المذاهب الفقهية أسبابها ومشروعيتها
انزل الله سبحانه على رسله رسالات تشرح للبشر مغزى حياتهم وتهديهم إلى مسالك الحياة واختتمها سبحانه بأكملها وأوسعها على لسان خاتم النبيين محمد -6-، واختتم كتبه السماوية بالقران الكريم، وأودع سبحانه فيها من الأصول والأحكام ما يجعلها قادرة على الوفاء بحاجات الإنسانية المتجددة على امتداد الزمان، وكان مصدر هذه الأحكام في العهد الإسلامي الأوّل كتاب الله بما تضمنه من كليات الأحكام الشرعية وسنة نبيه -6- بما تضمنته من تفصيل وتأكيد وتطبيق لهذه الأحكام بقوله وفعله وتقريره، وبعد رحيله -6- وانقطاع الوحي بوفاته بقيت نصوص هذين المصدرين هما أساس التشريع الإسلامي، ثم اخذ العلم بهما بالتطور والتنظيم والتقعيد على يد فقهاء الأمة فتكونت إثرَ ذلك ثروة فقهية عظيمة كانت ولا تزال مصدرا لكل باحث ومعين لكل تشريع، ونتيجة لما أصاب الحياة الفكرية والفقهية من متغيرات، ولتوسع نفوذ الدولة الإسلامية وتفرق الصحابة في الأمصار واختلاطهم بغيرهم من الشعوب والحضارات، وكذلك ظهور الوضع في الحديث بسبب منع تدوين السنة، ولِمَا استجد من أمور دخل الحراك الفقهي مجالا أوسع بظهور المدارس وتعدد المذاهب، فتبلورت وشكّل كل منها تياراً له علماؤه وأتباعه، فوضع علماء كل اتجاه أصولاً ومعالم ميّزت طريقتهم عن غيرهم، وبذلك تكوّنت المذاهب الفقهية وشكلت غنىً للحياة الإسلامية وثروة في الفقه الإسلامي