المادة: العقائد
الملف: Microsoft Office document icon 029.doc

الله قادر

قالوا عن القدرة أنها: كون الفاعل بحيث إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل، ولكن القرآن الكريم يعطينا صورة أجمل عن القدرة حيث يقول: (وما كان الله ليعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليماً قديراً)(1).

فمعنى قولنا: الله قادر، أنه لا يعجزه شيء.

والدليل على ذلك: إن الله هو الوجود اللامتناهي واللا محدود، ويستحيل أن يكون عاجزاً، لأن العجز بصورة عامة ينشأ من احدى ثلاث جهات:

1- قصور الفاعل.

2- قصور القابل.

3- وجود الموانع من تأثير إرادة الفاعل.

أما الأول فهو منفيّ لان الوجود الصرف كلّه كمال، ولا طريق للنقص إليه، فلا يمكن قصوره. وأما الثاني فإنه لا يقف مانعاً أمام إرادة الله بل يستطيع أن يعطى المحل قابلية أكثر، وأما الثالث فإنه يستطيع إزالة تلك الموانع.

ويمكن تقرير ذلك بصورة أخرى فنقول: إذا لم يكن الله قادراً على جميع الأشياء، فهل يتصور وجود آخر قادر على إيجاد ذلك الشيء؟

إن قلتم: لا توجد قدرة أخرى على إيجاده، فهذا يكشف عن كون الشيء في نفسه محالاً.

وإن قلتم: توجد قدرة أخرى، فهذا يقتضي وجود شيء اكمل من الله تعالى، وهذا غير صحيح، بعد أن عرفنا أنّه لا يشذّ عن واجب الوجود كمال وجودي مطلقاً.(2)

عموم القدرة

اختلفت أقوال بعض المتكلمين في متعلّق قدرة الله تعالى، ومنشأ هذه الاختلافات شبهات طرأت على أذهانهم. ولذلك فإنا نذكر تلك الأقوال ونردفها ببيان مواطن الخطأ فيها.

1- قال الفلاسفة: إن الله تعالى قادر على شيء واحد، لأن الواحد لا يتعدد أثره.

وفيه: إن غاية ما يقتضيه الدليل هو السنخية لا الوحدة العددية.

2- وقالت الثنوية: إن الله لا يقدر على البشر، لأنه خير محض.

والجواب: إن الخير والشر ليسا ذاتيين للشيء، بل مفهوم الشر يتحقق عند قياسه بما هو خير. فهو أمر قياسي ومفهوم عدمي في قبال أمر وجودي.

3- وقال النظام (وهو من المعتزلة): إنه لا يقدر على القبيح.

وفيه: إن إيجاد القبيح في الخارج مستلزم للجهل والنقص، فلا ينافي إمكانه الذاتي.

ــــــــــ

الهامش

 (1)- سورة فاطر، الآية 43.

 (2)- ناصر مكارم: خدا را چگونه بشناسيم؟ ص90-91.