المسؤولية التقصيرية للشركات الأمنية الخاصة -دراسة مقارنة-
من المعلوم أن المسؤولية المدنية في القواعد العامة هي من الناحية اللغوية المؤاخذة والتَبِعة، ومن الناحية القانونية فهي بتعويض الضرر الذي يسببه الغير بفعله الضار، وهذا الأمر ينطبق على الشركات الأمنية الخاصة، فهي عندما تقوم بممارسة أعمالها وأنشطتها فإن ذلك يكاد ألا يخلو من دلالات خطيرة قد تقع على المجتمع يتمثل في الإضرار بالغير، ذلك لأن الأمن والأمان أصبح بيد القطاع الخاص، وبالتالي أخضع لقانون العرض والطلب، الأمر الذي يؤدي إلى انحراف بعض الشركات الأمنية الخاصة أثناء ممارستها لأنشطتها عن السلوك المعتاد، خاصة وأن تلك الشركات تحمل السلاح، وقد يساء استعماله، وهذا ما حصل فعلاً، أثناء عمل تلك الشركات في العراق أبان سلطة الائتلاف في حينها، إذ اتخذت من الحماية القانونية التي منحت لها بموجب أمر سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) رقم (17) لسنة 2014 (الملغاة) غطاء قانونياً، وأقدمت على القيام بأفعال ذات طابع ضار، مما أدى ذلك إلى مواجهة العديد من العقبات في الحصول على التعويض لذوي الضحايا، واستمر ذلك الوضع القانوني لغاية صدور قانون رقم (52) لسنة 2017م المسمى بـ (الشركات الأمنية الخاصة العراقي) الذي ألغى الحماية القانونية لتلك الشركات، إلا أنه لم يتضمن نصوصاً قانونية تنظم المسؤولية المدنية بشكل عام والمسؤولية التقصيرية بشكل خاص، بل وحتى لم يخضعها إلى الأحكام المنصوص عليها في القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 المعدل في تعويض الأضرار التي تلحق بالآخرين والناشئة عن كل تَعَدٍّ أو إخلال فرضه القانون نتج عنه ضرراً.