المادة: العقائد
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon 017.doc

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين .

حديثنا عن التوحيد وقد ذكرنا في المحاضرة السابقة بعض ما يتعلق ببرهان التمانع وذكرنا بعض ما يتعلق بهذا البرهان في تحليل آية قرآنية كريمة لعلها كانت هي المنطلق لصناعة وصياغة هذا البرهان وهي قوله تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا )وتعرضنا إلى معاني الفساد وانتهينا إلى أن الفساد نوعان نوع يكون في الأرض وهو من صنع البشر نتيجة لتداخل الرغبات والأهواء ونتيجة لسيطرة أصحاب السلطة وتوجيههم المجتمع حسب ما يشتهون وهذا قبيح من الناحية الأخلاقية قبيح من ناحية الحكمة النظرية والعملية ولكن ليس هذا هو المهم في بحثنا وإنما الفساد الأهم هو اختلال النظام وتفتته و تشتته وزوال الانسجام بين أجزاء هذا العالم والذي نشاهد عكسه بالضبط مسيطراً وحاكماً.

نتطرق اليوم إلى آية أخرى توضح حقيقة كبرى هذه الآية تقول ما كان معه من إله يعني لا يوجد مع الله إله آخر ما كان معه من إله تقرير لحقيقة ثابتة مفهومة من قبل الكل ولكن حين يريد أن يعكس الفرضية لو كان معه  يعني لو كان كما يقول المشركون لو كان هناك آلهة أخرى غير الله تبارك وتعالى إذن يعني إذ لو كان معه إله أولا يقول ماكان معه من إله إذا إذ لو كان معه إله لذهب كل إله بما خلق لاحظوا التركيز على هاتين الكلمتين كل إله وخلق والنتيجة الأخرى ولعلى بعضهم على بعضهم لاحظوا الأسلوب القرآني في بيان هذه الحقيقة الكبرى ما كان معه من إله لأن الأساس الذي بنينا عليه هو وحدانية الله تبار ك وتعالى وحدانية الألوهية والربوبية يعني أن الخالق واحد وهذا ما يذكره الجميع وأن الرب والمدبر واحد وليس كما يزعم أصحاب المذاهب الوثنية بوجود إله لكل نموذج من نماذج الكون وهذا ما نزيده إيضاح بعد إن شاء الله ما كان معه  إله إذن لذهب كل إله بما خلق يعني من الواضح أنه لو كان هناك آلهة متعددون وكل مجموعة من المخلوقات تنتسب إلى إله معين لكان هناك انتساب وانتماء وامتياز للإله الخاص والمدبر المقصود.

فهذا التعدد كان يؤدي إلى اختلال النظام كان يؤدي إلى تجاوز حدود الصلاحيات والاختيارات كان يؤدي إلى المحدودية من جهة وهذا ما بيناه أو أن تتداخل الإرادتان وينشأ من ذلك إما التزاحم والتخالف في الإرادة أو اختلال النظام بشكل عشوائي غريب وعلى كلا الاحتمالين كلا الأمرين نجد أن التأمل والنظرة الدقيقة والفكر الصحيح كل هذا يقود إلى أنه لا يوجد لله تبارك وتعالى ند وشريك نحاول أن نزيد هذا الموضوع إيضاحاً فنقول : إن تساوي مبدأين وتعلق إرادتين مستقلتين بمعلوم واحد هو القاعدة الأساسية لبرهان التوارد التوارد غير التمانع في برهان التمانع الاختلاف بين ذاتين ويحصل من ذلك نتيجة اختلاف بين إرادتين اذا كان الاختلاف بين ارادتين فتتعلق إحدى الإرادتين بالإيجاب والأخرى بالسلب تتعلق إحدى الإرادتين بالوجود أو الإيجاد والأخرى بالعدم تتعلق إحدى الإرادتين بأن يعطي والأخرى بأن لا يعطي وهكذا فإذاً نجد أن في برهان التمانع اختلاف بين الذاتين والنتيجة اختلاف بين الإرادتين وتعلقهما بأمرين متضادين في حين أن الامتناع والاستحالة والتالي الفاتن في اصطلاح المنطقيين في برهان التوارد هو توجه إرادتين مستقلتين إلى معلول واحد وهذا ما يقولون يستحيل اجتماع علتين تامتين على معلول واحد فإذا النواة الأساسية النواة المركزية للاستحالة في برهان التمانع الاجتماع بين مرادين بينما هنا اجتماع إرادتين فإذاً إذا سألنا أحد ما هو الفرق بين برهان التمانع وبرهان التوارد نقول في برهان التمانع نصل إلى أنه لا يمكن أن يجتمع مرادان بينما الإرادة في برهان التوارث نقول إرادتان مستقلتان لا يمكن أن تتعلقا بمعلول واحد ومراد واحد هناك أبحاث أكثر عمقاً ودقة من هذا الموضوع لا نريد أن نتدخل فيها الآن وإنما نحاول أن نستخدم أبسط الأدلة ونستعين بها لإثبات ما نريد لاحظوا هشام ابن الحكم يأتي إلى الامام الصادق صلوات الله وسلامه عليه فيسأله هذا حوار موجز دقيق هشام يسأل  الامام الصادق ما الدليل على أن الله واحد؟ بكلمة موجزة الإمام الصادق (عليه السلام) يوجز له الجواب فيقول اتصال التدبير وتمام الصنع، اتصال التدبير من جهة وتمام الصنع من جهة أخرى ربما تعود الجملتان لمعنى واحد ويعودان إلى نتيجة واحدة ولكن دعونا نفصل في هاتين الجملتين وهذا الجواب الموجز الحكيم.

من الأمور الواضحة جداً أنك حين تشاهد (5) أنواع من شيء واحد وتجد بينها اختلاف بعبارة أخرى تذهب الى مكان فتجد (5) لوحات زيتية مرسومة بواسطة رسامين طبعا أنت لا تعرف أن الرسامين متعددين في بادئ الأمر لكن خمس لوحات يضعونها أمامك وأنت ممن مارس الفن وعرف فن الرسم والأصول المختلفة المتبعة لدى الرسامين لهذه المدرسة تشاهد دقة وإبداع في لوحة وتشاهد في لوحة أخرى أقل إبداع وأقل دقة في لوحة ثالثة تجد محاولة للتعلم في لوحة وتشاهد في لوحة أخرى اقل إبداع وأقل دقة  في لوحة رابعة تعرف ذلك بأنها استنساخ وكأنه اقتباس من صورة سابقة يعني لوحة رسمها فنان وهذا حاول أن يقتبسها وتستطيع أن تعرف الفرق بين الذي وضع اللوحة أمامه فرسمها ذرة بذرة وجزءً بجزء وبين من أخذ فكرة عنها ورسمها بنفسه إذن أنت بمجرد ممارستك لأنواع مختلفة من الرسم إذا وضعت أمامك خمس لوحات تستطيع أن تعرف أن الذي رسم اللوحة الأولى غير الذي رسم اللوحة الثانية وهكذا اللوحة الثالثة والرابعة والخامسة تكتشف اختلاف المؤثر من اختلاف الآثار إذا كنت من هواة الشعر ومن أصحاب الرأي في النقل الأدبي والعلمي إذا جاءوا ببيتين دخيلين لشاعر وأدخلوهما في قصيدة لشاعر آخر لنفترض أبو تمام جاءوا ببيتين لنفترض زهير بن أبي سلمى أو بالعكس جاءوا ببيتين للبحتري وأدخلوهما في قصيدة أمرؤ القيس إذا كنت من أصحاب الذوق الأدبي الرفيع وإذا كنت مطلعاً على نماذج الأدب في العصور المختلفة في العصر الجاهلي في العصر الذي يسمى بعصر الإسلام ثم العصر الأموي ثم العصر العباسي الأول والعصر العباسي الثاني لأن النقاد يميزون تماماً بين الشعراء في العصر العباسي الأول والعصر العباسي الثاني ويقسمون وهم على حق في أن الفترة الأولى تختلف عن الفترة الثانية هناك اختلاف في الأغراض وفي الأساليب وفي بعض التشبيهات والاستعارات وحتى بالنسبة إلى جزالة الألفاظ ودقتها هناك ألفاظ مولدة دخيلة هناك ألفاظ عربية فصيحة فنجد من هذا كله قابل لأن يفهم ويستنبط من قبل الشاعر المرهف أوالناقد الأدبي الممتاز فإذا يستطيع بكل وضوح أن يقول بأن هذين البيتين ليسا للبحتري أو حين يناقش وبدقة عصر الشريف الرضي وشعره يستطيع بكل دقة أن يقول بأن هذين البيتين في القصيدة الفلانية لا ينسجمان مع فكر الشريف الرضي مع أسلوب الشريف الرضي مع كيفية  أدائه للمعاني وإذا ثبت أن هذين البيتين له فلابد أن يكون في حالة لم يكن متجهاً للشعر مثلاً فإذاً تستطيع أن تستكشف من اختلاف الآثار اختلاف المؤثرين، الخطوط تأتي عشرة رسائل لشخص واحد تعرف أن الخط واحد لكن أحياناً ينسبون رسالة إلى شخص وأنت عندك ثلاث أو أربع رسائل موجودة سابقاً يقولون هذه رسالة من فلان كتبها في المناسبة الفلانية ولكنك تعرف الخط فتقول هذا يختلف فإذا  رأيت انسجام وتوافق وشيء من الاطراد والاستواء فإنك تكتشف ماذا؟ اتصال التدبير يعني النظام والتدبير متصل منسجم أما إذا رأيت اختلاف بين المستويات فإن اتصال التدبير منعدم إذاً لما يسأل هشام فيجيب الإمام الصادق (عليه السلام) باتصال التدبير يعني باستواء النظام يعني كونه من نسق واحد يعني أن كلما نشاهده في هذا الكون متعاون يكمل بعضه بعضاً وكله يحكي عن دقة وإتقان وإبداع بحيث نقول كل هذا من أثر حكيم واحد وخالق قدير واحد أما القسم الثاني من الجواب وهو( وتمام الصنع) ، تمام الصنع إشارة إلى عدم اختلال النظام لأن لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا وحيث أن هذا العالم وهذه السماوات والأرضين لم تفسد فإذاً الصنع تام إذاً تمام الصنع هو ضد الفساد وتمام الصنع هو كناية عن النظام الكامل الأكمل وبعبارة أخرى إنما هو ضد الفساد بمعنى الذي حكيناه إذاً حين يكون الفساد دليل على تعدد الآلهة يكون ضده وهو تمام الصنع وهو استواء النظام كاشفاً عن اتحاد الاله وعدم التعدد إذاً بهاتين الرؤيتين اللتين ندعم بهما ما رأيناه في المحاضرة السابقة نصل إلى نتيجة تقول بأنه لا يوجد مجال في هذا النظام الكوني العام لقدرة ثانية في مقابل القدرة الإلهية وبعبارة أخرى لا نجد في الصنع ما يدل على تعدد الصانع ربما يكون في الذهن هذا السؤال وهو أنه قد يتفق الإلهان على الفصل، الحكيمان العالمان القادران على شيء واحد وبعبارة أخرى يمكن أن يكون مديران ومدبران ورئيسان وقادران و قائدان يمكن أن يكونا حكيمين حكمتهما تقتضي تطابق آرائهما في كل شيء فإذاً حين يتفقان على شيء واحد مثلاً ملكان معصومان منزهان عن الخطأ إنسانان معصومان مصونان من الزلل لا شك ولا ريب أنهما سيتفقان على الرأي ، سيلتقيان في النظرة ، إذا لا مجال لتعدد الإرادتين لا مجال لاختلاف الأنظار إذا لم يكن مجال لاختلاف الأنظار فإذا ليس من الضروري أن يكون اتحاد النظر دائماً كاشف عن اتحاد الإرادة واتحاد الذات هذه شبهة يمكن أن تثور ولا بد من أن نجيب عليها الفرق الأساسي بين الخالق للعالم الذي هو حكيم بالذات وبين الملك المعصوم أو الإنسان المعصوم أن الله تبارك وتعالى حكيم بالذات والإنسان المعصوم حكيم  بالعرب الملك المعصوم حكيم بالعرب الله تبارك وتعالى هو منشأ الحق والحق يصدر منه بينما الإنسان المعصوم مع الحق يسير كتفاً بكتف مع الحق ينقل أقدامه مع الحق يسير مع الحق ويدور مع الحق لاحظوا الدقة في التعبير والمقارنة بين الحكيم في الذات الذي لا يبلغ منه إلا الحق وبين الحكيم بالعرب الذي يساير الحق ويكون عمله مطابقا للحق تعبيران قرآنيان واقترانها بحديث متواتر عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) يكفي هذا كله لإيضاح القضية لاحظوا (الحق من ربك) ركزوا على هذه النقطة لننتقل بعد إذاً الى (على مع الحق )الحق من ربك يعني كل ما يمكن أن يكون حق وهو من الرب (عز اسمه) وفي آية أخرى ((ويوم يقول له كن فيكون فيكون قوله الحق)) إذاً الحق من ربك وقوله الحق طبعاً قول الله هو أعلى شيء فإذاً الله تبارك وتعالى لا يقول ولا يفعل إلا الحق وكل حق فهو من الرب فإذاً الحق من الرب وقول الحق وقول الرب هو الحق وفعله هو الحق لا يصدر من الله تبارك وتعالى إلا الحق لأنه هو الحق( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) فإذاً إطلاق القرآن الكريم الحق على الله تبارك وتعالى لأنه هو الحق بالذات هو الحكيم بالذات بينما نجد في هذا الحديث المتواتر الذي نجد مصادره في جميع كتب السيرة عن رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم) (علي مع الحق يدور معه حيثما دار) يعني علي لا يفترق عن الحق علي يمشي مع الحق يواكب الحق يلازم الحق ولكن كم فرق بين أن تكون الذات مساويةً للحق يعني الله تبارك وتعالى حق للذات بينما يكون الإنسان المعصوم يكون الإمام علي بن أبي طالب ( سلام الله عليه ) مصاحباً للحق ملازماً للحق مواكباً للحق إذاً نستنتج من ذلك أنك تستطيع أن تتصور وجود قائدين معصومين وجود إنسانين كاملين تتطابق أنظارهما من جميع الجهات فلا يريان إلا الحكمة لا يريان إلا الصلاح تتطابق آرائهما فلا يكون هناك مجال لاختلاف النظر ولكن فيما يتعلق بـ الخالق عز وجل الحكيم لأنه هو الحق لأنه هو الحكمة لأنه هو الحكيم بالذات لا مجال لأن تتصور تطابق إرادتين لأنه حينئذٍ  لا يمكن أن يكون تعدد لأن التعدد يعود إلى الوحدة بلا شكل وبلا صعيد دعونا نرجع قليلاً إلى التعبير القرآني الذي ذكرناه في المحاضرة السابقة الله تبارك وتعالى يطالب المشركين بأن يأخذوا البرهان (قل هاتوا البرهان) فمبدأ السببية الذي تعود إليه أكبر صيغ الأدلة التي أقيمت على وجود الخالق هو من المدركات الأولية الفطرية لاحظوا مبدأ السببية من المدركات الأولية الفطرية ما معنى ذلك يعني كل واحد يشعر بمبدأ السببية ويعترف به ويذعن له من تلقاء نفسه  دون حاجة إلى موجه فهو اذا من المدركات الفطرية الأولية مبدأ السببية يقودنا إلى مصدر أزلي وراء هذا العالم لنثبت أن لهذا العالم سبب أوجده وأنه أزلي كل ما في هذا العالم من كائنات هو مستند إلى ذلك المصدر الأزلي أما أن هذا المصدر متعدد وهو عاجز عن إثباته فإذاً المصدر الأزلي يثبت بمبدأ السببية  أما أن هذا المصدر متعدد فإنه لا يثبت بمبدأ السببية إذاً تعبير آخر يدعم قوله تعالى ((قل هاتوا برهانكم)) وأما الاستنتاج العقلي بوجود الخالق إلى أكثر من آلهة بتفسير حدوث الظاهرات الكونية المختلفة المتعددة وإسناد كل واحدة منها إلى مصدرٍ خالق فهو لاحظوا بدقة فهو يعني افتراض العجز وعدم القدرة في الإله ولو كان متعدد لأنه لا يستطيع أن يوجد كل شيء أنت حين تستعرض آلهة الرومان تقول إله البحر معنى ذلك أن كل ما في البحار كل ما يتعلق بالبحر إنما هو من صنع هذا الإله لماذا كان إله البحر؟ لأن في قباله مثلاً آلهة الشمس إذا إله البحر غير قادر على أن يصنع الشمس وبعبارة أخرى يد قدرته تسيطر على البحار فقط ولكنها لا تنال الشمس فإذاً عاجزاً عن التفرد بالشمس إذاً قدرته محدودة وأي إله هذا الذي يكون عاجزاً تكون قدرته محدودة إذاً من الواضح أنك حين تفترض إله للبحر وإله للشمس وإله للجبال وإله للحب وإله للنباتات و المزارع مثلاً إله للحرب إله للسلم معنى ذلك أن كل إله من هذه الآلهة يختص بعمل معين ويعجز عن الأعمال الأخرى إذا كان يعجز عن الأعمال الأخرى هذا الإله قدرته محدودة وليس العجز من صفات الإله يعني أيضاً أنه لا بد أن يكون لكل ظاهرة خالق مستقل يختلف عن سواه وهذا يلزم منه تعدد الآلهة إلى ما لا يحصى لأن الظواهر الكونية متعددة فإذاً لماذا تحصرها في خمسة أنواع أو عشرة أنواع لماذا لا تجعل لكل مخلوق خالق فحين إذاً هناك عشرات الملايين الملايين من الآلهة وهذا ما يرفضه حتى المشركون  لأنهم يحاولون أن يحصروا الآلهة في عدد قد يكون خمسة قد يكون عشرة وقد يكون أكثر أو أقل ولكنهم يرفضون بتاتاً أن يكون هناك آلهة إلى ما لا نهاية لها من العدد ومعنى ذلك أنهم يعجزون يعني المشركون يعجزون عن بيان تفسير صحيح وتوجيه عقلاني مقبول لإسناد هذه الظاهرات الكونية كلها إلى آلهة متعددة إذاً مبدأ السببية يرفض هذا التعدد يعني لا يستطيع بمبدأ السببية أن يثبته الاستنتاج العقلي أيضاً ينكره فإذاً يؤدي إلى العجز أو يؤدي إلى أن تكون الآلهة بعدد لا يحصى معنى ذلك من أي طريق يسلك المشرك أو تسلك الذهنية التي تريد أن تتخلف عن الاتجاه التوحيدي فإنها تصاب بمانع عقلي يسد الطريق عليها وحين إذاً تعود لتؤيد هذه الحقيقة القرآنية التي تقول ((قل هاتوا برهانكم)) أو (ومن يدعوا مع الله إلهاً آخر ) لا برهان له فإذاً حينما كتابه يقتضي أن تكون القاعدة الأولى اللبنة الأولى في بناء الفكر والتوجه إلى المبدأ المتعال والتوحيد ونفي الشريك وعدم الاتجاه إلى غيره نحاول أن نعطي صورة أخرى لهذا البيان فنقول لاحظوا إذا قارنتم الخالق عز اسمه بما سواه الخالق هو الكمال المطلق هو المبدأ الأول للإيجاد هو الذي صنع هذا الكون وقد انتهينا من هذا في بحثنا السابق نقول ما سواه إذا اشترطت أن يكون له ند وأن يكون له شيء ليس في حدوده وفي حدود اختياره وتحت سيطرته فكل ما سواه كل ما يخرج عن ذاته يخرج عن ذات الخالق إما أن يكون عدماً محضاً أو يكون من صنعه كل ما تريد أن تتصوره وبعبارة أخرى لنا ثلاث مواضع نتنقل بينها ثلاث مواضع بكل موضع توجهنا والى كل نقطة ركزنا انتباهنا فإننا نعود مرة أخرى إلى النقطة الأساسية إما أن نركز نظرتنا وانتباهنا إلى الخالق عز اسمه وإذا أردنا أن ننسلخ عنه قليلاً وننتقل إلى ما سواه ما سواه إما عدم محض لأنه هو الوجود المحض الذي ملأ الكون كله وبعبارة أخرى لا موجود كامل سواه إنما يستمد كل موجود وجوده من الوجود الكامل المطلق اللا محدود من ذاته المتعالية من عطائه ومن فيضه فإذاً معنى ذلك أنه إلى أي مكان وجهت انتباهك وصرفت نظرك وانتقلت الى أثر من أثر الله تبارك وتعالى وصنع من آثاره أو إذا لم يكن صنعاً من آثاره إذا لم يكن أثر القدر الإلهية بادياً فيه فإن ذلك هو عدم محض إما أن تتوجه إلى الله تبار ك وتعالى أو تتوجه إلى صنعه و إذا كان توجهك إلى نقطة ثالثة ليس هو الله وليس صنعه فأنه عدم محض لأن هذا الكون كله خلقه الخالق طبعاً هناك نقطة بسيطة نوضحها في المحاضرة القادمة إنه إذا فرضنا أن هذا العالم هو العالم الوحيد ولا توجد عوالم أخرى يكون هناك خالق لتلك العوالم هذا سنناقشه في المحاضرة القادمة إن شاء الله لكن دعونا كل في هذا المجال يعني في هذا الفرض وهو أن كل هذا العالم وبعبارة أخرى كل ما في دائرة الوجود إنما هو أثر من آثار الوجود المحض وهو الله تبارك وتعالى أو اذا توجهنا إلى الله تبارك وتعالى فهو الوجود وإلا فإذا لم يكن وجوداً وإذا لم يكن موجوداً استمد الوجود من الوجود المحض وهو عدم وهو فناء ماذا تقول تقول حكمة الحكمة صنعه تعالى تقول مصلحة المصلحة صنعه تعالى تقول النظام الأصلح النظام الكامل الانسجام الدقيق الإبداع في الصنع التعاون بين مظاهر الوجود كل هذا تقول هو النظام الأصلح إنما هو صنعه تقول الخير تقول النور فإذاً إذا شاهدت نوراً وإذا شاهدت خيراً وإذا شاهدت كمالاً وإذا شاهدت النظام الأصلح وإذا شاهدت المصلحة والحكمة والإبداع في الصنع  أينما وجهت نظرك فهو ذلك من صنع الله تبارك وتعالى فإذاً ما سواه إما من صنعه أو عدم  محض إذاً هذا التمانع الذي لا ينحل هذا التلازم هذه اللابدية التي يعبر عنها القرآن الكريم بقوله تعالى (لو كان فيهما آلهة إلى الله لفسدتا) هذا كله ينشأ من أن الإنصاف والدقة والتأمل والتدبر كل هذا يسوق إلى الوحدانية لماذا لأنك إذا أدركت الكمال المحض إذا أدركت الوجود الكامل الوجود المطلق المساوي للقدرة المطلقة التي لا عجز فيها اذاً لا مجال لشيء يعجز عنه الله تبارك وتعالى لامجال لنطاق لا تنال يد القدرة الإلهية ذلك النطاق لا مجال لأن تتصور شيئاً سوى الله لأن كل ما سوى الله فهو من صنعه فإذاً لا يوجد مجال آخر لدقة وإبداع وخلق ووجود في مقابل الله تبارك وتعالى وهكذا نعود إلى التأمل في الجواب الذي أجاب به الإمام الصادق (عليه السلام) إلى هشام ابن الحكم حيث سأل ما الدليل على أن الله واحد؟ فأجاب (اتصال التدبير وتمام الصنع) اتصال التدبير وتمام الصنع كل هذا يدلنا على أن الله تبارك وتعالى واحد وفي مجال التكوين هكذا وفي مجال التشريع كذلك يعني يقول الإمام علي بن أبي طالب لولده الحسن المجتبى(سلام الله عليه) (واعلم يا بني أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله) في الوصية التي يوصيه بها يقول لو كان هناك شريك وند  كما أن الله تبارك وتعالى أرسل أنبياء ورسل لهداية البشر لجاء هناك رسل آخرون يقولون نحن مبلغون عن إله آخر غير هذا الإله الذي يدعو إليه المسيح غير هذا الإله الذي يدعو إليه موسى غير هذا الإله الذي يدعو إليه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مثلاً نحن في لندن يأتي شخص فيقول أنا سفير الدولة المصرية هنا ويأتي آخر ويقول أنا سفير نيجريا في لندن يأتي شخص ثالث ويقول أنا سفير باكستان هنا ويأتي رابع وهكذا ولا تزاحم بينهما لأن كل واحد يمثل دولته وحكومته والرئيس الذي بعثه إلى هنا ولكن إذا لم تكن هناك إلا دولة واحدة لا معنى لأن يكون سفراء يعني من باب المثال  يأتي سفيران يدعي كل منهما  بأنه سفير من قبل باكستان لا معنى لذلك لو كان لله تبارك وتعالى شريك يعني لو كانت هناك إرادة أخرى توجه هذا العالم وتسيره لجاء رسول من الرسل نبي من الأنبياء ليقول أنا أمثل الإرادة الثانية أنا أمثل الخالق الثاني أنا أمثل الله الخالق الحكيم رقم (اثنان) الذي كان الرسول الفلاني يمثل الخالق القادر العليم رقم (واحد). فإذا نستكشف من هذا أيضاً أن الهداية التكوينية والتشريعية لما كانت منسجمة في مجال واحد وتستمد من نعيم واحد وتستمر في هذا الطريق وفي هذا المنحى ولا يوجد خط آخر للهداية بمقابل الهداية الإلهية وإنما إذا وجد شيء فإنما هو الضلال لأن الفطرة تدعو إلى التوحيد إذا وجد شرك إذا وجد توجه إلى الأوثان فإن هذا عمل مضل وليس من مصاديق الهداية ليس منسجماً مع مدرسة الهداية الإلهية التي لا تقبل إلا خطاً واحداً للهداية فالحق من ربك وهو الحق هو قوله الحق ومع ذلك ما سواه هو الباطل وسنحاول إن شاء الله في المحاضرة القادمة أن نذكر أدلة أخرى ونماذج وسور مختلفة عما قدمناه للبرهنة على توحيد الله تبارك وتعالى التوحيد الربوبي لأن توحيد الخالق كأنه أمر مسلم به من قبل الكثيرين ونناقش بعض الشبهات والإشكاليات الواردة في هذا المجال إن شاء الله.