مجلة أهل البيت عليهم السلام العدد 16
دعوة للوسطية
تتعرض البلاد الإسلامية إلى موجة من الردة الدينية تتزعمها تكتلات وأحزاب ارهابية ظاهرها اسلامي لكنها تبطن مخلفات القرون الوسطى التي لاتمت بالاسلام بأية صلة.
فهل قتل الأطفال والنساء بأية حجة كانت هو شأنٌ إسلامي؟
وهل استغلال المرأة جنسياً تحت أي مسمى هو خلقٌ إسلامي؟
وهل تدمير الثقافة والفن والاجهاض على الحضارة الإنسانية هو مطلب اسلامي؟
وهل كم الأفواه واسكات الأصوات وانتقاص الحريات هومظهرٌ اسلامي؟
كل هذهِ الأمور وغيرها تمارسها هذهِ المجموعات الارهابية مدعية كذباً بأنّ هذا هو الإسلام؟
نسأل هؤلاء:
متى كان الإسلام يقتل الأطفال والنساء ويقلع الحناجر ويغتصب النساء ويعتدى على ثقافات الشعوب وحضارتها؟
فهل كان رسول الله 9يفعل ما تفعله اليوم هذه المجموعات الارهابية؟
دلونا على نموذج واحد في التاريخ الإسلامي انتهج هذا الاسلوب الذي ينتهجه الارهابيون اليوم.
اعرضوا علينا مشهداً واحداً مِن مشاهد التاريخ الإسلامي الذي مورست فيه هذهِ الممارسات المشينة ضد البشرية والإنسانية.
فكل ادعاءات هذهِ المجاميع باطلة ولاعلاقة لها بالاسلام حتى في أسوأ فترات الحكام الظالمين.
صحيح نجد لهم مثيلاً واحداً في عهد هولاكو وجنكيزخان فقط الذين لم يعرفوا معنى للإنسانية ولاللحضارة ولم يتعرفوا على مبادئ الإسلام السمحة ولاقيمة للإنسانية.
فهؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم من الاسلام هم طارئون عليه. ولا يمتون للإسلام بأية صلة حتى لو تمسكوا بالشعارات الإسلامية وبالرموز الإسلامية الكبيرة: فهم يتمسكون بالقشور ويتركون اللباب.
يتمسكون بالمظاهر ويتركون الأصول.
شعارهم المصحف لكنهم لم يأخذوا منه حرفاً واحداً.
رمزهم محمد رسول الله وهم يحاربون مبادئه وقيمه المقدسة.
هم فهموا الإسلام من أعداء الإسلام.
وأخذوا بالدين كأحجار صماء. وطقوس بكماء وممارسات عمياء.
ويعود سبب ذلك إلى غيابهم عن فترة الحضارة الإسلامية، وانقطاعهم عن المجتهدين الكبار. فأخذوا الصفحة المظلمة من التاريخ الإسلامي الذي صنعته أيادي العابثين والجامدين وحاولوا استعارتها اليوم في كل مكان من العالم ا لإسلامي من الجزائر الثائرة وحتى اليمن السعيد. وفي جميع هذهِ الأماكن يدفع المسلمون ضريبة ما يحدث:
فالمسلمون اليوم يدفعون ضريبة الجمود الفكري الذي حدث في فترة من فترات التاريخ الإسلامي والذي انتج لنا هذهِ المجاميع الارهابية التي اصبحت وبالاً على الجميع بلا استثناء ليس فقط في البلاد الإسلامية بل في العالم بأسره كالخلية السرطانية التي أخذت تفتك بأوصال المجتمع الانساني وتنتشر انتشاراً سريعاً...
فكان لابد من استئصال هذا الورم السرطاني اينما كان ومن ثم تقوية بنية المجتمع الاسلامي بالفكر القويم الذي يمنح القدرة والمناعة لهذا الجسد المريض. وذلك بالعودة إلى الاجتهاد كمنطلق للتغيير وأساس للتعايش مع الإسلام ا لنقي الناصع الذي أرسى قواعده رسول الله صلى الله عليه وآله، فبالاجتهاد ننقذ ثقافة مجتمعنا من الجمود- والتكلس ونخلصه من الافراط والتفريط وكلاهما شذوذ وخروج عن القاعدة الوسطية الإسلامية.
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا(البقرة 143)