أستاذ المادة: محمد عبد الرحمن يونس
المادة: النحو 2
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon 04.doc

المعرب والمبني

والاسم منه معرب ومبني *** لشبه من الحروف مدني

يشير إلى أن الاسم ينقسم إلى قسمين: أحدهما المعرب، وهو: ما سلم من شبه الحروف، والثاني المبني، وهو: ما أشبه الحروف، وهو المعني بقوله: " لشبه من الحروف مدني " أي: لشبه مقرب من الحروف، فعلة البناء منحصرة عند المصنف - رحمه الله تعالى! - في شبه الحرف، ثم نوع المصنف وجوه الشبه في البيتين اللذين بعد هذا البيت، وهذا قريب من مذهب أبي علي الفارسي حيث جعل البناء منحصرا في شبه الحرف أو ما تضمن معناه، وقد نص سيبويه - رحمه الله! - على أن علة البناء كلها ترجع إلى شبه الحرف، وممن ذكره ابن أبي الربيع

كالشبه الوضعي في اسمى جئتنا *** والمعنوي في متى وفي هنا

وكنيابة عن الفعل بلا *** تأثر، وكافتقار أصلا

ذكر في هذين البيتين وجوه شبه الاسم بالحرف في أربعة مواضع:

( فالاول ) شبهه له في الوضع، كأن يكون الاسم موضوعا على حرف واحد، كالتاء في ضربت، أو على حرفين ك" نا " في " أكرمنا "، وإذلك أشار بقوله: " في أسمى جئتنا " فالتاء في جئتنا اسم، لانه فاعل، وهو مبني، لانه أشبه الحرف في الوضع في كونه على حرف واحد، وكذلك " نا " اسم، لانها مفعول، وهو مبني، لشبهه بالحرف في الوضع في كونه على حرفين.

( والثاني ) شبه الاسم له في المعنى، وهو قسمان: أحدهما ما أشبه حرفا موجودا، والثاني ما أشبه حرفا غير موجود، فمثال الاول " متى " فإنها مبنية لشبههاالحرف، في المعنى، فإنها تستعمل للاستفهام، نحو " متى تقوم؟ " وللشرط، نحو " متى تقم أقم " وفي الحالتين هي مشبهة لحرف موجود، لانها في الاستفهام كالهمزة، وفي الشرط كإن، ومثال الثاني " هنا " فإنها مبنية لشبهها حرفا كان ينبغي أن يوضع فلم يوضع، وذلك لان الاشارة معنى من المعاني، فحقها أن يوضع لها حرف يدل عليها، كما وضعوا للنفي " ما " وللنهي " لا " وللتمني " ليت " وللترجي " لعل " ونحو ذلك، فبنيت أسماء الاشارة لشبهها في المعنى حرفا مقدرا.

( والثالث ) شبهه له في النيابة عن الفعل وعدم التأثر بالعامل، وذلك كأسماء الافعال، نحو " دراك زيدا " فدراك: مبني، لشبهه بالحرف في كونه يعمل ولا يعمل فيه غيره كما أن الحرف كذلك.

واحترز بقوله: " بلا تأثر " عما ناب عن الفعل وهو متأثر بالعامل، نحو " ضربا زيدا " فإنه نائب مناب " أضرب " وليس بمبني، لتأثره بالعامل، فإنه منصوب بالفعل المحذوف، بخلاف " دراك " فإنه وإن كان نائبا عن " أدرك " فليس متأثرا بالعامل. وحاصل ما ذكره المصنف أن المصدر الموضوع موضع الفعل وأسماء الافعال اشتركا في النيابة مناب الفعل، لكن المصدر متأثر بالعامل، فأعرب لعدم مشابهته الحرف، وأسماء الافعال غير متأثرة بالعامل، فبنيت لمشابهتها الحرف في أنها نائبة عن الفعل وغير متأثرة به. وهذا الذي ذكره المصنف مبني على أن أسماء الافعال لامحل لها من الاعراب والمسألة خلافية، وسنذكر ذلك في باب أسماء الافعال.

(والرابع) شبه الحرف في الافتقار اللازم، وإليه أشار بقوله: " وكافتقار أصلا " وذلك كالاسماء الموصولة، نحو " الذي " فإنها مفتقرة في سائر أحوالها إلى الصلة، فأشبهت الحرف في ملازمة الافتقار، فبنيت. وحاصل البيتين أن البناء يكون في ستة أبواب: المضمرات، وأسماء الشرط، وأسماء الاستفهام، وأسماء الاشارة، وأسماء الافعال، والاسماء الموصولة.

* * *