المادة: فقه المجتمع
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon 0026.doc

المبحث الثالث: في أقسام العدد وأحكامها والعدد

والعدد جمع عدّة ويقصد منها تربص المرأة حتى يطهر رحمها عن الماء المحترم ويجب الاعتداد لأمور ثلاثة:

الأول: الفراق بين الزوج وزوجته بطلاق أو فسخ أو انفساخ بالعقد الدائم وفي انقضاء المدة أو بذل المدة في المتعة.

الثاني: موت الزوج.

الثالث: وطي الشبهة.

وذلك لاحترام الماء في كل هذه الأمور الثلاثة وكل ماء محترم يكون في زوال سببه العدة.

ومن هنا سنبحث في الأقسام الثلاثة من العدة.

القسم الأول: عدة الفراق.

في عدة الفراق طلاقاً كان أو غيره وهو فرعان:

الفرع الأول في الزواج الدائم.

الفرع الثاني: في عدة الزواج المنقطع.

أما الفرع الأول ففيه مسائل:

  • نساء لا عدة عليهن

المسألة الأولى: لا عدة على من لم يدخل بها ولا عدة على الصغيرة وهي من لم تكمل التسع سنوات من عمرها وإن دخل بها وعلى اليائسة سواءً بانت في ذلك كله من طلاق أو فسخ أو هبة مدة أو انقضائها في المتعة.

أما الأول فللأدلة الأربعة فمن الكتاب قوله تعالى ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها))

ومن السنة نصوص مستفيضة ففي موثق أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) (إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها تطليقة واحدة فهي بائن منه وتتزوج من ساعتها إن شاءت).

إلى غير ذلك من الأخبار والإجماع من الفريقين عليه ، وأما العقل فلقاعدة (انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع).

نعم في الوفاة لها عدة وإن لم يدخل بها وذلك للتعبد الشرعي ولضرورة احترام الزوج في ذلك.

وأما الثاني: أي في عدم العدة للصغيرة فيدل عليه مضافاً إلى الإجماع ما تقدم من القاعدة من انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع وأما النصوص فمنها صحيح عبد الرحمن بن الحجاج (ثلاث يتزوجن على كل حال التي يئست من المحيض ومثلها لا تحيض والتي لم تحض ومثلها لا تحيض _أي لم تبلغ تسع سنين _ والتي لم يدخل بها )

وصحيح جميل عن أحدهما (ع): (الرجل يطلق الصبية التي لم تبلغ ولا يحمل مثلها وقد كان دخل بها والمرأة التي قد يئست من المحيض وارتفع حيضها ولا يلد مثلها ليس عليهما عدة ولو دخل بهما).

وأما عدم العدة على اليائسة فلما عرفته من النصوص المتقدمة مضافاً إلى قوله تعالى: ((وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ)). فإن لقيد العدة بالارتياب يدل على أن اليأس المتحقق لا معنى للعدة فيه هذا مضافاً إلى ما يظهر من إجماع الفقهاء والظاهر أن الجامع في ذلك هو أنه لا عدة في ما قبل مرحلة استعداد الرحم لانعقاد النطفة كحال الصغيرة وكذلك فيما بعد سقوط الرحم من استعداده لانعقاد النطفة كحال اليأس وكذلك فيمن لم يدخل بها بل لا ملاك لها أصلاً حينئذٍ فهذه الموضوعات عقلانية تعرضت لها النصوص والفتاوى والظاهر في الكلمات أنهم لم يتعرضوا لما حدث في هذا الإعصار من إخراج الرحم رأساً أو إعقامها أو فساد نطفة الرجل عن التأثير أو في المرأة كذلك سواءً بالأجهزة الحديثة أو بالأدوية وما أشبه ذلك إلا أن الفقهاء أثبتوا في أمثال هذه الموارد الحكم بلزوم العدة .

أما ما يقال من أن العدة إنما وجبت دفعاً لاختلاط المياه في الأرحام والمرأة التي اجتث رحمها لا يوجد فيها هذا الملاك فينبغي القول بعدم العدة عليها مما لا يفهمه الفقهاء بل أن مسألة اختلاط المياه من الحكم وليست من العلل وعلى كل حال فإن القول بعدم العدة على اليائسة والصغيرة وغير المدخول بها يتوقف فيها على النص ولا يتعدى في ذلك عن مورد النص إلا بدليل ولا دليل.

هذا مضافاً إلى عدم تعدي الإجماعات في أمثال هذه الموارد وعليه فإن المدخول بها غير الصغيرة وغير اليائسة يجب عليها العدة إذا تحقق الدخول ويتحقق الدخول بإيلاج تمام الحشفة قبلا ًإجماعاً و نصوصاً التي منها قول الصادق (عليه السلام) في صحيح الحلبي (إذا التقى الختانان وجب المهر والعدة ).

والمراد بالإدخال إدخال الحشفة أو مقدارها من مقطوعها على ماهو المتسالم عليه في الفقه وكذا أيضاً إذا تحقق الدخول بإيلاج تمام الحشفة دبراً للاتفاق وللإطلاق ولأصالة المساواة في أحكام الفرجين إلا ما خرج بالدليل ولا دليل على الخروج في المقام بل الدليل على خلافه كما مرّ معنا مكرراً سواءً أنزل بعد الدخول أم لم ينزل، وذلك أيضاً للإطلاق وللاتفاق وللروايات الخاصة التي منها ما في موثق ابن سنان عن الصادق (عليه السلام): (قال: سأله أبي وأنا حاضر عن رجل تزوج امرأة فأدخلت عليه ولم يمسها ولم يصل إليها حتى طلقها هل عليه عدة منه؟ فقال (ع): إنما العدة من الماء ، قيل له فإن كان واقعها في الفرج ولم ينزل، فقال (عليه السلام): إذا أدخله وجب الغسل والمهر والعدة ).

بل تجب العدة إذا أدخل فيها وكان مقطوع الأنثيين أيضاً للروايات الخاصة في هذا المجال.

  • ما هو سن اليأس عند المرأة؟

ويتحقق سن اليأس في المرأة ببلوغ ستين سنة في المرأة القرشية وخمسين سنة في غيرها لقول أبي عبد الله (ع) في صحيح ابن الحجاج: (ثلاث يتزوجن على كل حال التي يئست من المحيض ومثلها لا تحيض قلت ومتى تكون كذلك؟ قال (ع): إذا بلغت ستين سنة إذا يئست من المحيض ومثلها لا تحيض).

وقد حمل الفقهاء هذه الرواية على القرشية بقرينة الخبر المرسل (أن القرشية من النساء والنبطية تريان الدم إلى ستين سنة).

وهي رواية ابن أبي عمير (إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة إلا أن تكون امرأة من قريش).والروايات في هذا متظافرة قد ذكر جملة منها الفقهاء في أحكام الحيض.

وكيف كان فإن الأحوط مراعاة الستين سنة مطلقا بالنسبة إلى التزويج بالغير وخمسين سنة كذلك بالنسبة إلى الرجوع إليها ويظهر وجه الاحتياط من الأخبار التي تقدمت.

وعليه فإنه لو ادعت المرأة إنها يائسة وإنها لا ترى الدم فالظاهر قبول قولها لإطلاق قول أبي جعفر (ع) في الصحيح: (العدة والحيض للنساء إذا ادعت صدقت).

الشامل لوجودهما وعدمهما مضافاً إلى أنه من قبيل ما لا يعرف إلا من قبلها.

  • في عدة الحامل: وهنا مسائل

المسألة الأولى: في عدة الحامل المطلقة فإن المطلقة ومن ألحقت بها إن كانت حاملاً فعدتها مدة حملها لقوله تعالى: ((وَأُولاتُ الأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ).

والنصوص كثيرة في هذا المجال منها قول أبي جعفر (ع) في صحيح زرارة (طلاق الحامل واحدة فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه).

ومثله موثق إسماعيل الجعفي وفي صحيح الحلبي عن الصادق (عليه السلام): (طلاق الحبلى واحدة وأجلها أن تضع حملها وهو أقرب الأجلين).

هذا مضافاً إلى إجماع المسلمين على ذلك فتنقضي عدتها بعد أن تضع حملها ولو بعد الطلاق بلا فصل كما في صحيح زرارة (سواءً كان تاماً أو غير تام بل ولو كان مضغة أو علقة إن تحقق أنه حمل كل ذلك لإطلاق الأدلة واتفاق فقهاء الملة مضافاً إلى موثق عبد الرحمن الحجاج (قال: سألت أبا إبراهيم (ع) عن الحبلى إذا طلقها زوجها فوضعت سقطاً تّم أو لم يتم أو وضعته مضغة، فقال (عليه السلام): كل شيء يستبين أنه حمل تّم أولم يتم فقد انقضت عدتها وإن كان مضغة).

وإنما تنقضي العدة بالوضع إذا كان الحمل ملحقاً بمن له العدة لأنه المنساق من أخبار الباب وما اتفقت عليه سنة الأصحاب وعليه فلا عبرة بوضع من لم يلحق به في انقضاء عدته فلو كانت المرأة حاملا من زنى -  والعياذ بالله - قبل الطلاق أو بعد الطلاق لم تخرج من العدة بالوضع للأصل والإجماع وظواهر الأدلة بل يكون انقضاء عدتها بالإقراء والشهور كغير الحامل لعدم الأثر لهذا الوضع شرعاً فلابد حينئذٍ إما أن نقول بعدم العدة لها أصلا وهذا خلاف الضرورة أو نقول بتبدل العدة إلى الأقراء والشهور وهو مطلوب لأن الحمل في بطنها ليس بمشروع فوضع هذا الحمل لا أثر له لا بالنسبة إلى الزاني لأنه لا عدة له ولا بالنسبة إلى المطلق لأن الولد ليس له فلا يبقى موضوع للعدة بالنسبة إلى ماء الزاني ولا فرق في ذلك بين ما إذا كان الزنا بذات بعل كما مرّ أوبالخلّية من الزوج.

  • في الزنا بعد الشبهة

المسألة الثانية: لو كان أول الوطي شبهة بأن تصور أنها زوجته ووطأها أو ما أشبه ذلك وآخره زنا فهل يكون لهذا الوطي عدة أولا ؟ الظاهر هو الثاني لما تقدم من إطلاق قولهم أنه لا حرمة لماء الزنا ويحتمل ثبوت العدة بدعوى أن التمسك بالدليل بما تقدم تمسك بالدليل  في الموضوع المشتبه لفرض  تركب الموضوع في هذا المورد من الحلال والحرام خصوصاً مع تخلل الفصل.

 

المسألة الثالثة: لو زنى بامرأة ثم أراد أن يتزوجها فيستحب له الصبر حتى يطهر رحمها من ماء الفجور وذلك للنصوص الخاصة المحمولة على الاستحباب.

  • لو كانت حاملاً بتوأم

المسألة الرابعة: لو كانت المرأة حاملاً ً باثنين مثلاًً بانت بوضع الأول فلا رجعة للزوج بعد وضعه ولا تنكح زوجاً إلا بعد وضع الأخير على الأحوط فيهما وذلك لصدق الوضع في الجملة بالأول وصدق بقاء الحمل  بالجملة في الثاني وعن الصادق (عليه السلام) في خبر عبد الرحمن (في رجل طلق امرأته وهي حبلى وكان في بطنها اثنان فوضعت واحداً و بقي واحد، فقال (ع): (تبين من الأول ولا تحل للأزواج حتى تضع ما في بطنها).

وعن جمع من الفقهاء إطلاق انقضاء العدة بالواحد وعن آخرين عدم انقضاء العدة إلا بالجميع وفي هذه الصورة المتعين هو العمل بالاحتياط لأن الفروج من الموارد المهمة التي تتعلق بها مصالح المجتمع وبناء الأسر وحفظ النوع وما أشبه ذلك.

  • لو أختلف الزوجان في الطلاق ووضع الحمل

المسألة الخامسة: لو اتفق الزوجان على إيقاع الطلاق ووضع الحمل واختلفا في أن أيهما المتقدم منهما هل الطلاق تقدم على وضع الحمل أم وضع الحمل تقدم على الطلاق، فقال الزوج مثلاً وضعت بعد الطلاق فانقضت عدتك، وقالت الزوجة وضعت قبل الطلاق والطلاق وقع وأنا حامل فلا تزال في العدة ، أو انعكس الأمر فقال الزوج وضعت في الطلاق وأنت في العدة ويريد الرجوع إليها وادعت الزوجة خلافه فالظاهر أنه يقدم قول من يدعي بقاء العدة لأصالة بقاء العدة ما لم يثبت الخلاف بدليل معتبر و المفروض أن الدليل هنا مفقود سواءً كان المدعي الزوج أو الزوجة من غير فرق لعموم استصحاب بقاء العدة الشامل لجميع ذلك.

  • في عدة الحامل

المسألة السادسة: إذا طلقت الحامل أو انفسخ نكاحها وكانت مستقيمة الحيض أي تحيض في كل شهر مرة كما هو المتعارف في الأغلب كانت عدتها ثلاثة قروء لظاهر قوله تعالى: ((وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)). وللإجماع والنصوص أيضاً التي منها قول الصادق (عليه السلام) في موثق داود بن سرحان (عدة المطلقة ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر إن لم تكن تحيض). إلى غير ذلك من الأخبار وكذا لو كانت تحيض في كل شهر أكثر من مرة لفرض صدق تحقق الأقراء بالنسبة إليها حينئذ أو قبل أن ترى الدم في كل شهرين مرة للإجماع على أن المراد بالقرء هنا هو الحيض دون الطهر لأنهما متلازمان قد يطلق أحدهما على الآخر ويشهد له صحيح الحلبي عن الصادق (عليه السلام): (عدة المرأة التي لا تحيض والمستحاضة التي تطهر ثلاثة أشهر وعدة التي تحيض ويستقيم حيضها ثلاثة قروء. قال: وسألته عن قول الله عز وجل (إن ارتبتم) ما الريبة؟ قال (عليه السلام)  : ما زاد على شهر فهو ريبة فلتعتد     ثلاثة أشهر ولتترك الحيض وما كان شهر لم يزد في الحيض على ثلاثة حيض فعدتها ثلاث حيض )

 وبالجملة كان الطهر الفاصل بين حيضتين منها أقل من ثلاثة أشهر للإجماع ولأنه لو بلغت مدة الطهر إلى ثلاثة أشهر تدخل في موضوع آخر ربما نتعرض إليه فيما يأتي.

المسألة السابعة: لو طلقت الحائل أو انفسخ نكاحها وهي لا تحيض وفي سن من تحيض إما لمرض أو إرضاع أو غيرهما كصغيرة السن ولم تبلغ الحد الذي ترى غالب النساء فيه وإن كملت التسع كانت عدتها ثلاثة أشهر لقوله تعالى: ((وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ)) .

والإجماع والنصوص أيضاً على ذلك التي منها قول الصادق (عليه السلام) في صحيح الحلبي (عدة المرأة التي لا تحيض والمستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر).

وغيره من الروايات والظاهر أن المراد بقوله تعالى (إن ارتبتم) تحقق الارتياب بالتحيض فعلاً بعد العلم بأنها بلغت سن من تحيض وبعد العلم بأنها ليست في سن اليائسة من الحيض كما مرّ في الأخبار فيستفاد من الآية الكريمة منطوقاً و مفهوماً حكم أربع نساء:

الأولى: البالغة سن اليأس فلا عدة لها.

الثانية: المرأة التي لا تحيض بعد أن تبلغ سن من تحيض أمثالها فلا عدة لها.

الثالثة: المرأة المرتابة في تحقق الحيض وعدمه بان كانت أول رؤيتها الدم فعدتها ثلاثة شهور.

الرابعة: المرأة المرتابة في تحقق اليأس وعدمه عندها فهذه عدتها ثلاثة أشهر.

ويستفاد من مجموع النصوص الواصلة إلينا قاعدة كلية وهي (أن العدة بأحد الأمرين الأشهر أو الأقراء الثلاثة فأيهما سبق كان الاعتداد بما سبق).

ولعل هذا ما يستفاد من مجموع الآيات المباركة بقرينة ما ورد في شرحها من الروايات.

وكيف كان فإنه لو طلقت الحائل أو انفسخ نكاحها وهي لا تحيض ولكنها في سن من تحيض أو كانت صغيرة وما أشبه كانت عدتها ثلاثة أشهر وتلحق بها من تحيض لكن الطهر الفاصل بين حيضتين فيها ثلاثة أشهر أو أزيد للإجماع وتحقق الموضوع فيشمله إطلاق الحكم لا محالة.

وفي صحيح زرارة عن أحدهما (ع): (أي الأمرين سبق إليها فقد انقضت عدتها. وإن مرت ثلاثة أقراء فقد انقضت عدتها).

  • المراد من القرء

المسألة الثامنة: المراد بالقرء وهو الطهر وبالأقراء الأطهار وبالقرءين الطهرين إجماعاً ونصوصاً منها قول أبي جعفر (ع) في صحيح محمد بن مسلم (القرء ما بين الحيضتين).

وعنه (ع) في موثق زرارة عن أبي جعفر (ع) (الأقراء الأطهار).

وعنه أيضاً في الصحيح (سمعت ربيعة يقول (أن من رأيي أن الأقراء التي سمى الله في القرآن إنما هو الطهر بين الحيضتين، فقال: كذب لم يقله برأيه ولكن إنما بلغه عن علي (ع).فقلت له: أصلحك الله تعالى أكان علي (عليه السلام) يقول ذلك؟ فقال: إنما القرء الطهر يقرأ فيه الدم فتجمعه فإذا جاء الحيض تبعته).

إلى غير ذلك من الأخبار ويكفي في الطهر الأول مسماه ولو قليلاً لظهور الإطلاق والاتفاق فلو طلقها وقد بقيت من طهرها لحظة بحيث يحسب ذلك طهراً لوقوع الطلاق فيه للصدق العرفي فتشمله الإطلاقات والعمومات فإذا رأت طهرين آخرين تامين بتخلل حيضة بينهما فانقضاؤها برؤية الدم الثالث لصدق تخلل الطهرين أو الأطهار فيشملها ما مرّ من الأخبار.

نعم لو تصادفت آخر صيغة الطلاق بأول زمان الحيض صح الطلاق لصدق وقوعه في حال الطهر عرفاً فيصح لا محالة لكن لا بد في انقضاء العدة من اطهار تامة للإجماع ولأن المنساق من الأخبار ما تقدم ثلاثة أقراء مستأنفة بعد الحيض عرفاً فتنقضي عدتها برؤية الدم الرابع.

  • أقل زمان العدة

المسألة التاسعة: بناءً على كفاية مسمى الطهر في الطهر الأول ولو بلحظة وإمكان أن تحيض المرأة في الشهر الواحد أزيد من مرة فأقل زمان يمكن أن تنقضي عدة المرأة ستة وعشرون يوماً ولحظتان وهو الموافق لإطلاق الأدلة المصرح به في كلمات جمع من الأجلة منهم المحقق الحلي (رضوان الله عليه) في الشرائع وذلك لو كان طهرها الأول لحظة ثم تحيض ثلاثة أيام ثم ترى أقل الطهر عشرة أيام ثم تحيض فمجرد رؤية الدم الآخر لحظة من أوله انقضت العدة لتحقق الأقراء بالنسبة إليها فيكون ما زاد خارجاً عن حقيقة العدة حينئذ وهذه اللحظة الأخيرة خارجة عن العدة أيضا لأنها سبب كاشف عن انقضاء العدة وغالبا ما يتوقف عليها تمامية الطهر الثالث كما يشهد به الوجدان.

وقد صرح به جمع من الأعيان منهم المحقق (رضوان الله عليه) في الشرائع ونسب إلى الشيخ (قده سره) إنها جزء من العدة والظاهر أن النزاع لفظي كما صرح به في الجواهر والسيد السبزواري (قده سره) في مهذب الأحكام وهذا النزاع يجري في كل حد مشترك بين شيئين فيصح احتسابه من القسم الأول قرضاً فيكون منه كما يصح جعله علاقة لانقضائه فيكون خارجاً عنه وإطلاق ما مرّ من النص يشهد بتعين الثاني، هذا بالنسبة إلى عدة الزوج الدائم.

وأما الفرع الثاني: في عدة النكاح المنقطع وفيه مسائل:

أن عدة المتعة في الحامل وضع حملها بإطلاق الآية الشريفة ((وَأُولاتُ الأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)).

وظهور الاتفاق فيه إضافة إلى النصوص الواردة في المطلقة بناءً على أن الطلاق عبارة أخرى عن مطلق الفراق.

كما يظهر ذلك من إرسال الفقهاء،ذلك إرسال المسلمات وإلا فلم نعثر على أن عدة المتمتع بها الحامل وضع حملها فيما تفحصنا ذلك عاجلاً وأما ما ذكره الطبري (قده سره) في مجمع البيان في قوله تعالى: ((وَأُولاتُ الأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)) إنها في المطلقات خاصة وهو المروي عن أئمتنا (ع) يحمل على ما ذكرناه.

وفي الحامل إذا كانت تحيض قرءان والمراد بهما هنا حيضتان على الأقوى بل وعلى المشهور نصاً وفتوى، ففي صحيح إسماعيل بن الفضل الهاشمي (قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن المتعة فقال: ألق عبد الملك بن جريح فاسأله عنها فإن عنده منها علماً فأتيته فأملى عليّ شيئاً كثيراّ في استحلالها إلى أن قال وعدتها حيضتان وإن كانت لا تحيض فخمسة وأربعون يوماً فأتيت بالكتاب أبا عبد الله (ع) فعرضته عليه فقال (ع): صدق وأقر به).

إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة.

وإن كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض فخمسة وأربعون يوما إجماعاً و نصوصاً منها قول الصادق (عليه السلام) في معتبرة سهل بن زياد (عدة المتعة خمسة وأربعون يوماً).

وفي صحيح زرارة قال (عليه السلام): (عدة المتعة خمسة وأربعون يوماً كأني أنظر إلى أبي جعفر (ع) يعقده خمسة وأربعين).

والمراد من الحيضتين الكاملتين هنا لأنهما المنساق من الأدلة إضافة إلى ظهور إجماع الآجلة على ذلك فلو وهبت مدتها أو انقضت في أثناء الحيض لم تحسب بقية تلك الحيضة من الحيضتين لفرض أن البقية من متممات الحيض الكامل لا أن تكون بنفسها حيضاً كاملاً.

المسألة الثانية: إذا كانت المتمتع بها مسترابة

إذا كانت المتمتع بها غير مستقيمة الحيض أو كانت مسترابة يحتمل أن تكون عدتها أبعد العدتين من الأيام أو القرءين ولكنه مشكل لعدم الدليل إلا التنظير على الطلاق إلا أنه لا يخلو عن القياس أو التمسك بخبر قرب الإسناد عن أبي الحسن الرضا (ع) قال: قال أبو جعفر (ع): (عدة المتعة حيضة وقال خمسة وأربعون يوماً لبعض أصحابه).

ومثله غيره إلا أنه يبدو مجملاً فلا يستفاد منه حكم المقام وعليه فالأحوط أبعد الأجلين لحصول العلم حينئذٍ بتحقق العدة الواقعية.

  • لو تبين فساد المتعة

المسألة الثالثة: لو عقد عليها متعة فدخل بها فتبين فساد العقد فعدتها عدة الطلاق لظهور عدم انطباق عنوان المتعة عليها كما هو المفروض فلا موضوع إذن للاعتداد بالتمتع فتدخل في الوطيء المحترم فتشملها إطلاقات أدلة العدة من غير تقييد كما في العقد الدائم إذا تبين فساده بعد الدخول لفرض أن الوطيء محترم فترتب عليه عدة الوطيء المحترم.

  • اذا لم يعلم دوام العقد وانقطاعه

المسألة الرابعة: إذا لم يعلم أن العقد كان دائماً أو متعة يجري عليه حكم الدوام في موارد اختلاف حكمهما ويمكن التمسك بأصالة عدم ذكر المدة فيجري عليه حكم الدوام حينئذٍ و لا وجه لتوهم الانقطاع لأن المنقطع والدائم حقيقة واحدة وإنما يتحقق الانقطاع بذكر المدة والمفروض عدمه للأصل لذا يجري نفس حكم الدائم بلا إضافة شيء ويصح استصحاب بقاء الكلي حتى ينقضي حكم الدوام.

  • لا حاجة إلى العدة مع عقد الزوج الأول

المسألة الخامسة: الحاجة إلى العدة إنما هي فيما إذا أراد الغير تزويجها وأما بالنسبة إلى الزوج فلا إشكال بتجديد العقد عليها بعد ما وهبها المدة أو انقضاء المدة بلا فصل كما تقدم من أن تشريع العدة إنما هو لعدم اختلاط المياه والمفروض عدم تحقق ذلك مضافاً إلى ظهور الإجماع والاعتبار.

  • المعيار في الشهور المحسوبة

المسألة السادسة: المدار في الشهور في أمثال هذه المسائل هو الأشهر الهلالية كما بيناه سابقاً كما هي متعارفة بين المسلمين والتي جاء بها الدليل فإذا وقع الطلاق في أول رؤيته فلا إشكال وأما إذا وقع في أثناء الشهر ففيه خلاف وإشكال وقع بينهم في موارد مختلفة من نظائر المقام كصوم الكفارة وصوم الإجارة شهرين فمن قائل في المقام بجعل الشهرين الوسطين هلاليين وإكمال الأول من الرابع بقدر ما فات منه ومن قائل من جعل الأول عددياً وإكمال من الرابع ثلاثين يوماً.

ومن قائل غير ذلك ومنشأ الكل استظهارات حصلت في أذهان القائلين بذلك من غير اعتماد على نص أو إجماع.

ويمكن الاختلاف باختلاف العرف والعادات والله العالم.

ولعل الأقوى للنظر جعل الشهرين الوسطين هلاليين وإكمال الأول من الرابع بمقدار ما فات منه أما جعل الوسط هلاليين فلانطباق الإطلاق عليهما قهراً وأما تتميم الأول من الرابع فبحكم العرف به بعد حكمه بجعل الوسطين الهلاليين على التكسير في كل شهر ولكن الأحوط إتمام الأول ثلاثين يوماً من الرابع.

  • لو اختلفا في انقضاء العدة

المسألة السابعة: لو اختلفا في انقضاء العدة وعدمه قدم قولها بيمينها أما تقديم قولها فلقول أبي جعفر (ع) في صحيح زرارة (العدة والحيض للنساء إذا ادعت صدقت). وأما اليمين فلرفع الخلاف وقطع النزاع مع الإجماع وعليه فسواءً ادعت الانقضاء أم عدم الانقضاء وسواء كانت عدتها بالأقراء أم بالأشهر يقبل قولها لما مرّ من الإطلاق الشامل لجميع شؤون العدة والحيض لها مضافاً إلى الإجماع.

المسألة الثامنة: دم النفاس كدم الحيض في باب العدة إجماعاً بل ولما في النصوص من أنه حيض محتبس وبناء الفقهاء أيضاً على ترتيب جميع أحكام الحيض عليه إلا ما خرج بالدليل فإذا طلقها بعد الوضع مباشرة قبل رؤية الدم جامعا ًللشرائط ثم رأت الدم لحظة مثلاً ثم قضى أقل الطهر وهو عشرة أيام ثم رأت أقل الحيض ثلاثة أيام ثم مضى أقل الطهر فتخرج من العدة برؤية الدم ويكون المجموع ثلاثة وعشرين يوما.

  • لو علمت بالطلاق وجهلت وقته.

المسألة التاسعة: لو علمت بالطلاق ولم تعلم وقته حتى تحسب من ذلك الوقت اعتدت من وقت وصول الخبر إليها وذلك لصحيح الحلبي عن الصادق (ع): (عن الرجل يطلق امرأته وهو غائب عنها من أي يوم تعتد به ؟ فقال إن قالت لها بينة عدل أنها طلقت في يوم معلوم وتيقنت فلتعتد من يوم طلقت وإن لم تحفظ في أي يوم وفي أي شهر فلتعتد من يوم يبلغها).

وكذا في خبر زرارة عن الصادق (عليه السلام) ما يقارب هذا مضافاً إلى دعوى الإجماع.

وعليه فإنها إذا لم تعلم بالطلاق إلا بعد انقضاء العدة فلا عدة عليها لصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع): (إذا طلق الرجل المرأة ولا تعلم إلا بعد ذلك بسنة أو أكثر أو أقل فإذا علمت تزوجت ولم تعتد).

وفي صحيح أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن الرضا (ع): (في المطلقة إذا قامت البينة أنه قد طلقها منذ كذا و كذا فكانت عدتها قد انقضت فقد بانت).

هذا مضافاً إلى الإجماع والقول بأنها تعتد من حين بلوغ الخبر شاذ ضعيف لا وجه له على ما ذكره السيد السبزواري (قده) في مهذب الأحكام إلا أن الاحتياط مراعاة ذلك.

  • لو تمتعت الزانية المشهورة

المسألة العاشرة: لو نكحت زانية مشهورة بالزنا شخصاً تمتعاً علماً بأنها تزني حين النكاح الصحيح الشرعي وبعده أيضاً فانقضت المدة أو وهبها لها فهل لهذه المرأة عدة لهذا النكاح الشرعي أو لا ؟.

الظاهر الأول لتغليب الشارع المقدس الفراش فيلحق به الولد مع استجماع سائر الشرائط وتقدم أنه لا حرمة لماء الزاني.

القسم الثاني من العدد

  • في عدة الوفاة

فإن المرأة التي مات عنها زوجها يترتب عليها نحوان من الحكم.

النحو الأول: العدة.

النحو الثاني: الحداد.

أما الأول ففيه مسائل:

المسألة الأولى: أن عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام لقوله تبارك و تعالى: ((وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً))، هذه الآية الناسخة لآية الوصية وهي قوله تعالى: ((وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ)).

ولإجماع المسلمين أيضاً إن لم يكن من ضرورة دينهم مضافاً إلى النصوص المستفيضة التي منها صحيح ابن جعفر عن أخيه موسى (ع): (المتوفى عنها زوجها كم عدتها؟ قال (ع): أربعة أشهر وعشراً). إلى غير ذلك من الروايات، هذا إذا كانت حائلاً صغيرة كانت أو كبيرة يائسة كانت أم غيرها لما يأتي إن شاء الله من أ ن عدة الحامل أبعد الأجلين وكل ذلك نذكره لإطلاق الأدلة مضافاً إلى الإجماع وعليه فإنه إذا كانت حائلاً صغيرة أو كبيرة يائسة أو غيرها عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام سواءً كانت مدخولاً بها أو غير مدخول بها دائمة كانت أو منقطعة وكانت من ذوات الأقراء وغيرها كل ذلك لظاهر الإطلاق والاتفاق مضافاً إلى الأخبار ولأن عدة الوفاة في الواقع نحو احترام للزوج قررها الشارع فأمرها بالحداد كما يأتي ولذلك اعتبرت بالأشهر لا بالأقراء وأما إن كانت حاملاً فعدتها أبعد الأجلين من وضع الحمل والمدة المذكورة إجماعاً ونصوصاً منها قول الصادق (عليه السلام) في معتبرة عبد الله بن سنان: (الحبلى المتوفى عنها زوجها عدتها آخر الأجلين). إلى آخر ذلك من الروايات كما هو مقتضى إطلاق الآيتين أيضاً وهما قوله تعالى: ((وَأُولاتُ الأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)) وقوله تعالى: ((وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً)).

فإن العرف يحكم بأن أيهما تأخر تنقضي به العدة.

فعليه لو وضعت قبل تلك المدة لم تنقض العدة وكذا لو تمت المدة ولما تضع بعد ماعرفت من النصوص مضافاً إلى الإجماع.

  • المعيار على الأشهر الهلالية

المسألة الثانية: المراد بالأشهر هنا هي الهلالية أيضاً لما بيناه فإن مات عند رؤية الهلال اعتدت باربعة أشهر هلاليات وضمت إليها من الشهر الخامس عشرة أيام وإن مات في وسط الشهر فالأحوط أنها تجعل ثلاثة أشهر هلاليات في الوسط و أكملت من الأول ما مضى منه من الشهر الخامس حتى صارت ثلاثة أشهر هلاليات وشهراً ملفقاً وتضيف إليها من الشهر الخامس عشرة فتخرج من العدة لإكمالها أربعة أشهر وعشراً وتبين المرأة بعد إكمال أربعة أشهر بغروب الشمس من اليوم العاشر لأنه المنساق من الأيام عرفاً.

  • إذا كانت لاتعرف الهلال

المسألة الثالثة: لو كانت المرأة في حال لا تعرف الهلال لحبس أو كانت في بلاد طويلة الليل أو طويلة النهار أو كانت في بلاد ملوثة الجو بحيث لا يمكنها رؤية الهلال أو ما أشبه ذلك حتى لا يمكنها معرفة الهلال بالأخبار من الغير في هذه الصورة اعتدت بالأيام وهي مائة وثلاثون يوماً لإتمام الشهور عند الشك حينئذٍ ولاستصحاب بقاء العدة إلا أن تعلم الخلاف.

  • لو طلقها ثم مات قبل انقضاء العدة

المسألة الرابعة: لو طلقها ثم مات قبل انقضاء العدة فإن كان الطلاق رجعياً بطلت عدة الطلاق واعتدت به من حين موته عدة الوفاة إجماعاً ونصوصاً مستفيضة في هذا المجال فإن كانت حائلاً اعتدت أربعة أشهر وعشراً لأن ذلك عدة المتوفى عنها زوجها فلا بد من استئنافها هذا كله على فرض زيادة عدة الوفاة على عدة الطلاق أما لو انعكس الأمر كما في المسترابة في بعض الموارد فتعتد بأبعد الأجلين لاستصحاب بقاء العدة بعد الشك في شمول اطلاقات انقضاء عدة الوفاة فقط في مثل المقام.

  • في مبدأ عدة الطلاق وعدة الوفاة

المسألة الخامسة: لا إشكال في أن مبدأ عدة الطلاق من حين وقوعه إجماعاً ونصوصاً مستفيضة حاضراً كان الزوج أو غائباً بلغ الزوجة الخبر أم لا ، فلو طلقها غائباً ولم يبلغها إلا بعد مدة سنة أو أكثر فقد انقضت عدتها وليس عليها عدة بعد بلوغ الخبر إليها إجماعاً ونصوصاً ومثل عدة الطلاق عدة الفسخ والإنفساخ على الظاهر لقاعدة السببية الجارية في الجميع فإن كل سبب شرعي حصل لزوال حلية وطيء محترم لا بد من تأثير أثره حين وقوعه ما لم يدل دليل على الخلاف وهو مفقود بلا فرق فيه بين الأسباب مطلقاً وفي عدة الوفاة أيضاً مطابق للقاعدة لأنه متوقف على الحداد وهو متوقف على العلم بالوفاة وكذا عدة وطيء الشبهة لأن الوطي بالشبهة سبب للعدة على ما بيناه سابقاً ومقتضى قاعدة السببية أن تكون العدة بعد الفراغ منه فإن كان الوطي واحداً فبعد الفراغ من الواحد وإن كان متعدداً فبعد الفراغ من الجميع وإن كان الأحوط الاعتداد من حين ارتفاع الشبهة و إن كان هذا الاحتياط لا يترك لظهور وحدة المناط وإنما هو زوال سبب الحلية وهو إنما يتحقق بانجلاء الشبهة.

وأما عدة الوفاة فإذا مات الزوج غائباً فعدتها من حين بلوغ الخبر اياها إجماعاً ونصوصاً التي منها قول الصادق (عليه السلام) في معتبرة أبي الصباح الكناني (التي يموت عنها زوجها فعدتها من يوم يبلغها إن قامت البينة أو لم تقم).

ولا يبعد عدم اختصاص الحكم بصورة غيبة الزوج بل يعم صورة حضوره أيضاً إذا خفي عليها موته لمرض أو حبس أو غير ذلك فتعتد من حين إخبارها بموته بناءً على أنه ليس للغيبة موضوعية خاصة وإنما تكون طريقاً إلى عدم إمكان الإطلاع على الحال عرفاً إلا أن الحكم به مشكل جموداً على ظواهر الأدلة وقاعدة اتصال السبب بالمسبب، نعم إلا إذا قلنا بأن المناط كله على العلم بالحال وعدمه كما مرّ سابقاً من البيان.

  • إذا مات الواطيء شبهة

المسألة السادسة: إذا مات الواطيء بالشبهة لا يجري عليه حكم الزوج وتعتد المرأة عدة الطلاق أما الأول فلانتفاء الموضوع وهي الزوجية وأما الثاني وهو وجوب العدة لأن الوطيء محترم فلا بد في زواله من العدة كما تقدم سابقاً.

  • هل يشترط في الإخبار العدالة

المسألة السابعة: لا يعتبر في الإخبار الموجب للاعتداد من حينه كونه حجة شرعية فلا يعتبر أن يكون من عدلين بل ولا عدل واحد لظهور الاتفاق والإطلاق وصريح بعض الروايات في هذا المجال لأن المراد بقوله مجرد حصول الاطمئنان العرفي من أي سبب حصل ولو بواسطة الأجهزة الحديثة للإعلام و الأخبار ونحو ذلك وعلى هذا يكفي قول الثقة، نعم لا يجوز لها التزويج بالغير ما لم تقم حجة شرعية على موته ولا تكتفي بمجرد وجود الخبر لاستصحاب بقاء الحياة ما لم تقم حجة معتبرة على الممات وفائدته أنه إذا لم تكن حجة بعد ما ثبت موته شرعا ًتكتفي بالاعتداد من حين البلوغ ولا تحتاج الاعتداد من حين الثبوت لفرض تحقق الاعتداد فيكون وجوبه بعد ذلك لغواً وباطلاً.