المادة: أصول الفقه 2
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon asol 06.doc

محور البحث الاُصولي:

المشتق وصف يحمل بما له من معنى على ذات، لوصف تلك الذات بالمعنى الذي يحمله الوصف.

فمثلا: لفظ (عالم) من المشتقات، ولحمله على ذات (زيد) لنصف زيدا بما يحمل لفظ عالم من معنى وهو العلم نقول: (زيد عالم.(

وقلنا - فيما تقدّم - أنّ المشتق عند الاُصوليين لابدّ أن يكون وصفا مفارقا، أي غير ملازم للذات.

وهذا يعني انّ الذات تتصف به حينا ولا تتصف به حينا آخر.

ومن هنا، ومن النظرة لواقعه - وزّعه الاُصوليون على الأزمنة الثلاثة (الماضي والحاضر والمستقبل).

وعبّروا في لغتهم عن الاتّصاف بـ (التلبّس)، وعن الوصف بـ (المبدأ)، فقالوا: ينقسم المشتق بحسب زمان التلبّس بالمبدأ إلى ثلاثة أقسام.

والنقطة التي على أساس منها يعيّن زمان التلبّس هي حال التكلّم، (أي النطق بعبارة الاتّصاف).

ففي مثالنا المتقدّم (زيد عالم) إن كان زيد متصفا بالعلم حال تكلّمي ونطقي بهذه الجملة، أي أنّ زيدا عالم بالفعل، فالزمن هنا هو الزمن الحاضر.

وعبّروا عن هذا الزمن بالحال، فقالوا: حال التلبّس بالمبدأ، أي حال اتّصاف الذات بالوصف.

وإن كان زيد متصفا بالعالمية قبل تكلّمي ونطقي بجملة (زيد عالم)، أي أنّ زيدا ليس بعالم الآن، وإنّما كان قبل هذا الوقت متلبّسا بهذا الوصف، فالزمن هنا هو الزمن الماضي.

ويعبّرون عنه بما انقضى عنه المبدأ.

وإذا كان زيد سيتّصف بالمبدأ في المستقبل، أي أنّ اتّصافه به حال التكلّم اتّصاف بالقوّة لا بالفعل، بمعنى من شأنه الاتّصاف به، فهو الزمن المستقبل.

وعبّروا عنه بما يلتبس بالمبدأ في المستقبل.

أمّا ترتيب الأثر والحكم فيلحظ فيه حال التلبّس بالمبدأ.

على هذا قسّموا تلبّس الذات بالمبدأ (اتّصاف الذات بالوصف) من حيث الزمن إلى ثلاثة أقسام:

1- ما انقضى عنه المبدأ.

2- ما تلبّس بالمبدأ في الحال.

3- ما تلبّس بالمبدأ في المستقبل.

وقسّموا دلالة المشتق على تلبّس الذات بالمبدأ باعتبار الزمان إلى قسمين:

حقيقي ومجازي.

فقالوا: هو موضوع للدلالة على الحال، أي انّه حقيقة فيما تلبّس بالمبدأ بالحال.

وقالوا: هو غير موضوع للدلالة على الاستقبال أي أنّه مجاز.

واختلفوا بالنسبة إلى الماضي بين الحقيقة والمجاز.

فاستعمال المشتق في الذات المتلبّسة بالوصف في الحال هو استعمال حقيقي. واستعمال المشتق في الذات التي ستتلبّس بالوصف في المستقبل هو استعمال مجازي.

أمّا فيما انقضى عنه المبدأ فهو موضع الخلاف ومحور البحث، فمن يقول بانّه حقيقي يذهب إلى أنّ لفظ المشتق موضوع للأعمّ من الحال والماضي، أي أنّ مفهومه شامل لهما معا.

فالخلاف يكون في سعة مفهوم المشتق وضيقه.

فهل هو موضوع لخصوص المتلبّس بالحال أو للأعم منه ومن المنقضي عنه المبدأ؟

ولماذا كلّ هذا؟

لأنّ الفقيه - كما تقدّم - يبحث - هنا - عن صغريات كليّة الظهور ليطبّقها عليها فيستفيد عن طريق هذا التطبيق المعنى الظاهر للفظ المقصود للمتكلّم.

فإذا كان استعمال المشتق فيما انقضى عنه المبدأ استعمالا حقيقيّا كان لها ظهور.

وإذا لم يكن حقيقيّا فليس له ظهور إلا مع القرينة الدالّة على ذلك.

وعليه:

فمحور البحث أو محلّ النزاع هو المشتق في حالة انتهاء تلبّس الذات بالمبدأ.

هل هو موضوع لذلك أو غير موضوع؟

الأقوال في المسألة:

والأقوال الرئيسيّة في المسألة قولان:

- قول بأنّه حقيقة.

- وقول بأنّه مجاز.

ولنوضّح هذا بالمثال المعروف بينهم وهو (الماء المسخّن بالشمس)، فقد ورد في النصوص الشرعيّة كراهة الوضوء والغسل بماء سخن بالشمس.

فإذا برد هذا الماء وزالت حرارته وأردنا أن نتوضّأ به أو نغتسل به فهل يحكم على الوضوء أو الغسل بالكراهة، أو أنّ الكراهة زالت بزوال الحرارة؟

فمن يقول بأنّ المشتق - وهو هنا كلمة مسخّن - حقيقة فيما انقضى عنه المبدأ لابدّ أن يقول بالكراهة لأنّ الماء - هنا - يصدق عليه أنّه مسخّن بالشمس.

ومن يقول بأنّ المشتق مجاز فيما انقضى عنه المبدأ لابدّ أن لا يقول بالكراهة لأنّ الماء الآن لا يصدق عليه أنّه مسخّن بالشمس، وإنّ-ما كان مسخّ-نا بالشمس.

الدليل:

إنّ أهمّ ما استدلّ به القائل بأنّ المشتق حقيقة في الأعم من المتلبّس بالمبدأ وممّا انقضى عنها المبدأ هو صحّة الإطلاق (إطلاق الوصف على الذات)لأنّ ما انقضى عنه المبدأ حصل له التلبّس بالمبدأ، وصار ذلك التلبّس بالنسبة إليه فعليّا، ولو في الزمن الماضي فيكون إطلاق المشتق عليه بما له من المعنى حقيقيا.

ويؤيّده استدلال الإمام(عليه السلام) بقوله تعالى: (لا ينال عهدي الظالمين) على عدم صحّة تولّي الإمامة لمن كان قبل إسلامه مشركا لأنّ (الشرك ظلم عظيم) كما هو صريح القرآن الكريم.

فإطلاقه (عليه السلام)عنوان (ظالم) مع أنّه قد انقضى وصف الشرك الذي هو الظلم عنهم بالإسلام لأنّ الإسلام يجبّ ما قبله، ما هو إلا لأنّ المشتق حقيقة في الأعم من المتلبّس بالحال والمنقضي عنه التلبّس.

واُجيب عنه: بأنّ الملحوظ في الإطلاق حال التلبّس لا حال التكلّم.

وأهمّ ما استدلّ به القائل بالمجاز هو صحّة السلب، حيث يصحّ سلب الوصف عمّا انقضى تلبّسه بالمبدأ فيقال للذي كان مشركا قبل إسلامه ليس بظالم، فلو كانت نسبة الظلم إليه حقيقيّة حتّى بعد إنقضاء تلبّسها بها لما صحّ السلب.

وصحّة السلب علامة المجاز.

التطبيق:

ومن المسائل الفقهيّة التي قام الخلاف فيها على الخلاف في المشتق هل هو حقيقة فيما مضى أو مجاز، مسألة الرضاع التي ذكرها فخر المحقّقين في كتابه (إيضاح الفوائد)(1) شرحا لقول أبيه العلامة في (القواعد): ولو أرضعت الصغيرة زوجتاه على التعاقب، فالأقرب تحريم الجميع لأنّ الأخيرة صارت أم من كانت زوجته إن كان قد دخل بإحدى الكبيرتين.

قال الفخر: أقول: تحرم المرضعة الاُولى والصغيرة مع الدخول بإحدى الكبيرتين بالإجماع.

وأمّا المرضعة الأخيرة ففي تحريمها خلاف، واختار والدي المصنّف وابن إدريس تحريمها، لأنّ هذه يصدق عليها أنّها اُمّ زوجته لأنّه لا يشترط في صدق المشتق بقاء المعنى المشتق منه، فكذا هنا، ولأنّ عنوان الموضوع لا يشترط صدقه حال الحكم، بل لو صدق قبله كفى، فيدخل تحت قوله تعالى: (واُمّهات نسائكم)، ولمساواة الرضاع النسب، وهو يحرم سابقا ولاحقا فكذا مساويه.

النتيجة:

والحقّ في مسألة المشتق أن يقال:

1- إذا كان الملحوظ في صدق الوصف على موصوفه، أو قل تلبّس الذات بالمبدأ هو حال التلبّس، أي حين الاتّصاف، فإنّه في هذه الحال لا يفرّق في ترتيب الأثر الشرعي والقانوني والعرفي بين أن يكون التلبّس أو الاتّصاف قد انقضى أو لا يزال قائما.

2- إنّ معرفة الوضع غير متيسّرة بالنسبة للغة العربية وبخاصة في مثل الصيغ والأساليب لعدم وجود معجم دلالي عربي متوفّر على ذلك.

3- لا يوجد في اللغة وضع، كما أوضحت أكثر من مرّة، وإنّما هو استعمال، والاستعمال في مثل هذا يرجع فيه إلى الفهم العرفي.

ونخلص منه إلى أنّ تحديد وتعيين الدلالة - هنا - أمر عرفي.

 

الجملة

حظيت الجملة بعناية فائقة في الدراسات المنطقيّة والدراسات اللغوية نحوية وبلاغية.

تناولت تلكم الدراسات المشار إليها تعريف الجملة، وتبيان عناصرها التي تتألّف منها ووظيفة كلّ عنصر، وبيان أقسامها، وشؤون كلّ قسم وملابساتها الاُخرى.

ذلك لأنّ الجملة من أهمّ الظواهر اللغوية الاجتماعية في كلّ لغات البشر لأنّها الوحدة الأساسيّة التي يتكوّن منها الكلام.

والجملة في اللغة  Sentenceهي القضية في المنطق  Propositionولأنّ المنطق اليوناني كان يقوم - في القديم - بدور منهج البحث كان لابدّ لكلّ طالب علم من تعلّمه.

ومن الطبيعي أن يتأثّر الباحث والدارس بخلفيّاته الثقافية.

ومن هنا انوجد ما نقرؤه في كتب التراث اللغوي من تفاعل بين الجملة اللغوية والقضيّة المنطقيّة أدّى إلى شي غير قليل من التأثير والتأثّر.

ذلك أنّ المنطقي يبحث القضيّة باعتبارها وحدة أساسيّة في قواعد الإستدلال كالقياس والاستقراء والتمثيل.

فهو لهذا يركّز على عنصرين في القضيّة فقط، وهما: (الموضوع) و(المحمول) في (القضيّة الحمليّة)، و (المقدّم) و (التالي) في (القضيّة الشرطيّة)، لأنّ الإستدلال ينتج حكما، والحكم يتطلّب محكوما عليه، ومحكوما به، وليس هما إلا العنصرين المذكورين في أعلاه.

فهو يتعامل مع القضيّة في حدود مقتضيات هدفه من البحث.

فليس له نظر آخر للعناصر الاُخرى في الجملة المستعملة في اللغة الإجتماعية العامّة لأنّها لا علاقة لها بالهدف من بحثه وهو الاستدلال.

وبعكسه الفقيه الشرعي الذي يريد دراسة نصّ شرعي يستفيد منه مفهوما شرعيا أو حكما شرعيا فانّه يتناول النصّ بكلّ ما فيه من عناصر وشؤون اُخرى لها ارتباط بموضوع بحثه.

لهذا الفرق الأساسي بين مسار وغاية البحثين الفقهي والمنطقي نعى غير باحث على الدرس الاُصولي عدم محاولة التفرقة ووضع الحدّ الفاصل.

إلا أنّ هذا لا يمنع من أن يستخدم الفقيه القياس المنطقي أو الاستقراء أو التمثيل، ولكن بعد أن يستخلص القضيّة المنطقيّة من النصّ الشرعي عندما يستكمل متطلّبات دراسته.

لا أنّه يدرس النصّ الشرعي كجملة عربية أو مجموعة جمل عربية محمّلا إياها ما لا تتحمّله من شؤون القضية المنطقية، فيلزم نفسه بما لا يلزم من التأويل والتقدير، وطرح المحتملات التي تعقم النصّ، ومن ثمّ تجمله، وتبعده عن الاستفادة منه وهو لم يصدر من المشرِّع إلا للإستفادة منه.

التعريف:

واستنادا إلى ما أشرت إليه من تفاعل بين الجملة اللغوية والقضيّة المنطقيّة لابدّ من سبق تعريف الجملة اللغوية بتعريف القضية المنطقية لنتعرّف من خلال المقارنة بينهما نقاط التأثّر.

(القضيّة المنطقيّة):

عرّف ابن سينا القضيّة في كتابه (النجاة) بأنّها  كلّ قول فيه نسبة بين شيئين بحيث يتبعه حكم صادق أو كاذب.

وعرّفها أبو البقاء في (الكليّات) بقوله: القضية هي المعلومات الأربعة، وهي: المحكوم عليه، وبه، والنسبة الحكميّة، والحكم.

وعرّفها التفتازاني في (التهذيب) بما نصّه: القضيّة قول يحتمل الصدق والكذب.

وللمقارنة بين هذه التعريفات الثلاثة نقول:

القول - وهو المذكور في التعريفين الأوّل والثالث - يراد به منطقيّا المركّب التام.

والمركّب التام - عند المنطقيين - هو المؤلّف من ثلاثة أركان هي: المحكوم عليه والمحكوم به والنسبة بينهما.

أو هو المؤلّف من أربعة أركان، بإضافة الحكم، كما في تعريف أبي البقاء.

واحتمال الصدق الذي هو مطابقة الواقع، أو الكذب الذي هو عدم مطابقة الواقع، من خصائص الإخبار، لأنّ الإنشاء لا يحتمل التصديق والتكذيب.

ولهذا استبدل اُستاذنا المظفّر في كتابه (المنطق) المركّب التام بالقول فقال في تعريفه للقضيّة بأنّها المركّب التام الذي يصحّ أن نصفه بالصدق والكذب.

ولأنّا عرفنا انّ احتمال الصدق والكذب أو الوصف بهما هو من خصائص الخبر في مقابل الإنشاء، بإمكاننا أن نختصر التعريف فنقول: القضية: هي المركب الخبري التام.

والمركب الخبري التامّ هو الجملة الخبرية التامّة.

ويأتي قصر المنطقي القضيّة على الجملة الخبرية التامّة لأنّها موضوع المنطق الذي يبحث فيه باعتباره الوحدة الأساسيّة في الإستدلال، فارقا واضحا بينه وبين اللغوي الذي يبحث الجملة مطلقا خبرية، وإنشائية.

وفي الفقه، لأنّ النصوص الشرعيّة التي يتعامل معها الفقيه أكثرها أساليب إنشائية يأتي الفارق بينهما أكثر وضوحا.

وإذا أردنا أن نستخدم مبادئ المنطق نقول: النسبة بين الجملة اللغوية والقضيّة المنطقيّة نسبة العموم المطلق، ذلك انّ الجملة أعمّ لأنّها تشمل الخبر والإنشاء، والقضيّة أخصّ لأنّها مقصورة على الخبر.

والقضيّة المنطقية متأثّرة بالجملة اليونانية أو قل: باللغات الهندية - الأوروبية، من حيث عدد العناصر الأساسيّة في تكوينها، كما رأينا هذا في تعريفاتها المتقدّمة حيث عرفت بأنّها  قول  والقول - منطقيا - مركب خبري تامّ يتألّف من ثلاثة عناصر مذكورة في نصّ الجملة، هي المحكوم عليه والمحكوم به والنسبة بينهما المشار إليها بكلمة الربط أمثال: (أست) بالفارسية و (در) بالتركية، وأفعال الكينونة is و are بالانجليزية.

ذكرت هذا هنا لكي تتسنّى لنا المقارنة بين تعريف الجملة اللغوية وتعريف القضيّة المنطقيّة.

)الجملة اللغوية(:

التعريفات التي سأذكرها - هنا - هي للجملة العربية، وأقول هذا لأنّ هناك فوارق في تكوين الجمل بين اللغات، فما يقال في تعريف جملة قد لا ينطبق تماما على جملة للغة اُخرى.

تعني كلمة (جملة) في اللغة العربية التجمّع في مقابلة التفرّق، ومن هنا أطلقوا كلمة (جملة) على (جماعة كلّ شي‏ء)، وقالوا: (أخذ الشي‏ء جملة) و(باعه جملة) أي متجمّعا لا متفرّقا.

وعلميا - أي عند النحويين والبلاغيين - الجملة: كلّ كلام اشتمل على مسند ومسند إليه.

وعرّفها الجرجاني في تعريفاته بقوله: الجملة: عبارة عن مركب من كلمتين أسندت إحداهما إلى الاُخرى، سواء أفاد كقولك (زيد قائم) أو لم يفد كقولك (إن يكرمني) فانّه جملة (شرط) لا تفيد إلا بعد مجئ جوابه.

فيكون الجملة أعمّ من الكلام مطلقا - أي بينهما عموم وخصوص مطلق-  وفي (مغني اللبيب) لابن هشام الأنصاري: الكلام: هو القول المفيد بالقصد.

والمراد بالمفيد: ما دلّ على معنى يحسن السكوت عليه.

والجملة: عبارة عن الفعل وفاعله كقام زيد، والمبتدأ وخبره كزيد قائم، وما كان بمنزلة أحدهما، نحو (ضُرِبَ اللصُ) و (أقائم الزيدان) و (كان زيد قائما) و (ظننته قائما).

وبهذا يظهر لك أنّهما ليسا مترادفين كما يتوهمه كثير من الناس، وهو ظاهر قول صاحب المفصّل (يعني الزمخشري) فإنّه بعد أن فرغ من حدّ الكلام، قال: ويسمّى جملة والصواب أنّها أعمّ منه، إذ شرطه الإفادة، بخلافها، ولهذا تسمعهم يقولون: جملة الشرط، جملة الجواب، جملة الصلة، وكلّ ذلك ليس مفيدا فليس بكلام.

وهذا يعني أنّ الجملة والكلام لا يختلفان من حيث التركيب إذ لابدّ في كلّ منهما أن يتألّف - على الأقل - من مسند ومسند إليه، وإنّما الاختلاف بينهما في الإفادة حيث اعتبرت شرطا أساسيّا في الكلام، ولم تعتبر في الجملة، فانّها قد تفيد وقد لا تفيد.

ومن هنا تكون النسبة المنطقيّة بين الجملة والكلام نسبة العموم والخصوص المطلق.

العموم في جانب الجملة حيث تطلق على المركب الإسنادي المفيد وغير المفيد، بينما يختصّ الكلام بالمفيد فقط.

والملحوظ - هنا إن أردنا المقارنة بين تعريف الجملة اللغوية العربية والقضيّة المنطقيّة نلمس التأثّر واضحا حيث أخذ الإسناد عنصرا أساسيا في الجملة العربية كما هو في القضيّة المنطقية.

وهذا يتمّ في الجملة العربية الإسنادية كجملة المبتدأ والخبر، وجملة الفعل والفاعل وما هو بمنزلتهما.

وكذلك يتمّ في الجملة الشرطيّة.

أمّا في الجملة البسيطة والجملة الظرفيّة - كما سنوضّح هذا في مبحث تقسيم الجملة - فانّه لا يتمّ إلا بالتقدير، وهو خلاف الأصل، فلا يصار إليه إلا إذا اقتضت ذلك ضرورة فهم النص، لا الصناعة النحوية المتأثّرة بالمنطق.

فالملاحظة الواردة على تعريف الجملة اللغوية العربية انّ المعرّفين للجملة لحظوها من زاوية اللفظ.

وبتعبير أدقّ: نظروها من ناحية الشكل، لا من ناحية علاقة الفكر بالواقع التي هي وظيفة اللغة ومهمتها الأساسيّة.

 

الهوامش:

(1)- 3/52.