الشيخ محمد تقي الشيرازي ودوره في الثورة العراقية عام 1920 دراسة تاريخية
المقدمة:
شهد تاريخ العراق المعاصر أحداثاً سياسية مهمة شكلت نقاط تحول تاريخية، كان من أبرزها مقاومة الشعب العراقي للاحتلال البريطاني و الذي توج بثورة 1920م ولم يكن العراق بمعزل عن محيطه العربي والإسلامي الذي ناهض الاستعمار الغربي (البريطاني والفرنسي) في سوريا ومصر وإيران وتركيا وغيرها من الدول العربية والإسلامية. حيث برز في هذه الدول العديد من القادة الوطنيين والزعماء الدينيين الذين التفت شعوبهم حولهم لنيل الحرية والاستقلال وطرد المحتلين الأجانب، برز في العراق كذلك العديد من الشخصيات الوطنية والدينية كان على رأسها المرجع الديني الأعلى آية الله الشيخ محمد تقي الشيرازي الحائري.
ورغم تناول العديد من الباحثين والكتاب لأحداث العراق في مرحلة الاحتلال البريطاني ودراسة العديد من جوانبها المختلفة، إلا إنه وللأسف فقد أهملت إلى حد ما دراسة العديد من الشخصيات الدينية العراقية التي كان لها أثر وطني كبير في تلك المرحلة الحساسة من تاريخه، ويرجع ذلك لأسباب عدة من أبرزها أسباب سياسية، لذلك ارتأينا أن نسلط الضوء على إحدى الشخصيات التاريخية المهمة وهو الشيخ محمد تقي الشيرازي لدوره الكبير آنذاك في قيادة الشعب العراقي بمختلف أطيافه وعناوينه، وبعيداً عن النزعات الطائفية والعنصرية.
حيث سلطنا الضوء على دور الشيخ الشيرازي في ثورة عام 1920 منذ الاحتلال البريطاني والتي بدأ التمهيد لها بالاجتماعات والمراسلات مابين القواد والزعماء و الوطنين من جهة والشيخ الشيرازي من جهة أخرى، مما أدى إلى اندلاعها في 30 حزيران 1920 والتي كان من أبرز نتائجها تأسيس الدولة العراقية الحديثة.
أعتمد البحث على كثير من المصادر منها بعض المخطوطات للشيخ محمد الخالصي نجل الشيخ (مهدي الخالصي) أحد رجال الدين البارزين في العراق في تلك المرحلة والمقرب من السيد الشيرازي.
أما المصادر العربية فكان من أهمها كتاب فريق المزهر آل فرعون (الحقائق الناصعة في الثورة العراقية سنة 1920 ونتائجها) والذي ذكر فيه العديد من الأحداث التي تخص الشيرازي، كما تم الاستعانة بمؤلفات عبد الرزاق الحسني (الثورة العراقية الكبرى) و (تاريخ العراق السياسي الحديث الجزء الأول)وغيرها، كذلك مؤلفات الدكتور علي الوردي ومن أهمها (لمحات أجتماعية من تاريخ العراق الحديث، القسم الأول من الجزء الخامس)، وكتاب نور الدين الشهرودي (أسرة المجدد الشيرازي).
كما أعتمد البحث على عدد من المصادر المعربة (الأنكليزية وغيرها) ومنها (فصول من تاريخ العراق القريب) للمس بيل، والذي ذكرت فيه الشيرازي بأوصاف شائنة كذلك كتب وكيل الحاكم المدني البريطاني (آرنولد ويلسن) بعنوان (الثورة العراقية) وكتاب (بلاد ما بين النهرين بين ولائين الجزء الثاني).
كما تم الرجوع إلى بعض من الأطاريح والرسائل الجامعية التي لها صلة بالبحث أو أحد الشخصيات المهمة التي عاصرت أحداث الثورة أو بعض رجالاتها المهمين، وفضلاً عن ذلك كله تم الرجوع إلى كتب المذكرات الشخصية العربية أو المعربة ذات العلاقة بموضوع بحثنا.
المبحث الأول: (الشيخ محمد تقي الشيرازي – نشأته – تعليمه - سيرته)
أولاً: نشأته وتعليمه:
محمد تقي الشيرازي، هو الميرزا([1]) محمد تقي بن مُحِب علي بن أبي الحسن بن الميرزا محمد علي الملقب بـ(كلشن) ([2])، الحائري ([3])، الشيرازي، ولد في مدينة (شيراز) في أيران سنة 1840م (1256هـ)، ينتسب لأسرة ذات علم وأدب فكان والده الميرزا محب علي من أهل الورع والدين، أما أخوه الأكبر الميرزا محمد علي فكان من كبار رجال الدين في إيران([4]).
درس في سامراء،ثم عاد إلى موطنه (شيراز)، وتصدى فيها لشؤون التدريس والفتاوي الشرعية طوال حياته، وكانت له المرجعية العليا فيها، كما إن عمه ميرزا حبيب الله كان من مشاهير الشعراء في مدينة شيراز ([5]).
أما أبناء الشيخ محمد تقي الشيرازي فهم ثلاثة أولاد مع و واحدة وتسلسلهم كالآتي:
1.الشيخ محمد رضا الشيرازي: وهو أكبر أبنائه، وساعده الأيمن في تأجيج الثورة العراقية سنة 1920 ضد الأحتلال البريطاني، وكان صلة الوصل بين والده والعشائر العراقية الثائرة([6]). ولقي في سبيل ذلك متاعب ومعاناة كبيرة، إذ أعتقل وأدخل السجن ثم نفي إلى جزيرة (هنجام) ([7])، في الخليج العربي، ثم أفرج عنه بعد أقل من شهر وسافر إلى إيران وبقي هناك طيلة حياته ولم يرجع إلى العراق، بعد أن شجع الحركة الوطنية ضد الاحتلال البريطاني ([8])،لهذا السبب أتهته السلطات البريطانية بالميل إلى النزعة البلشفية في روسيا ([9])،وصفته المس بيل (1868-1926)([10])،((كان سياسياً فعالاً لا يستقر على حال، معارضاً للاتفاقية الإيرانية - البريطانية معارضة مرة، وعلى هذا الأساس فقد كرس جهوده لمناوئة الحكومة البريطانية في العراق))، كما أتهمته بأنه يقبض المال من الأتراك، وأضافت المس بيل في وصف الشيخ محمد رضا: ((.... ومع أنه لم يكن يعترف به كعالم فأنه كان يتمتع بالاحترام الذي كانت تعامل به أسرة المجتهد الأكبر، كما إن تأثيره على أبيه جعله مرجعاً أعلى للرأي)) ([11]). حيث إن هذه الاتهامات لا تتناسب مع شخصية وطنية تنحدر من أسرة مرجعية فهي لا تتعدى محاولة للنيل من هكذا شخصية يهدف التقليل من دوره الاجتماعي والسياسي من خلال هذه الاتهامات.
صاهر الميرزا حبيب الله الشيرازي على كريمته وهي أخت العلامة الكبير السيد مهدي الشيرازي ([12])، وتوفي سنة 1957 في مدينة طهران في إيران ([13]).
2.الشيخ عبد الحسين الشيرازي: وهو الابن الأوسط للشيخ محمد تقي الشيرازي، وكان عالماً فاضلاً من أعلام الحوزة العلمية في كربلاء، أتصف بحسن الأخلاق وطيبة النفس وحسن المعاشرة ([14])، وكان موضع احترام العلماء والمراجع ورجال الدين، وديوان مجلسه يحضره جمع غفير من العلماء والأعيان والموظفين والزعماء السياسيين والكسبة ([15])، متزوج وله ولدين الأول محمد علي وعمل حاكماً في المحاكم الإيرانية والثاني أسمه عبد الأمير وعمل مدرساً في المدرسة المتوسطة الإيرانية في كربلاء، توفي الشيخ عبد الحسين في سنة 1962 ودفن في الصحن الحسيني الشريف مع والده.
3.الشيخ محمد حسن الشيرازي: وهو أصغر أبنائه، عمل قاضياً في محكمة التمييز العليا في العاصمة الإيرانية طهران وتوفي سنة 1986 م ([16]).
4.أما بنات الشيخ محمد تقي الشيرازي: فله بنت واحده فقط ([17])، صاحب ثورة التنباك في إيران عام 1891م والشيخ محمد تقي الشيرازي، فليست هناك صلة قرابة بينهما لكن كلاهما في مدينة شيراز في إيران ولكنهما ليسا من أسرة واحدة وتربطهم صلة مصاهرة بين الأسرتين وهناك من يقول أن الشيخ محمد تقي الشيرازي هو من أخوال السيد (محمد حسن الشيرازي) ([18])، والثاني استاذ الأول كما سنرى في الصفحات اللاحقة.
ثانياً: وصف شخصيته:
تشير العديد من المصادر التاريخية والشخصيات التي عاصرت الشيخ محمد تقي الشيرازي إلى أنه شخصية تمثلت بالعديد من الصفات التي تنم عن قدرات ذهنية عميقة في العديد من العلوم المختلفة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. كما عبرت عن قدرات قيادية حكيمة وفي ذلك يقول عنه السيد حسن الصدر: ((عاشرته عشرين عاماً فما رأيت منه زلة ولا أنكرت عليه خله، وباحثته اثنتي عشر سنة فما سمعت منه إلا الأنظار الدقيقة والأفكار العميقة والتنبيهات الرشيقة...)) ([19])، وعلق أحد تلامذته وهو العلامة أغا بزرك الطهراني على هذا الكلام (أي كلام حسن الصدر) بقوله: ((أقول وقد تلمذت على يديه (يقصد الشيرازي) وحضرت بحثه ثمان سنين فتأكدت لدي صحة كلام سيدنا الصدر، وبانت لي حقيقة وصدق الخبر، وتحققنا من ذلك عن طريق السمع والبصر)) ([20]).
لم تشغله همومه عن تصديه لأعباء وصعوبات المرجعية وأعماله الكثيرة عن النظر إلى أمور المسلمين، فكان بيته المتواضع في مدينة كربلاء منتدى للزعماء السياسيين ورؤساء العشائر العراقية، ويزحم بالكثير من الناس من مختلف الطبقات، فضلاً عن رجال الدين والعلماء في معظم الأوقات ([21])، وكان الناس يعتبرونه قائداً لهم بسبب ما يمتلكه من صفات ومؤهلات، وعندما تصدى لقيادة الثورة العراقية الكبرى عام 1920 ضد البريطانيين، ولم يشغله هذا العمل الكبير عن إصدار الفتاوى والتشريعات الدينية، وظل يستقبل الناس وينظر في مشاكلهم الخاصة والعامة ([22])، وبهذا الصدد نقل عن أحد طلابه وهو السيد شهاب الدين المرعشي النجفي قوله (عندما كانت الثورة العراقية مشتعلة الآوار وكان جهاد الشعب العراقي المسلم ضد الاحتلال البريطاني على أشده، كان المغفور له الشيخ ميرزا محمد تقي الشيرازي بمثابة ثقل هذه الثورة ومحور الحركة الدينية والدنيوية....))، وأضاف المرعشي إن الشيخ محمد تقي الشيرازي التقى بهم وقال لهم (أيها السادة طلاب العلم الأجلاء ترون بأنفسكم كيف أن رجال العشائر ورجالات السياسة يحوطون بي ويزدحمون حولي وكيف أن الحرب مع الإنكليز تأخذ كثيراً، فأضاف أن واحداً منكم له حاجة معي ولا يمكنه الوصول إلي....))، ووضع الشيرازي حلاً لهذه المشكلة بأن يقوم بالمشي إلى جانب نهر الحسينية بعد صلاة الفجر من كل يوم ليأتيه الناس إلى هناك للنظر في أمورهم ومشكلاتهم، ويقول المرعشي عن ذلك ((... رأيته بنفسي (ويقصد الشيرازي) عدة مرات في الصباح الباكر وهو يمشي هناك أنتظاراً منه للقاء من له حاجة أو مسألة منه)) ([23]).
كان الشيخ محمد تقي الشيرازي في غاية الحلم والصبر، لم يحدث أن غضب في وجه أحد من الناس حتى من أساء إليه، ولم يكن ينظر إلى الأعلى بل كان منحني الرأس حتى إنه لم يكن ينظر إلى وجوه طلابه أثناء الدرس ([24]).
سأل أحد تلامذته وهو الشيخ محمد كاظم الشيرازي عن عدله وتقواه وزهده، فأجاب بالقول: ((لا تسألني عن عدله وتقواه وكلمات كهذه، بل أسألني عن عصمته وقل لي هو إنسان معصوم أم لا))، أي إنه في الكمال الروحي قد وصل إلى مرتبة عالية ([25]).
كان الشيخ الشيرازي زاهداً إلى حد بعيد في مأكله ومشربه وملبسه ومسكنه، وكانت داره مستأجرة، على الرغم من وصول أموال كثيرة إليه من الدول الإسلامية، ولم يكن متقيداً بمظاهر الزينة ولا مكترثاً بمباهج الحياة وزخارفها لا في الملبس أو المسكن أو المأكل ([26])، كما كان يحترم كل من يقابله بمنتهى الأدب والتواضع([27])، وكان دقيقاً في أصدار فتوايه حذراً أشد الحذر لمعرفته بخطورة ما يصدر لأنه رجل الدين المجتهد تكون مهمته في غاية الخطورة وأن أي زلة أو خطأ منه في إصدار الفتاوى تجعله يتحمل وزر مقلديه وكل الذين أتبعوا الفتوى التي أصدرها لهم، وقد نُقل عن السيد (محسن الحكيم([28])) عن وصف الشيخ الشيرازي حيث قال ((لقد كان سماحته رجل دين ودنياً بما للكلمة من معنى...)) ([29]).
وكان الشيخ الشيرازي حريصاً يقوم هو بنفسه بمهامه الشخصية ولا يُكلف فيها أحداً من الناس أبداً([30]). كان يحمي المستجير به بقوله(يجب إجارة المستجير إن كان غير مسلم، فيكف بمن هو مسلم فر من كافر حربي ؟) ويقف إلى جانب المظلوم ضد الظالم مهما كان جبروته وعظمته، وبهذا الصدد ذكر أحد الأشخاص المقربين من الشيخ الشيرازي، إنه في إحدى المرات وعندما كان الشيرازي في مدينة الكاظمية لأداء مراسيم زيارة الإمام الكاظم (عليه السلام) التجأ إليه أحد الأشخاص وكان من أسرة (الشهبندر) مستجيراً به فقد أصدرت عليه السلطات البريطانية حكماً بالإعدام عليه بسبب قتله أحد الجنود البريطانيين، وبدأت السلطات البريطانية بتوسيط بعض الأشخاص لاسترداد المطلوب لهم، لكن جميع الوساطات التي أرسلها البريطانيون لم تفلح في تحقيق مبتغاهم حيث ردهم الشيرازي، وبدأت السلطات البريطانية باستعمال التهديد والوعيد للشيخ الشيرازي الذي ظل على موقفه الثابت، عند ذلك اضطرت السلطات البريطانية التنازل عن حكم الإعدام وأصدرت عفواً عن الشخص المطلوب ورجع الرجل آمناً إلى بيته.
أما عن أسلوبه في التدريس فقد ذكر عن أحد طلابه قائلاً: ((كان سماحته يمتاز بأسلوبه الخاص في تدريسه، ومن جملتها أنه إذا اشتد النقاش بين الطلبة وعلا بحثهم وارتفعت أصواتهم، لم ينهرهم الميرزا (يقصد الشيخ الشيرازي) بل يتركهم وشأنهم ويشتغل هو بالذكر والتسبيح والتهليل إلى أن ينحل نزاعهم وتهدأ أصواتهم...)) ([31])، ولم يكن متزمتاً برأيه أو يفرض توجهاته على أعوانه ومساعديه، وإنما كان يستشيرهم في كل صغيرة وكبيرة في مرحلتي السلم والحرب، وكانت جميع أموال الزكاة والخمس التي تأتيه من مختلف البلدان الإسلامية ينفقها على الفقراء والمحتاجين، ولاسيما خلال مرحلة الثورة العراقية سنة 1920 حيث مرت على الناس أوقات وظروف اقتصادية عصيبة، وكان مخصص لكل بيت ديناراً ذهبياً مسكوكاً ([32]).
ولعل من المآثر المهمة في سيرة الشيخ الشيرازي هو أيمانه بالوحدة الإسلامية والتسامح الديني مع بقية الأديان الأخرى، فقد عمل الشيخ الشيرازي على التوفيق بين طائفتي السنة والشيعة، وأوصى بالمحافظة على سائر الملل والنحل وحسن معاملتهم ([33])، وقد علي البازركان دور الشيخ الشيرازي في توحيد كلمة المسلمين قائلاً: ((زينا للشيعة الصلاة في مساجد السنة كما زينا للسنة الصلاة في مساجد الشيعة وقد بارك تلك الفكرة وشجعها الميرزا محمد تقي الشيرازي.....)) ([34])، وقد وصف دور الشيخ الشيرازي في هذا المجال، بأنه: ((عمل بكل جهد ووسيلة لإزالة النعرات الطائفية، والفوارق الإقليمية، والعصبات القبلية، ونسيان الأحقاد العشائرية وبفضل هذه المساعي توحدت الصفوف....)) ([35]).
ودلالة على توجهاته التوفيقية فقد علق محمد مهدي البصير على الدور الكبير الذي قام به الشيخ الشيرازي في رص الصفوف بين أبناء الشعب العراقي بالقول: (... عرف المفكرون السُنيون ما للرجل (ويقصد الشيرازي) في المنزلة العظمى فصاروا يتقربون منه ليستعينوا بنفوذه الديني الواسع على تحقيق مقاصدهم السياسية فكان رحمه الله يؤيد الصلات الودية المتبادلة بين الشيعيين والسنيين بكل قواه....) ([36]).
ووصفه عبد الرزاق الحسني بأنه : ((زعيم روحي كبير، صادق العزيمة نافذ الكلمة، واسع النفوذ...)) ([37])، أما عبد الله الفياض فقال عنه: ((كان من رجال الدين الأفذاذ الذين واكبوا سير الحركات التحررية في عصورهم ووجهوا مؤيديهم لخدمة مصلحة الوطن العليا)) ([38]).
أما المسؤولون البريطانيون فقد وصفوا الشيخ الشيرازي بأوصاف قاسية تظهر مدى الحقد الذي كانوا يكنونه له بسبب مواقفه المناهضة لهم.ومنهم أرنولد ولسن ([39]) (نائب الحاكم المدني في العراق) حيث قال عنه: ((ميال جداً إلى تقليل نفسه وغيره من العالم،... كما إنه لم يكن محظوظاً في نسله...، و كانت تنتابه هواجس الادعاء بالسلطة الزمنية التي كانت يعتقد أنها ناشئة عن تفوقه الثيوقراطي([40]))) كما وصف الشيخ الشيرازي وأتباعه بالجبن والطائفية، كما أتهم ويلسن الشيخ الشيرازي بأنه يسعى من أجل الحصول على السلطة وأتهم أنصاره بأنهم زوروا توقيعه ([41]).
أما المس بيل فقد وصفت الشيخ الشيرازي، حين وصفته بأنه (رجل خرف عجوز يستولي عليه أبنه محمد رضا بصورة كلية....) ([42])، وأيدها في ذلك بعض المؤرخين الأجانب ([43])، كما قالت إنها فرحت كثيراً عندما سمعت بنبأ وفاته وأدعت إن وفاته جاءت بسبب (التعفن الشيخوخي) ([44])، وهي كلمة قاسية تدل على مدى الشماتة والعداء الذي كان يضمره البريطانيون له بسبب مواقفه ودوره في تأجيج الحماس الوطني لدى الشعب العراقي من الشمال إلى الجنوب ضدهم.
المبحث الثاني: (الدور القيادي للشيخ محمد تقي الشيرازي في ثورة 1920 منذ اندلاعها حتى وفاته)
أن ثورة 1920بدأت في 30 حزيران 1920 عندما القت السلطات البريطانية القبض على شيخ عشيرة الظوالم في الثلاثين من الشهر ذاته (شعلان أبو الجون) وقامت عشيرته بدورها الهجومي على السراي البريطاني بالقوة المسلحة وقتلت عدداً من الجنود البريطانيين، ثم انتشرت الثورة إلى بقية مناطق الفرات الأوسط ومن ثم إلى أنحاء واسعة من العراق، وقد ورد أسم (شعلان أبو الجون) في المؤتمر الذي عقد في مدينة كربلاء بتاريخ 4 أيار 1920 (15 شعبان 1338هـ) ([45]).
لم يكن يوم الثلاثين من حزيران هو ساعة الصفر التي كان يريدها الشيخ الشيرازي لإعلان الثورة بسبب عدم أخذ الاستعدادات الكافية لها وقد أثبتت الأحداث اللاحقة هذه الحقيقة، حيث جرت المعارك في منطقة السماوة لعدة أيام، كان ذلك يعني قدرة القوات البريطانية على قمع الثورة بسهولة فيما لو ظلت المعارك الطاحنة محصورة في تلك المنطقة فقط، لذلك قرر الشيخ الشيرازي التوسط لإيقاف القتال لكي يؤمن للثورة المزيد من التعبئة العسكرية والشعبية وتوحيد العشائر التي كانت على خلاف فيما بينها ([46])، فأرسل الشيرازي مبعوثين إلى بغداد هما (هبة الدين الشهرستاني وأحمد الخراساني) لمقابلة (ويلسن) ([47])، الذي وافق على إجراء المفاوضات لكسب الوقت وتعزيز القدرات العسكرية البريطانية من جانبه أيضاً([48]).
وضع مبعوثا الشيخ الشيرازي شرطين لإيقاف القتال هما:
- سحب القوات البريطانية من مناطق القتال.
- إعلان العفو العام وإطلاق سراح المنفيين وعودته إلى ديارهم ([49]).
كان قبول البريطانيين بهذه الشروط يعني أنتصاراً سياسياً كبيراً للشيرازي وبقية الزعماء الوطنيين، تماماً كما حصل قبل عام من قيام الثورة عندما هدد الشيرازي بالذهاب إلى إيران على أثر أعتقال أعضاء من (الجمعية الوطنية الإسلامية) فاضطرت السلطات البريطانية آنذاك إلى أطلاق سراحهم. غير أن البريطانيين لم يقبلوا بهذه الشروط وأنتهت المفاوضات بالفشل ([50])، عند ذلك أصدر الشيخ الشيرازي فتواه الشهيرة التي نصت على أن (مطالبة الحقوق واجبة على العراقيين ويحق لهم ضمن مطاليبهم رعاية السلم والأمن، ويجوز لهم التوسل بالقوة الدفاعية إذا أمتنع الأنكليز عن قبول مطاليبهم) ([51]). لم تكن هذه الفتوى مؤرخة، لكن الراجح أنها صدرت في المدة الواقعة ما بين(7- 14) تموز 1920، لأن الفتوى صدرت بعد معارك الرميثة التي بدأت في 30 حزيران 1920م، واستمرت لعدة أيام وقبل الأجتماع الذي عقد في منطقة الشامية بين زعماء العشائر والقادة البريطانيين في 15 تموز من السنة ذاتها، وعلى أي حال فأن هذه الفتوى وضعت حداً نهائياً للحل السلمي بين الشعب العراقي والسلطات البريطانية، وعلى أثر ذلك انتشرت الثورة في أغلب مناطق العراق الأخرى وعلى ثلاث مراحل.
مراحل انتشار الثورة:
المرحلة الأولى: أمتدت الثورة من الرميثة إلى مناطق الشامية والحلة والكوفة على أثر فتوى الشيرازي وذلك بعد أثني عشر يوماً من أبتداء المعارك في الرميثة.
المرحلة الثانية: امتدت الثورة إلى مناطق الديوانية والناصرية بعد الأنتصار الكبير في معركة (الرارنجية) في 24 تموز 1920، كما أخرج الحكام السياسيين البريطانيين بالقوة من مدن كربلاء والنجف وما حولهما بعد وصول مبعوثين للشيرازي إلى هذه المناطق للتحريض على الثورة ونشر فتواه.
المرحلة الثالثة: أنتشرت الثورة في مناطق الفرات الأعلى (الرمادي) ومناطق عشائر الدليم، والمناطق الكردية.
ففي منطقة الشامية كان هناك نزاع عشائري بين عشائر الخزاعل وعشائر بني حسن، فتدخل الشيخ (عبد الواحد الحاج سكر) لفض النزاع بين الطرفين وتم عقد الصلح بينهما([52]).
وبعد صدور فتوى الشيرازي الأخيرة، حاول البريطانيون إقناع زعماء عشائر النجف والشامية بنبذ هذه فكرة الثورة المسلحة، فعقدوا اجتماعا مع هؤلاء الزعماء في منزل الشيخ (مرزوق العواد) في منطقة الشامية في الخامس عشر من تموز 1920م (28 شوال 1338هـ) حضره حاكم النجف والشامية الميجر (نوربري) ([53])، فعرض عليه زعماء العشائر شروطاً لإيقاف القتال هي:
- منح الاستقلال التام للبلاد وتشكيل حكومة وطنية مستقلة.
- إطلاق سراح المُبعدين، وعلى رأسهم نجل الشيخ الشيرازي (محمد رضا).
- رفع مراكز المراقبة والتفتيش والثكنات العسكرية البريطانية في منطقة الفرات الأوسط.
لكن البريطانيين رفضوا تلك الشروط وأضطر الكابت (مان)، أحد القادة العسكريين البارزين في منطقة الشامية إلى الإنسحاب منها إلى الكوفة ([54])، بعد تهديد أحد شيوخ بني حسن وهو (خادم الغازي) الذي قال: (إننا تعاهدنا وتحالفنا أمام آية الله الشيرازي... إن نبذل كل ما في وسعنا في سبيل قضية بلادنا.... إن على الكابتن مان أن يخرج من الشامية من رضاه أو بالقوة...) ([55])، وبعث زعماء العشائر في منطقة الشامية رسالة إلى الشيخ الشيرازي تروي له تفاصيل ما حدث وإن الوضع الأمني هو بين الأستسلام لهم أو الحرب ضدهم، فكتب الشيرازي في جوابه لهم (إذا أصر الانجليز على غصبكم حقكم وقابلوا التماسكم بالحرب فيجب عليكم الدفاع بجميع قواكم ويحرم لهم الاستسلام) ([56]).
أضطر العديد من زعماء العشائر على أثر تلك الفتوى إلى أعلان الثورة ضد البريطانيين لأن ضغط الرأي العام كان أٌقوى من أن يقاوم، فزعيم العشيرة يفقد مكانته وسمعته إذا رفض العمل بفتوى المرجع الأعلى، ومن هنا نستطيع القول أنه لولا فتوى الشيخ الشيرازي لم يستطيع زعماء آل فتله المعروفون بعدائهم للبريطانيين الثورة ضدهم، إذا كان بإمكان البريطانيين إثارة العشائر المناوئة لهم وأسرع خادم الغازي مع أتباعه وأستولوا على مخفر (أبو شورة) وتمكنوا من الاستيلاء على أسلحته، وتبعتهم العشائر الأخرى في المنطقة ([57]).
كانت أهم المعارك التي خاضها الثوار وانتصروا فيها على القوات البريطانية في 25 تموز 1920 هي معركة الرارنجية (الرستمية) التي جرت في شمال ناحية الكفل، وفيها تكبد البريطانيين خسائر فادحة بالأرواح والمعدات ([58]).
أما في مدينة كربلاء وهي من أهم مراكز الثورة، كونها مقر زعيم الثورة الشيخ الشيرازي فقد وقعت هذه المدينة تحت سيطرة الثوار بعد معركة الرارنجية، حيث ثار الأهالي ضد البريطانيين الذين تأزم موقفهم ([59])، واضطروا إلى الانسحاب من المدينة التي رفع علم الثوار فيها على دار بلديتها، وقد حاول حاكم المدينة (محمد البوشهري) أن يتحصن في السراي بحماية الشرطة ريثما تأتيه النجدة من بغداد ([60])، غير إن رجال الشرطة انقلبوا عليه فأضطر (البوشهري) ومدير شرطته إلى الفرار إلى المسيب التي كانت مرابطة فيها قوات بريطانية، ومنها توجه إلى بغداد، وعندما سيطر الثوار على مدينة كربلاء أجتمع عدد من الزعماء في منزل الشيخ الشيرازي وتداولوا قضية تنظيم إدارة المدينة وتم الاتفاق على تشكيل ثلاثة مجالس رئيسية لإدارة وتسيير أمور المدينة.
المجالس المشكلة لإدارة أمور اكربلاء:
1.المجلس العلمي: ويمكن اعتباره المجلس السياسي والإعلامي للثورة، ومن مهماته هي بث الثورة بين طبقات الناس المختلفة في المدن ومناطق العشائر بلزوم الاشتراك في الثورة، وتوسيع نطاق العمل وتوجيه الإرشادات الدينية فيما يخص الثورة، كما يشرف على المجالس الأخرى. وأنتخب السيد محمد علي هبة الدين الشهرستاني رئيساً لهذا المجلس ([61])، أما بقية أعضائه فهم: أبو القاسم الكاشاني([62]) وأحمد الخراساني وحسين القزويني وعبد الحسن الشيرازي (نجل الشيخ الشيرازي) ([63]).
2.المجلس المحلي: ويمكن أعتباره المجلس الوطني للأدارة العامة، ومن أبرز مهمات هذا المجلس هو ترشيح الموظفين وجباية الضرائب والرسوم وتوزيعها للصرف بحسب ما تقتضيه الأمور، والعناية بالصحة العامة وحسم الدعاوى وتأمين الطرق القريبة من كربلاء والقيام بواجب الإدارة،وكان الشيخ محمد حسن أبو المحاسن هو ممثل الشيرازي في هذا المجلس، أما بقية أعضائه فأبرزهم: عبد الوهاب الوهاب وأحمد الوهاب وهادي الحسون وعبد علي الحميري وإبراهيم الشهرستاني وغيرهم ([64]).
3.المجلس الحربي: وأبرز مهماته هي تنظيم الخطط العسكرية وقيادة الثوار وتنظيمهم وتعيين قادة الحملات في الهجوم والدفاع، أما أعضاءه فأبرزهم: علوان الياسري وعبد الواحد الحاج سكر ومجبل آل فرعون وشعلان الجبر ورابح العطية وغيرهم ([65])، كما كان هناك مجلس خاص بجمع الأغاثات لتمويل المعوزين من الثوار، وأعضاءه: عيسى البزاز ومحمد رضا فتح الله وحيدر القصاب والحاج قندي ([66])،وكانت هذه المجالس تعمل جميعها بأشراف الشيخ الشيرازي حتى وفاته، وقام المجلس الملي (الوطني) بتعيين مدير لشرطة الخيالة وهو (سمرمد آل هتيمي) وهو أحد رؤساء عشائر المسعود في كربلاء، وتم تعيين (عبد الرحمن العواد) مدير شرطة المشاة، فضلاً عن تعيين حراس وموظفين في البلدية وكتاب وجباة ([67]).
أقتدت النجف بما جرى في كربلاء بتشكيل إدارة محلية ([68])، بمساعدة العلماء والشخصيات البارزة في المدينة ومنهم الشيخ عبد الكريم الجزائري، الشيخ جواد صاحب الجواهر، جعفر أبو التمن، عبد المحسن شلاش، مهدي الخراساني (نجل الشيخ محمد كاظم الخراساني) وقررت اللجنة تشكيل مجلسين ([69])، مجلس تشريعي وعدد أعضائه ثمانية ينتخب عن كل محلة في النجف أثنان، ومجلس تنفيذي يكون عدد أعضائه أربعة هم رؤساء المحلات الأربعة في المدينة ([70]). وهي طرف المشراق وطرف العمارة وطرف الحويش وطرف البراق ([71]).
كان للشيرازي دور قيادي كبير في الثورة حتى إنه أشرف على الخطط العسكرية وكان يقترح بعضها ففي إحدى المرات أوفد أحد مساعديه إلى الثوار في منطقة (الوند) (وهي قرية صغيرة تقع على طريق كربلاء – بغداد) ليعرض عليهم رغبته بإرسال قوة لقطع المواصلات بين بغداد والحلة([72])،كما كانت الرسائل التي يبعثها الشيرازي إلى قادة الثوار العسكريين تتضمن الغازاً متفق عليها بين الطرفين مسبقاً خوفاً من وقوعها بأيدي البريطانيين أو عملائهم وبالتالي تصبح حركات الثوار معروفة، وأتضح ذلك من خلال الرسائل التي بعثها الشيرازي بواسطة أحد معتمديه وهو السيد هبة الدين الشهرستاني في 9 آب 1920([73])، كما تابع أخبار الثورة في المناطق الأخرى، فعندما تقهقر الثوار في الحلة أرسل السيد هبة الدين الشهرستاني للوقوف على حقيقة الأمر ([74])، وفي الوقت ذاته أرسل علوان الياسري رسالة إلى الشيخ الشيرازي يشرح فيها الوضع العسكري للثوار في الحلة ([75]).
أمتدت الثورة إلى مدينة الديوانية في 30 تموز عندما ثارت عشيرة (الأقرع) ضد البريطانيين ([76])، وكان من أبرز زعماء هذه العشيرة الشيخ (سعد) والشيخ (مخيف) وأعتقل البريطانيون الأخير ؛ لصلته الوثيقة بالعاملين في المجال السياسي الوطني في مدينتي كربلاء والنجف ([77])، ثم قاموا بنفيه إلى البصرة ومن هناك تم تسفيره إلى جزيرة هنجام ([78])، ثم ثارت مناطق (عفك) بزعامة الشيخ (صلال الموح)، وهكذا أًصبحت كل مناطق الديوانية ممثلة بالعشائر الثائرة التي دفعت القوات البريطانية إلى الانسحاب من تلك المدينة ([79]). كما وصلت فتاوى الشيخ الشيرازي إلى المناطق الغربية من العراق بواسطة مبعوثه السيد (جدوع أبو زيد) الذي سافر إلى الفلوجة في 23 تموز والتقى هناك برئيس عشائر الجنابيين (خضير الحاج عاصي) الذي كانت له اتصالات سابقة مع رجال الثورة في الفرات الأوسط ([80])، وأصطحب الشيخ خضير مبعوث الشيرازي إلى بقية عشائر المنطقة ومنها البونمر وزوبع والدليم، وكان أهم شخصية التقى بها أبو زيد هي الشيخ (ضاري المحمود) رئيس عشيرة زوبع الذي كان له اتصالات كثيرة مع زعماء الفرات الأوسط، ولاسيما عبد الواحد الحاج سكر، وعندما أطلع الشيخ ضاري على صورة فتوى الشيخ الشيرازي ورسالته زاد حماسه للثورة قائلاً: ((يشهد الله تعالى على أنني عربي مسلم وقد عاهدته وأنت من الشاهدين (يقصد أبي زيد) على أن عليّ أن أبذل الغالي والنفيس في سبيل إنقاذ بلدي من الإنكليز وليعلم العلماء والزعماء من أخواني أنني سأقوم بأدوار يسجلها التاريخ بعد أن يسمعونها فترضي الله والناس)) ([81]).
كما راسل زعماء الثورة في كربلاء وأنتقل بعدها إلى منطقة النعيمية ومنطقة خان العطيشي الواقعة بين كربلاء والمسيب لمقاومة البريطانيين ([82]).
كما وصل مبعوث الشيرازي (أبو زيد) إلى مناطق جنوب بغداد مثل المحمودية واليوسفية في 28 تموز، كذلك منطقة (عويريج) وكان لأبناء هذه المناطق أتصالات سابقة مع السيد (هبة الدين الشهرستاني) وهو أحد وكلاء الشيخ الشيرازي حيث أرسل الشهرستاني عدة رسائل لعشائر هذه المناطق يحثهم فيها على الوحدة والثورة ضد بريطانيا ([83])، وطرد موظفيها وتخريب طرق مواصلاتها التي كانت تستخدمها لنقل الأسلحة والأعتدة خلال الثورة ([84]).
ومن الجدير بالذكر أن (المس بيل) أجتمعت بمجموعة من علماء السنة والشيعة من أهل بغداد وطلبت منهم تشكيل وفد منهم للتوجه إلى مدينتي النجف وكربلاء للتفاهم مع رجال الدين في هاتين المدينتين لإيقاف العمليات العسكرية للثوار، وهذا يدل على مدى الضغط الذي عاناه البريطانيون من جراء الثورة ([85]).
وأجمالاً يمكن القول، كانت لفتوى الشيخ الشيرازي تأثيراً فاعلاً على أغلب المناطق القريبة من بغداد سواء كانت هذه المناطق شمال بغداد أو جنوبها، وقد قال البازركان بصدد ذلك: ((تأثرت العشائر التي تقطن أطراف بغداد بفتوى الإمام الشيرازي فأخذت تشن الهجوم تلو الهجوم على ضواحي بغداد، الأمر الذي جعل الإنكليز ينشؤون الحصون والمواقع للمحافظة على المدينة، وكنت أشاهد بنفسي قنابل التنوير يطلقها الانكليز ليلاً في أطراف المدينة للكشف عن أماكن الثوار أينما وجدوا)) ([86]).
كما اندلعت الثورة في مناطق ديالى التي سقطت بأيدي الثوار في 12 آب ([87])، وأمتد نطاق الثورة إلى مدينة الناصرية والمناطق القريبة منها في 15 آب وأضطر الحكام السياسيون البريطانيون إلى الهرب منها ([88])، كما اندلعت الثورة في مناطق كردستان ولاسيما في (خانقين) والمناطق القريبة منها ومناطق أخرى عديدة ([89]).
كان للثوار اتصالات مع الخارج على المستوى الإقليمي ولاسيما مع العراقيين الموجودين في سوريا والذين كانوا إلى جانب أشقائهم السوريين وحكومة الملك فيصل بن الحسين في دمشق التي سقطت في 25 تموز 1920 ([90]).
وقد كتب العراقيون الموجودون في منطقة (دير الزور) السورية إلى قادة الثورة في الفرات الأوسط وبغداد، رسالتين طلبوا فيهما المساعدة المالية منهم كانت الرسالة الأولى معنونة إلى (علي البازركان)، والثانية معنونة إلى (ميرزا كاشان)، كانوا يقصدون الشيخ الشيرازي ([91]). حيث وصلت هذه الرسالة إلى كربلاء مع مبعوث أسمه (سلمان الجنابي) والذي جاء من دير الزور ووصل إلى كربلاء عن طريق البادية، ذكرت بعض المصادر عن هذه الرسالة أنها كانت مؤرخة في يوم 17 آب 1920 ([92])، ويبدو تاريخ وصولها غير دقيق لكونه صادف يوم وفاة الشيرازي إذ لا بد أن يكون تاريخ الرسالة قبل ذلك التاريخ بيوم أو بعدة أيام.
وعلى أية حال فبعد وصول هذه الرسالة إلى الشيخ الشيرازي أحالها إلى بقية قادة الثورة والذين اجتمعوا لمناقشة الأمر وأبدى عدد منهم موافقتهم على إرسال الأموال إلى دير الزور ومنهم: جعفر أبو التمن، قاطع العوادي، جدوع أبو زيد، محمد رامز، عارف حكمت ([93]).
لكن محسن أبو طبيخ رفض هذه الفكرة وأتهم الأهالي دير الزور بموالاتهم للعثمانيين، كذلك أتهموا بالعمل مع الثوار كموظفين وليسوا مقاتلين وبالتالي فأنهم أرادوا بتلك الأموال لأخذها كرواتب لهم، ولذلك قال محسن أبو طبيخ: ((.... ولأجل هذا لا يعني أني أقدم شيئاً من مالي لأناس لا أعترف بصدق وطنيتهم في العمل....)) ([94]).
أما أهم الاتصالات مع الخارج على المستوى الدولي في تلك المرحلة العصيبة من أيام الثورة عندما بعث الشيخ الشيرازي رسالة إلى جمعية (عصبة الأمم) في جنيف بتاريخ 12 آب 1920م (27 ذي القعدة 1338هـ)، وذكر الشيرازي في تلك الرسالة بوعود الحلفاء بمنح العراق الاستقلال في إدارة شؤونه وتدبير مصالحه العامة بنفسه، غير إن المحتلين البريطانيين نكثوا بوعودهم وقابلوا الشعب العراقي بالقتل والتنكيل (عند ذلك قام العراقيون مدافعين عن أنفسهم وشرفهم، بعد أن يئسوا من أصغاء حكومة بريطانيا لهم حتى للتفاهم معهم بصورة سليمة).
وأختتم الشيخ الشيرازي رسالته بالقول (وبصفتكم ناصري الضعيف جئنا بهذه النبذة اليسيرة، نعلمكم موقف حكومة بريطانيا بالعراق فنستجير بمن يمثل العدل، فأنقذوا أمة تأبى أن تعيش دون أن تأخذ حقها الصريح المعترف به ودمتم بأحترام) ([95]).
في غمرة أحداث الثورة توفي الشيخ الشيرازي في السابع عشر من آب 1920 م (13 ذي الحجة 1338هـ) ويقال إنه اغتيل بالسم على أيدي عملاء بريطانيين ([96])([97])، وأصدر شيخ الشريعة الأصفهاني الذي تولى المرجعية بعد وفاة الشيخ الشيرازي بياناً في ذات اليوم، أي في 17 آب، موجهاً إلى الأمة الإسلامية بصورة عامة والشعب العراقي بصورة خاصة، ينعى فيه الشيخ الشيرازي جاء فيه: ((أما بعد فأنا أعزيكم وكافة الموحدين بفقد عميد المسلمين آية الله العظمى الميرزا قدس الله نفسه المقدسة، فقد قضى نحبه والتحق بربه بعد أن أدى حق وظيفته وقام بها حسب طاقته، فلا تكن رحلته فتوراً في عزائمكم وتوانياً في عملكم فالجد الجد حماة الدين وأعضاء المسلمين النشاط النشاط....)) ([98]).
كما أصدر السيد هبة الدين الشهرستاني بياناً نعى فيه الشيخ الشيرازي جاء فيه:
((نعزيكم وعامة العالم الإسلامي بوفاة حجة الإسلام ورئيس العلماء والأعلام، ركن النهضة العربية وروح الحركة الإسلامية الشيخ الميرزا محمد تقي الشيرازي قدس الله روحه ونور ضريحه فقد أفلت شمس حياته القدسية عند أفول شمس الثلاثاء ثالث ذي الحجة 1338هـ))([99]).
وكان يوم وفاته مشهوداً حيث حضر عدد كبير من العلماء ورجال الدين ورؤساء العشائر، فجرى له تشييع كبير، ودفن في الصحن الحسيني الشريف في مدينة كربلاء وأقيمت له مجالس الفاتحة لأيام وشهور عديدة في كثير من مدن العراق وإيران ([100]).
ورثاه العديد من الشعراء من أبرزهم (محمد محسن أبو المحاسن) جاء في بعض أبياته:
يا غلة الأحشاء غاض الموردُ |
|
يا أزمة الأيام غاب المنجدُ |
لا نجده للمستغيث ولا روى |
|
يشفي غليل حشاشة يتوقدُ |
يا آية الله المقدسة التي |
|
أمست بهــا الملائـك تصعدُ |
غادرتنا والخطب داج ليلةً |
|
واليوم من صبغ الحوادث أسودُ |
ساروا بنعشك والدموع سواجمٌ |
|
تهوى وأنفـاس الجوى تتصعدُ |
إن العراق لشاكر لك نعمة |
|
عنها يقصر واصفٌ ومعددُ |
ان المؤسس نهضة دينية |
|
عربية وفيها العلا والسؤددُ([101]) |
كما رثاه الشاعر الحاج عبد الحسين الأزري في حفل تأبين أقيم له في مدينة الكاظمية:
منحاك عز على العراق الدامي |
|
وأمضه يا خـادم الإســـلام |
صدع القلوب حديث نعيك مد |
|
خلت دار حميت ذكارها من حام |
كادت تفنده المسامع خشية |
|
مـن عبئـه بقـوادح الآلام |
حتى إذا حق المصابُ استسلمت |
|
ليد الكوارث أيما أستسلام |
أقدس يوم قمت فيه مدافعاً |
|
عن حقه المغصوب خير قيام([102]) |
الخاتمة:
يتضح مما سبق أن الشيخ محمد تقي الشيرازي نشأ نشأة فكرية وسط أسرة تهتم بالعلم والمعرفة، وكانت الهجرات غير القليلة التي قام بها الشيرازي، الهدف الرئيس من ورائها هو الدراسة والعلم أبتداءً من هجرته الأولى من شيراز إلى مدينة كربلاء ومن ثم من كربلاء إلى سامراء ومن ثم إلى النجف، ومن ثم رحيله واستقراره في كربلاء حتى وفاته فيها.
كما كان الشيخ الشيرازي سياسياً بارعاً، فقد أستطاع الضغط على البريطانيين بشكل كبير ليس في داخل العراق فحسب، كذلك راسل الشيخ الشيرازي الرئيس الأمريكي (ويلسن) لأن الشيخ الشيرازي كان يعتقد إن بإمكان استغلال نفوذ الدول الكبرى ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية التي رفعت آنذاك شعار (منح الشعوب حق تقرير المصير) من أجل الضغط على البريطانيين مما دفعهم إلى السعي إلى كسب الشيخ الشيرازي إلى جانبهم محاولين استرضاءه إلا إنهم لم يفلحوا في ذلك.
كان الشيخ الشيرازي حريصاً أشد الحرص على دماء الناس، فعلى الرغم من مساوئ الاحتلال البريطاني إلا إنه لم يجيز استخدام القوة والسلاح ضد الاحتلال البريطاني، بل أتبع كل الوسائل والسبل السلمية من أجل نيل حقوق الشعب العراقي قبل اللجوء إلى الاعتقال وأتضح ذلك في معظم رسائله التي أرسلها إلى الزعماء ورجال العشائر والقوى الوطنية حيث أكد فيها ضرورة المحافظة على السلم والأمن.
كان الشيخ الشيرازي يحترم رأي الأغلبية وأجماع الأمة، وأبرز مثال على ذلك هو عندما كانت للشيرازي تحفظات على تولي أحد أنجال الشريف حسين عرش العراق بدليل أن الشيرازي لم يكن من الموقعين على المضبطة التي كتبها الكربلائيون في منزل الشيرازي أن هناك شبه أجماع عراقي على تولي عرش العراق أحد الهاشميين في الحجاز، بدّل رأيه وأيد هذا الرأي بدليل المراسلات الكثرة التي جرت بينه وبين نجله من جهة وبين أبناء الأسرة الهاشمية في الحجاز من جهة أخرى.
قائمة المراجع :
أولاً: المخطوطات:
1.محمد الخالصي، بطل الإسلام، سيرة حياة والد، محفوظة لدى مكتبة الكاظمية العامة، بغداد.
ثانياً: الرسائل والأطاريح:
1.ناهدة حسين علي ويسن، تاريخ النجف في العهد العثماني الأخير،(1831- 1917)، أطروحة دكتوراه (غير منشورة) كلية التربية، أبن رشد، جامعة بغداد، 1999م.
ثالثاً: المذكرات الشخصية:
1.سندرسن باشا، مذكرات سندرسن باشا، طبيب العائلة الملكية في العراق 1918- 1946، ترجمة سليم طه التكريتي، الطبعة 2، بغداد - 1982 .
2.محمد علي كمال الدين، مذكرات السيد محمد علي كمال الدين، من رجال الثورة العراقية، تقديم وتعليق كامل سلمان الجبوري، الطبعة 1، مطبعة العاني، بغداد، 1986.
رابعاً: الكتب العربية والمعربة:
1.أرنولد ويلسن، الثورة العراقية، ترجمة وتعليق جعفر الخياط، الطبعة الثانية، دار الرافدين للنشر والطباعة والتوزيع، بيروت، 2004.
2.أغا بزرك الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، الجزء الثالث عشر، الطبعة الثانية، مطبعة القضاء، النجف، 1959.
3. أغا بزرك الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، الجزء السادس، الطبعة الأولى، جانجانة باتك علي إيران، طهران، 1945م.
4..................، طبقات أعلام الشيعة. نقباء البشر في القرن الرابع عشر، الجزء الأول، النجف، 1954م.
5.................، هدية الرازي إلى الأمام المجدد الشيرازي، النجف، 1966.
6.البرت نتشاشفيل،العراق في سنوات الانتداب البريطاني، ترجمة هاشم صالح التكريتي، مطبعة جامعة بغداد، 1978م.
7.حسن الصدر، تكملة أمل الأمل، تحقيق السيد أحمد الحسيني، أهتمام السيد محمود المرعشي، بيروت، 1986.
8. خضر عباس الصالحي، شاعرية أبي المحاسن، الطبعة الأولى، مطبعة الآداب، النجف، 1965.
9. سلمان هادي آل طعمة، تراث كربلاء، الطبعة الثانية، بيروت، 1983.
10.................، معجم رجال الفكر والأدب في كربلاء، الطبعة الأولى، بيروت، 1990م.
11.شهاب الدين المرعشي، الأجازة الكبيرة، قم، 1993م.
12.....................، المسلسلات من الأجازات، قم، 1995.
13.عباس الرائدي، حوادث الأيام، الجزء الأول، تحقيق أحمد محمد رضا الحائري، قم، 2000م.
14.عباس محمد كاظم، ثورة الخامس عشر من شعبان (ثورة العشرين)، الطبعة الأولى، بلا مطبعة، 1984.
15.عبد الله الفياض، الثورة العراقية الكبرى سنة 1920، الطبعة الثانية، مطبعة دار السلام، بغداد، 2002م.
16.عبد الرحيم محمد علي العقيقي البخشايشي، كفاح علماء الإسلام في القرن العشرين، الطبعة الأولى، بيروت، 2002م.
17.عبد الرحيم محمد علي، المصلح المجاهد الشيخ محمد كاظم الخراساني، الطبعة الأولى، مطبعة النعمان، النجف، 1972م.
18.عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، الطبعة الثانية، 1965م.
19.............، العراق في دوري الاحتلال والانتداب، الجزء الأول، صيدا، 1935م.
20.عبد الرزاق عبد الدراجي، جعفر أبو التمن ودوره في الحركة الوطنية في العراق، الطبعة الثانية، بغداد، 1980.
21.عبد الشهيد الياسري، البطولة في ثورة العشرين، النجف، 1966م.
22.عدنان إبراهيم السراج، السيد محسن الحكيم 1889- 1970، الطبعة الأولى، بيروت،1993م.
23.علي البازركان، الوقائع الحقيقية في الثورة العراقية، مطبعة أسعد، (بغداد – 1954م).
24.علي الوردي، لمحات أجتماعية من تاريخ العراق الحديث، الجزء الثالث والخامس، القسم الأول، مطبعة المعارف، بغداد، 1977م.
25.فريق المزهر آل فرعون، الحقائق الناصعة في الثورة العراقية في 1920ونتائجها، الطبعة الثانية، مطبعة النجاح، بغداد، 1995م.
26.فؤاد قزايني، العراق في الوثائق البريطانية 1905- 1930،، بغداد، 1988.
27.فيليب ويلارد أيرلاند،العراق – دراسة في تطوره السياسي، ترجمة جعفر ألخياط، بيروت،1949م.
28.كاظم المظفر، ثورة العراق التحريرية عام 1920، الجزء الأول، النجف، 1969م.
29. (ل.ن) كوتولوف، ثورة العشرين الوطنية التحريرية في العراق، ترجمة عبد الواحد كرم، الطبعة الثالثة،بغداد، 1985م.
30.لجنة إحياء تراث الإمام الشيرازي، في رحاب قائد ثورة العشرين الإمام الميرزا محمد تقي الشيرازي، الطبعة الأولى، كربلاء، 2004.
31.محمد التنوجي، المعجم الذهبي، الطبعة الأولى، بيروت، 1969م.
32.محمد حرز الدين، معارف الرجال في تراجع العلماء والأدباء، الجزء الثاني والثالث، النجف، 1964م.
33.محمد الحر العاملي، وسائل الشيعة، الجزء الخامس، بيروت، 1971م.
34.محمد الحسيني الشيرازي، تلك الأيام –صفحات من تاريخ العراق السياسي، الطبعة الأولى، بيروت، 2000م.
35.محمد مهدي البصير، تاريخ القضية العراقي، الجزء الأول، بغداد، 1924م.
36.محمد يوسف إبراهيم القريشي، المس بيل وأثرها في السياسة العراقية، بغداد، 2003م.
37.المس بيل، فصول من تاريخ العراق القريب، ترجمة وتعليق: جعفر الخياط، الطبعة الثانية، بيروت، 2004م.
38.مكتب منابع الثقافة الإسلامية، كربلاء المقدسة تفجر ثورة العشرين، الكتاب الخامس، النجف، 1968م.
39.مير بصري، أعلام الأدب في العراق الحديث، لندن، 1999م.
40.نور الدين الشهرودي، أسرة المجدد الشيرازي، طهران، 1991م.
خامساً: المصادر والكتب الأجنبية:
أ.المصادر الفارسية:
1.مرتضى أنصاري، زندكاني وشخصيت شيخ أنصاري،جاب سوم، قم، 1989م.
ب.المصادر الإنكليزية:
1. Elizabeth Burgoyne (ed) Gertrude Bell from her Personal papers 1914- 1920 , London , Ernest , Bennl , 1961.
ساساً: الصحف والمجلات:
أ.الصحف :
1.لواء الاستقلال، العدد 1017، السنة الرابعة، بغداد، 2/7/ 1950م.
2.المجتمع، العدد 121، كربلاء، 29/ 6/ 1917م.
[1]- الميرزا: لقب فارسي يطلق على الشخص الذي يولد من أم علوية، وقديماً كان يطلق على أبناء الملوك، ينظر: محمد التونجي، المعجم الذهبي، الطبعة الأولى، دار العلم للملايين، بيروت، 1969، ص553.
[2]- كُلشن: كلمة فارسية تعني روضة الأزهار، وهو البستان الذي تكثر فيه الأزهار. ينظر: المصدر نفسه، ص508.
[3]- الحائري: نسبة إلى الحائر الحسيني، وهو حرم الأمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) في مدينة كربلاء،ويطلق على المدينة بأجمعها فيقال لساكنها بالحائري لأنه نشأ في كربلاء.ينظر: محمد الحر العاملي، وسائل الشيعة، الجزء الخامس، الطبعة الرابعة، بيروت، 1391هـ/1971م، ص543.
[4]- أغا بزرك الطهراني، طبقات أعلام الشيعة، نقباء البشر في القرن الرابع عشر، الجزء الأول، النجف،1954، ص261 ؛ خير الدين الزركلي، الأعلام، المجلد السادس، الطبعة السابعة، بيروت، 1986، ص63 ؛ بسام عبد الوهاب، معجم الأعلام، الطبعة الأولى، قبرص – 1989، ص688 ؛ سلمان هادي آل طعمة، تراث كربلاء، الطبعة الثالثة، بيروت، 1983، ص291.
[5]- نور الدين الشهرودي، أسرة المجدد الشيرازي، طهران، 1412هـ / 1991م، ص183.
[6]- أغا بزرك الطهراني، هدية الرازي إلى الإمام المجدد الشيرازي، النجف الأشرف،1386هـ/ 1996م، ص6 ؛ كذلك محمد الحسيني الشيرازي، المصدر السابق، ص15.
[7]- جزيرة هنجام: جزيرة صخرية موحشة في الخليج العربي، لا تبعد كثيراً عن المضايق، أما حالتها الجوية فحرارتها مرتفعة وتزداد فيها نسبة الرطوبة، وتكثر فيها الحشرات، ينظر: فيليب ويلارد أيرلاند، العراق، دراسة في تطوره السياسي، ترجمة جعفر خياط، بيروت،1949،ص 205.
[8]- عباس الحائري، حوادث الأيام، الجزء الأول، قم، 2000، ص443.
[9]- المس بيل، فصول من تاريخ العراق القريب، ترجمة وتعليف جعفر الخياط، الطبعة الثانية، دار الرافدين للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 2004م، ص443.
[10]- المس بيل: موظفة بارزة في المخابرات البريطانية التي عملت في العراق، رفعت تقارير إلى حكومة الهند البريطانية بصورة مستمرة تناولت فيها: أحوال العراق خلال مرحلة الأحتلال البريطاني للعراق. للمزيد ينظر: محمد يوسف إبراهيم القريشي، المس بيل وأثرها في السياسية العراقية،،بغداد، 2003.
[11]- المس بيل، فصول من تاريخ العراق، ص440.
[12]- سيد مهدي الشيرازي: ولد سنة 1886م /1304هـ في كربلاء، درس في عدة أماكن وأصبح أحد علماء الدين البارزين في العراق، للمزيد من التفاصيل ينظر: محمد حرز الدين، معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء، النجف الأشرف، 1965م، ص 166- 171.
[13]-أغا بزرك الطهراني، هدية الرازي، ص6.
[14]- نور الدين الشهرودي، المصدر السابق، ص192
[15]- المصدر نفسه.
[16]- المصدر نفسه، ص192.
[17]-ومن الجدير بالإشارة هنا إن التشابه بالأسماء والكنى قد يوقع البعض في اللبس بين المجتهدين الشيرازيين، السيد الميرزا (محمد حسن الشيرازي)،أغا بزرك الطهراني، هدية الرزاي، ص6.
[18]-شهاب الدين المرعشي، الأجازة الكبيرة،قم – 1414هـ / 1993م،ص117.
[19]- حسن الصدر، تكملة أمل الأمل، بيروت – 1986، ص 242 ؛ عبد الرحيم العقيقي البخشايشي، كفاح علماء الإسلام في القرن العشرين، الطبعة الأولى، بيروت، 2002، ص116.
[20]- نقلاً عن أغا بزرك الطهراني، طبقات أعلام الشيعة، ص262.
[21]- نور الدين الشهرودي، المصدر السابق، ص185.
[22]- سلمان هادي آل طعمة، معجم رجال الفكر والأدب في كربلاء، الطبعة الأولى، بيروت، 1990، ص 187.
[23]- شهاب الدين المرعشي، المسلسلات من الأجازات، قم 1416هـ 1995م، ص93 ؛ لجنة أحياء تراث الإمام الشيرازي، في رحاب قائد ثورة العشرين الإمام الميرزا محمد تقي الشيرازي، الطبعة الأولى، كربلاء، 2004، ص 33 ؛ نور الدين الشهرودي، المصدر السابق، ص186.
[24]-وفي هذا السياق فقد روى أحد المقربين من الشيخ الشيرازي أنه كان في قافلة مسافرة من مدينة سامراء إلى بلدة (سيد محمد) وحاول أحد المسافرين إثارة غضب الشيخ الشيرازي، وقد راهن أحد أصدقائه الذين كان معهم على ذلك، فأخذ هذا الرجل يجادل ويناقش الشيخ الشيرازي في المسائل الفقهية والدينية ويخالفه الرأي بعنف وشده، لكن الشيخ الشيرازي لم يغضب لذلك وعند ذلك أبدى الرجل إعجابه واحترامه للشيخ الشيرازي أضعاف ما كان عليه من قبل.
[25]- أغا بزرك الطهراني، هدية الرازي ......، المصدر السابق، ص6، كذلك؛ محمد الحسيني الشيرازي، المصدر السابق، ص17.
[26]- لجنة أحياء تراث الإمام الشيرازي، المصدر السابق، ص12.
[27]- نور الدين الشهرودي، المصدر السابق، ص188.
[28]- السيد محسن الحكيم (1889- 1970) ولد في النجف الأشرف في بيت علم ودين وتقوى شارك في عمليات الجهادضد الغزو البريطاني عام 1914م، أصبح مرجعاً أعلى للمسملين الشيعة عام 1952، للمزيد من التفاصيل عن هذه الشخصية ينظر: عدنان إبراهيم السراج، السيد محسن الحكيم (1889- 1970م)، الطبعة الأولى، بيروت، 1993.
[29]- نقلاً عن لجنة إحياء التراث الإمام الشيرازي، المصدر السابق، ص46.
[30]-ففي إحدى المرات وبعد أن أتم صلاة المغرب والعشاء في مسجد (السهلة) لم يلبث أن توقف فجأة وكأنه فقد شيئاً يبحث عنه، فسأله أحد الأشخاص من المقربين منه فلم يُجبه الشيخ بل تراجع عن مسيره وأتجه إلى مسجد السهلة ملتفتاً إلى الناس يأمرهم بمواصلة السير، حتى إذا وصل إلى مصلاه أخذ قلمه ومحبرته اللتين نساهما هناك ثم رجع متجهاً إلى مسجد الكوفة، وكان ذلك حرصاً منه إن يقوم هو بمهامه الشخصية ولا يكلف فيها أحداً.
[31]- لجنة التأبين، المصدر السابق، ص94.
[32]- شيخ مرتضى أنصاري، زندكاني وشخصيت شيخ أنصاري، جاب سوم،قم، 1989م، ص408.
[33]- مي بصري، أعلام الأدب في العراق الحديث، لندن – 1999، ص364.
[34]-علي البارزكان، الوقائع الحقيقية في الثورة العراقية، مطبعة أسعد، بغداد – 1954، ص5.
[35]- عبد الشهيد الياسري، المصدر السابق، ص132.
[36]- محمد مهدي البصير، تاريخ القضية العراقية، الجزء الأول، بغداد – 1924، ص190.
[37]- عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، الطبعة الثانية، مطبعة العرفان، لبنان – 1965، ص96.
[38]- عبد الله الفياض، المصدر السابق، ص211.
[39]-أرنولد ويلسن 1884- 1940 عسكري وسياسي بريطاني قدم مع الحملة السعكرية البريطانية إلى العراق عام 1914 تحت أمرة المقدم برس كوكس وكان ويلسن آنذاك ضابط برتبة نقيب، ثم عين حاكماً عاماً بالوكالة بعد استدعاء بيرسي كوكس وتعينه سفيراً في طهران، أتهمته الصحافة البريطانية بأنه يسعى إلى (تهنيد) العراق أي جعله تابعاً إلى الهند، قتل ويلسن خلال الحرب العالمية الثانية أثناء أدائه للخدمة العسكرية في القوة الجوية البريطانية. ينظر: فؤاد قرانجي، العراق في الوثائق البريطانية (1905- 1930)، بغداد -1989، ص26 ؛ مذكرات سندرسن باشا (طبيب العائلة الملكية في العراق 1918- 1946) ترجمة سليم طه التكريتي، الطبعة الثانية، بغداد – 1982، ص 54- 55.
[40]- أن العناصر الوطنية والممتزجة بالمرجعية الدينية أمثال عنوان بحثنا لا ترتبي من محتل حرقت أوراقه السياسية العرامية إلى أسعاد شعبه على حساب أبناء الشعب العراقي ومسلمي العالم بأسره على أيدي تلك الثلة المؤمنة فهي لا تقابل بالورود والذكر الحسن وأما بالنسبة لقول أرنود ولسن بخصوص تقليل نفسه فهي من تواضعه ومدعاة للفخر، فكانوا أعلاماً بالدين والسياسة ورموزاً من رموز الوطنية من أجل فضح نوايا المحتل الكافر ولم تكن لديه هواجس الأدعاء بالسلطة الزمنية، فكان رحمه الله من سلاطين القلوب (الباحث).
[41]- أرنولد ويلسن، الثورة العراقية، ترجمة وتعليق: جعفر الخياط، الطبعة الثانية،، لبنان – 2004، ص 139- 141.
[42]- المس بيل، ص463.
[43]- فيليب ويلارد أيرلاند، المصدر السابق، ص194.
[44]- المس بيل، العراق في رسائل المس بيل، ترجمة وتعليق جعفر الخياط، بغداد، 1977، ص167.
[45]- عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، مطبعة العرفان، لبنان، ط2، 1965، ص95 ؛ مذكرات السيد محمد علي كمال الدين، من رجال الثورة العراقية 1920، تقديم وتعليق كامل سلمان الجبوري، الطبعة الأولى، مطبعة العاني، بغداد، 1986، ص1212؛ أما عبد الشهيد الياسري فذكر في كتابه البطولة في ثورة العشرين، مطبعة النعمان، النجف، 1966 ص138، إن شعلان أبو الجون أجتمع مع عبد الواحد الحاج سكر في النجف، أما علي البارزكان فذكر في كتابه (الوقائع.....، ص146) إن شعلان أبو الجون أجتمع مع حزبه (حرس الأستقلال))-.
[46]- كان الشيرازي ممتعضاً لعدم نجدة عشائر السماوة وتركهم وحدهم في ساحة القتال يواجهون أعتى قوة عسكرية في ذلك الوقت، ينظر: عبد الشهيد الياسري، المصدر السابق، ص193.
[47]- عبد الرزاق الحسني، العراق في دوري الأحتلال والأنتداب، الجزء الأول، لبنان، 1935، ص 109، كذلك؛ عبد الرحيم محمد علي، المصلح المجاهد الشيخ محمد كاظم الخراساني، الطبعة الأولى، مطبعة النعمان، النجف، 1972، ص154.
[48]-ل.ن كوتلوف،ثورة العشرين الوطنية التحريرية في العراق، ترجمة عبد الواحد كرم، بغداد، ط3، 1985، ص186.
[49]- عباس محمد كاظم، ثورة الخامس عشر من شعبان (ثورة العشرين)، د. مط، (د.م 1984)، ص285.كانت صحف الثوار آنذاك تطالب كذلك بأطلاق سرح المنفيين وأرجاعهم إلى بلادهم. ينظر الفرات (صحيفة الفرات)، العدد الخامس، السنة الأولى، النجف الأشرف، 18 تشرين الأول 1920.
[50]- عباس محمد كاظم، المصدر السابق، ص286.
[51]- لواء الأستقلال (جريدة)، فتوى الجهاد التي أذاعها الحائري (من سجل الثورة)، العدد 1017 السنة الرابعة، بغداد، 2 تموز 1950، كذلك ؛ عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى،ص106.
[52]- عبد الله الفياض، الثورة العراقية الكبرى سنة 1920، الطبعة الثانية، مطبعة دار السلام، بغداد، 1975، ص301.
[53]-أن الذي أجتمع مع زعماء العشائر هو القائد العسكري البريطاني الكابتن (مان) ينظر: عباس محمد كاظم، المصدر السابق، ص289.
[54]- محمد مهدي البصير، تاريخ القضية العراقية، ج1، بغداد، 1924، ص216- 217 ؛ كاظم المظفر، ثورة العراق عام 1920، ج1،(النجف – 1969، ص160- 162؛ عبد الله الفياض، المصدر السابق، ص3609.
[55]- نقلاً عن عباس محمد كاظم، المصدر السابق، ص291.
[56]- نقلاً عن محمد الخالصي، بطل الإسلام، سيرة حياة والد، مخطوطة محفوظة لدى مكتبة الكاظمية العامة، ص236.
[57]- عباس محمد كاظم، المصدر السابق، ص291.
[58]- محمد مهدي البصير، المصدر السابق، 218 ؛ عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، ص 145- 152.
[59]- البرت منتشا شفيلي، العراق في سنوات الأنتداب البريطاني، ترجمة هاشم صالح التكريتي، مطبعة جامعة بغداد، 1978، ص167.
[60]- علي الوردي، لمحات إجتماعية من تاريخ العراق الحديث، الجزء الخامس، القسم الأول، ص293- 294.
[61]- فريق المزهر آل فرعون، الحقائق الناصعة في الثورة العراقية في 1920 ونتائجها، الطبعة الثانية، مطبعة النجاح، (بغداد 1995)، ص247.
[62]- هو السيد أبو القاسم بن السيد مصطفى الحسيني الكاشاني وهو من عائلة علمية وعلمانية وينتهي نسبه إلى الإمام زين العابدين (ع) ولد سنة 1295هـ في طهران وبعد أن حصل على مبادئ العلوم في أواخر العقد الثاني من عمره هاجر إلى النجف الأشرف وتتلمذ على يد الخراساني والميرزا حسن الخليلي وبعد أن نال الأجتهاد شارك في ثورة العشرين وأصبح عضواً في المجلس العلمي الذي شكله الشيرازي، للتفاصيل ينظر:
http: // www.alhadi.ws / wp/ ? page – id = 9076.
[63]-د.علي الوردي،لمحات إجتماعية، الجزء الخامس، ص294.
[64]- فريق المزهر آل فرعون، المصدر السابق، ص247- 248.
[65]- مكتب منابع الثقافة الإسلامية، كربلاء المقدسة تفجر ثورة العشرين، الكتاب الخامس، مطبعة الآداب، النجف الأشرف، 1968، ص61.
[66]- فريق المزهر آل فرعون، المصدر السابق، ص248.
[67]- محمد حسن آل طعمة، ثوار كربلاء يشكلون حكومة محلية في كربلاء، جريدة المجتمع، العدد 121،29 حزيران 1971.
[68]- عبد الله الفياض، المصدر السابق، ص 311- 312.
[69]- عبد الرزاق عبد الدراجي، جعفر أبو التمن ودورهفي الحركة الوطنية في العراق،ط2، بغداد،1980، ص121.
[70]- ناهدة حسين علي ويسين، تاريخ النجف في العهد العثماني الأخير، 1831- 1927، أطروحة دكتوراه غير مطبوعة كلية التربية (أبن رشد)، جامعة بغداد، 1999، ص47 ؛ كاظم المظفر، المصدر السابق، ص163.
[71]- ناهدة حسين علو جعفر ويسين، المصدر السابق، ص 25- 26.
[72]- فريق المزهر آل فرعون، المصدر السابق، ص295.
[73]- مكتب منابع الثقافة الإسلامية، المصدر السابق، ص62- 63.
[74]- عبد الله الفياض، المصدر السابق، ص320.
[75]- فريق المزهر آل فرعون، المصدر السابق، ص269- 270.
[76]- عباس محمد كاظم، المصدر السابق، ص 299- 300.
[77]- عبد الله الفياض، المصدر السابق، ص 323.
[78]- عبد الرزاق الحسيني، الثورة العراقية الكبرى، المصدر السابق، ص259.
[79]- محمد مهدي البصير، المصدر السابق، ص 224- 226.
[80]- فريق المزهر آل فرعون، المصدر السابق، ص 306، عباس محمد كاظم، المصدر السابق، ص 305.
[81]- نقلا عن فريق المزهر آل فرعون، المصدر السابق، ص 306- 307.
[82]- عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، ص 171.
[83]- فريق المزهر آل فرعون، المصدر السابق، ص305.
[84]- المصدر نفسه، ص307- 309.
-[85]Elizabeth Burgoyne (ed) Gertrude Bell form her Personal papers 1914- 1920, london ,Ernest Bennl , 1961.p140- 148.
[86]- علي البازركان، الوقائع الحقيقية في الثورة العراقية، بغداد، 1954، ص198.
[87]- كاظم المظفر، المصدر السابق، ص 171 ؛ عباس محمد كاظم، المصدر السابق، ص314- 316.
[88]- عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، ص184- 188.
[89]- عباس محمد كاظم، المصدر السابق، ص 317- 318.
[90]- سقطت حكومة الملك فيصل في دمشق بعد معركة ميسلون التي جرت ما بين القوات السورية بقيادة (يوسف العظمة) وزير الدفاع والقوات الفرنسية بقيادة الجنرال (غورو) في 24 تموز 1920، وقتل في هذه المعركة يوسف العظمة.للمزيد من التفاصيل عن أسباب وأحداث ونتائج هذه المعركة ينظر: ساطع الحصري، يوم ميسلون، صفحة من تاريخ العرب الحديث، بيروت.
[91]- د.علي الوردي، لمحات إجتماعية....، الجزء الخامس، القسم الأول، المصدر السابق، ص295.
[92]- فريق المزهر آل فرعون، المصدر السابق، ص283 ؛ د.علي الوردي، لمحات إجتماعية....، الجزء الخامس، القسم الأول، المصدر السابق، ص296.
[93]- د.علي الوردي، لمحات إجتماعية، ص297.
[94]- فريق مزهر آل فرعون، المصدر السابق، ص 285.
[95]- فريق المزهر آل فرعون، المصدر السابق، ص348- 350، كذلك ؛ كاظم المظفر، المصدر السابق، ص200.
[96]- أغا بزرك الطهراني، هدية الرازي....، المصدر السابق، ص6.
[97]- وأن هذا الأمر لا يستبعد لشخصية قارعت الوجود والحيل والأكاذيب والقمع البريطاني للشعب العراقي وفي الوقت ذاته سياتا تتضمن المكيافلية ولم يكن لها رادع عن تنفيذ مخططاتها الدنيئة.(الباحث).
[98]- فريق المزهر آل فرعون، المصدر السابق، ص352- 353، كذلك ؛ كامل سلمان الجبوري، النجف الأشرف والثورة العراقية الكبرى 1920، الطبعة الأولى، دار القارئ للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 2005، ص285.
[99]- د.علي الوردي، لمحات إجتماعية، ص 299.
[100]- نور الدين الشهرودي، أسرة المجدد الشيرازي، المصدر السابق، ص190.
[101]- خضر عباس الصالحي، شاعرية أبي المحاسن، الطبعة الأولى، النجف الأشرف، 1965، ص 79- 81.
[102]- إبراهيم الوائلي، المصدر السابق، ص 85 ؛ مير بصري، المصدر السابق، ص 364.