فعالية المحكمة التجارية العراقية في تسوية منازعات الإستثمار الأجنبي
أن دخول العراق ضمن المنظومة الاقتصادية الدولية ساعد على زيادة التعامل التجاري وبشكل واسع، مما تطلب انشاء اجواء ملائمة وجاذبة تستقطب رؤوس الاموال وعاملة على جذب الاستثمارات، لذلك نجد المشرع العراقي قد بادر الى تشريع قانون الاستثمار العراقي رقم 13 لسنة 2006 (النافذ)، وكذلك القانون الخاص بتصفية النفط رقم 64 لسنة 2007 (النافذ) كخطوة نحو تشجيع الاستثمارات وخصوصا" الاجنبية منها، فهو قد منح جملة من المزايا والضمانات لحماية وتشجيع تلك الاستثمارات ، ومن اهما توفير الضمانات اللازمة لتسوية منازعات الاستثمار لغرض طمأنة المستثمرين وتشجيعهم على توجيه استثماراتهم الى العراق ، فهو قد بادر الى انشاء قضاء تجاري متخصص وكفوء يطمئن المستثمرين وخصوصا" الذي يحمل الصفة الاجنبية ، كون ان هؤلاء ينظرون للقضاء الوطني للدولة المضيفة للاستثمار نظرة شك وريبة ، كونه قد يكون خصما" وحكما" في ان واحد ، أضف الى ذلك ان الاجراءات القضائية المتبعة في الدولة المضيفة للاستثمار تتسم بكونها بطيئة وهو ما لا يتسم مع طبيعة المنازعات التجارية التي تتطلب السرعة في حسم منازعاتها ، فضلا ان محاكم البداءة تفتقر الى الخبرة في القضايا التجارية ، حيث ان طبيعة الدعاوى التجارية تتسم بكونها ذات طبيعة فنية ومركبة وخصوصا" عقود نقل التكنولوجيا ، وعقود الاستثمارات التكنولوجية، وعقود تسليم المفتاح وغيرها من العقود التجارية الاخرى التي تتطلب المعرفة الفنية والخبرة القانونية المتخصصة في حسم منازعات الاستثمار وهو ما لا يتوافر في القضاء الوطني العادي .
ولغرض تجاوز المشكلة المتقدمة ، نجد ان مجلس القضاء الاعلى في العراق قد بادر الى انشاء محاكم نوعية متخصصة بالنظر في الدعاوى التجارية ولأول مرة في العراق استنادا" الى احكام المادة (22) من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 وبدلالة القسم السابع من الامر رقم 12 لسنة 2004 ، كخطوة لتطوير القضاء التجاري في العراق كقضاء متخصص وهو ما يشكل ضمانة للمستثمرين الاجانب بوجود محكمة تجارية متخصصة تضمن الحياد وسرعة حسم المنازعات الاستثمارية والتي تشكل العائق الاكبر امام المستثمرين ، وامام هذه الاهمية ارتأينا البحث في موضوع ( فعالية المحكمة التجارية العراقية في حسم منازعات الاستثمار ) ، ويثير موضوع البحث الكثير من الاسئلة لاسيما, مفهوم المحكمة التجارية والاساس القانوني لتشكيلها ؟ وما هو نطاق المحكمة الشخصي والموضوعي ؟ وهل ان قرارات المحكمة باتة ام انها قابلة للطعن ؟ ومدى فعاليتها لتسوية منازعات الاستثمار وطمأنة المستثمرين والقضاء على مخاوفهم وترددهم في استثمار اموالهم ؟ وهل ان تشكيل المحكمة هو البذرة لقيام قضاء تجاري متخصص في العراق ؟ محاولين الاجابة عليها من خلال البحث، ولغرض بيان الموضوعات التي تعد داخله ضمن نطاق البحث وبغية اعطاء البحث ابعاده اللازمة والاحاطة بجميع جوانبه القانونية النظرية منها والعملية ، ارتأينا تقسيم الموضوع على مبحثين يسبقهما مقدمة وتعقبهما خاتمة، حيث سنخصص المبحث الاول لمفهوم المحكمة التجارية ، اما المبحث الثاني فسنجعله لتطبيقات المحكمة التجارية.