طبائع الاستبداد عند معاوية ومناقب الرسالة عند الإمام علي

الصراع الذي دار رحاه بين الامام علي(عليه السلام) ومعاوية لا يختلف في الجوهر عن صراع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) مع أبي سفيان، فلو كان قدر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يكون في قباله أبو سفيان النموذج المناقض للنبوة. فإن قدر الامام علي (عليه السلام) أن يكون في قباله معاوية النموذج المناقض للامامة.

خرج أمير المؤمنين(عليه السلام) على أصحابه وهو راكب فمشوا خلفه فالتفت اليهم فقال: الكم حاجة؟ فقالوا: لا يا أمير المؤمنين، ولكنا نحب أن نمشي معك، فقال لهم: انصرفوا فإن مشي الماشي مع الراكب مفسدة للراكب ومذلة للماشي(1).

وعلي لا يصطنع هذا السلوك، فالتواضع هو طبعه، فمن كان هذا طعامه وهذه حياته لا يمكن أن يكون الا متواضعاً.

التواضع شيء جميل. لكن الأجمل هو أن يكون هذا التواضع من حاكم يحكم امبراطورية واسعة الأطراف.

موقف الإمام علي(عليه السلام) من الخوارج

عالج الإمام علي(عليه السلام) ظاهرة الخوارج على مرحلتين:

المرحلة الأولى عندما لم تتجاوز مشكلتهم نطاق المعارضة الفكرية والسياسية.

المرحلة الثانية عندما بدأ الخوارج يمارسون جريمة القتل وسلب الأمن والراحة من المسلمين عندها فكان لعلي(عليه السلام) موقفا آخر. لننطلق من البداية.. فقد لخص الإمام موقفه من الخوارج قائلا لهم:

ثانياً: السياسة الداخلية

هناك خيط ارتباط بين السياسة الادارية والسياسة الداخلية ونقاط افتراق بينهما، فالادارة هي تنظيم للمجتمع بينما السياسة الداخلية تأمين وضع أفضل للمجتمع في الأمن والاستقرار فالسياسة الادارية هي تقسيم المجتمع الاسلامي الى مراكز ووحدات بينما السياسة الداخلية تعنى بتوحيد هذا المجتمع وجعله مجتمعاً متقارباً متآخياً مساهماً في العمل الجاد.

وكان للإمام علي (عليه السلام) محاور في سياسته الداخلية ظل متمسكاً بها طيلة فترة حكمه هذه المحاور هي:

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على محمد وعلى بيته الطيبين الطاهرين..

تقدم الحديث في الدروس الماضية في التاريخ الإسلامي حول سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام) وما شهده الإمام من تحولات في عهده في فترة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي فترة الخلفاء الراشدين حديثنا بعد أن أكملنا الحديث حول الإمام علي سيأخذ بنا إلى الحلقة الثانية من تاريخ أهل البيت من التاريخ الإسلامي تاريخ الإمام الحسن وما وقع من حوادث وأحداث في عهده الذي اتسم بخصائص معينة سنذكرها إن شاء الله تباعاً.

نشأت الدولة الأموية على مراحل، فقد بدأت بولاية يزيد بن أبي سفيان على الشام وولاية معاوية بن أبي سفيان على الأردن، ثم ضُمت إليه الشام بعد وفاة يزيد وتوسعت سلطة معاوية في عهد عثمان وأصبحت تشمل حمص وفلسطين أيضاً.

ثالثاً: الحق الإلهي.

انتقلت نظرية الحق الإلهي إلى المسلمين عبر الفُرس بعد اختلاطهم بهم في أعقاب الفتح الإسلامي، "فقد كان الفُرس ينظرون إلى ملوكهم كأنهم كائنات إلهية اصطفاهم الله للحُكم بين الناس، وخصَّهم بالسيادة وأيدهم بروحٍ من عنده، فهم ظلّ الله في أرضه أقامهم على مصالح عباده، وليس للناس قبلهم حقوق، وللمك على الناس السمع والطاعة وهو معنى شبيه ما عُرف في أوروبا بنظرية الحق الإلهي Divineright التي سادت في القرنين السادس عشر والسابع عشر، وقد كان الأكاسرة يزعمون أنّ لهم الحق وحدهم أن يلبسوا تاج الملك بما يجري في عروقهم من دمٍ إلهي"(1).

ثانياً: التحالفات العسكرية.

ربط معاوية بن أبي سفيان نفسه بمجموعة من التحالفات مع القبائل العربية، فكان يدرك منذُ الوهلة الأولى أنّ بقاء سلطانه بحاجة إلى سندٍ قوي لأنه لم يُقم نظام حكمه على مبدأ الشورى، ولم يستمد وجوده من قاعدة إسلامية عريضة، فشرعيته عُرضة للتساؤل والاستنكار لذا اختار الطريق الذي يلتجئ إليه من لا يملك قاعدة شعبية وهو التحالف مع العشائر، فقد تحالف مع ثلاث قبائل عربية مشهورة هي: كلب، فهر، وجذام.

ثم يختم ابن أبي الحديد الكلام بقول شيخه: فالأحاديث الواردة في فضله لو لم تكُن في الشهرة والاستفاضة وكثرة النقل إلى غاية بعيدة، لانقطع نقلها للخوف والتقية من بني مروان مع طول المدة، وشدة العدوان؛ ولولا أنّ لله تعالى في هذا الرجل سراً يعلمه مَنْ يعلمه لم يُرْوَ في فضله حديث، ولا عُرِفَتْ له منقبة؛ ألا ترى أنّ رئيس قرية لو سخِطَ على واحدٍ من أهلها، ومنع الناسَ أن يذكروه بخير وصلاح لحمل ذكره، ونسي اسمه، وصار وهو موجود معدوماً، وهو حيٌّ ميتاً. هذه خلاصة ما ذكره شيخنا أبو جعفر رحمه الله تعالى(1).

Subscribe to التاريخ الإسلامي 2

Scientific activities and events