المادة: فقه المجتمع
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon 038.doc

المبحث الخامس: في الميراث بالأسباب

والأسباب أربعة هي:

الزوجية.

ولاء العتق.

3ـ ولاء ضمان الجريرة.

ولاء الإمامة.

والحصر في هذه الأربعة شرعي استقرائي استفيد من حاصل الأدلة الواردة في هذا المجال.

والبحث فيها على التوالي.

أما الأول وهو الميراث بسبب الزوجية فقد تقدمت بعض مسائله في الأبحاث السابقة إلا أن هنا مسائل أيضاً ينبغي التنبيه عليها.

المسألة الأولى: الزوجان يتوارثان ما لم يكن فيهما موانع الإرث وما دامت الزوجة في حبالة الزوج حتى وإن لم يدخل بها وذلك للإجماع وصدق الزوجية وأصالة عدم اشتراط الدخول بها فتشملها الأدلة الدالة على إرثها من الكتاب والسنة مضافاً إلى النصوص الخاصة التي منها صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) (قال سألته عن الرجل يتزوج المرأة ثم يموت قبل أن يدخل بها فقال لها الميراث وعليها العدة أربعة اشهر وشهراً) إلى آخر الحديث والروايات في هذا المجال متظافرة ويستثنى من ذلك إذا كان الزوج مريضاً حال التزويج ولم يدخل بها ومات في نفس المرض فإنه حينئذ يبطل العقد فلا مهر لها ولا إرث.

  • يشترك أن يكون العقد دائماً

المسألة الثانية: يشترط في توارث الزوجية أن يكون العقد دائماً فلا توارث في العقد الانقطاعي نصاً وإجماعاً فعن الإمام الصادق (عليه السلام) في المعتبر (من حدودها أن لا ترثها ولا ترثك) وفي صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) (ولا ميراث بينهما في المتعة إذا مات واحد منهما في ذلك الأجل) فلا توارث في الانقطاع لا من جانب الزوج ولا من جانب الزوجة وإن اشترطا التوارث أو تورث أحدهما في العقد المنقطع كما لو اشترطت الزوجة إن ترث أو اشترط الزوج أن يرث فالظاهر التوريث على حسب مقتضى الشروط لقاعدة (المؤمنون عند شروطهم) وللنصوص الخاصة التي منها صحيح محمد بن مسلم (وإن اشترطا الميراث فهما على شرطهما).

وعن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في معتبرة أبي نصر (تزويج المتعة نكاح بميراث ونكاح بغير ميراث إن اشترطت كان وإن لم تشرط لم يكن).

  • لو كانت الزوجة مطلقة رجعياً

المسألة الثالثة: لو كانت الزوجة مطلقة رجعية يتوارثان إن مات أحدهما في العدة لأنها في العدة بحكم الزوجة كما مرّ في بحث الطلاق مضافاً إلى الروايات الخاصة بخلاف البائنة أو المطلقة ثلاثاً وغير المدخول بها واليائس والمختلعة والمباراة ونحو ذلك فإنها لا ترث ولا تورث لانتفاء عنوان الزوجية بعد انقطاع العصمة بينهما بالمرة وللنصوص المستفيضة أيضاً كما عن الصادق (عليه السلام) في صحيح الحلبي (إذا طلق الرجل وهو صحيح لا رجعة له عليها لم ترثه ولم يرثها).

  • لا إرث في عدة وفي الشبهة أو الفسخ

المسألة الرابعة: لا إرث في العدة عن وطئ الشبهة أو الفسخ في العدة لعدم تحقق الزوجية في الوطئ بالشبهة فلا موجب للإرث وكذا في الفسخ.

  • لو انقلب البائن إلى رجعي

المسألة الخامسة: لو انقلب البائن إلى الرجعي كما لو رجعت المختلعة أو المبارأة بالبذل فلو كان الزوج يمكن الرجوع إليها بأن لم يتزوج بأختها أو بخامسة مثلاً ففي هذه الصورة يتحقق التوارث ولو انقلب الرجعي إلى البائن فلا توارث لانقطاع حق الرجوع وغير ذلك.

وربما نقول بعدم التوارث في هذه الصورة أيضاً لانقطاع العصمة وزوال عنوان الزوجية فعلاً

  • لو طلقها بائناً في حال المرض ترثه بشروط

المسألة السادسة: لو طلق زوجته بائناً في حال مرضه ترثه إلى عدة سنة من حين الطلاق إلى زمان موته نصوصاً خاصة منها معتبرة عبيد بن زرارة عن الصادق (عليه السلام) (في رجل طلق امرأته وهو مريض حتى مضى على ذلك سنة قال (عليه السلام) ترثه إذا مات في مرضه الذي طلقها لم يصح بين ذلك) وغيرها من الروايات مضافاً إلى الإجماع لكن ترثه إلى سنة بشروط:

الأول: أن يموت بالمرض الذي طلقها فيه.

الثاني: أن لا يبرأ الزوج من المرض الذي طلقها فيه.

الثالث: أن لا يكون الطلاق بالتماس منها.

الرابع: أن لا تتزوج.

ولو ماتت هي في مرضه قبل تمام السنة لا يرثها للأصل بعد عدم الدليل على الخلاف إلا بالعدة الرجعية لأنها الزوجة أو كالزوجة ـ على الخلاف ـ كل ذلك للنصوص والإجماعات القائمة في المقام.

  • لا يورث جميع المال بسبب الزوجية

المسألة السابعة: لا يرث أحد الزوجين جميع المال بسبب الزوجية إلا في صورة واحدة وهي انحصار الوارث بالزوج والإمام (عليه السلام) إجماعاً ونصوصاً مستفيضة فيكون النصف للزوج بالفرض والباقي يكون له بالرد أيضاً ويعتبر أن لا يكون فيه شيء من موانع الإرث كما تقدم مفصلاً.

 

  • نصيب الزوجية في حده الأعلى والأدنى

وقد تقدم أن السهام المفروضة من الأدلة الثلاثة في الزوجية هي أربعة نصيب الزوجة الربع مع عدم الولد والثمن مع الولد، ونصيب الزوج الربع مع الولد من الزوجة والنصف إن لم يكن ولد منها وأما إذا انحصر الوارث بالزوجة فقط فلها الربع فرضاً ويكون الباقي للإمام (عليه السلام) إجماعاً ونصوصاً مستفيضة.

  • إذا تعددت الزوجات

المسألة الثامنة: إذا كان للزوج نساء متعددة اشتركن بالربع مع عدم الولد للزوج والثمن مع وجوده لقول مولانا أمير المؤمنين في المعتبر (ولا تزاد المرأة على الربع ولا تنقص عن الثمن وإن كن أربعاً أو دون ذلك فهن فيه سواء) مضافاً إلى الإجماع فحينئذ يقسم بينهن بالسوية.

ولا فرق في الولد في منعها عن نصيبها الأعلى  في كونه منها أو من غيرها  منفصلاً أو حملاً وبين كونه من دائمة أو منقطعة ولا بين كونه بلا واسطة أو مع الواسطة كل ذلك لإطلاق الآية الشريفة التي تقول: ((وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ)).

هذا وإطلاق قول أبي جعفر (عليه السلام) (إن الزوج لا ينقص من النصف شيئاً إذا لم يكن ولد والزوجة لا تنقص من الربع شيئاً إذا لم يكن ولد، فإن كان معهما ولد فللزوج الربع وللمرأة الثمن). ثم إن المطلقة حال مرض الموت شريكة في الربع أو الثمن مع الشرائط المتقدمة.

  • الزوجة ترث من بعض متروكات الزوج

المسألة التاسعة: لا إشكال ولا خلاف في أن الزوج يرث من الزوجة من جميع ما تركته من ارض وبناء وغيرها بل الظاهر انه إجماعي عند جميع المسلمين وأما الزوجة فلا إشكال ولا خلاف بل بالإجماع والضرورة بأنها ترث بعض متروكات الزوج. فالمشهور من الفقهاء أنها لا ترث من العقار ونحوه بل عن الانتصار أن مما انفردت به الإمامية حرمان الزوجة من أرباح الأرض وعن الخلاف والسرائر الإجماع على حرمانها من العقار وكذا في الغنية والمسالك وغيرها من مصادر الفقه والروايات في هذا متظافرة وبها يخصص عموم الكتاب ومطلقاته الدالة على الإرث ولا مجال للعامة في الإشكال على الشيعة بذلك بعد أن عملوا هم بذلك في الإرث وغيره حيث خصصوا عموم الكتاب برواية رووها عنه (صلى الله عليه وآله) (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة) فخصصوا به الآيات الشريفة الدالة على أن الأنبياء (عليهم السلام) يرثون بعضهم بعضاً كما في قصة سليمان وداود عليهم الصلاة والسلام فعن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): (إن المرأة لا ترث مما ترك زوجها من القرى والدور والسلاح والدواب شيئاً وترث من المال والفرش والثياب ومتاع البيت مما ترك وتقوّم النقض والأبواب والجذوع والقصب وتعطى حقها منه).

والظاهر أن المراد من السلاح والدواب الحبوة والنقض البناء يسمى نقضاً لأنه في معرض أن ينقّض.

وعن ميسر بياع السابري عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال عن النساء ما لهن من الميراث؟ قال لهن قيمة الثوب والبناء والخشب والقصب فأما الأرض والعقارات لا ميراث لهن فيه قال قلت: فالبنات؟ قال البنات لهن نصيبهن منه، قال كيف صار ذا ولهذه الثمن ولهذه الربع مسمى؟ قال (عليه السلام) لأن المرأة ليس لها نسب ترث به وإنما هي دخيل عليهم إنما صار هذا كذا لئلا تتزوج المرأة فيجيء زوجها أو ولدها من قوم آخرين فيزاحم قوماً آخرين في عقارهم).

وعليه لا يقال أن البنت والأخت أيضاً تأتي بزوجها فلماذا ترث من العقار والدار وما أشبه؟

لأنه يقال: إن الرجل لا يسكن غالباً بيت الزوجة وإنما الزوجة هي التي تسكن في دار الزوج ولذا قال (عليه السلام) أو ولدها ثم البنت والأخت من أهل الدار أما الزوجة وزوجها الجديد فكلاهما أجنبيان.

وكيف كان فعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): (قال النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئاً).

وعن محمد بن سنان (إن الرضا (عليه السلام) كتب اليّ فيما كتب من جواب مسائله علة المرأة أنها لا ترث من العقار شيئاً إلا قيمة الطوب والنقض لأن العقار لا يمكن تغييره والمرأة قد يجوز أن ينقطع ما بينها وبينه من العصمة ويجوز تغييرها وتبديلها وليس الولد والوالد كذلك لأنه لا يمكن النقض منهما والمرأة يمكن الاستبدال بها كما يجوز انه يجيء ويذهب كان ميراثه فيما يجوز تبديله إذ أشبهه وكان الثابت المقيم على حاله كمن كان مثله في الثبات والقيام). والروايات في هذا المجال كثيرة.

ثم أن الألفاظ الواردة في الروايات في موضوع ما ترث وما لا ترث فسرت في اللغة وكنب الفقهاء بما يلي:

العقار بالفسخ الأرض والضياع والنقل وفي المسالك المشجر من جملة العقار.

وفي الصحاح الضيعة العقار ولعله يسمى عقاراً لأن الأرض تعقر بالبناء والشجر ونحوهما كما تعقر الدابة بالحبل والسرج ونحوهما وضيعة لأنها ضائعة لا والي عليها في كثير من الأحيان مثل ما للدار وللدكان ونحوهما حيث لهما وال وحافظ وعليه فلا يبعد أن يكون بينهما عموم مطلق فكل ضيعة عقار وليس كل عقار ضيعة إذ العقار يشمل الدار ولا تشملها الضيعة.

والطوب بالضم الآجر كما في مجمع البحرين(1).

والرباع جمع أربع وهو المنزل ودار الإقامة ولعله من التربيع حيث يجلس الإنسان في داره مربعاً بكل راحة بخلاف دار الغير والربيع من هذا الباب حيث استراحة الإنسان فيه.

وعلى أي حال فقد اختلفوا في المقام في أمرين:

الأمر الأول: فيما تحرم منه الزوجة.

الأمر الثاني: في الزوجة التي تحرم.

  • ما لا ترثه الزوجة من التركة

أما الأمر الأول: فقد ذهب المشهور إلى حرمانها من الأرض مطلقاً سواء كانت الأرض بياضاً أو مشغولة بزرع أو شجر أو بناء سواء كان بناء دار أو رحى أو حمام أو دكان أو غير ذلك.

أما ما على الأرض من المذكورات كالبناء أو الشجر وما أشبه فهي تحرم عن عينها لا عن قيمتها كما ذكر بعضهم الشجر فيما تقدم ولم يذكره آخرون إلا أن الظاهر أن المشهور من الفقهاء قائلون بذلك وقد ادعي على هذا القول الشهرة كما عن جماعة كالتقرير والقواعد والإيضاح وشرح الشرائع للصيمري وشرح الإرشاد للأردبيلي والمسالك والمفاتيح والكفاية وعن الخلاف الإجماع عليه.

وفي قبال هذا القول هناك قولان آخران:

الأول: حرمان الزوجة من أراضي الرباع هي الدور والمساكن خاصة دون أراضي المزارع والقرى والبساتين وتعطى قيمة الآلات والأبنية وهذا القول منقول عن المفيد والحلي (قدس سره) والنافع وكاشف الرموز (قدس سره) ومال إليه المختلف وقال في الكفاية انه بعد قول السيد (قدس سره) لا يخلو من قوة.

الثاني: حرمان الزوجة من عين الرباع خاصة لا من قيمتها وهو قول السيد المرتضى (قدس سره) وجعله في الكفاية (قدس سره) أقوى .

إلا أن الظاهر أن الأقوى هو قول المشهور لما عرفت من الروايات الكثيرة لا يضر فيها عدم صحة بعضها سنداً أو عدم دلالة بعضها بعد صحة سند كثير منها وظهور دلالة كثير منها كما أن عدم ذكر بعضها لبعض المذكورات لا يضر بعد ذكر الآخر لها نصاً أو إطلاقاً وعموما.

وأما الأمر الثاني: فهو في الاختلاف فيمن تحرم من الزوجات فالمشهور من الفقهاء على حرمان الزوجة مطلقاً ذات ولد كانت أو غير ذات ولد وهو مذهب الكليني والمفيد والسيد والشيخ في بعض كتبه والحلي والحلبي والمحقق في النافع وابن زهرة وجعله المسالك قوياً متيناً واختاره مشهور المتأخرين (قدس أسرارهم).

وذهب آخرون إلى حرمان غير ذات الولد أما ذات الولد فلا تحرم وقد ذهب إلى هذا القول في الشرائع والعلامة (قدس سره) في جملة من كتبه ونفى في المسالك عنه البأس بل ربما نسب إلى المشهور بين المـتاخرين إلا ان الظاهر أن في النسبة نظر واستدلوا برواية ابن أذينة وهي رواية مقطوعة وفي هذه الرواية ورد (في النساء إذا كان لهن ولد يعطين من الرباع) إلا أن المشهور لم يعملوا بها واعرضوا عنها وهذا يكفي في ضعفها ولذا قال (قدس سره) في الجواهر: ولكن لم نقف على دليل لهم معتد به في التفصيل المزبور أي بين ذات الولد وغير ذات الولد بل ظاهر النصوص على استفاضتها خصوصاً المشتمل منها على اعطاء الربع أو الثمن ومعاقد الإجماع عدم الفرق بين ذات الولد وغيرها.

وكيف كان فإنه يرث الزوج من جميع تركة زوجته من المنقول وغيره وترث الزوجة من المنقولات مطلقاً ولا ترث من الأراضي مطلقاً لا عيناً ولا قيمة سواء كانت الأراضي مشغولة بالزرع أو الشجر أو البناء وغيرها أو كانت بياضاً.

كما لا ترث الزوجة من أراضي الأنهار والقنوات والآبار ولا فرق في الزوجة بين أن تكون ذات ولد من الزوج أو لم تكن كذلك. نعم، ترث القيمة خاصة من آلات البناء كالجذوع والخشب والشجر والطوب ونحوها لا عيناً.

 

  • فروع ومسائل

وهنا فروع  تنفرع على هذه المسألة:

الفرع الأول: للزوجة الحق في اشتراط اعطائها بقدر الإرث من الدار والبناء عند عقد النكاح وذلك يخرج من اصل المال لا عن الثلث لأنه مثل سائر ديون الميت حال ذلك حال ما لو اشترطت لنفسها الوكالة عنه في طلاق نفسها متى شاءت أو عند عدم إنفاق الزوج أو ما أشبه ذلك فإن عموم (المؤمنون عند شروطهم) يشملها.

  • لا ترث الزوجة من الدار ولا الأرض

الفرع الثاني: لا إشكال في حرمان الزوجة من مطلق الدور سواءً كان الزوج يسكنها أو  يؤجرها أو لا ، لإطلاق الأدلة فإنها لا ترث من الأرض ولا من عين البناء وإنما ترث من القيمة أما إذا كان الزوج أجرها سواء أخذ من الأجرة أو لا فلها حق في الإيجار لأنها خارجة عن الأدلة وإذا اشترطت على الزوج في العقد أو في ضمن عقد السكنى في داره إلى حين موتها لم يكن الورثة إخراجها فتنقل الأرض والبناء إليهم مسلوبة المنفعة لحين موتها كما لا حق لها في مطالبة قيمة البناء بقدر الربع أو الثمن إلا إذا كان شرطها عليه السكنى مجاناً فيكون كشرطها إعطائها ماءه حيث أن الماء خارج عن قيمة البناء فاللازم أن يعطوها إرثها من قيمة البناء وليس ذلك جمعاً بين العوض والمعوض بل هذا من قبيل الشروط:

  • العمارات داخلة في الأرض والبناء

الفرع الثالث: البيوت ذات الطوابق كالعمارات داخلة في الأرض والبناء وإن كانت ذات طوابق كثيرة داخل في الأرض أو خارج الأرض لإطلاق الأدلة كما لا فرق بين ارض الدار والدكان والزرع والبستان والحمام والخان والفندق والكاراج والقرية والرحى والمساكن البائرة ومغارس الأشجار ومحل الخيم والأكواخ وما شابه ذلك فكل ذلك لا ترث منه الزوجة لإطلاق الدليل.

  • هل ترث الزوجة من الأثاث الثابت؟

وهل تدخل المراوح المنصوبة والشموع والمصابيح الكهربائية والمدفئة والمبردة وما أشبه ذلك مما كانت منصوبة في البناء؟ الظاهر نعم.

أما غير المنصوبة فلا. فلذا ترث الزوجة من الثاني ولا ترث من الأول.

وأم مثل الغسالة والثلاجة والأدوات الكهربائية فضلاً عن مثل السيارة والدراجة وما أشبه ذلك فلا إشكال في عدم دخولها في الممنوعات كما لا ينبغي الإشكال في عدم دخول الراديو والتلفون والتلفزيون واللاسلكي والحاسوب وما أشبه ذلك.

نعم إذا كانت هذه الأمور المذكورة مثبتة في البناء وثابتة ففي دخولها وعدمها احتمالان:

ولو شككنا في دخول أي شيء منها فالأصل هو الإرث إلا ما خرج بالدليل وما دمنا لا نعلم بأن هذه الموارد خرجت بالدليل فتشملها عمومات أدلة الإرث وإطلاقاته.

  • هل ترث الزوجة من أدوات المطبخ؟

ومن هذه المسألة يظهر الكلام في أدوات المطبخ المثبتة وأقفاص الكتب ونحوها كالرفوف ولو من الأخشاب والشوفاج والأقمشة المنصوبة كالموكيتات الملصقة بالجدران وغيرها أما الدولابات الموضوعة وأقفاص الدجاج والطيور كذلك فالظاهر أنها ليست من المستثنى فترث منها الزوجة وإن كان النصب بالتجميع داخل الغرف ولا يمكن نقلها إلا بفكها لشمول أدلة الإرث لها.

  • هل ترث الزوجة من الثمار الموجودة حين الموت؟

الفرع الرابع: يدخل في ما لا ترث الزوجة منه الأشجار مطلقاً كبيرة كانت أو صغيرة والظاهر دخول الكروم أيضاً والزرع قبل حصاده وكذا الأوراد والاعشاب لظهور الأدلة عرفاً أن في كل ذلك لأنها تابعة عرفاً للأرض أو للبستان أو الحديقة وما أشبه ولذا لا يحتمل أن يقلع الزهر ونحوه نعم بالنسبة إلى الثمار فالظاهر أن الزوجة ترث من الثمار لان الثمار لا تعد عرفاً من الأشجار المستثناة في الإرث وكذا تمر النخل وقد ذكر غير واحد من الفقهاء أن الزوجة ترث من الثمار وعلى هذا فلو فصلت مدة بين موت المورث وبين التقسيم ولم تكن ثمار في البين لم ترث الزوجة لأنها ظهرت في ملك سائرة الورثة أما لو كانت الثمار عند الموت ولو كانت صغيرة فللزوجة حصتها منها وللورثة مطالبتها بالأجرة لأن لها من قيمة الشجر حال الموت أما الأعيان فللورثة وكذا قال المستند وهو ظاهر كلام سماحة السيد الشيرازي (دام ظله) في الفقه أيضاً.

  • ما تستحقه الزوجة من القيمة

المسألة العاشرة: المدار في القيمة التي تستحقها الزوجة من بضع المتروكات على يوم الدفع لا يوم الموت لان المدار في الضمان على زمان إفراغ الذمة لأن الذمة مشغولة بالعين أما خارجاً أو اعتباراً إلى حين الإفراغ وحين الإفراغ هو يوم الدفع فلو زادت القيمة على القيمة حين الموت ترث منها أيضاً لأنها زيادة مالية حدثت في ملكها ولو نقصت نقصت من نصيبها أيضاً لأصالة البراءة عن الزائد وإن النقص يوزع على الجميع لكن الأحوط في هذه الموارد هو التصالح التراضي فيما به التفاضل لأن المسألة اجتهادية ومحل خلاف بين الفقهاء.

  • طريق تقويم ما تستحقه الزوجة

وطريق التقويم أن تقوّم الآلات والأشجار والنخل وغيرها بكونها مجتمعة على هيئاتها كما ورد التصريح به في كثير من الأخبار كقوله (عليه السلام) (ولكن يرثن قيمة البناء) وقوله (عليه السلام) (ولكن يقوم البناء والطوب) وغيرها من الروايات.

ومن الواضح أن البناء هو الهيئة الاجتماعية الكائنة في الأرض وكذا في الشجر لا أجزاء البناء المتفرقة فلذلك تقوم مجتمعة على هيئاتها لا منفكة بأن تقوم الآلات منفردة والشجر كذلك منفرداً لأن ذلك خلاف ظاهر الأدلة وهو من موجبات الضرر على الزوجة كما لا يخفى.

كما أنه يجب كون الآلات متينة حين الموت فلو خرب البناء أو قطعت الأشجار قبل الموت وبقيت تلك الحالة إلى حين الموت ترث من أعيانها حينئذ لأنها منقولة عرفاً وقلنا أنها ترث من الأعيان المنقولة.

ويجوز للورثة إعطاء قيمة الأبنية للزوجة من نفسها أو من الأراضي ببيعها لها للأصل بعد الخروج عن عنوان التوريث بالبيع أو الإجارة أو غيرها وكما يجوز لهم إعطاء القيمة من أي شيء شاؤوا للأصل ولقاعدة السلطنة الثابتة للوارث وعدم سلطنة الزوجة عليهم فلا تسلط الزوجة بحل المطالبة بأموال خاصة لعدم سلطنة شخص على غيره إلا من خرج بالدليل سواء كان في ماله أو في نفسه.

ولو تلف البناء بعد الموت وقبل القسمة والتوزيع لا يسقط من حق الزوجة شيئ لأن الأعيان تنتقل إلى الورثة بمجرد الموت والزوجة استحقت القيمة بحكم الشارع، وتلف ملك لا يستوجب سقوط حق آخر اشتغلت ذمته به.

وهكذا لو غصبت الأعيان التي ترث الزوجة من قيمتها فلو لم يخلف الميت سوى أبنية وأشجاراً مثلاً كما في الأراضي الموقوفة أو ملكاً للغير أو المفتوحة عنوة وتلفت تلك الأشجار أو غصبت فللزوجة مطالبة حقها من الورثة وذلك لاشتغال ذمة الوارث بالقيمة ولا نصيب للزوجة في الأعيان  لكن الظاهر أن الأحوط هو التصالح لما عرفت به.

  • الدين والكفن يخرجان من اصل التركة

المسألة الحادية عشرة: يوزع الدين والكفن ونحوهما على مجموع التركة للميت لقاعدة نفي الضرر ولتقديم كل ذلك على الإرث فلا يدفع جميع الدين أو قيمة الكفن ونحو ذلك من غير الأرض حتى يلزم الضرر على الزوجة ولا من الأرض خاصة حتى يلزم الضرر على الورثة إنما يوزع على الجميع وهذا ما تقتضيه قاعدة العدل والانصاف أيضاً.

  • لو كان البيت فوقاني

المسألة الثانية عشرة: لو كان للزوج فوقاني وكان تحته لغيره ترث الزوجة من قيمة البيت ولو خرب البيت فالظاهر توريثها من الفضاء لعمومات أدلة الإرث بعد اعتبار المالية للفضاء لدى العقلاء نعم لو كان تابعاً للبناء وخرب البناء وانهدم ولم يبق اعتبار المال للفضاء فحينئذ ينتفي إرثها للقضاء لانتفاء موضوعه فترث الزوجة من الانقاض فقط حينئذ بخلاف ما لو كان تابعاً للأرض فإنه يرث منه سائر الورثة دون الزوجة.

 

  • لو أوصى الزوج بوراثة الزوجة من الأرض

المسألة الثالثة عشرة: لو أوصى الرجل أن يعطى من أراضيه شيئاً نفذت الوصية إن كانت بمقدار الثلث لما اثبته الفقهاء في كتاب الوصية بأن للإنسان الثلث من ماله بعد موته وإنها لا تكون في هذه الصورة من الإرث فتعطى للزوجة بسبب الوصية لا بسبب الإرث وإلا إذا كانت الوصية اكثر من الثلث توقف في الزائد على إذن الورثة لانتقال المال إليهم فالتصرف في الزائد على الثلث منوط برضائهم ولو أوصى الرجل بأن ترث الزوجة من الأرض كسائر الورثة بطلت الوصية لأنها منافية لما ثبت في النصوص المستفيضة ولا مجال للإنسان في أن يشرع لنفسه حكماً بعد تشريع الشارع ولذا قام الإجماع على بطلانه أو استفادة من الأخبار.

  • ولاء العتق

وولاء العتق السبب الثاني في الميراث السببي ويتحقق بعد فقدان النسب إجماعاً بل ضرورة من الدين وهو في هذه الأزمنة خارج عن محل الابتلاء ـ على ما يبدو ـ وحاصله: إن المالك إذا أعتق عبده ثم مات العبد ولم يكن له وريث نسبي ورثه المعتق بعد توفر شروط أربعة هي:

الأول: أن يكون المعتق متبرعاً بالعتق لا أن يكون كفارة شرعية أو نحو ذلك فلو كان العتق بسبب واجب ككفارة أو نذر لم يثبت الميراث للمعتق وكذا لو كان العتق بالانعتاق القهري على المولى كالتنكيل والمثلة حيث ذكر الفقهاء في باب الحدود أن المولى إذا نكل بعبده أو مثّل به ينعتق عليه قهراً. على تفصيل ذكره الفقهاء في باب الحدود.

الثاني: أن لا يتبرأ من ضمان جريرته فلو اشترط عليه البراءة من ضمان جريرته لم يضمنها ولم يرثه وستعرف قريباً معنى ضمان الجريرة.

الثالث: أن لا يكون للعتيق قرابة قريباً كان أو بعيداً ما لم يكن به من موانع الإرث طبعاً ذا فرض كان أو غيره فلو كان للعتيق قرابة كان هو الوارث فلا تصل النوبة إلى المولى حينئذ لأدلة الإرث.

الرابع: أن لا يكون في المعتق شيء من موانع الإرث لما مر من العمومات والإطلاقات في موانع الإرث فلو قتل المعتق عتيقه بعد أن أعتقه تبرعاً لم يكن له الولاء أما ولاء الكافر للمسلم فهو ثابت لإطلاق الأدلة ولكن إرثه مشروط بإسلامه وذلك لأن المعتق لو كان غير مسلم لا يستحق إرث العتيق وحيث أن هذه المسائل خارجة عن محل الابتلاء نكتفي بهذا القدر ومن أراد فليرجع إلى الكتب الفقهية المفصلة.

 

  • ولاء ضمان الجريرة

وأما ولاء ضمان الجريرة فهو السبب الثالث في الميراث السببي.

والجريرة بمعنى الجناية: ومن تولى غيره فاتخذه ولياً يضمن ذلك الغير جناياته ويثبت له ولاءه ويثبت له ميراثه وكان هذا عقداً في الجاهلية يتوارثون به دون الأقارب فأقره الإسلام بعد أن هذبه وجعل له شرائط.

وعن الشافعي: إن الإرث بضمان الجريرة منسوخ بآية الأرحام وغيرها إلا انه عندنا باق لكن على بعض الوجوه والشروط ولا يخفى أن الرتبة الإرثية لضمان الجريرة بعد فقد ولاء العتق.

ويعتبر بولاء الجريرة أيضاً أمور:

الأول: الشرائط العامة من البلوغ والرشد والرضا والاختيار لما أرسلوها ـ الشروط العامة ـ إرسال المسلمات في جميع العقود والإيقاعات ولا يخفى أن ضمان الجريرة هو نوع من العقد بين شخصين ولذا يشترط فهي الشرائط العامة للتكليف.

الثاني: ذكر العقل أي ضمان جناياته في الديات ونحو ذلك فلو ذكر الإرث فقط من دونه لا يترتب عليه الأثر للأصل وللاقتصار على المتيقن فيما خالف الأدلة.

نعم لو كان العقل والإرث متلازمين ولم يكن الإرث من أحكام العقد أمكن القول بكافية أحدهما عن الآخر ولكن ذلك يحتاج إلى دليل ولذلك يجوز الاقتصار في ضمان الجريرة على العقل وحده دون ذكر الإرث فيترتب عليه الإرث كما عرفت ففي صحيح الحذاء:

قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل أسلم فتوالى إلى رجل من المسلمين قال إن ضمن عقله وجنايته ورثه).

والظاهر من النصوص أن العقد يتحقق بمجرد انشاء ضمان الجريرة والحدث أي ضمان العقل وإن الأحكام مترتبة على العقد كما بيناه في هذه الصحيحة.

الثالث: عدم وجود الوارث النسبي ولا ولاء العتق لما بيناه من الترتيب بينها.

الرابع: عدم وجود شيء من موانع الإرث للإطلاق والعمومات الدالة على أن المانع الإرثي كالقتل والكفر وما أشبه يمنع من الإرث فلا ضمان حينئذ.

ولا يخفى أن ضمان الجريرة عقد لازم لأصالة اللزوم في كل عقد إلا ما خرج بالدليل ولا دليل يثبت لنا غير اللزوم وما عن بعض من انه عقد جائز لم يقم على مدعاه دليلاً تطمئن به النفس في مقابل الأصل الأصيل المستفاد من قوله تعالى ((أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)) وغيره من الآيات والروايات.

وعليه فضمان الجريرة هو أن يركن شخص إلى آخر ليس بينهما نسب ولا سبب ويتعاهدان على أن يضمن كل منهما جناية الآخر ويكون إرث كل منهما للآخر، وقد قلنا أن هذا كان في الجاهلية فأمضاه الإسلام بعد تقديم الأنساب والأسباب عليه وبعد توفر الشرائط التي بيناها وقد فصل الفقهاء هذه المباحث في الكتب المفصلة فمن شاء فليرجع.

 

  • ولاء الإمامة

وأما الإمامة فهو السبب الرابع: من أسباب الميراث السببي.

ويكون سبباً للإرث في صورة ما إذا لم يكن للميت وارث نسبي ولا سببي من الزوج ولا ولاء عتق ولا ضمان جريرة فيكون إرثه حينئذ للإمام (عليه السلام) حاضراً كان أو غائباً بالأدلة الثلاثة:

النصوص والإجماع والعقل.

ففي معتبرة أيوب بن عطية الحذاء (قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول كان رسول الله يقول: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه ومن ترك مالاً فللوارث ومن ترك ديناً أو ضياعاً فاليّ وعليّ). وهذه الرواية صريحة في أن ميراث من لا وارث له يعود إلى الإمام (عليه السلام).

وعن أبي الحسن الأول (عليه السلام) في معتبرة حماد بن عيسى (الإمام وارث من لا وارث له).

إلى غير ذلك من الروايات المستفيضة بل المتواترة.

وأما العقل: لأن العقلاء يحكمون بصرف مال الميت الذي لا وارث له في الخيرات حتى يستفيد الميت منه أيضاً فيما يمر عليه من العوالم وصرفه كذلك لا يكون إلا تحت نظر رئيس المذهب أو نائبه بل تمليك الإمام (عليه السلام) المال يكون أيضاً من الخير الذي يتسابق فيه كل عاقل صوناً من هدرية المال وصرفه في الموارد التي يعود خيرها إلى أهلها.

وأما الإجماع فواضح.

وعليه فلو عدم الميت الوارث يكون إرثه للإمام (عليه السلام) فمع حضوره يجعل إليه يصنع به ما يشاء أو ذلك لأنه ماله ومسلط عليه وهو أعرف بصرفه كيف يشاء ومنها إعطائه لفقراء بلده وضعفاء جيرانه ورفقائه.

وأما في صورة غيبته (عليه السلام) فيصرف في كل ما يرضى (عليه السلام) كالصرف على الفقراء والمساكين من شيعته ونحوهم على المشهور وذلك للإذن الحاصل منهم (عليه السلام) بشاهد الحال لاستغنائهم عنه واحتياج موالهيم الذين هم من عيالهم ورأفتهم بهم وإنهم تحملوا ما تحملوا بالإضافة إليهم (عليه السلام) فيحصل الاطمئنان التام بالتقسيم بين الفقراء والمساكين من شيعتهم بعد تعذر وصول المال إليهم.

هذا ولا يختص هذا المال بالهاشمي لعدم دليل على ذلك بل الدليل على خلافه مضافاً إلى الأصل:

نعم، في صورة الغيبة إنما يصرف إذا كان بنظر من الحاكم الشرعي المأمون لأن الحاكم الشرعي هو النائب في عصر الغيبة فيرجع إليه إلى أن تنجلي الغبرة ويتبع نظره فيما يراه من المصلحة إن كان الحاكم جامعاً للشرائط وهنا مسائل:

  • الزوجة لا تمنع إرث الإمام (عليه السلام)

المسألة الأولى: لا تمنع الزوجة إرث الإمام (عليه السلام) بل يشاركها ولها نصيبها الأعلى لما تقدم من أن الزائد يرد إلى الإمام (عليه السلام) بخلاف الزوج فإنه يمنع إرث الإمام (عليه السلام) لما بيناه سابقاً.

 المسألة الثانية: لو أوصى من لا وارث له بالثلث تنفذ الوصية فيه ولو أوصى بالزائد عنه فالاحتياط أن يصرف الحاكم الشرعي الزائد في مورد الوصية نيابة عن الإمام (ع )

  • إذا تبين الوارث بعد التقسيم

المسالة الثالثة: إذا تبين للحاكم الشرعي بعد أخذ إرث من لا وارث له أن له وارث فيرد اليه الميراث إن كان موجوداً ولم يصرف في الموارد التي بيناها لأن الوارث هو مالك المال ولابد من رد المال إلى مالكه كما أن للوارث أن يأخذ هذا المال أينما وجده لقاعدة السلطنة.

ولو تبين ذلك بعد أن صرف المال ففي الضمان هنا إشكال: من انه في الواقع كان الأخذ مراعى بعدم وجود وارث حقيقةً فانكشف وجوده فتشمله قاعدة (من اتلف مال الغير فهو له ضامن).

ولأصالة احترام مال الغير وعدم جواز التصرف فيه إلا برضاه وهذا يوجب احتمال الضمان.

ويحتمل عدم الضمان: لأنه كان معذوراً فيجوز له التصرف ومقتضى الأصل عدم الضمان لكن الأحوط هو التراضي في المسألة لأنها من المشكلات.

  • القتل بحق لا يمنع من الإرث

المسألة الرابعة: القتل بالحق بإذن الحاكم الشرعي لا يمنع من ردّ الإرث إليه لما مرّ في موانع الإرث من أن القتل المانع عن الإرث هو العدواني فلا يشمل القتل بحق كالقصاص مثلاً لأنه مستند إلى الشارع نفسه.

  • شرطان في إرث الإمام (عليه السلام)

المسألة الخامسة: يعتبر في إرث الحاكم لمن لا وارث له أمران:

الأول: الاطمئنان بعدم وجود الوارث بالفحص عنه لما مرّ من انه لا تصل النوبة إلى الإمام (عليه السلام) إلا بعد فقد جميع أقسم الوارث وإن الاطمئنان هنا حجة عقلائية فلابد من تحصيله وأما قبله فلا يصح التصرف في التركة وإنما ينبغي الفحص حتى يحصل الاطمئنان بعدم وجود الوارث.

الثاني: أن تكون التركة قابلة للانتقال لتحقق موضوع الإرث حينئذ فلو كانت أموال الميت وقفاً كما لو جعلها هو في حياته مع تحقق شرائط الوقوف أو كانت وقفاً من السابق كما لو أوقفها آباؤه وأجداده أو كانت أمواله من الأراضي المفتوحة عنوة فلا تصل إلى الإمام (عليه السلام) حينئذ وهذا الشرط لا يختص بالمقام  بل يجري في جميع أقسام الإرث كما لا يخفى.

  • ميراث الخنثى

تقدم منا أن الخنثى إن كان معلوم الجنسية كالذكورة والأنوثة فتشمله أدلة الإرث الجارية في النساء إن كان من النساء أو في الذكور إن كان من الذكور وأما بالنسبة إلى الخنثى المشكل فقد ارتضينا نحن تبعاً لجمع من الفقهاء منهم سماحة السيد الشيرازي (دام ظله) في الفقه إلى عدم الإشكال في الخنثى شرعاً وإن كان واقعاً بالنسبة إلينا مشكلاً، لأن الخنثى المشكل يختار أحد الجنسين فيعمل بتكاليفه لما بيناه من الأدلة سابقاً وعليه فإن الخنثى المشكل إذا اختار أحد الجنسين فإن أحكام ذلك الجنس في الإرث تشمله وإنما على مبنى المشهور القائلين بوجود خنثى مشكل فالمسألة تحتاج إلى بيانات مفصلة في باب الإرث وقد فصلها الفقهاء في الكتب الفقهية المفصلة فمن أراد فليرجع إلى الشرائع وشرح اللمعة وما أشبه ذلك.

ـــــــــــ

الهامش

1ـ مجمع البحرين، ج2، 111، مادة طيب.