغير، بحث منشور ضمن وقائع مؤتمر المجتمع المدني العربي والتحدي الديمقراطي، بيروت، 2004
  5. عبد السلام متعب، النظام السياسي في العراق بين المحاصصة والطائفية منذ عام 1921-2003، مجلة حوار الفكر، المعهد العراقي حوار الفكر، بغداد، العدد (14)،ايلول 2010
  6. علي زيد الزعبي، واقع المجتمع المدني العربي ومستقبله، مجلة العلوم الاجتماعية، مجلس النشر العلمي، الكويت، المجلد 35، العدد 1، 2007.
  7. عماد غالب بلان. الطعم الآخر للطائفية، مجلة همس النوافذ، العدد 12، 30 ديسمبر 2012
  8. د.كمال عبد اللطيف. المجتمع المدني: ملاحظات حول تشكل المفهوم وتطوره، المجلة العربية للعلوم الإنسانية، العدد 55، الكويت، 1996.
  9. ماجد الغرباوي، محاولة اولية لتبيئة المفهوم، مجلة التوحيد، مؤسسة الفكر الاسلامي، قم، العدد 97، السنة 1998.

ثالثا: الاطاريح الجامعية 

 - ابراهيم محمود عبد الباقي، دور الوقف في تنمية المجتمع المدني: نموذج الامانة العامة للاوقاف بدولة الكويت، اطروحة دكتوراه منشورة، جامعة الكويت، 2006.

رابعا: مصادر الشبكة الدولية للمعلومات

  1. حسين درويش العادلي، الطائفية المجتمعية والطائفية السياسية، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنيت) على الرابط الالكتروني:  http://arabsfordemocracy.com/democracy/pages/view/pageId/1742
  2. د.عبد الخالق حسين، دور الطائفية في الأزمة العراقية،  ورقة بحثية قدمت أثناء  الملتقى الفكري الذي عقد في بغداد خلال يومي 4 -5 تشرين الأول/أكتوبر 2009، منشور على الرابط الالكتروني: http://www.hdriraq.com/modules.php  
  3. محمد عابد الجابري، المجتمع المدني.. المعنى والمفهوم، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات(الانترنيت) على الرابط الالكتروني:

http://www.hewaraat.com/forum/showthread.php?t=512،

  1. رشيد جرموني، المجتمع المدني بين السياق الكوني والتجربة المغربية، مقال منشور على الشبكة الدولية (الانترنيت) على الرابط الالكتروني: http://www.aljabriabed.net/n97_02jarmounii.htm
  2. هيثم الحلي الحسيني، المجتمع المدني وأثره في دولة الديمقراطية والمؤسسات، دراسة منشورة على  الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنيت) على الرابط الالكتروني: http://www.iraqfuture.net/all-article/2007/article_51.htm
  3. د.سامر مؤيد عبد اللطيف،الطائفية والمجتمع المدني: ميكانزمية العمل ومجالات التقاطع، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنيت) على الرابط الالكتروني:

http://law.uokerbala.edu.iq/index.php/art/125-different-articles/545-samer-artc3

  1. د. علي رمضان الأوسي، الطائفية والصراع القائم، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنيت) على الرابط الالكتروني:  http://www.kitabat.info/subject.php?id=15175  
  2. عزو محمد عبد القادر ناجي، اثر التمايز الاجتماعي في عدم الاستقرار السياسي في الدولة الطائفية، دراسة منشور على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنيت) على الرابط الالكتروني:  http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=124634
  3. هاشم الهاشم، المجتمع المدني ودوره الديمقراطي، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنيت) على الرابط الالكتروني: http://www.sdp-sy.org/news/94.html  
  4. عباس فاضل محمود، دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز البناء الديمقراطي في العراق، بحث منشور على الشبكة الدولية للمعلومات(الانترنيت) على الرابط الالكتروني: http://www.google.iq
  5. عبد الغفار شكر، دور المجتمع المدني في بناء الديمقراطية، على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنيت) على الرابط الالكتروني:

 http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=26354

  1. محمود حيدر، من صور المواطنة الطائفية، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنيت) على الرابط الالكتروني: http://www.albayan.ae/opinions/1265973970828-2010-02-17-1.220030
  2. بلا كاتب، وظائف المجتمع المدني، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات(الانترنيت) على الرابط الالكتروني: https://sites.google.com/site/tarekprof72/wazafmogtamamadani
  3. ياسين عز الدين، الطائفية والعلمانية، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات(الانترنيت) على الرابط الالكتروني: https://www.paldf.net/forum/showthread.php?t=952774       

خامسا: الكتب الاجنبية       

  1. Amerriam Webster,Websters school dictionary, Merriam Webster.INC,Massachusetts,USA.
  2. Edward C.Banfield, Civility and citizenshipin Liberal Democratic Societies,World Peace Academy,1992.
  3. Joyce.M.Hawkins, The Oxford reference dictionary, Clarendon press,Oxford University, New York,1986.

Sidny I.Landan, Webster Illastrated Contemporary dictionary, J.G.Ferguson publishing com,Chicago,1992

 

.

 

 

 

 

[1]- انظر في ذلك كل من: إبراهيم مصطفى وآخرون . المعجم الوسيط . استانبول ، دار الدعوة، 1989 . ص571 . أنطوان نعمه وآخرون. المنجد في اللغة العربية المعاصرة. ط 1 . بيروت، دار المشرق ، 2000. ص 925

[2] - Sidny I.Landan، Webster Illastrated Contemporary dictionary ، J.G.Ferguson publishing com،Chicago،1992،p.661

[3] - رشيد الخيون ، ضد الطائفية : العراق .. جدل ما بعد نيسان 2003 ، مدارك للطباعة والنشر ، بيروت ، 2011 ، ص 16

[4] - عبد السلام متعب ، النظام السياسي في العراق بين المحاصصة والطائفية منذ عام 1921-2003 ، مجلة حوار الفكر ، المعهد العراقي حوار الفكر ، بغداد ، العدد (14) ،ايلول 2010 ، ص 174

[5]-  د.عبد الخالق حسين ، دور الطائفية في الأزمة العراقية ،  ورقة بحثية قدمت أثناء  الملتقى الفكري الذي عقد في بغداد خلال يومي 4 -5 تشرين الأول/أكتوبر 2009، منشور على الرابط الالكتروني: http://www.hdriraq.com/modules.php  

[6] - انظر للمزيد: حسين درويش العادلي، الطائفية المجتمعية والطائفية السياسية ، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنيت) على الرابط الالكتروني: http://arabs-for-democracy.com/democracy/pages/view/pageId/1742

[7] - حسن الصفار ، الفتن الطائفية : منافذ المحاولات الخارجية ، مجلة المنهاج ، مركز الغدير للدراسات والنشر والتوزيع ، لبنان ، العدد الثامن والاربعون  ، السنة الثانية عشرة ، 2008 ، ص 10

[8]- انظر للمزيد: د. تيسير عبد الجبار الآلوسي. مصدر سابق.

[9]- عماد غالب بلان . الطعم الآخر للطائفية ، مجلة همس النوافذ ، العدد 12 ، 30 ديسمبر 2012 .

[10]- موريس دوفرجيه.المؤسسات السياسية والقانون الدستوري والأنظمة السياسية الكبرى. ترجمة جورج سعد. ط1. بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1992. ص 173 .

[11]- هارولد لاسكي. الحرية في الدولة الحديثة. ترجمة احمد رضوان عز الدين. ط2. بيروت، دار الطليعة، 1978. ص28 .

[12]- علي الوردي. وعاظ السلاطين.ط1 . بغداد، دار الحوراء للطباعة والنشر، 2005. ص67 .

[13]- محمد الحسيني الشيرازي.فقه الاجتماع. الجزء الأول.ط7. بيروت، دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع،1992.ص 193 .

- [14] حسن موسى الصفار ، الطائفية بين السياسة والدين ، المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء ، 2009، ص17.

[15] - لقد اسهبت الدراسات والبحوث النفسية والاجتماعية في تحري اسباب اللجوء للعنف بين الجماعات الانسانية عبر اعتماد العديد من النظريات السلوكية والاجتماعية ، للمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع يمكن الرجوع الى : فرحان محمد حمزة  ، العنف الجمعي وعلاقته بالتعصب والتسهيل الاجتماعي ، المركز العراقي للمعلومات والدراسات ، بغداد ، 2009 ، ص 154 وما بعدها .

[16] -  أنظر للمزيد: إبراهيم مصطفى وآخرون. مصدر سابق. ص 136.

[17] -  أنظر للمزيد: أنطوان نعمه وآخرون. مصدر سابق. ص 296 .

 [18]-  انظر : د. سهيل عروسي ، المجتمع المدني والدولة : دراسة في بنية ودلالة المجتمع المدني والدولة وعلاقتهما بالديمقراطية ، دار الفكر ، دمشق ، 2008 ، ص97 . وكذلك : Amerriam Webster،Websters school dictionary، Merriam Webster.INC،Massachusetts،USA،P.161

[19] - Joyce .M.Hawkins، The Oxford reference dictionary، Clarendon press،Oxford University، New York،1986، p162.

[20] -  محمد عابد الجابري، المجتمع المدني .. المعنى والمفهوم، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات(الانترنيت) على الرابط الالكتروني: http://www.hewaraat.com/forum/showthread.php?t=512 ، وانظر للمزيد: رشيد جرموني، المجتمع المدني بين السياق الكوني والتجربة المغربية، مقال منشور على الشبكة الدولية (الانترنيت) على الرابط الالكتروني: http://www.aljabriabed.net/n97_02jarmounii.htm

[21] -  انظر : حسن عز الدين بحر العلوم ، المجتمع المدني في الفكر الاسلامي ، مركز النجف للثقافة والبحوث ، النجف الاشرف ، 2008 ، ص 67 .

[22] - انظر للمزيد: د. أحمد شكر الصبيحي، مستقبل المجتمع المدني في الوطن العربي ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت  ، 2000، ص20.ود.كمال عبد اللطيف. المجتمع المدني: ملاحظات حول تشكل المفهوم وتطوره، المجلة العربية للعلوم الإنسانية، العدد 55، الكويت، 1996، ص 66 .

[23] - جاد الكريم الجباعي ، المجتمع المدني : هوية الاختلاف ، النايا للدراسات والنشر والتوزيع ، دمشق 1992 ، ص 55.

[24] - ينظر في ذلك : عبد الباقي الهرماسي ، المجتمع المدني والدولة في الممارسة السياسية الغربية من القرن التاسع عشر الى اليوم : دراسة مقارنة ، ضمن كتاب المجتمع المدني في الوطن العربي ودوره في تحقيق الديمقراطية ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، 1992 ، ص 94 .

[25] - نقلا عن علي عبود المحمداوي وحيدر ناظم محمد ، مقاربات في الديمقراطية والمجتمع المدني ، صفحات للدراسات والنشر ، دمشق ، 2011 ، ص 72 .

[26] - انظر للمزيد: د.كمال عبد اللطيف. مصدر سابق، ص ص 69-71 .

[27] - انظر : أماني قنديل، عملية التحول الديمقراطي في مصر (1981-1993) ، مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، دار الأمين للنشر، 1995، ص 119. و د. عزمي بشارة، المجتمع المدني دراسة نقدية مع إشارة للمجتمع المدني العربي ، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،  1998، ص 66.

[28] - ينظر : د. الحبيب الجنحاني و د. سيف الدين عبد الفتاح ، المجتمع المدني وابعاده الفكرية ، دار الفكر المعاصر ، بيروت 2003، ص ص 18-20 .

[29] - للمزيد من التفاصيل حول موقف رواد النهضة العربية من قضية المجتمع المدني ينظر : معن زيادة ، المجتمع المدني والدولة في فكر النهضة العربية الحديثة ، ضمن كتاب المجتمع المدني في الوطن العربي ودوره في تحقيق الديمقراطية ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، 1992 ، ص ص 153-172 .

[30] - ينظر للتفاصيل : د. عيسى الشماس ، مصدر سابق ، ص 30.

[31] - مر مفهوم المجتمع المدني خلال هذه المرحلة المعاصرة  بثلاث فترات رئيسية: الأولى- هي فترة الانفتاح على المجتمع المدني من قبل الأحزاب والقوى والنظم السياسية بهدف ضخ دم جديد في السياسة وإضفاء طابع شعبي عليها. الثانية- هي فترة التعامل مع المجتمع المدني بوصفه منظمات مستقلة موازية للدولة ومشاركة في تحقيق الكثير من المهام التي تهم هذه الأخيرة بالتراجع عنها.وهذا المفهوم يتوافق مع انتشار مفهوم العولمة.الثالثة- فترة انتقال المجتمع المدني إلى قطب قائم بذاته ومركز لقيادة وسلطة اجتماعية، على مستوى التنظيم العالمي بشكل خاص، في مواجهة القطب الذي تمثله الدولة- الدول المتآلفة في إطار سياسات العولمة والنازعة إلى الخضوع بشكل أكبر فأكبر في منطق عملها للحسابات التجارية والاقتصادية.

[32] - حسنين توفيق، بناء المجتمع المدني، المؤشرات الكمية والكيفية، ندوة المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت، ط1، 1992، ص ص 69-70  

[33]- سعد الدين إبراهيم، مستقبل المجتمع والدولة في الوطن العربي، عمان، منتدى الفكر العربي، 1988، ص ص 32-33 .

[34] - أماني قنديل ، تطور المجتمع المدني في مصر ، عالم الفكر ، المجلد 27 ، العدد : 3 ، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1999 ، ص99 .

[35] - د. محمد عابد الجابري،الديمقراطية وحقوق الإنسان، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1994، ص ص116- 117.

[36]  د. صالح ياسر ، بعض إشكاليات المجتمع المدني والمجتمع السياسي والديمقراطية، منشورات طريق الشعب، سلسلة قضايا فكرية، بغداد، 2005،ص 30-33.

[37] - انظر للمزيد: د. خالد عليوي العرداوي، المجتمع المدني العراقي: إشكالية الولادة وضرورة التفعيل، بحث منشور في كتاب (مدخل إلى بناء الديمقراطية في العراق). كربلاء المقدسة، مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية، 2005 ، ص ص 35-36.

د.علاء عبد الرزاق، المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في العراق، بحث منشور في كتاب(آليات التحول الديمقراطي في العراق)، كربلاء المقدسة،مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية،2005، ص ص 39-41.

وكذلك : علي زيد الزعبي ، واقع المجتمع المدني العربي ومستقبله ، مجلة العلوم الاجتماعية ، مجلس النشر العلمي ، الكويت ، المجلد 35 ، العدد 1 ، 2007 ، ص 18 .

[38] -  ستيفين ديلو وتيموثي ديل، التفكير السياسي والنظرية السياسية والمجتمع المدني، ترجمة ربيع وهبه،ط1، القاهرة، المركز القومي للترجمة، 2010، ص 783.

[39] - د.محمد غيلان ، المجتمع المدني : حججه مفارقاته ومصائره ، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع ،بيروت ، 2004 ، ص 226.

- [40]  تم تحديد هذه الوظائف من خلال مراجعة مصادر عدة منها:

هاشم الهاشم ، المجتمع المدني ودوره الديمقراطي ، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنيت) على الرابط الالكتروني: http://www.sdp-sy.org/news/94.html  

عباس فاضل محمود، دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز البناء الديمقراطي في العراق، بحث منشور على الشبكة الدولية للمعلومات(الانترنيت) على الرابط الالكتروني: http://www.google.iq=

=عبد الغفار شكر ، دور المجتمع المدني في بناء الديمقراطية ، على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنيت) على الرابط الالكتروني: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=26354

بلا كاتب، وظائف المجتمع المدني، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات(الانترنيت) على الرابط الالكتروني: https://sites.google.com/site/tarekprof72/wazafmogtamamadani

[41] - انظر : د. ابو بلال عبد الله الحامد ، ثلاثية المجتمع المدني عن سر نجاح الغرب واخفاقنا ، الدار العربية للعلوم ، بيروت ، 2004 ، ص 25

[42] - انظر : بوتنام ، مفارقات المجتمع المدني ، مجلة الثقافة العالمية ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب ، دولة الكويت ، ص9.

[43] - انظر : ابراهيم محمود عبد الباقي ، دور الوقف في تنمية المجتمع المدني : نموذج الامانة العامة للاوقاف بدولة الكويت ، اطروحة دكتوراه منشورة ، جامعة الكويت ، 2006 ، ص 91 .

[44] - ماجد الغرباوي ، محاولة اولية لتبيئة المفهوم ، مجلة التوحيد ، مؤسسة الفكر الاسلامي ، قم ، العدد 97 ، السنة 1998 ، ص 33.

[45] - انظر للتفاصيل : د. ابو بلال عبد الله الحامد ، مصدر سابق ، ص 31.

[46] - انظر كذلك : المصدر السابق ، ص 36

[47] - Edward C.Banfield، Civility and citizenshipin Liberal Democratic Societies،World Peace Academy،1992،p56

[48] - محمد محسوب عبد المجيد ، اصول علمانية الدولة والقانون ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2007 ، ص 211.

[49] - زياد عبد الصمد ، المجتمع المدني وتحديات التنمية والديمقراطية في عالم متغير ، بحث منشور ضمن وقائع مؤتمر المجتمع المدني العربي والتحدي الديمقراطي ، بيروت ، 2004 ، ص 154 .

[50]-  د. سعد الدين إبراهيم، المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي، القاهرة ، مركز ابن خلدون، 1993. ص 13.

[51] - القاضي عثمان ياسين علي ، العقلانية التواصلية ودورها في بناء  الدولة القانونية لدى يورغن هابرماس ، اربيل ، 2010 ، ص45.

[52] - ينظر في ذلك : د. احمد فوراية ، ثقافة الديمقراطية وحقوق الانسان : في الفكر النفسي ، الاجتماعي ، والسياسي ، ديوان المطبوعات الجامعية ، 2012، ص ص 154- 157.

[53]-  انظر للمزيد: د.سامر مؤيد عبد اللطيف،الطائفية والمجتمع المدني: ميكانزمية العمل ومجالات التقاطع، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنيت) على الرابط الالكتروني: http://law.uokerbala.edu.iq/index.php/art/125-different-articles/545-sam...

[54]-  د. علي رمضان الأوسي ، الطائفية والصراع القائم ، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنيت) على الرابط الالكتروني:  http://www.kitabat.info/subject.php?id=15175

-[55]  محمود حيدر ، من صور المواطنة الطائفية ، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنيت) على الرابط الالكتروني: http://www.albayan.ae/opinions/1265973970828-2010-02-17-1.220030

[56] - عزو محمد عبد القادر ناجي، اثر التمايز الاجتماعي في عدم الاستقرار السياسي في الدولة الطائفية، دراسة منشور على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنيت) على الرابط الالكتروني: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=124634

[57] - انظر للمزيد: تيسير عبد الجبار الالوسي، مصدر سابق.

[58] - ياسين عز الدين ، الطائفية والعلمانية ، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات(الانترنيت) على الرابط الالكتروني: https://www.paldf.net/forum/showthread.php?t=952774

[59] - عزو محمد عبد القادر ، مصدر سابق .

[60] - انظر للمزيد: د.علي خليفة الكواري، مفهوم الديمقراطية المعاصرة، بحث منشور في كتاب(المسألة الديمقراطية في الوطن العربي)، ط1، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2000، ص ص 44- 54.