أستاذ المادة: عبدالهادي الفضلي
المادة: المنطق
الملف: ملف m004.rm

تبويب عـلم المنطق

 

يبّوب الأقدمون كتب علم المنطق وبخاصة المقررات الدراسية كالتالي :
1- المقدمة :

 ويضمنونها : تعريف عـلم المنطق ، وبيـان موضـوعه الـذي يبحث فيه ، ثم ذكر الفائدة المنشـودة من تعلمه ومدى الحاجة العلمية إليه .

2- مبحث الألفاظ : ويستعرضـون فيه المصطلحات المنطقية العامة تعريفاً وتمثيلاً .

3- مبحث التصورات : ويحتوي موضوع التعريف : أقسـامه ومجالاتها .
4- مبحث التصديقات :  ويشتمل على دراسة القضايا وأحكامها ، وموضوع الاستدلال : أقسـامه ومجالاتها .

5- مبحث الصناعات :  وهي خمس : صناعة البرهان وصناعة الجدل وصناعة الخطابة وصناعة الشعر وصناعة المغـالـطة ، وهي تعرف بمـواد القضايا التي تستخدم في صور الاستدلال .

6- الخاتمة :  ويعرضون فيها لأجراء العلوم : منهج البحث وتنظيم كتابة البحث .

  وقـد يـطلق بعضهم على مبحث التصـورات : مبحث المعـرَّف ، وعلى مبحث التصديقات : مبحث الحجة . وقد يلحق بعضهم بمبحث المعرف : القسمة -كما صنع أستادنا الشيخ المظفر في كتابه المنطق .  كما أن المعرف قـد يسمى (القول الشارح) . ونظراً لأهمية بعض الموضوعات ومشاركتها لموضوعات المنـطق القديم في  حـاجة جميـع العـلوم لهـا أدرجهـا عـلمـاء المنـطق المحـدثـون  في  قـائمــة محتوياته ، وهي أمثال : 

- التقسـيم .

- التصنيف .

- أصول البحث . 

 ومن هنا رأيت أن لا أعـدل عمـا سـرت عليـه في تدوين (خـلاصـة
المنطق) فأبوب هـذه المـذكرة التبـويب نفسه لأجمـع بين القديم والحـديث ، ولتضم هـذه المـذكرة أهم ما ينبغي للطالب أن يلم به ويعرفه لحاجته إليه في دراسـاته التخصصية ، مستبعداً من المنـطق القـديم المـوضـوعـات التي لا يحتـاجهـا الـطالب ، أو يحتـاجهـا ولكن حـاجته إليهـا قليلة جـداً . . . وهـو كالتالي :

 

1- المقدمة                                 2- المصطلحات العامة

3- التعريف                               4- التقسيم

5- التصنيف                              6- الاستدلال

7- التحليل                                8- التركيب

9- مناهج البحث العلـمي

 

المصطلحات المنطقية العـامة

 

 في كل علم من العلوم مصطلحات ، وهي مجموعة من الألفاظ يصطلح أهل العلم على تحديد دلالاتها في معانيها العلمية . 

 وتنقسم المصطلحات إلى قسمين : عامة وخاصة .

  والخاصة : هي التي تختص بفصـل أو باب أو موضوع معين من العـلم وتعرّف وتبين دلالتها العلمية في موضعها الخاص بها .

 والعامة : هي التي لا تختص بموضوع معين من العـلم ، وإنما تعم أكثر من موضوع أو باب أو فصل .  وقـد دأب المؤلفون العـلميــون عـلى وضع  بـاب تمهيدي بعــد المقــدمـةالعلمية يعرّفون فيه المصطلحات العامة للعلم .   كما دأب القدمـاء على تسمية هـذا البـاب التمهيـدي بعنـوان (مبحث
الألفاظ) ، وهم يعنون بالألفاظ المصطلحات العامة . وعلى هذا يأتي ترتيب الكتاب الدراسي كالتالي :

1- المقدمة :  وتتضمن -كما تقدم - تعـريف ذلك العـلم ، وبيـان مـوضوعـه ، وذكـر الفائدة من دراسته .

2- الباب التمهيدي : ويعقد لتعريف المصطلحات العامة لذلك العـلم .

3- الأبواب العلمية : وهي التي تخصص لبحث موضوع ذلك العلم . فالباب التمهيدي ليس من موضوع العلم - كما هو واضح من الترتيب المذكور في أعلاه . ولكن لابد من ذكره لتوقف معرفة المعاني العلمية للمصطلحات ، العامة عليه ، يقول الملا عبد الله اليزدي في (حاشيته على التهذيب)  قد علمت أن نظر المنطقي بالذات إنما هو في (المعرَّف) و (الحجة) وهما من قبيل المعاني . لا الألفاظ ، إلا أنه كما تعارف ذكر الحد والغاية والموضوع في صدر كتب المنطق ، ليفيد بصيرة في الشروع (بدراسة المنطق) ، كذلك تعارف إيراد مباحث الألفاظ بعد المقدمة ليعين على الإفادة والاستفادة ، وذلك بأن يبين معاني الألفاظ المصطلحة المستعملة في محاورات أهل هذا العلم من : المفرد والمركب والكلي والجزئي والمتواطيء والمشكَّك وغيرها . ولأن المصطلحات العلمية ألفاظ لها دلالتها اللغوية ، ولها أيضاً دلالاتها العلمية التي أضافها إليها العلماء كان من الـلازم أن يميز بين دلالاتها اللغوية ودلالاتها العلمية ، ولا يتم هذا إلا ببيان معانيها العلمية التي يقصد أن تدل

عليها في لغة العلم ارتأى المناطقة أن يعرّفوا (الدلالة) بصفة عامة ، ثم ينتقلوا إلى تعريف دلالاتها اللفظية على معانيها سواء كانت في لغة المجتمع أو لغة العلم ليخلصوا بعد ذلك إلى كيفية استفادة المعنى المقصود للمتكلم من اللفظ الذي يستخدمه . وكان من الأفضل - منهجياً - الاقتصارعلى تعريف الدلالة اللفظية كما صنع بعضهم ــ لأن المصطلحات ألفاظ - كما تقدم والمنطقي يتعامل مع مصطلحاته المنطقية باعتبارها ألفاظاً لها دلالاتها المنطقية العلمية . وبما أن مجاراة أكثر القوم في سلوكهم تكون مغتفرة أحياناً وإن كان فيها ما يشير إلى المخالفة المنهجية رأيت المجاراة ، وهي - كما ألمحت - تدعو إلى بحث موضوع الدلالة بصورة عامة .

 

الدلالة

  • تعريفها :

 عرف القطب الرازي الدلالة بقوله : هي : كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر . وعرفها الملا اليزدي بقوله : الدلالة : وهي كون الشيء بحيث يلزم من العلم به العلم بشيء آخر . وعرفها أستاذنا الشيخ المظفر بقوله : الدلالة : هي كون الشيء بحالة إذا علمت بوجوده انتقل ذهنك إلى وجود شيء آخر . وكما ترى ، أن التعريفات الثلاثة تلتقي عند نقطة واحدة هي إشارتها إلى التلازم بين الدال والمدلول أو الاقتران بينهما . وبتعبير أوضح : إنها تريد أن تقول : الدلالة : هي العلاقة القائمة بين الدال والمدلول بحيث لو علمت بالدال علمت بالمدلول . وقد يشكل عليها بأن هذا إنما يتم في الصور الواقعية لا الاعتبارية فمثلاً : لو رأيت دخاناً علمت بوجود نار ، لأن الدخان طبيعياً يأتي من النار .

 ولكنك لو سمعت لفظاً من ألفاظ اللغة الفرنسية - مثلاً - وأنت لا تعرف شيئاً من اللغة الفرنسية لا ينتقل ذهنك إلى معناه رغم وجود العلاقة والتلازم بين هذا اللفظ الفرنسي ومعناه . فإذن ، التعاريف المذكورة غير دقيقة في شمولها للدلالة التي نريدها هنا وهي الدلالة اللفظية الوضعية . ويرجع هذا - فيما أقدر - إلى أن معنى الدلالة من المفاهيم التي يتعامل معها الإنسان في كل لحظات حياته وبعددها ، فهي كمفهوم الوجود ومفهوم الحياة ، وهكذا مفاهيم تكون من الجلوة والوضوح لدى الإنسان بشكل لا يجد من التعريفات ما يكون أجلى وأوضح منها ليستخدمه في تبيينها وتوضيحها ، فتراه - مثلاً - يقول : هذا الزي يدل على أن صاحبه عسكري وهذه الإشارة المرورية الخضراء تدل على الإنطلاق ، وسرعة النبض تدل على إرتفاع درجة الحرارة ، وحمرة الوجه تدل على الخجل ، وهكذا . ولكن حينما تسأله ما هي الدلالة لا يستطيع أن يعرب لك عن معناها الموجود في ذهنه بسبب وضوحه وضوحاً جلياً.

 فالدلالة : هي العلاقة بين الشيئين اللذين يدل أحدهما على الآخر .

 سواء علمنا بهما معاً أو بأحدهما أم لم نعلم بهما . . وسواء انتقل ذهننا من الدال إلى المدلول أم لم ينتقل . . وسواء كانت على نحو التلازم أم على نحو الاقتران .

  •  أقسامها :

 يقسم المناطقة الدلالة إلى ثلاثة أقسام ، هي :

 1- الدلالة العقلية : وهي التي يحكم بوجودها بين الدال والمدلول بالشكل الذي تكون بينهما ملازمة ذاتية في وجودهما الخارجي ، وذلك مثل العلاقة القائمة بين العلة والمعلول ، فإنه عندما يوجد المعلول يحكم العقل بوجود العلة ، ذلك للملازمة الذاتية في وجودهما الخارجي . وهي على قسمين لفظية وغير لفظية .

 أ - الدلالة العقلية اللفظية ، مثل : دلالة سماع كلام يأتي من خارج الدار - مثلاً - على وجود متكلم خارج الدار .

 ب - الدلالة العقلية غير اللفظية ، مثل : دلالة رؤية الدخان على وجود
نار .

2- الدلالة الطبعية : وهي العلاقة الناشئة بين الدال والمدلول بسبب اقتضاء طبعهما لها . وتنقسم ايضاً على : لفظية وغير لفظية .

 أ - الدلالة الطبعية اللفظية ، مثل : دلالة لفظ (آخ) على التألم ، فإن من طبيعة الإنسان أنه إذا تألم قد يطلق لفظ (آخ) ، معرباً ومنفساً عن ألمه .

 ب - الدلالة الطبعية غير اللفظية مثل : دلالة سرعة حركة النبض على وجود الحمى وذلك من طبع الإنسان إذا ارتفعت درجة حرارة بدنه تزداد سرعة حركة نبضه .

 والفرق بين الدلالتين العقلية والطبعية هو لأبديّة الدلالة في العقلية وعدمها في الطبعية وذلك أنه متى وجد الدال في الدلالة العقلية لا بد من وجود المدلول لتلازمهما في الوجود وعدم انفكاك أحدهما عن الآخر . والأمر في الطبعية ليس كذلك ، فقد يقول الإنسان (آخ) وهو ليس بمتألم ، وقد يتألم ولا يقول (آخ) فيعبرعن ألمه بالسكوت وقد يعبر عن ألمه بالاضراب عن
الأكل . ففي هذه الدلالة تختلف الدوال ، وتتخلف عن مداليلها باختلاف طباع الناس .

3- الدلالة الوضعية : وهي العلاقة الناشئة بين الدال والمدلول بسبب التواضع والإصطلاح . وكذلك تنقسم إلى قسمين : لفظية وغير

لفظية.

 أ - الدلالة الوضعية غير اللفظية ، مثل دلالة إشارات السير أو المرور الكهربائية (الضوئية) حيث تواضعت واصطلحت هيئات المرور والسير العالمية على أن ضوء الأحمر يدل على المنع من السير والضوء الأخضر يدل على السماح بالمرور ، والضوء الأصفر يدل على أخذ الاستعداد للوقوف .

 ب - الدلالة الوضعية اللفظية ، وهي : دلالة الألفاظ على معانيها اللغوية أو العلمية ، فإن أبناء المجتمع يتواضعون تلقائياً على أن ، هذا اللفظ المعين يدل على هذا المعنى ، وكذلك أهل العلم يصطلحون على أن هذا اللفظ يراد به هذا المعنى العلمي . وهذه الدلالة هي المقصودة هنا ، والتي يبحث فيها منطقياً .