المادة: العقائد
الملف: Microsoft Office document icon 025.doc

الله عالم

وهذا مبحث مهم من مباحث علم الكلام. وقد وقع خلاف كثير في كيفية تعلّق علمه تعالى بالأشياء. وقبل أن ندخل إلى صلب الموضوع لابدّ من تقديم مقدمة.

 العلم الحضوري والعلم الحصولي

لقد شاع على الألسنة تقسيم العلم إلى تصور وتصديق، تبعاً لعلماء المنطق، وعلى هذا الاساس فإن الذي ينعكس في الأذهان عن العلم هو ارتسام صورة الشيء في الذهن، في حين أن مثل ذلك لا يمكن أن يصدق على الله تعالى.

فمن الضروري في هذا المقام التمييز بين نوعين من العلم: الحضوري والحصولي. وتتلخص أوجه الفرق فيما يأتي(1):

1- إن العلم الحصولي هو حضور صورة المعلوم لدى العالم.

أما العلم الحضوري فهو حضور نفس المعلوم لدى العالم. ومثاله: علم النفس بذاتها وبصفاتها القائمة بذاتها وبأفعالها. وهذا شأن كل مجرّد عن المادة، فإن له علماً بذاته وهو حضور ذاته عند ذاته، وهو علمه بذاته.

وكذلك علم الله تعالى بنفسه ومخلوقاته، فإنه حضوري، بمعنى أن المخلوقات حاضرة لخالقها بنفس وجودها.

2- المعلوم بالعلم الحصولي وجوده العلمي غير وجوده العيني.

أما المعلوم بالعلم الحضوري فوجوده العلمي عين وجوده العيني.

3- العلم الحصولي هو الذي ينقسم إلى تصور وتصديق.

أما العلم الحضوري فهو لا ينقسم إلى التصور والتصديق.

ثم أن العلم الحضوري على ثلاثة أقسام:-

1- علم الشيء بذاته.

2- علمه بمعلوله.

3- علم الفاني بالمفنّى فيه.

ويقول الحكيم السبزواري (والذين لم يذكروا القسم الثالث، أدرجوه في القسم الأول، ولكن الحق ما ذكر)(2).

ــــــــــــ

الهامش

 (1)- أجاد أستاذنا المرحوم الشيخ محمد رضا المظفر في شرح قسمي العلم في (المنطق)، ج1، ص12، الطبعة الثانية.

 (2)- أسرار الحكم، ص61.