المادة: فقه المجتمع
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon 048.doc

المقصد الثالث: في أحكام السلوك الاجتماعي وهو ما يتعلق بتكاليف الإنسان في محيطه الاجتماعي العام والبحث فيه في فصلين:

الفصل الأول: في الواجبات الاجتماعية

والفصل الثاني: في المحرمات الاجتماعية

أما الفصل الأول: فيشمل ما يلي

أولاً: الصلاة الجماعية ويشمل صلاة الجماعة والعيدين والجمعة وصلاة الآيات ونحو ذلك

الثاني: الحج:

الثالث: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

الرابع: التصدي للأمور الحسبية وهذان الأمران أي الثالث والرابع: ما ربما يصطلح عليه بالإصلاح الاجتماعي

الخامس: الجهاد

السادس: الخمس

السابع: الزكاة

الثامن: الصد قات

وحيث أن الخمس والزكاة والصدقات سنبحثها في السنوات القادمة أن شاء الله في فقه الاقتصاد ولا نبحثها هنا كما أن مباحث الاقتصاد حيث إنها ترتبط ببحث مستقل بالقوة والحماية الاجتماعية أيضاً نكتفي بالإشارة إليه فقط كما أن الفقهاء فصلوا مباحث الصلاة والحج ونحوها في مباحث مفصلة ومهمة في مضانها نوكل التفاصيل إلى تلك المصنفات ونكتفي بالإشارة السريعة من باب الإلماع إلى أحكامها في الجملة ويبقى على الطالب الرجوع في التفاصيل إلى المصادر الهامة لكي نفصل المباحث هنا في المسائل التي قلما يتعرض إليها من أحكام السلوك الاجتماعي أما الصلاة الجماعية فهي أصناف .

الأول: في صلاة الجماعة وهي من المستحبات الأكيدة بإجماع المسلمين بل الضرورة من الدين في جميع الفرائض خصوصاً اليومية منها نصوصاً وإجماعاً خصوصاً في الادائية منها نصوصاً وإجماعاً منها رواية السكوني عن الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من صلى  الخمس في جماعة فظنوا به خيراً ) وفي وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) ثلاث درجات منها المشي بالليل والنهار إلى الجماعات ويتأكد الاستحباب في الصبح والعشائين لرواية السكوني عن الصادق (عليه السلام) عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من صلى الغداة والعشاء والآخرة في جماعة فهو في ذمة الله عز وجل ومن ظلمه فإنما يظلم الله ومن حقره فإنما يحقر الله عز وجل)  وفي خبر أبي بصير عن الصادق (عليهم السلام)  عن آبائه (عليهم السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من صلى المغرب والعشاء الآخرة وصلاة الغداة في المسجد في جماعة فكأنما احيى الليل كله ) ويتأكد هذا الاستحباب في جيران المسجد للنصوص المستضيضة من الفريقين التي منها قول أبي جعفر (عليه السلام) لا صلاة لمن لا يشهد الصلاة من جيران المسجد الا مريض أو مشغول ) ويشهد له الاعتبار عرفًا لأنه أولى بإقامة هذا الشعار العظيم من البعيد عنه ويكون حضوره داعياً لحضور غيره أيضاً وربما يكون عدم حضوره موجباً لتجري غيره عليه من البعيدين عن المسجد .

وقد ورد في فضل صلاة الجماعة وذم تاركها من ضروب التأكيدات مما يلحقها بالواجبات ففي الصحيح ( الصلاة في جماعة تفضل على صلاة الفرد بأربعة وعشرين درجة ) وفي رواية زرارة قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) ما يروي الناس أن الصلاة في جماعة افضل من صلاة الرجل وحده بخمس وعشرين قال صدقوا قلت الرجلان يكونان جماعة قال (عليه السلام) نعم ويقوم الرجل عن يمين الإمام) بل في خبر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أتاني جبرائيل مع ألف ملك بعد صلاة الظهر فقال يا محمد أن ربك يهدي إليك السلام وأهدى إليك هديتين لم يهدها إلى نبي قبلك قلت ما تلك الهديتان قال الوتر ثلاث ركعات والصلوات الخمس في جماعة قلت يا جبرائيل ما لأمتي في الجماعة قال يا محمد إذا كانا اثتين كتب الله لكل واحد بكل ركعة مائة وخمسين صلاة وإذا كانوا ثلاثة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ستمائة صلاة وإذا كانوا أربعة كتب الله لكل واحد ألفاً ومائتي صلاة وإذا كانوا خمسة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ألفين وأربعمائة صلاة وإذا كانوا ستة كتب الله لكل واحد منهم لكل ركعة أربعة آلاف وثمانمائة صلاة وإذا كان سبعة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة الاف وستمائة صلاة وإذا كانوا ثمانية كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة عشر ألفا ومائتي صلاة وإذا كانوا تسعة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة ثمانية وثلاثين ألفاً وأربعمائة صلاة وإذا كانوا عشرة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة ستة وسبعين ألفاً وثمانمائة صلاة فإن زادوا على العشرة فلو صارت السموات كلها قرطاساً والبحار مداداً والأشجار أقلاماً والثقلان مع الملائكة كتاباً يقدروا أن يكتبوا ثواب ركعة يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) تكبيرة يدركها المؤمن مع الإمام خير من ستين ألف حجة وعمرة وخير من الدنيا وما فيها بسبعين ألف ومرة وركعة يصليها المؤمن مع الإمام خير من مائة ألف دينار يتصدق بها على المساكين وسجدة يسجدها المؤمن مع الإمام في جماعة خير من عتق مائة رقبة .

وعن الصادق (عليه السلام) الصلاة خلف العالم بألف ركعة وخلف القرشي بمائة ولا يخفي انه إذا تعددت جهات الفضل تضاعف الأجر أيضاً لقاعدة تعدد المسبب بتعدد السبب التي هي من القواعد العقلية ، مع أنه مقتضى سعة فضل الله ورحمته الغير المتناهية من كل جهة  فمن  الطبيعي أن يزداد الأجر والفضل ويزداد الثواب فإذا كان في مسجد السوق الذي تكون الصلاة باثنتي عشرة صلاة يتضاعف بمقداره وإذا كانت في مسجد القبيلة التي تكون الصلاة فيه بخمسة وعشرين فكذلك وإذا كانت في المسجد الجامع التي تكون الصلاة فيه بمائة يتضاعف بقدره وكذا إذا كانت بمسجد الكوفة الذي هو بألف أو كانت عند علي (عليه السلام) الذي فيه فيه بمائتي ألف كما وردت بذلك الروايات وإذا كانت خلف العالم أو اليد فأفضل وإذا كانت خلف العالم السيد فأفضل وكلما كان الإمام أورع وأوثق وأفضل فافضل وإذا كان المأمومون ذوي فضل تكون افضل وكلما كان المأمومون أكثر كان الثواب أزيد لأن ذلك من جهات الفضل والفضيلة بالإجماع والنصوص وتعدد الفضائل والدرجات بتعدد جهاتها الموجبة لها مما تحكم به فطرة العقول وسنة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا يجوز تركها رغبة عنها أو استخفافاً بها ففي الخبر لا صلاة لمن لا يصلي في المسجد الأمن علة ولا غيبة لمن صلى في بيته ورغب عن جماعتنا ومن رغب عن جماعة المسلمين وجب على المسلمين غيبته وسقطت بينهم عدالته ووجب هجرانه وإذا دفع إلى أمام المسلمين انذره وحذره فإن حضر جماعة المسلمين وإلا احرق عليه بيته.

ولا يخفى أن هذا الحكم لا يجري بالنسبة لكل أحد بل من اعتزل الصلاة اعتزالاّّ عن المجتمع للنفاق والعداوة أو للضغينة أو لنشر الفساد بينهم فلوا اعتزلها بعض الناس لبعض الانشغالات أو لبعض الضرورات وما أشبه ذلك فهو جائز  لأن صلاة الجماعة من المستحبات لا من الواجبات وما ورد أن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) بلغه أن قوماً لا يحضرون الصلاة في المسجد فخطب فقال أن قوماً لا يحضرون الصلاة معنا في مساجدنا فلا يؤاكلونا ولا يشاربونا و لا يناكحونا أو يحضروا معنا صلاتنا جماعة واني لأوشك بنار تشعل بدورهم فاحرقها عليهم أو ينتهون قال فامتنع المسلمون من مؤاكلتهم ومشاربتهم ومناكحتهم حتى حضروا لجماعة المسلمين ) وهذه الرواية صريحة في أن هؤلاء حين اعتزلوا المجتمع واعتزلوا الصلاة ما كان اعتزالهم اعتزالاً عادياً بل كان اعتزالاً سياسياً كبيراً هدفه الاعتزال من المسلمين للنفاق أو لتدبير المؤامرات ضدهم كما يؤكده ذلك التاريخ المستفيض وكيف كان فإن مقتضى الإيمان عدم الترك من غير عذر لا سيما مع الاستمرار عليه فانه كما ورد لا يمنع الشيطان من شي من العبادات منعها فيعرض عليهم الشبهات من جهة العدالة ، حيث لا يمكن لم إنكارها فإن فضلها من ضروريات الدين .

وهذا لا يختص بالمأموم بل يشمل الإمام أيضاً بل للإمام فضل زائد على المأموم كما في الروايات المستفيضة ولا يخفي عليك أن الفوائد الاجتماعية النفسية والأخلاقية والاسرية التي تترتب على صلوات الجماعة كثيرة جداً فإن صلوات الجماعة توجب اطلاع المسلمين على بعضهم وعلى أحوالهم وما يدور في شؤونهم من أمور سياسية واجتماعية واقتصادية كما أن في حضور صلاة الجماعة مزيد الدواعي للانتهاء عن الفحشاء و المنكر ولمزيد التماسك الاجتماعي على تفصيلات ذكرها الأفاضل في الكتب التي تبحث في فلسفات الأحكام .

   وكيف كان فانه تجب الجماعة في صلاة الجمعة وتشترط في صحتها للنصوص المتواترة وإجماع المسلمين الدال على وجوب الجماعة في صلاة الجمعة الظاهرة في أن المراد به الوجوب الغيري فلا تصح الجمعة بدون الجماعة كما قال أبو عبدالله (عليه السلام) في صحيح ابن أبي يعفور ( لا تصح الجمعة مالم يكن القوم خمسة ) وظهوره في نفي الصحة مع عدم الجماعة مما لا ينكر مع تفصيلات ستمر عليك .

كما تجب الجماعة في صلاة العيدين بإجتماع شرائط الوجوب نصوصاً وإجماعاً ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) من لم يصل مع الإمام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له ولا قضاء عليه ) وفي صحيحه الآخر (عليه السلام) لا صلاة يوم الفطر والأضحى إلاّّ مع أمام عادل ) .

ولا يبعد وجوبها أيضاً بأمر أحد الوالدين كما ما يراه بعض الفقهاء لأن وجوب إطاعة الوالدين في الجملة من الضرورات الشرعية بل المسلمات العقلائية على ما عرفته مما تقدم خصوصاً إذا انطبق على تركها عنوان العقوق فإن للعقوق مراتب كثيرة وأدنى العقوق أن يقال لهما أف كما بيناه سابقاً فإذا انطبق على ترك صلاة الجماعة العقوق يكون محرماً كما إذا انطبق عليه عنوان الايذاء عرفاً للوالدين فإنها أيضاً تجب لحرمة إيذاء الوالدين لكن الظاهر عدم التزام الفقهاء في هذه الموارد خصوصاً إذا كان الأمر اقتراحياً أيضاً، وقد صرح في الجواهر وجوب أطاعتهما في أو أوامرهما الصادرة شفقة لا كل أمر ولعله لأنه المخالفة حينئذ إيذاء محرم على مابيناه فيما تقدم .

ولا تشرع الجماعة في شيء من النوافل أبداً إذا كانت هذه النوافل أصلية للإجماع والنصوص التي منها قول الرضا (عليه السلام) لا يجوز أن يصلى تطوعاً في جماعة لأنه ذلك بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) واعملوا انه لا جماعة في نافلة وعليه فالجماعة تنقسم بحسب الأحكام الخمسة

فالواجبة كما في الجمعة والعيدين والمندوبة كما في الفرائض اليومية والحرام كما في النوافل لأنها من مصاديق البدعة والمكروهة كإتمام المسافر بالحاضر ونحو ذلك والمباحة كما لو لم يقصد القربة في الجماعة مع تحقق قصدهما في الصلاة كما بينه الفقهاء تفصيلاً في بحث الصلاة من الفقه وهنا فرعان :

الأول: الجماعية والاجتماع من الأمور العرفية المتحققة في جملة من الموارد كالدرس والوعظ والإرشاد والعبادة ونحو ذلك مما يطلب فيها الاجتماع وليست من الحقائق الشرعية ولا المتشرعية ولا يختص الاجتماع للعبادة بالشريعة المقدسة الإسلامية بل يكون في جميع الأديان الذين يعبدون معبوداً سماوية كانت الأديان أو غيرها وذلك واضح لمن راجع معابد أصحاب الأديان في شرق الأرض وغربها خصوصاً معابد اليهود والنصارى في بيت المقدس وغيره نعم كيفية اجتماعاتهم وخصوصياتها مختلفة فكل مورد حكم العرف فيه بتحقق الجماعة والاجتماع يترتب عليه الحكم الشرعي إلاّّ إذا ورد تحديد شرعي لذلك وهذا باب عرفته مما تقدم أن الموضوعات يحددها العرف كما أن هذا لا يختص بالعبادات بل يجري حتى في الطقوس والرسوم الاجتماعية والأعراف والعادات التي تمارسها الشعوب لا ظهار فكرة أو موقف أو ما أشبه ذلك .

الثاني: من تأمل في مذاق الشارع وما وصل منه إلينا في الترغيب في اجتماع المسلمين والاهتمام به يطمئن بأن الاجتماع في العبادات التي أهمها الصلاة مطلوب للشارع وإنما خرجت النافلة لمصلحة لأن الأسرار في المندوبات كما في بعض الروايات افضل من إعلانها وفي غير المتيقن  من النافلة تشمله إطلاقات الترغيب إلى الجماعة ثم أن المنساق مما يدل أن الجماعة في النافلة بدعة هو الحرمة الوضعية والتكليفية وتبطل الصلاة مع الإثم أيضاً هذا إذا أتى بالنافلة بقصد الأمر وترتب الأثر وأما لواتى بالنافلة مع الجماعة رجاءً وبلا قصد الأمر في اصل الجماعة وقصد الأمر في الصلاة فقط ولم يترتب اثر الجماعة من ترك القراءة ونحوه ففي البطلان والإثم احتمالان:

احتمال يقول بالبطلان لأنه أيضاً من مصاديق البدعة .

 القول الثاني هو الجواز كما استظهره السيد السبزواري رضوان الله عليه في مهذب الأحكام خصوصاً مع الجهل بالمسألة وفي هذا القدر من البيان نكتفي في صلاة الجماعة ونوكل التفاصيل إلى محلها من الفقه.

الواجب الثاني في صلاة العيدين الفطر والأضحى

وكانت واجبة في زمان حضور الإمام (عليه السلام) مع اجتماع وجوب صلاة شرائط الجمعة إجماعاً كما عن غير واحد مضافاً إلى النصوص كما ستعرف بعضها أما في زمان الغيبة كزماننا هذا فهي مستحبة جماعة و فرادى ولا يشترط فيها صلاة الجمعة وان كانت في جماعة فلا يعتبر فيها العدد الخمسة أو السبعة ولا بعد فرسخين ولا نحو ذلك ووقتها من طلوع الشمس إلى الزوال ولا قضاء لها لو فاتت .

ويستحب تأخيرها إلى أن ترتفع الشمس وفي عيد الفطر يستحب تأخيرها أزيد بمقدار الأفطار وإخراج زكاة الفطرة وهي ركعتان يقرأ في الأولى الحمد وسورة ويكبر في الأولى خمس تكبيرات عقيب كل تكبيرة قنوت ويكبر للركوع ويركع ويسجد ويقوم للثانية وفيها بعد الحمد والسورة يكبر أربع تكبيرات ويقنت بعد كل منها ثم يكبر للركوع ثم يتم الصلاة فمجموع التكبيرات فيها اثنتا عشرة سبع تكبيرات في الأولى تكبيرة الإحرام وخمس للقنوت و واحدة للركوع وفي الثانية خمس تكبيرات أربعة للقنوت وواحدة للركوع والأظهر وجوب القنوتات وتكبيراتها ويجوز في القنوتات كل ما جرى على اللسان من ذكر وصلوات كما في سائر الصلوات وان كان الأفضل الدعاء المأثور والأولى أن يقول في كل منها: اللهم أهل الكبرياء والعظمة وأهل الجود والجبروت وأهل العفو والرحمة وأهل التقوى والمغفرة أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا ولمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ذخراً وشرفا وكرامة ومزيدا أن تصلى على محمد وال محمد وان تدخلني في كل خير أدخلت فيه محمداً وال محمد وان تخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وال محمد صلواتك عليه وعليهم اللهم أني أسألك خير ما سألك منه عبادك الصالحون وأعوذ بك ما استعاذ منه عبادك المخلصون ويأتي بخطبتين بعد الصلاة مثل ما يأتي بهما في صلاة الجمعة ومحلهما هنا بعد الصلاة بخلاف الجمعة فانهما قبل الصلاة .

ولا يجوز إيتانهما هنا قبل الصلاة ويجوز تركهما في زمان الغيبة وان كانت الصلاة بجماعة ولا يجب الحضور عندهما ولا الإصغاء إليهما وينبغي أن يذكر في خطبة عيد الفطر ما يتعلق بزكاة الفطرة من الشروط والقدر والوقت لإخراجها وفي الأضحى ما يتعلق بالأضحية على تفصيلات الفقهاء في مظانها .

وكيف كان فإن الأدلة الثلاثة تدل على أصل وجوب صلاة العيدين في الجملة فمن الكتاب قوله (تعالى) قد افلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى، قال (عليه السلام) في تفسير الآية زكاة الفطرة إذا أخرجها قبل صلاة العيد وفي تفسير علي بن إبراهيم وذكر اسم ربه فصلى قال قال (عليه السلام) قد افلح من تزكى من اخرج الفطرة قال وذكر اسم ربه فصلى يروح إلى الجبانة فيصلي) وفي جملة من تفاسير العامة فصل لربك وانحر أن المراد بالصلاة صلاة العيد وبالنحر نحر الهدي ويشهد له ما يأتي في رواياتنا أيضاً كموثق سماعة .

ومن السنة قول الصادق (عليه السلام) في الصحيح صلاة العيدين فريضة وأما قول أبي جعفر (عليه السلام) صلاة العيدين مع الإمام سنة فالمراد بها اصل المشروعية في مقابل الوجوب كما لا يخفى ومن الإجماع ما عن غير واحد من دعوى إجماعنا عليه فهو ظاهر .

أما اشتراط الوجوب بحضور الإمام أو المنصوب الخاص من قبله فهو المشهور بين علمائنا بل عن بعض دعوى الإجماع عليه خلافاً لما عن جمع من متأخري المتأخرين من القول بالوجوب في زمن الغيبة وفي الحدائق نسبه إلى كل من قال بوجوب الجمعة عيناً واستدلوا باطلاقات الأدلة، لكن الظاهر أن الإطلاقات لا تدل على أزيد من إفادة الوجوب وأما الشرائط فلابد أن تستفاد من أدلة أخرى واستدل المشهور بالأخبار المستفيضة عن نفي صلاة العيدين إلاّّ مع أمام عادل، والظاهر من الأمام العادل هو الإمام (عليه السلام) لا مطلق من يأتم به من الناس منها موثق سماعة عن أبي عبدالله (عليه السلام) لا صلاة في العيدين إلاّّ مع الإمام وان صليت وحدك فلا بأس ) فانه أن كان المراد مطلق أمام الجماعة لزم المناقضة بين الصدر والذيل في الرواية فإن محصولها يصير هكذا لا تصح العيدين إلاّّ في الجماعة وتصح فرادى أيضاً ولا ريب في كونهما متناقضين، إن كان مثل هذه الأخبار مسوقة لبيان شرطية الجماعة مطلقاً مع مطلق الإمام نعم تصح إن كان المراد بالإمام المعصوم إذا المعنى يصير هكذا أن الوجوب مشروط بالجماعة وتصح فرادى أيضاً وكيف كان فخلاصة مفاد الأخبار أن صلاة العيدين الواجبة من قبل الله عز وجل هي التي يأتي بها مع المنصوب من قبل الله (تعالى) إماماً على الناس ومع التمكن منه كما في زمن صدور الأخبار تكون مشروعة بل مندوبة فرادى أيضاً و خصوصاً في مثل زماننا وفي صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال لا صلاة يوم الفطر والأضحى إلاّّ مع أمام عادل وصحيح الحلبي (عليه السلام) إذا كان القوم خمسة أو سبعة فانهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة إلى آخر الحديث ومن ذيله يستفاد المساواة بين صلاة العيد وصلاة الجمعة إلاّّ ما خرج بالدليل وكذا قوله (عليه السلام)  (الجمعة عيد وصلاة العيد ركعتان) وغيره من الأخبار مما يستفاد منه أصالة المساواة بينهما إلاّّ ما خرج بالدليل فيعتبر فيهما الوحدة والخطبة كما يعتبران في الجمعة ويدل عليه قول الرضا (عليه السلام) إنما الخطبة في الجمعة أول الصلاة وجعلت في العيدين بعد الصلاة لأنه الجمعة أمر دائم ويكون في الشهور والسنة كثيراً وإذ أكثر على الناس ملوا وتركوا ولم يقيموا عليها وتفرقوا عنه والعيد إنما هو في السنة مرتين وهو أعظم من الجمعة والزحام فيه أكثر والناس فيه أرغب فإن تفرق بعض الناس بقي عامتهم ولا يشترط في صلاة العيدين سورة مخصوصة بل وتجزي كل سورة نعم الأفضل أن يقرأ في الأولى سورة الشمس وفي الثانية الغاشية أو يقرأ في إلأولى الأعلى وفي الثانية الشمس للأخبار المستفيضة .

  •  وأما الواجب الثالث وهو صلاة الجمعة

وهي ركعتان كالصبح تسقط معها الظهر بضرورة الدين فالجمعة ظهر ليوم الجمعة وتقدم الخطبتان مكان الركعتين من الظهر وتدل عليه نصوص كثيرة ذكرها الفقهاء في مظانها ويستحب فيها الجهر بالقراءة وقنوتان في الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعده للروايات الدالة على ذلك وأول وقتها زوال الشمس ويخرج إذا صار ظل كل شيء مثله ولو خرج الوقت وهو فيها أتمها إماماً كان أو مأموماً .

 أما الأول فللأخبار المستفيضة التي منها قول الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن مسكان وقت صلاة الجمعة عند الزوال وأما الثاني فقد نسب إلى الأكثر وعن غير واحد دعوى الشهرة عليه وعن المنتهى دعوى الإجماع عليه وتدل عليه النصوص الظاهرة انه ليس لها إلاّّ وقت واحد وهو حين زوال الشمس مثل قول أبي جعفر (عليه السلام) أن من الأمور أموراً مضيقة وأموراً موسعة وان الوقت وقتان والصلاة مما فيه السعة فربماعجل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وربما أخر الا صلاة الجمعة فإن صلاة الجمعة من الأمر المضيق إنما لها وقت واحد حين تزول ووقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر في سائر الأيام فانه بعد حملها على الضيق العرفي لا الحقيقي الدقي تدل على المطلوب ولا ريب في وجوب اصل الجمعة في الجملة بالأدلة فمن الكتاب قوله (تعالى) إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ومن السنة نصوص متواترة ذكرت في مضانها وأما الإجماع فليس بين المسلمين خلاف فيه إنما الخلاف في جهات:

الجهة الأول: في إنها وجوبها مطلق مثل صلاة العصر مثلاً حتى يجب على كل مكلف تحصيل شرائطها أم واجب مشروط ببسط يد المعصوم (عليهم السلام) حتى لا تجب على الناس بدون حصول شرطه

الجهة الثانية: بناء على الاشتراط ببسط يد المعصوم (عليه السلام) هل تكون مشروعة مع فقدان هذا الشرط أم لا

الجهة الثالثة: بناء على المشروعية هل تسقط صلاة الظهر بإتيانها أم لا

أما الجهة الأولى فالمشهور اشتراطها بأذن الإمام المعصوم وعدم الوجوب العيني لها واستدل لذلك بأمور

أولاً: بان مقتضي الأصل عدم الوجوب إلاّّ فيما هو المتيقن من مورد الأدلة وهو صورة بسط يد المعصوم .

ثانياً: الاجماعات المدعاة عليه التي يقطع منها برأي المعصوم

ثالثاً: السيرة المستمرة من الفقهاء الأساطين على عدم الإتيان بها التي اعترف بها من اعترف بالوجوب العيني أيضاً .

رابعاً: انه لم ينقل أحد مواظبة أحد عن المعصومين في زمان عدم انبساط يدهم ولا أحد من أصحابهم على هذه الفريضة ولا وجه لذلك إلاّّ مع كونها من الفرائض التي يشترط فيها انبساط اليد .

خامساً: استقرار سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والخلفاء من بعده على تعيين شخص لإمامة الجمعة كما كانوا يعينون شخصا لمنصب القضاء فلو كانت الجمعة فريضة عينية على كل شخص لما استقرت السيرة على اقامتها بشخص خاص بل تستقر على اقامتها في كل محل ويسعون بتحصيل شرائطها كما يكون كذلك بالنسبة إلى الصلاة اليومية

وسادساً: ظاهر جملة من الأخبار عدم الوجوب العيني ومنها صحيح محمد بن مسلم قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الجمعة فقال (عليه السلام) تجب على كل من كان منها على رأس فرسخين فإن زاد على ذلك فليس عليه شيء وقوله (عليه السلام) أيضاً في صحيح الفضل بن عبد الملك قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول إذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة اربع ركعات فإن كان لهم من يخطب لهم جمعوا إذا كانوا خمس نفر إنما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين وعن علي (عليه السلام) لا جمعة إلاّّ في مصر تقام فيه الحدود.

 إلى غير ذلك من الأخبار الظاهرة في نفي الوجوب العيني وأنها من المناصب الخاصة فإنها لو كانت من الواجبات العينية لم يكن وقع لهذا السؤال ولا لجواب الإمام (عليه السلام) بل وجب على الناس تحصيل شرائطها من الإمام والخطبة كفاية، واحتمال حمل مثل هذه أخبار على صورة عدم التمكن أو على التقية خلاف ظاهرها خصوصاً مثل موثق سماعة قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الصلاة يوم الجمعة فقال أما مع الإمام فركعتان وأما لمن صل وحده فهي أربعة ركعات وان صلوا جماعة ) فإن هذه الرواية كالنص في عدم الوجوب العيني إلى غير ذلك من الروايات .

وخلاصة القول انه قد دلت الروايات على أن الخطبتين بدل عن الركعتين من صلاة الظهر ومقتضى القاعدة عدم سقوط المبدل إلاّّ بدليل صحيح ولا دليل هناك يدل على التعيين ولا يخفى عليك أن لبسط اليد بالنسبة للمعصوم مراتب متفاوتة جداً وليس صرف وجوده موجباً لثبوت وجوب صلاة الجمعة العيني بل المنساق منه ما كان لنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في زمان حياته إذ كان الحاكم المطاع في أموره ولم يتفق لعلي (عليه السلام) في زمان خلافته الظاهرية لعدم تمكنه (عليه السلام) من إزالة جملة من البدع فما حال أولاده المعصومين (عليهم السلام) فضلاً عن فقهاء عصر الغيبة .

ثم انه لو تمكن فقيه من تحصيل انبساط اليد بالتوسل إلى حاكم الجور هل يجب عليه ذلك وهل تجب الجمعة بعد ذلك الظاهر أن مقتضى الأصل هو العدم بعد إنصراف الأدلة عن مثله ولكن المسألة بحاجة إلى مزيد من التأمل لأنها غير منقحة أو غير مذكورة في كلمات الأعلام.

 وأما الجهة الثانية: فالمشهور جوازها بل استحباب الإتيان بها لمثل ما تقدم من صحيح زرارة وموثق عبد الملك وعن جمع من القدماء والمتأخرين الحرمة لما تقدم لأنها عبادة توقيفية تقصر الأدلة عن إثبات شرعيتها بدون أذن منهم (عليه السلام) لكن الظاهر انه محل تأمل لأن صحيح زرارة وموثق عبد الملك يكفي في الجواز ولذا قال في الجواهر أن القول بالوجوب والحرمة إفراط وتفريط كما أيده السيد السبزواري في مهذب الأحكام أيضاً .

أما الجهة الثالثة فمقتضي الاحتياط وما هو المشهور من أصالة الاحتياط من دوران الأمر بين التعيين والتخيير عدم جواز الاكتفاء بصلاة الجمعة مع عدم انبساط إليد مطلقاً سواء كان في عصر الحضور أو عصر الغيبة إلاّّ تصريح خاص من المعصوم بالاكتفاء إلاّّ أن يناقش في اصل التعيين لدى دوران الأمر بينه وبين التخيير كما ناقش به جمع من الفقهاء والأصوليين هذا خلاصة ما فصله الفقهاء في هذه المسألة وفي أراد التفصيل فليرجع إلى الكتب التي الفت في المسألة خصوصاً الجواهر ومصباح الفقيه والفقه ونحن نكتفي بهذا القدر ولا يخفى عليك انه يشترط في وجوب صلاة الجمعة شروط ستة .

الأول: الإمام أو من نصبه الإمام (عليه السلام)

الثاني: العدد وهو خمسة أحدهم الإمام أما اصل اعتبار العدد في الجملة فيدل عليه الإجماع والنصوص المستفيضة وأما كفاية الخمسة فهو الأشهر نقلاً وتحصيلاً وعن جامع المقاصد انه المشهور كما في الجواهر وعن جمع اعتبار السبعة والظاهر ان منشأ الاختلاف هو اختلاف النصوص فلو نقص العدد في أثناء الخطبة أو بعدها قبل التلبس بالصلاة سقط الوجوب .

الثالث: الخطبتان إجماعاً ونصوصاً و هما شرط الصحة بخلاف العدد فانه شرط الوجوب فلا تصح الجمعة ولو مع اجتماع سائر الشرائط بدون الخطبة كما لا تصح الظهر بدون إتمام ركعتين منها ويجب في كل واحدة منها الحمد لله و الصلاة على النبي وآله والوعظ وقراءة سورة خفيفة كل ذلك للروايات الخاصة .

الرابع: الجماعة فلا تصح فرادى بضرورة المذهب بل الدين وهل هي شرط ابتداءً أو استدامة فيجري فيه ما تقدم في نقص العدد في الأثناء

الخامس: أن لا يكون هناك جمعة أخرى وبينهما دون فرسخ للإجماع ولقول أبي جعفر (عليه السلام) يكون بين الجماعتين ثلاثة أميال) يعني لا تكون جمعة إلاّّ فيها بينه وبين ثلاثة أميال و ليس تكون جمعة إلاّّ بخطبة قال فإذا كان شي بين الجماعتين في الجمعة ثلاثة أميال فلا بأس أن يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء هذا حاصل الكلام من الجمعة .

ونترك التفصيلات الى الكتب المفصلة .

 أما الآثار الاجتماعية والسياسية والفكرية التي تترتب على مثل صلاة الجمعة وصلاة العيدين فهي أجلى من أن تخفى ونتركها إلى مظانها .

  • الواجب الرابع: هو صلاة الآيات

التي تجب عند حدوث الكوارث الكونية التي يخافها الناس فينبغي أن يلجأوا إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والمسألة والصلاة فإن بذكر الله تطمئن القلوب وصلاة الآيات واجبة إجماعاً بل لعله ضروري في الجملة بلا فرق بين الرجال والنساء لا طلاق النصوص ومعاقد الإجماع وسببها أمور

الأول والثاني: كسوف الشمس وخسوف القمر إجماعاً حكاه جماعة كثيرة وتشهد له النصوص الكثيرة المصرحة بأن صلاة الكسوف فريضة كصحيح جميل وغيره وفي خبر علي ابن عبدالله سمعت أبا الحسن موسى (عليه السلام) يقول لما قبض إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جرت فيه ثلاث سنن أما واحدة فانه لما مات انكسفت الشمس فقال الناس انكسفت الشمس لفقد ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس أن الشمس والقمر آيتان لله يجريان بأمره مطيعان له لاينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا انكسفتا أو أحدهما فصلوا ثم نزل فصلى بالناس صلاة الكسوف ) ولا يختلف الحال بين الخسوف والكسوف الكلي أو البعضي بلا خلاف ظاهر لاطلاقات الأدلة فتجب الصلاة لدى الخسوف والكسوف وان لم يحصل فيهما خوف لا طلاق الإجماع والنصوص كما في كشف اللثام نعم في خبر الفضل إنما جعلنا للكسوف صلاة لأنه من آيات الله تعالى لا يدرى ألرحمة ظهرت أم لعذاب فاحب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تفزع أمته إلى خالقها وراحمها عند ذلك ليصرف عنهم شرها ويقيهم مكروهها كما صرف عن قوم يونس (عليه السلام) حيث تضرعوا إلى الله عز وجل.

 ولكن لا يبعد حمل هذا الحديث على بيان حكمة التشريع للصلاة لا علة التشريع ويشير إلى ذلك المروي عن زيد العابدين (عليه السلام) أما انه لا يفزع للآتيين ولا يذهب لهما إلاّّ من كان من شيعتنا فإن كان ذلك منهما فافزعوا إلى الله سبحانه عز وجل وراجعوه ) .

الثالث: الزلزلة وهي أيضاً سبب للصلاة وان لم يحصل منها خوف على الأقوى إجماعاً كما عن جماعة ولخبر سليمان انه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن الزلزلة ما هي قال آية إلى أن قال قلت فإذا كان ذلك فما اصنع ؟ قال (عليه السلام) صل صلاة الكسوف .

الرابع: كل مخوف سماوي على المشهور وعن الخلاف الإجماع عليه واستدل له بصحيح زرارة ومحمد بن مسلم قلنا لأبي جعفر (عليه السلام) هذه الرياح والظلم التي تكون هل يصلى لها فقال (عليه السلام) كل مخوف في السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن وكذا كل مخوف ارضي كالريح الأسود أو الأحمر أو الأصفر والظلمة الشديدة والصاعقة والصيحة والهدة والنار التي تظهر في السماء والخسف وغير ذلك من الآيات المخوفة عند غالب الناس ولا عبرة بغير المخوف من هذه المذكورات ولا بخوف النادر للأصل وعدم الدليل عليه لأنه الأدلة المتقدمة ما بين المختص بالخوف فلا يعم غيره ولا نصراف الأدلة عنه أيضاً ولا عبرة لا نكساف النيرين لبعض الكواكب الذي لا يظهر إلاّّ للاوحدي من الناس أو لا يظهر إلاّّ بالأجهزة الخاصة كما هو المشهور لانصراف الأدلة عنه لعدم كونه آية ومنه يظهر عدم الاعتبار بانكساف النيرين المتعارف إذا كان كذلك نعم ولو كان مخوفاً وجبت الصلاة كما تقدم من وجوبها لجميع الاخاويف السماوية.

 وأما وقت صلاة الآيات ففي الكسوفين هو من حين الآية إلى تمام الإنجلاء على الأقوى لا قبله إجماعاً بل ضرورة ولا بعده بفصل إجماعاً وذلك للنصوص المتقدمة الظاهرة في المقارنة كما عن المتقدمين وأكثر المتأخرين ومتأخريهم وقيل آخر وقتها الشروع في الانجلاء وهو المنسوب إلى جل السلف والى المعظم والى المشهور .

وعن التذكرة نسبته إلى علمائنا واستدل له بموتق عمار أن صليت الكسوف إلى أن يذهب الكسوف عن الشمس والقمر وتطول في صلاتك فإن أحببت أن تصلي وتفرغ من صلاتك قبل أن يذهب الكسوف فهو جائز وأيضاً يدل على ذلك صحيح جميل وخبر محمد بن حمران لكن الظاهر أن هذه الروايات إنما تدل على جواز الصلاة وعدم وجوب الفراغ منها قبل الشروع في الانجلاء أما جواز التأخير إلى ما بعد الشروع في الانجلاء ووجوب الفعل لو علم به حينئذ بناء على سقوط الوجوب .

لو علم به بعد الوقت فلا يستفادان منهما إلاّّ أن يقال بقيام الإجماع على ذلك فإن الإجماع يدل على المسألة .

وكيف كان فانه تجب المبادرة إلى الصلاة بمعنى عدم التأخير إلى الانجلاء وتكون أداء إلى الوقت المذكور والأحوط عدم التأخير عن الشروع في الانجلاء وعدم نية الأداء والقضاء على فرض التأخير فإما في الزلزلة وسائر الآيات المخوفة فلا وقت لها أما في الزلزلة فهو المشهور وظاهر آخر الإجماع عليه لإطلاق دليلها الخالي عن التعرض للوقت وأما سائر الآيات المخوفة فالمحكي عن أكثر القائلين بالوجوب هو التوقيت بوقت الآية وكأنه لأن العمدة في دليله صحيح زرارة الذي تقدم فإن قوله (عليه السلام) في ذيل الخبر حتى تسكن سواء كان قيدا للمادة أم للهيئة أم كان علة غائية للوجوب دال على توقيت بما قبل السكون كما أن المنسوب إلى أكثر القدماء وأكثر المتأخرين إنها لا وقت لها.

 بل وجودها سبب للوجوب مطلقاً وكأنهم حملوا ذيل الرواية المتقدمة على حكمة التشريع لا علته فيجب المبادرة إلى الآتيان بالصلاة بمجرد حصولها كما هو ظاهر الأدلة بل المنصرف منها خصوصاً وان الظاهر من فعلها لاستنباع العذاب ومن الأمر بالفزع إلى الله عز وجل والى المساجد وان عصى فبعده إلى آخر العمر حيث لا يسقط الوجوب مالم يؤدها المكلف كما هو المصرح به في كلمات الفقهاء والعمدة في بقاء الوجوب هو الاستصحاب وإذا أراد أن يصيلها بعد انقضاء وقتها هل يصلي أداء أو قضاء قولان في المسألة ذهب جمع من الفقهاء منهم صاحب العروة رضوان الله عليه وتبعه جمع من المحدثين وجمع من الفقهاء إلى إنها تكون أداءً مهما أتى بها إلى آخر عمره فإن وقتها طول العمر فمتى ما أتى بها ففي الوقت.

 وهنالك قول آخر يقول بأنه في هذه الصورة يصيلها قضاءً لأن وقت الأداء بوقت حدوثها والوقت المقارب لها لا إذا مضت عليها سنوات طوال لانصراف الأدلة إلى ذلك على تفصيل ذكره الفقهاء في مضانه من الكتب المفصلة .

وأما كيفية الصلاة فهي ركعتان كما في كتب كثير من الأصحاب وعن جامع المقاصد القطع بذلك للأدلة الخاصة من الروايات في كل من الركعتين خمسة ركوعات وسجدتان بعد الخامس من كل منها فيكون عشرة ركوعات وسجدتان بعد العاشر وتفصيل ذلك بأن يكبر تكبيرة الإحرام مقارناً للنية ثم يقرأ سورة الحمد وسورة ثم يركع ثم يرفع راسه يقرأ الحمد وسورة وهكذا حتى يتم خمساً فيسجد بعد الخامس سجدتين ثم يقوم للثانية فيقرأ الحمد وسورة ويركع وهكذا إلى العاشر فيسجد بعده سجدتين ثم يتشهد ويسلم .

 ولا فرق بين اتحاد السورة في الجميع أو تغايرها ويجوز التفريق بين السورة الواحدة على الركوعات بلا خلاف ظاهر بين الفقهاء وقامت عليه النصوص الخاصة فيقرأ في الركوع الأول من الركعة الأولى الفاتحة ويقرأ بعدها آية من سورة أو أقل وأكثر كما مال إليه في الجواهر ثم يركع ويرفع رأسه ويقرأ بعضاً آخر من تلك السورة التي ابتدأ بها ويركع ثم يرفع ويقرأ بعضاً آخر وهكذا إلى الخامس حتى يتم سورة ثم يركع ثم يسجد بعده سجدتين ثم يقوم إلى الركعة الثانية ويقرأ في القيام الأول الفاتحة وبعض السورة ثم يركع ويقوم ويصنع كما صنع في الركعة الأولى إلى العاشر فيسجد بعده سجدتين ويتشهد ويسلم فيكون بكل ركعة الفاتحة مرة وسورة مفرقة على الركوعات الخمسة مرة .

 ويجب إتمام سورة في كل ركعة على المشهور كما عن جماعة وفي الحدائق ظاهر الأخبار والأصحاب وجوب إتمام سورة في الخمس لصيرورتها بمنزلة ركعة فتجب الحمد وسورة وان زاد عليها فلا بأس كما صرح به غير واحد من الفقهاء فله أن يوزع السورة على ركوعين أو ثلاثة أو أربعة ويقرأ الزائد الفاتحة وسورة كما ويشهد له مضافًا إلى صحيح الحلبي صحيح ألبزنطي وأبي جعفر (عليه السلام) وان قرأت سورة في الركعتين والثلاث فلا تقرأ بفاتحة الكتاب ) .

والأحوط الأقوى وجوب القراءة عليه من حيث قطع كما هو صريح جماعة آخرين للروايات الخاصة كما أن الأحوط والأقوى عدم مشروعية الفاتحة حينئذ إلاّّ إذا أكمل السورة كما عن ظاهر أكثر الفقهاء فانه لو أكملها وجب عليه بعد القيام قراءة الفاتحة على المشهور بل يظهر من كلام غير واحد الإجماع عليه وفي الجواهر يمكن أن يكون الإجماع قد سبقه ولحقه أيضاً وفي صحيح البزنظي وأبي جعفر (عليه السلام) إذا حتمت سورة وبدأت بأخرى فاقرأ فاتحة الكتاب وهكذا كلما ركع عن تمام سورة وجبت الفاتحة في القيام بعده إذا لم يركع عن تمام سورة بل ركع عن بعضها فانه يقرأ من حيث قطع ولا يعيد الحمد كما عرفت

نعم لو ركع الركوع الخامس عن بعض السورة وسجد فالأقوى وجوب الحمد بعد القيام للركعة الثانية ثم القراءة من حيث قطع وفي صورة التفريق يجوز قراءة أكثر من سورة في كل الركعة مع إعادة الفاتحة بعد إتمام السورة في القيام اللاحق كما تقدم من الروايات وتفاصيل أحكام صلاة الآيات قد ذكرها الفقهاء في الكتب المفصلة فلا مجال لذكرها هنا فنوكلها إلى محلها .