الشفافية في العقود الإدارية
العقود الإدارية هي اتفاقيات قانونية تبرمها الجهات الإدارية في الدولة ولها آثار مادية ملموسة تتعلق بأوجه النشاط الإداري المختلفة، وفي العراق يتم تنفيذها وفقاً لقواعد القانون العام شكلاً ومضموناً، القواعد التي تتضمن سلطات الأوامر الإدارية وطرق الإلزام ووجوب القيام بأعمال مع الجهة أو الفرد الذي تتعاقد معه الإدارة؛ تحقيقاً للمصلحة العامة في إطار الشفافية المعلوماتية والبيانية والإحصائية الوطنية والمحلية والعالمية.
والشفافية في العقود الإدارية في مضمونها تمثل حصناً منيعاً للإدارة من إساءة استعمال السلطة أو الوقوع في الفساد الإداري ومن ثم تحمل عواقبه بعد ذلك، وفي خضم معالجتنا لهذا الموضوع وجدنا أنه ذو أهمية كبيرة نظراً للمسؤوليات الجمة الواقعة على الإدارة في ظل النظام والإجراءات الحكومية المعقدة في تسيير الأعمال اليومية.
ومن جهة أخرى فإنَّ الاتفاقيات التي تبرمها الإدارة من أجل تحقيق خدمة المرفق العام أو المؤسسة المضطلعة بإدارتها تمثل أواصر علاقات قانونية يتم التعامل معها وفقاً للقوانين والقرارات واللوائح والتنظيمات السارية والتي تبين طريق إبرام مثل هكذا عقود، وهي بالتالي تمثل أطر وأسس التعامل الشفاف للإدارة مع المتعاقدين.
ويلاحظ في هذا الشأن أن العقود الإدارية وإن كانت أحد وسائل الإدارة في تسيير الشؤون العامة ولكنها ليست حكراً على مدرائها وموظفيها بأسمائهم ومناصبهم ولكنها اتفاقيات قانونية تصب في مصلحة الخدمة العامة للجهاز الإداري أو المرفق العام الذي تخدمه وتحقيق المنفعة العامة الحقيقية للدولة والمجتمع سواءً بسواء.
وهكذا فإنَّ كل القرارات والأوامر واللوائح الوظيفية الصادرة بموجب القوانين النافذة في العراق والتي يعتمدها المرفق العام أو المؤسسة العامة بمدرائها ومسؤوليها هي الموجه الأول والأساس الحقيق والإطار والنظام القانوني الذي تسير عليه الإدارة عند ابرامها للعقود وليس قوانين أو قرارات أو أوامر أو تعليمات ليس لها وجود أصلاً، وهنا تتحقق الشفافية عندما تكون كل العقود المبرمة في ظل القوانين النافذة في ضوء الاختصاص الوظيفي وفقاً للصلاحيات المخولة حقيقة موجودة وفاعلة؛ لأنها حينئذٍ تكون مرآة عمل الإدارة وأساس نشاطاتها القانونية المشروعة المختلفة.
بحثنا هذا يعالج صلة رابطة الشفافية بالتعاقد الإداري والعلاقة بين كل منهما من حيث الشكل والموضوع من الناحية القانونية العلمية المجردة