المادة: فقه المجتمع
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon 018.doc

الفصل الثاني: في أحكام الأولاد ونبحثه في ضمن مباحث

المبحث الأول: في أحكام الأولاد من حيث المنشأ والنسبة وفيه موضوعات ثلاثة:

الموضوع الأول: في شرائط إلحاق الولد بالوالد.

الموضوع الثاني: في التلقيح وانعقاد النطفة.

الموضوع الثالث: في الإجهاض.

أما بالنسبة للموضوع الأول فإن ما تنجبه المرأة من الأولاد إنما يلحقون بالزوج بشروط ثلاثة فيكون لهم والداً ويكونوا له أولاد.

الشرط الأول: الدخول قبلاً مع الإنزال

الشرط الأول، هو الدخول إجماعاً ونصاً ففي المسالك (يتحقق الدخول الموجب لا لحاق الولد وغيره من الأحكام بغيبوبة الحشفة خاصة أو قدرها من مقطوع الحشفة في القبل وإن لم ينزل على ما ذكره الأصحاب في مواضع كثيرة).

وفي الجواهر (يتحقق الدخول بغيبة الحشفة أو مقدارها قبلاً ودبراً بل في كشف اللثام وغيره أنزل أولا لإطلاق الفتاوى).

ونحو قول الباقر (عليه السلام) لأبي مريم الأنصاري: (إذا أتاها فقد طلب ولدها) وإطلاق مثل هذه الرواية يدل على إن مجرد الدخول كاف في إلحاق الولد بالزوج سواءً تحقق الدخول كاملاً أو تحقق بعضاً وسواء أنزل الرجل أو لم ينزل وسواء كان الوطي قبلاً أو دبراً.

وهذا هو قول المشهور إلا إن الظاهر إن مقتضى القاعدة إنه بدون الإنزال كما لو قطعنا بعدم الإنزال لا يلحق الولد به لوضوح إنه لا يتكون الولد بدون الإنزال ولا دلالة للروايات التي تمسك بها المشهور بشمول مثل هذه الموارد لانصرافها إلى الدخول مع الإنزال في رحم المرأة لا مطلق المقاربة وهو مثل إدعاء إن الرواية تدل على إن مطلق الاقتراب منها كاف لأنه إتيان والحال إن الظاهر من الإتيان عرفاً هو الإتيان من القبل مع توفر كافة الشرائط من الإنزال بالرحم وما أشبه ذلك كما إن مقتضاها إن الإتيان بالدبر لا يوجب الإلحاق إذا علمنا بأنه لم ينفلت الماء إلى الرحم سواء بواسطة ثقبة بين الفرج والدبر أو بواسطة ترشح بعض الماء إلى الفرج أو ما أشبه ذلك فإذا قطعنا بأن الماء نزل كاملاً في الدبر ولم يصل منه شيء إلى القبل أبداً فالظاهر عدم صحة الإلحاق كما يصح الإلحاق وإن لم يحصل الإدخال إذا أمكن تحقق الولد بواسطة جذب الرحم للمني، كما لو أراق الرجل الماء على فرجها فأمتصه الرحم ففي هذه الصورة يتحقق الإلحاق فبناءً على هذا فإن إطلاق كلام المشهور بأن الولد يلحق بالزوج سواءً وطأها قبلاً أو دبراً وسواءً أنزل أم لم ينزل غير ظاهر الوجه بل قد يقال بأنه خلاف ظواهر الأدلة، ولا إطلاق للأدلة بحيث يشمل هذه الموارد وإنما يلحق به إذا وطأها قبلاً وأنزل فيها أو وطأها دبراً وكان هنالك ترشح إلى قبلها أو كان قد أنزل على فرجها في خارج الفرج ولكن أمكن للرحم أن يمتص هذا الماء أو كان قد أنزل في دبرها، ولم نقطع بأن الماء لم يصل إلى القبل فإنه حينئذ يوجب الإلحاق. نعم لا يلحق الوطي في الدبر إذا علمنا بأن الماء مطلقاً لم يصل إلى فرجها ويدل على ذلك الروايات أيضاً.

فعن الشيخ المفيد رضوان الله عليه في الإرشاد قال: (روى نقلة الآثار من العامة والخاصة إن امرأة نكحها شيخ كبير فحملت وزعم الشيخ إنه لم يصل إليها وأنكر حملها فالتبس الأمر على عثمان وسأل المرأة هل افتضك الشيخ وكنت بكراً ؟ فقالت لا: فقال عثمان: أقيموا الحد عليها، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) إن للمرأة سمّين سمّ البول وسمّ المحيض فلعل الشيخ كان ينال منها فسال ماؤه في سمّ المحيض فحملت منه فاسألوا الرجل عن ذلك فسئل فقال قد كنت أنزل الماء في قبلها من غير وصول إليها بالافتضاض فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) الحمل له والولد ولده وارى عقوبته على الإنكار فصارعثمان إلى قضائه).

ويفهم من هذه الرواية إنه بدون الإنزال لا يكون الولد وإنما يلزم ولو باحتماله وهو أيضاً ما رواه قرب الإسناد عن أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي (عليه السلام): (جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال كنت أعزل عن جارية لي فجاءت بولد فقال (عليه السلام) إن الوكاء قد يتفلّت فألحق به الولد. و الوكاء هنا إما كناية عن الماء أو يحمل على أصله اللغوي وهو: بكسر الواو ما يشبه به الكيس وغيره وهو يتضمن الإشارة إلى انفلات الماء أيضاً.

وهناك روايات كثيرة في هذا المعنى تدل على ما ذكرنا ولعل لهذا أشكل جمع من الفقهاء على فتوى المشهور بأن الوطي في الدبر لا يوجب إلحاق الولد إلا مع احتمال وصول الماء إلى القبل أو سبقه إليه فالمحكي عن السرائر والتحرير عدم العبرة بالوطي دبراً واستوجهه من المتأخرين جماعة ومن المعاصرين جماعة منهم سماحة السيد الأستاذ (دام ظله) في الفقه حيث حسّن ما ذهب إليه السرائر والتحرير إلا في صورة الإمناء واحتمال وصوله ولو بعدم الشعور به إلى القبل ومثله قاله في الحدائق قال: (وأنت خبير بما في كلامهم على إطلاقه من الإشكال فأنه مع العلم بعدم الإنزال وإن كان الجماع في القبل وكذا مع الجماع في الدبر كيف يحكم بالإلحاق والحال هذه – أي مع عدم وصول الماء إلى الرحم -).

فبناءً على هذا فإن ما ذهب إليه المشهور من إلحاق الولد مطلقاً بالزوج سواءً تحقق الدخول مع الإنزال أو لم يكن فيه إنزال أو كان في الدبر أو لم يكن في الدبر يبدو إنه خلاف ظاهر الأدلة فتأمل.

الشرط الثاني: أن لا يكون ولادته أقل من مدة الحمل:

الشرط الثاني: أن يكون قد مضى ستة أشهر هلالية أو عددية أو ملفقة من حين الوطي إلى حين الولادة هذه الفترة أقل الحمل كتاباً وسنة مستفيضة أو متواترة بل وإجماعاً محكياً كذلك بل في المسالك ونسبه الشهيد (رضوان الله عليه) إلى علماء الإسلام فلا يلحق به لو وضعته حياً لأقل من ستة أشهر والظاهر إن المراد من الكتاب قوله سبحانه وتعالى: ((وَوَصَّيْنَا الإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)) بضميمة قوله سبحانه وتعالى: ((وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ)).

حيث يستفاد من الآيتين إن أقل الحمل هو ستة أشهر لأن الآية الأولى تدل على مجموع مدة الحمل والفصال وهي ثلاثون شهراً والآية الثانية تدل على مدة الرضاعة وهي حولان كاملان والحول هو السنة فالحول أربعة وعشرون شهراً فتبقى ستة شهور إلى الثلاثين التي هي مدة الحمل والفصال، فتكون مدة الحمل ستة أشهر والفصال التي هي مدة الرضاعة تكون أربعة وعشرين شهراً.

أما الروايات فهي متواترة منها رواية عبد الرحمن بن العجري عن أبي عبد الله (عليه السلام): (قال كان بين الحسن والحسين طهر وكان بينهما في الميلاد ستة أشهر) ورواية محمد بن يحيى رفعها إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لا تلد المرأة لأقل من ستة أشهر).

وعن المفيد في الإرشاد قال روى العامة والخاصة عن يونس عن الحسن: (إن عمر أتى بامرأة وقد ولدت لستة أشهر فهمّ برجمها فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) إن خاصمتك بكتاب الله خصمتك إن الله يقول: ((وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً)) ويقول: ((وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ)) فإذا أتمت المرأة الرضاعة لسنتين وكان حمله وفصاله ثلاثون شهراً كان الحمل منها ستة أشهر فخلى عمر سبيل المرأة).

وفي حاشية البحر الزّخّار للعامة (أن عمر أتي بامرأة قد حملت ووضعت لستة أشهر فهمّ بها عمر فقال أدع إليّ علياً فقال ما ترى في شأن هذه فقال ما شأنها ؟ فأخبره فقال إن لها في كتاب الله عذراً ، قال : في أي كتاب الله تعالى فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله تعالى: ((وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ)) وقوله تعالى: ((وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً)) فقال عمر عند ذلك لولا علي لهلك عمر).

وروي عن عثمان أيضاً إنه لما كان في أيام خلافته جاءت امرأة بولد لستة أشهر فهمّ برجمها فقال ابن عباس أما إني لو خاصمتك بكتاب الله تعالى لخصمتك قال تعالى: ((وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً))، ثم قال: ((وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ)) فجعل مدة الحمل ستة أشهر فرجع عثمان إلى قول ابن عباس.

وعن زرارة: (قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الرجل إذا طلّق امرأته ثم نكحت وقد اعتدت ووضعت لخمسة أشهر فهو للأول وإن كان ولد أنقص من ستة أشهر فلأمه ولأبيه الأول وإن ولدت لستة أشهر فهو للأخير).

والظاهر إن المقصود من الأشهر هي الهلالية لا الشمسية إذ هو المنصرف من كافة الأشهر في الروايات على ما بيناه سابقاً.

  • في نماء الجنين بالأجهزة الصناعية:

ثم لو فرض إمكان العلم بأن الولد من الزوج لدون الستة أشهر لأجل تنميته بالوسائل الصناعية مثلاً فإن في هذه الصورة يكون خارجاً عن الموضوع كما إنه خارج عن الآية والروايات ومباحث الفقهاء لأن الآيات والروايات ومباحث الفقهاء تبحث في الولادة الطبيعية وفي النمو الطبيعي في الرحم لا بالتنمية الصناعية بالوسائل وما أشبه ذلك كما إنه لو ولد ناقصاً وبقي بسبب الوسائل الصناعية كان ملحوقاً بالزوج بلا إشكال ولو شك في إنه ولد لستة أشهر أو أقل من ستة أشهر كانت أصالة الصحة في فعل المسلم وقول المسلم محكمة أما إذا اختلفا فالزوج يقول بالأقل والزوجة تقول بالأكثر فالأصل مع مدعي الأقل لأصالة عدم الزيادة.

الشرط الثالث: أن لا يتجاوز ولادته أقصى من مدة الحمل:

الشرط الثالث: من شروط إلحاق الولد أن لا يتجاوز بالولادة أقصى الوضع سواءً كان هذا الأقصى من وقت الطلاق أو من وقت الحمل، وأقصى الوضع.

فيه أقوال:

القول الأول: إن أقصى الوضع تسعة أشهر.

القول الثاني: هو عشرة أشهر.

القول الثالث: هو سنة.

قال في الشرائع أن لا يتجاوز أقصى الوضع وهو تسعة أشهر على الأشهر وقيل عشرة أشهر وهو حسن يعضده الوجدان في كثير، وقيل سنة وهو متروك إلا إن الظاهر إن القول الأول منسوب إلى المشهور بل عن ظاهر الإسكافي و الطوسي (قده) في المبسوط والخلاف إجماعنا عليه وأما القول الثاني فقد روي عن الشيخ (قده) في مبسوطه والفاضل (قده) في أكثر كتبه والقول الثالث منسوب إلى السيد المرتضى (قده) في الانتصار مدعياً عليه الإجماع ومال إليه العلامة (قده) في المختلف وفي المسالك إنه أقرب إلى الصواب وفي الكفاية إن القول بالسنة أقوى عندي.

أما دليل القول الأول فجملة من الروايات منها مرسل عبد الحمن بن سيابة وخبر محمد بن حكيم عن أبي الحسن (عليه السلام) في حديث: (قال: قلت له : إنها ادعت الحمل بعد تسعة أشهر قال إنما الحمل تسعة أشهر) و (إنما) تفيد الحصر كما لا يخفى فتنفي ما عدا التسعة أشهر.

وعن حريز عمن ذكر عن أحدهما (عليهما السلام) في قول الله عز وجل (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد قال الغيض كل حمل دون تسعة أشهر وما تزداد كل شيء يزداد على تسعة أشهر فما رأت المرأة الدم الخالص في حملها فإنها تزداد بعدد الأيام التي رأت في حملها من الدم) وفي صحيح ابن الحجاج: (قال سمعت أبا إبراهيم (عليه السلام) يقول إذا طلّق الرجل امرأته فادّعت حملاً انتظر تسعة أشهر فإن ولدت وإلا اعتدت لثلاثة أشهر ثم قد بانت عنه).

وأما القول الثاني: ففي المسالك إن أقصاها عشرة للشيخ (قده) في موضع من المبسوط واستحسنه المحقق والعلامة (قده) في أكثر كتبه وذكر جماعة إن به رواية لكني لم أقف عليها.

وكيف كان فهذا القول هو أقرب من القول بالتسعة وفي الحدائق القول بالعشرة لم نقف له على خبر إلا إن ظاهر بعضهم وهو المروي أيضاً قال ابن حمزة (قده) على ما تقله عنه في المختلف أكثر مدة الحمل فيه روايات ثلاثة تسعة أشهر وعشرة وسنة وفي الكفاية ذهب جماعة من الأصحاب إن أقصاه عشرة وقد ذكر جماعة إن به رواية ولم أقف.

وكيف كان فإن ما ذكره المحقق (رضوان الله عليه) في الشرائع من إن الوجدان يدل على وقوع الوضع في العشرة يكفي فيه.

أما القول الثالث: فيستدل له بخبر ابن الخطاب بسنده عن علي (عليه السلام): (أدنى ما تحمل المرأة لستة أشهر وأكثر ما تحمل لسنة).

وعن نوادر المعجزات  للراوندي عن سيدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام) إنها ولدت الحسين (عليه السلام) عند تمام سنة من حملها به هذا بالإضافة إلى الاستصحاب ولقوله (صلى الله عليه وآله): (الولد للفراش).

ولعل هذا القول هو الأقوى بعد إذ  إن روايات التسعة مضطربة وإن الوجدان على خلافها بوقوع الولادات لأكثر من تسعة بل وهذا ما أثبته التواتر لأننا نجد متواتراً زيادة الحمل على تسعة أشهر بل إلى عشرة أحياناً بل قال السيد الشيرازي (دام ظله) في الفقه (أنا وجدنا أكثر من عشرة أيضاً) فلذا لا يمكن الاعتماد على الروايات التي تقول بالتسعة فنحصر أقصى مدة الحمل بالتسعة وكذا بعد وجدان وقوع الوضع بالسنة لا مجال لحصره بالعشرة فلذا لا يمكن الاعتماد على الروايات الأولى والثانية بحيث نقف أمام الوجدان الخارجي وادعاء السيد المرتضى (قده) الإجماع يؤيد تعارف ذلك في زمانه أيضاً بالإضافة إلى التأييد بروايات عبد الرحمن ولرواية محمد بن حكيم وغيرها هذا بالإضافة إلى إمكان إيجاد صيغة للجمع بين الطوائف الثلاثة من الروايات فالظاهر إن وجه الجمع بين أخبار السنة والتسعة هو حمل التسعة على الغالب، والمراد بالتسعة ليس على الدقة العقلية بل التسعة العرفية أي التسعة وما حولها وما يقاربها.

لا بما هي تسعة وأخبار السنة نحملها على أقصى الحمل ولعل غلبة أخبار التسعة في المقام في مقابل العامة الذين ذهبوا إلى أقوال شتى في هذه المسألة.

ففي البحر الزخار وحواشيه كما حكاه عنه في الفقه إن أكثر مدة الحمل أربع سنين وإنه مروي عن أم سلمة قال وأفتى به علي (عليه السلام) وهو توقيف وقد لبث الزكي في بطن أمه أربعاً وخرج وقد نبتت ثناياه.

وقول آخر بأن أكثره سنتان لقوله: (لا يبقى الحمل في بطن أمه أكثر من سنتين) وهو توقيف وقيل بل خمس سنين وقيل بل تسع سنين إذ قد يتفق ذلك نادراً.

وقال في الشفاء وقد روي إن محمد بن عبد الله النفس الزكية (عليه السلام) لبث في بطن أمه أربع سنين وعن عائشة لا يبقى الحمل في بطن أمه أكثر من سنتين، وفي الفقه على المذاهب الأربعة قال: أعلم إن أقل مدة الحمل عند الحنابلة ستة أشهر كغيرهم وأما أكثرها فهو أربع سنين وفاقاً للشافعية وخلافاً للحنفية القائلين إنها سنتان والمالكية القائلين إنها خمس سنين.

ونجد إن في هذه الأقوال اضطراباً شديداً ولعل لهذه الجهة أو لغلبة الوقوع كثرت الروايات عندنا الدالة على إن أقصى الحمل تسعة أشهر لا للحصر فيتحصل منه إن أقصى مدة الحمل هو السنة أيضاً.

ولعل مما يؤيد ما ذكرنا إن علماء الطب ذكروا إن بقاء الطفل في رحم أمه هو ثلاثمائة وعشرة أيام ومتوسط بقائه مائتان وثمانون يوماً قالوا ولم يذكر أحد من العلماء أكثر من أثني عشر شهراً كما لا يخفى على من راجع تقريراتهم العلمية.

ومن هنا يظهر قوة قول الجواهر حيث ذهب إلى إن الظاهر عدم اللحوق بالمتولد حياً كاملاً لأقل من ستة أشهر إذا كان ذلك معلوماً وأما في صورة الحمل فالظاهر الحكم باللحوق للأصل – أي أصالة الصحة – وهو كما ذكر (قده) لأن كون الولد للفراش محكم إلا في صورة العلم بالعدم والمفروض إن في صورة الجهل سواءً كان الجهل عبارة عن شك أو عبارة عن ظن أو عبارة عن وهم فإنه في الجميع يصدق إنه لم نعلم من غير فرق بين الشك في الدخول وعدمه وبين الشك في إنه لستة أشهر أو أقل من ستة أشهر وبين الشك في إنها هل تكون من وطيه لها قبل الستة أم بعدها إلى غير ذلك من الاحتمالات.

وعليه فلو اتفقا على انقضاء ما زاد عن تسعة أشهر أو عشرة من زمان الوطي أو ثبت ذلك بنسبة متحققة تزيد عن أقصى الحمل فلا يجوز له الحاقه بنفسه والحال هذه لما عرفته من الجواهر وغيره هذا في صورة العلم أما في صورة الشك فالظاهر اللحوق للأصل المتقدم.

وما ذكرناه مقتضى القاعدة وعليه فإذا اتفقا على إنه لأكثر من سنة لم يلحق بالأب ودليل الولد للفراش لا يحكم بمثل ذلك لأن الولد للفراش إنما يصدق فيما كان هناك فراش ممكن بحسب الفهم العرفي وفي صورة الأكثر من سنة لا فراش ممكن عرفاً فهو كما إذا كان ينام معها بدون إدخال وإمناء على فرجها.

 

  • في لحوق الولد بالأم:

وأما بالنسبة إلى اللحوق بالأم فإذا لم تصرح الأم بزناها عمداً الحق بها لإمكان الشبهة عملاً لفعل المسلم على الصحة حينئذ نعم لو قالت إنها حملت من المساحقة مع تكون الولد في رحم امرأة أخرى فهل تصدّق لأنها ذات يد وهي أعرف بحالها أو لا لظهور الحمل منها ؟

احتمالان: وإن كان الأول أقرب لما ثبت في مباحث الإقرار إن إقرار الرجل والمرأة بالولد يوجب التصديق.

  • إذا اختلفا في الولد:

ويتفرع على ذلك صورة الاختلاف فإذا قال الأب إنه ولد لأكثر من سنة وقالت الأم بل لأقل كان المورد مورد اللعان إذا لم تكن بينة في المقام تثبت أحد القولين، ولو قالت الأم إنه لأكثر من سنة وقال الأب إنه لسنة ثبت النسب بالنسبة إلى الأب وأما بالنسبة إلى الأم فإذا ادعت وجه صحة تلك الشبهة أو حمل فعلها على الصحيح فيما كان في مورد حمل الفعل على الصحيح الحق بها والا لم يلحق بها.

  • في اختلاف الدين والمذهب:

مسألة الاختلاف في الدين أو في المذهب فإن العامة الذين يقولون بأن أقصى الحمل تسعة سنين أو الكافر الذي يقول مثل هذا القول نحكم عليهم بما يلتزمون به لقاعدة الإلزام التي تقول (ألزموا كل صاحب دين بما يلزم به) فنحكم بوجوب النفقة على الأب ونفقة الأب على الولد كما نحكم بالمحرمية بينهما في الزواج وغير ذلك ولو ولد بعد تسع سنين وهذا مما لا كلام فيه وإنما الكلام فيما إذا استبصرا أو أسلما فهل يبقى الحكم السابق باعتبار إن الإسلام يجب ما قبله وما دل على إن المستبصر إنما يعيد الزكاة فقط للمناط في المقام أيضاً ولرواية ابن هلال عن الرضا (عليه السلام) في ترك الناس على حالهم السابق كما كانوا وإنما يجدّ وا الأمر بالنسبة إلى المستقبل ؟

احتمالان في المسألة.

ظاهر الصناعة وقواعدها تقتضي الثاني إلا إن الظاهر إن الاستناد الفقهي يقتضي الأول، ومنه يعرف حال ما إذا أسلم أحد الزوجين أو استبصر حيث يكون لكل حكمه في المسألة الشيعي للمستبصر وحكم السني للباقي على مذهبه بناءً على تبدل الحكم بالاستبصار ويبقيان كما كانا بناءً على عدم التبدل وكذلك يعرف الحال في صورة العكس بأن تسنن الشيعي وقد كان المتولد على فراشه بعد سنتين منفياً عنه، فهل يحكم بأنه له الآن طبقاً لمذهبه الحالي أو يحكم بأنه ليس له طبقاً للحكم السابق وحال الوالد أيضاً إذا كان سنياً في أبوين شيعيين أو كان شيعياً عن أبوين سنيين أو تسنن الولد بعد تشيعه أو تشيع بعد تسننه ومثله ما إذا شككنا هل إن الأبوين للمتولد بعد سنتين سنياً حتى نلحقه بهما أو شيعياً حتى لا نلحقه بهما ؟

ولا يمكن الفحص لإحراز إنهما من أي مذهب كانا لكن جريان الحكم الصحيح هو الأقرب لأن الأحكام ناظرة إلى الواقع وهكذا الحال إذا كنا لا نعرف على مذهب من يقول بالإلحاق إلى سنتين فقط أو من مذهب من يقول بالإلحاق إلى تسع سنين فيما إذا عرفت تسننهما وقد عرفت اختلاف الأقوال عند العامة. إلى غير ذلك من الفروع الكثيرة التي يكثر الابتلاء بها في المناطق التي يتبدل فيها المذهب أو الدين.

  • إذا راجعنا الكفار في الأولاد

وأما إذا كان الكافر لا رأي له في المسألة وراجعنا فيها فإنا نحكم عليه بما نرى لأن هذا هو الحكم الواقعي الذي لا نخرج عنه إلا بقاعدة الإلزام وهي فيما نحن فيه مفقودة ومنه يظهر حكم الملحد الذي يأخذ بالقانون الغربي وينكر وجود الباري عز وجل أو ينكر المعاد مثلاً.وكذلك حال الفرق الباطلة البهائية و القاديانية وما أشبه ذلك.

أما المسلم الذي يأخذ بالقانون الغربي استهتاراً بمذهبه فإنه محكوم بحكم مذهبه لا بحكم ما ما يأخذه من القانون الباطل.

  • حكم الولد فيما إذا وطأها فجوراً:

المسألة الأخرى: لو وطأ المرأة واطئ فجوراً كان الولد لصاحب الفراش ولا ينتفي عنه إلا باللعان لأن الزاني لا ولد له لما ورد من إن الولد للفراش وللعاهر الحجر، وهذا الخبر متواتر في كتب الفريقين فعن الحسن الصيقل عن أبي عبد الله (عليه السلام): (قال سأل عن رجل اشترى جارية ثم وقع عليها قبل أن يستبرىء رحمها قال بأس ما صنع يستغفر الله ولا يعود قلت فإن باعها من آخر ولم يستبريء رحمها ثم باعها الثاني من بعل آخر ولم يستبريء رحمها فاستبان حملها من الثالث فقال أبو عبد الله (عليه السلام) الولد للفراش وللعاهر الحجر).

وعن سعيد الأعرج عن أبي عبد الله (عليه السلام): (قال سألته عن رجلين وقعا على جارية في طهر واحد لمن يكون الولد ؟ قال للذي عنده لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (الولد للفراش والعاهر للحجر) إلى غير ذلك من الروايات.

ولا يخفى إن كون الولد له لا فرق فيه بين وطيه السابق أو اللاحق على الزنا ولا بين كونه يعلم بأنه أمنى حين وطأها أم لا ؟ أو يشك في إنه هل مضت ستة أشهر أو أقل أو أكثر إلى سنة لإطلاق الأدلة، إذا علم إنه ليس له كان ذلك حكمه بينه وبين الله بحسب الواقع لكن بحسب الظاهر لا ينتفي عنه الولد إلا باللعان.

وقد فصل الفقهاء مسألة اللعان في باب الطلاق وسنأتي إليها إن شاء الله تعالى.

وكيف كان فمجرد نفي الزوج بدون اللعان لا ينفي عنه الولد ولا يقال هنا باختياره بالقرعة فإن القرعة لا مجال لها في المقام لأن الولد للفراش حاكم على دليل القرعة فمع وجود الحديث الشريف الذي يقول (الولد للفراش) لا يبقى الأمر مشكلاً ومعضلا حتى نرفع هذا الإعضال والإشكال بالقرعة والحال إن القرعة لكل أمر شكل.

وعليه فما دام ارتفع الإشكال بالحديث الشريف لا يبقى موضوع للقرعة.

  • هل يصح الرجوع إلى القيافة في تمييز الولد:

وهنا مسألة مهمة وهي إنه في صورة الشك بأن الولد منه أو من غيره هل يصح الرجوع إلى القيافة أم لا ؟ الظاهر إنه لا مجال للرجوع إلى القيافة وما ورد في بعض الأخبار من إن القيافة فضلة من النبوة وإنهم عليهم السلام عملوا بها في بعض الموارد لا يصلح دليلاً لما نحن فيه، فعن أبي بصير عن أبي عبد الله قال: (من تكهن أو تكهن له فقد برأ من دين محمد (صلى الله عليه وآله) قال قلت: فالقافة قال ما أحب أن تأتيهم وقال ما يقولون شيئاً إلا كان قريباً مما يقولون فقال القيافة فضلة من النبوة ذهبت بالناس حين بعث النبي (صلى الله عليه وآله)).

والمراد بالتكهن له إنه قبل بذلك، كما إن المراد بالقيافة فضلة من النبوة إن فيها شيئاً من الواقع لأن الولد يشبه أباه في كثير من الأحيان.

ويؤيد ذلك قانون الوراثة لكن الشارع ألغى اعتبار القيافة وأحكامها لأن مضرتها أكثر من منفعتها وعليه فما يرويه بعض العامة من أن النبي (صلى الله عليه وآله) قضى بقول القافة مردود عقلاً ونقلاً بل قد ورد في الحديث: (لا آخذ بقول قائف).

والعقل يقول إن الحد الذي يثبته القائف لا يمكن أن يثبت الحقوق والأولاد والواجبات وما أشبه ذلك عليه لأن الأحكام الشرعية يرجع فيها إلى الأدلة الخاصة من الكتاب والسنة أما أقوال القافة فمقتضى القاعدة فيها إنها أقوال ناشئة من الحدس والشارع لا يبني أحكامه على الحدسيات.

ومنه يعلم إن الروايات التي رويت في بعض المصادر من أن الإسلام يشجع على القيافة أو أنها مشعرة بالقيافة محمولة على التقية وليست محمولة على الاعتبار والصحة.

ومن هنا قال الشيخ الأنصاري (رضوان الله عليه في المكاسب (القيافة حرام في الجملة ونسبه في الحدائق إلى الأصحاب، وفي الكفاية لا أعرف خلافاً فيه وعن المنتهى الإجماع.

والقائف كما في الصحاح والقاموس والمصباح من كتب اللغة هو الذي يعرف الآثار وعن النهاية ومجمع البحرين إنه يعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه فالمراد بالقافة من لهم خبرة بشبه الولد بأبيه، هذا ما قاله الفقهاء.

ولعله يقوم مقامه في زماننا هذا تحليل الدم كما استفاده بعض العامة كما في الفقه على المذاهب الأربعة إلا إن الظاهر عدم الاعتبار بذلك أيضاً ويدل على ما ذكرناه ما رواه عبد الله بن سنان عن أبي جعفر (عليه السلام): (إنه أتى رجل من الأنصار رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال هذه إبنة عمي وامرأتي لا أعلم منها إلا خيرا وقد أتتني بولد شديد السواد منتشر المنخرين جعد قطط أفطس الأنف لا أعرف شبهه في أخواني ولا في أجدادي فقال لامرأته ما تقولين قالت لا والذي بعثك بالحق نبياً ما أقعدت مقعده مني منذ ملكني أحداً غيره، قال فنكس رسول الله (صلى الله عليه وآله) رأسه ملياً ثم رفع رأسه إلى السماء ثم أقبل على الرجل فقال يا هذا إنه ليس أحد ألا وبينه وبين ولده تسعة وتسعون عرقاً كلها تضرب في النسب فإذا وضعت النطفة في الرحم اضطربت تلك العروق فسأل الله الشبه لها فهذا من تلك العروق التي لم يدركها أجدادك ولا أجداد أجدادك. خذ إليك أبنك فقالت المرأة فرجت عني يا رسول الله).

وعن ابن مسكان عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام): (قال إن رجلاً أتى بامرأته إلى عمر فقال إن امرأتي هذه سوداء وأنا اسود، وإنها ولدت غلاماً أبيض فقال لمن بحضرته ما ترون ؟ قالوا نرى إن ترجمها فإنها سوداء وزوجها أسود وولدها أبيض قال: فجاء أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد وجّه بها لترجم فقال ما حالكما ؟ فحدثاه فقال للأسود أتتهم امرأتك فقال لا ؟ فقال له قد أتيتها وهي طامث قال قد قالت لي في ليلة من الليالي إني طامث فظننت إنها تتقي البرد فوقعت عليها فقال للمرأة وأنت طامث ؟ قالت نعم سله قد حرجت عليه وأبيت قال فانطلقا فإنه غلب الدم النطفة فأبيض).

وهناك روايات أخرى تدل على إن من (سعادة المرء أن يشبهه ولده).فما رواه الصدوق عن النبي (صلى الله عليه وآله) ما يدل على ذلك فقد روى إنه قال: (من نعم الله على الرجل أن يشبهه ولده).

وعن الجعفريات بسنده إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من نعمة الله على الرجل أن يشبهه ولده).

وعن الطبرسي في مكارم الأخلاق عن الصادق (عليه السلام) قال: (من سعادة الرجل أن يكون الولد يشبهه في خلقه وشمائله).

حيث تدل هذه الروايات على إن من الولد من يشبه ومن الولد من لا يشبه.

وعليه فلا اعتبار بالقافة والقيافة وعليه فإذا وقع زناءان أو أكثر بالمرأة ولم يعلم إن هذا الولد لأي منهم كان المرجع هو القرعة لأنها لكل أمر مشكل شرعاً بعد كون اللحوق بأحد الزناة يوجب أحكاماً كحرمة نكاح الأب الزاني بنته إلى غير ذلك.

كما إنه إذا لم يعلم هل هو الولد صار حال صداقته مع المرأة وعلاقته غير الشرعية أو بعد نكاحه لها فلا يبعد جريان أصالة الصحة فإنها جارية في مثل هذه الموارد.

ومنه يعلم إنه إذا كان ولد الرجل لم يعلم هل إنه تولد منه في حال زناه بالمرأة أو حال نكاحه لها ؟ وإذا اختلف حال الرجل وحال المرأة ففي الحلية لأحدهما دون الأخر بأن كان أحدهما زان اضطراراً أو مكرهاً أو ما أشبه ذلك بينما الآخر مختار كان لكل حكمه بالنسبة إلى الحلال والحرام في حال الاضطرار أو الاختيار ولو زنا بامرأة فأحبلها ثم تزوج بها لم يجز إلحاق به للنص والإجماع المتقدم لأن للزاني الحجر وتجدد الفراش لا يقتضي إلحاق المحكوم بانتفائه إذا المراد من الولد للفراش المنعقد في الفراش لا المتولد مطلقاً هذا مضافاً إلى الأخبار الخاصة كخبر علي بن مهزيار عن محمد بن الحسن القمي قال كتب بعض أصحابنا على يد إلى أبي جعفر (عليه السلام): (جعلت فداك ما تقول في رجل فجر بامرأة فحملت ثم إنه تزوجها بعد الحمل فجاءت بولد هو أشبه خلق الله به فكتب بخطه بخاتمه الولد بغية لا يورث).

نعم لو شك إن الولد من الزنا السابق و الوطي بعد النكاح وكان ممكناً لأن يكون منهما كان ملحقاً به لقاعدة الفراش.

ومنه يعلم إنه يلزم الأب بالإقرار بالولد مع الدخول وولادة زوجته له فلو أنكره والحال هذه لم ينتف عنه إلا باللعان ولا حاجة إلى العلم بالدخول بل يكفي الشك حيث قد عرفت إن هذا هو مقتضى إن الولد للفراش ولا حاجة للعلم فيه بالدخول لكفاية الإفراغ على الموضوع،وفي الدخول يكفي العلم بالإمناء أو الشك فيه.

نعم في صورة ما إذا علم الرجل بعدم الإمناء يخرج عنه اللحوق، وكذا حال الوطي في الدبر على ما تقدم بيانه وولادة الزوجة إنما توجب الإلحاق على وجه يلحق به الولد لا ما إذا تجوزت المدة في أقصى الوضع أو أقل الحمل على ما بيّناه ولا يختلف الحكم بالإلحاق بالفراش بين إسلامه أو إسلام الأزواج إذا تعددوا أو إسلام الزناة إذا تعددوا وبين كفرهم ويؤيده في بعض الفروض ما عن الحلبي عن الصادق (عليه السلام): (إذا وقع المسلم واليهودي والنصراني على امرأة في طهر واحد أقرع بينهم وكان الولد للذي تصيبه القرعة) هذا بالإضافة إلى بعض الإطلاقات التي تشمل المقام مناطاً مثل صحيح معاوية بن عمار عن الصادق (عليه السلام): (إذا وطأ رجلان أو ثلاثة جارية في طهر واحد فولدت فادعوه جميعاً أقرع بينهم فمن قرع كان الولد ولده) إلى آخر الحديث.

وكذا لا يختلف الحال في صورة الزنا فلو زنى بعضهم ووطأ بعض بالنكاح أو وطأ بالشبهة في صورة الاشتباه فالولد للنكاح أو للشبهة مع صورة الإمكان لأن الوطي للشبهة يشمله دليل الفراش بأن كان الزاني مسلماً والزوج أو الواطي شبهة كافراً.

نعم ينبغي استثناء صورة قاعدة الإلزام كما إذا كان الكافر يرى إن الولد لأول الزناة أو آخر الزناة أو من يشبهه أو ما أشبه ذلك في غير ما إذا كان أحد الأطراف مسلماً، فإذا كان أحد الأطراف مسلماً لا ينفذ حكم الكفر على المسلم، كما إذا كان الزوج كافراً والزاني مسلماً ويرى الزوج إن الوطي للزاني لا للزوج في صورة إمكان كونه لهما فإنه لا ينفذ ذلك على المسلم الزاني حيث إن المسلم ملزم بدينه لا بدين الكافر ومنه يعلم حال ما إذا كان أحدهما شيعياً والآخر عامياً أو كان كلاهما عامياً ثم لو كانا شيعياً وعامياً يرى الحمل أكثر من أقصاه عند الشيعي فأتت بعد أقصى الحمل كان للعامي لقاعدة الإلزام.