تصنیف البحث: ادارة
من صفحة: 202
إلى صفحة: 221
النص الكامل للبحث: PDF icon 4-10.pdf
خلاصة البحث:

إن المشاريع العامة لا تأتي من فراغ أو من دون هدف معين، إنما تصنع استجابة لمطالب المجتمع بشكل عام أو شريحة منه في منطقة أو محافظة ما، لحل مشكلة محددة أو تحقيق منفعة عامة، غير أن الأمر لا ينتهي عند مرحلة صياغة أو صنع البرنامج المطلوب فقط. بل إن الأهم من ذلك والأخطر هي مرحلة تنفيذ البرامج والمشاريع بالشكل الذي ينسجم مع الأهداف ا لمحددة لها دونما إسراف أو تبذير في الجهد والوقت والمال، أي تحقيق الكفاءة والفاعلية في التنفيذ (Rosen, 1995)، إذ أن دقة اختيار البرامج والمشاريع وحسن صياغتها ليس هي الشيء الوحيد الذي يمكن أن يعول عليه للحصول على النتائج المنشودة يل يلزم أن يكون التنفيذ بنفس الدرجة من الدقة والجودة لتحقيق تلك النتائج.

البحث:

 

المقدمة

إن المشاريع العامة لا تأتي من فراغ أو من دون هدف معين، إنما تصنع استجابة لمطالب المجتمع بشكل عام أو شريحة منه في منطقة أو محافظة ما، لحل مشكلة محددة أو تحقيق منفعة عامة، غير أن الأمر لا ينتهي عند مرحلة صياغة أو صنع البرنامج المطلوب فقط. بل إن الأهم من ذلك والأخطر هي مرحلة تنفيذ البرامج والمشاريع بالشكل الذي ينسجم مع الأهداف ا لمحددة لها دونما إسراف أو تبذير في الجهد والوقت والمال، أي تحقيق الكفاءة والفاعلية في التنفيذ (Rosen, 1995)، إذ أن دقة اختيار البرامج والمشاريع وحسن صياغتها ليس هي الشيء الوحيد الذي يمكن أن يعول عليه للحصول على النتائج المنشودة يل يلزم أن يكون التنفيذ بنفس الدرجة من الدقة والجودة لتحقيق تلك النتائج. ولذلك فإن من أهم المعايير التي تكشف عن مدى صحة ودقة صياغة البرامج والمشاريع وحسن تنفيذها من دونه، هو النتائج التي تتمخض عنها، ومدى مطابقتها مع الأهداف المرسومة لها، مما يستدعي مقارنة تلك النتائج مع الأهداف الموضوعة لها مسبقاً، لمعرفة الانحرافات أو مقدار الابتعادات عن بعضها البعض الآخر لاتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة، وهو ما يعبر عنه بمرحلة تقييم البرامج والمشاريع (Sehreiner, 2001: 5).

لذلك فإن هذا البحث يهدف إلى لفت أنظار المسؤولين في الحكومات القومية أو المحلية والإقليمية إلى أهمية تقييم البرامج والمشاريع التي تنفذها الحكومة ومعرفة آثارها وكيفية ممارسة هذه العملية، وما هي المشاكل والمعوقات التي يحتمل مواجهتها أثناء التنفيذ وقبله وبعده، إضافة إلى معرفة الجهات التي تتولى عملية التقييم.

إن أهمية هذا البحث تكمن في أهدافه أعلاه من جهة، وندرة البحوث والدراسات التي تناولت هذا الموضوع سواء العربية منها أو الأجنبية بالشكل الذي يمكن الجهات ذات العلاقة من الإفادة منها في تقييم برامجها ومشاريعها العامة للوقوف على ثمار جهودها في حل المشاكل العامة، مما حدى بالباحثين إلى الخوض في هذا الموضوع من الناحية النظرية لوضع إطار فكري يمهد لإجراء الدراسات والبحوث التي تتناول الجوانب الميدانية خصوصاً وإن مؤسسات البلد التشريعية والتنفيذية لازالت في طور التكوين، ولم تمض عليها مدة طويلة في ممارسة عمليات تخطيط وتنفيذ البرامج والمشاريع العامة، تجعل الباحثين قادرين على القيام بالتقييم الفعلي لهذه البرامج والأنشطة والمشاريع، وإن كانت نادرة أصلاً بسبب عدم استقرار الوضع الأمني للبلد في الوقت الحاضر. ندعو الله العلي القدير أن يتلطف علينا بزوال هذه الظروف، وأن يسترد بلدنا العزيز عافيته، وإن ينعم بخيراته الوفيرة، وتتحقق طموحات وآمال الجميع، إنه سميع الدعاء.

وأخيراً فإن هذا البحث تضمن خمسة مباحث، تناول الأول منها مفهوم واتجاهات وأهداف التقييم، فيما تضمن الثاني طرائق وأساليب التقييم، في حين خصص الثالث لتقييم آثار البرامج والمشاريع العامة. أما الرابع فقد كرس لمناقشة مشاكل تقييم البرامج والمشاريع العامة، وأختتم البحث بالقائمين على التقييم وهو ما أشتمل عليه المبحث الخامس.

المبحث الأول: مفهوم واتجاهات وأهداف التقييم

أولاً: مفهوم التقييم:

إن كلمة تقييم (Evaluation) تعني وزن أو تقدير قيمة شيء معين بالمقارنة مع شيء آخر، فتقييم البرامج العامة هو مقارنة النتائج المتحققة فعلاً مع الأهداف المرسومة لها (عبدالقوي، 1989: 227)، هذا من الناحية اللغوية، أما من الناحية الاصطلاحية، فإن تقييم البرامج العامة شأنه شأن الاصطلاحات الأخرى التي تبارى الباحثون والمختصون في تعريفها. فقد عرف على أنه "أي نشاط يستند على أساس علمي يهدف إلى تقييم الفعاليات المرتبطة بالسياسات العامة وأثرها والبرامج الفعلية المصاحبة للتقييم" (وصال: 112). ويرى آخر بأن تقييم البرامج العامة هو "إتباع أساليب علمية هدفها الحكم على ما إذا كانت سياسات الحكومة وبرامجها التنفيذية تحقق الأهداف المطلوبة بالقدر المرغوب فيه من الفعالية والكفاءة والاقتصاد" (عبدالقوي، 1989: 229). كما عرف التقييم بأنه "إتباع إجراءات للحكم على ما إذا كانت البرامج العامة جديرة بالتنفيذ أو الاستمرار" (Nachmais D., 1979: 12). ويمكن أن نعرف تقييم البرامج والمشاريع العامة بأنها: "مجموعة الفعاليات والأنشطة الإنسانية المتعلقة بقياس صلاحية البرامج العامة للتنفيذ، ومدى قدرتها على تحقيق الأهداف المحددة لها من جهة، ومعرفة الانحرافات أو الابتعادات بين النتائج المتحققة والأهداف المخططة لها وإتخاذ الإجراءات اللازمة من تعديل أو تبديل أو إلغاء أو تأجيل، وغير ذلك من جهة أخرى".

وعليه فإن التقييم يمكن أن يستخدم للحكم على مدى نجاح مشروع أو برنامج معين في تحقيق الأهداف المرسومة له قبل إقرار أو تنفيذ ذلك المشروع أو البرنامج، كما أ نه يستخدم أيضاً للمقارنة بين النتائج المتحققة من تنفيذ برامج معينة مع النتائج المتوقعة منها، لمعرفة مدى جدوى استمرار تلك المشاريع أو البرامج قيد التقييم وهذا يعني أن تقييم البرامج والمشاريع العامة يمكن أن يكون قبل أو/ وأثناء أو/ وبعد التنفيذ.

ثانياً: اتجاهات التقييم:

إن عملية تقييم البرامج والمشاريع العامة قد تأخذ بالتركيز عل أحد الاتجاهين التاليين أو كليهما معاً:

أ- مضمون السياسة أو البرنامج العام: يتمحور هذا الاتجاه في الحصول على إجابة عن مجموعة من التساؤلات أهمها:

1. هل أن مشكلة البرنامج قيد التقييم حددت بشكل واضح ودقيق؟ أي أن الجهة المكلفة بالتقييم تسعى للحصول على معلومات تتعلق بمعنى وجود مشكلة أو مطلب جماهيري تنطلق منه صياغة ورسم البرامج العامة، وبدرجة الوضوح والدقة في تحديدها.

2. هل أن أهداف البرنامج والقيم الاجتماعية ذات العلاقة قد تم تحديدها بشكل مناسب من الدقة والوضوح؟.

3. ما مدى ملاءمة مصادر التمويل المتاحة وكفايتها؟ وهنا فإن المقيم يعمد إلى معرفة مصدر تمويل ذلك البرنامج موضوع التقييم، هل هو من حصيلة الضرائب العامة المفروضة على المواطنين، أو أن مصدره من الإيرادات والثروات العامة للبلد، أو مصدره الإيرادات المحلية الخاصة بالحكومة المحلية أو المحافظة؟ فإذا كان البرنامج ذا نفع خاص بالمحافظة التي ينفذ فيها، فإن مصدر الأموال المنفقة عليه يجب أن يكون محلياً والعكس صحيح. كما ينظر أيضاً إلى مدى كفاية الأموال المخصصة للبرنامج وكيفية التصرف فيها.

4. ما الحلول البديلة؟ وما الأسس التي اعتمدت للمفاضلة بين هذه الحلول؟ أي أن المقيم يبحث عن المشاريع والبرامج الأخرى التي وضعت لحل المشكلة أو تلبية المطلب الجماهيري، والأسس التي استندت إليها الجهات المسؤولة في اختيار هذا البرنامج أو تلك السياسة من بين بدائل السياسات والبرامج العامة تلك.

5. ما النتائج المتوقعة من وراء تنفيذ هذا البرنامج أو المشروع قيد التقييم؟

6. ما العقبات أو الصعوبات المتوقع مواجهتها عند إقرار وتنفيذ المشروع أو البرنامج العام؟ أي العقبات التي يمكن أن تضعها الكتل والنخب البرلمانية والأحزاب السياسية وجماعات المصالح عند عرض المشروع أو البرنامج على الجهات التشريعية لإقراره، ثم الصعوبات التي ترافق التنفيذ كالصعوبات المالية، والفنية والبشرية والبيئية، وغير ذلك.

ب- إجراءات رسم وتنفيذ البرامج العامة: يركز هذا الاتجاه على تقييم الإجراءات التي اتبعت في رسم أو صياغة البرامج العامة التي تتمثل في الإجابة عن التساؤلات التالية:

1. ما مدى مشاركة المواطنين أصحاب المصلحة في تحديد مشكلة البرنامج أو المشاريع العامة؟

2. ما الوسائل التي أتيحت للمواطنين وجماعات الضغط للتعبير عن آرائهم ووجهات نظرهم.

3. ما دور كل من السلطات الثلاثة، التشريعية والقضائية والتنفيذية في عملية رسم وتنفيذ البرامج العامة قيد التقييم؟

4. هل أن توقيتات البدء بالتنفيذ والإنتهاء منه قد حددت بشكل واضح ودقيق؟

5. هل رصدت الأموال اللازمة للتنفيذ، وحددت مقاديرها بشكل دقيق دونما إسراف أو تقتير؟

6. هل حدد الأفراد اللازمون للتنفيذ بشكل مناسب من حيث الكفاءة والكفاية؟

7. ما الإجراءات والوسائل الرقابية التي أتخذت لمواجهة الانحرافات المحتملة عند تنفيذ البرنامج قيد التقييم؟ وما الجهات المخولة بالرقابة؟ وهل حددت مهامها وصلاحياتها بشكل واضح دون ازدواج أو تضارب؟

إن الإجابة عن هذه التساؤلات التي تمثل الاتجاهين المذكورين أعلاه تمكن الأجهزة أو الجهات المكلفة بعملية تقييم البرامج العامة من أداء مهامها بشكل واضح ومحدد وبأسلوب أفضل دونما لبس أو غموض.

ثالثاً: أهداف تقييم المشاريع والبرامج العامة:

يعد تقييم المشاريع والبرامج العامة نشاط علمي يسعى لتحقيق جملة من الأهداف أهمها:

1. معرفة كيفية التصرف بالأموال العامة المخصصة، لهذا البرنامج أو ذلك المشروع.

2. التأكد من أن الأجهزة التنفيذية تؤدي دورها في عملية تنفيذ البرامج كل حسب الدور المرسوم لها.

3. اكتشاف الانحرافات أو الابتعادات التي يمكن أن تحصل بين التنفيذ والتخطيط لاتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة.

4. معرفة النتائج غير المستهدفة أو العرضية التي يمكن أن تنتج عن تنفيذ البرنامج قيد التنفيذ (عبدالحي، 1989: 241).

5. معرفة التكلفة المباشرة وغير المباشرة المادية والاجتماعية للبرامج أو المشروع قيد التنفيذ.

6. التحقق من مستوى أو درجة النجاح التي وصل إليها المشروع أو البرنامج العام في حل المشكلة أو تحقيق المنفعة المقصودة.

7. معرفة مستوى الكفاءة والفاعلية التي حققتها الأجهزة المنفذة المسؤولة عن تنفيذ البرنامج أو المشروع موضوع التقييم.

رابعاً: خطوات التقييم:

إن عملية التقييم هي عملية علمية هادفة تنجز من قبل جهة أو عدة جهات داخل السلطة التنفيذية أو خارجها، وتمر بالعديد من الخطوات أو المراحل التي تعبر كل خطوة واحدة منها أو أكثر عن إجابة لواحدٍ من التساؤلات التالية (Weiss, Ch., 1998: 32).

1. ماذا نقيّم؟

2. كيف يتم التقييم؟

3. لماذا نقيم؟

فالخطوة الأولى في عملية التقييم هي تعيين أو تحديد البرنامج أو المشاريع العامة المراد تقييمها من قبل الفريق أو الجهة المكلفة بالتقييم، إذ أن من الصعوبة بمكان قيام فريق واحد بتقييم مجموعة من البرامج والمشاريع في وقت واحد، وعليه فإنه لابد من أن يعرف المكلفون أو المسؤولون عن التقييم ما هو المشروع أو البرنامج محل التقييم؟ ولابد أن يحدد توقيت البدء بالتقييم والانتهاء منه لتقليل التكاليف، وضمان سرعة إنجاز عملية التقييم قبل فوات الأوان واختصار الجهد، والوصول بالتالي إلى تحقيق الكفاءة في عملية التقييم ذاتها.

أما الخطوة الثانية فإنها تتعلق بكيفية إجراء عملية التقييم، وتتضمن عدداً من الخطوات الفرعية هي:

1. وضع المعايير اللازمة لغرض التقييم: إذ لا يمكن إجراء عملية التقييم من دون تحديد أو وضع مجموعة من الأوزان أو المقاييس المعيارية التي يمكن أن تكون أهدافاً فرعية، أو مقداراً من الأموال، أو التوقيتات أو عدداً من الأفراد أو كمية من المواد أو المكائن والمعدات، كما يمكن أن تكون الموازنات التقديرية التي توضع لمختلف أوجه النشاط، كموازنة المواد، موازنة التكاليف، موازنة الموارد البشرية وغيرها، أفضل الأمثلة على المعايير وكيفية صياغتها.

2. جمع البيانات والمعلومات وتحليلها وتفسيرها: إن عملية التقييم تتطلب الكثير من البيانات والمعلومات حول البرامج والمشاريع العامة المنفذة أو تحت التنفيذ المراد تقييمها، ويمكن الحصول على هذه البيانات من التقارير اليومية والأسبوعية والشهرية والفصلية والسنوية التي تقوم بإعدادها الأجهزة المنفذة لهذه البرامج أو المشاريع، وكذلك السجلات التي تحتفظ بها هذه الأجهزة، ومستندات الإستلام والصرف والبيانات الختامية، وقوائم المركز المالي، والأوامر الإدارية المتعلقة بالبرنامج أو المشروع موضوع التقييم، والمخاطبات الرسمية ذات العلاقة، والإحصائيات والنشرات والدراسات وغيرها من المصادر التي يمكن اعتمادها للحصول على البيانات، زد على ذلك الملاحظة الميدانية (الشخصية) والمقابلات المقننة وغير المقننة مع المسؤولين عن التنفيذ، واستمارات الاستبيان، وغير ذلك، ثم تحليل هذه البيانات باستخدام مجموعة من الطرائق والأساليب الإحصائية، تمهيداً لتفسيرها، واستخلاص النتائج والدلالات التي يستفيد منها المقومون في الخطوة اللاحقة.

3. عقد المقارنات بين المنفذ والمخطط (المعايير): لمعرفة الانحرافات أو الابتعادات، إذ تقوم الجهة المسؤولة عن التقييم بمقارنة الأداء النمطي للأجهزة التنفيذية والنتائج التي حققتها في ضوء البيانات والمعلومات التي حصلت عليها مع النتائج التي يفترض تحقيقها، كأن تقارن كلفة الإنجاز الفعلية مع الكلفة التقديرية، وكذلك الوقت المستغرق لتنفيذ كل نشاط، والوقت المخطط، وعدد الأفراد الذين شاركوا بالتنفيذ، وعدد الأفراد المخطط، والمواد المستهلكة، وكمية المواد المخططة، والأجهزة والمعدات المستخدمة مع تلك المخطط استخدامها. وكذلك الأهداف المتحققة مع الأهداف المطلوب تحقيقها، والآثار المحسوبة وغير المحسوبة، وغير ذلك للحكم على كفاءة التنفيذ من جهة، وفاعليته من جهة أخرى.

أما الخطوة الثالثة، فإنها تتعلق بإتخاذ القرارات أو الإجراءات التصحيحية اللازمة، إذ أن الغاية من التقييم لا تنتهي عن معرفة الانحرافات بين التنفيذ والتخطيط، بل الأهم من ذلك كله هو تصحيح المسار باتخاذ الإجراءات التي تقتضيها كل حالة أو يستحقها كل موقف، لتصويب الأداء باتجاه تحقيق الأهداف وإنجاز الأنشطة وفق ما هو مخطط لها، خصوصاً إذا ما تم التقييم قبل وأثناء التنفيذ. أما التقييم بعد الإنتهاء من التنفيذ فإنه يمكن الاستفادة منه في تنفيذ البرامج والمشاريع اللاحقة من جهة، وتحديد الأشخاص أو الجهات المسؤولة عن الانحراف إن وجـد، وأسبابهـا لغـرض معالجتهـا مـن جهـة ومن ثم مساءلـة المقصرين لمنـع تكـرار ذلك فـي المـرات المقبلـة مـن جهـة أخـرى(Blandell, R. & Dias M.C., 2000: 427-468).

المبحث الثاني: طرائق وأساليب التقييم

تنتهج الجهات المكلفة بتقييم المشاريع والبرامج العامة طرقاً وأساليب متعددة للتقييم: منها ما يعتمد على الانطباع أو الحكم الشخصي، أي أن التقييم لا يستند إلى أسس علمية موضوعية في الحكم على المشروع أو البرنامج العام، بل يعتمد على الآراء الشخصية التي غالباً ما تحركها أهواء ومصالح المقومين جماعات أو أفراد لتكوين الانطباع حول نجاح أو فشل ذلك البرنامج أو المشروع، إذ أن أهم ما يتصف به هذا الأسلوب هو عدم اعتماد البراهين والحجج العامة الموضوعية، وغالباً ما يصدر مثل هذا التقييم عن المواطنين وبعض الجهات أو الجماعات المتضررة أو غير المستفيدة من برنامج أو مشاريع معينة، ومن سماته كثرة احتمالات الخطأ وعدم الدقة في الحكم أو التقييم التي تلازم المعتمدين عليه(Arjas e.,2001: 62)، ومنها ما يعتمد على الأسس والطرائق العلمية الموضوعية المستندة إلى الأدلة والبراهين المرتكزة على كمية كبيرة من البيانات والمعلومات وتحليلها وتفسيرها للخروج بأحكام صحيحة ومقنعة مع قليل من الأخطاء النسبية المسموح بها في التقييم (Goldthorpe H., 2001: 16).

وعند المقارنة بين الأسلوبين أعلاه نجد أن الأسلوب غير العلمي (الشخصي) يستخـدم من قبل الجهاز الحكومي، والأفراد أو الجماعات غير الحكومية المنتفعة أو المتضررة من البرامج والمشاريع العامة فـي الحالات التالية (Kangasharju A. & Venetoklis., 2002: 24):

1. عندما يكون البرنامج صغير الحجم.

2. إن الآثار المترتبة عليه ذات أهمية محدودة.

3. عندما تتوفر لدى الحكومة قناعة بأن تنفيذ مشروع ما أو برنامج معين أمر لابد منه بغض النظر عن الكلفة المترتبة عليه أو النتائج المتوقعة.

4. عند عدم توفر التخصيصات المالية اللازمة لإجراء عملية التقييم.

5. إن كلفة التقييم أكبر من المنفعة المتأتية من عملية التقييم من جهة، أو أنها أكبر من كلفة البرنامج أو المشروع العام ذاته من جهة أخرى.

6. عدم توفر الكادر المتخصص الكفوء للقيام بعملية التقييم.

إن الأساليب والطرائق غير العلمية في التقييم يلجأ إليها من قبل الأجهزة الحكومية في حالات استثنائية كما لاحظنا أعلاه، أما الحالات العامة أو الشائعة في تقييم البرامج والمشاريع العامة فهي الطرائق والأساليب العلمية التي يمكن أن نحصر أهمها بالآتي(*)(Reiter J., 2000: 28):

1. محاسبة النظم الاجتماعية.

2. التجريب الاجتماعي.

3. موازنة الخطط والبرامج.

4. نماذج تقييم كفاءة البرامج.

5. الطرائق والأساليب الإحصائية.

موازنة الخطط والبرامج

يرجع استخدام هذا الأسلوب في تقييم البرامج والسياسات العامة إلى ستينات القرن الماضي، إذ اعتمـد مـن قبـل وزارة الدفـاع الأمريكيـة لتقييم كلفة ومنفعـة نظـم الدفـاع والتسليـح البديلـة للجيـش الأمريكـي(Sugden R. & Williams A.,1978: 226).

إن هذا الأسلوب يقوم على أساس مقارنة المخرجات لأي برنامج حكومي (عام) مع المدخلات التي خصصت له، كما يمكن استخدامه في اختيار البرنامج الأفضل من بين البرامج المقترحة، أي مساعدة أصحاب القرار في اتخاذ القرار الأحسن، وذلك بمقابلة المصادر أو الموارد المتنوعة المتوقع تخصيصها لكل بديل (سياسة أو برنامج عام) مقترح مع النتائج المتوقعة له، ثم اختيار ذلك البديل الذي يتوقع أن يعطي أفضل النتائج باستخدام أقل الموارد المتاحة. وقد ذكر (داي (Dye إن استخدام هذا الأسلوب يستلزم المرور بخمس (5) خطوات هي (Dye, 1975):

1. تحديد أهداف البرامج أو المشاريع الحكومية بشكل واضح ودقيق.

2. وضع مؤشرات أو معايير كمية (قدر الإمكان) يمكن استخدامها لقياس آثار أو نتائج البرامج العامة موضع الاختيار أو التقييم.

3. احتساب مقدار الموارد المتنوعة التي يستلزمها اختيار أو تنفيذ أي من البرامج والمشاريع العامة المقترحة أو المنفذة.

4. احتساب مقدار المنافع أو الآثار الايجابية الناتجة عن تنفيذ البرنامج العام أو مقدار المنافع المتوقعة من اختيار أي من بدائل المشاريع أو البرامج المقترحة.

5. مقابلة النتائج الفعلية أو المتوقعة مع الموارد المستنزفة أو المطلوبة لتنفيذ كل بديل من بدائل البرامج العامة.

إن هذا الأسلوب رغم أهميته ونجاحه في الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً في تقييم برامج الدفاع الأمريكية، إلاّ أنه يواجه بعض المشاكل عند تطبيقه في تقييم البرامج الحكومية، منها (Venetoklis T., 2001: 69):

1. صعوبة وضع معايير أو مؤشرات كمية لبعض البرامج الاجتماعية العامة، كبرنامج محو الأمية، أو مكافحة الفساد الإداري، أو الجريمة وغير ذلك.

2. صعوبة مقارنة بدائل البرامج العامة، خصوصاً عندما يراد اختيار بديل واحد من عدة بدائل في قطاعات متباينة كالتعليم، والصحة، والزراعة.

3. صعوبة تقدير أو التنبؤ بالآثار أو النتائج العرضية لأي بديل من بدائل البرامج العامة المقترحة، وبالتالي صعوبة المقارنة وتحديد البديل الأفضل.

غير أن هذا الأسلوب وبالرغم من هذه الصعوبات، فإنه يعد أحد الأساليب التي يمكن اعتمادها، والاستفادة منها في تقرير البرنامج أو المشروع العام الأفضل، وكذلك تقييم العديد من البرامج والمشاريع الحكومية وغيرها قبل وبعد تنفيذها.

نموذج تقييم كفاءة البرامج

Model to Evaluate Programs Effectiveness

يهدف هذا الأسلوب إلى قياس مدى كفاءة البرامج أو المشاريع العامة في تحقيق الأهداف المرسومة لها، وذلك بالتركيز على ثلاثة متغيرات أساسية هي (Deniston Rosen stock, Getting, 1975: 323-330):

1- الأهداف: ويقصد بالأهداف المواقف والظروف التي لابد من تحقيقها لأفراد المجتمع بعد تنفيذ المشروع أو البرنامج العام، بحيث تنقلهم من المستوى الذي هم عليه قبل البرنامج إلى مستوى أفضل من حيث الكم أو الكيف أو الاثنين معاً. والأهداف يمكن أن تصاغ بشكل عام أو لكل برنامج على حدة، أو يمكن أن تجزأ إلى أهداف فرعية بحسب طبيعة البرامج العامة، والمشكلة المطلوب معالجتها.

2- الأنشطة أو الفعاليات: وهي الأعمال أو الأفعال التي لابد أن يقوم بها الأشخاص أو الأجهزة والمعدات والآلات المستخدمة في تنفيذ المشروع أو البرنامج العام، أي لابد من تحديد نوع الفعاليات والأنشطة التي ستساهم في التنفيذ، ويمكن تجزئتها أو تحديدها تفصيلياً.

3- الموارد: وهي الأفراد، الأموال، المواد، الأجهزة والآلات والمعدات، وجميع التسهيلات المطلوبة لتعزيز عملية الأداء أو التنفيذ ويفضل أن توصف بمستوى عالٍ من الدقة والتحديد.

إن مقيم أو محلل المشاريع والبرامج العامة يمكنه الاستعانة بمجموعة من النسب لتقييم المشروع أو البرنامج العام موضع التقييم مستخدماً المتغيرات المذكورة أعلاه (الأهداف، الأنشطة، والموارد) ومن هذه النسب:

أ. نسبة الموارد الفعلية إلى المخططة، ويمكن التعبير عنها بالشكل التالي:

ب. نسبة النشاطات الفعلية إلى المخططة، ويمكن التعبير عنها بالآتي:

ج. نسبة الأهداف المتحققة إلى الأهداف المخططة، ويعبر عنها بالآتي:

ومن الأمثلة على استخدام هذا الأسلوب نفترض أن الجهات الصحية الحكومية تهدف إلى أن تكون نسبة المناعة ضد الأمراض لعموم المواطنين هي (90%)، ولكن نتائج تحليل المعلومات والبيانات أظهرت بأن (80%) فقط من المواطنين اكتسبوا المناعة ضد الأمراض، نصفهم أي (40%) كان حصولهم على المناعة من خارج البرنامج الحكومي، وذلك من مراجعاتهم للأطباء الاختصاص في عياداتهم الخاصة، أو من مطالعتهم وثقافتهم الصحية الخاصة. ففي هذه الحالة تكون كفاءة البرنامج أعلاه هي (80%) وذلك وفق المعادلة التالية:

كفاءة البرنامج = = = 80%

الأساليب والطرق الكمية(*)

هناك العديد من الطرق والأساليب الكمية أو الإحصائية التي يمكن استخدامها لتقييم البرامج والسياسات العامة وهي تتباين في مستلزمات استخدامها والبيانات والمعلومات التي تحتاجها، وكذلك وقتها ومجالات استخدامها، منها ما يلي:

‌أ. تحليل التعادل.

‌ب. تحليل الكلفة/ المنفعة.

‌ج. تحليل الاتجاه العام – المعادلات الآنية.

‌د. تحليل الانحدار.

‌ه. البرمجة الخطية.

أ- تحليل التعادل Break Even Point

يعبر تحليل التعادل عن العلاقة بين المنافع أو العوائد المتوقعة لبرنامج أو سياسة عامة معينة، وبين الكلف التي تتطلبها عملية تنفيذ تلك السياسة أو ذلك البرنامج. والتعادل أو التوازن يتحقق عندما تتساوى المنافع أو العوائد (المادية والمعنوية) التي حصل عليها المجتمع مع التكاليف (التضحيات المادية والمعنوية) التي تحملها المجتمع لتنفيذ البرنامج أو السياسة قيد التقييم، أما في حالة زيادة التكاليف عن المنافع فإن النتيجة تكون سالبة ومرفوضة، عكس ما إذا كانت المنافع أكثـر مـن التكاليف، فإن ذلك يعني أن النتيجة تكـون إيجابية ومقبولـة (Sugden R. & Williams A., 1978: 33-34) مع الأخذ بعين الاعتبار ارتفاع الأسعار خلال المدة بين إقرار البرنامج أو السياسة العامة، وبين إنتهاء مدة تنفيذها، أي لابد من معالجة التضخم وذلك باستخراج القيمة الحالية الصافية للسياسة العامة (NPV). وعليه فإن معادلة القيمة الحالية الصافية للتعادل لأي برنامج أو سياسة عامة يساوي (مجموع المنافع المخصومة – مجموع التكاليف المخصومة) لكل مدة معينة ويمكن التعبير عن ذلك بالمعادلة التالية (Takis Venotaklis, 2002):

حيث:

المنافع = B وتشمل: المنافع المادية والمعنوية + الزيادة في الضرائب التي سيدفعها المشروع للدولة بسبب

زيادة الأرباح المتحققة له + أية منافع أخرى.

الكلف = C وتشمل: المعونات المالية التي تقدمها الدولة + المصاريف الإدارية للمشروع + كلفة الفرص الضائعة أو البديلة.

r = معدل الخصم على العوائد.

n = المدة الزمنية التي يغطيها المشروع أو البرنامج العام.

ومن الصعوبات التي تواجه استخدام هذا النموذج في تقييم المشاريع والبرامج العامة هي (Rosen M.S., 1995: 214):

‌أ. صعوبة معرفة كمية أو قيمة المنافع المعنوية التي تصاحب تنفيذ المشاريع والبرامج العامة، أو تلك التي تعقب تنفيذها بمدد معينة، كارتفاع الروح المعنوية لأفراد المجتمع، زيادة ولاءهم للحكومة، زيادة حماسهم واندفاعهم في تنفيذ الأعمال الموكلة إليهم، زيادة شعورهم بالانتماء والمواطنة، قلة التذمر لدى أفراد المجتمع، قلة نسب التهرب الضريبي وغير ذلك.

‌ب. صعوبة معرفة التكاليف المعنوية التي تترتب على تنفيذ مشروع أو برنامج عام معين، مثال ذلك الأضرار النفسية التي يتعرض لها مجموعة من المزارعين الذين يفقدون مزارعهم لإنشاء مستشفى عام أو جامعة، أو لمرور سكة حديد فيها، رغم قيام الحكومة بتعويضهم عنها، وكذلك الحال عند هدم عدد من الدور السكنية لتوسيع شارع عام في وسط المدينة، فإن أصحاب هذه الدور سيتعرضون لأضرار نفسية ومادية كبيرة يصعب تقديرها والتعويض عنها.

‌ج. صعوبة تحديد ومعرفة تكاليف ومنافع الفرص البديلة أو المشاريع البديلة التي يمكن تنفيذها بنفس الموارد والإمكانيات المادية والبشرية المتاحة بدقة.

ومهما تكن المشاكل والصعوبات التي تواجه استخدام هذا الأسلوب أو غيره من الأساليب الكمية، فإنها لا تقلل من أهمية استخدامها في تحليل وتقييم المشاريع والبرامج العامة.

أما الطرق الكمية الأخرى فإنه يمكن الرجوع إلى الفصل السابع من هذا الكتاب للإطلاع عليها، والتعرف على كيفية استخدامها في تحليل وتقييم السياسات والبرامج العامة.

المبحث الثالث: تقييم آثار البرامج العامة

يعد القياس المادي أو الكمي غير ممكنٍ في جميع الأحوال ولجميع المشاريع والبرامج العامة، وذلك بسبب طبيعة الأهداف المجتمعية العامة التي تسعى إلى تحقيقها، والمجالات التي توجه إليها، إذ أن معظم البرامج العامة توجه لخدمة شريحة اجتماعية معينة أو عدة شرائح أو المجتمع بشكل عام. ولذلك فإن التقييم يوجه جل اهتمامه نحو الآثار التي تنجم عن تنفيذ البرامج والمشاريع العامة الموجهة لحل المشاكل العامة وتلبية مطالب المجتمع، إذ إن تقييم آثار البرامج العامة يمكن أن يقدم إجابات ومعلومات واقعية لمجموعة من الأسئلة منها: هل أن هذا البرنامج أو المشروع حققت أهدافها المنشودة؟ وما مقدار كلفها ومنافعها؟ من هم المستفيدون منها؟ ما الذي يحصل لو لم يقر وينفذ هذا المشروع أو البرنامج؟ (Inderson, 1998: 152). عليه فإن تقييم البرامج العامة يهتم بالآثار الفعلية التي تتجسد عن فعل البرامج العامة في الظروف الواقعية لحياة المواطنين، أي معرفة ما الذي تريد أن تحققه الحكومة من تنفيذ البرامج العامة، وكيف تعمل للوصول إليه، وما مقدار ما تم تحقيقه فعلاً، ولقياس ذلك فإن على المقيم أن يحدد التغيير الذي حدث حقاً في بيئة البرامج والمشاريع العامة موضوع التقييم، مثال ذلك، الارتفاع الذي حصل في معدلات الاستخدام، الارتفاع الذي حصل في مستوى المعيشة، الانخفاض في معدلات الحوادث، السرقات، الجريمة، الإصابة ببعض الأمراض المعدية، الارتفاع الحاصل في إيرادات السياحة، وغير ذلك. كما ينبغي الالتفات عند تقييم البرامج العامة إلى الأبعاد المتنوعة لها والتي يمكن تلخيصها بالآتي

(Dye Thomas R., 1975):

‌أ. الآثار المباشرة للمشاريع والبرامج العامة على الشريحة أو الشرائح الاجتماعية التي وجهت لحل مشاكلها وتلبية مطالبها العامة. أي لابد من معرفة هؤلاء الذين يتطلب من البرامج العامة خدمتهم سواءً كانوا من المزارعين، أو النساء أو المعوقين، أو طلاب المدارس، أو الفقراء، أو سكان منطقة معينة... الخ. مثال ذلك كأن يكون البرنامج موجه لزيادة دخول الفئات الفقيرة من السكان، أو تشغيل العاطلين عن العمل في منطقة معينة، أو لتقليل نسب تسرب الأطفال من المدارس، أو لتقليل معدلات الإدمان على المخدرات... الخ. فإن معرفتهم بالتحديد يُمكن المقيم من تحديد التغير الذي طرأ عليهم بعد تنفيذ المشاريع أو البرامج العامة محل التقييم. إن البرامج العامة لا ينتج عنها آثاراً مباشرة مقصودة فقط، بل قد ينتج عنها نتائج أو آثار عرضية غير مقصودة، يجب الانتباه إليها وأخذها بعين الاعتبار عند التقييم، مثال ذلك، فبرنامج دعم أسعار السلع الزراعية سيسهم في تحسين دخول المزارعين، لكنه قد يؤدي إلى زيادة أسعار الغذاء للمستهلكين بشكل عام، كما أن برنامج تشييد مجمعات سكنية للفئات الفقيرة من السكان يؤدي إلى تحسين الوضع الاجتماعي لهم، لكنه قد يكرس مسألة العزل بين الأحياء الفقيرة والأحياء الغنية في المدن الكبيرة على وجه الخصوص.

‌ب. مثلما يجب على مقيّمي البرامج العامة معرفة الشرائح الاجتماعية المستهدفة بشكل مباشر، فإن عليهم أن يعرفوا الفئات الاجتماعية التي ستتأثر بالمشاريع والبرامج العامة بصورة غير مباشرة، فعند التوسع في بناء المدارس في منطقة معينة لزيادة استيعاب الطلبة وتحسين المستوى التعليمي والثقافي كأهداف مباشرة، فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة معدلات الطلب على الأيدي العاملة، والقضاء على البطالة في تلك المنطقة كهدف عرضي غير مقصود.

‌ج. إن آثار المشاريع والبرامج العامة لا تنحصر فقط في الآثار الآنية أو الحالية وقت التنفيذ، بل قد تكون لها نتائج وآثار مستقبلية بعيدة المدى يجب أخذها بنظر الاعتبار عند التقييم، فبرنامج التغذية الخاصة لتلاميذ المدارس الإبتدائية في المناطق الريفية والفقيرة قد تكون له آثار على صحة التلاميذ وقابلياتهم البدنية والعقلية ليس في الوقت الحاضر فقط، بل قد تظهر بشكل أوضح في المستقبل المتوسط والبعيد.

‌د. كما إن للتكاليف المباشرة وغير المباشرة للمشاريع والبرامج العامة بعداً آخر لابد من أخذه بنظر الاعتبار عند التقييم، إذ أن قسماً من هذه التكاليف يصعب إحتسابها وتحديدها على وجه الدقة، خصوصاً تلك التكاليف غير المباشرة أو التكاليف الاجتماعية والنفسية التي لا يمكن تقديرها بمبالغ نقدية بشكل دقيق، مثال ذلك، عندما يراد توسيع شبكة الطرق في مدينة معينة فإن الدور التي سيتم إزالتها لتوسيع الطريق ومقترباته سيلحق خسائر وأضرار نفسية واجتماعية لأصحابها، لا يمكن تقديرها فالتعويض سيشمل الأَضرار المادية لأصحاب تلك الدور فقط، أما الآثار الأخرى كفقد الجيران والابتعاد عن الأهل وعن الأسواق، وموقع العمل، وغير ذلك لا يمكن احتسابها وتعويضها.

إن آثار المشاريع والبرامج العامة التي ترسمها وتنفذها الحكومات قد تكون ايجابية وقد تكون سلبية، كما قد تكون مباشرة أو غير مباشرة، وقد تكون ظاهرة، كما قد تكون مستترة، أو رمزية، فالاحتفالات الوطنية والاستعراضات العسكرية الضخمة لها آثار رمزية ومعنوية، ونتائج على المستوى الداخلي والخارجي للبلد، قريبة وبعيدة المدى.

المبحث الرابع: مشاكل تقييم المشاريع والبرامج العامة

تواجه عملية تقييم المشاريع والبرامج العامة العديد من الصعوبات والمشاكل نلخص أهمها بالآتي (Mohr L.R., 1995: 138):

‌أ. غموض الأهداف وتشعبها: فأهداف البرامج العامة في الغالب تصاغ صياغة عريضة واسعة لكي ترضي معظم أصحاب المصالح المتعارضة من أعضاء البرلمانات أو المجالس التشريعية أو النيابية وذلك لضمان الموافقة عليها بالأغلبية عند عرضها للمصادقة أو لإقرارها بعد صياغتها من قبل الجهات المكلفة بالصياغة، زد على ذلك صعوبة تحديد الأوليات أو الأسبقيات في تنفيذ الأهداف المتعددة للبرامج العامة الواحدة.

‌ب. تباين الآراء والمصالح للجهات القائمة بالتقييم: إن تقييم البرامج العامة قد يجري من قبل جهات متخصصة ولها معرفة ودراية بعملية التقييم، وقد تستعمل وسائل وأساليب علمية في جمع البيانات وتحليلها وتفسيرها ومقارنتها وبالتالي إصدار الحكم النهائي على البرامج العامة. ورغم ذلك فإن هناك مقداراً من الاجتهاد والحكم الشخصي سيتضمنه هذا الحكم يحمل بين طياته توجهات وآراء القائمين به، فإذا كانت متباينة فإنها ستعني إصدار تقييمات متباينة أيضاً، زد على ذلك التقييم الذي يصدر من جهات غير متخصصة وليس لها دراية ومعرفة بالتقييم وبأساليبه العلمية ولا تعتمد تقييماتها على حقائق ومعلومات، بل هي مجرد توقعات أو تخمينات، ومن مثيلاتها التقييمات التي تصدر عن بعض الأفراد أو الجماعات السياسية أو الأحزاب أو بعض وسائل الإعلام المتنوعة كالصحف والمجلات المحلية أو الوطنية، التي قد تكون بعيدة كل البعد عن الواقع الحقيقي والآثار الايجابية أو السلبية التي نتجت عن البرامج العامة.

‌ج. المقاومة (مقاومة التغيير): إن لنتائج التقييم آثاراً قد تكون سلبية تشكل خطراً على سمعة الجهة المسؤولة عن تنفيذ البرامج العامة، ونفوذها، وربما مستقبل إدارتها، فالشعور الذي ينتاب الإدارات المنفذة للبرامج العامة من نتائج التقييم خصوصاً إذا كانت غير متأكدة من ايجابيتها سيدفعها إلى عدم التعاون مع الجهات المقيمة، وتمتنع عن تزويدها بالمعلومات والبيانات التي تساعدها على التقييم وقد تعمد إلى إفشال عملية التقييم أو عدم إكمالها، فالمنظمات تميل لمقاومة التغيير، لأن التقييم قد يحمل بين طياته التغيير الذي تخشاه الإدارات القائمة على تلك المنظمات.

‌د. كلفة التقييم: قد يتطلب إجراء عملية التقييم الكثير من الجهد والمال والوقت، بحيث أن تكاليفه المتنوعة تفوق العوائد المتوقعة منه، وعند ذلك فإن التقييم يفقد أهميته، ويقل حماس المطالبين بالتقييم، زد على ذلك قد يعمد بعض الذين يتوقعون أن يتضرروا من نتائج التقييم إلى التشكيك بدقة التقييم، ومحاولة التقليل من أهميته بشتى الذرائع والحجج، وتقديم مقترحات من شأنها مواجهة أية نتائج سلبية متوقعة.

‌ه. صعوبة الربط بين السبب والنتيجة: إن تقييم المشاريع أو البرامج العامة يعتمد على إظهار النتائج ومعرفة أسبابها، أي لابد من ربط النتائج بأسبابها سلباً أو إيجاباً، فإذا أردنا أن نقيّم برنامج مكافحة الجريمة، فلابد من معرفة أسباب الجريمة، وما هي الوسائل التي اتبعت لمعالجة أو لإزالة تلك الأسباب، وعلى افتراض أن أحد أسباب الجريمة هو الإدمان على المخدرات، وقد تبنت الحكومة برنامجاً لمنع أو تقليل الإدمان على المخدرات وخصوصاً الكحول. وعند جمع المعلومات بعد تنفيذ هذا البرنامج وجد أن هناك انخفاض في معدلات الجريمة، مما يعني نجاح هذا البرنامج، غير أن هذا الانخفاض قد لا يكون سببه المباشر البرامج التي اتبعتها الحكومة، بل قد يكون بسبب برامج التوعية الدينية التي قامت بها الجوامع أو الكنائس لتوعية الشباب بشكل خاص والمواطنين بشكل عام بمضار هذه المخدرات والعقاب الذي ينتظره المدمن أو شارب الخمرة من الله سبحانه وتعالى في الآخرة، وقد تزامن هذا الجهد الديني المكثف مع برامج الحكومة مما يجعل عملية الربط هنا عملية مضللة غير واقعية(Rubin D.B., 1986: 961.

المبحث الخامس: القائمون بالتقييم

من خلال ما تم طرحه في هذا البحث نستنتج إن القائمين بعملية التقييم مجموعة من الجهات الرسمية (الحكومة)، وغير الرسمية (غير الحكومية) يمكن إجمالها بالآتي:

أولاً: الجهات الرسمية

تتولى عملية تقييم المشاريع والبرامج العامة مجموعة من الأجهزة الرسمية الحكومية سواءً على المستوى المحلي (المحافظات أو الأقاليم) أو على المستوى الوطني، ومن هذه الأجهزة:

‌أ. المجالس البرلمانية أو النيابية: تعد مهمة الرقابة وتقييم البرامج والمشاريع التي ترسمها وتنفذها الحكومة من أهم الواجبات التي تنهض بها المجالس البرلمانية أو النيابية في البلدان الديمقراطية، فهي الجهة المخولة بتشريع الأنظمة والقوانين العامة، وكذلك البرامج والمشاريع التي تقترحها الإدارات التنفيذية لمعالجة المشاكل وتلبية المطالب العامة للمواطنين، وهي بهذا الحال تملك الحق في الرقابة والتقييم المباشر عن طريق لجان تفتيش من أعضاء البرلمان تؤلف لهذا الغرض، تقوم بجمع البيانات وتحليلها وتفسيرها واستخلاص المؤشرات والنتائج لتقييم البرامج والمشاريع العامة، غير أن البرلمان قد يمارس التقييم بشكل غير مباشر من خلال تكليف جهات أو أجهزة أخرى داخلية وخارجية ذات اختصاص. كما يمكن أن يحصل على بيانات ومعلومات لغرض التقييم من خلال وسائل الإعلام والكتل النيابية المعارضة في البرلمان.

‌ب. ديوان الرقابة المالية: يعد ديوان الرقابة المالية في العراق من أهم الأجهزة الحكومية المتخصصة بتقييم المشاريع والبرامج العامة لجميع الإدارات والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية، وهي تقوم بعملها ألتقييمي هذا سنوياً من خلال جمع البيانات والمعلومات وفحص السجلات المتنوعة، واستخدام كل ما تراه ضرورياً ومناسباً للحصول على البيانات عن أداء الأجهزة الحكومية، ورفع التقارير التي تتضمن تقييم تلك الإدارات وأسلوب تنفيذها للمهام والمشاريع والبرامج المكلفة بها إلى الجهات المرتبطة بها، وهي الجمعية الوطنية.

‌ج. الإدارات التنفيذية: تقوم الإدارات التنفيذية نفسها كالوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية بإجراء العمليات الرقابية وتقييم البرامج والمشاريع التي تتولى مسؤولية تنفيذها بنفسها، وذلك للتأكد من مواكبة التنفيذ لما هو مخطط، ومحاولة القيام بالإجراءات التصحيحية في وقتها وقبل فوات الأوان، للتغلب على المشاكل التي تواجه التنفيذ على طريقة "حاسب نفسك قبل أن تحاسب" كي تتجنب المساءلة من قبل الجهات الرقابية المكلفة بتقييم برامجها ومشاريعها العامة المكلفة بها.

ثانياً: الجهات غير الرسمية

إن عملية تقييم المشاريع والبرامج العامة لا تضطلع بها الجهات الحكومية فقط، بل حتى الجهات غير الرسمية مثل:

‌أ. المواطنون: فالمواطن العادي قد يقوم بإصدار الأحكام التقييمية على هذا البرنامج أو ذاك بحسب آرائه واجتهاداته ونوازعه الشخصية المبنية في كثير من الأحيان على مدى تأثر مصلحته الذاتية بهذه البرامج سلباً أو إيجاباً، فالمواطن لا يملك المعلومات الكافية عن البرامج والمشاريع الحكومية وأهدافها وظروفها ولا يملك كذلك الوسائل العلمية للتقييم، فهو يصدر في معظم الحالات تقييماً جزافياً أثناء المناقشات العامة، أو في مجالس السمر مع الأصدقاء.

‌ب. وسائل الإعلام: تعد وسائل الإعلام كالصحف والمجلات والإذاعة والتلفاز من الجهات التي تقوم بنشر المقالات والتحقيقات والمقابلات التي تتضمن تقييماً لبعض البرامج والمشاريع العامة. زد على ذلك أن بعضاً من وسائل الإعلام يعبر كل منها عن آراء واتجاهات بعض الأحزاب أو جماعات الضغط أو النخب السياسية المعارضة لسياسة الحكومة، مما يجعلها تتحين الفرص وتتعقب نقاط الضعف في المشاريع والبرامج الحكومية لتسلط الضوء عليها لتكسب ولاء وتعاطف أكبر عدد ممكن من الجمهور إلى صفها في الانتخابات النيابية المقبلة. وقد تعمل وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة أو الأحزاب الحاكمة بطريق مناقضة، فتعمد إلى تعقب النتائج الإيجابية للبرامج والمشاريع الحكومية وتسلط الضوء عليها لحشد التأييد للحكومة الحالية.

‌ج. الأحزاب والنخب السياسية وجماعات الضغط: إن الأحزاب السياسية والنخب وجماعات الضغط قد تمارس هي الأخرى دوراً مهماً في تقييم المشاريع والبرامج العامة للحكومة، وذلك لاستخدامها كوسيلة للضغط على الحكومة للحصول على مكاسب سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية لمصلحتها.

إن التقييم غير الرسمي في معظم الحالات يكون تقييماً شكلياً لا يستند إلى المعلومات والأساليب العلمية في التحليل والتقييم وذلك لأن الجهات التي تقوم به جهات غير متخصصة بالتقييم، ودوافعها للتقييم هي دوافع المصلحة والمنفعة الذاتية وحسب.

الخاتمة

لا يمكن لأي مشروع أو برنامج أن يكتب له النجاح في تحقيق أهدافه المطلوبة بمجرد التخطيط له، ومن ثم القيام بالتنفيذ، ما لم تقارن إجراءات التنفيذ وأساليبه بالمعايير التي تتضمنها الخطة الموضوعة له في ضوء بيئته الداخلية والخارجية، التي تتسم بالتغير المستمر وعدم الاستقرار خلال مدة التنفيذ، مما يتطلب إعادة النظر بالخطة، وإجراءات تنفيذها بشكل مستمر للوقوف على أسباب التغييرات ومعرفة آثارها الحالية والمستقبلية على المشاريع والبرامج قيد التنفيذ، لاتخاذ التدابير اللازمة عند ابتعاد المنفذ عن المخطط لأي سبب كان، ومحاولة إرجاع الإجراءات التنفيذية إلى مسارها الصحيح، أو تعديل الخطة إن لزم الأمر في بعض الأحيان.

إن معرفة الآثار المترتبة على تنفيذ البرامج والمشاريع العامة يستلزم القيام بتقييم هذه المشاريع قبل وأثناء وبعد التنفيذ، من أجل تهيئة المستلزمات المادية والبشرية والمالية والتقنية والمعلوماتية اللازمة قبل ا لبدء بعملية التنفيذ من جهة، ومتابعة توفير هذه المستلزمات وإتاحتها للقائمين بالتنفيذ بالكم والنوع والتوقيت المرسوم، ومعالجة الانحرافات التي قد تظهر أثناء التنفيذ بسبب تغير العوامل والظروف البيئية والتكنولوجية بشكل يغاير التوقعات في مرحلة التخطيط السابقة من جهة أخرى، ثم يلي ذلك القيام بعملية التقييم النهائي لنتائج المشروع وآثاره المباشرة وغير المباشرة، والمطالب التي قام بتلبيتها، والمشاكل التي ساهم في معالجتها، وصولاً لتحقيق رضى المجتمع أو الجمهور المستهدف.

إن تقييم المشاريع ما هو إلاّ الحلقة الأخيرة في سلسلة حلقات أو مراحل إنجاز المشاريع بدءً بالتفكير أو الفكرة المستوحاة من المطالب العامة أو المشاكل التي يعاني منها المجتمع بشكل عام أو شريحة أو فئة منه بشكل خاص، ثم القيام بوضع الخطط والأعداد والتهيأة للمشروع فالتنفيذ. وأخيراً التقييم الذي يربط هذه الحلقات أو المراحل بعضها مع البعض الآخر، ويبين مكامن أو أماكن القصور أو الخلل إن وجد، ليقدم الحلول الممكنة آنياً من جهة، وينبه المسؤولين لاتخاذ التدابير اللازمة لمنع حصولها في البرامج والمشاريع اللاحقة، ويمكن نوضح ذلك بالمخطط التالي:

 

شكل (1)

 

يبين مراحل إنجاز البرامج والمشاريع.

إن هذا المخطط يوضح دور مرحلة التقييم باعتبارها الحلقة الأهم التي تبين مكمن الخلل أو موضع الابتعاد بين ما هو كائن وما يجب أن يكون وبالتالي إرشاد القائمين على المشروع لاتخاذ الإجراءات الوقائية والتصحيحية والعلاجية اللازمة لإنجاح المشروع والوصول به إلى تحقيق أهدافه المرسومة بأفضل ما يمكن.

المصادر

أولاً: المصادر باللغة العربية

1) اندرسون جيمس، "صنع السياسات العامة"، ترجمة د. عامر الكبيسي،، ط1، (عمان، دار المسيرة للنشر والتوزيع)، 1999.

2) عبدالقوي، خيري، "دراسة السياسات العامة"، ط1، (الكويت، ذات السلاسل)، 1989.

3) العزاوي، وصال نجيب، "السياسات العامة، حقل معرفي جديد"، (بغداد، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد)، 2001.

ثانياً: المصادر باللغة الإنكليزية

1) Arjas, E., "Causal Analysis and statistics asocial science perspective", European sociological Review, Vol. 17, No. 1, 2001.

2) Barry, Bozeman, "Public Management and Policy Analysis", (New York, 6 Martin's, 1979).

3) Blundell, R. and Dias, M.C., "Evaluation methods for non-experimental data", Fiscal Studies, Vol. 21, No. 4, 2000.

4) Dehejia, R., and Wahba S., "Propensity score matching methods for non-expermental causal studies", NBER, working paper, No. 6829, Cambridge, MA.

5) Dye, Thomas R., "Understanding public policy", 2nd Ed., (New York, Prentice-Hall) 1975.

6) Goldthrope, J.H., "Causation statistics and sociology", European sociological Review, Vol, 17, No. 1, 2001.

7) Heckman, J.J., "Accounting for Heterogeneity, diversity and general equilibrium in evaluating social programs", The economic journal, Vol. 111, 1999.

8) Heckman, J.J. and Todd P. Matching as an econometric evaluation estimator: Evidence from a job training program", Review of economic studies, Vol. 64, 1999.

9) Holand, P., "Statistics and causal inference", Journal of the American statistical association, Vol. 81, no. 396, 1986.

10) Anderson, Jams, "Public policy making", 2nd Ed., (New York, Holt Renhart, Winston), 1979.

11) Kangasharju A. and Venetoklis T., "Business subsidies and employment of firms overall evaluation and regional vatt discussion, Paper, No. 268, Helsinki, 2002.

12) Moffitt R., "Program evaluation with non-experimental data", Evaluation Review, Vol. 15, No. 3, 1991.

13) Mohr, L.B. "Impact analysis for program evaluation", 2nd Ed., (thousand Oaks, CA, Sage, Mifflin), 1995.

14) Nigro, Felix, A. & Nigro, LLoyed C., "Modern public administration", 3rd Ed, (Illinois F.E. Peacock publishing, Inc.), 1976.

15) Reiter, J., "Using statistics to determine causal relationship Mathematical Association of America, No. 107, 2000

16) Riccio, J.A. and bloom H.S., "Expending the reach of random Sid Social experiments: New direction in evaluations of America welfare-to-work and employment initiatives manpower demonstration research corporation (MDRC), working paper on research methodology, October, 2001.

17) Rizzo, J.A., "Propensity scoring methods: A new tool for health outcomes analysis using retrospective databases November, 28, 2001, (At http//hores,med.ohio-hate-oluy/presentation/).

18) Rosen, H.S., "Public finance", 4th Ed., (Chicago Irwin), 1995.

19) Ross, P. Freeman H. and Lipsey M.W., "Evaluation Beverly hills, Ca, Sage, (New York), 1999.

20) Rubin, D.B., "Statistics and causal inference comment which its have causal answers Journal of the American statistic Association, Vol. 81, No. 369, 1986.

21) Schreiner, M., "Evaluation and micro enterprise programs", (Washington University Center of Social development St Louis, Irwin, Publisher), 2001.

22) Shadish, W.R. Cook and compbell D.T., "Experimental and quasi experimental Designs for generalised causal inference (Boston: Houghton-Mifflin), 2001.

23) Smith, J., "A ctritical survey of empirical methods for evaluation active labour market programs, manuscript University of Ontario, Dep. Of economics (Ontario September, 1), 2000.

24) Sugden R., William, "The principals of practical cost-benefit analysis", (Oxford: Oxford University Press), 1978.

25) Takis, Venctoklis, "Public policy evaluation: introduction to Quantitative methodologies", (Government institute for economic research, Helsinki), 2002.

26) Treasury Board of Canada, "Program evaluation methods: measurement and attribution of program results", Review practice and studies government and quality services (at http://www.ts.scl.gc.ca/eval/pubs/method/dwn/htm/as.at.10.w, 2002.

27) Vedung E., "Public policy and program evaluation",)New Brunswick: Transaction Publishers), 1997.

28) Venetoklis, T., "Methods applied in evaluation business subsidy programs: A survey", Arvised approach, Vatt, Government institute for Economic research, research report, No. 83, (Helsinki), 2001.

29) Weiss, C.H., "Evaluation", 2nd Ed., (New Jersey" Printice-Hall), 1998.

الهوامش

 


 

(*) سنكتفي بشرح طريقة واحدة فقط من هذه الطرق وذلك استجابة لشروط النشر المتعلقة بعدد صفحات البحث الواحد، ولمن يرغب بالاستزادة عليه مراجعة المصادر المتخصصة منها: (جواد، عباس حسين، وعبد، إرزوقي عباس، "السياسات العامة: المفهوم، الصياغة، التنفيذ، التقييم"، 2006.

(*) نظراً لأن صفحات البحث محددة بعدد محدود لا يسع المجال لشرح جميع هذه الطرق، وسنكتفي بشرح واحدة منها فقط. ولمن يريد الاستزادة عليه مراجعة المصادر المختصة منها:

1- بخايا، ورسام، "بحوث العمليات"، العراق، بغداد، مطبعة هيئة التعليم التقني، 2000.

2- Dunn, William N., "Bublic policy analysis: An introduction", New York, prentice-Hall, 1979.