أستاذ المادة: محمد عبد الرحمن يونس
المادة: النحو 2
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon 27.doc

بسم الله الرحمن الرحيم

وبعضهم أعرب مطلقا، وفي *** ذا الحذف أيا غير أي يقتفي

إن يستطل وصل، وإن لم يستطل *** فالحذف نزر، وأبوا أن يختزل

إن صلح الباقي لوصل مكمل *** والحذف عندهم كثير منجلي

في عائد متصل إن انتصب *** بفعل، أو وصف: كمن نرجو يهب

يعني أن بعض العرب أعرب " أيا " مطلقا، أي: وإن أضيفت وحذف صدر صلتها، فيقول: " يعجبني أيهم قائم، ورأيت أيهم قائم، ومررت بأيهم قائم " وقد قرئ ( ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد ) بالنصب، وروى *

 فسلم على أيهم أفضل *  [ 33 ] بالجر.

 ***

وأشار بقوله: " وفي ذا الحذف - إلى آخره " إلى المواضع التي يحذف فيها العائد على الموصول، وهو: إما أن يكون مرفوعا، أو غيره، فإن كان مرفوعا لم يحذف، إلا إذا كان مبتدأ وخبره مفرد [ نحو ( وهو الذي في السماء إله ) وأيهم أشد ]، فلا تقول: " جاءني اللذان قام " ولا " اللذان ضرب "، لرفع الاول بالفاعلية والثاني بالنيابة، بل يقال: " قاما، وضربا " وأما المبتدأ فيحذف مع " أي " وإن لم تطل الصلة، كما تقدم من قولك: " يعجبني أيهم قائم " ونحوه، ولا يحذف صدر الصلة مع غير " أي " إلا إذا طالت الصلة، نحو " جاء الذي هو ضارب زيدا " فيجوز حذف " هو " فتقول " جاء الذي ضارب زيدا " ومنه قولهم " ما أنا بالذي قائل لك سواءا " التقدير " بالذي هو قائل لك سوءا " فإن لم تطل الصلة فالحذف قليل، وأجازه الكوفيون قياسا، نحو " جاء الذي قائم " التقدير " جاء الذي هو قائم " ومنه قوله تعالى: ( تماما على الذي أحسن ) في قراءة الرفع، والتقدير " هو أحسن ".

وقد جوزوا في " لا سيما زيد " إذا رفع زيد: أن تكون " ما " موصولة، وزيد: خبرا لمبتدأ محذوف، والتقدير " لا سي الذي هو زيد " فحذف العائد الذي هو المبتدأ - وهو قولك هو - وجوبا، فهذا موضع حذف فيه صدر الصلة مع غير " أي " وجوبا ولم تطل الصلة، وهو مقيس وليس بشاذ.

وأشار بقوله " وأبوا أن يختزل * إن صلح الباقي لوصل مكمل " إلى أن شرط حذف صدر الصلة أن لا يكون ما بعده صالحا لان يكون صلة، كما إذا وقع بعده جملة، نحو " جاء الذي هو أبوه منطلق "، أو " هو ينطلق " أو ظرف، أو جار ومجرور، تامان، نحو " جاء الذي هو عندك " أو " هو في الدار "، فإنه لا يجوز في هذه المواضع حذف صدر الصلة، فلا تقول " جاء الذي أبوه منطلق " تعني " الذي هو أبوه منطلق "، لان الكلام يتم دونه، فلا يدرى أحذف منه شئ أم لا؟ وكذا بقية الامثلة المذكورة، ولا فرق في ذلك بين " أي " وغيرها، فلا تقول في " يعجبني أيهم هو يقوم ": " يعجبني أيهم يقوم " لانه لا يعلم الحذف، ولا يختص هذا الحكم بالضمير إذا كان مبتدأ، بل الضابط أنه متى احتمل الكلام الحذف وعدمه لم يجز حذف العائد، وذلك كما إذا كان في الصلة ضمير - غير ذلك الضمير المحذوف - صالح لعوده على الموصول، نحو " جاء الذي ضربته في داره "، فلا يجوز حذف الهاء من ضربته، فلا تقول: " جاء الذي ضربت في داره " لانه لا يعلم المحذوف.

 وبهذا يظهر لك ما في كلام المصنف من الايهام، فإنه لم يبين أنه متى صلح ما بعد الضمير لان يكون صلة لا يحذف، سواء أكان الضمير مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا، وسواء أكان الموصول أيا أم غيرها، بل ربما يشعر ظاهر كلامه بأن الحكم مخصوص بالضمير المرفوع، وبغير أي من الموصولات، لان كلامه في ذلك، والامر ليس كذلك، بل لا يحذف مع " أي " ولا مع غيرها متى صلح ما بعدها لان يكون صلة كما تقدم، نحو " جاء الذي هو أبوه منطلق، ويعجبني أيهم هو أبوه منطلق " وكذلك المنصوب والمجرور، نحو " جاءني الذي ضربته في داره، ومررت بالذي مررت به في داره "، و " يعجبني أيهم ضربته في داره، ومررت ( بأبيهم )؟ مررت به في داره ".

 ***

وأشار بقوله: " والحذف عندهم كثير منجلى - إلى آخره " إلى العائد ( المنصوب )؟.

 وشرط جواز حذفه أن يكون: متصلا منصوبا، بفعل تام أو بوصف، نحو " جاء الذي ضربته، والذي أنا معطيكه درهم ".

 فيجوز حذف الهاء من " ضربته " فتقول " جاء الذي ضربت " ومنه قوله تعالى: ( ذرني ومن خلقت وحيدا ) وقوله تعالى: ( أهذا الذي بعث الله رسولا ) التقدير " خلقته، وبعثه ".

 وكذلك يجوز حذف الهاء من " معطيكه "، فتقول " الذي أنا معطيك درهم " ومنه قوله:

34 - ما الله موليك فضل فاحمدنه به *** فما لدى غيره نفع ولا ضرر

تقديره: الذي الله موليكه فضل، فحذفت الهاء.

وكلام المصنف يقتضي أنه كثير، وليس كذلك، بل الكثير حذفه من الفعل المذكور، وأما [ مع ] الوصف فالحذف منه قليل.

 فإن كان الضمير منفصلا لم يجز الحذف، نحو " جاء الذي إياه ضربت " فلا يجوز حذف " إياه " وكذلك يمتنع الحذف إن كان متصلا منصوبا بغير فعل أو وصف - وهو الحرف - نحو " جاء الذي إنه منطلق " فلا يجوز حذف الهاء، وكذلك يمتنع الحذف إذا كان منصوبا [ متصلا ] بفعل ناقص، نحو " جاء الذي كانه زيد ".

 ***

كذاك حذف ما بوصف خفضا *** كأنت قاض بعد أمر من قضى

كذا الذي جر بما الموصول جر *** ك" مر بالذي مررت فهو بر "

لما فرغ من الكلام على الضمير المرفوع والمنصوب شرع في الكلام على المجرور، وهو إما أن يكون مجرورا بالاضافة، أو بالحرف.

 فإن كان مجرورا بالاضافة لم يحذف، إلا إذا كان مجرورا بإضافة اسم فاعل بمعنى الحال أو الاستقبال، نحو " جاء الذي أنا ضاربه: الآن، أو غدا "، فتقول: جاء الذي أنا ضارب، بحذف الهاء.

 وإن كان مجرورا بغير ذلك لم يحذف، نحو " جاء الذي أنا غلامه، أو أنا مضروبه، أو أنا ضاربه أمس " وأشار بقوله: " كأنت قاض " إلى قوله تعالى: ( فاقض ما أنت قاض ) التقدير " ما أنت قاضيه " فحذفت الهاء، وكأن المصنف استغنى بالمثال عن أن يقيد الوصف بكونه اسم فاعل بمعنى الحال أو الاستقبال.

 وإن كان مجرورا بحرف فلا يحذف إلا إن دخل على الموصول حرف مثله: لفظا ومعنى، واتفق العامل فيهما مادة، نحو: " مررت بالذي مررت به، أو أنت مار به " فيجوز حذف الهاء، فتقول: " مررت بالذي مررت " قال الله تعالى: ( ويشرب مما تشربون ) أي: منه، وتقول: " مررت بالذي أنت مار " أي به، ومنه قوله:

35- وقد كنت تخفي حب سمراء حقبة *** فبح لان منها بالذي أنت بائح

أي: أنت بائح به.

فإن اختلف الحرفان لم يجز الحذف، نحو: " مررت بالذي غضبت عليه " فلا يجوز حذف " عليه " وكذلك " مررت بالذي مررت به على زيد " فلا يجوز حذف " به " منه، لاختلاف معنى الحرفين، لان الباء الداخلة على الموصول للالصاق، والداخلة على الضمير للسببية، وإن اختلف العاملان لم يجز الحذف أيضا، نحو: " مررت بالذي فرحت به " فلا يجوز حذف " به ".

 وهذا كله هو المشار إليه بقوله: " كذا الذي جر بما الموصول جر " أي كذلك يحذف الضمير الذي جر بمثل ما جر الموصول به، نحو: " مررت بالذي مررت فهو بر " أي: " بالذي مررت به " فاستغنى بالمثال عن ذكر بقية الشروط التسبق ذكرها.

 ***