النظام القانوني للوكيل الإلكتروني دراسة مقارنة
يشهد العالم وبشكل كبير تطوراً هائلاً ومتسارعاً في تكنولوجيا عالم الاتصالات حتى أصبحت وسائل الأتصال الحديثة وعلى رأسها الأنترنت وسائل لا يمكن الاستغناء عنها، ويرجع ذلك للتطور الهائل في شبكات الأتصال، وبفضل ذلك زالت الحدود الجغرافية وظهر مصطلح الوكيل الإلكتروني المؤتمت( ) في المعاملات الإلكترونية حيث أصبح من الممكن إبرام العقد بين إنسان وماكنة أو بين ماكنة وآخرى عن طريق البرمجة المسبقة لجهاز الكومبيوتر وإعداده للقيام بإبرام العقود والصفقات، وهذا يعني أن العقد بمفهومه التقليدي يبرم بين إنسان وإنسان آخر ويخضع التعامل الخاص به إلى القواعد العامة في العقد الأمر الذي يثير التساؤل عن مدى إمكانية تطبيق تلك القواعد على الوكيل الإلكتروني الذي تتم المعاملات من خلاله دون تدخل أي عنصر بشري أو أن التعاقد من خلال الوكيل الإلكتروني يخضع لقواعد خاصة بالبيئة الإلكترونية وما هي تلك القواعد إن وجدت
محتويات البحث
المقدمة
المبحث الأول: تعريف الوكيل الإلكتروني وتمييزه عن الوكيل العادي
المطلب الأول: تعريف الوكيل الإلكتروني
المطلب الثاني: تمييز الوكيل الإلكتروني عن الوكيل العادي
أولاً: من حيث طبيعة الوكالة
ثانياً: من حيث نشوء كل منهما
ثالثاً: من حيث توافر نية التعاقد
رابعاً: من حيث مدى مجاوزة حدود الوكالة
خامساً: من حيث أشكال التعاقد
المبحث الثاني: نطاق عمل الوكيل الإلكتروني
المطلب الأول: التصرفات القانونية التي يباشرها الوكيل الإلكتروني
المطلب الثاني: التصرفات القانونية المستثناة من نطاق عمل الوكيل الإلكتروني.
المبحث الثالث: مسؤولية الوكيل الإلكتروني
الخاتمة
قائمة المراجع
المقدمـة
يشهد العالم وبشكل كبير تطوراً هائلاً ومتسارعاً في تكنولوجيا عالم الاتصالات حتى أصبحت وسائل الأتصال الحديثة وعلى رأسها الأنترنت وسائل لا يمكن الاستغناء عنها، ويرجع ذلك للتطور الهائل في شبكات الأتصال، وبفضل ذلك زالت الحدود الجغرافية وظهر مصطلح الوكيل الإلكتروني المؤتمت([1]) في المعاملات الإلكترونية حيث أصبح من الممكن إبرام العقد بين إنسان وماكنة أو بين ماكنة وآخرى عن طريق البرمجة المسبقة لجهاز الكومبيوتر وإعداده للقيام بإبرام العقود والصفقات، وهذا يعني أن العقد بمفهومه التقليدي يبرم بين إنسان وإنسان آخر ويخضع التعامل الخاص به إلى القواعد العامة في العقد الأمر الذي يثير التساؤل عن مدى إمكانية تطبيق تلك القواعد على الوكيل الإلكتروني الذي تتم المعاملات من خلاله دون تدخل أي عنصر بشري أو أن التعاقد من خلال الوكيل الإلكتروني يخضع لقواعد خاصة بالبيئة الإلكترونية وما هي تلك القواعد إن وجدت، فضلاً عن التساؤل حول مصطلح الوكيل الإلكتروني نفسه من حيث وضع تعريف جامع مانع له وهل يختلف عن الوكيل العادي؟ الأمر الذي يقتضي التمييز بينهما من حيث طبيعة الوكالة ونشوءها وتوافر نية التعاقد ومدى إمكانية مجاوزة حدود الوكالة فضلاً عن إشكال التعاقد بواسطة الوكيل الإلكتروني وكيفية إعداده كما يثور التساؤل حول التصرفات القانونية التي يباشرها الوكيل الإلكتروني والسند القانوني لها، وهل توجد تصرفات قانونية مستثناة من نطاق عمل الوكيل الإلكتروني، وأخيراً التساؤل عن المسؤولية القانونية للوكيل الإلكتروني وكيفية التخلص منها.
إن هذه التساؤلات هي تساؤلات متصورة، إذ لا يخفى علينا أن إبرام المعاملات إلكترونياً عن طريق الوكيل الإلكتروني هو مرحلة جديدة على رجال القانون، فضلاً عن ذلك أن القواعد التقليدية ليست كافية للإجابة عن كل هذه التساؤلات ووضع الحلول لها دون السماح للقواعد الخاصة بالتجارة الإلكترونية من ممارسة دورها في هذا المجال.
سيكون منهجي في بحث النظام القانوني للوكيل الإلكتروني هو المنهج المقارن، وذلك بعرض المسألة محل البحث وتحليلها ومناقشتها في ضوء التشريعات المقارنة التي تعالجها - إن وجدت - من جهة، وآراء فقهاء القانون المدني من جهة أخرى، وبيان رأيي في ذلك عند الأقتضاء.
وفي ضوء ذلك سوف نقسم هذا البحث إلى ثلاثة مباحث نتناول في المبحث الأول تعريف الوكيل الإلكتروني وتمييزه عن الوكيل العادي وفي المبحث الثاني نتناول نطاق عمل الوكيل الإلكتروني لينتهي بنا المطاف في المبحث الثالث والذي خصصناه لمسؤولية الوكيل الإلكتروني.
المبحث الأول
تعريف الوكيل الإلكتروني وتمييزه عن الوكيل العادي
هناك العديد من التعريفات للوكيل الإلكتروني ولذا يقتضي الأمر استعراض تلك التعريفات ومناقشتها للوصول إلى تعريف جامع مانع للوكيل الإلكتروني ثم نعرج بعد ذلك إلى تمييز الوكيل الإلكتروني عن الوكيل العادي وعليه سوف نتناول تعريف الوكيل الإلكتروني في مطلب ثم نتاول في مطلب ثان تمييز الوكيل الإلكتروني عن الوكيل العادي.
المطلب الأول:تعريف الوكيل الإلكتروني
أختلفت قوانين التجارة الإلكترونية في تعريفها للوكيل الإلكتروني حيث عرف القانون الكندي الموحد للتجارة الإلكترونية لسنة 1999 الوكيل الإلكتروني بأنه: (برنامج حاسوبي أو إلكتروني أو أية وسيلة إلكترونية أخرى أعد لكي يبدأ عملاً أو الرد على التسجيلات الإلكترونية أو أداء معين بصفة كلية أو جزئية بدون الرجوع إلى شخص طبيعي)([2])، ويقترب هذا التعريف من التعريف الذي أورده القانون التجاري الأمريكي الموحد في المادة الثانية منه والقانون الأمريكي الموحد للمعاملات الإلكترونية في المادة (2/6) من القسم رقم (401) حيث عرفا الوكيل الإلكتروني بأنه (برنامج حاسوبي أو إلكتروني أو أية وسيلة إلكترونية أخرى أعد لكي يبدأ عملاً أو الرد على تسجيلات إلكترونية أو أداء معين بصفة كلية أو جزئية بدون الرجوع إلى شخص طبيعي)([3]).
ويبدو أن هذا التعريف للوكيل الإلكتروني يتقارب مع التعريف السابق من حيث وصفه للوكيل الإلكتروني بأنه برنامج حاسوبي وقد ورد تعريف برنامج الكومبيوتر في القانون التجاري الأمريكي الموحد حيث عرف هذا القانون برنامج الكومبيوتر بأنه: (مجموعة من الأرشادات أو التعليمات التي تستخدم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في معالجة المعلومات التي تحدث نتيجة معينة)، كما عرف هذا القانون مصطلح إلكتروني بأنه: (تقنية كهربية أو رقمية أو مغناطيسية أو بصرية أو إلكترومغناطيسية أو أي شكل آخر من أشكال التكنولوجيا يضم إمكانيات مماثلة لتلك التقنيات).
وقد عرف قانون إمارة دبي للمعاملات الإلكترونية الوكيل الإلكتروني المؤتمت([4]) بأنه: (برنامج أو نظام إلكتروني لحاسب آلي يمكن أن يتصرف أو يستجيب لتصرف بشكل مستقل كلياً أو جزئياً دون إشراف أي شخص طبيعي في الوقت الذي يتم فيه التصرف أو الإستجابة له).
وعليه يمكن تعريف الوكيل الإلكتروني بأنه: (برنامج حاسوبي أو للأستجابة كلياً او جزئياً لرسائل بيانات دون تدخل شخص طبيعي في كل مرة يقوم فيها النظام بعمل أو الإستجابة له).
إن تعريف الوكيل الإلكتروني بهذه الصورة يؤدي إلى اختلافه عن الوكيل العادي، الأمر الذي يستلزم التمييز بينهما.
المطلب الثاني:تمييز الوكيل الإلكتروني عن الوكيل العادي
لا يختلف الإلتزام المترتب على الوكيل الإلكتروني عن الإلتزام المترتب على الوكيل العادي من حيث إلتزام كل منهما بتنفيذ الوكالة، فضلاً عن عدم اختلافهما في إنصراف آثار التصرفات القانونية التي يقوم بها كل منهما إلى ذمة الموكل، ولكن مع ذلك توجد ثمة اختلافات بينهما يمكن أيضاحها فيما يأتي:
أولاً: من حيث طبيعة الوكالة
إذا كانت الوكالة صريحة او ضمنية بالنسبة للوكيل العادي فأنها لا تكون إلا صريحة بالنسبة للوكيل الإلكتروني حيث أن الأخير ما هو إلا كومبيوتر مبرمج مسبقاً([5]).
ثانياً: من حيث نشوء كل منهما
تنشأ الوكالة العادية من خلال أتفاق بينه وبين الموكل بموجبه يقيم الموكل بتوكيل غيره في تصرفات قانونية جائزة معلومة([6]).
أما الوكيل الإلكتروني فينشأ من خلال قرار يتخذ بواسطة إنسان لبرمجة كومبيوتر للرد بطريقة معينة، وهذا يعني أن هناك إنسان طبيعي سواء أكان أصيلاً عن نفسه أم ممثلاً قانونياً عن شخص معنوي يتخذ قراراً بأرادته بتجهيز وإعداد وكيل إلكتروني للقيام بعمليات إلكترونية تتضمن إبرام تصرفات قانونية لحساب الموكل إذ يقوم المبرمج ببرمجة الكومبيوتر للرد حسب القرار السابق اتخاذه([7]).
ثالثاً: من حيث توافر نية التعاقد
يقوم الوكيل العادي بإبرام التصرفات القانونية الموكولة إليه بتلاقي إرادته مع الطرف الآخر في التصرف القانوني بنية إحداث أثر قانوني([8]).
أما بالنسبة للوكيل الإلكتروني فأن النية لإنشاء علاقة تعاقدية تنشأ وتتكون لدى الأطراف المتعاقدة من القرار الخاص ببرمجة جهاز الكومبيوتر بطريقة معينة، وذلك لأن الكومبيوتر المبرمج مسبقاً بنية عمل إيجاب أو قبول يدل دلالة قاطعة على نية الأطراف في إبرام العقد، فإذا كان قد تم برمجة الكومبيوتر لإصدار إيجاب أو قبول وفقاً لشروط محددة فأن هذا يعني بوضوح توافر النية لإنشاء علاقة قانونية من جهة الطرف الذي استخدم جهاز الكومبيوتر([9])، ووفقاً لذلك أجاز القانون الأمريكي للمعاملات التجارية الإلكترونية إمكانية إبرام العقد بواسطة الكومبيوتر وإعداده للتعامل من خلاله، وهذا ما ذهب إليه القانون البحريني للمعاملات الإلكترونية حيث نص على أنه: (يجوز صياغة عقد عن طريق تواصل ما بين وكيل إلكتروني وشخص ما أو من خلال تفاعل وكلاء إلكترونيين)([10]).
وقد حاول رأي في الفقه([11]) تسويغ إمكانية تحقق الإرادة التعاقدية لدى الوكيل الإلكتروني وذلك بمنح الشخصية القانونية وما يتبعها من آهلية قانونية للوكيل الإلكتروني ولكن لا يمكن تصور هذا الرأي لأن من يتمتع بالشخصية القانونية يتمتع بالذمة المالية والآهلية القانونية([12])، ولا يتمتع الوكيل الإلكتروني بذلك ومن ثم لا تكون له شخصية قانونية.
رابعاً: من حيث مدى مجاوزة حدود الوكالة
إذا كان البرنامج الحاسوبي يعمل حسب المعلومات التي يتم تزويده بها حيث أن الكومبيوتر يقوم بالرد بطريقة تتفق مع الكيفية التي تمت البرمجة عليها، وبذلك فهو لا يحاور أو يفاوض الطرف الآخر سواء أكان كومبيوتر آخر أم شخص طبيعي([13])، وعليه فعمل الكومبيوتر لا يتجاوز ما تم برمجته، وهذا يخالف إلتزام الوكيل العادي الذي يلتزم بعدم مجاوزة حدود الوكالة كأصل عام إلا أنه يتجاوز ذلك استثناءاً([14]) في حالة جهل الوكيل ومن يتعاقد معه بإنقضاء وقت الوكالة حيث يضاف التصرف القانوني حقاً كان أو إلتزاماُ إلى ذمة الموكل وهذا ما نصت عليه المادة (948) من القانون المدني العراقي بنصها: (لا يحتج بانتهاء الوكالة على الغير الحسن النية الذي تعاقد مع الوكيل قبل علمه بأنتهائها).
وكذلك يجوز للوكيل العادي أن يخرج عن حدود الوكالة في حالة استحالة الوكيل إخطار الموكل سلفاً بأضطراره إلى تجاوز حدود الوكالة وكانت الظروف يغلب معها الظن بأن الموكل ما كان إلا ليوافق على هذا التصرف وهذا ما نصت عليه المادة (993) من القانون المدني العراقي بنصها: (على الوكيل تنفيذ الوكالة دون مجاوزة حدودها المرسومة، على أنه لا حرج عليه إذا خرج في تصرفه عن هذه الحدود، متى كان من المتعذر عليه أخطار الموكل سلفاً وكانت الظروف يغلب معها الظن بأن الموكل ما كان إلا ليوافق على هذه التصرفات، وعلى الوكيل في هذه الحالة، أن يبادر بإبلاغ الموكل بما جاوز حدود الوكالة).
مع ملاحظة أن مجاوزة التصرف القانوني في غير هاتين الحالتين يبقى موقوفاً على إجازة الموكل والإجازة اللاحقة بحكم الوكالة السابقة([15]). ويلاحظ أنه بالرغم من عدم مجاوزة الوكيل الإلكتروني لحدود وكالته إلا أنه يعاب عليه بأن يتم شراء السلع أو الخدمات المبرمج على شرائها بالرغم من عدم اتفاقها مع ذوق العميل مع العلم أن تلك السلعة أو الخدمة تكون مطابقة للشروط الموضوعة في جهاز الكومبيوتر الأمر الذي لا يتصور وجوده في حالة التعاقد مع الوكيل العادي حيث يكون للمتعامل مع الوكيل العادي حرية الاختيار في رفض أو قبول البضاعة بحيث لا يقدم على التصرف إلا إذا كانت البضاعة تتفق مع ذوقه، كما أنه من السهل الأحتيال والنصب على عن طريق قراصنة الكومبيوتر، ولكن مع ذلك أن التصرفات القانونية التي تبرم عن طريق الكومبيوتر تمتاز بعدم الخطأ فيها من الناحية الحسابية حيث لا يكمن خداع الكومبيوتر بأية وسيلة من هذه الناحية([16]).
خامساً: من حيث أشكال التعاقد
إذا كان التعاقد مع الوكيل العادي يتخذ شكل إقامة شخص مقام آخر في تصرف جائز معلوم فأن وسائل التعاقد الإلكتروني تختلف باختلاف درجة استخدام جهاز الكومبيوتر في التعاقد وعما إذا كان هذا التعاقد يوجد في جزء منه عنصر آدمي أو أنه تم بالكامل بواسطة كومبيوتر، فكلما زاد استخدام جهاز الكومبيوتر في المعاملات فأننا نبتعد عن القواعد العامة في الوكالة ونقترب من القواعد الخاصة بالتعاقد الإلكتروني، وعموماً يتخذ التعاقد مع الوكيل الإلكتروني أشكال مختلفة، فقد يتم التعاقد من إنسان إلى كمبيوتر وبالعكس أي تعاقد ما بين شخص طبيعي بالأصالة عن نفسه أو كونه ممثلاً قانونياً عن أحد الأشخاص المعنوية وبين وكيل إلكتروني، وفي هذه الحالة فأن الإنسان يتخذ جميع الخطوات العملية للتعاقد الإلكتروني كطرف أول بينما في الجهة الأخرى فأن القرارات تتخذ من طرف جهاز الكومبيوتر المبرمج مسبقاً، ويفترض في هذا الشكل من أشكال التعاقد أن الشخص الطبيعي يعلم أو من المفترض أن يعلم أن الوكيل الإلكتروني هو الذي يتولى إبرام العقد معه([17])، وقد يكون التعاقد من كومبيوتر إلى كومبيوتر بأتفاق مسبق، وفي هذه الحالة فأن العقد الإلكتروني يبرم وينفذ بأكمله بواسطة جهاز كومبيوتر بدون تدخل عنصر بشري في التعاقد ولكن الصفقة التجارية تحدث من خلال مجموعة من علاقات تجارية سابقة متفق عليها مسبقاً بين الأطراف المتعاقدة، وأن هذا التعاقد الذي يتم من كومبيوتر إلى كومبيوتر قد يكون بدون اتفاق مسبق في حالة ما إذا قام جهاز الكومبيوتر بأبرام عقد مع جهاز كومبيوتر آخر ودون تدخل من الشخص مالك الكومبيوتر([18]).
وصفوة القول، أن الوكيل الإلكتروني يستقل استقلالية تامة عن الوكيل العادي رغم تشابهما في بعض الأحكام التي تخضع إلى القواعد العامة في الوكالة والتي أشرنا إليها في محلها من هذا المبحث، ولكن مع ذلك يبقى التساؤل قائماً حول نطاق عمل الوكيل الإلكتروني وهو ما سنبحثه في المبحث الآتي:
المبحث الثاني:نطاق عمل الوكيل الإلكتروني
يقوم الوكيل الإلكتروني بإبرام التصرفات القانونية عن طريق البرمجة المسبقة لجهاز الكومبيوتر على النحو السابق الأمر الذي يثير التساؤل عن أساس مشروعية تلك التصرفات، وهل تكون هذه المشروعية مطلقة، او ان هناك تصرفات قانونية لا يستطيع الوكيل الإلكتروني مباشرتها؟
إن الإجابة عن هذه التساؤلات تقتضي تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نتناول في أولهما التصرفات القانونية التي يباشرها الوكيل الإلكتروني، ونتناول في ثانيهما التصرفات القانونية المستثناة من نطاق عمل الوكيل الإلكتروني.
المطلب الأول: التصرفات القانونية التي يباشرها الوكيل الإلكتروني
عرفت المادة (927) من القانون المدني العراقي عقد الوكالة بأنه: ((الوكالة عقد يقيم به شخص غيره مقام نفسه في تصرف جائز معلوم))، نلاحظ على هذا التعريف بأن الشخص الذي يقوم مقام غيره جاء عاماً غير محدد، ومن ثم يجوز أن يكون شخصاً طبيعياً أو وكيلاً إلكترونياً.
وتشير هذه المادة إلى أن الوكيل العادي يلتزم بأن يقوم بعمل قانوني، وعليه يكون التوكيل في البيع والشراء والإيجار والرهن، وهذا ينطبق على الوكيل الإلكتروني أيضاً فيصح ان يقوم الأخير بإبرام مثل تلك العقود وغيرها وتكون بمثابة معاملات إلكترونية ترتب كافة آثارها القانونية حيث عرف قانون إمارة دبي للمعاملات الإلكترونية المعاملات الإلكترونية بأنها: ((معاملات يتم إبرامها او تنفيذها بشكل كلي أو جزئي بواسطة وسائل أو سجلات إلكترونية، والتي لا تكون فيها هذه الأعمال أو السجلات خاضعة لأية متابعة أو مراجعة من قبل أي شخص طبيعي، كما في السياق العادي لإنشاء وتنفيذ العقود والمعاملات)).
وقد أجاز هذا القانون التعاقد بواسطة الوكيل الإلكتروني حيث نص على أنه: ((يجوز ان يتم التعاقد بين وسائط إلكترونية مؤتمتة متضمنة معلومات إلكترونية أو أكثر تكون معدة ومبرمجة مسبقاً للقيام بمثل هذه المهمات، ويتم التعاقد صحيحاً ومنتجاً آثاره القانونية على الرغم من عدم التدخل الشخصي المباشر لأي شخص طبيعي في عملية إبرام العقد في هذه الأنظمة))([19]).
كما نص هذا القانون على أنه ((كما يجوز أن يتم التعاقد بين نظام معلومات إلكتروني مؤتمت يعود إلى شخص طبيعي إذا كان الأخير يعلم أو من المفترض أن يعلم أن ذلك النظام سيتولى مهمة إبرام العقد او تنفيذه))([20]).
وجاء مشروع الأتفاقية بشأن العقود الدولية المبرمة أو المثبتة برسائل بيانات والمعد من قبل لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي الأونسترال([21]) بنفس المعنى في المادة (12/1) حيث نصت على أنه ((ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك يجوز تكوين العقد بتحاور بين نظام حاسوبي مؤتمت وشخص طبيعي أو بين حاسوبين مؤتمتين حتى وإن لم يستعرض أي شخص طبيعي كلاً من التدابير الفردية التي تنفذها مثل هذه النظم أو الأتفاق الناتج عنهما)).
وقد أجاز القانون الأمريكي الموحد للمعاملات الإلكترونية في مادته الخامسة إمكانية إبرام العقد الإلكتروني بواسطة الوكلاء الإلكترونيين حيث نص على أن ((عمليات الوكلاء الإلكترونيين التي تتمشى مع وجود عقد او تكشف عن أتفاق يمكن ان تكون عقداً حتى لو لم يتدخل عنصر بشري في إتمام المعاملات أو مراجعتها)).
ويلاحظ من نصوص المواد المذكورة آنفاً أنها أجازت إبرام التصرفات القانونية عن طريق الوكيل الإلكتروني، ومن ثم يترتب على المعاملات الإلكترونية التي تتم بواسطة الوكيل الإلكتروني كافة الآثار القانونية المترتبة على العقد الذي يبرمه الأفراد بالطرق التقليدية، وعليه تنصرف آثار العقد إلى الموكل فيكون طرفا العقد هما الموكل ومن تعاقد معه الوكيل الإلكتروني بحيث يكون الموكل صاحب الحقوق الناشئة عنه والمدين بما يولده من ألتزامات، وفي هذا الصدد قضت محكمة التمييز في قرار لها بما يلي: ((انصراف آثار التصرفات القانونية التي يبرمها الوكيل والداخلة في نطاق عمله إلى ذمة الموكل))([22]).
وعليه إذا أراد شخص شراء تذكرة طيران لشركة طيران ما عبر الأنترنت فيستطيع ان يطلع على مواعيد الرحلات وثمن التذكرة ويقوم بحجز مقعد في الطائرة المراد السفر بها، ويتم ذلك بعد دفع قيمة التذكرة عن طريق إحدى وسائل الدفع الإلكترونية أو بواسطة بطاقات الأئتمان ويذهب إلى مكتب الشركة المتعاقد معها في المطار وتسلم التذكرة، وفي هذه الحالة تنشأ علاقة عقدية بين الشخص الطبيعي والوكيل الإلكتروني، ويتم الوفاء بإلتزام البائع وهو صاحب النظام الإلكتروني ويتسلم التذكرة متى أبدى المشتري استعداده لشراء تلك التذكرة وذلك بدفع ثمنها.
إن إبرام المعاملات الإلكترونية عن طريق الوكيل الإلكتروني إذا كان جائزاً ومشروعاً فأنه مع ذلك قد تستثنى من تلك المعاملات تصرفات قانونية بفعل طبيعتها الخاصة أو بفعل أحكامها القانونية وهو ما سنبحثه في المطلب الثاني.
المطلب الثاني: التصرفات القانونية المستثناة من نطاق عمل الوكيل الإلكتروني
إن ممارسة المعاملات المالية عن طريق الكومبيوتر يعد من سمات عصرنا الحالي ولكن قد تأبى بعض التصرفات القانونية بطبيعتها أن تروض وتجند تحت الإلكترونيات وأرتضت لنفسها أن تبقى في زاوية تقليدية لا لأنها غير راغبة في مسايرة الحياة بل العكس تماماً لخطورتها وأهميتها وتحديها المباشر لمجريات الحياة، فآثرت القوانين الإلكترونية أبقاؤها في الإطار التقليدي، ولعل أخطر هذه التصرفات هي المتعلقة بالأموال العقارية تلك الأموال التي يخضع التصرف فيها إلى الشكلية القانونية المتمثلة في تسجيلها في دائرة التسجيل العقاري، حيث قرر التوجيه الأوربي الصادر في 8 يونيو 2000 أنه لا ينطبق هذا التوجه على العقود المنشئة أو الناقلة لحقوق الملكية العقارية فيما عدا عقود الإيجار([23])، كما نص قانون أيرلندا للتجارة الإلكترونية بعدم تطبيق نص هذا القانون على حقوق الملكية العقارية أو تسجيلها عن طريق الوكيل الإلكتروني([24]).
كما نص قانون المعاملات الإلكترونية الأردني رقم 85 لسنة 2001 في المادة (6/أ/3) منه على أنه ((لا تسري أحكام هذا القانون على ما يلي: 3- معاملات التصرف بالأموال غير المنقولة بما في ذلك الوكالات المتعلقة بها وسندات ملكيتها وإنشاء الحقوق العينية عليها بأستثناء عقود الإيجار الخاصة بهذه الأموال)).
كما نصت المادة (5/1/د) من قانون دبي للمعاملات والتجارة الإلكترونية رقم (2) لسنة 2002 على أن يستثنى من أحكام هذا القانون ما يلي: ((المعاملات التي تتعلق ببيع وشراء الأموال غير المنقولة والتصرف بها وتأجيرها)).
ونلاحظ على نصوص القوانين المذكورة آنفاً ان كل من التوجيه الأوربي وقانون المعاملات الإلكترونية الأردني قد استثنى عقود الأيجار وأبقاها خاضعة للإلكترونيات أي بالأمكان تأجير العقار إلكترونياً أستناداً إلى نصوص هذين القانونين على عكس قانون أيرلندا للتجارة الإلكترونية وقانون دبي للمعاملات والتجارة الإلكترونية حيث كان أستثناء الأموال العقارية مطلقاً يمتد ليشمل حتى عقود الإيجار وكان المفروض أن يأخذ قانون دبي للمعاملات والتجارة الإلكترونية بأتجاه القانون الأردني في السماح لعقود الإيجار بالدخول في النطاق الإلكتروني وذلك بإمكانية إنشاءها إلكترونياً حيث لا يترتب على التصرف بها وجوب التقيد بشكلية معينة مقارنة بأعمال التصرف كالبيع والرهن والوصية.
المبحث الثالث: المسؤولية المدنية للوكيل الإلكتروني
إن المسؤولية الناشئة عن الأخلال بألتزام قانوني هي مسؤولية تقصيرية والمسؤولية الناشئة عن الأخلال بألتزام عقدي هي مسؤولية عقدية، وبما أن الوكالة هي عقد منظم قانوناً، فتترتب المسؤولية العقدية على الطرف الذي يخل بتنفيذ ألتزامه، وعليه إذا لم يقم الوكيل بتنفيذ ألتزامه الذي أنشأه عليه العقد وكذلك إذا أصبح تنفيذ هذ1 الألتزام مستحيلاً لخطئه فأنه يسأل عن تعويض الضرر الذي يصيبه نتيجة ذلك([25])، وفي مجال التعاقد الإلكتروني تتعد أنواع المسؤولية التي يمكن أن تثار في مجال شبكة الأنترنت إلا أنها تكون عقدية إذا كان محور المعاملات الإلكترونية عقد من العقود([26]) حيث أن الأطراف الذين يدخلون في مثل تلك المعاملات الإلكترونية يكونون ملتزمين ومسؤولين عن الأعمال التي تتم عن طريق الوكيل الإلكتروني الذي يكون تحت سيطرتهم، ولا يستطيعون إنكار هذه المسؤولية بحجة ان هذا النظام الإلكتروني يعمل بدون توجيه من عنصر بشري، لأن برنامج الكومبيوتر ما هو إلا أداة في يد الشخص الذي يقوم بأستعماله ويخضع له، وفي حالة حدوث خطأ عند التعاقد فالمسؤولية تكون على الشخص الذي يملك جهاز كومبيوتر طالما ليس للإداة إرادة مستقلة عن إرادة مالك الجهاز([27]).
وإذا كانت إرادة الوكيل الإلكتروني تحل محل إرادة الموكل في التعاقد فأن آثار التصرف من حقوق وألتزامات تنصرف مع ذلك للموكل مباشرة إذ أن الوكيل الإلكتروني لا ينشأ إرادته وسلطاته بنفسه وإنما الذي ينشؤها هو الموكل، ويستطيع الأخير أن يتخلص من المسؤولية المترتبة عليه إذا أثبت أن الوكيل الإلكتروني لا يعمل تحت سيطرته، أو أستطاع أن يثبت أن الخطأ لا يرجع إلى الوكيل الإلكتروني وإنما لسبب أجنبي خارج عن إرادته، وفي حالة أرتكاب الوكيل الإلكتروني خطأ او غلط نتيجة عيب في برمجة جهاز الكومبيوتر مما دفع الغير إلى التعاقد معه فيكون للغير في هذه الحالة المطالبة بأبطال العقد عن طريق رفع دعوى البطلان على الموكل بأعتباره الطرف الأصيل في العقد، كما يجوز للغير ان يرجع على الموكل بالتعويض عن الأضرار التي لحقفته نتيجة ذلك، ويكون للأخير الرجوع على مصمم برنامج الكومبيوتر حيث يعد مسؤولاً عن الخطأ في برمجة هذا الجهاز([28])، وفي كل الأحوال لا تتحقق مسؤولية الموكل إلا بتحقق مسؤولية الوكيل الإلكتروني، فإذا كان الضرر الذي لحق الغير لم يكن راجعاً إلى خطأ الوكيل الإلكتروني بل لسبب أجنبي لم يجز للغير الرجوع على الموكل،وفي هذا الصدد قامت لجنة المؤتمر القومي لمفوضي قانون الولايات الموحد التي أعدت مشروع هذا القانون بالتمييز بين الجهاز الإلكتروني والوكيل الإلكتروني([29]) وذلك حتى يتفادى الموكل المسؤولية التي قد يتعرض لها في حالة وجود خطأ من جانب الكومبيوتر فإذا أعتبر الكومبيوتر المبرمج مسبقاً مجرد جهاز إلكتروني فيكون الموكل في هذه الحالة غير مسؤول نهائياً عن الأخطاء التي يرتكبها جهاز الكومبيوتر، وفي حالة كون الكومبيوتر وكيلاً إلكترونياً تمت برمجته مسبقاً للقيام بمعاملات إلكترونية فأن الموكل يكون مسرولاً مسؤولية قانونية عن أخطاء الوكيل الإلكتروني([30]).
ويكون الشخص الطبيعي المتعاقد مع الوكيل الإلكتروني في حل من سريان آثار العقد في مواجهته إذا أثبت عدم علمه أو لم يكن بوسعه أن يعلم بأن المتعاقد معه هو وكيل إلكتروني وهذا ما قرره قانون إمارة دبي للمعاملات الإلكترونية حيث يشترط لأتمام التعاقد الإلكتروني بين وكيل إلكتروني وشخص طبيعي ان يعلم الأخير انه يبرم تعامله مع وكيل إلكتروني حيث نص هذا القانون على أنه: ((يتم التعاقد بين نظام معلومات إلكتروني مؤتمت وبين شخص طبيعي إذا كان هذا الأخير يعلم أو من المفترض ان يعلم ان ذلك النظام سيتولى مهمة إبرام العقد او تنفيذه))([31])، وذهب قانون كندا للتجارة الإلكترونية إن هذا العقد الذي يتولى إبرامه النظام المعلوماتي الإلكتروني يكون غير نافذ في مواجهة إذا أرتكب الشخص الطبيعي الذي ينتمي إليه الوكيل الإلكتروني خطأً مادياً في رسالة بيانات أو أن برنامج الوكيل الإلكتروني لم يتح له فرصة منع الخطأ أو تصحيحه([32]).
وقد أشار مشروع الأتفاقية الدولية للتعاقد الإلكتروني والجاري أعداه من قبل الأونسترال لنفس المعنى حيث ورد فيه ((ليس للعقد الذي يبرمه شخص طبيعي يستخدم نظاماً حاسبياً مؤتمتاً تابعاً لشخص آخر أثر قانوني وليس واجب النفاذ إذا أرتكب الشخص الطبيعي خطأ مادي في رسالة بيانات: أ- لم يتح النظام الحاسوبي المؤتمت فرصة للشخص الطبيعي لمنع الخطأ او تصحيحه. ب- أبلغ الشخص الطبيعي الشخص الآخر بالخطأ بأسرع ما يمكن عملياً عند علمه به وأوضح أنه أرتكب خطأ في رسالة بيانات. ج- او اتخذ خطوات معقولة لإعادة السلع او الخدمات التي تسلمها نتيجة للخطأ. د- لم يستخدم ما قد يكون قد تسلمه من سلع أو خدمات.
وقد ألزم التوجيه الأوربي الصادر من 8 يونيو 2000 بشأن التجارة الإلكترونية الأشخاص الذين يعرضون سلعاً او خدمات من خلال أنظمة كومبيوتر بأن يوفروا وسائل لتصحيح الأخطاء المادية للمدخلات([33]) حيث نصت المادة (11/2) من هذا التوجيه على أنه:
((ما لم يتفق الطرفان صراحة على خلاف ذلك، يكون على الطرف الذي يعرض سلعاً أو خدمات عن طريق نظام حاسوبي أن يوفر للأطراف الذين يستخدمون النظام الوسائل التقنية التي تسمح لهم بالتعرف على الأخطاء وتصحيحها قبل إبرام العقد ويجب أن تكون الوسائل التقنية التي يلزم توفيرها ملائمة وفعالة وفي المتناول))([34]).
ويثور التساؤل حول مدى إمكانية قيام المسؤولية الجنائية عن الخطأ الصادر من الوكيل الإلكتروني.
ويمكن القول أنه إذا ترتب على المعاملات الإلكترونية المبرمة عن طريق الوكيل الإلكتروني ثمة خطأ راجع إلى فعله يستوجب توقيع العقوبة الجنائية، فأن الشخص الطبيعي صاحب النظام الإلكتروني يجوز أن يعاقب جنائياً([35]).
الخاتمـــة
بعد الأنتهاء من بحث النظام القانوني للوكيل الإلكتروني من خلال تحليل ومناقشة كل شتات وجزئيات جوانبه، رأينا أن نقف من خلال هذه الخاتمة الموجزة على أهم النقاط التي تمثل خلاصة ما توصلنا إليه ومجمل ما أقترحناه، وكالآتي:
1- يعد مصطلح الوكيل الإلكتروني مصطلح حديث النشأة، ولذا اختلفت التشريعات حول وضع تعريف جامع مانع له، وتوصلنا من خلال استعراض هذه التعريفات وتحليلها والتقريب بينها إلى تعريف الوكيل الإلكتروني بأنه:
((برنامج حاسوبي او أية وسيلة إلكترونية تستخدم للبدء في عمل أو للأستجابة كلياً أو جزئياً لرسائل بيانات دون تدخل شخص طبيعي في كل مرة يقوم فيها النظام بعمل أو للإستجابة له)).
2- تتكون النية لدى الوكيل الإلكتروني من خلال برمجة الكومبيوتر وإعداده للتعامل من خلاله، وذلك لأن الكومبيوتر المبرمج مسبقاً بنية عمل إيجاب او قبول يدل دلالة قاطعة على نية الأطراف المتعاقدة في إبرام العقد.
3- وجوب ان تكون الوكالة الإلكترونية صريحة من حين قد تكون صريحة او ضمنية بالنسبة للوكيل العادي حيث ان الوكيل الإلكتروني ينشأ من خلال قرار يتخذ من قبل إنسان لبرمجة كومبيوتر للرد بطريقة معينة، وعليه فعمل الكومبيوتر لا يتجاوز ما تم برمجته على خلاف الأمر بالنسبة للوكيل العادي حيث يجوز له مجاوزة حدود الوكالة في بعض الحالات الاستثنائية التي أشرنا إليها في موضعها من هذا البحث.
4- أن أشكال التعاقد مع الوكيل الإلكتروني تتمثل في التعاقد من كومبيوتر إلى إنسان وبالعكس من إنسان إلى كومبيوتر وقد يكون التعاقد من كومبيوتر إلى كومبيوتر بأتفاق مسبق أو بدون أتفاق مسبق.
5- ان صحة التعاقد مع الوكيل الإلكتروني تجد أساسها القانوني في المعالجة التشريعية للتصرفات القانونية التي أشارت إليها العديد من التشريعات، والتي أشرنا إليها في موضعها من هذا البحث.
6- بالرغم من صراحة النصوص القانونية بشأن صحة التصرفات التي يبرمها الوكيل الإلكتروني إلا ان هناك بعض التصرفات القانونية تأبى بطبيعتها ان تجند تحت الإلكترونيات وبالتالي لا يجوز ان تبرم عن طريق الوكيل الإلكتروني وارتضيت لنفسها ان تبقى من إطار القواعد التقليدية وتتمثل تلك التصرفات بالتصرفات الواردة على الأموال العقارية مع أختلاف موقف التشريعات فيما يتعلق بنطاق تلك التصرفات المستثناة من نطاق عمل الوكيل الإلكتروني.
7- تترتب المسؤولية القانونية عن الخطأ الصادر من الوكيل الإلكتروني وتقع على الشخص الذي يملك جهاز كومبيوتر طالما ليس للأداة إرادة مستقلة عن إرادة مالك الجهاز.
8- إن مسؤولية الموكل لا تتحقق إلا بتحقق مسؤولية الوكيل الإلكتروني، فإذا كان الضرر الذي لحق الغير لم يكن راجعاً إلى خطأ الوكيل الإلكتروني بل لسبب أجنبي لم يجز للغير الرجوع على الموكل.
9- نقترح على المشرع العراقي ان يعالج الموضوعات المتعلقة بالوكيل الإلكتروني خصوصاً وأننا نعيش في عالم مصغر متطور بحيث ان إمكانية الأتصال ووسائله أصبحت تتقدم تقدماً هائلاً وأصبحت في متناول الأغلبية، وهذا دليل على إمكانية التوصل إلى أبسط معلومة فيه عن طريق وسائل الأتصال.
المراجع
أولاً: المراجع العربية:
1- د. جاسم لفته سلمان العبودي، النيابة عن الغير في التصرف القانوني، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون – جامعة بغداد، 1991.
2- د. جميل عبد الباقي، الأنترنت والقانون، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2004.
3- د, حسن علي الذنون ود. محمد سعيد الرحو، الوجيز في النظرية العامة للإلتزام، ج1، مصادر الإلتزام (دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي والمقارن)، دار وائل للنشر والتوزيع، عمان، 2002.
4- د. خالد ممدوح إبراهيم، إبرام العقد الإلكتروني (دراسة مقارنة)، دار الفكر الجامعي، القاهرة، 2006.
5- د. عادل أبو هشيمه محمود حوته، عقود خدمات المعلومات الإلكترونية في القانون الدولي الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، 2004.
6- د. عبد الفتاح حجازي، النظام القانوني للتجارة الإلكترونية، الكتاب الثاني، الحماية الجنائية للتجارة الإلكترونية، دار الفكر الجامعي، القاهرة، 2002.
7- د. عبد الفتاح حجازي، الحكومة الإلكترونية ونظامها القانوني، دار الفكر الجامعي، القاهرة، 2004.
8- د. عبد المجيد الحكيم ود. عبد الباقي البكري والأستاذ محمد طه البشير، الوجيز في نظرية الإلتزام في القانون المدني العراقي، ج1، مصادر الإلتزام، مؤسسة دار الكتب للطباعة والنشر في جامعة الموصل، 1980.
9- د. عوض منصور، شبكة الانترنت دليلك السريع للأتصال بالعالم، ط2، الشركة المتحدة للتوزيع، سوريا، 2000.
10- د. ماجدة مصطفى شبانه، النيابة القانونية، دار الفكر الجامعي، القاهرة، 2004.
11- د. محمد حسان أحمد، العقد الإلكتروني،، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2005.
12- د. محمد عبد الظاهر حسين، المسؤولية القانونية في مجال شبكة الانترنت، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002.
13- د. ممدوح عبد الحميد، استخدام شبكة المعلومات العالمية، مكتب الحقوق، الشارقة، دولة الإمارات العربية المتحدة، 2001.
14- د. منصور حاتم محسن، نظرية الذمة المالية، رسالة ما جستير مقدمة إلى كلية النهرين للحقوق، 1994.
15- د. هشام المأمون، إبرام العقد الإلكتروني (دراسة مقارنة)، منشأة المعارف، الأسكندرية، 2006.
ثانياً: التشريعات
1- القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948.
2- القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951.
3- القانون الأمريكي الموحد للمعاملات الإلكترونية لسنة 1999.
4- قانون كندا الموحد للتجارة الإلكترونية لسنة 1999.
5- قانون إيرلندا للتجارة الإلكترونية لسنة 2000.
6- التوجيه الأوربي في 8 يونيو 2000.
7- القانون التونيس للمبادلات الإلكترونية رقم 83 لسنة 2000.
8- قانون الصين للمعاملات الإلكترونية رقم 1 لسنة 2000.
9- قانون المعاملات الإلكترونية الأردني رقم 85 لسنة 2001.
10- قانون إمارة دبي للمعاملات الإلكترونية رقم 2 لسنة 2002.
11- قانون مملكة البحرين للمعاملات الإلكترونية لسنة 2002.
12- اللائحة التنفيذية لقانون التوقيع الإلكتروني المصري رقم 15 لسنة 2004.
ثالثاً: المراجع الأجنبية
1- Benjamin Wright and Jane K. Winn, The Law of Electronic Commerce, A division of Aspen publishing, New York, third edition, 2000
2- Jon A. Baumgarlen and Michael A. Epstein, Business and legal Guide to on line, Internet Law, Glassier legal works, 2000.
3- Nicholas Imparat, Public Policy and the Institution press, 2000
4- Oliver Hanse, Susan Dionne, The New Virtual Maney, Law and Practice, Kluwer Law International Press, 1999.
الهوامش
([1]) يعد مصطلح مؤتمت مصطلح جديد على اللغة العربية ويقصد به الوكيل الإلكتروني في المعاملات الإلكترونية عبر الأنترنت، وقد ظهر استخدامه لأول مرة في وثائق لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (الأونسترال) الصادر باللغة العربية ثم استخدمته بعد ذلك بعض قوانين الدول العربية المعنية بالمعاملات الإلكترونية كالقانون الأردني للمعاملات الإلكترونية (المادة 2) وقانون دبي للمعاملات والتجارة الإلكترونية (المادة 2، المادة 15/ب)، بينما نجد أن بعض القوانين لم تستخدم هذا المصطلح مثل قانون التوقيع الإلكتروني المصري لسنة 2004 والقانون التونسي للمبادلات التجارية الإلكترونية لسنة 2000.
([2]) المادة (19) من القانون الكندي للتجارة الإلكترونية لسنة 1999.
(2)Electronic agent: means a computer program or an electronic or other automated means used independently to initiate an action or respond to electronic recodes or performances in whole in part, without review or action by an individual.
([4]) المادة (2) من قانون دبي للمعاملات الإلكترونية رقم (2) لسنة 2002.
([5]) د. خالد ممدوح إبراهيم، إبرام العقد الإلكتروني (دراسة مقارنة)، دار الفكر الجامعي، القاهرة، 2006، ص161.
(6) المادة (927) من القانون المدني العراقي والمادة (699) من القانون المدني المصري.
(7) د. محمد حسان أحمد، العقد الإلكتروني، منشأة المعارف، الأسكندرية، 2005، ص69 وأنظر كذلك د. هشام المأمون، الأحكام الخاصة بالألكترونيات، منشأة المعارف، الأسكندرية، 2006، ص178.
(8) أنظر في تفصيل ذلك: د. جاسم لفته سلمان العبودي، النيابة عن الغير في التصرف القانوني، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون / جامعة بغداد، 1991 وأنظر كذلك د. ماجدة مصطفى شبانه، النيابة القانونية، دار الفكر الجامعي، القاهرة، 2004، ص40 وما بعدها.
(9)Benjamin Wright and Jane K. Winn, The Law of Electronic commerce, A division of Aspen publishing, third edition, New York, 2000, P. 4.
(10) المادة (11/1) من قانون مملكة البحرين للمعاملات الإلكترونية.
(11) د. عادل أبو هشيمه محمود حوته، عقود خدمات المعلومات الإلكترونية في القانون الدولي الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، 2004، ص163.
(12) لمزيد من التفاصيل أنظر د. منصور حاتم محسن، نظرية الذمة المالية، رسالة ماجستير، جامعة النهرين للحقوق، 1994.
([13]) Nicholas Imparato, Public Policy and the Institution, Press, 2000, P. 129.
(14) لمزيد من التفاصيل حول هذه الاستثناءات أنظر د. عبد المجيد الحكيم ود. عبد الباقي البكري والأستاذ محمد طه البشير، الوجيز في نظرية الإلتزام في القانون المدني العراقي، ج1، مصادر الإلتزام، مؤسسة دار الكتب للطباعة والنشر في جامعة الموصل، 1980، ص58-59.
(15) المادة (944) من ق.م. العراقي.
([16]) Nicholas Imparato, op. cit, p. 130.
(17) يلاحظ أن اللائحة التنفيذية لقانون التوقيع الإلكتروني رقم 15 لسنة 2004 قد أقرت، وبشكل صريح صحة المعاملات الإلكترونية المبرمة بواسطة الوكيل الإلكتروني عن طريق إجازة ذلك بأن تتم الكتابة والمحررات الإلكترونية بالكامل بواسطة الكومبيوتر، أو أن يدخل في جزء منها عنصر آدمي ويكون لها الحجية القانونية حيث نصت م8/ج من اللائحة على أن تتحقق الحجية القانونية للكتابة الإلكترونية والمحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية المنشئة بدون تدخل بشري جزئي أو كلي متى أمكن التأكد من عدم العبث بهذه الكتابة أو تلك المحررات والتحقق من وقت وتاريخ إنشائها.
([18]) Jon A. Baumgarten & Michael A. Epstein, Business and legal Guide to on line, Internet law, Glassier legal works, 2000, p. 165.
(19) المادة (14/1) من قانون إمارة دبي للمعاملات الإلكترونية.
(20) المادة (14/2) من قانون إمارة دبي للمعاملات الإلكترونية.
(21) وثيقة الأونسترال الصادرة عن الأمم المتحدة رقم 95.
Uncitral, A / CN. 9/WG. IV/WP.
(22) قرار محكمة التمييز رقم 117 في 16/2/2002 منشور في مجلة القضاء التي تصدرها نقابة المحامين في العراق، العدد 3، 2002، ص108.
([23]) Art (9). Directive 2000/31/Ec, 8 June 2000.
(24) المادة (9) من القانون الايرلندي للتجارة الإلكترونية لسنة 2000، وفي نفس الاتجاه المادة (3) من القانون الكندي الموحد للتجارة الإلكترونية رقم (1) لسنة 2000.
([25]) أنظر د. عبد المجيد الحكيم ود. عبد الباقي البكري والأستاذ محمد طه البشير، مصادر الألتزام، المرجع السابق، ص164 وأنظر كذلك د. حسن علي الذنون ود. محمد سعيد الرحو، الوجيز في النظرية العامة للألتزام، ج1، مصادر الألتزام (دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي والمقارن)، دار وائل للنشر والتوزيع، عمان، 2002، ص205.
([26]) د. محمد عبد الظاهر حسين، المسؤولية القانونية في مجال شبكة الأنترنت، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002، ص38 وأنظر كذلك د. ممدوح عبد الحميد، المرجع السابق، ص21.
([27]) د. جميل عبد الباقي، الأنترنت والقانون، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2001، ص115.
([28]) Benjamin Wright and Jane K. winn, op. cit, P. 9.
([29]) Oliver Hanse, Susan Dionne, The New Virtual Maney, Law and practice, Kluwer Law International press, 1999.
([30]) Benjamin Wrught and Jane K. Winn, op. cit, P. 3.
(31) المادة (14/2) من قانون إمارة دبي للمعاملات الإلكترونية.
(32) المادة (22) من قانون كندا الموحد للتجارة الإلكترونية، وفي نفس الاتجاه المادة (10) من القانون الأمريكي الموحد للمعاملات الإلكترونية.
(33) يقصد بالمدخلات هي تلك البيانات التي يتم أدخالها إلى جهاز الكومبيوتر، د. عوض منصور، شبكة الانترنت، دليلك السريع للأتصال بالعالم، ط2، الشركة المتحدة للتوزيع، سوريا، 2000، ص5.
([34]) European Directive, 2000/31/C.
(35) أنظر د. عبد الفتاح حجازي، الحكومة الإلكترونية ونظامها القانوني، دار الفكر الجامعي، القاهرو، 2004، ص34 وما بعدها، ومؤلفه النظام القانوني لحماية التجارة الإلكترونية، الكتاب الثاني، الحماية الجنائية للتجارة الإلكترونية، دار الفكر الجامعي، القاهرة، 2002، ص136 وما بعدها.