ومِن المخاطر التي واجهها معاوية، المعارضة الشعرية التي تمثلت بمجموعة الشعراء الذين رفضوا بيعة يزيد وأخذوا يعددون مفاسده ورذائله.

وقد نقل لنا ابن أعثم الكوفي (314هـ) الكثير من تلك المواقف الشعرية ضد بيعة يزيد، وكيف تعامل معاوية مع هؤلاء الشعراء المعارضين.

قال عقيبة الأسدي شاعر أهل البصرة في بيعة يزيد:

معـــاوي إننا بشــــرٌ فأسجـــع*****فــــــلسنا بالجبال ولا المديد

أكلتم أرضــنا فـــجردتموهــــا*****فهل من قائم أو من حصيد

أتطمع في الخلود إذا هلكــــنا*****وليس لنا ولا لك مِن خلود

الثاني عشر: استخدام الأقلية النصرانية في ضرب المسلمين.

وهو جزء من سياسة فرق تسد التي كان يمارسها النظام المستبد، والتي انتهجها معاوية بن أبي سفيان، وقد لاحظنا مما سبق هناك بعدٌ مسيحي للحكم الأموي فرضته ظروف البيئة التي كانت في السابق مسيحية، ولأنّ الحُكم الأموي لا يُفرق بين مسلم ومسيحي فقد مال نحو المسيحيين لأنهم يشكلون أقلية، والأقلية في أغلب الأوقات على استعداد لتنفيذ الأوامر، ولأنه يجد في المسيحيين اطمئناناً أكثر لأنهم لا يرون تناقضاً بين سياسته ودينهم على عكس المسلمين الذين يرون هذا التناقض، يقول اليعقوبي: "فقد استعمل معاوية ابن أثال النصراني على خراج حمص،

نتناول في هذا الفصل موضوعين هما؛ توقيت الثورة والعوامل التي ساهمت في قيام الإمام الحسين (عليه السلام) في عهد يزيد، ولم يُعلن ثورته في عهد معاوية بالإضافة إلى ذكر مبررات الثورة الحسينية.

والموضوع الآخر؛ هو الأسباب التي جعلت من العراق الموقع المناسب الذي اختاره الإمام (عليه السلام) مسرحاً لنهضته.

المبحث الأول: زمان الثورة

يقتضي الحديث في هذا الموضوع التطرّق إلى الحالة الإسلامية والاجتماعية في عهدي معاوية ويزيد حتى نستطيع أن ندرك خلفية التوقيت.

أولاً: زمن معاوية.

المبحث الثاني: مكان الثورة

لم يكن انتخاب المكان بأقل أهمية من انتخاب الزمان، إذ كان الإمام الحسين (عليه السلام) يتحرك بصورة دقيقة وهو يحمل بين كفيه تجارب الثورات التي سبقته، وأهم عامل في نجاح كل ثورة هو الاختيار المناسب للزمان والمكان، وقد عرفنا في المبحث السابق أنّ الوقت الذي ثار فيه الإمام الحسين (عليه السلام) كان هو الوقت المناسب، وقد برهن على ذلك صحة نتائج الثورة التي سنتناولها في الفصول القادمة إن شاء الله تعالى، واختيار المكان المناسب هو أيضاً من الأمور الحساسة في كل الثورات، وسنتطرق إلى الثورات التي فشلت عندما انطلقت في كل من المدينة المنورة ومكة المكرمة

شبهات:

هناك البعض أنحى باللائمة على الإمام الحسين (عليه السلام) كونه أحسن الظن بأهل الكوفة وأنه سارع بالرحيل إليهم بالرغم من تحذيرات ابن عباس وابن عمر وابن الحنفية وإصراره على رفض جميع نصائحهم.

وفيما يلي نأخذ بعض هذه الشبهات:

يقول ابن العربي: "ولكنهُ رضي الله عنه لم يقبل نصيحة أعلم أهل زمانه ابن عباس، وعدل عن رأي شيخ الصحابة ابن عمر، وطلب الابتداء في الإنتهاء(1).

مكونات كل ثورة هي؛ القائد وجماعته المنظمة والأمة والعلاقة بينهم، فبدون قائد لا يمكن لأية ثورة أن تنطلق حتى لو توفرت لها الظروف الموضوعية، وبدون الجماعة المنظمة لا يمكن لأي قائد أن يعلن ثورته حتى لو توفرت لها الأسباب المادية الأخرى، وبدون الأمة لا يمكن للثورة أن تستمر، فبدونها لا يعلن القائد ثورته لأنها ستتحول إلى انفجار في قلب الصحراء، فكل ثورة بحاجة إلى جماهير تمدّها بالدم الجديد، وتوّفر لها أسباب الديمومة والمواصلة.

المبحث الثاني: الأصحاب

وهم الثوار الذين ثاروا مع الإمام الحسين (عليه السلام)، وهم على قسمين بني هاشم وعامة الناس.

أولاً: بنو هاشم.

يبدو أن الغالبية العظمى من بني هاشم شاركوا الإمام الحسين (عليه السلام) في الثورة ولم يتخلف منهم إلاّ ا لقليل، واختلف الرواة في عددهم بين من عدهم (30) ومن  عدّهم أقل من ذلك ، وهم موزعون كالآتي:

1- عشرة من أولاد أمير المؤمنين (عليه السلام).

2- أربعة من أولاد الإمام الحسن (عليه السلام).

3- ثلاثة من أولاد عقيل بن أبي طالب.

رابعاً: العبادة.

يمتاز أصحاب الحق بالمعنويات العالية، ومصدر هذه المعنويات هو علاقتهم الوطيدة بربهم، فكلما قويت هذه العلاقة ازدادوا معنويةً وارتفعوا في مدارك الكمال الإنساني وقد مارس أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام) هذه العلاقة على أفضل صورة فضربوا أروع الأمثلة في العبادة والقُرب إلى الله سبحانه وتعالى.

الثاني عشر: الصدق مع النفس.

فالثوار أناس أسوياء لا يجد النفاق طريقاً إلى نفوسهم لأنهم صادقون معها، صريحون مع أنفسهم ومع ربهم، هكذا كان أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام)، فإنّ صفاء نفوسهم جعل من شخصياتهم شخصيات سوية قوية، والشخصية السوية تمتلك القرار في اللحظة الحاسمة، لأنها تمتلك الإرادة.

ومن أبرز صور الصدق مع النفس ما نقله المؤرخون عن الحر بن يزيد الرياحي الذي جعجع بالإمام الحسين في الطريق معتقداً أنّ غاية ابن زياد هو منع الإمام عن دخول الكوفة والضغط عليه لكي يستسلم، لكن تغيرت الصورة عندما وصل كربلاء فجاء إلى ابن سعد قائلاً:

Subscribe to التاريخ الإسلامي 2

Scientific activities and events