التزاحم الحفظي وتطبيقاته في الأحكام الولائية
التزاحم الحفظي من النظريات الأصولية التي أبدع فيها السيد الصدر، ولها أهمية كبيرة في الشريعة الإسلامية؛ لأنّها أثبتت الإنسجام التام بين كافة المنظومة التشريعية، والترابط فيما بينها ترابطاً وثيقاً، بالنحو الذي يجعل من كل تشريع مكملاً للآخر، ومن خلال البحث يتبيّن الإنسجام بين التشريعات الولائية، وطبيعة العلاقة بينها وبين التشريعات الواقعية، وكيفية ربطها بالتشريعات المتضمنة لنظام العقوبات، وإنسجامها مع التشريعات الأخرى داخل المنظومة الواحدة؛ لأن أغلب هذه التشريعات كانت نتيجةً حتمية لوقوع التزاحم الحفظي بين الأغراض الواقعية الأولية وبين مقتضى حفظ الغرض الأهم منها، لأنّ المصالح تختلف من زمن الى آخر ومن مكان الى آخر، بحيث لا يمكن إرتباطها بتشريع محدد بحفظها ما دامت متعرضة للتبدّل والتغيّر، وكذلك يختلف كيفية تحقيقها باختلاف المكان والزمان، وبالتالي يؤدي الى حتمية وقوع التزاحم في بعض الأحيان بين المصالح العامة وبين مصالح المرتبطة بالأفراد كأفراد، والتي نشأة الأحكام الواقعية الأولية منها؛ لأن مقتضى التزاحم الحفظي هو ترجيح الغرض الأهم وإن أدى الى خسارة بعض الأغراض الواقعية، فلا خلاف في أنّ المصلحة العامة أهم من المصلحة الخاصة وعلى هذا يقضي تشريع معين يهدف من ورائه حفظ المصلحة العامة، وهذه المصلحة لا تكون خارجة عن دائرة الشريعة، بل مستفادة من هدي التشريعات الإلهية.