تصنیف البحث: السياسة
من صفحة: 102
إلى صفحة: 119
النص الكامل للبحث: PDF icon 180523-134804.pdf
خلاصة البحث:

تناول هذا البحث، الملك هنري السابع ودوره السياسي في انكلترا حتى عام 1509م.

تضمن البحث، نبذة عن اسرة ال تيودور وجذورها، ومن ثم نشاة هنري السابع وتكوينه الفكري وكيفية توليه العرش الانكليزي وابرز اعماله وانجازاته وسياسته الداخلية والخارجية.واهم ما تمخض من نتائج في فترة حكمه.

Abstract  

This research deals with Hnery VII and its political role in England till 1509.

It includes a historical survey about Tudor family and Henry s' upbringing، progress، his works، achievement and his internal and external policies. This study is concluded with some findings of his reign.

البحث:

المقدمة

تناول هذا البحث أحد الشخصيات المهمة والمؤثرة في التأريخ الإنكليزي المتمثلة بشخصية هنري السابع، المؤسس الحقيقي لأسرة تيودور تلك الاسرة التي قدر لها ان تحكم إنكلترا من عام 1485م - 1603م.

تضمن البحث نبذة تأريخية عن اسرة آل تيودور، وجذورها، وكيفية ظهورها على مسرح الاحداث في إنكلترا ومن ثم نشأة هنري السابع وحياته وتكوينه، الفكري، ودوره في تأسيس قاعدة رصينة لعائلته، وتوليه العرش الإنكليزي، والمراحل التي سبقت تتويجه كملك مروراً بتوليه عرش إنكلترا، ومن ثم ابرز اعماله، وأهم أنجازاته في شتى المجالات والتي كان لها الدور الكبير في تقربه من الشعب الإنكليزي الذي سئم الحروب والقتال واخذ يتطلع الى العيش بأمن وسلام، وتطبيقه لسياسة داخلية إصلاحية في شتى المجالات كان لها الشأن الكبير في توحيد إنكلترا واحلال السلام فيها بعد أن فقد لفترات كثيرة، فضلاً عن تبنيه سياسة خارجية حاول من خلالها تحسين علاقات إنكلترا بالدول الأخرى، عن طريق اتباعه طرق شتى في ذلك المجال مثل سياسة التقرب لبعض الدول عن طريق الزيجات والمصاهرة، او من خلال التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري والذي ساهم ذلك في دعم الخزينة الإنكليزية بشكل كبير، ما أدى ذلك في نهاية الامر الى انشاء وتأسيس اقتصاد قوي ورصين ساهم بشكل فعال في خلق دولة قوية وثابتة واخيرا جاءت خاتمة البحث متضمنة اهم الاستنتاجات التي تم التوصل اليها.

أعتمد البحث على العديد من المصادر المهمة، والتي اغنته بالمعلومات المهمة والقيمة في الوقت ذاته، نذكر منها كتاب هربرت فيشر (اصول التأريخ الأوربي الحديث من النهضة الاوربية الى الثورة الفرنسية)، وكتاب (تاريخ اوربا الحديث من عصر النهضة حتى الثورة الفرنسية 1500-1789م) لمحمد محمد صالح، وكتاب (تأريخ اوربا الحديث والمعاصر) لزين العابدين شمس الدين.

وكانت للمصادر الأجنبية الأثر الكبير في توفير المعلومات الموثقة والتي من أهمها كتاب المؤلفة Mary plattpormele الموسوم Ashort History of England.

فضلاً عن استخدام شبكة المعلومات العالمية (الانترنت) والتي ساهمت بشكل كبير في الحصول على المعلومات المهمة والجيدة والدقيقة الوقت ذاته.

نبذة عامة عن اسرة آل تيودور  House of Tudor

حكمت اسرة تيودور إنكلترا للفترة 1485-1603م، وترجع أصولها الى ويلز، وجاءت تسمية تيودور نسبة الى جدهم أوين تيودور (Owen Tuder)([1])، الذي كان من رجال البلاط في أيام الملك هنري الخامس (Henry V)([2])، والمتوفي في عام 1429م مما دفع اوين تيودور الى الزواج من ارملته كاترين فالوا(Catrein Valow) ([3])، والتي انجب منها أدموند(Admoned)، والذي تزوج من مارغريت بوفورت(Margret Pofort)، ابنة دوق لانكستر جون مين غنت (Jon men gant)، وقد كان لهذا الزواج اثره الكبير في إيجاد صلة قوية من الترابط بين آل لانكستر وآل تيودور، مما أدى ذلك في نهاية الامر الى تشكيل تحالف بين العائلتين لاسيما عند اندلاع حرب الوردتين (Wars of the roses)([4]) 1455-1485م، تلك الحرب التي نشبت بين ال لانكستر وآل يورك وسيمت بذلك الاسم نسبة الى الوردة الحمراء شعار آل لانكستر والوردة البيضاء شعار آل يورك، وهما اسرتان تنتميان الى اصل واحد ولكنهما تنازعتا على العرش، وقد حققت اسرة يورك الانتصار في بداية تلك الحرب([5])، وأعتلى ادوارد الرابع (Edward IV)([6])، العرش بعد الانتصارات التي حققها ال يورك، اذ كان عسكرياً فذاً تمتع بفطرة سليمة وكثيراً ما كان معتمداً على جمع الضرائب بفرض الهبات على الأغنياء، وقد ارتكب ادوارد الرابع خطأً كبيراً أبعده عن المجتمع الإنكليزي بسبب زواجه من اليزابيث وودفيل(ElizabithWoodVille)، والتي تنحدر من أصول عادية، أي ليس من الطبقة الأرستقراطية، فكان ذلك بالضد من الأعراف الاجتماعية السائدة آنذاك، وانتج ذلك الزواج ولدين غير مرغوب فيهما، الامر الذي دفع عمهم الأمير ريتشاردالثالث (Richard III)([7])، الى التفكير بالاستيلاء على العرش([8])، وبالفعل عند وفاة الملك ادوارد الرابع عام 1483م وتولي ابنه الأمير ادوارد الخامس العرش تحت وصاية عمه الأمير ريتشارد، وقد اقدم الأخير على سجن ادوارد الخامس، ومن ثم قتله مع أخيه([9]).

اثار ذلك التصرف السخط في نفوس العديد من النبلاء ودفعهم الى التآمر على الحكم وعلى ريتشارد الثالث، وترأس تلك الحركة دوق بكنجهام هنري ستانفورد (Henry StanFord) الذي استدعى بدوره هنري تيودور الذي كان منفياً في فرنسا، اذ شكلا جيشاً من الويلزين من اجل التخلص من حكم ريتشارد الثالث واتباعه، الا ان تلك الحركة لم تنجح وفشلت، لا سيما بعد مقتل هنري ستانفورد([10]).

حاول ريتشارد بعد ذلك القيام ببعض الاعمال الإصلاحية، من اجل كسب ود الرأي العام الإنكليزي، اذ قام بتأسيس محكمة المطالبات، والتي هي عبارة عن محكمة خاصة للفقراء الذين ليس لديهم الإمكانيات المادية لتوكيل المحامين او ممثلين قانونيين عنهم، اذ تكون بمثابة المدافع عن حقوق أولئك الفقراء، وكذلك اصدر قانون سمح بدفع كفالة للإفراج عن المتهمين بالسجن قبل صدور الحكم عليهم، وذلك لضمان عدم حجز ممتلكاتهم والاضرار بهم، فضلاً عن تأسيسه كلية الأسلحة عام 1484م، واهتمامه بالجوانب العسكرية، ورفعه القيود عن بيع وطبع الكتب، والعمل على ترجمة كتب القانون من الفرنسية الى الإنكليزية ونظراً لما تمتعت به المحاكم الفرنسية من سمعة في ذلك الوقت، فضلاً عن أهمية القانون الفرنسي الذي عد من اقدم القوانين الاوربية، الا ان تلك الاعمال لم تنل رضا  الشعب الإنكليزي على ريتشارد الثالث([11])، بل على العكس ازداد التذمر منه ومن اعماله غير الأخلاقية وغير الإنسانية([12]).

استغل هنري ادموند عدم رضا الشعب الإنكليزي على ريتشارد الثالث، وجهز حملة كبيرة للقضاء عليه، الامر الذي دفع ريتشارد وحلفائه الى الاستعداد لتلك المعركة، والتي حدثت في 22 أب عام 1485م في بوسورث فيلد (Bosworth Field)، والتي اندحر فيها جيش ريتشارد الثالث، وقتل اثنائها في، وانحل جيشه، وسيطر هنري أدموند على الأوضاع في إنكلترا ومن ثم اعلن نفسه ملكاً على إنكلترا في 30 تشرين من العام نفسه باسم هنري السابع، بعد ان استطاع كسب ود وتأييد الشعب الإنكليزي، وكان ذلك ايذاناً ببدأ عهد اسرة جديدة في حكم إنكلترا هي اسرة أل تيودور([13])، التي قدر لها ان تقود البلاد لفترة طويلة من الزمن قاربت من المائة وثمانية عشر عام كانت مليئة بالمصاعب الدينية والسياسية، فنشأت ملكية على أسس وقواعد قوية وثابتة([14]).

من خلال ما تقدم نلاحظ ان الظروف التي عاشتها إنكلترا ساعدت هنري السابع في الوصول الى الحكم، ومن ثم تأسيسه لعائلة أل تيودور التي اخذت على عاتقها إدارة البلاد بشكل مميز، وأصبحت قاعدة رصينة للعوائل الحاكمة التي تلتها، اذ أدارت هذه الاسرة إنكلترا في ظروف صعبة وعصيبة ونجحت في انشاء دولة ملكية قوية.

حياته ونشأته

ولد هنري السابع في 28 كانون الثاني  1457م في قلعة بيمبروك(Pembroke)، والتي تسمى بالقلعة الكبيرة في ويلز، وهو أبن أدموند تيودور، ووالدته هي مارغريت بوفورت(Margaret Beaufort)([15])، والتي ورث العرش عن طريقها، اذ كانت السبب الرئيس في اعتلائه العرش، بعد مقتل ريتشارد الثالث؛ نظراً لعدم وجود مطالب شرعي بالعرش الإنكليزي من قبل ال لانكستر وال يورك في الوقت ذاته([16]).

امضى هنري السابع طفولته في المنفى في فرنسا، والتي بقى فيها حتى عام 1485، وقد تزوج من اليزابيث اوف يورك (Elizabeth of York)، اذ عمد ال مصاهرة عائلة ال يورك من اجل التقريب بين النفوس، ومحاولته لتحقيق نوع من الوئام بين العوائل الحاكمة والمالكة في إنكلترا، فضلاً عن رغبته في رفع شعار جديد في انكلترا يجمع فيه شعاري اسرة يورك ولانكستر (الوردة البيضاء والوردة الحمراء)، في شعار جديد واحدة هو وردة تيودور([17]).

انجب هنري السابع من زوجته الزابيث كل من الأمير آرثر (Arther) الذي اصبح امير ويلز، والأمير هنري (Henry) الذي اصبح ملكاً لانكلترا باسم هنري الثامن، والاميرة ماري (Marey)، التي أصبحت ملكة فرنسا باسم ماري تيودور، والأميرةالزابيث(Elizabeth) التي توفيت وهي شابة، والأميرة مارغريت (Margaret) التي أصبحت ملكة اسكتلندا، والأمير ادموند (Admoned) الذي توفي شاباً، والاميرة كاترين (Catrein) التي توفيت وعمرها ثلاثة شهور فقط([18]).

ومن خلال ما تقدم نلاحظ ان الملك هنري كان محباً للأطفال، اذ انجب العديد منهم في فترة زمنية قياسية.

توفيت زوجته الزابيث في 11 شباط عام 1503م وهي في السابعة والثلاثين من عمرها، اذ لحقت بابنائها الذين توفوا قبلها، وهم كل من الأمير آرثر والاميرة الزابيث والأمير ادموند والاميرة كاترين، الامر الذي أدى الى حزن الملك هنري السابع حزناً كبيرا؛ نتيجة ما مرت به اسرته من حالات الوفاة المتكررة، فضلاً عن تعلقه الكبير بزوجته وأولاده وحبه للأطفال، وهذا ما كان واضحاً من خلال انجاب زوجته سبعة أطفال، على الرغم من انها لم تتجاوز السابعة والثلاثون من العمر([19]).

دفع حب هنري السابع للأطفال، ورغبته في المزيد الى التفكير في الزواج مرة أخرى، وبالفعل تحقق ذلك من خلال زواجه من مارغريت شارللانكستر(Margret Charles) في عام 1505م، أي بعد سنتين من وفاة زوجته الأولى، وكان وراء ذلك الزواج إضافة الى ما ذكر من أسباب هو محاولة هنري السابع التقرب من ال لانكستر كون مارغريت من هذه العائلة، فعمل هنري على اجراء توازن في زيجاته، اذ كانت الأولى من اسرة يورك والثانية من اسرة لانكستر، والتي لم تنجب له أطفال لأسباب غير معروفة([20]).

من خلال ذلك نلاحظ ان حياة هنري السابع الاسرية كانت غير مستقرة وحزينة الى حد كبير؛ نتيجة فقدانه أولاده وزوجته الأولى، مما اثر تأثيراً سلبياً على نفسيته، والذي أثر سلبا على سلوكه بصورة عامة، محاولا في كثير من الأحيان التظاهر بعدم تأثره بما مر به من احداث.

ابرز اعماله

عد اعتلاء هنري السابع للعرش الإنكليزي سنة 1485م حدثاً مهماً في التأريخ الإنكليزي، فقد انهى عهداً طويلاً من الحروب الاقطاعية التي اضعفت كيان إنكلترا القومي، وكان عهده فاتحة لعصر التقدم الاقتصادي الكبير الذي حدث بفعل نشاط الطبقة الوسطى وجهودها الكبيرة المبذولة في ذلك المجال([21])، لاسيما وانه دعم هذه الطبقة، علما ان ما افرزته حرب الوردتين من استنزاف للطبقة الارستقراطية التي شارفت على الهلاك، فضلاً عن ان ما جرى من حروب  وقتال اثناء تلك الحرب، لم تكن له اثار اجتماعية واقتصادية كبيرة، ولم تهتم المدن الإنكليزية بذلك النزاع، حتى ان الجيوش المتحاربة فيما بينها لم تجمع من سكان المدن والارياف والعامة بل جمعت من النبلاء واتباعهم المأجورين، ولم يتأثر تقدم البلاد الاجتماعي بتلك الاضطرابات، فمثلا ان الصراع الذي نشب بين اسرتي برسي PercyومورتيمرMortimer، او بين اسرتي نيفلNeville وموبري Mowbray، لم يكن يعني الا القليل للعامة ولأصحاب الحرف والتجار، وحتى ان التجارة كانت تسير في طريقها الصحيح وجمعت الثروات، وبدى للرأي العام بأن فلاحي إنكلترا وحرفيها اكثر سعادة واسترخاء من فلاحي وحرفي باقي الدول، حتى ان طبقة الاقنان اخذت بالاختفاء بفضل الظروف الاقتصادية الجديدة([22]).

انتهج هنري السابع، سياسة دعم أصحاب الحرف ورؤوس الأموال البسيطة واعطائهم مساحة كافية من الحرية التجارية والتبادل التجاري الذي من خلاله تم زيادة الواردات المالية وانتعاش الخزينة الإنكليزية([23]).

اتجه هنري السابع الى القيام بأعمال كبيرة وجوهرية لكي تكون القاعدة الأساسية الداعمة لحكمة وحكم أسرته فيما بعد، وقد ساعدته في تحقيق ذلك بعض العوامل والظروف التي من أهمها القضاء على ابرز معارضيه، فضلاً عن انهيار الاسر الارستقراطية الكبيرة وزوال النظام الاقطاعي([24])، واضعاف سلطة النبلاء وتجاوز الخلافات السياسية والطائفية([25])، التي لم تعد تجلب اهتمام الطبقة العامة من المجتمع الإنكليزي، فضلاً عن مصادرة أموال واملاك العديد من النبلاء الذين انهتهم حرب الوردتين، وبالتالي ساعدت تلك الأموال والاملاك هنري السابع في تحقيق برنامجه وأهدافه بشكل اسهل([26]).

وفوق كل ذلك تطلع الشعب الإنكليزي الى تشكيل حكومة مركزية قوية تستطيع ان تحافظ على الامن والأمان والنظام الذي فقد كثيراً في إنكلترا من اجل التمتع بالثروات المتراكمة والمتدفقة من النشاط التجاري([27])، فضلاً عن الاستفادة من حركة النهضة وجعلها تصب في مصلحة الشعب الإنكليزي لتحقيق مزيد من الرخاء الاقتصادي، مما سوف ينعكس على المستوى المعيشي للفرد ويحسن من احواله([28]).

دعم هنري السابع التجار والمغامرين وراء البحار، اذ فسحت الاستكشافات الجغرافية طريقاً للاستغلال الاقتصادي، هذا فضلاً عن ان حركة النهضة واحياء العلوم، وحركة الإصلاح الديني كان لها الأثر الكبير في انتعاش الفكر واتساع الافاق، فذهب الناس في إنكلترا الى اكتساب العلوم وجمع الثروات عن طريق التجارة، ولم تعد الخلافات السياسية والطائفية تهمهم كثيراً، واصبح الملك صاحب الرأي الأول في الشؤون السياسية في هذه الفترة([29]).

تأثر هنري السابع بما كان سائداً في اوربا من اتجاه في أنظمة الحكم نحو الاستبداد والحكم المطلق، الا انه لم يجاهر بذلك علناً([30])، وساعده على القيام بذلك بان عدد كبير من النبلاء والمتنفذين قد قتلوا، وان الشعب الإنكليزي قد سئم من الحروب الطويلة التي انهكت قواه، فعمل على تأييد هنري السابع في اعماله واتجاهه الى تطبيق نظام الحكم المركزي([31]).

وما تجدر اليه الإشارة هو ان هنري السابع حاول الاستفادة من الظروف والأوضاع في إنكلترا بعد حرب الوردتين من اجل فرض سيطرته وتأسيسه لحكم مركزي قوي، والذي رحب به من قبل الشعب الإنكليزي نتيجة لما مر به من ظروف صعبة وعصيبة أيام حرب الوردتين.

مضى هنري السابع بعد ذلك قدماً في تنفيذ العديد من الاعمال المهمة وتقديمها للشعب الذي لم يألف ذلك، مما أضاف على حكمه سمة حب الشعب له، لاسيما بعد اعتماده على الطبقة الوسطى في حكمه([32])، وبعد ما ابداه من اهتمام كبير في المجال التجاري، اتجه الى الاهتمام بالجانب الزراعي بحيث تقلص عدد الاقنان بشكل كبير، وظهرت طبقة الفلاحين الملاكين، الذين اخذوا بزراعة ارضهم بأنفسهم ولم يعد النظام الاقطاعي المسيطر على أوضاع الفلاحين، واصبح غير مجدياً، لاسيما في ظل التقدم الحاصل على مستوى الصناعة والتجارة وتحولها الى اقتصاديات المال المنقول والمرتبط بالتجارة الخارجية، والذي ساعد ذلك على إعطاء الفلاح المتحرر دفعة كبيرة نحو الربح، والذي تحقق جراء اتباع سياسة زراعية إصلاحية، بحيث ازداد الإنتاج الزراعي، وأصبحت القرى تنتج المزيد من المحاصيل الزراعية، مما ساهم وبشكل كبير في زيادة الفائض المالي للخزينة الإنكليزية([33]).

اكد هنري السابع على ضرورة زيادة الصادرات الزراعية عن طريق زراعة الأرض بشكل اكثر من قبل، فضلاً عن استخدام أساليب جديدة في الزارعة، وجمع الرسوم الاقطاعية، مما ساهم ذلك في نهاية الامر وبشكل كبير في زيادة تنوع إيرادات الحكومة، مما ساعد ذلك على انتعاش الوضع المالي لإنكلترا بصورة عامة([34]).

اهتم هنري من اجل زيادة التنوع في الواردات الإنكليزية بتأسيس نظام فعال للتمويل عن طريق جمع الأموال من الرسوم الجمركية والقروض القسرية و عائدات الأراضي([35])، وجمع الرسوم والغرامات والهدايا والمكوس([36])، فضلاً عن العمل على وضع تسعيرة عادلة للسلع والمنتجات والعمل على احترامها، ومحاسبة المتجاوزين عليها بشكل يومي مما ساعد على استقرار أسعار السوق، والحرص على عدم تقلبه مما ساهم في دعم الواقع التجاري([37]).

أدت تلك الاعمال التي قام بها هنري السابع في نهاية الامر الى انتعاش الميزان التجاري الإنكليزي الذي سجل فائضاً كبيراً في الواردات المالية التي ساهمت في دعم الخزينة بشكل كبير.

كرس هنري السابع بعد ذلك جهوده من اجل تأسيس جيش قوي متطور يكون الأساس في حماية الحكم الجديد، ودعماً له ومحافظاً عليه، مع الحفاظ على حيادية هذا الجيش واستقلاليته، كونه يمثل الدولة وليس شخصاً ما او ملك معين، مع فرضه على النبلاء بعدم تشكيل أي قوات غير نظامية، او اتباع خاصين لهذا النبيل او ذاك، مما أدى ذلك الى تجريد النبلاء من قوتهم وسلطتهم مع محاولته صهرهم مع النظام الجديد، وتحويل قواتهم الى قوات نظامية ضمن قوات الجيش؛ وهكذا حاول هنري السابع انشاء وتأسيس جيش قوي نظامي مدرب على أساليب القتال والحروب بشكل منظم وعملي، مما ساهم ذلك وبشكل كبير في تقوية نظام الحكم واسناده بشكل فعال، كون ان أي نظام حكم مسند من قبل جيش قوي في هكذا ظروف يساعده في نهوضه بسرعة وبشكل صحيح([38]).

قام هنري السابع بعد ذلك بتأسيس ما عرف ب (غرفة النجم)، التي هي بمثابة محكمة ذات سلطات واسعة لمراقبة تصرفات النبلاء([39])، فضلاً عن إصداره قانون محاكمة المعارضين للحكومة وللملك والذين يؤيدون المطالبين بالعرش بتهمة الخيانة، وكذلك منع تجمع النبلاء او اجتماع اتباعهم او عقد الاجتماعات معهم ([40]).

فرض هنري السيطرة الملكية على شؤون الصناعة وتفرعاتها، فضلاً عن اهتمامه بالعمل والعامل الإنكليزي، اذ اصدر قانون نظم فيه ساعات العمل، ووضع أسس وثوابت واجب الاعتماد عليها من قبل أصحاب العمل، مع مراعاة حقوق العمال، وتحديد ساعات العمل، ونظام الرواتب والأجور، واجازات العمل، وساعات الراحة والطعام وغير ذلك([41]).

مما تجدر اليه الإشارة ان هنري السابع انتبه الى الكثير من القضايا المهمة في المجتمع الإنكليزي و جعلها من أولويات اعماله وكرس جهوده للقيام بها، لاسيما في مجال الصناعة، والاهتمام بالطبقة العاملة وتنظيم احوالها ؛ اذ نجده يهتم بتحديد الأجور وساعات العمل والاجازات وساعات الراحة، والتي عدت من الأمور المهمة التي تمت معالجتها في تلك الفترة، والتي لم تعالج ولم يلتفت لها في كثير من البلدان في ذلك الوقت.

نظم هنري في مجال الإدارة، إنكلترا ادارياً من جديد، اذ قسمها ادارياً الى مقاطعات (كونتات) مثل الملك فيها لورداً او نائباً من بين نبلاء المقاطعة المعتمدين رسمياً من قبل الحكومة، يساعده مأمور (شريف) وقضاة صلح يجري انتقائهم من بين طبقة الاشراف الوسطى او من النبلاء أصحاب العقارات او من بين الأغنياء الذين يتولون تلك المهمة([42]).

وفي مجال القضاء والسلطة القضائية، فعلى الرغم من استمرار القضاة في حضور الجلسات القضائية الدورية التي كانت تعقد في كل مقاطعة، وانعقاد محاكم الملك في جلساتها في وستمنستر، فضلاً عن بقاء العمدة (Sheriff) بعقد مجلس مستشاريه، وبقاء جلسات قضاة التحقيق القصيرة واجتماعاتهم الدورية كل ثلاثة شهور، ودعوة المحلفين للقيام بمهامهم، ومعاقبتهم في حال عدم الحضور، ومع ذلك تعرض القضاء الى التهديد عند الاصطدام بمصالح صاحب ارض او صاحب نفوذ كبير او مصالح اتباعه وذويه، اذ عمل النبلاء على حماية انفسهم وحماية اتباعهم مهما تطلب الامر ذلك بغض النظر عن افعالهم([43]).

الا انه وعلى الرغم من ذلك، كانت انكلترا افضل من غيرها في هذه الفترة، وان الإنكليز انفسهم اخذوا يفخرون بقوانين بلدهم ودستورهم، اذ ادعوا بانهم شعب يألف القضاء ويحترمه، وان المحاماة كانت من الوظائف المهمة والمحبذة لدى الشعب الإنكليزي وتميزت بالنفوذ والاحترام، وكان المحامي فخوراً بعمله، وبقيت التقاليد الحكومية البرلمانية قائمة على الرغم من أن البرلمان والسلطة القضائية منذ حكم ادوارد الرابع لم تعمل اكثر من إقرار حالات التجريد من الحقوق المدنية، او التغاضي عن حالات القتل والمصادرة، وقد تطلب إعادة حكم القانون إقامة نظام جديد من الإجراءات الجنائية والقانونية لكل من يخرق القانون او يتجاوز عليه([44]).

حاول هنري السابع فرض هيبة الدولة عن طريق احترام القانون، فعمل على الاهتمام بالقانون الأساسي للبلاد، وأكد اكثر من مرة على ضرورة اعداد دستور رصين وشامل، يكون محترم من قبل الكل، وان ذلك الدستور فوق الجميع بما فيهم الملك نفسه، وانه ليس باستطاعة أي شخص التجاوز عليه مهما حدث، وان لا يسن أي قانون جديد او يضع تشريعاً من دون الرجوع الى البرلمان بصفته السلطة التشريعية([45]).

من خلال ما تقدم نلاحظ محاولة هنري السابع الاهتمام بالقضاء وبالسلطة القضائية، كونها السلطة التي توفر الحماية والعدالة للشعب، فضلاً عن محاولته تنظيم القانون الأساسي للبلاد وجعله العمود الفقري للقضاء، إضافة الى سعيه الدائم لخلق وانشاء دستور رصين يكون فوق الجميع.

كان البرلمان الانكليزي عبارة عن مجلس مؤلف من ممثلين عن رجال الدين (الاكليروس) والنبلاء، والذين يؤلفون معاً المجلس الاعلى، ومن ممثلي أصحاب الأراضي والاحرار والطبقة الوسطى من البرجوازيين الذين يؤلفون معاً مجلس العموم([46]).

وكان من الناحية الدستورية محيداً لدور التاج وللملك، اذ من حيث القانون تكون سلطة الملك محدودة بعض الشيء، حتى انه لا يحق له سجن أي شخص او معاقبته الا باتباع الطريق القانونية الموضوعة لذلك، فضلاً عن دور البرلمان في حق تقرير الشؤون المالية من فرض الضرائب او سد نفقات الملك وغير ذلك من النفقات([47]).

حاول هنري تنظيم البرلمان وفقا لمتطلبات المرحلة الجديدة، متفاديا عقده، وسعى دائماً الى جعل السلطة كلها بيده عن طريق التسلط على أعضائه واغرائهم بشتى الوسائل ليكونوا أداة بيده([48])، فضلاً عن محاولته السيطرة على الهيئات البرلمانية الخاصة والعامة وكل ما مرتبط به من لجان فرعية، وبالمقابل فان البرلمان ومن مثله كان مقتنعاً في هذه الفترة بترك السلطة الكافية للملك ؛ من اجل إحلال الامن والأمان في البلاد التي سئمت من الحروب والاقتتال الذي انهكها ودمر مقدراتها([49]).

حدث في هذه الفترة تغيير في البرلمان الإنكليزي، لاسيما على مجلسيه، اذ اصبح عدد المجلس الأعلى، أربعون عضوا بواقع تسع وعشرون عضوا علمانياً واحدى عشرعضوا روحانياً، بعد ان كان عدده اربع وثمانون عضوا، في حين ان مجلس المجلس الأدنى تزايد عدده بحيث اصبح مائتان وستة وتسعون نائباً، بواقع مائتان واثنان وعشرون نائباً يمثلون القصبات واربع وسبعون نائباً يمثلون المقاطعات([50])، وفضلاً عن ذلك فأن سلطة البرلمان قلت وتقلصت، بحيث لم يجتمع سوى خمس مرات فقط طيلة فترة حكم هنري السابع التي كانت اربع وعشرون عاماً([51]).

من خلال ذلك نلاحظ ان سلطة النبلاء واللوردات اخذت بالتقلص تدريجياً، وهذا ما انتجته حروب الوردتين، التي قلصت سلطتهم، وحددت دورهم، وهذا ما انعكس على عددهم في المجلس الاعلى، فضلاً عن رغبة هنري السابع في تحديد سلطة البرلمان بكل اطيافه من اجل الحكم بانفراد ومن دون الحاجة الى عقد البرلمان الذي لم يعتمد عليه كثيراً في مدة حكمه، وهذا ما انعكس على عدم عقده سوى خمسة مرات فقط.

سياسته الداخلية

واجه هنري السابع العديد من المشاكل الداخلية والتي حتمت عليه استخدام سياسة حازمة وصارمة؛ من اجل بناء دولة قوية ومن بين تلك المشاكل التي مثلت تهديداً حقيقياً لعرشه،  بقاء انصار الملك ريتشارد الثالث طلقاء، وعملهم المستمر على القيام بالمؤامرات والتحريض ضد هنري السابع ونظام حكمه([52]).

في حين عد البعض ان حرب الوردتين لم تنته، بل استمرت حتى نهاية القرن الخامس عشر؛ نتيجة وجود العديد من المؤامرات من قبل آل يورك واتباعهم المطالبين بالعرش والاطاحة بعرش هنري السابع، وابرز تلك التمردات  التمرد الذي قاده الايرل جون دي لابول(Jon Di Lapol) الذي كان قد اختير من قبل الملك ريتشارد الثالث وريثاً للعرش، الا ان ذلك التمرد قد انتهى بعد معركة بورسورث، وحسم هنري السابع تلك المرحلة وتخلص من اعدائه بقوة صارمة مما اجهض ذلك التمرد والحركات التي رافقته. وبعد ذلك التمرد قام المتآمرون من اتباع ال يورك بالمناداة بصبي يبلغ من العمر عشرة سنوات فقط اسمه لامبرت سيمل (Lambert Simmel) ليكون حاكماً للبلاد، حيث تميز لامبرت بشبهه الكبير من الأمير ادوارد، وادعوا بأنه من اسرة آل يورك، وانه الأمير ادوارد السادس هو آخر الباقين من آل يورك، وبالفعل قد انتحل لامبرت شخصية الأمير ادوارد بمساعدة اتباع آل يورك، ولكن لحسن حظ هنري السابع ان ادوارد الخامس لم يكن لديه أطفال اذ قتل وعمره ثلاث عشر سنة فقط، (ولد في عام 1470م وتوفي عام 1483م)، فعمل هنري السابع على بث تلك المعلومات بين افراد الشعب الإنكليزي واثبت لهم بأن لامبرت مجرد محتال وغير صادق بأدعائه، فهرب الى ايرلندا وأعلن من هناك نفسه ملكاً باسم ادوارد السادس في كاتدرائية دبلن في عام 1487م، الامر الذي دفع هنري السابع الى التوجه الى ايرلندا على رأس جيش كبير، وبالفعل تقابل مع جيش لامبرت الذي ترأسه جون دي لابول في معركة ستوكفيلد والتي انتصر فيها هنري السابع، والذي عفى عن لامبرت، ومن ثم ارسله الى العمل في المطابخ الملكية ومن ثم أسندت اليه مهمة رعاية صقور الملك([53]).

وبعد ذلك ظهر تمرد أخر عرف بتمرد يوركشاير(Yorkshires) بقيادة الفيكونتلوفيل(Loveal)، الذي ادعى بانه الاحق في العرش الإنكليزي، وهدد عرش هنري السابع في اكثر من مناسبة، الا ان تمرده كان محدوداً وضعيف التأثير مما سهل على هنري السابع القضاء عليه بسهولة ودون عناء كبير([54]).

ومن ثم ظهر بيركن ووربك (Perkin Warbect) بتمرد جديد في عام 1491م  وهدد عرش هنري السابع، وادعى الاحقية به كونه الابن الأصغر لادوارد الرابع، وتلقى المساعدات من ملك اسكتلندا جيمس الرابع ومن حكام دوقية بورغونيا، واستمر بتمرده لفترة طويله، اذ كان متنقلاً ما بين إنكلترا واسكتلندا وايرلندا مما اطال فترة ذلك التمرد الذي استمر حتى عام 1497م، اذ تم القاء القبض عليه ومن ثم سجنه في سجن برج لندن، الا انه تمكن من الهرب من السجن نتيجة خيانة بعض الحراس الموالين له، ولكن القي القبض عليه مرة أخرى في السنة نفسها التي هرب فيها، بعد ان اوعز هنري السابع لرجاله بملاحقته وتتبع اثره، واودع في السجن حتى تم إعدامه في 23 تشرين الثاني عام 1499م، وبذلك فقد اسدل الستار على هذا التمرد وطويت صفحته التي استمرت لأكثر من ستة سنوات اربكت الوضع الداخلي في إنكلترا، وجلبت السخط وعدم الرضا من قبل هنري السابع الذي تذمر كثيراً من تلك التمردات والحركات المناوئة لحكمه([55]).

مما تقدم نلاحظ ان هنري السابع تعامل مع تلك التمردات كل حسب أهدافه وقادته والفترة الزمنية التي ظهر فيها، اذ كانت سياسته في هذه الفترة تهدف الى تصفية اعدائه ومعارضيه؛ من اجل فرض نظام حكمه والعمل على ترسيخ حكم عائلته، ولذلك تم القضاء على كل تلك التمردات بسهول وبخبرة عسكرية دقيقة، وقد ساعدت في تحقيق ذلك فضلاً عن ما مر ذكره رغبة الشعب الإنكليزي بالقضاء على كل من يحاول تعكير الامن الذي بدأ يتحقق والذي كان مفقوداً قبل تولي هنري السابع الحكم في إنكلترا، ومقته للحروب الطويلة وما جلبتها من ويلات ودمار على البلاد، فدفعه كل ذلك الى التكاتف مع الملك هنري السابع في قتال الادعياء والمتآمرين من اجل دعم سياسته الداخلية الرامية الى تشكيل نظام سياسي قوي ورصين تقوم عليه الملكية الجديدة.

هذا فضلاً عن ان الإنكليز كانوا يبغضون ان يحكمهم ملك تدعمه حراب الاسكتلنديين او الايرلنديين او الهولنديين او الفرنسيين، أي رفضوا أي نظام حكم يكون مدعوماً من خارج البلاد، فساندوا هنري السابع، على الرغم من انه.لاسيما في هذه الفترة لم يكن هناك أي جيش ثابت، اذ كانت هناك قوات واتباع تجمع عند الحاجة لذلك كان هنري السابع متيقن كل اليقين بأنه لا يمكن الاستمرار في حكم إنكلترا بدون رغبة الشعب الإنكليزي بذلك، وان حكمه وحكم اسرته لن يستمر ويدوم بدون رغبة الشعب ورضاه([56]).

تمكن هنري بفضل حنكته السياسية واعتماده على سياسة داخلية عميقة الهدف من إدارة شؤون بلاده، واجتثاث سموم الحرب الاقطاعية والتمردات والمؤامرات، وقد ساعده في ذلك الامر اعتماده على بعض الشخصيات المقربة منه، والذين كانوا أصدقائه ورفاقه، على الرغم من الشكل الخارجي لحكمه الذي يوحي بالحكم الاوتقراطي، ومن أمثال أولئك الأصدقاء هورتون(Horton) وفوكس (Fox) وورهام(Warham)، الذين تمتعوا بالذكاء والحنكة الدبلوماسية في التعامل مع الأمور، والذين وعلى الرغم من قربهم من الملك. الا انه لم يتخذ منهم بطانة او حاشية له، وانما كانوا بمثابة مستشارين له في الكثير من القضايا والأمور([57]).

فضلاً عن ان كل من أمبسون(Empson) وددلي(Dudley) اللذان فوضهما امر مصادرة أملاك النبلاء وتنظيمها بشكل صحيح ودقيق، على العكس ما حدث في فرنسا من إعطاء الطبقة الارستقراطية ميزة الاعفاء من الضرائب، وعدم التعرض للنبلاء واتباعهم وعدم المساس بممتلكاتهم، مما جلب استخدام تلك السياسة من قبل هنري السابع الرضا من قبل الشعب الإنكليزي الذي عد استخدام هكذا سياسة إصلاحية بمثابة تصحيح مسار العملية السياسية التي خرجت عن الطريق لعقود من الزمن، وساندوه في كيفية تعامله مع الاحداث بشكل منفرد وبحنكة وحكمة في الوقت ذاته([58]).

من خلال ما تقدم نلاحظ محاولة هنري السابع الاستعانة بالعديد من الشخصيات في حكمه والاعتماد عليهم من اجل إضافة نوع من عدم التفرد في الحكم على نظام حكمه وإظهار ذلك الى الرأي العام الإنكليزي، الا انه وفي واقع الحال كان يميل الى الحكم المطلق والمركزي، والذي ساعدته العديد من الظروف التي اشرنا لها مسبقاً في تحقيق مبتغاه بشكل هادئ وسلس.

سياسته الخارجية

اتجه هنري السابع الى توطيد علاقاته الخارجية بعد قيامه بالعديد من الإصلاحات الداخلية وتبنيه لسياسة داخلية اثمرت عن استقرار الأوضاع الداخلية في إنكلترا، واتبع من اجل ذلك العديد من الطرق والوسائل لتحقيق مبتغاه في تكوين علاقات خارجية مبنية على أساس الاحترام المتبادل بينه وبين بقية الدول. واهم قضية خارجية ركز عليها هنري السابع هي عدم زج إنكلترا في أي حروب خارجية، اذ اكد في اكثر من مناسبة بعدم جدوى الدخول في حروب ؛لأنها تجلب الدمار والخراب ومهما تحققه تلك الحروب من فوائد الا ان اثارها السلبية اكثر، لذلك حاول التركيز على تأسيس علاقات خارجية مبنية على المنفعة المتبادلة، ومن اجل ذلك شجع على ابرام المعاهدات التجارية مع دول الجوار، ودعم التجار الإنكليز في السير بهذا الاتجاه. ومن بين اهم تلك المعاهدات التجارية، تلك المعاهدة التي عقدها عام 1496م مع امير بركنديا والتي سميت بمعاهدة (التبادل العظيم)، والتي تعهد بموجبها امير بركنديا باستيراد البضائع الإنكليزية والسماح بدخولها الى الأراضي المنخفضة. كما شجع هنري الشركات التجارية في القيام بعلاقات تجارية خارجية، اذ ارسل جون كابوت (Hohn Cabot) لاكتشاف أراضي جديدة في العالم الجديد، وبالفعل فقد تم اكتشاف ساحل نيوفولاند في كندا الشرقية([59])، في نهاية عام 1496م، وفي رحلة ثانية عام 1498م تم اكتشاف الساحل الممتد من ليرادور حتى ديلاوير في أمريكا. ووضع هنري الملاحة الإنكليزية في حماية الحكومة([60]).

ودعم عمله هذا بعقد المزيد من المعاهدات والاتفاقيات التجارية، والتي أدت في نهاية الامر الى سيطرة إنكلترا على بحر الشمال بحلول عام 1500م، مما ساعدها في زيادة نشاطها التجاري الذي جلب لها الرخاء المادي وادى الى تراكم الثروات بشكل ملحوظ([61]).

وهكذا نلاحظ سعي هنري السابع من خلال سياسته الخارجية الى تغليب مصلحة بلده، ومد شبكة كبيرة من العلاقات التجارية الخارجية، والتي أدت في نهاية الامر الى جلب الأموال والثروات التي ساعدته في بناء ملكية قوية أصبحت القاعدة الأساسية لكل أنظمة الحكم المتعاقبة على إنكلترا.

اتجه هنري السابع الى استخدام سياسة التقارب مع العوائل والاسر الحاكمة في اوربا، من اجل توطيد علاقاته الخارجية، والسعي لخلق سياسات متوازنة مع دول الجوار، فقام في عام 1501م بتزويج ابنه الأمير ارثر من الاميرة كاترين ابنة الملك فرديناند ملك اسبانيا، نظراً لما تمتلكه اسبانيا من مكانة كبيرة آنذاك في القارة الاوربية، الا ان هذا الزواج لم يستمر طويلاً، حيث توفي الأمير آرثر بعد خمسة شهور فقط من زواجه، الامر الذي دفع بهنري السابع الى تزويج الاميرة كاترين من ابنه الثاني الأمير هنري، على الرغم من مخالفة ذلك لقوانين كنيسة روما، والتي مع كل ذلك منحته اذناً بذلك([62]).

نلاحظ هنا اتباع تلك السياسة من قبل هنري السابع من اجل بناء علاقة قوية مع اسبانيا، واصراره على زواج أحد أبنائه من بنات الملك الاسباني، اذ نلاحظه بعد وفاة الأمير ارثر قام بتزويج ارملته من ابنه الثاني الأمير هنري ضارباً عرض الحائط قوانين كنيسة روما وتقاليدها، اذ حاول إنجاح ذلك الزواج بأي وسيلة من اجل توطيد علاقاته مع اسبانيا.

استخدم هنري الأسلوب نفسه في توطيد علاقته مع اسكتلندا اذ زوج ابنته مارغريت من جيمس  الرابع ملك اسكتلندا في عام 1503م، والذي كان ذلك الزواج النواة الأولى للتفكير بتوحيد المملكتين مستقبلاً([63])، لاسيما وان اسكتلندا كانت اضعف من إنكلترا بكثير، وكان ملوكها من عائلة ستيوارت اقل جدية من هنري السابع في محاولتهم في القضاء على النظام القبلي والاقطاعي الذي كان قد أسس من قبل النبلاء، هذا فضلاً عن ان عدائهم لإنكلترا اجبرهم على الاعتماد على المساعدات الخارجية لاسيما الفرنسية، الامر الذي أدى الى امتعاض هنري السابع كثيراً من ذلك الامر، والذي حاول اكثر من مرة السيطرة على ملوك اسكتلندا تارة والتقرب منهم تارة أخرى ؛ من اجل التمهيد لعملية الوحدة، وقد ساعد دخول اللغة الإنكليزية الى الأراضي الاسكتلندية واحلالها محل اللغة الغالية في اغلب الأماكن، الى بداية السيطرة الإنكليزية، والتي سوف تتكلل بالوحدة النهائية بين البلدين([64]).

سعى هنري السابع بعد ان وطد علاقته الخارجية مع اسكتلندا الى التقرب من ايرلندا والسعي لتوحيدها مع إنكلترا، اذ قام بإصدار قانون بويننج (Poyning) الذي اخضع الجزء الشمالي من ايرلندا والمعروف ب (ايرلندا الشمالية) للمجلس الخاص في لندن، والذي ساهم ذلك بشكل كبير في ظهور بريطانيا في المستقبل([65]).

من خلال ما تقدم نلاحظ الدور الكبير الذي مارسه هنري السابع في رسم سياسة خارجية مثمرة لإنكلترا، اذ نلاحظه كيف تعامل مع العديد من الدول في بناء علاقات خارجية قوية ووطيدة، فمن علاقات تجارية، وعقد اتفاقيات ومعاهدات تجارية، الى تبني سياسة المصاهرة والزيجات مع العوائل الاوربية المالكة والحاكمة في العديد من الدول الاوربية، والذي ساعده ذلك في التقرب من تلك العوائل، وبالتالي تحقيق منافع سياسية واقتصادية كثيرة لإنكلترا في نهاية الامر.

توفي الملك هنري السابع في 21نيسان 1509م وهو في الثانية والخمسين من العمر بعد ان قام بالعديد من الاعمال المهمة والانجازات الكثيرة في الوقت ذاته على الصعيد الداخلي والخارجي، مؤسسا مملكة قوية، وعائلة حاكمة ومالكة لها نفوذ كبير قدرت ان تحكم انكلترا حتى عام 1603م، اذ عد المؤسس الحقيقي لإنكلترا الحديثة، والمنقذ من الحروب العائلية والاسرية وجاءت وفاته بعد النكبات الاسرية، العديدة التي تعرضت لها اسرته، اذ توفيت ابنته الاميرة الزابيث ومن ثم ادموند، وبعد ذلك آرثر الذي توفي عام 1503م ومن ثم كاثرين، وبعدها زوجته الزابيث في السنة نفسها، فحزن الملك هنري حزناً كبيراً مما اثر سلباً عليه وجعله في حالة نفسية غير مستقرة.([66]).

من خلال ما ذكر من احداث، نلاحظ الدور الكبير الذي مارسه هنري السابع في اظهار إنكلترا كدولة قوية يشار اليها بالبنان، اذ أصبحت فترة حكمه قاعدة أساسية انطلق منها أبنائه من بعده خلال فترة حكمهم، وأصبحت تلك الفترة التي حكم فيها إنكلترا الأساس الذي اعتمد عليه في شتى المجالات، كونه قام بسياسة إصلاحية شاملة شملت الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري، فكانت بحق حقبة مهمة من حقب التأريخ الإنكليزي، والذي أسسها وكونها وعمل عليها الملك هنري السابع نظراً لما تمتع به من صفات شخصية مميزة ساعدته على تحقيق أهدافه في خلق مملكة قوية وعائلة حاكمة ساهمت في رسم السياسة الإنكليزية لأكثر من مائة وثمانية عشر عام.

الخاتمة

بعد استعراضنا لهذا البحث الذي تناول شخصية الملك هنري السابع ودوره السياسي في إنكلترا، توصلنا الى مجموعة استنتاجات نلخصها بالآتي:

تولي اسرة تيودور الحكم في إنكلترا، وما قامت به تلك الاسرة من إنجازات كبيرة ساهمت وبشكل فعال في ظهور إنكلترا كمملكة قوية لها شأنها في القارة الاوربية بصورة خاصة وفي العالم بصورة عامة، لاسيما ان تلك الاسرة حكمت إنكلترا ما بين 1485م-1603م، اذ عدت تلك الفترة الانطلاقة الحقيقية لإنكلترا الحديثة.

دور هنري السابع الكبير في توحيد إنكلترا وظهور عائلة ال تيودور التي كانت بمثابة المؤسس الحقيقي لإنكلترا.

معالجة هنري السابع للكثير من القضايا بحنكة سياسية ودبلوماسية، ساعدت في تكوين مملكة يشار لها بالبنان.

اعتماد هنري السابع سياسة إصلاحية داخلية ساعدته في توطيد الامن والسلام الداخلي لإنكلترا، ودعمت مشروعه الرامي الى تأسيس حكم مركزي قوي.

محاولته فرض نظام الحكم المطلق في الكثير من الأحيان من اجل تنفيذ سياسته وخططه، وقد ساعده في ذلك رغبة الشعب الإنكليزي في العيش بسلام بعد ان ارهقته الحروب الاهلية، فأدى ذلك الى تقليصه لدور النبلاء والملاك، فضلاً عن تحديده لسلطة البرلمان من اجل تنفيذ سياسته.

السعي الى اعتماد سياسة خارجية مبنية على الاحترام والمصالح مع دول الجوار، ولاسيما الدول التي لها نفوذ كبير في اوربا، وايجاده لسياسة التقارب العائلي مع العوائل الحكمة في اوربا من خلال الزيجات والمصاهرات من خلال زواج أبنائه وبناته من أبناء وبنات تلك الاسر، وبالتالي تحقيق نوع من التوازن الاسري، والذي أدى في بعض الحالات الى ضم عروش بعض تلك الدول الى إنكلترا مستقبلاً.

دعمه الى الرحلات الاستكشافية والى المستكشفين، وتجهيز الحملات الاستكشافية ودعمها من اجل الحصول على المستعمرات والاملاك الجديدة في المناطق المكتشفة حديثاً، والذي أضاف ذلك الكثير من الفوائد المادية الى الخزينة الإنكليزية.

اهتمامه بالجانب الاقتصادي بشكل كبير كون الاقتصاد هو عمود البلد، واذا كان اقتصاد البلد قوي يعني ان نظام الحكم سوف يكون قوي ايضاً وله هيبته السياسية، الامر الذي دفعه الى الاهتمام بالتجارة والصناعة والعمل على الاهتمام بالميزان التجاري وجعله دائما في صالح إنكلترا.

مصادر البحث

اولاً:-

الكتب العربية والمعربة:-

  1. اشرف صالح محمد السيد، أصول التأريخ الأوربي الحديث، الكويت، 2009.
  2. رولان موسنييه، تأريخ الحضارات العام – القرنان السادس عشر والسابع عشر، ترجمة: يوسف اسعد داغر – فريد م. داغر، المجلد الرابع، بيروت، 2006.
  3. زين العابدين شمس الدين نجم، تاريخ اوربا الحديث والمعاصر، عمان، 2012.
  4. طالب محيبس حسن الوائلي، العاهل والبارون – ملامح الحياة البرلمانيةفي بريطانيا 1066-1949، دمشق، 2011.
  5. عبد الحميد البطريق – عبد العزيز نوار، التأريخ الأوربي الحديث من عصر النهضة الى أواخر القرن الثامن عشر، مصر، د-ت.
  6. عبد العزيز نوار وآخرون، التأريخ الأوربي الحديث من عصر النهضة حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، ج1، ط1، القاهرة، 1999.
  7. عبد العزيز نوار – محمود محمد جمال الدين، التأريخ الأوربي الحديث، ط1، القاهرة،1999.
  8. عبد العظيم رمضان، تاريخ اوربا في العصر الحديث، ج1، مصر، 1997.
  9. عمر عبد العزيز، التأريخ الأوربي والامريكي الحديث، الإسكندرية، 2000.
  10. فاروق عثمان اباضة، دراسات في تأريخ اوربا الحديث والمعاصر، الإسكندرية، 1995.
  11. محمد محمد صالح، تاريخ اوربا من عصر النهضة حتى الثورة الفرنسية 1500-1789، بغداد، 1982.
  12. محمد مظفر الادهمي، تأريخ اوربا الحديث (عصر النهضة – الثورة الفرنسية القرون 16-18 ميلادية)، بغداد، 1989.
  13. هربرت فيشر، أصول التأريخ الأوربي الحديث من النهضة الاوربية الى الثورة الفرنسية،، ترجمة: زينب عصمت راشد – احمد عبد الرحيم مصطفى، ط3، مصر، 1970.
  14. و.ل. ديوارنت، قصة الحضارة، ترجمة: محمد بدران، مجلد 6، ج11، مصر، 2001.

ثانياً:-

الكتب الأجنبية:-

  1. Arthur D.Innes، England under theTudors، London،1992.
  2. C.L.Scofield، The Life And Reign of Edward IV، Vol.1، London، 1923.
  3. D.V. Searle، Henry VII to George V، Belfast، N-D.
  4. Norman Wilding، An Encuclopediaof Parliament، London، 1995.
  5. Mary Platt Parmele، Ashort History of England، New York، 1898.
  6. W.p.M.HistKennedy، Studies in Tudor History، London،1916.

ثالثاً:-

الموسوعات:-

1-The New Encyeclopaedia Britannica، Vol.5، New York،1985.

رابعا:-

البحوث والدراسات:-

  • ربيع حيدر الموسوي، حرب الوردتين الإنكليزية وآثرها على المؤسسة الملكية 1455-1485، مجلة الجامعة الإسلامية، العدد الرابع، السنة الثانية، النجف، 2008.

خامساً:-

شبكة المعلومات العالمية (الانترنت):-

  1. www.marefa.com
  2. http.arz.m.wikipedia.org.
  3. http//ar.wikipedia.org.com
  4. http//ar.mWikipedia.org.com
 

[1] - أوين تيودور: هو جد الملك هنري السابع، والأب الروحي لأسرة ال تيودور، ولد في عام 1400م وتوفي في عام 1461م، امتاز بشجاعته ورغبته في تقلد مناصب عليا في إنكلترا، كان من رجال البلاط أيام الملك هنري الخامس. للتفاصيل ينظر:-

www.marefa.com

[2] - هنري الخامس: ملك إنكلترا للفترة 1413م حتى 1422م، ولد في 16 أيلول 1386م في لندن وتوفي في 31 اب 1422م، تولى الحكم وهو في سن صغير خلفاً لأبيه الملك هنري الرابع وخلفه في الحكم ابنه هنري السادس بعد وفاته. للتفاصيل ينظر:-

The New Encyeclopaedia Britannica،Vol.5،New York،1985،p.839

[3] - http//ar.wikipedia.org.com

[4] - للتفاصيل عن حرب الوردتين ينظر: ربيع حيدر الموسوي، حرب الوردتين الإنكليزية واثرها على المؤسسة الملكية 1455-1485، مجلة الجامعة الإسلامية، العدد الرابع، السنة الثانية، النجف، 2008.

6- [5]  -W.p.M.Hist Kennedy، Studies in Tudor History، London،1916،p.15

[6] - ادوارد الرابع: ملك إنكلترا للفترة 1461م حتى 1471م، ولد في 28 نيسان 1442م وتوفي في 9 نيسان 1483م، من اسرة يورك، قضى النصف الأول من حكمه في محاربة ال لانكستر خلال حرب الوردتين. للتفاصيل ينظر:-

C.L.Scofield،The Life And Reign of Edward IV،Vol.1، London، 1923

[7] - ريتشارد الثالث: هو الأمير ريتشارد ابن الملك ريتشارد يورك ولد في عام 1452م وتوفي عام 1485م، حكم إنكلترا في عام 1483م حتى 1485م بعد ان قتل في معركة بوسورث على يد هنري السابع.للتفاصيل ينظر:-http//ar.wikipedia.org.com

[8] - هربرت فيشر، أصول التأريخ الأوربي الحديث من النهضة الاوربية الى الثورة الفرنسية، ترجمة: زينب عصمت راشد – احمد عبد الرحيم مصطفى، ط3، مصر، 1970م، ص65.

[9] - اشرف صالح محمد السيد، أصول التأريخ الأوربي الحديث، الكويت، 2009،  ص 164-165.

[10] - http//ar.wikipedia.org.com

[11] - من الجدير بالذكر انه في 1/2/2013 تمكن فريق من علماء جامعة ليستر من العثور على بقايا رفاة الملك ريتشارد الثالث اذ تم التعرف عليه بعد تحليل الحمض النووي لبقايا رفاته بعد أن وجدت في عام 2012 عندما كان العمال يعملون في حفر وبناء موقف للسيارات في جامعة ليستر.http//ar.wikipedia.org.com

[12] - Ibid.

[13] - هربرت فيشر، المصدر السابق، ص66 ؛ عبد العزيز نوار – محمود محمد جمال الدين، التأريخ الأوربي الحديث من عصر النهضة حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، ط1، القاهرة، 1999، ص189.

[14] - عبد الحميد البطريق – عبد العزيز نوار، التأريخ الأوربي الحديث من عصر النهضة الى أواخر القرن الثامن عشر، مصر، د-ت، ص192.

[15] - مارغريت بوفورت: هي والدة الملك هنري السابع، والتي عدت من الشخصيات الرئيسية في حرب الوردتين، ولدت في 31 مايس 1433م، وتوفيت في 29 حزيران 1509م أي في نفس السنة التي توفي فيها ولدها هنري السابع.للتفاصيل ينظر:-

http//ar.wikipedia.org.com

[16] -  Norman Wilding، An Encuclopedia of Parliament،London، 1995،p.289.

[17] - و.ل. ديوارنت، قصة الحضارة، ترجمة: محمد بدران، مجلد 6، ج11، مصر، 2001، ص319.

[18] -D.V.Searle،HenryVII to George V،Belfast،N-D،P.10

[19] - Ibid،P.11.

[20] -Arthur D.Innes،England under theTudors،London،1992،P.20

[21] - زين العابدين شمس الدين نجم، تاريخ اوربا الحديث والمعاصر، عمان، 2012، ص183.

[22] - هربرت فيشر، المصدر السابق، ص66.

[23] - المصدر نفسه، ص67.

[24] - عبد العزيز نوار وآخرون، التأريخ الأوربي الحديث من عصر النهضة حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، ج1، ط1، القاهرة، 1999، ص38 .

[25] - زين العابدين شمس الدين نجم، المصدر السابق، ص184.

[26] - عبد العزيز نوار – محمود جمال الدين، المصدر السابق، ص189.

[27] - هربرت فيشر، المصدر السابق، ص66.

[28] - عمر عبد العزيز، التأريخ الأوربي والامريكي الحديث، ط1، الإسكندرية، 2000، ص22.

[29] - عبد الحميد البطريق – عبد العزيز نوار، المصدر السابق، ص192.

[30] - محمد مظفر الادهمي، تأريخ اوربا الحديث (عصر النهضة – الثورة الفرنسية القرون 16-18 ميلادية)، بغداد، 1989، ص86.

[31] - محمد محمد صالح، تاريخ اوربا من عصر النهضة حتى الثورة الفرنسية 1500-1789، بغداد، 1982، ص42.

[32] - فاروق عثمان اباضة، دراسات في تأريخ اوربا الحديث والمعاصر، الإسكندرية، 1990، ص256.

[33] - و.ل. ديوارنت، المصدر السابق، ص110.

[34] - محمد محمدصالح، المصدر السابق، ص42.

[35] - Mary Platt Parmele،Ashort History of England، New York، 1898، P. 74-75.

[36] - محمد محمدصالح، المصدر السابق، ص42.

[37] - عبد العظيم رمضان، تاريخ اوربا والعالم الحديث، ج1، مصر، 1977، ص182.

[38] - Mary Platt Parmele، op. cit، P. 76.

[39] - زين العابدين شمس الدين نجم، المصدر السابق، ص184.

[40] - المصدر نفسه، ص185.

[41] - عبد العظيم رمضان، المصدر السابق، ص182.

[42] - رولان موسنييه، تأريخ الحضارات العام – القرنان السادس عشر والسابع عشر، ترجمة: يوسف اسعد داغر – فريد م. داغر، المجلد الرابع، بيروت، 2006، ص158.

[43] - هربرت فيشر، المصدر السابق، ص67.

[44] - المصدر نفسه، ص67.

[45] - رولان موسنييه، المصدر السابق، ص158.

[46] - المصدر نفسه، ص86.

[47] - زين العابدين شمس الدين نجم، المصدر السابق، ص184.

[48] - محمد مظفر الادهمي، المصدر السابق، ص86.

[49] - المصدر نفسه، ص86.

[50] - طالب محيبس حسن الوائلي، العاهل والبارون – ملامح الحياة البرلمانية في بريطانيا 1066-1949، دمشق، 2011،  ص 57-58.

[51] - محمد محمد صالح، المصدر السابق، ص42.

[52] - D.V.، . Searle،Op.Cit،p.12..

[53] - http//ar.Wikipedia.org...

[54] - Arthur D.INNes،Op.Cit،P.23.

[55] - Ibid..

[56] - هربرت فيشر، المصدر السابق، ص68.

[57] - المصدر نفسه، ص68.

[58] - المصدر نفسه، ص69.

[59] - محمد محمد صالح، المصدر السابق، ص43.

[60] - و.ل.ديوارنت، المصدر السابق، ص116.

[61] - عبد العظيم رمضان، المصدر السابق، ص110.

[62] - زين العابدين شمس الدين نجم، المصدر السابق، ص185.

[63] - عبد الحميد البطريق – عبد العزيز نوار، المصدر السابق،  ص 193-194؛ محمد مظفر الادهمي، المصدر السابق، ص86.

[64] - محمد محمد صالح، المصدر السابق،  ص 43-44.

[65] - هربرت فيشر، المصدر السابق، ص69.

[66] - D.V.Searle،Op،Cit،P.14؛ http//ar.Wikipedia.org.com.