<p>بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين ..... وبعد:</p>
<p>الأمة التي تؤمن بالإسلام، وتعتقد بالقرآن، وتؤمن بوعد الله تلك هي الأمة التي تؤمن بنصر الله (ولينصرن الله من ينصره)، هذه الأمة تمتلك القدرات والشباب المتزودين بسلاح الإيمان وهو سلاح قوي. يدخل الرعب على قلوب القوى الاستكبارية التي ترى إنها في مواجهة مع الإسلام , فهم يخشون الإسلام ويعدّونه خطراً يهدّد مصالحهم, لان الإسلام المحمدي يمثل خطرا حقيقيا للأنظمة التي تقوم على أُسس الظلم والفساد، لما ينطوي عليه من رفض للفساد في محيط الحياة البشرية. فكل هذه الجبهة العريضة من قوى الفساد والشرّ متمثلة بالفكر التكفيري الضال والمنحرف تناهض الإسلام الحقيقي، وليس أمام مثل هذا الإسلام إلاّ أن يترقب عداء القوى الكبرى، فهؤلاء يسعون دائماً ليصوروا عدم فاعلية النظام الإسلامي وبث اليأس في القلوب من النظام الديني، أو تشويه صورته من خلال بعض الافكار المنحرفة. حيث أن الإيمان العميق في النفوس أكبر سد في طريقهم العدواني، وفي كلّ مرّة ينكشف فيها وجه الإسلام الحقيقي ترى الدنيا تصطف لمواجهته، بأشكال العداوة الشديدة، وضروب البغض العميق، وأنواع الخيانات.</p>
<p>هذه المعادلة مطّردة في مسار الإسلام منذ اليوم الأول حتى هذه اللحظة، لذا فان المؤامرات والمخططات قائمة على قدم وساق للقضاء على الاسلام والمسلمين.</p>
<p> </p>
<p>وهذا في الواقع ما يفسّر لنا سلوك جميع القوى العالمية اليوم، في مواجهتها لتجليات الإسلام ومظاهره، بأقسى ما تكون أساليب المواجهة وأعنفها. فكل ملل الكفر والإلحاد والشرك على الرغم من التناقضات الصارخة بينها والصراعات الموهومة الحاصلة بين صفوفها... فهي تلتقي يدا واحدة وفكرا واحدا وصفا واحدا عند الكيد للإسلام والتآمر على أنصاره وهذه حقيقة لم تغب ولن تغيب عن وعي الإسلاميين ما لم تفتر علاقتهم بكتاب الله الخالد وما لم يتلبّد فهمهم لمحكم آياته.</p>
<p>حينما ننظر إلى مرحلة الدعوة في مكة، نرى إن أنواع العداوة والبغضاء وضروب المكر قد اصطفت في مواجهة النبي العظيم (ص) ودعوته وانطلقت من قبل القوى الهمجية الشريرة. وفي مرحلة الدعوة في المدينة لنا أن نلاحظ أشكال العداوة ومقدار ما تمثله المواجهة البغيضة من دموية. لقد اصطفت هذه القوى جميعاً، وتكاتفت لتدمير الإسلام ونبيه، واتحدت كلمتهم وأصبحوا يداً واحدة، ووقف الإسلام في مواجهة هؤلاء وحيداً. وحين آل الأمر إلى سلطان بني أُمية، رأينا حملة الإسلام المحمدي عرضة لألوان الضغط وصنوف التضييق وضروب مختلفة من الملاحقة والتعذيب، فضلا عن محاولة التكفير. والصور المأساوية لواقعة الطف خير دليل على بشاعة واجرام البيت الاموي.</p>
<p>وتمثل شخصية الإمام الحسين (عليه السلام) رمزاً للأنموذج الثوري، وواقعة الطف وما دار فيها من مواقف، ثم استشهاده (ع) وطريقة مقتله واهل بيته واصحابه (عليهم السلام)، إنما يمثل أنموذجا درامياً لأبشع صور الارهاب والظلم. وقد اصبحت شخصية الإمام الحسين (عليه السلام) إلهاما للشعوب التي تنشد الحرية والكرامة، ولم يعد مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) موضوع بكاء فحسب، وإنما أصبح موضوع تأمل، وتوظيف لخلق حالة من الوعي في نفوس الناس تستمد قوتها من صلابة موقف الإمام في كربلاء. وهذا الأمر لم يكن حكرا على امة دون أخرى، أو حكرا على الفن والأدب، بل تعداها إلى ميادين الفلسفة والفكر والسياسة. ومن هنا كان لابد من قراءة جديدة لمعطيات هذه الواقعة الخالدة واستلهام دروسها في مواجهة التحديات التي تواجه</p>