أستاذ المادة: محمد عبد الرحمن يونس
المادة: النحو 2
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon 05.doc

بسم الله الرحمن الرحيم

ومعرب الاسماء ما قد سلما *** من شبه الحرف كأرض وسما

يريد أن المعرب خلاف المبني، وقد تقدم أن المبني ما أشبه الحرف، فالمعرب ما لم يشبه الحرف، وينقسم إلى صحيح - وهو: ما ليس آخره حرف علة كأرض، وإلى معتل - وهو: ما آخره حرف علة كسما - وسما: لغة في الاسم، وفيه ست لغات: اسم بضم الهمزة وكسرها، وسم بضم السين وكسرها، وسما - بضم السين وكسرها أيضا.

وينقسم المعرب أيضا إلى متمكن أمكن - وهو المنصرف - كزيد وعمرو، وإلى متمكن غير أمكن - وهو غير المنصرف - نحو: أحمد ومساجد ومصابيح، فغير المتمكن هو المبني، والمتمكن: هو المعرب، وهو قسمان: متمكن امكن، ومتمكن غير أمكن.

***

وفعل أمر ومضي بنيا *** وأعربوا مضارعا: إن عريا

ومن نون إناث مباشر، ومن *** نون إناث: كيرُ عن من فنن

لما فرغ من بيان المعرب والمبني من الاسماء شرع في بيان المعرب والمبني من الافعال، ومذهب البصريين أن الاعراب أصل في الاسماء، فرع في الافعال، فالاصل في الفعل البناء عندهم، وذهب الكوفيون إلى أن الاعراب أصل في الاسماء وفي الافعال، والاول هو الصحيح، ونقل ضياء الدين بن العلج في البسيط أن بعض النحويين ذهب إلى أن الاعراب أصل في الافعال، فرع في الاسماء.

والمبني من الافعال ضربان:

(أحدهما) ما اتفق على بنائه، وهو الماضي، وهو مبني على الفتح نحو " ضرب وانطلق " ما لم يتصل به واو جمع فيضم، أو ضمير رفع متحرك فيسكن.

( والثاني ) ما اختلف في بنائه والراجح أنه مبني، وهو فعل الامر نحو " اضرب " وهو مبني عند البصريين، ومعرب عند الكوفيين.

والمعرب من الافعال هو المضارع، ولا يعرب إلا إذا لم تتصل به نون التوكيد أو نون الاناث، فمثال نون التوكيد المباشرة " هل تضربن " والفعل معها مبني على الفتح، ولا فرق في ذلك بين الخفيفة والثقيلة فإن لم تتصل به لم يبن، وذلك كما إذا فصل بينه وبينها ألف اثنين نحو " هل تضربان "، وأصله، هل تضربانن، فاجتمعت ثلاث نونات، فحذفت الاولى - وهي نون الرفع - كراهة توالي الامثال، فصار " هل تضربان ".

وكذلك يعرب الفعل المضارع إذا فصل بينه وبين نون التوكيد واو جمع أو ياء مخاطبة، نحو " هل تضربن يا زيدون " و " هل تضربن يا هند " وأصل " تضربن " تضربونن، فحذفت النون الاولى لتوالي الامثال، كما سبق، فصار تضربون، فحذفت الواو لالتقاء الساكنين فصار تضربن، وكذلك " تضربن " أصله تضربينن، ففعل به ما فعل بتضربونن.

وهذا هو المراد بقوله: " وأعربوا مضارعا إن عريا من نون توكيد مباشر " فشرط في إعرابه أن يعرى من ذلك، ومفهومه أنه إذا لم يعر منه يكون مبنيا.

فعلم أن مذهبه أن الفعل المضارع لا يبنى إلا إذا باشرته نون التوكيد، نحو " هل تضربن يا زيد " فإن لم تباشره أعرب، وهذا هو مذهب الجمهور.

وذهب الاخفش إلى أنه مبني مع نون التوكيد، سواء اتصلت به نون التوكيد أو لم تتصل، ونقل عن بعضهم أنه معرب وإن اتصلت به نون التوكيد.

ومثال ما اتصلت به نون الاناث " الهندات يضربن " والفعل معها مبني على السكون، ونقل المصنف - رحمه الله تعالى! - في بعض كتبه أنه لا خلاف في بناء الفعل المضارع مع نون الاناث، وليس كذلك، بل الخلاف موجود، وممن نقله الاستاذ أبو الحسن بن عصفور في شرح الايضاح.

* * *

وكل حرف مستحق للبنا *** والاصل في المبني أن يسكنا

ومنه ذو فتح، وذو كسر، وضم *** كأين أمس حيث، والساكن كم

الحروف كلها مبنية، إذ لا يعتورها ما تفتقر في دلالتها عليه إلى إعراب، نحو " أخذت من الدراهم " فالتيعيض مستفاد من لفظ " من " بدون الاعراب.

والاصل في البناء أن يكون على السكون، لانه أخف من الحركة، ولا يحرك المبني إلا لسبب كالتخلص من التقاء الساكنين، وقد تكون الحركة فتحة، كأين وقام وإن، وقد تكون كسرة، كأمس وجير، وقد تكون ضمة، كحيث، وهو اسم، و " منذ " وهو حرف [ إذا جررت به ]، وأما السكون فنحو " كم، واضرب، وأجل ".

وعلم مما مثلنا به أن البناء على الكسر والضم لا يكون في الفعل، بل في الاسم والحرف، وأن البناء على الفتح أو السكون: يكون في الاسم، والفعل، والحرف.

* * *