انصار الامام الحسين (ع) في كربلاء زهير بن القين انموذجاً
لا تقاس كربلاء بالمدن، ولا تقاس عاشوراء بحوادث الدهر، بل تقاس بالسماء، وبمنعطفات الكون، ولان قصة عاشوراء لم تكتمل فصولها، فإن كل يوم عاشورا وكل أرض كربلاء، فهي أرض الشهادة والإباء، وبما أن الشهادة تزيد من أعمار المستشهدين، فهولاء الرجال الذين استشهدوا مع الإمام الحسين عليه السلام أصبحوا اليوم من عظماء الرجال لمواقفهم البطولية النبيلة في محاربة الظلم والفساد والاستكبار، وها هو زهير بن القين الذي خلده التاريخ، وخلدته أرض كربلاء، ما هو إلا رجل من رجالات كربلاء قدم كل الغالي والنفيس لنصرة الإسلام، وإمام زمانه ودفاعاً عن الحق وإزهاقاً للباطل.
قبل عاشورا كانت كربلاء اسماً لمدينة صغيرة، أما بعد عاشورا فقد أصبحت عنواناً لحضارة شاملة، وعنواناً لكل البطولات والمنازلات، وعنواناً للوقوف بوجه الظلم والطغيان والفساد، لان كان فيها رجال اعتمدوا إلى قوة المنطق، وليس على منطق القوة، واستشهدوا دفاعاً عن الحق، ولما سقطت قوة أعداء كربلاء، أنتصر رجال كربلاء وكان انتصارهم أبدياً، ومن هولاء الرجال زهير بن ألقين.
وزهير بن ألقين هو زهير بن ألقين بن قيس الأنماري البجلي وهو من العرب القحطانيين في اليمن، وكان من شيوخ بجيله في الكوفة وكان رجلا شريفاً في قومه ونازلاً بهم في الكوفة، ومن شجعانها وله في المغازي مواقف مشهورة ومواطن مشهودة، وكان أبوه صحابيا، والتحق زهير بركب الإمام الحسين بن علي عليه السلام في طف كربلاء، فكان من كبار أنصاره والقادة البارزين في معسكره، وقد امتاز بالشجاعة والإقدام والشهامة حتى جعله حبه للإمام الحسين عليه السلام يتسابق للاستشهاد بين يديه عليه السلام، ولمواقفه الشجاعة في ألطف فقد ذكرت العديد من الأقوال بحقه، ومنها ما ذكر في زيارة الناحية للإمام المهدي عجل الله فرحه الشريف، كما كان لزوجه دلهم بنت عمرو الدور الكبير في تحفيزه لنصرة الإمام الحسين عليه السلام وما أقدم عليه زهير من طلاقها للذهاب في نصرة الحسين خوفا من أن يصيبها مكروه بسبب نصرته للحسين عليه السلام، وذكرنا عدة أسباب يمكن أن تكون مرجحه لسبب طلاق زهير لزوجه دلهم.
وأخيرا استشهاده ووضحنا كيف كان زهير بن القين علوي الهوى ومن أتباع أهل البيت عليهم السلام، وانه اجتمع بالإمام الحسين في الطريق وانظم إلى ركب الحق، وبالرغم ما قيل أنه كان عثمانيا يحمل في قلبه شيئا تجاه أهل البيت عليهم السلام قبل لقاءه بإمام زمانه، ولكن لقاءه التاريخي بالإمام الحسين قلب كيانه رأساً على عقب، وكان هذا اللقاء والتحول انعطافه تاريخية في حياة الشهيد زهير نحو المجد والخلود والفوز برضوان الله جل وعلا، وأصبح لا يرى السعادة إلا بالموت من أجل الحسين في كربلاء، وهو ما خلده إلى اليوم في التاريخ وفي أرض كربلاء.
وبناء على ما تقدم قسمت الدراسة إلى ثلاثة مباحث هذا فضلا عن المقدمة والخاتمة وقائمة المصادر.
المبحث الأول: السيرة الذاتية للشهيد زهير بن القين
المبحث الثاني:علاقته بالإمام الحسين عليه السلام في واقعة ألطف
المبحث الثالث: استشهاد زهير بن ألقين