محطات الوجع عند السياب دراسة نفسية في شعره
المقدمة:
قبل الشروع في كتابة البحث، لا أريد أن أعيد أو أكرر ما قاله الدارسون عن المرأة في الشعر العربي، فدوران هذا الاسم، أصبح شِرعة عند الكثيرين([1]).
بيد أني سأتناول الموضوع من زاوية أخرى، أرى انها جديرة بالدراسة، اخترت لها عنواناً هو (محطات الوجع عند السياب، دراسة نفسية في شعره) لا أقصد بالوجع الحالة الجسمية وما يطرأ عليها من تغيرات فسيولوجية، إنما سأركز على الحالة السايكولوجية للشاعر، وانعكاسها على شعره، وعلى الرغم من كثرة الدراسات التي تناولت السياب وشعره، تظل قاصرة فحياة الشاعر ما زال فيها محطات معتمة لم يكشف النقاب عنها بعد، وربما يلتقي معظم الشعراء في هذا الجانب، يعانون في حياتهم من إسقاطات ليست واضحة المعالم والكثير منهم لا يرغبون التصريح بها لأسباب مختلفة.
سنحاول في هذه الوريقات الاقتراب من تلك المحطات للوصول إلى الحقيقة.
وراء اختياري لهذا الموضوع سببان هما: الأول / فكرته جديدة. والثاني / ما كان يعانيه الشاعر من جوانب نفسية داخل وخارج أسرته وانعكاسها على شعره.
قوام البحث محوران رئيسان هما:-
الأول / عذابات السياب داخل أسرته.
الثاني / عذابات السياب خارج أسرته.
وما زالت آثار الشاعر محط أنظار الدارسين العرب وغيرهم، يفخر بها كل مثقف يحب التجديد في الشعر العربي الحديث.
المحور الأول / عذابات السياب داخل أسرته:
ولد السياب عام 1926 في قرية شبه ريفية، تسمى (جيكور) وهي قرية تابعة إلى أبي الخصيب الذي يقع إلى الجنوب من محافظة البصرة.
و(جيكور) تتميز عن غيرها من القرى بكثرة الأنهر والبساتين والطبيعة الساحرة وبساطة الحياة فيها.([2])
تذكر المصادر التاريخية، أن السياب نشأ وعاش في (جيكور) ([3]) منذ بداية حياته، وكانت طفولته سعيدة وعلاقاته طيبة مع أقرانه في البيت وخارجه([4]).
تعلق الشاعر لأول مرة بوالدته، أحبته ورعته رعاية خاصة واعتزت به أمام الآخرين لفطنته وذكائه، بيد أن هذه السعادة والهناء لم تدم طويلاً، سرعان ما خطفت يد المنون والدته وهو في الرابعة من عمره، إذ وافاها الأجل وهي في ريعان الشباب عام 1932م.
تعرض السياب إلى صدمة عنيفة هزت كيانه وعصفت به، وأحدثت شرخاً كبيراً في حياته، سببت له أضطراباً انفعالياً حاداً ويمكن اكتشاف ذلك من مضمون الرسالة التي بعثها إلى صديقه خالد الشواف(*) يشكو فيها حرمانه جاء فيها: (حرمت عاطفة الأمومة وأنا ابن أربع...) ([5]).
ذهب علماء النفس إلى أن يحدث تغيرات عند الفرد تغير في شخصيته ونموه وإسقاطات أخرى يظل يعاني منها طيلة حياته. وفقدان الأم يسبب الكبت النفسي أي شعور الفرد أنه فقد شيئاً ويمكن تعويضه عن طريق استرجاع الصور بين الحين والآخر، وفعلاً استذكر بدر ملاكه المفقود وحبيبته الغالية التي ضمته إلى صدرها الدافئ، وراح يخاطبها قائلاً:
ويسألون الليل عنك وهم لعودتك في انتظار ؟ |
أماه ليتك ترجعين
ونتيجة لهذا الكبت، عاد إلى نفسه فاستذكر ذلك الوجه البهي والدته مرة أخرى وكتب قصيدة جسد فيها لوعته وحنينه إلى قنديله المجهول فقال:
وتدعو من القبر أمي بنّي |
احتضني فبرد الردى في عروقي |
لم يستطع السيطرة على هذا الجرح الغائر في أعماقه، وشعر بمرارة الفراق وكلما ضغط على أحاسيسه، هاجت تداعيات عاطفته، لذا راح يحث خطى أحزانه ووقف على قبر والدته وخاطبه قائلاً:
فيا قبرها افتح ذراعيك |
تتزاحم الذكريات وتمر بخاطره فكلما اختلى مع نفسه، وكأنه يبحث عن شيء مفقود، قلب صفحات الأيام لعله يعثر على ابتسامة أمه التي لم ينس إطلالتها كل صباح، وكلما حجّم من هواجسه، ثار بركان بؤسه واكتوى بحسرة أنفاسه قائلاً:
أماه ليتك لم تغيبي خلف سور من حجار |
وعن غدر الدهر الذي أنشب أظفاره في حياته، لم ينس صورة ذلك الوجه وتلك الرقة التي تفوح شذا، تذكرها في قصيدة (سهر) فقال:
لقد رضعوا من الثدي الذي لم تبله الأجيال |
وظلت صورتها ترافق ظله أينما ذهب، وكلما مرت عليه ملامح أمه بين النساء تستقر لوعته ولم يتوقف هذا الشريط المأساوي في حياته واستنجد بماضيه قائلاً:
أفياء جيكور أهواها |
وسرعان ما اكتشف نوايا والده، قرر الزواج من امرأة أخرى، اكتملت دائرة الأحزان، وتكسر سلم الأمل، إذ لا أم تحنو عليه ولا أب يرعاه فكان معترضاً على هذا القرار، ضاق صدره، ولم ير أباه منذ ذلك الحين، ظل شبح الإهمال المخيف يطارده أينما اتجه وكل ما قاله:
أبي منه قد جردتني النساء |
وأمي طواها الردى المعجل |
وهنا شعر انه مهمل كما يهمل الطفل في بعض الأحيان وسط أسرته فأصيب بالإحباط النفسي الحاد. واصل دراسته الابتدائية في مدرسة (المحمودية) في أبي الخصيب وتخرج منها عام 1938([13]). غير أن الأجواء ما عادت ملائمة له إذ رأى وجهاً عبوساً آخر لا يشبه وجهه ملاكه مما اضطره الهروب من البيت. لم يشعر بالراحة والاطمئنان النفسي، ظل قلقاً لا يعرف مصيره لولا تدخل جدته في الوقت المناسب إذ انتشلته من هذا الضياع وأنقذته من واقعه المتردي، غير أن الدهر ما زال يطارده خطف جدته وعاد إلى مأساته وكل ما فعله هو الوفاء، رثاها في الأبيات الآتية:
جدتي من أبث بعدك شكوا |
ي ؟ طواني الأسى وقلّ معيني |
ومع كل تلك الظروف الهادئة نسبياً، لم ينس جرح نفسه الذي ما زال طرياً. راح يستفيد ويسترجع ترحاب والدته وشفافية ابتسامتها وصدرها الحاني، وبفقدان جدته وزواج أبيه المتسرع، زاد همه وانطوى على نفسه والانطواء على النفس مرض نفسي يعاني منه العامة والخاصة قد يكون شديداً وقد يكون خفيفاً، ومع هذا تمكن السياب من الإفلات من قبضة الإخطبوط القاتل من خلال انخراطه في المدرسة الإعدادية في العشّار وواصل دراسته فيها ومع هذا نظام التعليم الإعدادي هو الآخر لا يسمح باختلاط الجنسين فللذكور مدارسهم وللإناث مدارسهن، ولم تسنح الفرص التعرف على الجنس الآخر غير أن جذوة الميل إلى النساء بدأت بالتطور وهي بداية عابرة مع (هويله) وهذه راعية غنم تكبره سناً غير أنها كانت جميلة شاهدها السياب وأعجب بفتنتها ووصفها قائلاً:
تذكرت سرب الراعيات على الربا |
وبين المراعي في الرياض الزواهر |
ثم أردفها بقصيدة أخرى بعنوان (أغنية الراعي) وتألم لمرضها([16]). وهذه القصائد إنما هي نزوة عابرة ليس إلا ثم جاء دور (وفيقه) وله صلة بها، كانت شابة جميلة أحبها حباً عذرياً غير انه حزن لزواجها، وظل خيال ابنة الجلبي معلقاً في ذاكرته لأنه يشاهدها كل صباح عند ذهابه إلى المدرسة وكناها بـ (هند) ([17]).
لا نريد أن نطيل الكلام فالشاعر أراد أن يعزز من أساليب لقاءاته غير انه لم يحصل على شيء، إذ ظل فؤاده متعلقاً بوالدته في كل حين.
وبعد أن استمر في غربته في الخارج، زاد همه وماساته، لا سيما تنقله من مستشفى إلى آخر، ساءت صحته أكثر، إذ لا يمكن السيطرة على مرضه.
أما زوجته هي الأخرى أصابها نوع من الإحباط فكانت تعاني من مرض زوجها كل ذلك انعكس على حياتها، وعلى الرغم من ملازمة زوجها داخل وخارج العراق، صبرت وتحملت وكان صبرها جميلاً فهي ليست غريبة عنه وأوصاها بما يأتي:
إقبال يا زوجتي الحبيبة |
لا يمكن للإنسان تحمل المواقف المؤثرة وهذا ما يفسر عدم القدرة على السيطرة على توجيهات الفرد لا سيما عند حالات المرض. ولا نهوض بعد فاجعة الموت. والأبيات الآتية توضح هذا المفهوم:
أيها الثلج رحماك، إني غريب |
وأخيراً توقف قلب بدر عام 1964 في الكويت.
وصف الناقد جبرا إبراهيم جبرا حياة الشاعر داخل أسرته انه عاش مأساة درامية كبيرة. ما زلنا نتذكر فصولها كلما غادرت أسراب الطيور الجنوبية.
أن الهزات النفسية عند الأفراد، تولد شحنات ذاتية خفية لا يمكن التصدي لها، لذا لجأ السياب التعبير عنها وإفراغها في فنه الشعري.
مما تقدم يتضح، أن الأحداث التي عاشها الشاعر داخل أسرته ليست أحداثاً عابرة إنما هي مؤثرة لا يمكن تجاوزها، وظل اليأس يحفر في أنفاسه حتى الرمق الأخير.
إن كثرة الأمواج النفسية المتصارعة تترك بصماتها على حياة الإنسان وحينما تتزايد شراستها تولد شحنات قاسية لا يمكن الوقوف أمامها وهذا ما حدث لبدر.
أما معاناته الذاتية وحبه وشوقه وميله إلى النساء إنما هي بدايات لخوض غريزة النفس البشرية وميلها الطبيعي إلى الجنس الآخر وهذه ولدت فورات مؤثرة ظلت تغلي داخل النفس وهذا ما كان يعانيه السياب في تجاربه العاطفية الأولى وهي تجارب عفوية ظلت خيوطها معلقة في ذاكرته.
المحور الثاني / عذابات السياب خارج أسرته:
الانطلاقة الجديدة في حياة بدر، انتقاله إلى العاصمة بغداد وإكمال دراسته في دار المعلمين العالية، ومدينة بغداد تختلف عن محافظة البصرة من حيث السعة والحداثة وتوفر فرص اللهو، إنها بيئة غريبة عنه تحتاج إلى وقت للتكيف عليها، وأجواء دار المعلمين غير مألوفة عند بدر، فالتعليم فيها مختلط([20]) وهو قريب من التعليم الجامعي اليوم.
الشيء اللافت للنظر، ان دار المعلمين في كل عام تنظم مهرجانات ومواسم ثقافية وأدبية لطلبتها، هذه الأجواء استقطبت اهتمام الشاعر واسهم فيها بشكل مباشر، وفتحت أمامه أضواء الشهرة، ربما هذه الأنشطة والممارسات الجديدة أسهمت إلى حد ما في نسيان الماضي، والنسيان قد يكون مفيداً وقد يكون ضاراً في أحيان أخرى فاستثمار الفرص وعقد اللقاءات الاجتماعية لعلها خففت بعضاً من معاناته وهذا ما فعله حقيقة ومكان اللقاء الأول مع طالبة تكبره سناً في الصف المنتهي اسمها (لبيبة).
تعرف عليها الشاعر من خلال الأنشطة تلك، شاركت (لبيبة) الشاعر في أوقاته وكانت تحبه وترحب به وتبتسم له، وشدها إليه أكثر أناقتها وجمالها المفرط وكان هناك نوعاً من الحرية في ارتداء الملابس واختيار الألوان غير أن التبرج ممنوع.
والمعروف عن الطالبات يتنافسن في المظهر الخارجي والاهتمام به، جذبت (لبيبة) بدراً وقويت العلاقة بينهما حتى إن الشاعر سماها (ذات المنديل الأحمر) يبدو أنها ترتدي منديلاً أو وشاحاً بهذا اللون وأشار إليها في بعض قصائده قائلاً:
وتلك... لأنها من العمر اكبر، أم لأن الحسن أغراها |
لا ندري لماذا هذا النأي والعزوف عنها ؟ ربما لموقف حدث بينهما لم يذكره الشاعر في هذه الأبيات غير أن الإشارة واضحة.
تخرجت (لبيبة) ولم يعرف مصيرها، وانقطعت العلاقة بينهما([22])، لم تترك بصمة واضحة في حياة الشاعر إنها مجرد صداقة عابرة.
نظم الشاعر ثلاث قصائد في ذات المنديل الأحمر وكلها على نغمة ومعنى واحد. هي (أغرودة، سأرها غداً، وخيالك) ومطلع هذه القصائد هي:
|
كفى طرفك اليوم إن غردا بقلب جفا الحب واستكبرا |
أراها غداً، هل أراها غداً ؟ وأنسى النوم أم يحول الردى |
|
|
لظلك لو يعلم الجدول على العذب من مائه منزل([23]) |
لم تمض مدة من العزلة والابتعاد عن الأضواء عاود علاقته وتعرف على طالبة جديدة اسمها (ديزي الأمير) وهذه شاعرة، وصفها بالاقحوانة لشفافية رقتها ثم تركها السياب لعدم جدوى العلاقة معها ولعل السبب المباشر في إنهاء العلاقة، اختلاف العادات والتقاليد بينهما، غير انه تأثر لوفاتها([24]) فيما بعد .
عاد بدر لنفسه واستذكر ذات المنديل الأحمر ولقصر مدة العلاقة معها، ما زالت في خاطره وظل طيفها يراوده في جميع الأوقات قائلاً:
مشى العمر ما بيننا فاصلاً |
فمن لي بأن أسبق الموعدا([25]) |
حاول السياب أن يجرب حظه مرة أخرى، فتعرف على الهوى البكر (لمعان البكري) وهذه ذات أساليب شيطانية في المراوغة، لم يكشفها بدر في بداية الأمر، وكانت تهدف من وراء سماع قصائد الشاعر إرضاء لغرورها، ثم أحس إنها لا توده فتركها.
وفي تجمع طلابي انجذب إلى ذات الصوت الطروب (اليس) وهذه مسيحية الديانة تشير المصادر إلى أن السياب أعجب بها وحاول التقرب منها، غير إنها عاملته بأسلوب جاف يختلف عن مثيلاتها، كانت ثقيلة في تصرفاتها حتى في ابتسامتها، ويرى بدر انها لو تبسمت لحولت حياته إلى نعيم كما صرح في الأبيات الآتية:
تأبى اليس عليّ أن تبتسما |
فترد قلبي هانئاً منعما |
لم يتوقف اندفاع السياب نحو المرأة إنما ظل يحوم في ميدانها، تعرف على طالبة اسمها (مادلين) وهذه([27]) لها ميول شعرية غير أنها يهودية الديانة. بعد أن عرف ديانتها قطع علاقته بها.
آما علاقته بالكاتبة البلجيكية (لوك نوران) والممرضة (ليلى) جاءت مصادفة، فالأولى جاءت إلى لبنان وترجمت بعض أشعاره، غير أن فتنتها هي التي جذبت بدراً إليها، وليلى ممرضة تعمل في المستشفى وهي ملاك في الحسن والرشاقة، أراد أن يتزوجها فعلاً غير أن حضور زوجته إلى المستشفى افسد عليه كل شيء([28]).
هناك نقطتان مهمتان هما:-
الأولى: إن تعدد التجارب العاطفية عادة ما يكون فاشلاً لأنها لا أساس متين لها والميل إلى هذه أو تلك يأتي من باب الإعجاب، وهذا ما يحصل عادة في المجتمعات الطلابية.
والثانية: تعدد الأساليب النسوية تجاه الرجال كثيرة فيها ما يجذب عن قصد لغرض قضاء الوقت وإمتاع النفس واللهو الفارغ ومنها ما لا يجذب وهذه قد تكون ارحم من الأولى من حيث الخطورة وسرعان ما تصاب الأساليب الخبيثة بخيبة أمل وتفشل هي الأخرى.
ومسلسل التعامل مع المرأة ما زال يعرض أمام بدر، غير أن القناة هذه المرة توقفت عن محطة (لميعة) (*) التي أطلق عليها (الإمبراطورة) وهناك مشتركات واختلافات بينهما، المشتركات الشعر فكلاهما شاعر وهما من المنطقة الجنوبية وينتميان([29]) إلى الحزب الشيوعي العراقي، فبرنامجهما واحد، وهذا يتطلب تعدد اللقاءات حتى أنه دعاها لزيارة قريته (جيكور) ولبت الدعوة.
والاختلافات إن لميعة من عائلة برجوازية كبيرة وبدر من عائلة متوسطة الحال، وهي صابئيه الديانة وبدر مسلم وإنها جميلة جداً وبدر لا يتمتع بهذه الصفة لم يكن وسيماً ومن باب الطرفة وفي يوم المقابلة في الدار شاهدته طالبة اسمها (نهاد) راحت تتهامس مع زميلاتها وقالت لإحداهن انظروا هذا طالب من الصين([30]). فأجابها:
جئت من أقصى البلاد |
كي أرى وجه نهاد([31]). |
وانقطعت العلاقة بينهما غير إنهما استمرا في نظم الشعر.
وأشار إلى هذه العلاقة في بعض قصائده منها:
سأهواك حتى تجف الادمع في عيني وتنهار أضلعي الواهية([32]).
وقال:
ذكرتك يا لميعة والدجى ثلج وأمطار([33])
وبعد أن فشل في جميع تجاربه العاطفية لجا إلى العمل السياسي وهو هروب واضح من واقعه المتردي وتراجع النمو العاطفي عنده ومشى في طريق لا يعرف أين نهايته؟ انظم إلى الحزب الشيوعي عام 1946 وربما قبل ذلك، أراد بذلك أن يحقق أمرين هما:-
أولاً: نسيان الماضي ومآسيه.
ثانياً: التعويض عن فرص جديدة لجذب الأنظار إليه لأنه يحب الشهرة. فتعرض إلى مواقف قاسية أنسته حياته، عذب وفصل وتوقف وطرد إلى غير ذلك من نتائج العمل السياسي، يصف المرحلة التي عاشها قائلاً:
وعلى الرصيف |
وعلى الرغم من خوض تجربة العمل السياسي وتنقله في الوظائف لم تلمس انه مارس الحب الحقيقي إنما هو حب من طرف واحد، حب الحياة، وظل يعاني من الفراغ الاجتماعي.
مما تقدم يتبين أن الشاعر سلك مسلكين تجاه المرأة:
الأول: التصريح بأسماء من عقد معهن علاقة أو صداقة عابرة كما مر في ثنايا البحث.
والثاني: الرمز، أي ما كان يخفي شيئاً في نفسه، فهو يرمز إلى المرأة فقط ورمزه جاء شاملاً لجوانب الحياة عامة. لذلك اعتمد على أسماء وردت في شعره منها عربية وأخرى أجنبية منها (ميدوزا، أوديب، جوكست، افروديت، فاوست، هيلين، تموز، عشتار،... الخ) وما هذه الأسماء إلا تعبير عن سعة إطلاعه وثقافته وأما تطعيم شعره بهذه الأسماء لدورها التاريخي وربما يقصد بها الإشارة إلى ماضيه.
وأخيراً نقول: إن السياب لم يكتو بنار الحب الحقيقي، إذ لم يخوض تجربة عاطفية صادقة وما مرَّ به مجرد علاقات وصداقات سطحية فرضتها طبيعة العلاقة الثقافية والدراسية. ومثل هذه الصلات عادة ما تكون فاشلة لا تسفر عن شيء انه حب عذري بريء. وجاء التعويض عن طريق عقد الصلات وإقامة العلاقات أو بالعمل السياسي وهذا ما فعله السياب في حياته.
عذابات الشاعر الخارجية لم تتوقف ومحطات الوجع ظلت تراوده في كل لحظة تركت بصماتها على نفسه وانعكست أثارها على شعره فيما بعد.
المصــادر
- أدب المرأة العراقية، بدوي احمد طبانه، دار العلم القاهرة - 1948.
- بدر شاكر السياب – حياته وشعره – عيسى بلاطه – ط1 – دار الشؤون – بغداد – 1971.
- بدر شاكر السياب – دراسة في حياته وشعره – إحسان عباس – بيروت – 1969.
- ديوان بدر شاكر السياب – م1-2 – ناجي علوش – دار العودة – بيروت – 1971.
- ديوان الشعر العربي في القرن العشرين – راضي صندوق – ج1 ط1 – القاهرة – 1994.
- رسائل السياب – ماجد السامرائي – دار الطليعة – بيروت – لات.
- السياب – عبد الجبار عباس – دار الشؤون الفنية - بغداد لات.
- شعر بدر شاكر السياب – دراسة فنية وفكرية – حسن توفيق – الموسوعة العربية – بيروت،1979.
- شعراء عراقيون – منذر الجبوري – ط1 – بغداد لات.
- صورة المرأة في الأدب العربي – د. داود سلوم – حلقة دراسية – بغداد، 1978.
- الغزل – لجنة من أدباء العرب – دار المعارف – القاهرة لات .
- المرأة في الشعر الجاهلي – د. علي الهاشمي – ط1 – بغداد، 1960.
- المرأة في شعر السياب – فرح صالح – دار الشؤون الفنية – ط1 – بغداد، 2008.
- معجم الشعراء العراقيين – د. جعفر صادق – ج2 – نجف، 2008.
موقف الحوزة العلمية من القضايا القومية
بين عامي1925- 1956
م.م. احمد باقر علوان الشريفي
المقدمة :
تعد الحوزة العلمية في مدينة كربلاء والنجف الاشرف من الحوزات التاريخية ولها مكانتها الدينية والسياسية ليس في العراق فحسب وإنما في الوطن العربي والعالم الإسلامي.
ولا أريد هنا ان أتحدث عن هذه المؤسسة الواسعة وعن تاريخها الطويل وإنما اخترت موقف هذه المؤسسة من بعض القضايا القومية وتأثيرها في الحركة السياسية بشكل بسيط جدا.
حيث قسم البحث على أربعة مباحث تناول المبحث الأول الموقف من الثورة السورية الكبرى وتطرق المبحث الثاني للعلاقات بين الحوزة العلمية مع إمارة الاحواز العربية. وعرج المبحث الثالث على قضية الريف المراكشي في المغرب ومساندة المدن المقدسة لهذه القضية وبين المبحث الرابع الموقف المشرف للحوزة من قضية العرب الكبرى قضية فلسطين.
اعتمد البحث عدداً من المصادر كان أهمها مخطوط الدكتور حسن عيسى الحكيم, (مفصل تاريخ مدينة النجف). وبعض الكتب القيمة وعدداً من الصحف والمجلات العراقية.
ان الهدف من هذه الدراسة هو عرض للأحداث والمواقف السياسية الوطنية المباركة البارزة التي كانت تنطلق من أروقة الحوزة المباركة في المدن المقدسة ومساندة رجال الدين في العراق لكل إخوانهم المسلمين في العالم العربي.
وأرجو ان أكون قد وفقت في بحثي ليكون ذلك أسهاما متواضعا في كتابة تاريخ هذه المؤسسة الدينية العملاقة.
المبحث الأول : موقف الحوزة العلمية من الثورة السورية الكبرى عام 1925.
كان من ابرز الأهداف التي يشهدها الشعب العربي في سوريا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بناء دولة مستقلة في سوريا. وكانت الظروف ملائمة لقيام مثل هذه الدولة إذ أن المجتمع العربي في سوريا كان يحظى بقسط كبير من الوعي الوطني والقومي والثقافة والتقدم يمكنه من إدارة شؤونه بنفسه غير ان الدوائر الاستعمارية وفي مقدمتها فرنسا حالت دون تحقيق الهدف المذكور. فبعد معركة ميسلون (14-تموز 1920)([36]).
فرضت فرنسا بالقوة احتلال دمشق حيث فرض عليها في (24-تموز1922) الصفة القانونية للاحتلال الفرنسي، الذي كان احد الأسباب الرئيسية التي عملت على اندلاع الثورة السورية الكبرى([37]).
وقف العراق الى جانب شقيقته سوريا ملكا وحكومة ً وشعبا. فقد كان الموقف الرسمي متمثلا بالملك فيصل الذي لم تشغله مشاكل العراق وظروفه الداخلية عن مواصلة دعمه للقضية السورية([38]).
وعند اندلاع الثورة السورية الكبرى دعمتها الحكومة العراقية دعما ماليا و عسكريا بصوره سريه. كما وقفت الأحزاب السياسية العراقية وقفة مشرفه في مساندة الثورة السورية واستنكار الممارسات التعسفية للسلطات الفرنسية في سوريه([39]) أما موقف الحوزة العلمية في النجف وكربلاء المقدسة، فقد كان للروح القومية والتمسك بالديانة الإسلامية المغروسة في مشاعر الشعب العراقي الدور الأول في مساندة كل الحركات التحررية العربية وقد كانت سورية في مقدمة الأقطار التي جاهد العراقيون لمساعدتها وكانت مساعدتهم يوم ذاك تتم عن طريق إعلان الفتاوى الدينية وإقامة المظاهرات وتقديم الاحتجاجات ونشر المقالات وجمع التبرعات وغير ذلك.
وحالما وصلت الى العراق إنباء الثورة السورية الكبرى ومن ثم قيام السلطات الفرنسية بقصف دمشق اضطربت الجماهير في العراق. فقامت في بغداد المظاهرات الصاخبة وعقدت التجمعات الضخمة في جامع الحيدر خانه حيث أقيمت صلاة الغائب على أرواح شهداء الثورة السورية وألقيت في هذا التجمع القصائد والخطب الحماسية لإثارة همم العراقيين تجاه إخوانهم في سوريه، كما انتخب المجتمعون لجنه مؤلفه من خمسة عشر شخصا كان الشيخ جعفر الشبيبي احدهم([40]) لغرض تقديم الاحتجاجات الى قناصل الدول الأجنبية في بغداد([41]) لم تقتصر هذه التجمعات و تأليف اللجان على مدينة بغداد لوحدها بل شملت الكثير من مدن العراق، ولم تشأ الحوزة العلمية في كربلاء والنجف الاشرف أن تتأخر عن أداء هذا الغرض المقدس الشريف فتم تاليف لجنه لجمع التبرعات لإسعاف منكوبي سوريا يرأسه عباس الكليدار([42])
وبلغ مجموع ما تم جمعه من التبرعات في مدينة النجف الاشرف وحدها أكثر من (653) ربيه([43]).
وكان الكتاب والشعراء والمثقفون في كربلاء و النجف الاشرف قد وقفوا إلى جانب الشعب السوري متضامنين مع رجال الدين في المؤسسة الدينية ضد الاستعمار الفرنسي فكتبت جريده النجف في العدد (68) في (7 كانون الثاني 1927) مقالة افتتاحيه كبيره بعنوان ((العواطف الوطنية السامية لتضميد جراح الإنسانية المتألمة -جروح سوريا الدامية)) تطرقت فيها الى نكبة سوريا ومعاناتها من الاستعمار الفرنسي التي لا يهونها عزاء ولا مواساة ودعت أبناء العروبة بتقديم الدعم للثورة السورية عن طريق تقديم التبرعات الى لجنة إسعاف منكوبي سوريا في كربلاء والنجف الاشرف أو عن طريق أي مكان آخر([44]).
كما استقبلت جماهير مدينة كربلاء والنجف بترحيب بالغ وفد الثورة السورية الذي زار المدن العراقية المقدسة لجمع التبرعات لإعانة المنكوبين، والذي كان برئاسة حسن الحكيم، وعضويه كل من عبد اللطيف حسين العسلي، والشاعر محمود الشريف، عبد الرحمن الشهبندر, حيث حلوا ضيوفا على رئيس البلدية واستمرت مدينة كربلاء تتابع باهتمام بالغ أخبار الشعب العربي في سوريا حتى تحقق جلاء القوات الفرنسية في (1946)([45]).
المبحث الثاني : علاقة الحوزة العلمية بأمارة الأحواز.
تعود صلات المدن المقدسة (كربلاء النجف) بأمارة الأحواز وسكانها العرب منذ أواخر القرن التاسع عشر، حيث كانت تربطهم مع هذه المدن علاقات وثيقة بحكم الصلات الدينية العليا، فكان اتصالهم بالنجف وكربلاء المقدسة مستمرا باعتبارهما مركزي المرجعية الدينية العليا وبحكم هذا المركز كانت الاحواز ومدنها في حاجه دائمة لاستبيان رأي الحوزة العلمية في الكثير من القضايا التي تمر بها بما فيها السياسية.
ولكن عدم استجابة الشيخ خزعل عام (1914) لفتاوى الجهاد التي صدرت في كربلاء ضد البريطانيين لاعتقاده بان رجال الدين كانوا يعملون تحت ضغط من الحكومة العثمانية وان التزاماته تجعله يقف على الحياد قد ولد القطيعه بينه وبين النجف وكربلاء حتى ان الشيخ عبد الكريم الجزائري كتب له يقول ((لقد فرق الإسلام بيني وبينك)) بسبب عدم استجابته لنداء الجهاد([46]).
حاول الشيخ خزعل استرضاء رجال الدين في كربلاء والنجف وتبرير موقفه ولكن دون جدوى حتى عام (1918) بعد فشل ثورة النجف وصدور أحكام الإعدام والنفي بحق أبطالها وكان منهم السيد محمد علي بحر العلوم والشيخ محمود اجواد الجزائري حيث حكم عليهما بالإعدام ثم أبدل الحكم إلى النفي إلى الهند ولكن تدخل الشيخ جعفر وتوسطه لدى البريطانيين جعلهم يوافقون على إقامتهم عنده في المحمرة وفي محاوله منه لنيل رضا رجال الدين عنه وإصلاح ما قد سبق منه لكنه لم يكن موفقا في مسعاه حيث ظهر ذلك واضحا عندما رشح نفسه لعرش العراق فلم ينل تأييد النجف التام واستمر الفتور في العلاقات بين الحوزة العلمية الدينية والشيخ خزعل حتى عام (1925) حينما غدر رئيس الوزراء الإيراني رضا خان به واحتل الإمارة وبدأ التيار المعادي للقومية العربية بإزالة كل اثر عربي في المنطقة عن طريق كل الروابط التي تربط الاحواز بالوطن العربي الام.
عند ذلك استغاث عرب المنطقة بإخوانهم في العراق ولكن لا من مغيث، فولوا وجوههم نحو الحوزة العلمية يستصرخون رجال الدين للتدخل في أمر تلك الإجراءات فوصلت النجف برقيه من علماء الدين في مدينة الاحواز([47])موجهة إلى رجال الدين في الحوزة العلمية قالوا فيها ((أن علماء وسادات عرب استان يشكون أحوالهم من ضغط أمراء الدولة الإيرانية الذي كان يقضي على العرب فاضطروهم إلى الهجرة عن الأوطان مشتتين أيدي سبأ وقد هتكت منهم كل حرمه وأخذت الأموال بلا حق فلا مانع يمنعهم ولا قانون يدفعهم والباقون يستغيثون طالبين المساعدة الاسلامية)) ([48]).
وقفت المؤسسة الدينية الشيعية مع الشعب العربي في الاحواز في محنته ضد الحكومة الإيرانية حيث تشكلت شبه جمعية برئاسة الشيخ هادي آل كاشف الغطاء لمناصرة الشعب العربي في الاحواز، وقدمت مذكرة الى عصبة الأمم طالبت فيها بإجراء استفتاء في المنطقة لمعرفة رأي الشعب العربي في الاحواز فيما يخص الانضمام إلى إيران او الانفصال عنها([49])
وذكر الشيخ جعفر محبوبه بأن الشيخ محمد رضا بن الشيخ هادي آل كاشف الغطاء قد عمل جاهدا على ألحاق الاحواز العربية إلى العراق على اعتبار انها جزء منه، وقدم بذلك تقريرا مسهباً لمجلس عصبة الأمم، وراجع في ذلك الكثير من الشخصيات السياسية، إلا أن الأجل المحتوم لم يمكنه من الاستمرار في مهمته القومية ([50]).
واستمرت المدن المقدسة في التنديد بالاحتلال الإيراني في كل مناسبة وعند وفاة الشيخ خزعل في معتقله في طهران في (26- مايس-1936) حاول أولاده نقل جثمانه إلى النجف الاشرف ليدفن في مقبرة الأسرة، إلا أن رضا شاه رفض ذلك فدفن في طهران لمدة ستة عشر عاما حتى سمحت الحكومة الإيرانية بنقل جثمانه عام (1955) إلى مقبرة الأسرة في وادي السلام وعند وصول الجثمان إلى النجف كان في استقباله قائم مقام النجف ورئيس البلدية ووجوه النجف والأعيان ووزع منشور بين الناس يدعوهم لحضور مراسم التشييع([51])ويتحدث عن مواقفه الوطنية وقد أغلقت الأسواق، وانتظم رجال الدين والأهالي في مسيرة وأطلقوا الأهازيج الشعبية وهم يشيدون بعروبة الشيخ خزعل ونضاله([52]).
المبحث الثالث : الموقف من ثورة الريف في المغرب.
قسم المغرب قبل الحرب العلمية الأولى على ثلاث مناطق الأولى منطقة نفوذ فرنسي وتشمل مراكش، والثانية منطقة نفوذ أسباني مركزها تطوان، والثالثة طنجه التي بقيت تحت الإدارة الدولية.
وقد تصدى الشعب العربي في المغرب للغزو الأجنبي وتحدى قرارات التقسيم وأعلن رفضه لها وتمسكه بمبدأ الحفاظ على الوحدة والاستقلال. فبعد إعلان الحماية في (آذار 1912) حدثت في المغرب ثورة عارمة في (17 نيسان 1912) وامتدت إلى مختلف أنحاء البلاد. وبعد الحرب العالمية الأولى اندلعت الثورة مجددا ً في اعنف صورها في عهد الأمير محمد عبد الكريم الخطابي الذي نجح في قيادة حركة المقاومة المسلحة وتعبئة الجماهير للكفاح حتى بدأت ثورة الريف تأخذ أبعادا سياسية وتنظيمية في داخل البلاد بحيث تجاوزت المقاومة العسكرية إلى محاولة بناء دولة حديثة تمثلت بجمهورية الريف. أدى هذا الحدث إلى التحالف الفرنسي الاسباني الذي تم ّ ما بين (1925 – 1926) وترجيح كفة المستعمرين فأدى ذلك إلى سقوط جمهورية الريف واستسلام الأمير عبد الكريم الخطابي([53]).
وقف الشعب العراقي إلى جانب الشعب العربي في المغرب، وخصوصا أبناء مدينة كربلاء والنجف الاشرف في جهاده ضد الفرنسيين والأسبان، فقد كان لفرض فرنسا حمايتها على مراكش صدى ً واضحا ً في أرجاء الحوزة العلمية حيث شاع التذمر وأقيمت المظاهرات الاحتجاجية لنصرة مراكش، ألقيت فيها الخطب والكلمات والقصائد المعبرة عن رفض الشعب العراقي لأعمال فرنسا واسبانيا في المغرب، وقد استمرت مدينة النجف وكربلاء تؤيد نضال الشعب العربي في المغرب إلى ما بعد ثورة العشرين([54]).
وقد نشرت جريدة النجف مقالا ً تحت اسم مستعار فضحت فيه أساليب فرنسا الوحشية في التعامل مع أبناء الشعب العربي في المغرب حيث تقول : (أي ذنب جناه إخواننا الريفيون غير قيامهم ودعوتهم لتحرير أنفسهم من رق ّ عبودية الأسبان لهم ولا يكادون يزيلون الأسبان عنهم حتى قامت عليهم فرنسا الزاعمة إنها أعظم الدول تحدثاً ورقياً وانتصارا للإنسانية ودفاعا عنها بل هي الوحيدة بذلك بزعمها، فحملت على الريف بكل ما تملك من حول وطول وآلات وغازات وسموم حتى شقت البطون وقتلت الأطفال...) ([55])
كما نشرت الجريدة نفسها في (18 حزيران 1926) قصيدة للشيخ ورجل الدين محمد علي اليعقوبي بعنوان " بطل الريف " حيّا فيها الزعيم المغربي عبد الكريم الخطابي ونضاله الطويل ضد فرنسا واسبانيا حيث يقول :
يا بطل الريف عليك السلام |
|
في الحرب والسلم رعيت الذمام |
وفي قصيدة اخرى عكس الشاعر الروح القومية التي تملكت العراق حينما وصلت أخبار المقاومة العربية لمجاهدي الريف في المغرب فراح يكسب ذلك الشعور متمنيا مشاركتهم في جهادهم والاستشهاد على ارض المغرب، معبرا بذلك عن وحدة المصير العربي حيث يقول :
أحبائي على الريف |
|
لقد حن لكم قلبي |
كما كتب من شعراء النجف ومن رجال الحوزة العلمية الكثير من القصائد في نصرة الشعب العربي في المغرب معبرين بذلك عن عمق الرابطة القومية بين طرفي الوطن العربي رغم بعد المسافات ومنهم الشيخ محمد علي اليعقوبي، الشيخ محمد جواد الشبيبي، صالح الجعفري وكثيرين غيرهم. ([58])
موقف الحوزة العلمية من القضية الفلسطينية :
كانت المدن المقدسة خصوصا النجف وكربلاء في مقدمة المدن العربية التي أولت اهتماما كبيرا بقضايا العرب القومية يشكل عام وقضية فلسطين بشكل خاص، فقد تحسس رجال الدين بالخطر الصهيوني على الأمة العربية منذ صدور وعد بلفور (1917)، حيث اخذ الشعب العراقي بشكل عام ينشد لفلسطين، ويمد يد العون والمساعدة الى الشعب العربي الفلسطيني ماديا وأدبيا ويخصها بالعديد من التجمعات والاحتفالات العامة، حتى أصبح حديث فلسطين مادة الشاعر والأديب العراقي وحديث المجالس والتجمعات الدينية([59])
حينما تصاعدت حركة المقاومة العربية الفلسطينية في (آب 1929)، واتخذت طابع الثورة الواسعة، كان السبب المباشر لذلك ما يعرف بـ (حادثة البراق) وهي حادثة معروفة، انعكست أحداث الثورة في النجف و بين رجال الدين خصوصا ً، فاستنكر شعراؤها بقصائدهم أعمال الصهاينة ومساندة البريطانيين لهم، وحيوا إخوانهم العرب بالكثير منها، ومنها قصيدة الشاعر صالح الجعفري :
فلسطين هي ام الرزايا |
|
وهي اليوم سامة حربية |
وعند استشهاد الشيخ عز الدين القسام في (1935) أثناء أحدى المعارك مع القوات الصهيونية في فلسطين، كان لهذا الحادث الأثر الكبير في أروقة الحوزة العلمية في النجف وكربلاء، فأقيمت مظاهرة ألقيت فيها الخطب الحماسية الوطنية التي تندد بالاستعمار البريطاني والوجود الصهيوني في فلسطين([61]).
وحينما تأسست (جمعية الدفاع عن فلسطين) في بغداد عام (1936) برئاسة العميد طه الهاشمي، زار وفد منها تشكل من محمد مهدي كبة، وسعيد الحاج ثابت، وعيسى طه، كربلاء والنجف، واجتمعوا برجال الدين وحصلوا من الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، وغيره من رجال الدين على الفتاوى التي تلزم المسلمين بالجهاد لنصرة فلسطين وبذل النفس والمال في سبيل ذلك([62]).
وعلى اثر قرار (لجنة بل) بتقسيم فلسطين الى ثلاث مناطق عربية ويهودية وبريطانية، عقدت الحوزة العلمية بجميع مراجعها العظام العديد من الاجتماعات في النجف وكربلاء المقدسة أسفرت عن تقديم الاحتجاجات البرقية الى ملوك العرب والإسلام من قبل رجال الدين والشخصيات الوطنية، وكلها تستنكر بأشد لهجة فكرة التقسيم وتطالب بالتدخل في هذه القضية التي شغلت العرب والمسلمين. كما تقرر اعتبار يوم (26 تموز 1937) يوم فلسطين في كربلاء والنجف حيث أضربت المدينتان بالكامل وخرجت المظاهرات العامة إلى الأضرحة المقدسة وكلها تهتف لفلسطين وعروبة فلسطين وتستنكر التقسيم الذي جاءت به بريطانيا([63]).
كما نشرت مجلة الاعتدال في عدد شهر آب (1937) مقالة افتتاحية بعنوان (يوم فلسطين المشهود في النجف المقدسة) تطرقت فيه إلى مظاهرات رجال الدين التي خصصوها لوطنهم الثاني فلسطين، وأشادت بالموقف القومي لهم، كما نشرت العديد من القصائد والخطب التي ألقيت في الصحن الشريف([64])
كما نشرت مجلة الهاتف في افتتاحيتها مقالة بعنوان (محنة فلسطين والنجف) وعت فيه ابناء البلاد إلى دعم مجاهدي فلسطين ماديا لأعانتهم على جهادهم المقدس وقالت ان التظاهر والاحتجاج لا يكفي([65]).
وعند وصول (اللجنة الفنية للتقسيم) برئاسة جون ووهيد إلى فلسطين في عام (1939) اضرب السكان العرب في فلسطين رافضين كل مشروع يرمي (إلى أقامة دولة لليهود) واحتل الثوار الفلسطينيون مواقعهم في مدينة القدس القديمة للدفاع عنها كما تم تأليف (مجلس القيادة الأعلى) للثورة وتقرر الاستمرار في الكفاح الفلسطيني وتعميم الثورة لتشمل كل فلسطين.
وهنا أضافت المدن المقدسة يوما آخر لأيامها الفلسطينية حيث تجلى الشعور القومي الثائر حين اعتبر يوم (16- مايس 1938) يوما فلسطينيا فأضربت مدينة كربلاء برمتها و أغلقت الأسواق وعطلت المدارس واجتمع العلماء والزعماء والشباب وتظاهروا محتجين على ما يجري في فلسطين وهم يهتفون بحياة الأمة وحياة فلسطين وفي ختام التظاهرة أبرق الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء إلى مفتي القدس أمين الحسيني والمندوب السامي) هاجت مدينة كربلاء والنجف الاشرف لفكرة التقسيم المشؤومة، يطلبون منا فتاوى الجهاد الديني، نشكر جهودكم وبسالة عرب فلسطين المجاهدين دام النصر لهم).
كما أبرق الشيخ عبد الكريم الجزائري الى الملك غازي يقول (...أن بلاد ثاني ألحرمين فلسطين البلاد المقدسة الإسلامية تستنجد بملوك الإسلام مما حل بها من الاضطهاد والتنكيل وعزم تقسيمها على مشردي الآفاق الصهيونيين الأمر الذي أزعج الإسلام والعرب فالنجدة والغوث لأبنائكم العرب وبلادكم بلاد الإسلام والله ناصركم) ([66])
وفي (28 تشرين الأول 1938) احتجت النجف الاشرف بجميع حوزاتها الدينية وشرائحها الاجتماعية على سعي الصهيونية العالمية لدفع الحكومة الأمريكية للتدخل في فلسطين والتزام جانب الصهاينة فيها حيث بعثت العديد من الهيئات والشخصيات النجفية رسائل احتجاج الى السفير الأمريكي في بغداد لابلاغ حكومته عن سخطهم للمحاولات الصهيونية لجر الحكومة الأمريكية الى جانبهم، وجاء في برقية (جمعية الرابطة العلمية والأدبية) (ان على أمريكا ان تعلم ان بلاد العرب للعرب كما هي أمريكا للأمريكيين) ([67])
كما أرسل الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء كتابا الى اللجنة العليا لجمعية الدفاع عن فلسطين في بغداد، استنكر فيه أعمال الانكليز والصهاينة في فلسطين ودعى ملوك العرب والمسلمين إلى ان يكونوا كصلاح الدين ورجالات العرب الفاتحين، كما خاطب المسلمين بوجوب نصرة مجاهدي فلسطين، وختم كتابه بتحية نضال مجاهدي فلسطين، وصمودهم أمام الأعداء([68]).
وأشارت جريدة العالم العربي في (12 تشرين الثاني 1938) إلى ان جمعية الدفاع عن فلسطين في العراق / فرع كربلاء، قامت بعدة نشاطات منها جمع التبرعات وإقامة المهرجانات الأدبية، وعندما قام مفتي القدس الحاج محمد أمين الحسيني بزيارة بغداد، أبدى أهالي كربلاء والنجف استعدادهم للتضحية من اجل فلسطين أثناء مقابلة الوفد الذي كان برئاسة الشيخ عبد الرسول كاشف الغطاء الذي زار الحسيني في بغداد([69]).
الخاتمة
من خلال دراسة المواقف التي لتخذتها الحوزة العلمية في النجف وكربلاء تجاه القضايا العربية بين عامي 1925 – 1956 م توصل الباحث إلى ان الحوزة العلمية كمؤسسة دينية لها أهميتها الخاصة ومكانتها المتميزة في العراق والعالم العربي. حيث ساهمت بشكل فعال في رسم صورة الحدث السياسي في العراق وشاركت في جميع الأحداث العربية والإسلامية الرامية للتحرير والاستقلال.
كما كان لوجود هذه المؤسسة في مدينة كربلاء والنجف قد دفع رجال الحركة الوطنية والقومية للتنسيق مع رجال الدين في إصدار الفتاوى التي تحرم تدنيس الأراضي الإسلامية من قبل الاستعمار الأجنبي. حيث امتزج الشعور الوطني بالشعور القومي والإنساني لتشكيل النشاط السياسي في المدن المقدسة ولم يقف عند الحدود الإقليمية للعراق، بل تعداه إلى الأقطار العربية والإسلامية فكانت الحوزة العلمية خير نصير للشعوب المناهضة للاستعمار والصهيونية والعبودية، فثارت المدن المقدسة بفعل رجال الدين مرات ومرات وضحت بالكثير من أبنائها دفاعا عن كرامة الوطن وحريته وحفاظاً على أصالة الرسالة الإسلامية.
والخلاصة.. لابد من القول ان انتشار الوعي والثقافة وكثرة الاجتماعات بين صفوف رجال الحوزة العلمية، أسهم بشكل فاعل في إظهار دور هذه المؤسسة السياسي على مستوى الوطن والعالم الإسلامي.
المصادر
أولا ً : المخطوطات :
حسن عيسى الحكيم : مفصل تاريخ مدينة النجف، مخطوط محفوظ في خزانة مؤلفه في النجف الاشرف.
ثانيا ً : الرسائل الجامعية :
- صباح مهدي ويّس الدليمي، الثورة السورية الكبرى وموقف الرأي العام العراقي منها 1925 – 1927، رسالة ماجستير غير منشورة، مقدمة الى كلية الاداب / جامعة بغداد، 1989.
- عبد الستار علو الجنابي، تاريخ النجف السياسي، 1921- 1941، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة الى كلية الآداب جامعة الكوفة، 1997.
- مليحة عزيز حسون الدعمي، الحس القومي في الشعر النجفي المعاصر 1920 – 1970، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية التربية للبنات / جامعة الكوفة 1995.
ثالثا ً : الكتب :
- إبراهيم خليل احمد، تاريخ الوطن العربي الحديث والمعاصر، (الموصل 1989).
- إنعام مهدي علي السلمان، حكم الشيخ خزعل في الاهواز، 1897 – 1925، (بغداد 1985).
- جعفر باقر محبوبة، ماضي النجف وحاضرها، ط2، (النجف : مطبعة الآداب، 1958).
- جعفر الخليلي، هكذا عرفتهم، ج1 (بغداد : دار التعارف، 1963)
- حسن الحكيم، مذكراتي صفحات من تاريخ سورية الحديث 1920 – 1958 (بيروت، دار الكتاب الجديد، 1965)
- محمد امين دوغان، الحقيقة كما رأيتها في العراق، (بيروت، دار الشعب، 1962).
- محمد مهدي كية، مذكراتي في صميم الإحداث 1918 – 1958، (بيروت، دار الطليعة، 1965).
- مصطفى عبد القادر النجار، التاريخ السياسي لأمارة عربستان العربية 1897 – 1925، القاهرة، دار التعارف، 1971).
رابعا : الصحف والمجلات :
جريدة الاستقلال.
جريدة العالم العربي
جريدة العراق
جريدة الاعتدال
مجلة الهاتف.
([1]) راجع أدب المرأة العراقية، بدوي احمد طبانه، دار العلم - القاهرة - 1948.
و المرأة في الشعر الجاهلي وعلي الهاشمي – ط1 – بغداد – 1960.
و صورة المرأة في الأدب العربي – د. داود سلوم – حلقة دراسية – بغداد – 1978.
و الغزل، لجنة من الأدباء العرب، دار المعارف – القاهرة – لات.
و المرأة في شعر السياب، فرح غانم صالح – دار الشؤون الثقافية – ط1 – بغداد – 2008.
([2]) معجم الشعراء العراقيين د. جعفر صادق ج2 – نجف – 2008: 58.
([3]) المرأة في شعر السياب، فرح غانم صالح – ط1 – بغداد – 2008: 9.
([4]) بدر شاكر السياب، الأعمال الكاملة – دار الحرية – بغداد – 2000: 387.
(*) خالد الشواف، شاعر عراقي ولد في بغداد 1924، راجع شعراء عراقيون، منذر الجبوري – ط1 – بغداد – الات: 21.
([5]) بدر شاكر السياب، عيسى بلاطه، ط4 – دار الشؤون – بغداد – 1971: 142،218.
([6]) بدر شاكر السياب حياته وشعره: 218.
([7]) م.ن، الآثار الشعرية الكاملة: 46.
([8]) بدر شاكر السياب، الآثار الشعرية الكاملة: 46.
([9]) م. ن، الآثار الشعرية الكاملة: 144.
([10]) م.ن، الآثار الشعرية الكاملة: 321.
([11]) بدر شاكر السياب، الأعمال الشعرية الكاملة: 123.
([12]) م. ن، ج1-2 – ناجي علوش – دار العودة – بيروت -1971: 14.
([13]) م. ن – دراسة فنية – حسن توفيق – ط1 – بيروت – 1979:48.
([14]) م. ن: دراسة فنية – حسن توفيق – ط1 – بيروت – 1979:73.
([15]) م. ن: الأعمال الشعرية الكاملة: 433.
([16]) رسائل السياب – ماجد السامرائي – بيروت – 1975: 20.
([17]) بدر شاكر السياب – حسن توفيق : 52.
([18]) إقبال زوجة الشاعر، واسمها إقبال طه عبد الجليل، خريجة دار المعلمات في البصرة، راجع رسائل السياب، ماجد السامرائي – بيروت في 1975:152.
([19]) بدر شاكر السياب – الأعمال الكاملة – دار الحرية – ط3 – بغداد – 2000:136.
([20]) بدر شاكر السياب – دار الحرية – بغداد – 2000: 385.
([21])بدر شاكر السياب – دار الحرية – بغداد – 2000: 333.
([22]) ديوان الشعر العربي في القرن العشرين – راضي صندوق – ج1 – ط1 – بيروت – 1994: 343.
([23]) بدر شاكر السياب – دار العودة: 420- 424- 494.
([24]) رسائل السياب – ماجد السامرائي – ط1 – بيروت – 1975:
([25]) بدر شاكر السياب: الأعمال الكاملة: 43.
([26]) م. ن: 48
([27]) شعر بدر شاكر السياب – حسن توفيق: 138-146.
[28] بدر شاكر السياب – حياته وشعره – عيسى بلاطة: 136.
(*) لعلها الشاعرة لميعة عباس عمارة، ولدت عام 1929 في بغداد، راجع شعراء عراقيون: 134.
([29]) شعر بدر شاكر السياب – حسن توفيق: 148.
([30])شعر بدر شاكر السياب – حسن توفيق: 56 – 57.
([31]) شعر بدر شاكر السياب – حسن توفيق: 148.
([32]) بدر شاكر السياب – الأعمال الشعرية: 85.
([33]) م. ن: 80.
([34]) رسائل السياب – ماجد السامرائي – بيروت – 1975: 85.
([35]) م. ن: 68.
[36]- في (14-تموز1920) وجه الجنرال الفرنسي غورو إنذارا شديد اللهجة الى الملك فيصل الأول وعلى الرغم من قبول الملك فيصل وحكومته هذا الإنذار إلا أن ذلك لم يوقف زحف غورو وإصراره على احتلال دمشق حيث جرت معركة ميسلون التي انتهت باحتلال القوات الفرنسية لدمشق وإنهاء الحكم العربي فيها
[37]- كان من أسباب اندلاع الثورة السورية الكبرى فرض الانتداب الفرنسي بالقوة، العسكرية المباشرة وسوء الإدارة الفرنسية، وخنق حرية التعبير والرأي. انظر: سلامه عبيد، الثورة السورية في ضوء وثائق لم تنشر، (بيروت/1971) ؛ إحسان هندي؛ كفاح الشعب السوري, (دمشق/1962) ذوقان قرقوط ؛ تطور الحركة الوطنية في سوريا (1920-1929)، (بيروت/1975).
[38]- انظر صباح مهدي ويس الدليمي، الثورة السورية الكبرى وموقف الرأي العام العراقي منها (1925-1927) رسالة ماجستير غير منشوره مقدمه إلى كلية الآداب/جامعة بغداد/1989, ص162-165.
[39]- صباح مهدي ويس الدليمي، المصدر السابق، ص166-167.
[40]- اما باقي الاعضاء منهم، نعمان الاعظمي، جعفر ابو التمن، عبد الحميد كنه، ياسين الخضيري، عبد اللطيف حلمي، شقيق ثوري، قاسم العلوي، عبد الغفور البدري، داود السعدي، احمد سمينه، ابراهيم حلمي، صادق حبه، علي محمود، مجيد مكيه، جريدة العراق (13-تشرين الاول 1925).
[41]- جريدة العالم العربي ؛(30 تشرين الاول 1925).
[42]- جريدة النجف، 14-27 كانون الثاني 1927.
[43]- المصدر نفسه.
[44]- جريدة النجف، 14-27 كانون الثاني 1927.
[45]- حسن الحكيم، مذكراتي صفحات من تاريخ سوريه الحديث (1920-1958). (بيروت, دار الكتاب الجديد، 1965)، ص 383.
[46]- جعفر الخليلي، هكذا عرفتهم، ج1، ص 373- 374.
[47]- ومنهم عبد المحسن الخاقاني، عبد الحميد بن عباس الخاقاني، سعيد بن هاشم، علوان بن سيد شرف، عبد الله الحاج صلبوخ، منصور بن عباس, جاسم بن الحاج ناصر...
[48]- مصطفى عبد القادر النجار، التاريخ السياسي لإمارة عرب استان, 1897-1925 (القاهرة، دار التعارف، 1971)، ص 254.
[49]- حسن عيسى الحكيم، مفصل تأريخ مدينة النجف، مخطوط لدى مؤلفه في النجف ورقه 361-362.
[50]- جعفر محبوبه ماضي النجف وحاضرها، ط2، (النجف/ مطبعة الأدب، 1958), ص254.
[51]- إنعام مهدي علي السلمان، حكم الشيخ خزعل في الاحواز، 1897-1925، (بغداد/1985)، ص 184-186.
[52]- حسن عيسى الحكيم، المصدر السابق، ورقه 162.
[53]- إبراهيم خليل أحمد، تاريخ الوطن العربي الحديث والمعاصر، (الموصل / 1988)، ص232.
[54]- ينظر : حسن عيسى الحكيم، مصدر سابق، ورقة 349.
[55]- جريدة النجف، العدد25، السنة 1925.
[56]- المصدر نفسه، 18 حزيران 1926.
[57]- مليحة عزيز حسون الدعمي، الحس القومي في الشعر النجفي المعاصر، 1920 – 1970، رسالة دكتوراه غير منشورة مقدمة الى كلية التربية للبنات، جامعة الكوفة، 1995، ص134.
[58]- قامت جمعية الرابطة العلمية والأدبية في كربلاء والنجف بجمع هذه القصائد وإصدارها في ديوان خاص أسمته (جهاد المغرب العربي) وقد صدر الديوان عام 1975 عند زيارة الملك محمد الخامس لمدينة النجف. حسن عيسى الحكيم، المصدر السابق، ورقة 350.
[59]- ان الشعر العربي النجفي الذي قيل في فلسطين لو تسنى له ان يجمع سواء ً المطبوع منه او المخطوط، لكان يمكن ان يشكل ديوانا ضخما يتعذر على اي مدينة عربية ان تنتج مثله.
[60]- عبد الستار علو الجنابي، تاريخ النجف السياسي، 1921 – 1941، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة الى كلية الاداب جامعة الكوفة، 1997، ص153.
[61]- حسن عيسى الحكيم، مصدر سابق، الورقة، 363.
[62]- محمد مهدي كيه، مذكراتي في صميم الأحداث 1918 – 1958، بيروت، دار الطليعة 1965، ص 59 – 60.
[63]- مجلة الاعتدال، آب، 1937.
[64]- مجلة الهاتف، 28 آب، 1937.
[65]- المصدر نفسه.
[66]- مجلة الهاتف النجفية، 20 مايس, 1938.
[67]- مجلة الهاتف النجفية، 4 تشرين الثاني، 1938.
[68]- المصدر السابق، 12 تشرين الثاني 1938.
[69]- جريدة العالم العربي، 12 تشرين الثاني 1938، حسن عيسى الحكيم، المصدر نفسه، ورقة 363.