المادة: العقائد 2
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon akeda 25.doc

المعاد من لوازم العدل:

إن كل ما في الوجود قائم على العدل والقسط بكلا المعنيين. العدل والقسط التكويني والعدل والقسط التشريعي.

فيما يتعلق بالعدل في التكوين نجد قوله تعالى في سورة الرحمان: (الشمس والقمر بحسبان)5 (والسماء رفعها ووضع الميزان) 7 هناك حساب دقيق ونظام كامل وعدل مطلق في خلق السموات والأرض والشمس والقمر و..

وفيما يتعلق بالعدل التشريعي نحن نؤمر:

(وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان) الرحمان:9.

إذن كل ما في عالم الخليقة إنما هو محسوب بدقة وقائم على أساس العدل كما أننا في حياتنا العملية يجب أن نلتزم بهذا القسط والعدل.

لهذا نجد قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (بالعدل قامت السماوات والأرض) وأما في الجانب التشريعي: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) الحديد 25.

النظام العام في المجتمع، الالتزام بالحقوق والواجبات يجب أن يكون بميزان دقيق وقائم على أساس العدل. بحيث يضمن لكل فرد من أفراد المجتمع حقوقه ويبين حدود كل فرد ومقدار تصرفاته، وان لا يعتدي على غيره في مجال التطبيق والاستفادة من حدياته.

لأن الإنسان بما أنه خلق حراً ومختاراً قد يحسن الاستفادة من الاختيار فيكون العدل وقد يسيء فيكون الظلم والجور.

(إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً) الإنسان: 3.

(وهديناه النجدين) البلد: 10.

إذن قد يسيء الفرد الاستفادة من الحرية والاختيار فيظلم ويعتدي ويجور على الآخرين ولكنه يعيش منعماً ومرفّهاً وفي سعة من العيش، وفي مقابله من أحسن الاستفادة من الحرية والاختيار فلم يظلم ولم يعتد على أحد في حياته، لكنه يعيش حياة ملؤها الشقاء والبؤس والتعاسة، فإذا كان الموت نهاية كل شيء إذن ما الفرق بين المحسن والمسيء، بما أن العدل حقيقة وأنه ضرورة ثابتة والعقل والشرع والآيات القرآنية كلها تدعم هذا المعنى، فإذن العدل يستلزم وجود المعاد.

هناك صلة دقيقة بين السعي والجزاء. بين العمل وبين الأثر المترتب عليه.

الآيات القرآنية التي تربط السعي بالجزاء:

1- (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) ص:28.

التميز بين الفريقين إنما يكون في الحياة الآخرة.

2- (إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزي كل نفس بما تسعى) سورة طه: 15.

3- (اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم أن الله سريع الحساب) غافر: 17.

4- (وله ما في السموات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين احسنوا بالحسنى) النجم: 31.

5- إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون) يونس: 44.

6- من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد) 41/46.

إذن لولا المعاد لكانت فكرة العدل فكرة لاغية ولا أساس لها ولم يكن هناك تطبيق لهذا العدل أبداً.

- الحركة التكاملية:

توجد حركة نحو الكمال في كل شيء. والحركة دائماً تحتاج إلى بداية ونهاية.

الكون كله من أصغر ذرة فيه إلى أكبر موجود فيه لم يخلق عبثاً ولا توجد عشوائية وإنما هناك حركة مستمرة منظمة نحو الكمال، الذرة والمجرات والسدم، الحيوانات والموجودات الحية وحتى الجمادات، النباتات على أنواعها كلها في حالة حركة دائبة باتجاه الكمال الذي يناسبها.

هذه الحركة الدائبة التي لا تنقطع لابد وأن تنتهي يوماً ما حينما تصل إلى المقصد النهائي.

هذه الحركة حركة اضطرارية، أي الحركة باتجاه الكمال ليست اختيارية وإنما هناك قانون يحكم هذه الحركة وهو قانون الجبر.

الجبر العلّي والمعلولي. والقرائن تدل على أن سنة الله تبارك وتعالى جرت في الخلق والكون. وإرادة الله ومشيئته تتمثل في هذا النظام الدقيق للترابط العلي والمعلولي. لكن حينما تنتهي هذه الحركة إلى الكمال المطلق، تزول وتنتهي: (كل من عليها فان ويبقى وجهه ربك ذو الجلال  والإكرام) الرحمن 26-27,

إذن كل شيء سوى الله مرتبط بالزوال، لأنه في هذه الحركة يستمر إلى أن ينتهي إلى المقصد الأسنى وهو الله تبارك وتعالى.

يقول الفيض الكاشاني في كتابه علم اليقين:

فللإنسان حركة طبيعية (في مقابل الاختيارية) ذاتية من لدن نشوءه ومبدئه إلى آخر بعثه ولقاءه ببارئه ومعاده. واليه الإشارة بقوله عز وجل: (يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه). الانشقاق:6.الكدح هو الجهد.

كدحاً: الجهد المستمر المتواصل الذي لا ينقطع.

فملاقيه: المقصد النهائي.

ثم يقول الفيض الكاشاني: والموت والبعث منزلان من منازل هذا الطريق لابد من المرور عليهما.

إذن الحركة ضرورية والموت ضرورة لقوله تعالى:

(أينما تكونوا يدرككم الموت) النساء: 78. (ثم إنكم يوم القيامة تبعثون) المؤمنون: 16.

ويكون المصير إلى الله: والآيات التي تشير إلى ذلك هي:

1- (والى الله المصير) فاطر: 18.

2- (إنا لله وإنا إليه راجعون) البقرة: 156.

3- (إنا إلى ربنا منقلبون) الأعراف: 125.

4- (واليه ترجعون) يونس: 56.

5- (إنهم إلى ربهم راجعون) المؤمنون: 60.

6- ( إلى ربك يومئذٍ المستقر (12) إلى ربك يومئذ المساق) (30) القيامة.

7- (إن إلى ربك الرجعى) العلق: 8.

8- (وإن إلى ربك المنتهى) النجم: 42.

9- (ارجعي إلى ربك راضية مرضية) الفجر: 28.

10- ( كل تلينا راجعون) الأنبياء: 93.

الحركة التكاملية إنما تستمر ولا تنقطع باتجاه الكمال المطلق. وفي هذه الحياة الدنيا نحن نشاهد الحركة ولكننا لا نشاهد الوصول والمقصد،ولا نشاهد اللقاء الإلهي الكمال يكون عند الوصول والرجوع إلى الباري تعالى.