المادة: فقه المجتمع
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon 035.doc

الرابع: أن يكون الأخوة أو الأخوات للأب والأم أو للأب فقط نصوصاً وإجماعاً كما في صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل (فإن كان له أخوة فلأمه السدس) يعني أخوة لأب وأم أو أخوة لأب فلا يحجب الأخوة للأم خاصة) وذلك لقول الصادق (عليه السلام) في صحيح عبيد بن زرارة (الأخوة من الأم لا يحجبون الأم عن الثلث).

وفي صحيح زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام).

قال لي يا زرارة ما تقول في رجل مات وترك أخويه من أمه وأبويه؟ قال قلت السدس لأمه وما بقي فللأب فقال من أين هذا؟ قال سمعت الله عز وجل يقول في الكتاب العزيز ((فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ)) فقال لي ويحك يا زرارة أولئك الأخوة من الأم إذا كان الأخوة من الأم لم يحجبوا الأم عن الثلث).

الخامس: انفصال الأخوة فلا يحجب الحمل على المشهور لقول الصادق (عليه السلام) في رواية العلاء بن الفضيل (أن الطفل والوليد لا يحجبك ولا يرثك إلا ما أذن بالصراخ).

لانسباق الوجود الخارجي من الأخوة في الكتاب العزيز: ((فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ)) فإن المفهوم العرفي والمنصرف منه هو غير الحمل الذي لا يعلم حاله ولم ينفصل عن أمه كما بينا سابقاً.

السادس: حياة الأخوة عند موت المورث لأنه هو المنصرف من الأدلة مضافاً إلى أصالة عدم الحجب إلا إذا كانوا أحياء عند موت المورث أما إذا ماتوا  قبلالمورث أو اقترن موتهم  بموت المورث أو أشتبه المتقدم والمتأخر فإن الظاهر أنهم لا يحجبون لأصالة عدم الحجب في كل ذلك إلا في مورد اليقين ومورد اليقين هو حياتهم عند موت المورث ولا يخفى أن حكم الخنثى المعلوم حاله أنه من أي الجنسية فواضح وأما الخنثى المشكل فبناءً على قول المشهور القائلين بوجود خنثى مشكل فالحكم مشكل أيضاً للشك في تحقق الموضوع وأما بناءً على ما اخترناه تبعاً لجمع من الفقهاء من أن الخنثى يمكن أن يختار أحد الجنسين من الذكور أو الأنوثة فحينئذٍ يعمل بتكليف الجنس الذي اختاره في هذه الصورة.

وهنا مسائل:

المسألة الأولى: لا يحجب الأم أولاد الأخوة للأصل بعد عدم صدق الأخوة عليهم وإن قعدوا مقام آبائهم في الميراث فإن التعدي من الأخوة إلى أولادهم في الحجب نوع من القياس وعليه فإن حجب الأم منحصر بالولد والأخوة ولا يشمل أولاد الأخوة كما بيناه سابقاً.

  • الغائب يحجب بشروط

المسألة الثانية: الغائب يحجب ما لم يقض بموته وذلك للأصل بعد ثبوت الحجب قبل غيبوته وانتقال الزائد عن السدس الى الأم مشروط بموت الغائب وفي عدم إحراز موته فالمشروط ينتفي بانتفاء شرطه

المسألة الثالثة: لو كان الولد ممنوعاً عن الإرث لكفر أو قتل ونحوه ذلك فينزل منزلة العدم لأصالة عدم الحجب وإن الولد المانع عن الإرث بمنزلة العدم فيشمله قوله تعالى: ((وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ)). فالمدار على الولد ممنوعاً عن الإرث لكفر أو قتل ونحو ذلك فينزل منزلة العدم لأصالة عدم الحجب وإن الولد المانع عن الإرث بمنزلة العدم فيشمله قوله تعالى: ((وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ)). فالمدار على الولدية إذا كان وارثاً فيكون عدم الولد تارة تكويني وأخرى تنزيلي، وهذا يجري في جميع المسائل التي يكون الولد فيها حاجباً.

السابع: المغايرة والتعدد فلو كانت الأم أختاً لأب كما يتفق في المجوس أو في وطي الشبهة فلا حجب لأن المنصرف من لفظ الأم والأب في الكتاب والسنة هو هذا فلو وطأ رجل ابنته بالشبهة فولدها أخاها لأبيها وهي أمه التكوينية فلا حجب كما أن المجوسي إذا وطأ ابنته أو وطأ أخته فلا حجب لأن الحجب يقع مع المغايرة والتعدد في كل هذه الشرائط المتقدمة إذا علمنا بثبوت الشرائط فلا إشكال في وقوع الحجب وأما إذا شككنا في تحققها في الأخوة فلا حجب وذلك للأصل مضافاً إلى أن التمسك بالاطلاقات والعمومات في هذه الصورة يكون من قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية فلا بد حينئذٍ من الرجوع إلى الأصل الموضوعي ومع عدمه فالمرجع هو الأصل الحكمي وهو أصالة عدم الحجب فتأمل.

  • المورد الرابع من موارد الحجب:

هو الأخذ في الأبوين أو الأب فإنها تمنع الأخوة من الأم من الرّد على ما زاد على فريضتهم نصاً وإجماعاً ولما فرض القاعدة من (أن الأقرب يمنع الأبعد) وكذلك الأخوات المتعددة من الأبوين أو الأب فإنها تمنع الأخ الواحد الأمي أو الأخت الأمية عن ردّ ما زاد على فريضتها كما مرّ من الأدلة وكذا أحد الجدودة من قبل الأب فإنه يمنع الأخوة من قبل الأم عما زاد عليها ردّاً لما يأتي في محله إن شاء الله تعالى هذا ولا يخفى أن هناك أموراً أخرى عدها بعض الفقهاء من موارد الحجب وفيها مسامحة واضحة كالحبوة للولد الأكبر ودية الخطأ التي يمنع القائل منها إلا أن الظاهر أن في صدق الحجب في مثل هذه الموارد. تأمل.

  • المبحث السادس في السهام والحصص:

فقد تقدم أن الوارث إما يرث بفرض أو غيره والفرض هو السهم المقدر في كتاب الله الكريم كما بيناه والمقصود من غيره هو الذي يرث بغير فرض مقدر وعليه فإن اتحد الوارث وكان ممن لا فرض له كان الإرث كله له للأدلة الأربعة من الكتاب قوله تعالى: ((وَأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ)).

ومن السنة الروايات المستفيضة الدالة على ذلك.

ومنها القاعدة: ( أن الأقرب يمنع الأبعد) فهي بعمومها شاملة للمقام أيضاً والإجماع فهو مما تسالم عليه الفقهاء وأما العقل فلحكمه بأن الأقارب أولى من غيرهم بالإرث وما يخلفه الميت وهذا أمر واضح كما بيناه سابقاً في حكمة الإرث وفلسفته.

ويضاف إلى ذلك أن الوارث إن كان ذا فرض إلا أن مقدار فرضه يرثه بالفرض والباقي يأخذه بالرد عليه وذلك بسبب القرابة إجماعاً ونصوصاً متواترة منها صحيح بكير عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) (قال إذا مات الرجل وله أخت تأخذ نصف الميراث بالآية كما تأخذ الابنة لو كانت والنصف الباقي يرد عليهابالرحم ).

ومثله غيره من الروايات وكذا لو انحصر الورثة في بنتين فصاعداً  يرثن الثلثين بالفرض ويأخذن الباقي بالقرابة وكذا لو ماتت امرأة وتركت زوجاً فالمال كله للزوج بالفرض وبالرد.

وأما إن تعدد الوارث فإن كان مما لا فرض له يقسم المال بينهم بالتساوي أو بالتفاضل كما ستعرفه وإن اجتمع ذوو فروض مع غيرهم يأخذ ذو الفرض فرضه وكان الباقي لمن لا فرض له كما إذا اجتمع زوج أو زوجة مع أب وأم ولم يكن ولد فيعطى الزوج أو الزوجة نصيبها الأعلى وهو النصف للزوج والربع للزوجة وتعطى الأم الثلث مع عدم الأخوة الحاجبين وتعطى السدس مع وجود الأخوة الحاجبين والباقين يكون للأب نصاً وإجماعاً.

وكما لو اجتمع ابن مع أب وأم يأخذ كل منهما السدس والباقي يكون للابن وكذا لو اجتمع أحد الزوجين مع الأب وحده فيعطى نصيبه الأعلى والباقي يكون للأب وهكذا.

وإن تعدد الوراث من طبقة واحدة من ذوي الفروض ولم يكن معهم من لا فرض له فإن الأقسام في هذه الصورة ثلاثة لأنه إما أن تتساوى الفروض وتستوعب التركة فلا تزيد عليها ولا تنقص منها وهذا قسم وإما أن تنقص عنها وهذا القسم الثاني وإما تزيد عليها وهي القسم الثالث.

والظاهر أن الحصر هنا عقلي إذ لا رابع في البين ويعبر عن الأخيرين بالعول والتعصيب الممنوعين عند الإمامية كما سيأتي بيانه فيما يأتي إن شاء الله.

  • مقادير السهام المفروضة وأصحابها:

وهنا مسائل:

المسألة الأولى: السهام المنصوصة ستة وهي النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس، والحصر في هذه السهام المنصوصة نشأ من الاستقراء الشرعي نصاً وإجماعاً وأرباب هذه السهام المنصوصة ثلاثة عشر. هم كما يلي:

النصف: وهو لثلاثة :  للزوج مع عدم وجود الولد للزوجة وأن نزل لقوله تعالى: ((وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ)) وعن أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح محمد بن مسلم: (أن الزوج لا ينقص من النصف شيئاً إذا لم يكن ولد).

مضافاً إلى الإجماع بين المسلمين هذا إذا كان وارث غيره وإلا أخذ جميع المال بالفرض والرد.

وممن سهمه النصف أيضاً البنت المنفردة وذلك بالأدلة الثلاثة فمن الكتاب قوله تعالى: ((وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ)).

وعن الصادق (عليه السلام): (عن رجل أوصى إليّ وهلك وترك ابنته فقال (عليه السلام) أعط الابنة النصف).

ومثله غيره من الروايات المعتبرة فتأخذ البنت في هذه الصورة نصف التركة بالفرض وتعطي الباقي ردّاّ فيكون المال كله لها إن لم يكن وارث غيرها.

وهذا ما أجمع عليه المسلمون أيضاً.

الصنف الثالث: هو الأخت المنفردة لأب وأم أو للأب فقط مع عدم الأم لقوله تعالى: ((وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ)).

إضافة  إلى الروايات والإجماع ولا يخفى أنها لابد وأن تكون للأب والأم أو للأب فقط كما ستعرفه هذا لو انفردت البنت عن الذكر الوارث وإلا فللذكر مثل حظ الأنثيين.

الثاني من أصحاب السهام وهو الذي يستحق الربع وهو لاثنين: الزوج مع الولد للزوجة وإن نزل، سواء كان منه أو من غيره لقوله تعالى: ((فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ)).

والزوجة إن لم تكن للزوج ولد وإن نزل لقوله جل شأنه ((وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ)).

وللسنة المستفيضة في هذا المجال مضافاً إلى إجماع المسلمين.

والثالث: من ذوي السهام من يأخذ الثمن وهو لواحد وهي الزوجة إن كان للزوج ولد وإن نزل لقوله تعالى: ((فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ)).

وما يأتي من الروايات مضافاً إلى الإجماع ولا يخفى أن إطلاق الآية الشريفة يشمل الولد وإن نزل ذكراً كان أو أنثى وعن الصادق (عليه السلام) في صحيح إسحاق بن عمار: (ابن الابن يقوم مقام أبيه) وغير ذلك من الروايات ولا فرق في الزوجة بين الواحدة والمتعددة ولقول مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) (لا تزاد المرأة على الربع ولا تنقص عن الثمن وإن كن أربعاً أو دون ذلك فهن فيه سواء مضافاً إلى الإجماع وحينئذٍ التقسيم بينهن يكون على حسب عددهن بالسوية بلا فرق بين الربع أو الثمن أي إن كانت حصته الزوجية الثمن فإن كن أربع يقسم بين الأربع وإن كانت الحصة ربعاً يقسم بين الأربع أيضاً.

الرابع من السهام وهو الثلث ويكون لأثنين هي:

1- الأم بشرط عدم وجود الحاجب وهو أن لا يكون للميت ولد وابنتين وذلك لقوله تبارك وتعالى: (فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له أخوة فلأمه السدس).

وعن الصادق (عليه السلام) في صحيح زرارة (في رجل مات وترك أبوين فلأمه الثلث وللأب الثلثان).

وفي صحيح ابان بن تغلب عن الصادق (عليه السلام) (في رجل مات وترك أبويه قال للأم الثلث وما بقي للأب). وغير ذلك من الأخبار مضافاً إلى الإجماع ومضافاً إلى اشتراطه عدم وجود الولد للميت وإن نزل ويشترط أن لا يكون له أخوة متعددين كما بيناه في الحجب.

2- الأخ والأخت من الأم مع التعدد وذلك بقوله تعالى: ((فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ)). وتخصيصه بولد الأم ذكراً كان أو أنثى للسيرة المستفيضة والإجماع المسلّم فعن الصادق (عليه السلام) في صحيح بكير بن أعين (والذي عز الله في قوله ((وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ)) إنما عنى بذلك الأخوة والأخوات من الأم خاصة). إلى غير ذلك من الروايات.

  • الخامس من السهام: وهو الثلثان ويكون لأثنين هما:

1- للبنتين فصاعداً مع عدم وجود الابن للميت للأدلة الثلاثة فمن الكتاب قوله تعالى: ((فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ)).

والظاهر أن المقصود هو اثنتان فما فوق وذلك لقول بنينا الأكرم (صلى الله عليه وآله) (الاثنان فما فوق جماعة) وربما يمكن استفادة ذلك من قوله تعالى: ((لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ)) فإن سهم الأنثى الواحدة الثلث حينئذٍ والثلثان للذكر الواحد فإذا تعددت الأنثيين فما فوق يصير  حظهما الثلثين.

ومن السنة ما رواه محمد بن مسلم في صحيحه (قال أقرأني أبو جعفر (عليه السلام) صحيفة الفرائض التي هي إملاء رسول الله (صلى الله عليه واله) وخط علي (عليه السلام) بيده فوجدت فيها إلى أن قال (ولو ترك ابنتين وأحد الأبوين الفريضة من ستة للبنتين الثلثان وأحد الأبوين السدس).

وأما الإجماع فهو مسلّم هنا.

2-_الأختان فصاعدا للأب والأم أو الأب فقط كتابا وسنة وإجماعا قال تعالى: ((إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ)).

والمقصود اثنتان وأكثر بقرينة السنة والإجماع كما تقدم.

وعن أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح بكير (إذا مات الرجل وله أخت تأخذ نصف الميراث بالآية كما تأخذ الابنة لو كانت والباقي يرد عليها بالرحم إن لم يكف للميت وارث اقرب منها فان موضع الأخت اخذ الميراث كله بالآية لقول الله تعالى: ((وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ)). وان كانتا أختين أخذتا الثلثين بالآية وتأخذ أن الباقي بالرحم وان كانوا أخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين وذلك كله إذا لم يكن للميت ولد وأبوان أو زوجة).

إلى غير ذلك من الروايات وعليه فالثلثان نصيب الأختين فصاعدا للأب والأم أو الأب فقط مع عدم وجود الأخ للأب فقط ويدل على ذلك الإجماع أيضاً.

السادس من السهام:السدس ويكون لثلاثة الأب مع الولد مطلقا وللام مع وجود الحاجب عن الثلث أي الولد أو الأخوة على ما بيننا في الحجب والواحد من كلام الأم كتابا وسنة وإجماعا.

أما الأول: أي الأب مع الولد مطلقا كقوله تعالى: ((وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ)).

وفي صحيح زرارة (قال أراني أبو عبد الله (عليه السلام) صحيفة الفرائض فإذا فيها لا ينقص إلا ديوان من السدس شيئا) إلى غير ذلك من الروايات المستفيضة.

وأما اخذ الأم للسدس مع وجود الحاجب فقد تقدم بيانه.

أما الواحد من كلالة الأم فقوله تعالى: ((وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أو أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ)).

وعن أبي جعفر (عليه السلام) في تفسير الآية المباركة إنما عنى بذلك الأخوة والأخوات من الأم خاصة.

وعن الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن سنان (في رجل ترك أخاه لامه ولم يترك وارثا غيره قال المال له ثلث فان كان مع الأخ للام جد قال يعطي الأخ للام السدس ويعطي الجد الباقي).

وقريب منه غيره مضافا إلى الإجماع.

والحاصل أن الفروض المتقدمة هي النصف ونصف النصف ونصف نصفه والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما كما تقدمت بعض تفصيلاته.

ولا يخفى أن أصحاب الفروض هم المتقدم ذكرهم وإما غيرهم من ذوي الأنساب من أهل الطبقة الثالثة وهم الأخوال والخالات والأعمام والعمات فإنهم يرثون بالقرابة لعدم الفرض لهم في الكتاب والسنة فيكون إرثهم بالقرابة فقط لقوله تعالى: ((وَأولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ)).

وللسنة المستفيضة التي ستعرفها.

  • مسائل وتعريفات

وهنا مسائل:

المسألة الأولى: الزوجان إرثهما بالفرض مطلقا لما تقدم من البيان الإ في  صورة واحدة وهي انحصار الزوج فحينئذ يكون جميع المال له إجماعا ونصوصا مستفيضة فعن أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح محمد بن القيس (في امرأة توفيت ولم يعلم لها أحد ولها زوج قال الميراث لزوجها).

وعن الصادق (عليه السلام) في موثق أبي بصير (في امرأة ماتت وتركت زوجا قال المال له).

والمستفاد من هذه الروايات انه لو انحصر الوارث بالزواج فلا فرض له بل المال كله له كما لا يخفى.

المسألة الثانية: الطبقة الأولى والثانية لا فرض لبعضهم أصلاً كالأخ والابن لأبوين أو لأب فإذا ترك الميت ابنا فالمال كله له وإذا ترك أخا لأبوين أو اخا لأب فقط فالمال كله له أيضاً وبعض أفراد الطبقة الثانية ذو فرض مطلقا كالأم فلها الثلث بأن لا يكون للميت ولد أو الأخوة كما تقدم فلا يمكن فرض حالة ثالثة للام نعم لو كانت الام وحدها فلها جميع المال.

وبعض من افراد الطبقة الأولى والثانية ذو فرض على حال دون حال كالأب فان له فرض السدس مع وجود الولد وليس له فرض مع عدم الولد والميراث كله له إن لم يكن وارث آخر في البين وإلا يعطي نصيب الوارث والباقي له.

ففي صحيح أبان بن تغلب عن الصادق (عليه السلام) (في رجل مات وترك أبوين قال للام الثلث والباقي للأب).

وفي موثق إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) (في زوج وأبوين قال للزوج النصف وللام الثلث وللأب ما بقي وقال في امرأة مع أبوين قال للمرأة الربع وللام الثلث وما بقي فللأب) إلى غير ذلك من الروايات وكذا الحال بالنسبة للأخت والأختين لأب فقط أو لأبوين فان لهن فرضا إن لم يكن معهن ذكر وليس لهن فرض إن لم يكن معهن ذكر لما تقدم بيانه.

أقسام الفروض الواردة في الكتاب والسنة

  • ثم لا يخفى أن الفرض الوارد في الكتاب والسنة على قسمين:

القسم الأول: من ليس له إلاّ فرض واحد لا يزيد عنه ولا ينقص مهما تبدلت الأحوال وذلك كالأب فان فرضه مع وجود الولد هو السدس لا يتغير ولا يتبدل وكذا البنت الواحدة مع وجود الابن فان لها النصف وكذا البنتان أو أكثر فان لهما الثلثان مع وجود الابن وكذا الأخت والأختان مع عدم وجود الأخ فلها النصف أو الثلثان كما مرّ وكذا الأخ والأخت للام فمع الوحدة فرضهما السدس ومع التعدد الثلث لا يزيد ولا ينقص.

القسم الثاني: من كان فرضه يتغير بتبدل الأحوال كالأم فإنها تأخذ الثلث تارة والسدس أخرى وكذا الزوجان فان لهما نصفا وربعا مع عدم الولد وربعا وثمنا مع وجود الولد.

  • مجموعة الصور الممكنة والممتنعة

المسألة الثالثة: الفروض الستة المتقدمة مع ملاحظة اجتماعهما والصور المتصورة منها ستة وثلاثون بضرب الستة في مثلها واجتماع كل من النصف مع غيره وهذه ستة وكذا الربع مع غيره وهذه ستة اخرى واجتماع الثمن مع غيره وهذه ستة أيضاً وكذا اجتماع الثلثين مع غيره وهذه ستة واجتماع الثلث مع غيره وهذه ستة وكذا اجتماع السدس مع غيره وهذه ستة أيضاً فيصير المجموع ستا وثلاثين تسقط من هذه الصورة المتكررة وهي خمس عشرة لما يحصل التكرار بينها قهرا كما تقدم فان اجتماع النصف والربع مثلا يتكرر فلا بد من حذف المكرر وكذا الثمن مع النصف والثمن مع الربع وهكذا وان الصورة المكررة خمسة عشرة تحصل من ضرب الثلاث في خمسة وكذا الصورة الممتنعة وهي ثمان تبقى ثلاث عشرة صورة صحيحة كما ستأتي.

ولا يخفى إن الامتناع هنا سواء كان عقليا كاجتماع الربع مع مثله لأنه فرض الزوج مع الولد والزوجة مع الولد فلا يتصور اجتماعهما لأنه من الجمع بين النقيضين هذا كله بحسب الفرض الوارد في الكتاب والسنة من دون ملاحظة طرو  العنوان الثانوي كالغرقى والمهدوم عليهم ونحوهم.

وإلا فيمكن تغير الحكم بتغير موضوعه وكذا لا يجتمع الربع مع الثمن الذي هو نصيب الزوجة مع الولد والزوج بلا ولد.

أو شرعيا كان المانع كما إذا استلزم العول الذي هو باطل عندنا كاجتماع النصف مع الثلثين ثم إن الامتناع من العول يكون بالفرض لا بالقرابة وإلا فكثير من الأقسام الممتنعة ممكنة بالقرابة ومجموع الصور الممتنعة هي كما يلي:

الأولى:اجتماع النصف مع الثلثين كما في اجتماع الزوج والأختين للأب والأم أو للأب فيستلزم العول وان النقص يدخل على الأختين دون الزوج لأنهما ليستا من ذوي الفرض في هذا الحال وإنما تأخذان الإرث بالقرابة فالنصف للزوج والباقي لهما خلافا للعامة حيث أوردوا النقص على الجميع.

وكيف كان فلا يجتمع النصف مع الثلثين لاستلزامه العول وإلا فأصله واقع

الثانية: اجتماع الثلثين مع الثلثين لعدم اجتماع مستحقهما لان الثلثين نصيب البنات والثلثين الآخرين نصيب الأخوات فلا ترث الثانية مع وجود الأولى مضافا إلى استلزام العول أيضاً.

الثالثة: الربع مع مثله لان الربع سهم الزوج مع الولد وللزوجة مع عدم الولد للزوج فكيف يتصور اجتماعهما.

الرابعة:الثلث مع مثله لعدم الفرض له في الكتاب والسنة لأنه فرض الأم مع عدم الحاجب وكذلك الأم مع التعدد فان الأختين وان كان لهما الثلثان فكل واحد منهما الثلث ولكن هذا ليس مقدرا وإنما المقدر الثلثان.

الخامسة: السدس مع الثلث لان سهم الأم مع عدم الحاجب والسدس سهمهما مع الحاجب أو مع الولد فلا يجامعه أصلاً.

السادسة: الثمن مع مثله لان الثمن سهم الزوجات فلهن جميعا الثمن فلا يتصور ثمن آخر حينئذ.

السابعة: الثمن مع الثلث لان الثمن فرض الزوجة مع الولد والثلث نصيب الأم مع عدم الحاجب والمتعدد من كلالة الأخوة فكيف يتصور اجتماعهم مع الثمن؟!

الثامنة: الثمن مع الربع لان الربع نصيب الزوجة مع الولد والربع نصيبها مع عدم الولد فكيف يجتمعان؟

وكذا نصيب الزوج مع الولد الربع والزوجة إن لم يكن للرجل ولد فلا يجتمعان فهذه صور الاجتماع وحاصلها واحدة من صور النصف واثنتان من صور اجتماع الربع مع غيره واثنتان من صور اجتماع الثلث مع غيره كما تقدم مفصلا.

  • الصور الصحيحة ونماذجها

وأما الصور الصحيحة.فهي كما يلي:

الأولى: النصف مع مثله كما إذا ترك الميت زوجة وأختا واحدة لأب أو لأبوين فللزوج النصف وكذا للأخت الواحدة على ما تقدم.

الثانية:النصف مع الربع كما إذا كان الوارث زوجا مع بنت واحدة من الزوجة فله الربع ولها النصف مما تركت أمها.

الثالثة:النصف مع الثمن كما إذا مات عن زوجة وبنت واحدة فللزوجة الثمن وللبنت الواحدة النصف.

الرابعة:النصف مع الثلث كما إذا مات عن زوج فالنصف للزوج مع عدم الولد والثلث للام مع عدم الحاجب.

الخامسة:النصف مع السدس كزوج وأخ واحد أو أخت واحدة من أم.

السادسة:الربع مع الثلثين كما إذا خلف الميت بنتين أو أكثر فلهما الثلثان والزوج فله الربع كما تقدم في السهام

السابعة:الربع مع الثلث وذلك لو ترك الميت زوجة لم يكن للزوج منها ولد وان نزل فتأخذ الربع وأماً مع عدم الحاجب.

الثامنة:الربع مع السدس كما لو خلف زوجة وواحدة من كلالة الأم فللزوجة مع عدم الولد الربع وللواحدة من كلالة الأم السدس.

التاسعة:الثمن مع الثلثين كما في الزوجة والبنتين فلهما الثلثان والثمن للزوجة.

العاشرة:الثمن مع السدس كما في الزوجة مع احد الأبوين فلها الثمن وله السدس.

الحادية عشرة:الثلثان مع الثلث كما في الأختين للأب أو اللأبوين وأختين للام.

الثانية عشرة:الثلثان مع السدس كما في أب وبنتين فللأب السدس والثلثان للبنتين.

الثالثة عشرة:الثلث مع السدس كما في الأبوين مع الولد فلكل واحد من الأب والأم السدس والبقية للولد للذكر مثل حظ الانثيين فلهذا مجموع الصور التي هي ست وثلاثون صورة.

صور الإجتماع بحسب القرابة

واما صور الاجتماع بحسب القرابة فلا حصر لها لاختلافها باختلاف الوارث كثرة وقلة ويمكن فرض ما امتنع لغير العول فان العول الذي هو زيادة السهام عن التركة أمر باطل في مذهب الأمامية كما إذا اجتمع الربع مع مثله بالقرابة كابن وبنتين وكذا في الثمن كما في زوجة وبنت وثلاثة بنين فللزوجة الثمن وللأولاد الذكور لكل واحد منهم الربع وللبنت الثمن وكذا لو اجتمع الثلث مع السدس وهكذا.

  • إرث الجدود

المسألة الرابعة:إرث الجدود بالقرابة لا بالفرض وذلك لعدم وجود سهم لهم بالكتاب والسنة وإنما يكون الإرث لهم بواسطة من يتقرب بهم كالأب والأم وفي رواية أبي أيوب عن الصادق (عليه السلام) (إن في كتاب علي (عليه السلام) كل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجر به إلا أن يكون وارث اقرب إلى الميت منه فيحجبه) ويستفاد منها قاعدة فقهية تخص باب الإرث وهي مطابقة للآيات الشريفة المتقدمة والروايات التي يأتي ذكرها وفي محلها إن شاء الله خرجت منها الموارد التي تقدمت في موانع الإرث.

وعليه لو اجتمع جد وجدة كلاهما من طرف الأم واحداهما من طرف المنتسبين من قبل الأب كالأخوة والأخوات من طرف الأب والأم أو من الأب كالجد والجدة من قبل الأب يكون فرض الجد والجدة الأمي الثلث لأنه فرض الأم بشرط أن لا يكون للميت ولد مطلقا وان نزل وان لا يكون له أخوة متعددة كما تقدمت شرائطها في الحجب ومع عدمها وعدم وجود الطبقة الأولى فانه تصل إلى الجد والجدة والأخوة والأخوات فللجد والجدة من الأم الثلث وان ورد النقص على ذي الفرض لما يأتي في فساد العول وبطلانه وان النقص يرد على الأخت الواحدة لانها لم يعين لها في الكتاب الكريم إلا سهم واحد وكذا البنات والأخوات دون غيرهن كالأم والزوج فقد عين لهما الفرض الأعلى والأدنى كما تقدم وعليه فلو كان الوارث زوجا وجدة من الأم وأختا من الأب والأم فالنصف للزوج لأنه سهمه كما مرّ والثلث للجد من الأم واحدا كان الجد أو متعددا والباقي وهو السدس يكون للأخت الواحدة من الأب والأم أو الأب فقط مع أن سهمها النصف فمع أن إرث الجدود بالقرابة لا يرد النقص على سهامهم وإنما يرد النقص على ذي الفرض وهو الأخت الواحدة.

  • المبحث الرابع في العول والتعصيب

فان الورّاث الذين يرثون الميت بالفرض يتصور إرثهم من التركة على صور فان الشقوق المتصورة في الورثة بالنسبة إلى الورثة ستة أقسام بالحصر العقلي وذلك لان الوارث الذي لهم فرض سواء كان واحد أو أكثر إما أن يكون مع الوارث وارث آخر له فرض  أو لا يكون معه وارث كذالك وفي كل منها إما تساوي الفروض التركة أو لا تزيد أو تنقص فهذه ستة أقسام.

اثنان منها ممتنعان

الأول: أن يكون مع ذي الفرض من لا فرض له وتنقص التركة من فروضها لاستلزامها جهالة الشارع بتشريعها وللتناقض.

الثاني: أن تكون التركة مساوية لذوي الفروض ومن لا فرض له وهذا أيضاً ممتنع لأنه يلزم منه إن لا يكون المساوي لذوي الفروض مساويا لها.هذان القسمان ممتنعان

الثالث:ما لو زادت التركة عن الفروض الواردة في الكتاب والسنة كما تقدم وكان هناك وارث مساو في الطبقة ولا فرض له فالزائد له بالقرابة نصا وإجماعا كما في الوالدين والأولاد فيأخذ ذو الفرض وهما الوالدان فرضه والباقي يكون الأولاد يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.

الرابع: ما إذا كانت التركة مساوية للفروض بلا زيادة أو نقيصة وهذا أيضاً مما لا إشكال فيه كما في الزوج فقط والأخت الواحدة أو البنتان فقط مع الأبوين أو الأختان مع الأب مع الجد والجدة للام فقط ففي جميع ذلك التركة مساوية لا تزيد ولا تنقص كما هو واضح.

  • معنى العول وحكمه

الخامس:فيما إذا كانت التركة اقل من السهام وأنها زادت على الفريضة والتركة وهو المسمى بالعول والعول في اللغة بمعنى الزيادة والارتفاع يقال عال الميزان أي ارتفع احد طرفيه من الأخر وفي حديث مريم (عليها السلام) (وعال قلم زكريا فكفلها زكريا) أي ارتفع عن الماء وفي المقام يصح أن يكون العول بمعنى زيادة الفروض على التركة يقال عالت الفريضة أي إذا ارتفعت وزادت السهام على التركة كما يصح أن يكون بمعنى أي نقص التركة عن السهام.

وكيف كان فان العول محل خلاف بين الشيعة وبين الجمهور فإنهم يوردون النقص على الجميع كأرباب الديون إذا نقص المال من حقهم بخلاف الإمامية يردون النقص على خصوص من لم يعين له سهم في الكتاب الكريم الا سهم واحد كالبنت أو البنات والأخت أو الأخوات إذ لم تكن من الأم فقط كما سيأتي للروايات المستفيضة الدالة على ذلك أما تنظير المقام بأرباب الديون لو نقص المال عن حقهم فهو قياس مع الفارق بعد تعيين السهام منه عز وجل على ما ستعرفه.

 وعليه فإن العول ما إذا كانت التركة أقل من السهام المفروضة كما إذا خلفّ الميت ابنتين وأبوين وزوجة فللابنتين الثلثان وللأبوين الثلث وللزوجة الثمن فمجموع السهام تسعة أثمان أي واحد وثمن واحد واصل التركة ثمانية فتزيد السهام على التركة بواحدة إلى غير ذلك مما تنقص التركة من السهام.

والعول لا يتحقق إلا بمزاحمة الزوج أو الزوجة والأبوين أما مع البنت أو البنات أو مع الأخت أو الأخوات كما سيأتي.

وكيف كان فالعول باطل عندنا بالأدلة الثلاثة أما الكتاب فلحصر السهام في الآيات الشريفة ستة وإن العول يستلزم زيادة السهام عليها وقد عيّن سبحانه وتعالى للأم والزوجين السهم الأعلى والأدنى في جميع الفروض كما عرفته فلا مجال لورود النقص عليهما بعد التعيين الإلهي لهم بخلاف البنت أو البنات أو الأخت أو الأخوات من الأب والأم أو من الأب فقط إذ لم يعين لهن إلا سهماً واحداً فيرد النقص عليهن كما سيأتي.

وأما السنة فهي متواترة عن الأئمة الهداة عليهم الصلاة والسلام كما في الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) (إن السهام لا تعول) ومثله ما في كتاب الفرائض التي هي إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخط علي وكان علي (عليه السلام) يقول: (إن الذي أحصى رمل عالج ليعلم أن السهام لا تعول على ستة لو يبصرون وجوهها لم تجز ستة).

وفي رواية الحضرمي عن الصادق (عليه السلام) (كان ابن عباس يقول أن الذي يحصي رمل عالج ليعلم أن السهام لا تعول من ستة فمن شاء لاعنته عند الحجر إن السهام لا تعول من ستة).

وعن الصادق في المعتبرة (أصل الفرائض من ستة أسهم لا تزيد على ذلك ولا تعول عليها ثم المال بعد ذلك لأهل السهام الذين ذكروا في الكتاب) إلى غير ذلك من الروايات المعتبرة.

أما الإجماع فهو مسلّم عندنا بل أنه من ضروريات المذهب كما صرح به جمع من الفقهاء.

 

  • معنى التعصيب وحكمه:

السادس: ما لو كانت التركة أزيد من السهام فترد الزيادة على أرباب الفروض ولا شيء لعصبة الميت أصلاً وهذا هو المعروف بمسألة التعصيب الذي هو أيضاً محل خلاف بين الإمامية وبين الجمهور فإنهم يلتزمون بأن الفضل من التركة للعصبة وأما الإمامية فيردون الفاضل إلى ذوي الفروض بحسب السهام.

وعصبة الرجل أولياؤه الذكور من ورثته الذين ينتمون إليه وإنما سمّوا بها لأنهم يحيطون بالرجل كالأب والأخ والابن والعم.

  • والعصبة عندهم قسمان:

الأول كل ذكر ينتسب إلى الميت بلا واسطة أو بواسطة الذكور فلو خلف بنتاً وابن الابن كان النصف للبنت والباقي للحفيد وكذا لو خلف بنتاً وأخاً أو عماً كان النصف للبنت والفاضل لأحد الباقيين.

الثاني: العصبة بالغير وهن البنات وبنات الابن والأخوات من الأبوين ومن الأب وهن لا يرثن بالتعصيب إلا بالذكور في درجتهن أو فيما دونهن فلو خلف الميت بنتين وبنت ابن فللبنتين الثلثان ولم يكن لبنت الابن شيء إلا إذا كان لها أخ أو كان هناك ابن الابن مثلاً.

وكيف كان فإنه لا ترد الزيادة على العصبة عندنا فإن كان هناك مساو لا فرض له تكون الزيادة له بالقرابة كما في الأبوين وزوج أو الزوجة فللأم ثلث المال وللزوج أو الزوجة نصيبهما وللأب الباقي أنه مساو ولا فرض له في هذا الحال.

ولو كان أخوة حاجبون كان للأم السدس وكذا في الأبوين والزوج والأولاد فإن للزوج الربع ولكل من الأبوين السدس والباقي يرد بالقرابة إذ لا فرض لهم في هذا الحال إلى غير ذلك من الموارد.

وإذا لم يكن قريباً مساوياً له في الطبقة وكان بعيداً أي في الطبقة المتأخرة لم يرث وردّ الفاضل من التركة على ذوي الفروض بحسب السهام عدا الزوج والزوجة لا يرد عليهما كما سيأتي وذلك بالأدلة الثلاثة.

أما الكتاب فلقوله تعالى: ((وَأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ)) بتقريب أن المراد من الآية المباركة أن الإرث بتمامه للأقرب فالأقرب فإن البنت أقرب من ابن الابن للأب ومن ابن العم وهكذا.

وقد يستدل أيضاً بقوله تعالى: ((لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نصيب  مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً)).

وأما السنة فهي كثيرة منها ما عن أبي جعفر (عليه السلام) (أن بعضهم أولى بالميراث من بعضهم لأنهم أقربهم إليه رحماً أول به ) ثم قال أبو جعفر (عليه السلام) أنهم أولى بالميت وأقربهم إليه أمه أو أخوه أليست الأم أقرب إلى الميت من أخوته؟.

وفي رواية الحسين الرزّاز (قال أمرت من يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) المال لمن هو الأقرب أو العصبة؟ فقال المال للأقرب والعصبة في فيها التراب).

وأما الإجماع فإنه من ضروريات المذهب.