المادة: فقه المجتمع
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon 029.doc

المبحث الثالث: في أصناف الطلاق:

وهي ثلاثة بحسب اعتبار الكراهة بين الزوج والزوجة.

الأول: أن تكون الكراهة الموجبة للطلاق من الزوج فقط وهو الذي يسمى طلاقاً وهو المعهود المعروف الواقع كثيراً في العرف وفي المجتمع وقد بينا أحكامه وشروطه فيما تقدم.

الثاني: فيما إذا كانت الكراهة من الزوجة لا من الزوج فتفدي النفس فداءً لتخلع نفسها عن زوجها وهو المسمى بطلاق الخلع فإن مادة (خَلَعَ) تأتي بمعنى النزع لغة وعرفاً وشرعاً باعتبار أن كل واحد من الزوجين لباس للآخر كما في قوله سبحانه وتعالى: ((هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ)) فكأن الزوجة بكراهتها للزوج تنزع هذا اللباس من نفسها بسؤالها الطلاق وليس الاصطلاح الشرعي لطلاق الخلع مخالفاً للمعنى اللغوي والعرفي بل الجامع القريب بينها واحد وهو النزع.

الثالث: فيما إذا كانت الكراهة من الطرفين معاً وهذا هو المسمى بالمباراة فيبرأ كل واحد من الزوج والزوجة عن الآخر مع أن الزوجة تبذل فدية لذلك كما ستعرف تفصيله.

وقد تقدم الكلام في القسم الأول وبقي البحث في الأحكام المتعلقة بالخلع وبالمباراة فنقول.

  • حقيقة الخلع:

أما الخلع: فهو الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها فهو قسم من الطلاق وهو المشهور المنصوص وعرف بتعاريف أخرى ذكرها الفقهاء في كتبهم الاستدلالية ويدل على اعتبار هذا الطلاق الكتاب والإجماع ونصوص كثيرة بين الفريقين فمن الكتاب قوله تعالى: ((فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ)).

وقد بين الفقهاء والمفسرون المراد من الفداء في الآية ، وعن نبينا الأعظم في قصة جميلة بنت عبد الله بن أبي (أنها كانت تحت قيس بن شماس وكان يحبها ولكنها تبغضه فقالت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا أنا ولا ثابت لا يجمع رأسي ورأسه شيء والله ما أعيب عليه في دين ولا خلق ولكني أكره الكفر في الإسلام ما أطيقه بغضاً إني رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل في عدة فإذا هو أشدهم سواداً وأقصرهم قامة وأقبحهم وجهاً فنزلت الآية وكان قد أصدقنها حديقة فقال ثابت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرها فلترد عليّ الحديقة التي أعطيتها فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما تقولين؟ قالت نعم وأزيده فقال (صلى الله عليه وآله) (صلى الله عليه وآله) لا، حديقته فقط فاختلعت منه بها وكان ذلك أول خلع في الإسلام.

وعن أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح محمد بن مسلم (إذا قالت المرأة لزوجها جملة لا أطيع لك أمراً مفسراً وغير مفسر حلّ له ما أخذ منها وليس له عليها رجعة)

إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي سيمر علينا بعضها.

ويعتبر في الخلع جميع شروط الطلاق التي بيناها سابقاً لفرض أنه فرد من مطلق الطلاق فتشمله أدلة اعتبار شروطه مضافاً إلى الإجماع والنصوص التي منها قول الصادق (عليه السلام) في صحيح محمد بن مسلم (لا طلاق ولا خلع ولا مباراة ولا خيار إلا على طهر من غير جماع).

وعن محمد بن مسلم أيضاً في صحيح قال أبو عبد الله (عليه السلام) (لا اختلاع إلا على طهرمن غير جماع).

هذا إذا كانت المرأة مدخولاً بها ولم تكن صغيرة ولا يائسة على ما بيناه سابقاً في أحكام الطلاق.

وفي معتبرة حمدان عن الصادق (عليه السلام) قال:

لا يكون خلع ولا تخيير ولا مباراة إلا على طهر المرأة من غير جماع وشاهدين يعرفان الرجل ويريان المرأة ويحضران التخيير واقرار المرأة إنها على طهر من غير جماع يوم خيّرها.

إلى غير ذلك من الرروايات ويزيد الخلع على الطلاق بأنه يعتبر فيه كراهة المرأة لزوجها خاصة فهو بعكس الطلاق من جهة الكراهة لأن في الطلاق الكراهة من قبل الزوج لا الزوجة أما في الخلع فإن الكراهة من جهة الزوجة لا من الزوج إجماعاً وكتاباً وسنة ففي صحيح الحلبي عن الصادق (عليه السلام) قال: (لا يحل خلعها حتى تقول لزوجها والله لا ابرّ لك قسماً ولا أطيع لك أمراً ولا اغتسل لك من جنابة ولأوطين فراشك ولآذنن عليك بغير أذنك وقد كان الناس يرخصون في ما دون هذا فإذا قالت المرأة ذلك لزوجها حلّ له ما أخذ منها..

وقريب من هذه الرواية روايات أخرى.

وكيف كان فإن الكراهة إذا كانت من الزوجة خاصة كان خلعاً وإن كانت الكراهة من الطرفين كان مباراة للكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب فظاهر قوله تعالى: ((وإن وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما)).

ومن السنة قوله في موثق سماعة (فيكره كل واحد منهما صاحبه).

فعلى هذا يظهر الفرق بين الطلاق وبين الخلع وبين المباراة من جهة الكراهة. وهنا مسائل:

  • صيغة الخلع:

المسألة الأولى: الظاهر وقوع الخلع بكل من لفظي الخلع والطلاق مجرداً كل منهما عن الآخر أو منضماً مادام الزوج يقصد الخلع وقصدته الزوجة أيضاً كما هو الشرط في الايقاعات وفي العقود من أن مقتضى الاطلاقات والعمومات كفاية اللفظ المفيد للمعنى لصدق الاطلاق.

والعموم قهراً على اللفظ الظاهر في المعنى المفهوم الذي هو فيما نحن فيه الخلع فيقول الزوج مثلاً (خلعتك) أو (طلقتك خلعاً) فيجوز إيقاعه بعد القصد بلفظ الخلع ويلفظ الطلاق منضماً أو منفصلاً.

ويدل على ذلك الروايات ومنها قول الصادق (عليه السلام) في صحيح الحلبي (عدة المختلعة عدة المطلقة وخلعها طلاقها وهي تجزي من غير أن يسمي طلاقاً.

والحديث صحيح سنداً وصريح متناً فيما ذكرناه.

ومنها صحيح سليمان بن خالد عن الصادق (عليه السلام) قلت له: (أرأيت إن هو طلقها بعد ما خلعها أيجوز؟ قال (عليه السلام) ولم يطلقها وقد كفاه الخلع ولو كان الأمر إلينا لم نجز طلاقها).

وهذه الرواية صريحة في كفاية لفظ الخلع.

وفيها صحيح ابن بزيع قال:

(سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن المرأة تباريء زوجها أو تخلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع هل تبين بذلك أو هي امرأته ما لم يتبعها بالطلاق؟ فقال تبين منه وإن شاء ت أن يرد إليها ما أخذ منها وتكون امرأته فعلت، قلت فإنه قد روي أنه لا تبين منها حتى يتبعها بالطلاق قال (عليه السلام) ليس ذلك أذن خلعاً فقلت تبين فيه؟ قال نعم).

وهي صريحة أيضاً في كفاية لفظ الخلع في وقوع الطلاق بلا حاجة إلى ألفاظ الطلاق خلافاً للشيخ وابن زهرة وان إدريس (قدست أسرارهم ) حديث ذهبوا إلى أن لفظ الخلع وحده غير كاف وإنما لابد من لفظ الطلاق بعده اعتماداً على رواية هي خبر موسى قال: (قال علي (عليه السلام) المختلعة يتبعها الطلاق مادامت في العدة).

والظاهر إلا أن الأصحاب هجروا هذا الحديث ولم يعملوا به خصوصاً وأنه ضعيف من ناحية السند، والصحيح أن وقوع الخلع يكفي عن لفظي الخلع والطلاق مجرداً كل منهما إلى الآخر أو منظماً وإن كان الانضمام أقرب للاحتياط وعليه فبعدما أنشأت الزوجة بذل الفدية ليخلعها مثلاً يجوز أن يقول الزوج (خلعتك على كذا - مقدار ما بذلت -) أو (أنت مختلعة أو مختلعة) والقراءة تصح بالكسر بناءً على ما يراه كشف اللثام ويمكن أن تقرأ على الفتح على ما نسب تلك القراءة إلى الكفاية والظاهر على الأول، وعلى كل فإذا قال الزوج لزوجته لأنت مختلعة على كذا) أو (مختلعة على كذا) يكتفى به.

وكذا إذا أتبعه بالطلاق بأن قال (فأنت طالق على كذا)، أو يقول (أنت طالق على كذا) يكتفى به كما يكتفى بقوله (أنت طالق على كذا). فأنت مختلعة على كذا). وذلك لما عرفته من الاجزاء منضماً أو جرداً

نعم إذا أوقع الخلع بالكنايات لم يصح كما لو قال لها (فاسختك) أو (فاديتك) وغيرهما كل ذلك للإجماع وللأصل والنص في المقام.

  • اشتراط الخلع بالبذل:

المسألة الثانية: الخلع وإن كان قسماً من الطلاق وهو من الايقاعات إلا أنه يشبه العقود في احتياجه إلى الطرفين وفي احتياجه إلى إنشائين إجماعاً ونصوصاً لقول الصادق (عليه السلام) في صحيح محمد بن مسلم. (المختلعة التي تقول لزوجها اخلعني وأنا أعطيك ما أخذت منك فقال (عليه السلام) لا يحل لها أن يأخذ منها شيئاً حتى تقول والله لا أبر لك قسماً ولا أطيع لك أمراً ولآذنن في بيتك بغير أذنك فإذا قالت ذلك من غير أن يعلمها حلّ له ما أخذ منها).

وغير ذلك من الأخبار.

والمقصود من الإنشاء بذل شيء من طرف الزوجة ليطلقها الزوج فتبذل ما تبذل بقصد الاختلاع والإنشاء الثاني إنشاء الطلاق من طرف الزوج بما بذلت وتطابقت على هذا المعنى النصوص والفتاوى وحينئذٍ يقع الخلع على نحوين لصدق طلاق الخلع على القسمين كما بيناه.

النحو الأول: أن يقدم البذل من طرفها كما هو المنساق من ظواهر النصوص والفتاوى فتقدم البذل على أن يطلقها فيطلقها على ما بذلت

النحو الثاني: أن يبتدأ الزوج بالطلاق مصرحاً ببذل العوض فتقبل الزوجة بعده لأنه خلع أيضاً لغة وعرفاً وشرعاً فتشمله الأدلة والأحوط أن يكون الترتيب على النحو الأول بأن يقدم ما بذلته المرأة فيوقع الطلاق بعد ذلك.

وهذا الاحتياط لا يترك على ما يظهر اعتماداً على ظواهر النصوص وخروجاً عن خلاف من قال ببطلان غيره بعد كفاية الظهور العرفي في المعنى المقصود.

  • شرائط المختلعة:

المسألة الثالثة: يعتبر في المختلعة الشرائط العامة من البلوغ والعقل والاختيار لأن الخلع من حيث البذل يجري عليه أحكام المعاوضة وإن كان من حيث الطلاق ايقاعاً وكذا يعتبر فيها عدم الحجر عليها لأن طلاق الخلع من حيث ذات الطلاق وإن كان ايقاعاً والطلاق الايقاعي قائم بالزوج لكن من حيث بذل الفدية يجري عليه حكم العقد فيعتبر فيه عدم الحجر على المرأة بمعنى أن لا تكون سفيهة بتصرفاتها المالية ولا تكون مفلسة لأن السفيه المالي والمفلس محجور على التصرف بأمواله بنفسه حسب الأحكام التي بينها الفقهاء في كتاب الحجر.

  • اشتراط عدم الانفصال في الانشاء:

المسألة الرابعة: يعتبر في صحة الخلع عدم الفصل بين انشاء البذل وانشاء الطلاق بما يخل بالفورية العرفية للاجتماع على اعتبار الفورية العرفية في المعاوضات فلو أخل بها بطل الخلع لتركب الخلع من جهتين جهة المعاوضة وجهة الطلاق فتبطل الجهة الأولى لفقد شرطها وتبقى الجهة الثانية بما لها ولم يستحق الزوج العوض لأن ذلك من لوازم بطلان الخلع كما هو واقع ولكن لم يبطل الطلاق للأصل وانحلال الموضوع إلى أمرين في الخلع:

أحدهما أخذ العوض.

والثاني الطلاق.

فيكون من تعدد المطلوب.

وفي مثله لا يستلزم بطلان الأول بطلان الثاني نعم لو احرز التقييد الحقيقي ووحدة المطلوب بحيث يكون انشاء الطلاق مقيداً بصحة العوض لا وجه حينئذٍ لصحة الطلاق ايضاً.

وكيف كان فإن الاخلال بالبذل أو ما أشبه ذلك يبطل الخلع لكن يقع الطلاق رجعياً مع فرض اجتماع الشرائط وإلا كان بائناً لتحقق المقتضي واجتماع شرائط الطلاق الرجعي أو البائن وترتيب الأثر إلا إذا كان انشاء الطلاق مقيداً لصحة الطلاق.

وعليه فإن الاطلاق بالفورية العرفية أو الاخلال بالبذل أو ما أشبه ذلك يوقع الطلاق رجعياً أو بائناً ولا يقع خلعياً .

  • يجوز التوكيل في الخلع:

المسألة الخامسة: يجوز أن يكون البذل والطلاق بمباشرة الزوجين أو بتوكيلهما الغير أو بالاختلاف بأن يكون أحدهما أصيلاً والآخر وكيلاً ويجوز أن يوكلا شخصاً واحداً ليبذل عنها ويطلق عنه لأن اختلاف الجهة والحيثية في الأمور الاعتبارية ممكنة فيصح أن يكون شخص واحد يمثل طرفين والتغاير بالاعتبار بل الظاهر أن يجوز لكل من الزوجين أن يوكل الآخر فيما هو من طرفه فيكون أصيلاً فيما يرجع إليه ووكيلاً فيما يرجع إلى الآخر كل ذلك لشمول الاطلاقات والإجماع لذلك

وما يقال من الانصراف من الاطلاق إلى التعددية الأثنينية فالظاهر أنه بدوي والانصراف البدوي لا اعتبار له.

وعليه فإذا وقع الخلع بمباشرة الزوجين فإما أن تبدأ الزوجة فتقول (بذلت لك) أو (أعطيك ما عليك من المهر) أو (الشيء الفلاني لتطلقني) فيقول الزوج فوراً (أنت طالق) أو (مختلعة على لذلك) أو (على ما أعطيت) وأما أن يبتدأ الزوج بعدما اتفقا على الطلاق بعوض أنت طالق أو مختلعة بكذا أو على كذا فتقول الزوجة فوراً قبلت أو رضيت فإن وقع الخلع من وكيلين يقول وكيل الزوجة مخاطباً لوكيل الزوج (من قبل موكلتي فلانة بذلت لموكلك ما عليه من المهر) أو المبلغ الفلاني فليدعها وليطلقها فيقول وكيل الزوج فوراً (زوجة موكلي طالق على ما بذلت) أو يقول (من قبل موكلي خلعت موكلتك على ما بذلت).

وأن وقع من وكيل أحدهما مع الآخر كوكيل الزوجة مع الزوج يقول وكيل الزوجة مخاطباً للزوج عن قبل موكلتي فلانة أو زوجتك بذلت لك ما عليك من المهر أو الشيء الفلاني على أن تطلقها فيقول (هي) أو (زوجتي طالق على ما بذلت) أو يبتدأ الزوج مخاطباً وكيل الزوجة (موكلتك) أو (زوجتي فلانة طالق على كذا) فيقول (عن قبل موكلتي قبلت ذلك).

وإن وقع الخلع من قبل من يكون وكيلاً عن الطرفين يقول عن قبل موكلتي فلانة بذلت لموكلي فلان الشيء الفلاني ليطلقها ثم يقول فوراً زوجة موكلي طالق على ما بذلت أو يبتدأ من طرف الزوج فيقول زوجة موكلي طالق على الشيء الفلاني ثم يقول من طرف الزوجة من قبل موكلتي قبلت لو فرض أن الزوجة وكلت الزوج في البذل يقول عن قبل موكلتي زوجتي بذلت لنفسي كذا لأطلقها ثم يقول فوراً هي طالق على ما بذلت.

  • في اشتراط بذل الفداء:

المسألة السادسة: يشترط في تحقق الخلع بذل الفداء عوضاً عن الطلاق نصوصاً تقدم بعضها بل ضرورةً من الفقه لتقوم الخلع بذلك ومع انتفاء البذل فلا موضوع للخلع أصلاً كما قال أبو جعفر (عليه السلام) في صحيح زرارة (لا يكون الخلع حتى تقول لا أطيع لك أمراً ولا أبر لك قسماً ولا أقيم لك حقاً فخذ مني وطلقني فإذا قالت فقد حلّ له أن يخلعها بما تراضيا عليه من قليل أو كثير).

ويجوز الفداء بكل متمول من عين أو دين أو منفعة قل أو كثر وذلك للاطلاق والاتفاق الشاملين لذلك كله وإن زاد على المهر المسمى ففي صحيح أبن سنان عن الصادق (عليه السلام) (فإذا قالت ذلك فقد حلّ له أن يأخذ منها جميع ما أعطاها وكل ما قدر عليه مما تعطيه من حالها فإن تراضيا على ذلك على طهر بشهود فقد بانت منه بواحدة وهو خاطب من الخطاب)

وفي صحيح زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) (فقد حل له أن يخلعها بما تراضيا عليه من قليل أو كثير).

وهذه الاطلاقات تشمل ما تبذله المرأة من العين الخارجية كالجنس مثلاً من الكتاب أو الأثاث أو الفراش أو الذهب أو المال كالنقود مثلاً أو تبرأ له ديناً مثلاً أو تخدمه في منفعة تقدم له منفعة فإن كل هذا يصدق عليه بذل عرفاً فيقع في مقابل الخلع، وإن زاد على المهر المسمى وذلك للروايات الواردة والتي تنص على كفاية التراضي في البذل فإن كان عينها حاضرة يكفي فيها المشاهدة، وإن كان كلياً في الذمة أو غائباً ذكر وصفه وجنسه وقدره، وذلك للإجماع ولقطع منشأ النزاع وما يوجب إثارة الخصومة ولا يعتبر أزيد من ذلك فيما ذكروه في المعاوضات الحقيقية فلو جعل الفداء ألفاً ولم يذكر المراد بطل لقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء الشرط مضافاً إلى ظهور إجماع الفقهاء عليه والمتيقن منه ما إذا لم يرجع إلى التعيين عرفاً والتراضي به مقارناً له وإلا فتشمله اطلاقات الصحة وكذا لو لم تكن قرينة في البين على التعيين.

كما يصح جعل الفداء ارضاع ولده أيضاً لكن مشروطا - الارضاع - بتعيين المدة أما صحة الفداء بالارضاع فللأصل والاطلاق والاتفاق.

وأما تعيين المدة فلدفع موضوع النزاع.

وأن يجعلا الحضانة لأحدهما أو كليهما بالتراضي بذلاً أيضاً في مقابل الخلع وإذا جعل البذل كلياً في ذمتها يجوز جعله حالاً ومؤجلاً مع تعيين الأجل بما يرفع الغرر والجهالة أما الأول فلاطلاق الأدلة وأما الأخير فلما مرّ مكرراً من جريان حكم العرف عليه من عدم الغرر والاجمال بما يصح تعليق الفداء عليه.

  • إذا قال ابوها طلقها

المسألة السابعة: إذا قال أبو الزوجة طلقها وأنت بريء من صداقها وكانت المرأة بالغة رشيدة وطلقها صح الطلاق عن أصله ووقع في محله كما هو المفروض من جامعية الطلاق للشرائط وفقد الموانع إلا أن هذا الطلاق يقع رجعياً لا خلعياً لأن طلاق الخلع غير متقوم بالعوض في ذاته وحقيقته بحيث لو بطل العوض لبطل أصل الطلاق كما في المعاوضات الحقيقية وإن كان الباعث عليه هو العوض إلا أنه ليس معاوضة حقيقية بل المنساق من الروايات كونه رجعياً فإن ذات طلاق الخلع رجعي والمانع عن الرجوع هو البذل وعدم رجوعها في البذل فإذا انتفى أصل الفداء فلا موضوع لكونه بائناً كما إذا صح الفداء ولكنها رجعت فيه فعليه لابد من تقييد الطلاق فيما إذا كان المورد قابلاً للرجعي أما إذا كان المورد من موارد البائن فلا وجه لكونه رجعياً حينئذٍ.

وكيف كان فإذا قال أبوها طلقها وأنت بريء من صداقها وكانت المرأة بالغة ورشيدة وقع  الطلاق رجعياً ولم تبرأ ذمته من الصداق ما لم تبرأه الزوجة لأصالة بقاء المال في ذمته مالم يتنازل عنه صاحبه ولا يلزم عليها الابراء في هذه الصورة بل لها المطالبة ولا يضمنه الأب لأصالة عدم ضمان الأب لعدم حصول سببه بوجه من الوجوه إلا أن في القول بعدم الضمان الناشي  من عدم سببة الأب مجال للتأمل.

  • لو جعل البذل مال الغير أو ما لا يملك:

المسألة الثامنة: لو جعل الفداء مال الغير أو مالا يملكه المسلم كالخمر مثلاً بطل البذل لأنه تصرف في مال الغير وهو باطل بالأدلة الأربعة كما أن النقل والانتقال في مثل مالا يملكه المسلم كالخمر باطل إجماعاً ونصاً وعليه فإذا بطل البذل يبطل الخلع ويكون الطلاق الواقع طلاقاً رجعياً أما بطلان الخلع فالفرض تقوم صحته بصحة الفداء ومع بطلان الفداء فلا موضوع لصحة الخلع حينئذٍ وأما كون الطلاق الواقع رجعياً فلأن هذا ما أوقعه الزوج وقلنا لا التزام بين الفداء وبين الطلاق.

أما لو جعلت المرأة الفداء مال الغير مع جهلها بأنه مال الغير فالمشهور صحة الخلع إلا أن المرأة تضمن المال الذي بذلته للغير مثلاً إن كان مثلياً أو قيمة إن كان قيمياً.

إلا أن في وجه الفرق بين هذه المسألة والمسألة السابقة مجال للمناقشة وذلك لعدم اختصاص الحكم الواقعي بالعلم والجهل فإذا كان الضمان بالمثل أو القيمة موافقاً للقاعدة في هذه المسألة وهو غير صورة الجهل فليكن في صورة العلم كذلك إلا أن الفقهاء لا يفتون به ولعل الفرق أنه في صورةعلمها بأن المال المبذول ليس لها لم يتحقق قصد إنشاء البذل حقيقة ولذلك قالوا هناك بالبطلان وقالوا هنا بالصحة.

  • حدود الكراهة المشروطة في وقوع الخلع:

المسألة التاسعة: يشترط في الخلع أن تكون الزوجة كارهة للزوج من دون العكس كما بيناه سابقاً والاحوط أن تكون الكراهة شديدة بحيث يخاف من قولها أو فعلها أو غيرها الخروج عن الطاعة والوقوع في المعصية وذلك لأصالة عدم ترتب الأثر ولقوله تعالى: ((فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ)).

والواضح أن عدم إقامة حدود الله سبحانه وتعالى هو عصيان:

والظاهر أنه لا فرق بين أن تكون الكراهة المشترطة في الخلع ذاتية ناشئة من خصوصيات الزوج كقبح منظره وسوء خلقه وفقره وغير ذلك وبين أن تكون ناشئة من بعض العوارض مثل وجود الضرة عليها أو عدم إيفاء الزوج بحقوقها المستحبة أو الواجبة كالقسم والنفقة وما أشبه ذلك من أسباب ذاتية أو أسباب عرضية.

نعم إن كانت الكراهة وطلب المفارقة من جهة إيذاء الزوج لها بالسب والشتم والضرب والاهانة وانتقاص الكرامة ونحو ذلك فتريد أن تخلص نفسها منه فبذلت شيئاً ليطلقها فطلقها الظاهر أنه لم يتحقق الخلع وحرم على الزوج ما يأخذه من الزوجة وإنما يقع طلاقه رجعياً كتاباً وسنة وإجماعاً أما الكتاب فقوله تعالى: ((فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ)).

فنهى جل شأنه عن العضل وهو الشدة مع حصول تراض بينهما.

وأما السنة فما ورد عن نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله) بالمعتبر (ومن أجبر امرأة حتى تفتدي منه نفسها لم يرض الله له بعقوبة دون النار لأن الله يغضب للمرأة كما يغضب لليتيم).

كما ورد عنه: (ايما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة).

وأما الإجماع فهو من المسلمين ، وأما وقوع الطلاق رجعياً فلوقوعه من أهله وفي محله فتشمله العمومات والاطلاقات أما كونه رجعياً فلأصالة الرجعة في الطلاق كما بيناه سابقاً.

ويتفرع على هذه المسألة ما إذا ما تلائمت الاخلاق بينهما ولم تكن كراهة وطلقها طلاقاً خلعياً فالظاهر أنه لا يملك العوض لأنه حينئذٍ من القضايا المنتفية بانتفاء موضوعها وقد بينا سابقاً أن الخلع يتقوم بكراهة الزوجة لزوجها فلذا لا يملك الزوج العوض لعدم سببية لملكيته حينئذٍ. لأن في هذه الصورة الملكية منحصرة بالخلع وحيث أنه لا خلع أذن لا ملكية للعوض إلا أن طلاقه قد وقع صحيحاً فإن كان مورده الرجعي كان رجعياً وإلا كان بائناً كما بينا.

  • طلاق الخلع بائن إلا بشروط:

المسألة العاشرة: طلاق الخلع بائن إجماعاً ونصوصاً فلا يقع فيه الرجوع ما لم ترجع المرأة فيما بذلت للزوج وللمرأة الرجوع فيه مادامت في العدة فإذا رجعت كان للزوج الرجوع إليها حينئذٍ.

أما كونه بائناً فللروايات الصحيحة منها صحيح ابن بزيع عن مولانا الرضا (عليه السلام) (تبين منه وإن شاءت أن يرد إليها ما أخذ منها وتكون امرأته فعلت )

وعن الصادق (عليه السلام) في صحيح عبد الله بن سنان (لا رجعة للزوج على المختلعة ولا على المباراة إلا أن يبدو للمرأة فيرد عليها ما أخذ منها).

وعليه إذا لم ترجع بما بذلت يكون الطلاق بائناً ويترتب عليه جميع أحكام الطلاق البائن من عدم النفقة وغيره ما لم ترجع بما بذلت، ويتحصل مما تقدم أن أقسام الطلاق ثلاثة:

الأول أن يكون الطلاق بائناً مطلقاً.

الثاني أن يكون رجعياً مطلقاً وتقدم تفصيلهما.

الثالث: أن يكون بائناً من طرف الزوج لكنه يصير رجعياً بواسطة رجوع المرأة بالفدية وهذا هو طلاق الخلع والمباراة.

فهو طلاق برزخ بين البائن الفعلي والرجعي الاقتضائي.

وهنا سؤال وهو هل أن الأصل في الطلاق أن يكون رجعياً وغيره خرج بالدليل أو يكون بالعكس.

يمكن أن يقال أن مقتضى الأصل اللفظي وهو اطلاق قوله تعالى: ((وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ)) بعد صدق الموضوع عرفاً الأول أي أن الأصل في الطلاق الرجعية وغيره ثبت بالدليل، بل يمكن أن يقال أن هذا هو مقتضى الأصل العملي أيضاً لأن قطع العلاقة بين الزوجين له مراتب مختلفة وأقل مراتبها معلومة ونشك في تحقق المرتبة القصوى وهو البائن فيرجع إلى أصالة عدم تحققها وعليه فإن أول مراتب الطلاق هو الرجعية وآخر مراتبه هو البينونة فإذا وقع الطلاق يكون القدر المتيقن هو تحقق المرتبة الأولى أما المرتبة العالية فمشكوكة فنرجع فيها إلى أصالة عدم تحققها.

وكيف كان، فلو رجعت المرأة إلى الفداء فللزوج حينئذٍ حق الرجوع إليها.

لكن هل يصير الطلاق رجعياً بمجرد رجوعها وحينئذٍ تترتب عليه آثار الطلاق الرجعي من النفقة وتحقق التوارث وغيرهما والعدة وإن لم يرجع الزوج إلى النكاح بعد أو لا؟

وجهان في المسألة:

والظاهر أن الأوجه منهما الأول لما أثبتناه سابقاً من أصالة الرجعية في كل طلاق، ما لم يدل دليل على الخروج وخرج به خصوص زمان عدم رجوعها بالفداء فمادامت لم ترجع بالفداء فهي بائنة.

وبقي الباقي تحت الأصل فإذا رجعت المرأة بما بذلت تحققت الرجعية فإذا تحققت الرجعية موضوعاً فإنها تشمل أحكامها من وجوب النفقة والتوارث وما أشبه ذلك.

  • لو اتفقا على البذل واختلفا في جنسه وبالعكس:

المسألة الحادية عشر: أو اتفقا على البذل لكي يقع الطلاق خلعياً لكنهما اتفقا على الكمية وأختلفا بالجنس كما لو اتفقا على أن تدفع المرأة خمسين ولكن هي تقول اتفقنا على خمسين دينار وهو يقول اتفقنا على خمسين مثقال من الذهب أو بالعكس يقدم قول المرأة مع يمينها لأصالة عدم ثبوت ما تدعيه إلا إذا أقام الرجل على دعواه، أما اليمين فلأجل رفع الخصومة وإضافة إلى ذلك قام الاجماع على تقديم قولها وكذا لو اختلفا في المراد واتفقا في القدر بأن اتفقا على أن تبذل ذهباً لكنها تقول اتفقنا على خمسين مثقال من الذهب وهو يقول على مائة مثقال من الذهب فإنه يقدم قولها.

  • إذا اتفقا على الطلاق واختلفا في صنفه:

المسألة الثانية عشرة: إذا اتفقا في الطلاق واختلفا في الاختلاع بأن يقول الزوج الطلاق خلعي وهي تقول رجعي قدم قول المرأة مع يمينها لأن قولها موافق للأصل فيقدم وأما اليمين فلأجل قطع النزاع والخصومة.

ولو اختلفا في الرجوع فادعى الرجل رجوعهما في الطلاق بعد اتفاقهما خلعياً لكن المرأة انكرت رجوعها بالبذل يقدم قولها مع اليمين لأصالة عدم رجوعها فلا مورد حينئذٍ في دعوى الصحة في رجوع الزوج هذا مضافاً إلى الاجماع.

  • لا تحتاج الكراهة إلى إثبات:

المسألة الثالثة عشرة: يكفي في الكراهة الموجبة للخلع مجرد دعوى المرأة في ذلك وفداؤها في الطلاق ولا تحتاج بعد ذلك إلى اثباتها لدى الحاكم الشرعي وذلك لاطلاقات الأدلة وعموماتها وعدم مقيد ومخصص لها في البين مضاف إلى أن الطلاق بيد من أخذ بالساق وعليه فما عن بعض الفقهاء في التوقف في مثل هذه الصورة فالظاهر أنه لا دليل معتبر عليه.

  • الصنف الثاني: طلاق المباراة:

وقد قلنا سابقاً أنه نوع من الطلاق أيضاً.

والمباراة بمعنى المفارقة وهي من الفراق بمعنى الطلاق إلا أنه قسم خاص من الطلاق وهو بعكس الخلع وبعكس المُطلق لأنه في الطلاق المطلق الكراهة من الزوج وفي الخلع الكراهة من الزوجة أما المباراة فهو كراهة من الزوجين معاً فلذا يعتبر في المباراة جميع شروط الطلاق المتقدمة للاجماع وللنصوص الخاصة في المقام التي منها قوله (عليه السلام): (المباراة تطليقة بائنة وليس فيها رجعة).

وفي صحيح ابن حمدان قال: (سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يتحدث قال المباراة تبين من ساعتها من غير نفقة ولا ميراث بينهما لأن العصمة قد بانت ساعة كانت منها ومن الزوج).

إلى غير ذلك من النصوص وعليه فيعتبر في المباراة ما يشترط في الخلع من الفدية والكراهة فهي كالخلع طلاق بعوض ما تبذله المرأة للنص وقد أرسل الفقهاء ذلك إرسال المسلمات كما أرسلوا قولهم ذلك ضرب من الخلع كذلك أيضاً.

ويكفي ذلك في حصول الاطمئنان بالحكم بل المباراة داخلة في حقيقة الخلع لتحقق الفدية من الزوجة وإن اشتملت على خصوصية زائدة وهي فدية الزوج منها أيضاً ولكنها لا توجب التباين الفردي بين الخلع وبين المباراة.

فتحصل مما تقدم: أن المباراة فيه فدية لكن يزداد بأن فيه الكراهة من الزوج أيضاً فلذا تقع المباراة بلفظ الطلاق مجرداً كما ذكرناه سابقاً من أن المباراة نوع طلاق فيشملها اطلاق ما دل على كفاية الطلاق في تحققها بأن يقول الزوج بعد ما بذلت له المرأة شيئاً ليطلقها (أنت طالق على ما بذلت) وبلفظ (بارأتك) متبعا بلفظ الطلاق للاطلاق والاتفاق كما بينا بأن يقول الزوج (بارأتك على كذا فأنت طالق) ولا يقع بلفظ (بارأتك) مجرداً للاجماع لكن ظاهر جملة من النصوص حصول الفرقة وإن لم يتبع بالطلاق منها قوله الصادق (عليه السلام) في موثق جميل بن دارج (المباراة تكون من غير أن يتبعها الطلاق).

ومنها صحيح حمدان (المباراة تبين من ساعتها من غير طلاق).

فتحصل مما تقدم أن المباراة وإن كانت كالخلع لأنها طلاق بالفدية والخلع كذلك مضافاً إلى الروايات التي تدل على أن المختلعة بمنزلة المباراة وقوله أيضاً (عليه السلام) (المباراة بمنزلة المختلعة).

لكن المباراة تفارق الخلع بأمور ثلاثة دلت عليها الأدلة الخاصة:

أحدها: أنها تترتب على كراهة كل من الزوجين للآخر إجماعاً ونصوصاً بخلاف الخلع فإنه يترتب على كراهة الزوجة خاصة كما بيناه.

ثانيها: أنه يشترط في المباراة أن لا يكون الفداء أكثر من مهرها بل الأحوط أن يكون أقل منه وذلك ما نسب إلى جمع لقول أبي جعفر (عليه السلام): (المباراة يؤخذ منها دون الصداق والمختلعة يؤخذ منها ما شئت أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر.

إلا أن الظاهر امكان المناقشة في هذا لقاعدة السلطنة الثابتة بالعقل والنقل التي مفادها: (الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم) فللمرأة على مهرها تماماً أو بعضاً سلطنة فلابد اذن مقابل هذه القاعدة أن نحمل تلك الروايات المانعة على مطلق الرجحان.

والاحتياط في أخذ الزوج أقل مما دفعه من تمام المهر كما يحمل صحيح أبي بصير عن الصادق (عليه السلام):

(إلا المهر فما دونه) على ذلك أيضاً.

فتحصل اذن أن ما نسب إلى جمع أن المباراة يشترط في أن يكون الفداء أقل من مهرها فالظاهر أن محمول على الرجحان أو الاحتياط وليس على اللزوم وعليه فيصح أن يكون الفداء في الخلع أو المباراة على ما تراضيا به سواء ساوى المهر أوزاد عليه أو نقص على ما بيناه.

ثالثها: إذا وقعت بلفظ (بارأت) يجب فيها اتباعه بالطلاق بقوله (فأنت) أو (هي طالق) بخلاف الخلع إذ يجوز أن يوقعه بلفظ الخلع كما مرّ مجرداً وإن قيل فيه باتباعه بالطلاق لكن الأقوى خلافه.

وإما قول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح حمدان (المباراة تبين من ساعتها من غير طلاق ولا ميراث بينهما لأن العصمة منها قد بانت.

ومثله من الروايات الأخرى فالظاهر أنه محمول على استئناف الطلاق مجدداً وإلا فإنه يشترط أن يلحق في المباراة لفظ الطلاق أيضاً.

  • طلاق المباراة بائن:

وهنا مسائل:

المسألة الأولى: طلاق المباراة بائن كالخلع ليس للزوج فيه رجوع إلا أن ترجع الزوجة بالبذل حين انقضاء عدتها فله الرجوع حينئذٍ إليها كما بيناه سابقاً في الخلع. كل ذلك للأدلة الخاصة.

  • هل تختص المباراة بالطلاق؟

المسألة الثانية: هل تجري المباراة بالفسخ إذا كان جائزاً أم تختص بالطلاق وكذا الكلام بالنسبة إلى الخلع أيضاً. هل يجري في الفسخ أي فسخ النكاح بالعيوب الخاصة التي بيناها في باب النكاح أو أنه يختص بالطلاق؟

وجهان في المسألة:

الوجه الأول: أن كلاً من الطلاق والفداء برضا الطرفين فيكون مطابقاً للقاعدة اعطاءً وأخذاً فإن كان الفداء بعنوان ايجاد الداعي لإزالة قيد النكاح فكذلك لتحققه في الفسخ أيضاً فبناءً على هذا فكما يجري في الطلاق يجري في الفسخ.

الوجه الثاني: يمكن أن نقول بالعدم وذلك لأن المنساق من الأدلة هو خصوص وقوعه في الطلاق فلا يشمل الفسخ فلا أقل من الشك. وفي مورد الشك يستصحب بقاء العلاقة الزوجية.

  • عدة المباراة والمختلعة:

المسألة الثالثة: تعتد المباراة والمختلعة حيث شاءت ولا نفقة لها لفرض أن الطلاق بائن فلا يترتب عليه أحكام الطلاق الرجعي من السكن والنفقة وما أشبه ذلك.

نعم لو رجعت المرأة إلى الفداء ولم يرجع الزوج ينقلب الطلاق رجعياً فحينئذٍ يلحقه أحكامه فينبغي أن تعتد المرأة حينئذٍ في بيت زوجها وتستحق النفقة وغير ذلك من الأحكام المخصوصة بالطلاق الرجعي لكن مادامت لم ترجع فللزوج أن يتزوج أختها أو يتزوج الخامسة أو ما أشبه ذلك كما يجوز لها أن تتزوج بعد انقضاء عدتها لما عرفت من أن الطلاق بائن مضافاً إلى موثق أبي بصير عن الصادق (عليه السلام).

سألته عن رجل اختلعت منه امرأته أيحل أن يخطب أختها من قبل أن تنقضي عدة المختلعة

قال نعم قد برأت عصمتها وليس له عليها رجعة.

وتقدم البيان بأن المباراة بمنزلة المختلعة لكن لا يجوز لها أن تتزوج إلا بعد انقضاء العدة.